د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
عموم البلوى - دراسة نظريةتطبيقية-
لـ
مسلم بن محمد الدوسري
خاتمة الكتاب
لـ
مسلم بن محمد الدوسري
خاتمة الكتاب
الحمد لله الذي يسر لي أمرإتمام هذا البحث برغم ما عرض لي فيه من صعوبات، وما عن لي فيه من مشكلات هون أمرها،وأنار لي طريق التغلب عليها فضيلة شيخي الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الشعلان،المشرف على هذه الرسالة.
وفي ختام هذا البحث يمكن أن ألخص بعض ما توصلتإليه من نتائج فيما يأتي:
1- عدم وجود تصريح بحقيقة عامة لعموم البلوى عندالمتقدمين والمتأخرين على حدٍ سواء، وقد تأثرت حقيقة عموم البلوى الاصطلاحيةبالموضوعات التي يرد عرضه فيها، سواء عند الأصوليين أو الفقهاء، فقد كان عرضالموضوع عند الأصوليين بصورة أكبر في مسألة (خبر الواحد)، وكان التصريح ببيانحقيقته بارزاً عندهم في هذا الموضع، وتأثر ذلك البيان بطبيعة بحث المسألة التي كانلعموم البلوى صلة بها، فكان تفسيرهم لحقيقة عموم البلوى مقتصراً على ما يفيد فيإبراز صلة عموم البلوى بخبر الواحد، وهو بيان الاشتهار والانتشار لحكم الحادثة. وكذا فقد كان لعرض الموضوع عند الفقهاء أثر بارز في بيانهم لحقيقة الموضوع؛إذ كان تفسيرهم لحقيقته مقتصراً على ما يفيده هذا الموضوع من مشقة جالبة للتيسير.
2- من خلال النظر في عرض الأصوليين والفقهاء لموضوع عموم البلوى تم التوصلإلى حقيقة عامة لعموم البلوى، وهي أن عموم البلوى يعني شمول وقوعه الحادثة مع تعلقالتكليف بها، بحيث يعسر احتراز المكلفين أو المكلف منها، أو استغناء المكلفين أوالمكلف عن العمل بها إلا بمشقة زائدة تقتضي التيسير والتخفيف، أو يحتاج جمعالمكلفين، أو كثير منهم إلى معرفة حكمها مما يقتضي كثرة السؤال عنه واشتهاره. فيكون ما تعم به البلوى هو الحادثة التي تقع شاملة مع تعلق التكليف بها،بحيث يعسر احتراز المكلفين أو المكلف منها، أو استغناء المكلفين أو المكلف عن العملبها إلا بمشقة زائدة تقتضي التيسير والتخفيف، أو يحتاج جميع المكلفين، أو كثير منهمإلى معرفة حكمها مما يقتضي كثرة السؤال عنه واشتهاره.
3- أن حقيقة عمومالبلوى عند الفقهاء تشمل جهتين: الأولى: عسر الاحتراز، وهذا في الغالب مختصبما يقع بغير اختيار من المكلف، وتكون الحادثة في هذه الجهة مطلوب دفعها. الثانية: عسر الاستغناء، وهذا في الغالب مختص بما يقع باختيار من المكلف،وتكون الحادثة في هذه الجهة مطلوب جلبها والعمل بها. وقد تبين أن العسربمعنييه جزء من حقيقة عموم البلوى الاصطلاحية، ولذلك فلا داعي للتفريق بينهما فهوسب واحد للتيسير، وأن من فرق بينهما من العلماء من خلال العنوان كان قصده فيما ظهرلي إبراز هذا المعنى في عموم البلوى وتقريره.
4- أن عموم البلوى قائم علىالوقوع العام للحادثة، سواء للمكلفين أو للمكلف، وكما أن التكليف مع ذلك العموميورث مشقة على من ابتلي بملابسة هذه الحادثة، فيكون ذلك داعياً إلى التيسير، فكذلكيورث ذلك حاجة عامة إلى معرفة حكم الحادثة مما يدعو إلى السؤال عنه، ومن ثم اشتهارهوانتشاره. إلا أن هذا التأثير في الاشتهار والانتشار لا يكون إلا في حالعموم وقوع الحادثة للمكلفين، دون ما إذا كان وقوعها للمكلف الواحد، فإن الحاجة إلىمعرفة الحكم وإن كانت موجودة في هذه الحال إلا أنها ليست عامة حتى تؤثر في الاشتهاروالانتشار للحكم.
