رد: السادة الأحناف مامذهبكم في تكليف المكره
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المكره عادة ما يطلق عند الجمهور ويراد به من لا مندوحة له عما أكره عليه إلا بالصبر على ما أكره عليه ، كما في شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع 1/73.
وحاصله كما بينه المحشين أن يكره على الفعل بحيث يزول عنه الرضا وإن بقي الاختيار.
وهو المكره عند الحنفية ، إلا أنهم يقسمونه إلى ملجئ وغير ملجئ ، ولا يريدون بالملجأ ما يريده الجمهور .
وهو عند الجمهور من لا قدرة له على خلاف ما إلجئ إليه.
والإكراه عند الجمهور هو الإكراه المجلئ عند الحنفية .
وبما أن السؤال عن مذهب الحنفية ، فالإكراه الملجئ لا ينافي التكليف عندهم ، لكن لا يفهم من ذلك أنه مكلف بفعل المكره على تركه أو بترك المكره على فعله كما قد يفهم من ظاهر القول بالتكليف ، وبيان ذلك أن المكره بالقتل على شرب الخمر ، فهو مكلف عندهم بشرب الخمر حفاضاً على النفس حتى أنه لو ترك شرب الخمر عد آثماً لأنه ترك التكليف.
راجع (فواتح الرحموت) 1/133.
[وعلى هذا قد يقال أنه لا خلاف بين الجمهور والحنفية أصلاً ، وذلك أنهم جميعاً متفقون على أن المكره غير مكلف بفعل ما أكره على تركه ولاترك ما أكره على فعله . والله أعلم]
أما الإلجاء عند الجمهور ، وهو ما انتفت معه القدرة والاختيار ، فلا يصح التكليف به عند الأحناف ويذكرون ذلك عند الكلام على التكليف بما لا يطاق ، قال أمير بادشاه الحنفي : "(الْقُدْرَة شَرط التَّكْلِيف بِالْعقلِ) أَي بِالدَّلِيلِ الْعقلِيّ (عِنْد الْحَنَفِيَّة والمعتزلة لقبح التَّكْلِيف بِمَا لَا يُطَاق)" (فواتح الرحموت) 2/137
وهنا ومن نافلة القول فقط أقول : كان ينبغي على الأشاعرة تصحيح تكليف المكره والملجأ والغافل لأنهم يجيزون التكليف بالمحال ، واعتذارهم بعدم حصول الفائدة في بعض هذه الصور لا يصح على أصولهم من أن أفعاله سبحانه وتعالى لا تعلل ، فيجوز عندهم أن يكلف لغير فائدة أصلاً.
كيف وقد أجازوا أن يكلف ويعاقب المكلف على امتثاله ويثيب العاصي على ترك الامتثال ، وأنه إن فعل ذلك كان حسناً.
والله أعلم