د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
العمل في المخطوطات
متعة لا يعرفها إلا من ذاقها!
يقول الأستاذ إبراهيم الزيبق في مقدمة تحقيقه لكتاب (طبقات علماء الحديث) لابن عبد الهادي: "
للعمل في المخطوطات متعة لا يعرفها إلا من ذاقها، إنها في أيسر حالاتها تنمية لحس الزمن في أعماقنا وإرهاف لرعشة الماضي في وجداننا تعيشه كأنه الحاضر..رؤيةً ورؤيا...هذه المخطوطة بخط الغزالي.. وتلك بخط الإمام الذهبي.. وهذه سمعها صلاح الدين...وتلك كان يملكها الملك المعظم..وتتلاحق الأزمنة أمامك، وأنت تقف في زمنك وتعيش الفكر والوجدان معا، ها هم أولاء أعلامنا..وأكاد أحيانا أمد يدي لأصافحهم من خلال خطوطهم...
وتقرأ لاهثاً..وأنت ملاحق بهذا الإحساس، لتردم خندقا حفره الزمن خلال قرون عديدة، وتحاول أن تلملم صورة بعثرتها النكبات والأحداث ومزقتها..ولكي تلملم بقايا الصورة عليك أن تعاني مشقة السؤال والحرمان...فلكي تكتب عن دمشق مثلا، عليك أن تبحث عنها في مكتبات ليدن، أو لندن، أو برلين...تراثنا ما زال أسيرا في ديار الغربة..وثمة من يطالبنا بالابتعاد عنه!..
وتمضي الساعات وأنت تسعى بين الكتب وراء فتحةٍ أو ضمة تتوّج بها كلمة..أو تكشف عن معنى..أو تعيد الحياة إلى كلمة عدت عليها عوادي الرطوبة...وتشعر بلذة غريبة حين يشع في ذهنك معنى...أو تستسلم لك كلمة...وتحس أنك تعيد اكتشاف التراث من جديد، أنك تردم فجوة بين الماضي والحاضر...
وهذا الكتاب يبين جانبا من جوانب ثقافتنا ، هو تأريخ لهذه الفئة من العلماء الذين أخلصوا في خدمة الحديث النبوي الشريف ، ومنحوه قلبهم وعقلهم وجهدهم ، هذه الفئة التي كان من أهم أهدافها ألا تبتعد عن الينبوع الثاني في ديننا الحنيف عن المصد الثاني – بعد القرآن الكريم – في تكوين نظرتنا إلى الحياة والكون، ويدهشنا حقا هذا الإيمان الكبير الذي سكن قلوبهم وهذا الدأب على العلم مع الفاقة في كثير من الأحيان فكان منهم في كل عصر ثوابت مبصرة تبعدنا عن الانحراف وراء يونان أو فرس...تذكرنا دائما بكلمات المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهي مضمخة بعبق الإيمان، وبعزيمة الحياة...
وهو يعرفنا بمؤلفات لم نسمع بها من قبل...مؤلفات شاملة لأكثر المعارف من حديث...وتاريخ وأدب ونحو وتصوف.
وقد قدمته بمقدمة تعرف بالمؤلف وعصره وأتبعتها بدراسة عن ثقافته ونقده ومؤلفاته، واستقصيت – ما أمكن – التآليف التي من بابته، وأجريت مقارنة بينه وبين تذكرة الحفاظ لوحدة موضوعهما...وعصرهما....
وقد قمت بتحقيقه مع الأخ الصديق الأستاذ أكرم البوشي، فجزأنا الكتاب ...
وبعدُ.. هل تكفي كلمة شكر أزجيها لأستاذي وشيخي شعيب الأرنؤوط؟ وهل تجزي عني كلمة ثناء أكتبها له بحروف المحبة والصدق؟.. إن ما بعنقي له أوسعُ من الشكر، وأجزل من الثناء، إنَّ ما فتح عليه عينيَّ من أمر الحياة، وأنا أتلمَّس طريقي بعقلٍ غضٍّ وقلبٍ مرهفٍ جعل أيامي معه سنين في عمقها وغناها، ثم أخذ بيدي في عالم التَّحقيق، فمنحني ثقتَه وما أغلاها، وأنار دربي بعلمه وما أغزرَه، فلَك يا أستاذي شكرٌ أوسع من الشُّكر، وثناءٌ أعظم من الثَّناء، والله يتولَّى عنِّي حُسنَ جزائك
وليس لي وراء الله مرمى.
دمشق جمادى الآخرة 1406هـ. إبراهيم الزيبق
التعديل الأخير: