عبد الرحمن بكر محمد
:: قيم الملتقى المالكي ::
- إنضم
- 13 يونيو 2011
- المشاركات
- 373
- الجنس
- ذكر
- الكنية
- أبو أنس
- التخصص
- الشريعة والقانوزن
- الدولة
- مصر
- المدينة
- القاهرة
- المذهب الفقهي
- المالكي
الحمد لله رب العاليمن والصلاة والسلام على خاتم المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عننا معهم بكرمك يا أكرم الأكرمين، وبعد فهذه كلمات تخرج من سويداء القلب مع زفرة حادة وتنهيدة حارة لما آل إليه حال بعض طلبة العلم، وقد كنت شرعت في كتابة رسالتي هذه مرات ومرات، أقدم رِجلًا وأؤخر أخرى، ولكن الأمر جدٌّ خطير؛ إذ شاع في زمننا هذا تضعيف كلام أكابر أهل العلم، والطعن بهم، ورد أقوالهم لتعصب أعمى بغيض، أو لهوى متبع، أو إحن في الصدور، وكل هذا قول بغير علم، وتخرص وتقول بغير حق، فالله أسأل أن يرزقني والجميع الإنصاف في القول، قال جل وعلا:{وإذا قلتم فاعدلوا} ورسولنا صلى الله عليه وسلم قال في حق معاوية رضي الله عنه لما جائته فاطمة بنت قيس رضي الله عنها تذكر أنه قد تقدم لخطبتها: "صعلوك لا مال له" أخرجه مسلم.
ولم يمنعه كونه قريبًا له من تبيين الحق للسائلة؛ إنه الإنصاف في القول، واليوم ترى العجب ممن تذبب قبل أن يتحصرم وهو غمر من الأغمار يرفع عقيرته ليقع في أعلام الأمة وعلمائها ويرد أقوالهم والله المستعان على ما يصفون، فمثلًا حين تستشهد بكلام للجويني، يقولون لك: فيه ميل لعلم الكلام مع أشعرية فيه، وحين تستشهد بكلام للقاضي عياض يقلون: صوفي، وحين تستشهد بكلام للمازري، يقولون: فيه اعتزال، وحين تنقل عن شيخ الإسلام ابن حجر، يقولون: أشعري، .........إلخ هذه التهم والكلام المستشنع في أهل العلم، وأخيرًا حدثت واقعة غريبة إذ كنت أشتري شيئًا من السوق فرأيت شابًا قد أطلق لحيته يبيع ملابس، فلقتربت منه وأعطيته كتابًا كان معي عن الشيعة للدكتور راغب السرجاني، فقال لي: يا شيخ هذا إخواني، ونخن لا نقرأ لهم، قلت له: سبحان الله أكفر الرجل؟؟؟!!!!
قال: لا، ولكن ألا تعرف منهج الإخوان، ألم تسمع رد الشيخ الفلاني عليهم، ألم تسمع بالكتاب الذي ألفه فلان في الرد عليهم، وانطلق يعدد أشياء وأشياء. فسكت برهة، وقلت في نفسي الأمر أخطر مما كنت أتصور، شباب حديثة أسنانهم لا يعرفون مواقع الكلم، ويضعونه في غير موضعه، أين هؤلاء من تصديق النبي صلى الله عليه وسلم للبيد الشاعر المشرك حين قال: "إن أصدق كلمة قالها الشاعر قول لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل ** وكل نعيم لا محالة زائل ". أليس في هذا نبراسًا لنا أن نأخذ الحق ليس من مخالف لنا فقط، بل من غير ملتنا؛ فلبيد مشرك، ولم يمنع ذلك النبي من التسليم له بصدق مقولته، ونقول لهؤلاء: إن انتقدت كل أحد لن يسلم لك أحد، ولكن خذ من أقوالهم الحق ودع ما عداه إن أخطأ فيه، وقد مالك رحمه الله: "كل يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر" وأشار إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال يونس الصدفي: ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يومًا في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق في مسألة. قال الإمام الذهبي تعليقًا على ذلك: هذا يدل على كمال عقل هذا الامام، وفقه نفسه، فما زال النظراء يختلفون. سير أعلام النبلاء 10/ 16، 17. وقال الذهبي رحمه الله أيضًا: "ثم قد تكلم خلق من التابعين بعضهم في بعض، وتحاربوا، وجرت أمور لا يمكن شرحها، فلا فائدة في بثها، ووقع في كتب التواريخ وكتب الجرح والتعديل أمور عجيبة، والعاقل خصم نفسه، ومن حسن إسلامالمرء تركه ما لا يعنيه، ولحوم العلماء مسمومة وما نقل من ذلك لتبيين غلط العالم، وكثرة وهمه، أو نقص حفظه، فليس من هذا النمط، بل لتوضيح الحديث الصحيح من الحسن، والحسن من الضعيف".