5- أن الحكم بوجود عموم البلوى منضبط بوقوع أحد أسبابهالعامة أو الخاصة، وهذه الأسباب يرجع تقديرها في الغالب إلى نص من الشارع من خلالالوقائع التي تعم بها البلوى، فإن لم يكن هناك نص فإنه يرجع في تقدير ذلك إلى العرفومعتاد الناس، أو إلى تقريب المشقة الحاصلة في الحادثة التي تعم بها البلوى، وذلكبموازنتها بالمشاق المشابهة لها فيما اعتبره الشارع في جنسها، وهذا إنما هو فيالغالب؛ إذ إن هناك بعض الأسباب التي يرجع تقدير مشقة عموم البلوى فيها إلى أمرخاص، كتقدير المكلف واجتهاده كما في الضرورة وكبر السن والمرض الذي لا يرجى برؤه،وفي حال المطر والثلج والوحل، أو بالاعتماد على قول أهل الخبرة كالأطباء، كما فيحال كبر السن والمرض الذي لا يرجى برؤه.
6- أن بحث الأصوليين لعموم البلوىفي بعض المسائل قد جاء بحسب طبيعة بحثه عند الفقهاء في الغالب، وهو كون عموم البلوىيمثل سبباً في التيسير، وذلك كما في صلة عموم البلوى بالقياس، والاستحسان، وسدالذرائع، مما يدل على شمول نظر الأصوليين لهذا الموضوع عند بحثهم له.
7- أنعموم البلوى يعتبر أكثر أسباب التيسير مساساً للتفريع الفقهي، وأثره لا يقتصر علىقسم معين من أقسام الفقه دون غيره، بل هو في الغالب شامل لمجموع أقسام الفقه، وإنكان التصريح بالتعليل به قد كثر فيما يتعلق بأمور العبادات، خاصة فيما يتعلقبالطهارة وإزالة النجاسة، على أن التأمل في الفروع الفقهية يتضح منه شمول أثره لغيرذلك، ويتقرر هذا عند النظر في الفروع الفقهية التي جاء إيرادها في هذا البحث.
8- أن عموم البلوى يعتبر أحد الأمور التي يتم بها ضبط المشقة؛ إذ إن المشاقمنها ما هو منضبط بأسباب معينة، وعموم البلوى يعتبر سبباً في التيسير باعتباره مظنةللمشقة، وإذا كان عموم البلوى منضبطاً بوقوع أحد أسبابه فالسعي في ضبطه حينئذ سعيفي ضبط المشقة بصورة أعم.
9- أن اعتبار عموم البلوى سبباً في التيسير قدقامت عليه أدلة كثيرة من تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم، وتصرفات الصحابةوالتابعين رضي الله عنهم تفيد كلها القطع باعتبار عموم البلوى سبباً في التيسير.
10- أن اعتبار عموم البلوى سبباً في التيسير مقيد بشروط يلزم مراعاتها؛ليتحقق ذلك الاعتبار، وفقد شرط منها مؤثر في إنعدام ذلك الاعتبار، ولذا ينبغي لمنأراد الترخص اعتبارا لعموم البلوى مراعاة هذه الشروط.
11- أن التكليف فيحال عموم البلوى يعتبر من قبيل الضرر، ولذلك تلزم إزالته تبعاً لقاعدة (لا ضرر ولاضرار)، أو (الضرر يزال). وإزالة الضرر هنا مقيدة بشرط ينبغي أن يراعى، وهذهالإزالة تتمثل في القول بعدم التكليف في حال عموم البلوى.
12- أن عمومالبلوى يعتبر من أسباب نشوء العادة والعرف، ولذا فإن العمل بما تعم به البلوى يحكمباعتباره من قبيل العادة المحكمة، وهذا التحكيم مقيد بشروط معينة.
13- أنعموم البلوى كما يلاحظ من خلال التفريع الفقهي يعتبر من أعظم أسباب تغير الأحكاموالفتاوى، وذلك بناء على اختلاف العمل بما تعم به البلوى باختلاف الأحوال، إلا أنهذا الاعتبار ليس على إطلاقه، بل فيه تفصيل سبق بيانه.
