العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

المجاعة والجوع في الاسلام

طيبة الوردي

:: متابع ::
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
66
الكنية
أم كريمة
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي

•• الجوع ••

هل هو ذلك الألم المعوي الذي يصيبنا فيما لو لم نأكل؟
أم هو تلك المعاناة الجسدية لمن يعاني من سوء التغذية؟

•• الجواب ••
نعم، لكن الجوع أشياء أخرى أيضًا.

فالجوع يعني الألم، ألم الخيارات المستحيلة، والجوع يعني الحزن، والجوع يعني الذل، والجوع يعني الخوف،
ومن ثَمَّ صارت أبرز أبعاد الجوع هي الألم والحزن، والذل والخوف.

الجوع بالنسبة لنا مجرد أرقام من الناس لا يحصلون على غذاء كافٍ،
ويكون الحل بالنسبة لنا أرقامًا أيضًا من الأطنان ومن الدولارات من المساعدات الاقتصادية.

ولاكن هل الجوع حقا كما فهمنا أم يوجد له تفسير ومعنى آخر
إذا فهمنا الجوع بماهو نرى أنه

هو أناس حقيقيون يعيشون أشد المشاعر الإنسانية إيلامًا، وحينئذ نستطيع أن نرى جذور الجوع.


الإنسان الجائع هو الإنسان الذي حرم القدرة على حماية نفسه ومن يحب،
تلك هي الخطوة الأولى نحو فَهْم حقيقي لمشكلة الجوع وظاهرة المجاعة،
وأسباب ذلك ليست هي القلة؛ لأن العالم مليء بالطعام.


••أسباب الجوع والمجاعات••

الكثير منا يضع السبب الأول على الكوارث الطبيعية،
والجزء الآخر يرى السبب فى ظلم الإنسان لأخيه الإنسان،
وسخب الإنسان وجشعه، وتبذير الموارد الاقتصادية،
والإسراف في استخدامها، وإهدار الطاقات،
كل ذلك وغيره من أسباب تفشِّي الجوع،
وانتشار المجاعة في كثير من بقاع العالم.
ومن هنا يتضح لنا أن المجاعات، كوارث اجتماعية،
وليست كوارث طبيعية، إنها نتيجة لأعمال الإنسان.


••النظرة إلى الجوع في التاريخ الإسلامي ••

كان عمر بن عبدالعزيز خامس الخلفاء الراشدين يأمر عماله بشراء القمح من بيت مال المسلمين
لا ليعطوه للجياع من بني الإنسان لأن هذا أمر مفروغ منه ,
ولكن لينثروه على قمم الجبال حتى يأكل الطير من خير المسلمين ,
ولا يزال صدى كلمته الخالده " انثروا القمح على رؤوس الجبال لكي لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين "
شاهداً على مدى تراجع القيم الإنسانية في العصر الحديث الذي يحلو للبعض وصفه بعصر حقوق الإنسان ,
في الوقت الذي مات فيه مئات الآلاف جوعاً والملايين ينتظرهم نفس المصير ولا يتم التحرك لإنقاذهم .

ومن العلماء من ينظر إلى الجوع ويفسره لنا بأنه "جند الله "

فجنود الله لا عد لها ولا حصر ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ المدثر 31
﴿ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ الفتح 7
ومن تلك الجنود (الجوع) يسلطه الله تعالى على من يشاء من عباده إما:

1- عذابا كما في قوله تعالى ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل 112].

2- وإما ابتلاء وامتحانا:
قال تعالى ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 130].

وقال تعالى ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 157].