وقد قال ابن عساكر رحمه الله وطيب ثراه: اعلم يا أخي وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة ، وإن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }. اهـ.
وأخيرًا نريد ممن آتاه الله علمًا أن يدلوا بدلوه في هذا الموضوع؛ أعني: كيفية دعوة هؤلاءـ، وتأصيل المسألة علميًا، والتنظير لها، وتقعيد القواعد في التعامل معه؛ لعل الله أن يجعل ذلك دعوة للخير، يرد الله بها الناس إلى الحق، وتكون في موازين الحسنات، والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ولم يمنعه كونه قريبًا له من تبيين الحق للسائلة؛ إنه الإنصاف في القول، واليوم ترى العجب ممن تذبب قبل أن يتحصرم وهو غمر من الأغمار يرفع عقيرته ليقع في أعلام الأمة وعلمائها ويرد أقوالهم والله المستعان على ما يصفون، فمثلًا حين تستشهد بكلام للجويني، يقولون لك: فيه ميل لعلم الكلام مع أشعرية فيه، وحين تستشهد بكلام للقاضي عياض يقلون: صوفي، وحين تستشهد بكلام للمازري، يقولون: فيه اعتزال، وحين تنقل عن شيخ الإسلام ابن حجر، يقولون: أشعري، .........إلخ هذه التهم والكلام المستشنع في أهل العلم، وأخيرًا حدثت واقعة غريبة إذ كنت أشتري شيئًا من السوق فرأيت شابًا قد أطلق لحيته يبيع ملابس، فلقتربت منه وأعطيته كتابًا كان معي عن الشيعة للدكتور راغب السرجاني، فقال لي: يا شيخ هذا إخواني، ونخن لا نقرأ لهم، قلت له: سبحان الله أكفر الرجل؟؟؟!!!!
قال: لا، ولكن ألا تعرف منهج الإخوان، ألم تسمع رد الشيخ الفلاني عليهم، ألم تسمع بالكتاب الذي ألفه فلان في الرد عليهم، وانطلق يعدد أشياء وأشياء. فسكت برهة، وقلت في نفسي الأمر أخطر مما كنت أتصور، شباب حديثة أسنانهم لا يعرفون مواقع الكلم، ويضعونه في غير موضعه، أين هؤلاء من تصديق النبي صلى الله عليه وسلم للبيد الشاعر المشرك حين قال: "إن أصدق كلمة قالها الشاعر قول لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل ** وكل نعيم لا محالة زائل ". أليس في هذا نبراسًا لنا أن نأخذ الحق ليس من مخالف لنا فقط، بل من غير ملتنا؛ فلبيد مشرك، ولم يمنع ذلك النبي من التسليم له بصدق مقولته، ونقول لهؤلاء: إن انتقدت كل أحد لن يسلم لك أحد، ولكن خذ من أقوالهم الحق ودع ما عداه إن أخطأ فيه، وقد مالك رحمه الله: "كل يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر" وأشار إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال يونس الصدفي: ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يومًا في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق في مسألة. قال الإمام الذهبي تعليقًا على ذلك: هذا يدل على كمال عقل هذا الامام، وفقه نفسه، فما زال النظراء يختلفون. سير أعلام النبلاء 10/ 16، 17. وقال الذهبي رحمه الله أيضًا: "ثم قد تكلم خلق من التابعين بعضهم في بعض، وتحاربوا، وجرت أمور لا يمكن شرحها، فلا فائدة في بثها، ووقع في كتب التواريخ وكتب الجرح والتعديل أمور عجيبة، والعاقل خصم نفسه، ومن حسن إسلامالمرء تركه ما لا يعنيه، ولحوم العلماء مسمومة وما نقل من ذلك لتبيين غلط العالم، وكثرة وهمه، أو نقص حفظه، فليس من هذا النمط، بل لتوضيح الحديث الصحيح من الحسن، والحسن من الضعيف".
وقد قال ابن عساكر رحمه الله وطيب ثراه: اعلم يا أخي وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة ، وإن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }. اهـ.
وأخيرًا نريد ممن آتاه الله علمًا أن يدلوا بدلوه في هذا الموضوع؛ أعني: كيفية دعوة هؤلاءـ، وتأصيل المسألة علميًا، والتنظير لها، وتقعيد القواعد في التعامل معه؛ لعل الله أن يجعل ذلك دعوة للخير، يرد الله بها الناس إلى الحق، وتكون في موازين الحسنات، والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.