14- كثرة تطبيقاتعموم البلوى في هذا العصر، ودخوله في تعليل أحكام كثير من الوقائع تصريحاً أو ضمناًمما يؤكد أهمية هذا الموضوع. ومن خلال النظر في كلام بعض العلماء والباحثينلتلك القضايا المستجدة نخلص إلى أن إطلاق التعليل بعموم البلوى، أو بأحد أسبابهلحكم قضية من تلك القضايا أمر غير سديد؛ إذ لا بد من التفصيل في أحكام كثير منالقضايا، والنظر في مدى تحقق عموم البلوى في جميع حالات القضية وصورها، والتحقق مناعتبار عموم البلوى في هذه الحالة أو تلك، فكثيراً ما يؤثر اختلاف الأحوال والأشخاصفي اختلاف الحكم بعموم البلوى. ثم إن بعض تلك القضايا المستجدة كان واضحاًفيه مدى الاعتماد على عموم البلوى في إثبات حكم معين لها، وبعضها الآخر كان التعليلبعموم البلوى فيها على سبيل الاعتضاد. ويمكن بعد ذلك أن أختم ببعضالتوصيات:
1 – ضرورة اهتمام الباحثين بالتأصيل والتقعيد في القضاياالفقهية؛ للحاجة إلى ذلك في هذا العصر على وجه الخصوص، فبذلك تنضبط أحكام كثير منالجزئيات.
2 – يعتبر تغير الفتاوى واختلاف الأحكام في الشريعة الإسلامية منالأمور البارزة في مجال التفريع الفقهي، ولا شك أن التأصيل والتقعيد لهذا الموضوعيحتاج إلى المزيد، وإن وجد فيه بعض الرسائل العلمية والكنايات القليلة التي تناولتبعض جوانبه. وختاماً أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا البحث، وأن يجعله خالصاًلوجهه، وأن يجعله حجة لي يوم ألقاه، وحسبي فيه أني أعملت جهدي؛ لأصل إلى ما يغلبعلى ظني أنه الصواب والحق. وينبغي أن يعلم أن هذا البحث جهد بشر لم يجعلالله له العصمة، فما كان فيه من صواب فمن الله، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي ومنالشيطان، والله ورسوله منه بريئان، وأرجو من قارئه أن يغمر سيئات هذا البحث فيحسناته، والله تعالى هو المستعان والمسئول على كل حال، وصلى الله وسلم على نبينامحمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
المصدر الدررس السنية
وفي ختام هذا البحث يمكن أن ألخص بعض ما توصلتإليه من نتائج فيما يأتي:
1- عدم وجود تصريح بحقيقة عامة لعموم البلوى عندالمتقدمين والمتأخرين على حدٍ سواء، وقد تأثرت حقيقة عموم البلوى الاصطلاحيةبالموضوعات التي يرد عرضه فيها، سواء عند الأصوليين أو الفقهاء، فقد كان عرضالموضوع عند الأصوليين بصورة أكبر في مسألة (خبر الواحد)، وكان التصريح ببيانحقيقته بارزاً عندهم في هذا الموضع، وتأثر ذلك البيان بطبيعة بحث المسألة التي كانلعموم البلوى صلة بها، فكان تفسيرهم لحقيقة عموم البلوى مقتصراً على ما يفيد فيإبراز صلة عموم البلوى بخبر الواحد، وهو بيان الاشتهار والانتشار لحكم الحادثة. وكذا فقد كان لعرض الموضوع عند الفقهاء أثر بارز في بيانهم لحقيقة الموضوع؛إذ كان تفسيرهم لحقيقته مقتصراً على ما يفيده هذا الموضوع من مشقة جالبة للتيسير.
2- من خلال النظر في عرض الأصوليين والفقهاء لموضوع عموم البلوى تم التوصلإلى حقيقة عامة لعموم البلوى، وهي أن عموم البلوى يعني شمول وقوعه الحادثة مع تعلقالتكليف بها، بحيث يعسر احتراز المكلفين أو المكلف منها، أو استغناء المكلفين أوالمكلف عن العمل بها إلا بمشقة زائدة تقتضي التيسير والتخفيف، أو يحتاج جمعالمكلفين، أو كثير منهم إلى معرفة حكمها مما يقتضي كثرة السؤال عنه واشتهاره. فيكون ما تعم به البلوى هو الحادثة التي تقع شاملة مع تعلق التكليف بها،بحيث يعسر احتراز المكلفين أو المكلف منها، أو استغناء المكلفين أو المكلف عن العملبها إلا بمشقة زائدة تقتضي التيسير والتخفيف، أو يحتاج جميع المكلفين، أو كثير منهمإلى معرفة حكمها مما يقتضي كثرة السؤال عنه واشتهاره.
