رد: طاف تطوعاً ونواه عن الوداع؟
جاء في بحث الدكتور سليمان العيسى في شرط صحة الطواف ما نصه :
شروط الطواف المختلف فيها بين الفقهاء:
الأول: اشتراط تعيين نية الطواف حال وجوده في وقته(10):
اختلف الفقهاء رحمهم الله في اشتراط تعيين نية الطواف على قولين:
القول الأول: أن تعيين النية شرط وهو قول أحمد ووجه في مذهب الشافعي، وقال به أبو ثور وإسحاق وابن المنذر وابن القاسم من أصحاب مالك(11).
وقد استدلوا على ذلك بعموم قوله _صلى الله عليه وسلم_: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"(12)، قالوا ولأن النبي _صلى الله عليه وسلم_ سماه صلاة والصلاة لا تصح إلا بالنية اتفاقاً قالوا ولأنها عبادة تفتقر إلى البيت فافتقرت إلى النية كركعتي المقام(13).
القول الثاني: أن تعيين النية ليس بشرط وهو قول الحنفية والأصح في مذهب الشافعي(14) وبه قال الثوري.
وقد استدلوا بأن تعيين نية الطواف حال وجوده في وقته لا حاجة إليه، قالوا وحتى لو نفر في النفر الأول فطاف وهو لا يعين طوافاً، يقع عن طواف الزيارة لا عن الصدر لأن أيام النحر متعينة لطواف الزيارة فلا حاجة إلى تعيين النية كما لو صام رمضان بمطلق لنية أنه يقع عن رمضان لكون الوقت متعيناً لصومه كذا هذا، وكذا لو نوى تطوعاً يقع عن طواف الزيارة كما لو صام رمضان بنية التطوع وكذلك كل طواف واجب أو سنة يقع في وقته من طواف اللقاء وطواف الصدر فإنما يقع عما يستحقه الوقت وهو الذي انعقد عليه الإحرام دون غيره سواء عين ذلك بالنية أو لم يعين فيقع عن الأول وإن نوى الثاني لا يعمل بنيته في تقديمه على الأول حتى إن المحرم إذا قدم مكة وطاف لا يعين شيئاً أو نوى التطوع، فإن كان محرماً بعمرة يقع طوافه للعمرة وإن كان محرماً بحجة يقع طوافه للقدوم لأن عقد الإحرام انعقد عليه، وكذلك القارن إذا طاف لا يعين شيئاً أو نوى التطوع كان ذلك للعمرة فإن طاف طوافاً آخر قبل أن يسعى لا يعين شيئاً أو نوى تطوعاً كان للحج(15).
الترجيح:
يترجح لي والعلم عند الله تعالى التفصيل في هذا وهو عدم اشتراط تعيين النية عند الطواف فيما إذا كان طواف فرض، فإذا أهل بعمرة فإن نية الإحرام بها كافية، فينصرف طوافه إلى ما هو ركن فيها وهو طوافها، بشرط أن لا ينوبه التطوع، فإن نواه فلا يصح عن الفرض، وكذا إذا أهل بحج أو به مع العمرة فطاف في أيام النحر وقع عن طواف الفرض ما لم ينو به التطوع أو الوداع فيما إذا كان طوافه عند انصرافه، فإن نوى به غير الفرض لم يصح طوافه عن الفرض وذلك لعموم قوله _صلى الله عليه وسلم_: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" وهذا قد نوى غير ما فعل فينصرف إلى ما نواه، والله أعلم.
انتهى ..
(10) ليس المقصود بتعيين النية هنا للطواف أصل نية الطواف، فقد تقدم أنه محل إجماع، وإنما المقصود تعيين النية للطواف الذي يريده الطائف من طواف إفاضة أو وداع أو تطوع... إلخ.
(11) انظر المغني 3/441، والمجموع شرح المهذب 8/14 و 18.
(12) صحيح البخاري 1/3 في (باب كيف كان بدء الوحي) وصحيح مسلم 6/48.
(13) سنن الترمذي 2/217 برقم (967) وانظر شرح معاني الآثار للطحاوي 2/1178 وسنن البيهقي 5/85 ورواه ابن خزيمة برقم (2739).
(14) انظر بدائع الصنائع 2/128 والمجموع شرح المهذب 8/18.
(15) انظر بدائع الصنائع 2/128 وما بعدها والمجموع شرح المهذب 8/12 وما بعدها.