العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

معارضة النصوص بدعوى المصلحة

إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
معارضة النصوص بدعوى المصلحة
قال الدكتور يوسف القرضاوي تحت هذا العنوان :​
ومن أهم ما يجب التنبيه عليه والتحذير منه ما أشرنا إليه في حديثنا عن الضوابط ، وهو توهم أن توجد مصالح حقيقية تعارض النصوص القطعية ، وأنه إذا وجد هذا التعارض رجحت المصلحة على النص ، لأن الأحكام إنما شرعت لرعاية مصالح الخلق ، فلا يعقل أن تعود عليها بالإبطال ، فإذا وجدنا مصلحة يعارضها النص علقنا النص ، وأمضينا المصلحة ، ولهذا أُثِرَ عن بعض المجتهدين المعتبرين قولهم : "حيث توجد المصلحة فثم شرع الله".
ويستند القائلون بهذا الرأي ـ وهم عادة من خارج نطاق علماء الشريعة ـ إلى ما قاله نجم الدين الطوفي ( ت 716 هـ) في شرحه لحديث : "لا ضرر ولا ضرار" عن التعارض بين النص والمصلحة ، وتقديمه المصلحة على النص إذا تعارضا ، ويفسرون رأيه تفسيراً يخدم فكرتهم العلمانية الدخيلة.
·استحالة تعارض النص القطعي والمصلحة الحقيقية :
والحق أن هذه الدعوى العريضة لا يؤيدها دليل من العقل ولا من النقل ولا من الواقع ، بل تنقضها أدلة العقول والنقول والوقائع.​
فإن الذي أنزل هذه الشريعة الإلهية ، وبين أحكامها ، وكلف خلقه العمل بها ، هو الذي خلق الناس وعلم ما هم في حاجة إليه من الأحكام فشَرَعَه ، وعلم ما يصلحهم ويرقى بهم من الشرائع فألزمهم به {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} فهو أعلم بهم من أنفسهم ، وأبر بهم من أنفسهم ، وأرحم بهم من آبائهم وأمهاتهم .
وإذا كان خالق الإنسان هو منزل الشريعة ، فلا يُتصور أن يتناقض ما شرعه مع مصلحة عباده ، إلا أن يكون غير عالم بذلك حين شرعه ، وهذا لا يقول به مسلم . أو يكون علمه ، ولكنه أراد أن يعنتهم ويلزمهم العسر والحرج ، وهذا منفي بالنصوص القاطعة ، قال تعالى : {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون} {يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا} {ولو شاء لأعنتكم ، إن الله عزيزٌ حكيم}
ولهذا كان تصور مصلحة حقيقية تعارضها النصوص القطعية تصوراً نظرياً أو افتراضياً محضاً ، لا وجود له في أرض الواقع.
وينبغي أن نحرر محل النزاع هنا ، وهو التعارض بين قطعي النصوص ، وقطعي المصالح ، وهو ما نقول بامتناعه.​
أما التعارض بين مصلحة حقيقية معتبرة وبين نص محتمل للتأويل ، فهذا قد وقع ويقع ، وهنا يجب تأويل النص ليتفق مع المصلحة المعتبرة شرعاً.​
وهذا ما صنعه سيدنا عمر بن الخطاب ومن وافقه من الصحابة في قضية قسمة الأرض المفتوحة على الغانمين ، وتوقفه في ذلك ، وانتهى إلى تخصيص {ما غنتم} في الآية بالمنقولات ونحوها ، مما يغنم ويحاز حقيقةً، وسيأتي مناقشة ذلك.​
وهو ما صنعه سيدنا عثمان حين رأى التقاض ضوال الإبل ، وحفظها في بيت المال ، حتى لا تضيع على أصحابها ، ولم تكن تلتقط على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.​
وهو ما صنعه بعض فقهاء التابعين في حديث امتناعه صلى الله عليه وسلم عن التسعير حين شكا إليه أصحابه الغلاء ، وقوله : "إن الله هو المسعر القابض الباسط" إذ حملوا ذلك على حالة الغلاء الطبيعي ، وليس الغلاء الناتج عن احتكار التجار ، والعمل على إغلاء الأسعار.​
وكذلك التعارض بين نص قطعي ومصلحة موهومة لا يدخل فيما نحن فيه.
والواقع أن هذا هو ما يموه به مموهون اليوم من زعم المصالح التي عارضها الشرع.​
فمن نظر إلى هذه المصالح المدعاة بموضوعية وإنصاف ، لم يجد مصالح حقيقية على الإطلاق.​
فلا توجد مصلحة حقيقية في "إيقاف حدود الله" التي أوجبتها النصوص القطعية .​
ولا توجد مصلحة حقيقية في "إباحة الخمر" التي حرمتها النصوص القطعية.​
ولا توجد مصلحة حقيقية في "إباحة الربا" الذي حرمته النصوص القطعية.​
ولا توجد مصلحة حقيقية في "إباحة الخلاعة" التي حرمتها النصوص القطعية.​
ولا توجد مصلحة حقيقية في "إباحة البغاء" الذي حرمته النصوص القطعية.​
ولا توجد مصلحة حقيقية في "التسوية بين الإبن والبنت في الميراث" الذي منعته النصوص القطعية.​
وهكذا كل ما ينادي به "عبيد الفكر الغربي" اليوم مما تعارضه الشريعة بيقين ، ليس فيه عند التحقيق أية مصلحة معتبرة تعود على الناس بالخير في معاشهم أو معادهم.​
إنما هي أوهام تخيلوها مصالح ، بحكم تأثرهم بالغرب ، وعبوديتهم الفكرية له ، ولولا أن الغرب نهج ذلك النهج ؛ ما قالوا ما قالوه ، ولا خطر ببالهم أن يقولوه . ولو غيَّر الغرب موقفه من بعض هذه القضايا ؛ لرأيت هؤلاء أسرع ما يكونون إلى تغيير موقفهم ، فإنما يتبعون سننه ـ فكراً وعملاً ـ شبراً بشر ، وذراعاً بذارع ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلوه ! كما أنبأ المعصوم صلى الله عليه وسلم.
***​
المراد بالنص من كلام الطوفي :
وكلام الطوفي مردود عليه ، وهو مما انفرد به ، وأنكره عليه عامة العلماء. على أنه لم يحدد المراد بالنص الذي تخصصه المصلحة ، هل هو مطلق النص من الكتاب أو السنة وإن كان ظنياً ؟ أو المراد النص القطعي في ثبوته ودلالته؟
والأول هو اللائق بأن يصدر من عالم أصولي ، والثاني لا دليل عليه في كلامه، بل في كلامه ما يفيد العكس ، فقد استثنى المقدرات والعبادات مما قاله. وما ذاك إلا لأن التقديرات قد حددها الشارع بوضوح فلا تقبل احتمالاً آخر.
مثل تحديد أنصبة الورثة ، ومقادير الواجب في الزكاة ، ومدة العدة للمرأة المطلقة والمتوفى عنها زوجها ، وعدد الجلدات في الحدود ونحوها.​
كما أن العبادات المحضة يجب أن تؤخذ بالتسليم.​
وأما إن كان يريد بالنص الذي يُخصّص بالمصلحة النص القطعي ، فهو لم يذكر لنا مثالاً واحداً يظهر فيه التعارض بينهما.​
***​
حيث يوجد شرع الله ، فثم المصلحة :​
والعجيب أن هؤلاء كثيراً ما يذكرون الكلمة التي نُقِلت عن الإمام ابن القيم ويرددونها في كل مناسبة ، وهي : "حيث توجد المصلحة فثم شرع الله"
وفي الحق إنهم يقطعون هذه الكلمة عن سياقها الذي وردت فيه ، فقد قالها ابن القيم رداً على الذين يحصرون "البينة" الشرعية في شهادة الشهود وحدها ، ويرفضون الأخذ بالقرائن ، وإن بلغت ما بلغت من الوضوح والدلالة على وجه الحق في القضية ، فقد قال في (الطرق الحكمية) : "إن الله سبحانه أرسل رسله ، وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط ، وهو العدل الذي قامت به الأرض والسموات ، فإذا ظهرت أمارات العدل ، وأسفر وجهه بأي طريق كان ، فثم شرع الله" ونحو ذلك قاله في (إعلام الموقعين).
أما إطلاق هذه الكلمة عن ابن القيم أو شيخه ابن تيمية ، فلم يثبت عنهما ولا يتصور منهما ، وهما أشد الناس تمسكاً بالنصوص ، ودعوة إلى الاتباع.​
وإنما تقبل هذه الكلمة "حيث توجد المصلحة فثم شرع الله" فيما لا نص فيه ، أو فيما فيه نص يحتمل تفسيرات عدة ، ترجح أحدها المصلحة.​
وفيما عدا ذلك فالواجب أن يقال : "حيث يوجد شرع الله فثم المصلحة"
انتهى من (المرجعية العلي في الإسلام للقرآن والسنة) ص 355 - 359
 