وقال تعالى ﴿ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)﴾. يوسف



•• الجوع خزانة عظيمة لفوائد الآخرة ••

ومن العلماء والفقهاء من رأى أنّ في الجوع فوائد جمة ومنها :

أولاً: صفاء القلب وإيقاد القريحة وإنفاذ البصيرة؛ فإن الشبع يورث البلادة، ويعمي القلب.
ثانيًا: رقة القلب وصفاؤه، الذي به يتهيأ لإدراك لذة المثابرة والتأثر بالذكر.
ثالثًا: الانكسار والذل وزوال البطر والفرح، والأشر الذي هو مبدأ الطغيان والغفلة عن الله تعالى.
رابعًا: تذكّر بلاء الله وعذابه وأهل البلاء؛ فإنّ الشبعان ينسى الجائع، وينسى الجوع.
خامسًا: كسر شهوات المعاصي، والاستيلاء على النفس الأمَّارة بالسوء؛ فإن منشأ المعاصي كله الشهوات والقوى،
ومادة القوى والشهوات لا محالة الأطعمة، فتقليلها يضعف كل شهوة وقوة.
سادسًا: دفع النوم ودوام السهر؛ فإن من شبع شرب كثيرًا، ومن كثر شربه كثر نومه، وفي كثرة النوم ضياع العمر،
وفوت التهجُّد، وبلادة الطبع، وقساوة القلب.
سابعًا: تيسير المواظبة على العبادة؛ فإنّ الأكل يمنع من كثرة العبادات؛ لأنه يحتاج إلى زمان يشتغل فيه بالأكل.
ثامنًا: صحة البدن ودفع الأمراض؛ فإن سببها كثرة الأكل، وحصول فضلة الأخلاط في المعدة والعروق، وفي الجوع ما يمنع ذلك.
تاسعًا: خفة المؤونة؛ فإن مَنْ تعوَّد قلة الأكل، كفاه من المال قدر يسير، والذي تعوَّد الشبع صار بطنه غريمًا ملازمًا له.
عاشرًا: الإيثار والتصدق بما فضل من الأطعمة على اليتامى والمساكين، فيكون يوم القيامة في ظل صدقته كل متصدق يرجو وجه ربه.



••سير وعبر للجوع مع النبي ••

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال:
(الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاَؤُهُ،
وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ البَلاَءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ)

رواه أحمد (1481) والترمذي (2398) وابن ماجه (4023) قال الترمذي (حديث حسن صحيح) وصححه ابن حبان(2900).

عن النعمان بن بشير قال: سمعت عمر بن الخطاب يخطب فذكر ما فتح على الناس فقال:
((لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْتَوِي يَوْمَهُ مِنَ الْجُوعِ مَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ))

رواه مسلم (2978) والطيالسي (57) واللفظ له.

••••••••••••••••••

ومن الجوع الذي حل بالنبي ما كان في شعب أبي طالب حيث بقوا فيه ثلاث سنين في ظل مقاطعة تامة من المشركين
كما رواه أبو نعيم في دلائل النبوة (205) واللفظ له ونحوه عند البيهقي في دلائل النبوة 2/311
عن عروة بن الزبير قال: لما أقبل عمرو بن العاص من الحبشة من عند النجاشي إلى مكة اشتد المشركون على المسلمين كأشد ما كانوا
حتى بلغ المسلمين الجهدُ واشتد عليهم البلاء وعمد المشركون من قريش فأجمعوا مكرهم وأمرهم
على أن يقتلوا رسول الله علانية فلما رأى ذلك أبو طالب جمع بني عبد المطلب
فأجمع لهم أمرهم على أن يدخلوا رسول الله شعبهم ويمنعوه ممن أراد قتله
فاجتمعوا على ذلك كافرهم ومسلمهم منهم من فعله حمية ومنهم من فعله إيمانا ويقينا
فلما عرفت قريش أن القوم قد اجتمعوا ومنعوا الرسول واجتمعوا على ذلك كافرهم ومسلمهم
اجتمع المشركون من قريش فأجمعوا أمرهم على أن لا يجالسوهم ولا يخالطوهم ولا يبايعوهم ولا يدخلوا بيوتهم حتى يسلموا رسول الله
للقتل وكتبوا بمكرهم صحيفة وعهودا ومواثيق أن لا يقبلوا من بني هاشم أبدا صلحا ولا تأخذهم بهم رأفة ولا رحمة ولا هوادة
حتى يسلموا رسول الله للقتل فلبث بنو هاشم في شعبهم ثلاث سنين
واشتد عليهم فيهن البلاء والجهد وقطعوا عليهم الأسواق فلا يتركون طعاما يدنو من مكة ولا بيعا إلا بادروا إليه؛
ليقتلهم الجوع يريدون أن يتناولوا بذلك سفك دم رسول الله .

ومن ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله ذات يوم " أو ليلة" فإذا هو بأبي بكر وعمر،
فقال: (مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ) ؟ قالا: أخرجنا الجوع من بيوتنا والذي بعثك بالحق
قال: (وَأَنَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، قُومُوا) فقاموا معه، فأتى رجلا من الأنصار
فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة، قالت: مرحبا وأهلا، فقال لها رسول الله : ((أَينَ فُلان؟))
قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء، إذ جاء الأنصاري، فنظر إلى رسول الله وصاحبيه،
ثم قال: الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني، قال: فانطلق، فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب،
فقال: كلوا من هذه، وأخذ المدية، فقال له رسول الله : (إِيَّاكَ، وَالْحَلُوبَ) فذبح لهم،
فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا، فلما أن شبعوا ورووا، قال رسول الله لأبي بكر، وعمر:
(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ)
رواه مسلم (2038).


••اصابت المسلمون بالجوع في أزمنة عديدة••

ولعل من أشهرها عام الرمادة سنة ثمان عشرة في عهد أمير المؤمنين عمر رضي الله
ويقال أنها سميت بهذا الاسم لتحول اسوداد الأرض إلى اللون الرمادي من قلة المطر ,
أو أن الريح كانت تسفي ترابا كالرماد , أو لأن ألوان الناس أضحت مثل لون الرماد
قال زيد بن أسلم عن أبيه قال: لما كان عام الرمادة تجلبت العرب من كل ناحية فقدموا المدينة فكان عمر بن الخطاب
قد أمر رجالا يقومون عليهم ويقسمون عليهم أطعمتهم وإدامهم فكان يزيد ابن أخت النمر وكان المسور بن مخرمة
وكان عبد الرحمن بن عبد القاري وكان عبد الله بن عتبة بن مسعود فكانوا إذا أمسوا اجتمعوا عند عمر فيخبرونه
بكل ما كانوا فيه وكان كل رجل منهم على ناحية من المدينة وكان الأعراب حلولا فيما بين رأس الثنية
إلى راتج إلى بني حارثة إلى بني عبد الأشهل إلى البقيع إلى بني قريظة ومنهم طائفة بناحية بني سلمة هم محدقون بالمدينة
فسمعت عمر يقول ليلة وقد تعشى الناس عنده احصوا من يتعشى عندنا فأحصوهم من القابلة فوجدهم سبعة آلاف رجل
وقال أحصوا العيالات الذين لا يأتون والمرضى والصبيان فأحصوا فوجدوهم أربعين ألفا
ثم مكثنا ليالي فزاد الناس فأمر بهم فأحصوا فوجدوا من يتعشى عنده عشرة آلاف والآخرين خمسين ألفا
فما برحوا حتى أرسل الله السماء فلما مطرت رأيت عمر قد وكل كل قوم من هؤلاء النفر بناحيتهم يخرجونهم إلى البادية

ويعطونهم قوة وحملانا إلى باديتهم ولقد رأيت عمر يخرجهم هو بنفسه قال أسلم وقد كان وقع فيهم الموت
فأراه مات ثلثاهم وبقي ثلث وكانت قدور عمر يقوم إليها العمال في السحر يعملون الكركور حتى يصبحوا
ثم يطعمون المرضى منهم ويعملون العصائد وكان عمر يأمر بالزيت فيفار في القدور الكبار على النار
حتى يذهب حمته وحره ثم يثرد الخبز ثم يؤدم بذلك الزيت فكانت العرب يحمون من الزيت
وما أكل عمر في بيت أحد من ولده ولا بيت أحد من نسائه ذواقا زمان الرمادة إلا ما يتعشى مع الناس حتى أحيا الله الناس أول ما أحيا.
رواه ابن سعد 3/316 وابن عساكر 44/348.

