بارك الله فيك شيخنا الفاضل.
لعل السؤال الصحيح هو ما العلاقة بين الاستحسان و مقاصد الشريعة.
قال الدكتور زياد محمد حميدان :
الاستحسان تقوم فكرته أساسا على العدول من دليل إلى آخر،وبناء على فكرته هذه فهو مرتبط بمقاصد الشريعة،لأن الحامل على ذلك العدول في كل أحواله هو ملاحظة مقصد الشارع في تحقيق اليسر،ودفع العسر والحرج[31].
ومن هنا نعلم أن مقاصد الشريعة مرتبطة بجميع أنواع الاستحسان كما سيأتي.وأنها كانت ملحوظة في كل نوع من خلال الأمثلة التي سوف نتناولها في المبحث الثالث،وهو أنواع الاستحسان وأثرها في الفروع الفقهية،ومن هنا تظهر لنا عناية الشريعة بمصالح المكلفين في جميع مناحي حياتهم الدينية والدنيوية،فهي تسعى لرفع الحرج ودفع الضرر،مع السماحة واليسر،ونقل عن الإمام مالك
إن المغرق في القياس يكاد يفارق السنة،ونقل عنه كذلك الاستحسان تسعة أعشار العلم)[32].
وفي هذا يقول الريسوني:معنى الاستحسان هو مراعاة المصلحة والعدل[33]،فهذا يعني أن على الفقيه ألا يغيب عنه الالتفات إلى مقصود الشارع،وهو المصلحة والعدل،فإذا وجد مصالح مهملة ومضيعة،فالاستحسان يقتضيه أن يجتهد ويقرر ما يعيد لها اعتبارها،ويحقق حفظها،وإذا رأى أضرار قائمة،فالاستحسان أن يجتهد ويفتي بمنع تلك الأضرار،وإذا رأى نصوصا شرعية تفهم على نحو يفضي إلى حصول ضرر محقق،أو إلى تفويت مصلحة محترمة في الشرع،استحسن إعادة النظر في ذلك الفهم،وإذا وجد قياسا خرج على خلاف مقصود الشارع في العدل والمصلحة،فليعلم أنه قياس غير سليم،أو في غير محله،فيستحسن ألا يتقيّد به،وأن يرجع إلى القواعد العامة للشريعة وبهذا يكون الاستحسان ـ فعلا ـ تسعة أعشار العلم[34].
ونقل الشاطبي عن ابن رشد[35]:الاستحسان الذي يكثر استعماله حتى يكون أعم من القياس هو أن يكون طرحا لقياس يؤدي إلى غلو في الحكم ومبالغة فيه،فيعدل عنه في بعض المواضع،لمعنى يؤثر في الحكم يختص به ذلك الموضع[36].
نخلص إلى أن الاستحسان مبناه على رعاية المقاصد،ولا أدل على ذلك من تلك التعريفات المسجوعة للاستحسان،قيل:
ترك القياس والأخذ بما هو أوفق للناس .
وقيل:طلب السهولة في الأحكام فيما يبتلى فيه الخاص والعام.
وقيل:الأخذ بالسعة وابتغاء الدعة.
وقيل:الأخذ بالسماحة وابتغاء ما فيه الراحة.
وحاصل هذه العبارات أنه ترك العسر لليسر[37]. اهــ
http://www.alhodaway.com/index.php?page=reply&f=54&t=1823&pnbr=1