العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

درس مفاهيم ومصطلحات لها ارتباط بالمنهج المقاصدي 3ـ مفهومي الفقه والعقل

إنضم
22 يونيو 2011
المشاركات
15
الكنية
bennanikarim
التخصص
الأصول والمقاصد
المدينة
فاس
المذهب الفقهي
المالكي
[FONT=&quot]مفاهيم ومصطلحات لها ارتباط بالمنهج المقاصدي [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]لا شك في أن من أهمّ الطرق الموصلة إلى العلم "معرفة اصطلاحات أهله"[FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT]، وأن المصطلح هو "اللبنة الأولى من كل علم، بما هو مدار كل علم، به يبدأ وإليه ينتهي"[FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT]، بل إذا شئنا الحقيقة فإن "المصطلح هو العلم. ذلك قول يجري مجرى القاعدة في جميع العلوم، وللعلم الشرعي منها خصوص أيُّ خصوص، من حيث ينفرد فيه المصطلح بِمَيِّزَاتٍ تجعله أكثر اكتنازا بما هو تصورات وقضايا وإشكالات"[/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][FONT=&quot].[/FONT] [FONT=&quot] وإذا أردنا أن نحدّد للمقاصد مصطلحات ومفاهيم نجعل له بها حدا يتميز عن غيره ونستوعب ماهيته ونقف عند خصوصيته ، فلا يمكننا أن نبتعد عن المصطلحات التالية في فهم واستيعاب المنظومة المقاصدية من خلالها ، وهي : الفكر والعقل والنظر والاجتهاد والاستنباط والفقه .... وما ينتمي إليها من مفاهيم أخرى ، تخدم نفس المعنى .[/FONT][FONT=&quot][/FONT] [FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]3[/FONT][FONT=&quot]ـ مفهومي الفقه والعقل[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] الفقه لغة: هو الفهم والعلم والشعر والطب، وإنما اختُص بعض هذه الألفاظ ببعض العلوم بسبب من العرف. [/FONT] [FONT=&quot] واصطلاحا: هو العلم بالأحكام الشرعية بالاستدلال، ويقال فَقِه بكسر القاف إذا فهم، وبفتحها إذا سبق غيره للفهم، وبضمها إذا صار الفقه له سجية"[FONT=&quot][FONT=&quot][4][/FONT][/FONT]. [/FONT] [FONT=&quot] قال المازري في شرح البرهان: "الفقه والفهم والطب والشعر والعلم، خمس عبارات لمعنى واحد، غير أنه اشتُهر[FONT=&quot][FONT=&quot][5][/FONT][/FONT] بعضها في بعض أنواع الفهم، فاشتُهر الطب في معرفة أحوال مزاج الإنسان، والشعر في معرفة الأوزان، والفقه في معرفة الأحكام، وإلا فالعرب تقول: رجل طبيب إذا كان عالما. [/FONT] [FONT=&quot] قال الشاعر من البحر الطويل: [/FONT] [FONT=&quot] وَإِنْ تَسْأَلُونِي بِالنِّسَاءِ فَإِنَّنِي خَبِيرٌ بِأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ. [/FONT] [FONT=&quot] أي عارف، وقال الله تعالى: [/FONT][FONT=arabswell_1](وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)[FONT=arabswell_1][FONT=&quot][6][/FONT][/FONT]،[/FONT][FONT=&quot] أي لا تعرفون، وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ"[FONT=&quot][FONT=&quot][7][/FONT][/FONT]، أي أفهم. [/FONT] [FONT=&quot] وأكثر من ذلك فإن من الألفاظ الشرعية ما يطلق ويراد به الفقه، كما في قوله تعالى: [/FONT][FONT=arabswell_1](شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ)[FONT=arabswell_1][FONT=&quot][8][/FONT][/FONT].[/FONT][FONT=&quot] كلفظ الدين بما هو القانون الذي ارتضاه الله تعالى لعباده، وكلفظ الشرع ولفظ الشريعة، ولفظ الشرعة، ولفظ التشريع.[/FONT] [FONT=&quot] والحاصل أن الفقه ــ كما هو معلوم ـــ هو الفهم والإدراك، من قولنا فقه بمعنى فهم وأدرك، والمقصود بالفهم هنا الفهم المعمق، ويؤيد ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ"[FONT=&quot][FONT=&quot][9][/FONT][/FONT]. لأنه فهمٌ خاص لأمر خاص، وهو الحكم الشرعي باعتباره أمرا خاصا، فهو مأخوذ من شيء خاص، وهو الخطاب الشرعي، فهو إذاً "العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية"[/FONT][FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot]،كما هو مقرر عند الفقهاء.[/FONT] [FONT=&quot] أما عند الأصوليين فالفقه هو معرفة كل ما جاء عن الله سبحانه وتعالى، سواء منه ما اتصل بالعقيدة أم بالأخلاق أم بالجوارح. ولهذا قال أبو حنيفة: الفقه "هو معرفة النفس ما لها وما عليها"[/FONT][FONT=&quot][11][/FONT][FONT=&quot]، ثم دخله بعض التخصيص ليستقل علم العقائد بعلم خاص هو علم التوحيد أو علم الكلام، ويبقى علم الفقه هو "العلم بالأحكام الشرعية الفرعية المستمدة من الأدلة التفصيلية"، سواء منها المتعلقة بأفعال الجوارح أم بأفعال القلوب.