اتخاذ عمر رضي الله عنه العديد من المواقف والقرارات التي يحتذى بها مثل

•• الدعاء والتضرع والابتهال والاستغاثة بالله وحده لعلمه بأنه القادر على كشف الكربات .
•• استسقاؤه عدة مرات لأن السنة إذا قحطت البلاد وأجدبت أن يفزع الناس لصلاة الاستسقاء التي شرعها لنا رسولنا الكريم .
•• طلب الغوث والإعانة من الأقاليم المجاورة بعد نفاذ جميع الموارد المحلية .
•• قيام عمر بإرسال مشرفين على كل ناحية من المدينة يتلمسون له أحوال القوم وحاجاتهم ويجتمعون عنده كل مساء
ليرتب معهم تقسيم المؤن والأطعمة على المنكوبين .
•• مواساته للرعية في المجاعة بامتناعه عن أن يذوق اللحم والسمن واللبن إلا بعد أن يتذوقه عامة الناس وأخذ يأكل بالزيت حتى تغير لونه .


••ديننا الحنيف يأمرنا قرآنا وسنة بالبذل والإنفاق ••

قال تعالى ﴿ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ﴾ [البلد: 18]
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: "وَقَوْلُهُ: (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) قال ابن عباس: "ذي مجاعة".
وكذا قال عكرمة، ومجاهد، والضحاك، وقتادة، وغير واحد,والسغب: هو "
قال ابن عباس: (ذَا مَتْرَبَةٍ) هو المطروح في الطريق الذي لا بيت له، ولا شيء يقيه من التراب"
ا.هـ تفسير ابن كثير 8/408.
وقال تعالى ﴿ إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴾ [الحديد 18].
وقال تعالى ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 262]

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي قال: (أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ، وَفُكُّوا العَانِيَ) رواه البخاري (5373)
قال شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى: "فإذا وجدنا إنسانا جائعا وجب علينا جميعا أن نطعمه وإطعامه فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين فإن لم يقم به أحد تعين على من علم بحاله أن يطعمه وكذلك أيضا كسوة العاري وهو فرض كفاية"
ا.هـ شرح رياض الصالحين 4/469.

وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: قال النبي
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِسَلَامٍ)
رواه أحمد (23784) والترمذي (2485) وابن ماجه (1334) وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.

••••••••••••••••••

و على المرء أن يتجنب الشبع والتخمة؛ اتباعًا لقوله :
((ما ملأ آدمي وعاءً شرًّا من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن لم يفعل فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه))
رواه أحمد، وابن ماجه، والحاكم.

يقول أبو سليمان الداراني رحمه الله في ذلك:
إن النفس إذا جاعت وعطشت، صفا القلب ورق، وإذا شبعت ورويت عمي القلب.

ونحن نعيش في زمن مال فيه كثير من الناس إلى الإسراف والبذخ والتبذير،
والتفاخر بالمآكل والمشارب، والمراكب والمساكن، وما علموا أنّ المبذر أخ للشيطان؛
{وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا *إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء: 26-27].
وأنّ الله لا يحب المسرفين؛ { وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].
وأنّ الله سائلهم عن كل نعيم؛ {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [سورة التكاثر:8].
وأنه عزَّ وجلَّ سائلهم عن الطيبات؛ {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ} [سورة الأحقاف:20].

••أكثر الناس شبعًا في الدنيا أطولهم جوعًا في الآخرة••

كما في حديث رسول الله الذي رواه أبو نعيم في الحلية وحسّنه الألباني،
وأن شرار أمة محمد الذين غُذّوا بالنعيم يأكلون ألوان الطعام ويلبسون ألوان الثياب،
ويتشدقون في الكلام، وأنّ من السرف أن نأكل كل ما شئنا واشتهينا، وأنّ الله سبحانه وتعالى يمقت ثلاثة:
الضحك بغير عجب، والأكل من غير جوع، والنوم بالنهار من غير سهر.


سُئل سهل التستري رحمه الله : الرجل يأكل في اليوم أكلة، قال: أكل الصديقين، قيل له: فأكلتان، قال: أكل المؤمنين،
قيل له: فثلاث أكلات، فقال: قل لأهله يبنوا له معلفًا.

وفي الختام ندعو بما دعا به النبي فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول يقول:
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ، فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ، فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ)
رواه أبو داود (1547) والنسائي (5468) وابن ماجه (3354) وصححه ابن حبان (1029) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1283)

(منقول للأهمية)

 
أعلى