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: معارضة النصوص بدعوى المصلحة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
قال الدكتور يوسف القرضاوي تحت هذا العنوان :
ومن أهم ما يجب التنبيه عليه والتحذير منه ما أشرنا إليه في حديثنا عن الضوابط ، وهو توهم أن توجد مصالح حقيقية تعارض النصوص القطعية ، وأنه إذا وجد هذا التعارض رجحت الصلحة على النص ، لأن الأحكام إنما شرعت لرعاية مصالح الخلق ، فلا يعقل أن تعود عليها بالإبطال ، فإذا وجدنا مصلحة يعارضها النص علقنا النص ، وأمضينا المصلحة ، ولهذا أُثِرَ عن بعد ا لمجتهدين المعتبرين قولهم : "حيث توجد المصلحة فثم شرع الله".
اليس من فقد الماء وخاف على نفسه من العطش ولم يجد إلا الخمر . أليست مصلحة حفظ النفس مصلحة حقيقية . ولو قسنا عليها مسائل اخرى لبلغت مجلدات . بارك الله فيك وجزاك كل الخير كما ارجو منك اخي تصحيح الاخطاء خاصتا فيما يخص القرآن
{ألا يعلم من خلق وهو اللصيف الخبير}
شكرا لك وجزاك الله خيرا
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: معارضة النصوص بدعوى المصلحة

جزاك الله خيراً وأثابك

اليس من فقد الماء وخاف على نفسه من العطش ولم يجد إلا الخمر . أليست مصلحة حفظ النفس مصلحة حقيقية
كلا قطعاً ، إن خاف على نفسه العطش ولم يجد سوى الخمر فليس له أن يشربه ، أما إن عطش فإن لم يخف على نفسه الهلاك فكذلك ، وإن عطش وبلغ به العطش أن خاف الهلاك فله أن يشرب ، وذلك للنص الوارد في الميتة فغيرها مقيس عليها.
وليس هذا مورد كلام القرضاوي
وأعود فأشكركم على مروركم واهتمامكم
 
أعلى