[/FONT] [FONT=&quot] فإذا جاء التخصيص الثاني عند الأصوليين استقر التعريف التالي، وهو "العلم بالأحكام الشرعية الفرعية المستمدة من الأدلة التفصيلية"، بعد ما اختص علم الأخلاق بتعريف خاص هو علم التصوف أو السلوك"[FONT=&quot][FONT=&quot][12][/FONT][/FONT].[/FONT] [FONT=&quot] بناء على هذا وذاك، فالفقه في اصطلاح العلماء هو "العلم بالأحكام الشرعية العملية المستدل على أعيانها، بحيث لا يعلم كونها من الدين ضرورة"[FONT=&quot][FONT=&quot][13][/FONT][/FONT]. [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما العقل في اللغة فيأتي على معان تدور بين الربط والإحكام والتحصن والحبس، ثم أطلق على الْحِجَا واللُّبّ. قال الرازي: "العقل الْحِجْرُ والنُّهَى". وعَقَلَ من باب ضَرَب، والمعقل الملجأ"[FONT=&quot][FONT=&quot][14][/FONT][/FONT]. و"عقلتَ البعير عقلا (...) أن تثني وظيفه مع ذراعه، فتشدهما في وسط الذراع بحبل (...) وعقلت القتيل عقلا، أديت ديته، وعقلت الشيء تدبرته، وعقل الدواءُ البطنَ أمسكه (...) واعتقلت الرجل حبسته (...)"[FONT=&quot][FONT=&quot][15][/FONT][/FONT].[/FONT] [FONT=&quot] وقيل في تعريفه إنه "الغريزة التي يتهيأ بها الإنسان لفهم الخطاب"[FONT=&quot][FONT=&quot][16][/FONT][/FONT]. فهو إذن" القوة المدركة التي تُعقل بها الحقائق، وتتميز بها الأشياء، أو العلم بصفات الأشياء من حسنها وقبحها، وكمالها ونقصها، أو العلم بخير الخيرين وشر الشرين، وكلها معان متقاربة. وأجمعُها أنه "نور إلهي تُدرِك به النفس العلوم الضرورية والنظرية"[FONT=&quot][FONT=&quot][17][/FONT][/FONT]، كما قال الشريف الجرجاني رحمه الله تعالى: "وقيل نور في القلب يعرف الحق والباطل، والصحيح أنه جوهر مجرد يدرك الغائبات بالوسائط، والمحسوسات بالمشاهدة"[FONT=&quot][FONT=&quot][18][/FONT][/FONT]. [/FONT] [FONT=&quot] فالعقل مرتكز الدعوة في النفس الإنسانية ، به يعرف صالح الأشياء ويميزها ، وبه يفهم الخطاب الشرعي ، وينظر في تنزيله بكيفية منسجمة مع روحه وأهدافه ، ولا سبيل إلى معرفة كل ذلك إلا بالعقل، فقد "خلق الله تعالى العقل، وجعل من وظائفه أن يَفهم عنه، ويعقل دينه وشرعه، فلا يجوز في حقه أن يرد شيئا من الوحي كتابا وسنة، بحجة أنه يخالف قضية العقل، بل الشريعة كلها بأخبارها وأحكامها، ليس فيها ما يعلم بطلانه بالعقل، بل العقل يشهد بصحتها على الإجمال والتفصيل.[/FONT] [FONT=&quot] أما الإجمال: فمن جهة شهادة العقل بصحة النبوة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما يخبر به من الكتاب والحكمة.[/FONT] [FONT=&quot] وأما التفصيل: فمسائل الشريعة ليس فيها ما يرده العقل، بل كل ما أدركه العقل من مسائلها، فهو يشهد له بالصحة تصديقا وتعضيدا، وما قصر العقل عن دَرْكِهِ من مسائلها، فهذا لِعِظَمِ الشريعة وتفوقها. ومع ذلك فليس في العقل ما يمنع وقوع تلك المسائل، التي عجز العقل عن دَرْكِهَا، فالشريعة قد تأتي بما يُحَيِّرُ العقول، لا بما تُحِيلُهُ العقول"[FONT=&quot][FONT=&quot][19][/FONT][/FONT].[/FONT] [FONT=&quot] أما تنصيص العلماء على أهمية العقل في فهم النصوص ، فنجد من المتقدمين ابن حبيب الأندلسي (ت238هـ) الذي أبان عن أهمية النظر والعقل حين نقل عن الإمام مالك في الواضحة قوله: "ولا أرى خصال القضاء تجمع اليوم في أحد، فإن اجتمع منها خصلتان العلم والورع وُلِّيَ". وقال ابن حبيب معلقا: "فإن لم يكن معه علم وكان معه عقل وورع يُكتفى بالعقل، فبه يسأل وبه خصال الخير كلها، وبالورع يقف، فإن طلب العلم وجده، وإن طلب العقل إذا لم يكن فيه لم يجده"[FONT=&quot][FONT=&quot][20][/FONT][/FONT].[/FONT][FONT=&quot] فالعقل هو ثمرة الفكر ونتيجته، وبه يتحصل ما هو مجهول ويلاحظ ما هو معقول بسرعة بديهة وحسن تدبر وتأمل [/FONT][FONT=&quot].[/FONT][FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]وهكذا تتضامّ هذه المصطلحات ومثلها معها في صعيد واحد تنبئ عن "تشابك المواد ببعضها" إذا جاز أن نستفيد من مصطلحات ابن حزم الأندلسي رحمه الله تعالى في نظريته المعروفة.[/FONT]

[FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot] الموافقات. الشاطبي. (م.س). 1/97. [/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT][FONT=&quot] المصطلح الأصولي عند الشاطبي. د.فريد الأنصاري. معهد الدراسات المصطلحية والمعهد العلمي للفكر الإسلامي. ط.1. 1424هـ/2004م. ص.11. [/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]المصطلح الأصولي عند الشاطبي. د.فريد الأنصاري. (م.س). ص.11. بتصرف.[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][4][/FONT][/FONT][FONT=&quot] الذخيرة. القرافي. 1/57. (م.س). [/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][5][/FONT][/FONT][FONT=&quot] نقول اشتُهر بضم التاء ولا نقول اشتهر بفتحها لأنه لم يفعل من تلقاء نفسه كما قالت العرب.[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][6][/FONT][/FONT][FONT=&quot] سورة الإسراء. الآية 44. [/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][7][/FONT][/FONT][FONT=&quot] رواه أحمد 20608. وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة. رقم404. [/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][8][/FONT][/FONT][FONT=&quot] سورة الشورى. الآية 13.[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][9][/FONT][/FONT][FONT=&quot] البخاري. كتاب العلم. ح.71. مسلم. كتاب الزكاة. 2/748. ح.98.[/FONT]
[FONT=&quot][10][/FONT][FONT=&quot] جمع الجوامع بشرح المحلى.تاج الدين السبكي.1/42.مطبعة دار إحياء الكتب العربية.د.ت.[/FONT]

[FONT=&quot][11][/FONT]

[FONT=&quot][FONT=&quot][12][/FONT][/FONT][FONT=&quot] الموسوعة الفقهية. 1/11 وما بعدها. ط.1. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. مطبعة الموسوعة الفقهية. الكويت. 1984م. [/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][13][/FONT][/FONT][FONT=&quot] المحصول في علم الأصول. فخر الدين الرازي. تـ. جابر العلواني. 1/92. مطبوعات جامعة محمد بن سعود. الرياض. ط.1. مطابع الفرزدق. السعودية. 1400هـ/1980م. [/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][14][/FONT][/FONT][FONT=&quot] مختار الصحاح. الرازي. تـ. محمود حاطر. مكتبة لبنان. بيروت. مادة (ع ق ل). 1415هـ/1955م. [/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][15][/FONT][/FONT][FONT=&quot] المصباح المنير. الفيومي. المكتبة العلمية. بيروت. د.ت. مادة (ع ق ل).[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][16][/FONT][/FONT][FONT=&quot] المصباح المنير. الفيومي. (م.س). مادة (ع ق ل). [/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][17][/FONT][/FONT][FONT=&quot] الشرع بين العقل والنقل. محمد أبو سليمان. ص.6-7. (م.س). [/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][18][/FONT][/FONT][FONT=&quot] التعريفات. الجرجاني. (م.س). مادة (ع ق ل).[/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][19][/FONT][/FONT][FONT=&quot] قواعد الاستدلال على مسائل الاعتقاد. عثمان علي حسن. ص.65-66. سلسلة رسائل ودراسات في منهج أهل السنة. دار الوطن للنشر. الرياض. 1413هـ. [/FONT]
[FONT=&quot][FONT=&quot][20][/FONT][/FONT][FONT=&quot] البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة. ابن رشد. تحقيق: د.محمد حجي. 7/590. ط2. دار الغرب الإسلامي. بيروت. لبنان. 1406-1408/1986-1988م. والمقدمات الممهدات. ابن رشد. 2/259. (م.س). [/FONT]
 
أعلى