رد: من هو الحناطي إذا أطلق في مذهب الإمام المطلبي؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
كيف حالك أبا أنس؟ وفقنا الله وإياك لكل خير. وبارك الله في الأخت الفاضلة خلود وفي الشيخ عبدالحميد، وزادنا وإياكم علمًا وعملًا، ورزقنا وإياكم الإخلاص والقبول، وبعدُ ...
فكما تفضلت الأخت خلود بالنقل، أن الحناطي إذا أطلق في كتب الأئمة الشافعية إنما يراد به أبو عبدالله الحسين بن محمد الحناطي الطبري، دون غيره.
وغالب النقل عنه من كتابه "الفتاوي"، وهو كتاب مهم، وله نسخة بالسليمانية بتركيا، ونمى إلى علمي أن بعض الباحثين يعمل على إخراجه محققًا، فالله الموفق. وأما عن كون مَن يَنقل عنه من القرن التاسع، فاعلم أنه مسبوقٌ إن شاء الله، إما من الرافعي وهو الغالب على الظن، أو غيره من الأئمة، فعليك بتخريج وتوثيق هذا النقل من كتب أئمة الشافعية تجدْ مبتغاك إن شاء الله.
وإنما خصصتُ الرافعيَّ بالذِّكْر؛ لأنه هو الذي حفظ أكثر أقوال الحناطي في كتبه: "الروضة" و"شرح الوجيز"، ويرجع ذلك - كما قال ابن قاضي شهبة - إلى أن للحناط كتابًا في الفقه وقف عليه الرافعيُّ، قال الإسنوي في وصفه: "وهو مُطوَّل". بَيد أن غالبَ النقل عنه رحمه الله في كتب الأئمة هو من "فتاويه"، والله تعالى أعلى وأعلم.
وله رحمه الله غرائب في المذهب، غير أنها مفيدة، قال النووي في "تهذيبه": "وله مصنفات نفيسة كثيرة الفوائد، والمسائل الغريبة
المهمة"، وقد عدَّ بعضها التاج السبكي في "طبقاته الكبرى"، فارجع إليها -غير مأمور- ففيها مناقشة نفيسة.
بحث مهم في اسم جد أبي عبدالله الحناطي
اختلفت المصادر في اسم جده على أقوال:1- المذهب الأول في من سماه "الحسن":
* فقال الخطيب في "تاريخه": "الحسينُ بنُ محمدٍ بنِ الحسن، أبو عبدالله الفقيه الطبري، يعرف بالحناطي. قدم بغداد، وحدث بها عن: عبد الله بن عدي، وأبي بكر الإسماعيلي، ونحوهما. حدثنا عنه: أبو منصور محمد بن أحمد بن شعيب الروياني، والقاضي أبو الطيب الطبري. أخبرنا أبو منصور الروياني، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الطبري الفقيه، قدم بغداد. وقال لي القاضي أبو الطيب الطبري: سمعت من الحناطي ببغداد".
ووافقه السمعاني في "أنسابه"، وتبع السمعاني أبو الحسن الجزري في "لبابه". واكتفى النووي في "تهذيبه" بكنيته ولقبه -كما فعله أبو إسحاق في "طبقاته"- ونقل كلام السمعاني ولم يزد عليه.
2- المذهب الثاني في من سماه "عبد الله":
ذكره السبكي في "طبقاته الكبرى" دون "الوسطى"، ونقل كلام الخطيب السابق، وعقب عليه بقوله: "وقال القاضي أبو الطيب في "تعليقته" في "باب التحفظ في الشهادة" عند الكلام على الحناطي: "كان الحناطي رجلًا حافظًا لكتب الشافعي، ولكتب أبي العباس".
ويعني بأبي العباس: ابن القاص الطبري (ت 335). وقد تبع التاج في ذلك شيخه الذهبي كما سيأتي عنه.3- وهناك مذهب ثالث في المسألة (مشكل):
ذهب الذهبي في "مشتبهه"، وتابعه الحافظ في "تبصيره"، وابن ناصر في "توضيحه" إلى أن هناك اثنان اسمهم الحسين بن محمد، وكنيتهما أبو عبدالله، ولقبهما الحناطي:
أحدهما: المحدث أبو عبدالله الحسين بن محمد بن الحسين[1] الطبري الحناطي، وهو الذي سمع ابن عدي وحدث عنه.
والثاني: الفقيه الشافعي أبو عبدالله الحسين بن محمد بن عبدالله الطبري الحناطي، وهو الذي تفقه على القاضي أبي الطيب الطبري ثم على أبي إسحاق الشيرازي، وحددوا سنة وفاته بـ "459 هـ" !!.والظاهر صحة مذهب الخطيب ومن تبعه، ويؤيده نقل السبكي عن القاضي، والأمر يحتاج إلى تحرير أكثر، وإنما أردتُ أن أقرب الأمر لكَ أخي الحبيب، وقد بحثته قديمًا ولكن ضاع البحث! فالحمد لله على كل حال.
وبعد، فهذا مبلغ علمي القاصر، ومن عنده زيادة علم فليفدنا
وقد قال سبحانه: {وفوق كل ذي علم عليم}.
===========
[1] نقل ابن ناصر الدين أنه رآه بخط أبي العلاء الفرضي: "الحسن" مكبرًا.