3- أن حقيقة عمومالبلوى عند الفقهاء تشمل جهتين: الأولى: عسر الاحتراز، وهذا في الغالب مختصبما يقع بغير اختيار من المكلف، وتكون الحادثة في هذه الجهة مطلوب دفعها. الثانية: عسر الاستغناء، وهذا في الغالب مختص بما يقع باختيار من المكلف،وتكون الحادثة في هذه الجهة مطلوب جلبها والعمل بها. وقد تبين أن العسربمعنييه جزء من حقيقة عموم البلوى الاصطلاحية، ولذلك فلا داعي للتفريق بينهما فهوسب واحد للتيسير، وأن من فرق بينهما من العلماء من خلال العنوان كان قصده فيما ظهرلي إبراز هذا المعنى في عموم البلوى وتقريره.
4- أن عموم البلوى قائم علىالوقوع العام للحادثة، سواء للمكلفين أو للمكلف، وكما أن التكليف مع ذلك العموميورث مشقة على من ابتلي بملابسة هذه الحادثة، فيكون ذلك داعياً إلى التيسير، فكذلكيورث ذلك حاجة عامة إلى معرفة حكم الحادثة مما يدعو إلى السؤال عنه، ومن ثم اشتهارهوانتشاره. إلا أن هذا التأثير في الاشتهار والانتشار لا يكون إلا في حالعموم وقوع الحادثة للمكلفين، دون ما إذا كان وقوعها للمكلف الواحد، فإن الحاجة إلىمعرفة الحكم وإن كانت موجودة في هذه الحال إلا أنها ليست عامة حتى تؤثر في الاشتهاروالانتشار للحكم.
5- أن الحكم بوجود عموم البلوى منضبط بوقوع أحد أسبابهالعامة أو الخاصة، وهذه الأسباب يرجع تقديرها في الغالب إلى نص من الشارع من خلالالوقائع التي تعم بها البلوى، فإن لم يكن هناك نص فإنه يرجع في تقدير ذلك إلى العرفومعتاد الناس، أو إلى تقريب المشقة الحاصلة في الحادثة التي تعم بها البلوى، وذلكبموازنتها بالمشاق المشابهة لها فيما اعتبره الشارع في جنسها، وهذا إنما هو فيالغالب؛ إذ إن هناك بعض الأسباب التي يرجع تقدير مشقة عموم البلوى فيها إلى أمرخاص، كتقدير المكلف واجتهاده كما في الضرورة وكبر السن والمرض الذي لا يرجى برؤه،وفي حال المطر والثلج والوحل، أو بالاعتماد على قول أهل الخبرة كالأطباء، كما فيحال كبر السن والمرض الذي لا يرجى برؤه.
6- أن بحث الأصوليين لعموم البلوىفي بعض المسائل قد جاء بحسب طبيعة بحثه عند الفقهاء في الغالب، وهو كون عموم البلوىيمثل سبباً في التيسير، وذلك كما في صلة عموم البلوى بالقياس، والاستحسان، وسدالذرائع، مما يدل على شمول نظر الأصوليين لهذا الموضوع عند بحثهم له.
7- أنعموم البلوى يعتبر أكثر أسباب التيسير مساساً للتفريع الفقهي، وأثره لا يقتصر علىقسم معين من أقسام الفقه دون غيره، بل هو في الغالب شامل لمجموع أقسام الفقه، وإنكان التصريح بالتعليل به قد كثر فيما يتعلق بأمور العبادات، خاصة فيما يتعلقبالطهارة وإزالة النجاسة، على أن التأمل في الفروع الفقهية يتضح منه شمول أثره لغيرذلك، ويتقرر هذا عند النظر في الفروع الفقهية التي جاء إيرادها في هذا البحث.
