رد: حكم بول الصبي
جاء في الاختيار:
قَالَ: (وَ) كَذَلِكَ بَوْلُ (الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ أَكَلَا أَوْ لَا) لِمَا رَوَيْنَا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَمَا رُوِيَ مِنْ نَضْحِ بَوْلِ الصَّبِيِّ إِذَا لَمْ يَأْكُلْ، فَالنَّضْحُ يُذْكَرُ بِمَعْنَى الْغَسْلِ. «قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْمَذْيِ: " انْضَحْ فَرْجَكَ بِالْمَاءِ» ، أَيِ اغْسِلْهُ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَوْفِيقًا.
وجاء في كنز الدقائق:
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجِبُ غَسْلُ بَوْلِ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ بَلْ يُرَشُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ لَا غَيْرُ، وَلَنَا الْعُمُومَاتُ وَمَا وَرَدَ فِيهِ مِنْ النَّضْحِ وَالصَّبِّ الْمُرَادُ بِهِ الْغَسْلُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَذْيِ «تَوَضَّأْ وَانْضَحْ فَرْجَك» وَلَا يَجْزِيهِ إلَّا الْغُسْلُ
اتِّفَاقًا؛ وَلِأَنَّ النَّضْحَ كَثْرَةُ الصَّبِّ وَمِنْهُ النَّاضِحُ لِلْجَمَلِ الَّذِي يُسْتَخْرَجُ بِهِ الْمَاءُ قَالَهُ الْمُهَلَّبُ وَمَا ذَكَرُوا مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْجَارِيَةِ وَالْغُلَامِ أَنَّ بَوْلَ الْجَارِيَةِ أَثْخَنُ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ ضَعِيفٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ ثَخِينِ النَّجَاسَةِ وَرَقِيقِهَا فِي وُجُوبِ إزَالَتِهَا بِالْغُسْلِ وَهَذَا الْمُدَّعَى بِنَفْسِهِ تَحَكُّمٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَلَا يُعْتَمَدُ.
وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الِاعْتِنَاءَ بِالصَّبِيِّ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ يَحْمِلُهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَالْبَلْوَى بِهِ أَكْثَرُ وَأَعَمُّ أَضْعَفُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يَجِبَ غَسْلُ ثِيَابِ النِّسَاءِ مِنْ بَوْلِهَا لِكَوْنِ الِابْتِلَاءِ بِهِ أَشَدَّ فِي حَقِّهِنَّ لِاخْتِصَاصِهِنَّ بِحَمْلِهَا وَمُشَارَكَةِ الرِّجَالِ فِي حَمْلِ الصَّبِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَتَبَيَّنُ لِي فَرْقٌ بَيْنَهُمَا وَلَقَدْ أَنْصَفَ فِيمَا قَالَ.اهـ
وجاء في البناية في شرح الهداية:
الثاني: بول الصبي الذي لم يطعم فكذلك عند جميع أهل العلم قاطبة إلا ما نقل عن داود الظاهري بطهارتها ولا يعتبر خلافه، وعند الشافعي نجاسة خفيفة، وقال الأوزاعي: لا بأس ببول الصبي ما دام يشرب اللبن ولا يأكل الطعام، وهو قول عبد الله بن وهب صاحب الإمام مالك، واحتجوا في ذلك بأحاديث منها: ما رواه البخاري ومسلم واللفظ له عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم، فأتي بصبي فبال عليه فدعى بماء فأتبعه بوله ولم يغسله» . قلنا: لم يغسله محمول على نفي المبالغة فيه، وما ورد في الأحاديث من النضح المراد به الصب، وقال في " المعلم في شرح صحيح مسلم ": بال في ثوبه - عائد إلى الصبي - وهو في حجره - عَلَيْهِ السَّلَامُ - على ثوب نفسه فنضح ثوبه خوفاً من أن يكون طار منه على ثوبه، وهو بعيد، لأن الآثار جاءت صريحة بأن المراد به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.