8- أن عموم البلوى يعتبر أحد الأمور التي يتم بها ضبط المشقة؛ إذ إن المشاقمنها ما هو منضبط بأسباب معينة، وعموم البلوى يعتبر سبباً في التيسير باعتباره مظنةللمشقة، وإذا كان عموم البلوى منضبطاً بوقوع أحد أسبابه فالسعي في ضبطه حينئذ سعيفي ضبط المشقة بصورة أعم.
9- أن اعتبار عموم البلوى سبباً في التيسير قدقامت عليه أدلة كثيرة من تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم، وتصرفات الصحابةوالتابعين رضي الله عنهم تفيد كلها القطع باعتبار عموم البلوى سبباً في التيسير.
10- أن اعتبار عموم البلوى سبباً في التيسير مقيد بشروط يلزم مراعاتها؛ليتحقق ذلك الاعتبار، وفقد شرط منها مؤثر في إنعدام ذلك الاعتبار، ولذا ينبغي لمنأراد الترخص اعتبارا لعموم البلوى مراعاة هذه الشروط.
11- أن التكليف فيحال عموم البلوى يعتبر من قبيل الضرر، ولذلك تلزم إزالته تبعاً لقاعدة (لا ضرر ولاضرار)، أو (الضرر يزال). وإزالة الضرر هنا مقيدة بشرط ينبغي أن يراعى، وهذهالإزالة تتمثل في القول بعدم التكليف في حال عموم البلوى.
12- أن عمومالبلوى يعتبر من أسباب نشوء العادة والعرف، ولذا فإن العمل بما تعم به البلوى يحكمباعتباره من قبيل العادة المحكمة، وهذا التحكيم مقيد بشروط معينة.
13- أنعموم البلوى كما يلاحظ من خلال التفريع الفقهي يعتبر من أعظم أسباب تغير الأحكاموالفتاوى، وذلك بناء على اختلاف العمل بما تعم به البلوى باختلاف الأحوال، إلا أنهذا الاعتبار ليس على إطلاقه، بل فيه تفصيل سبق بيانه.
14- كثرة تطبيقاتعموم البلوى في هذا العصر، ودخوله في تعليل أحكام كثير من الوقائع تصريحاً أو ضمناًمما يؤكد أهمية هذا الموضوع. ومن خلال النظر في كلام بعض العلماء والباحثينلتلك القضايا المستجدة نخلص إلى أن إطلاق التعليل بعموم البلوى، أو بأحد أسبابهلحكم قضية من تلك القضايا أمر غير سديد؛ إذ لا بد من التفصيل في أحكام كثير منالقضايا، والنظر في مدى تحقق عموم البلوى في جميع حالات القضية وصورها، والتحقق مناعتبار عموم البلوى في هذه الحالة أو تلك، فكثيراً ما يؤثر اختلاف الأحوال والأشخاصفي اختلاف الحكم بعموم البلوى. ثم إن بعض تلك القضايا المستجدة كان واضحاًفيه مدى الاعتماد على عموم البلوى في إثبات حكم معين لها، وبعضها الآخر كان التعليلبعموم البلوى فيها على سبيل الاعتضاد. ويمكن بعد ذلك أن أختم ببعضالتوصيات:
1 – ضرورة اهتمام الباحثين بالتأصيل والتقعيد في القضاياالفقهية؛ للحاجة إلى ذلك في هذا العصر على وجه الخصوص، فبذلك تنضبط أحكام كثير منالجزئيات.
2 – يعتبر تغير الفتاوى واختلاف الأحكام في الشريعة الإسلامية منالأمور البارزة في مجال التفريع الفقهي، ولا شك أن التأصيل والتقعيد لهذا الموضوعيحتاج إلى المزيد، وإن وجد فيه بعض الرسائل العلمية والكنايات القليلة التي تناولتبعض جوانبه. وختاماً أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا البحث، وأن يجعله خالصاًلوجهه، وأن يجعله حجة لي يوم ألقاه، وحسبي فيه أني أعملت جهدي؛ لأصل إلى ما يغلبعلى ظني أنه الصواب والحق. وينبغي أن يعلم أن هذا البحث جهد بشر لم يجعلالله له العصمة، فما كان فيه من صواب فمن الله، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي ومنالشيطان، والله ورسوله منه بريئان، وأرجو من قارئه أن يغمر سيئات هذا البحث فيحسناته، والله تعالى هو المستعان والمسئول على كل حال، وصلى الله وسلم على نبينامحمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
المصدر الدررس السنية
التعديل الأخير: