العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الدعاة ورعاية حال المدعوين

إنضم
27 مارس 2010
المشاركات
65
الكنية
أبو مؤمن
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
غزة
المذهب الفقهي
الشافعي
الدعاة ورعاية حال المدعوين
الكاتب: أ.هاني رفيق عوض
ماجستير الفقه المقارن
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله
صلى الله عليه وسلم النبي القدوة، والداعي بالحكمة وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين وبعد...
لما كانت الدعوة واجبه على أمة محمد صلى الله عليه وسلم كان لا بد لها أن تراعي حال من تدعوهم حتي تكون الدعوة بحكمةٍ وعلمٍ وبصيرةٍ قال الله عزوجل مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم والأمة من بعده " (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل:125) فهذه الآية فيها إشارة واضحة بضرورة فهم حال من تدعوهم ومراعاة الزمان والمكان واتخاذ الوسيلة المناسبة في كل مقام ومقال فدعوة الإسلام دعوة واضحة عبر الله عنها بالحكمة.
وينبغي للداعية الحاذق أن يلاحظ ما تقتضيه أحوال الناس والجماعات الخاصة والعامة ولا بد للداعية أن يكون على بصير في دعوته قال تعالى: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108).فمن المعلوم أن طرق الدعوة إلى الله عزوجل تتفاوت بتفاوت أحوال الناس فإن لكل موقف دعوة ولكل مريد فتوى ولكل مقام مقال ولكل نفس حالها.
ونفوس الناس مختلفة وطباعهم وأحوالهم متغايرة ففي بداية الدعوة الإسلامية في مكة كان المجتمع جاهلي يعبد الأصنام ويشرب الخمر ويقترف المنكرات وعندما جاءت النبوة وجاء الحبيب e بالدعوة إلى التوحيد راعي فيها نفوس الناس فلم ينههم عن الخمر والميسر ولم يرجم الزاني بل بدأ بالعبودية لله عزوجل وبدأ بكلمة التوحيد فكان صلى الله عليه وسلم القدوة في فهم حال المدعوين.
ولابد للدعية من انتهاز الفرص ورصد المواقف واغتنام المناسبات لنشر الدعوة وتأليف القلوب وتوصيل الهدف للمدعوين فمن ذلك موقف النبي صلى الله عليه وسلم عندما عاد اليهودي الذي كان يلقي القمامة أما بيته صلى الله عليه وسلم فكان مثالاً حسناً وكانت مناسبة عظيمة لإسلام ذلك الغلام اليهودي.
فسلوك الدعية وصفاته لها أثر كبير في نفوس من يدعوهم فهم الأسوة والقدوة للمدعوين ولا ريب أن أنظار الناس تتوجه إلى الدعاة وإذا كان عامة الناس يقتدن بالدعاة كان لا بد أن يتصف الدعاة بصفات تعزز ثقة الناس بهم ومن هذه الصفات .1- الإيمان بالله عزوجل وحده لا شريك له، وأن الرزق مكتوب، والأجل محتوم، ومن ثم الإيمان بالفكرة التي يدعو لها والعمل من أجل نشرها.
2- إخلاص النية لله عزوجل فلا بد للداعية أن يكون مخلصاً لله عزوجل في دعوته الناس حق حتى يؤثر في المدعوين لأن أساس القبول هو الإخلاص لله سبحانه وتعالى .
3- الصبر على دعوة الناس فالصبر من الصفات المهمة التي يجب على الداعية التحلي بها فهي بمثابة الحصن المنيع للداعية من الوقوع في الخور، والضعف، والاستكانة، والاستسلام، وتحمله على الصمود والثبات أمام الفتن والمغريات والمحن والمكاره فالداعية يتعرض في دعوته إلى المحن والابتلاءات فهي سنة الله عزوجل في الدعوات كما حدث مع الدعاة منذ سيدنا آدم عليه السلام إلى خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم و من بعدهم ممن حملوا هم الدين وتبليغ الدعوة إلى الناس.
4- الهمة العالية في الدعوة إلى الله عزوجل فارتخاء العزيمة عند الداعية هي صفة سلبية فالداعية الناجح هو الداعية صاحب الهمة العالية الذي لا ييأس ولا يفتر والذي يعطي الدعوة الأصل من وقته وماله وعمره..
5- الزهد والورع وهذه من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى فيها الداعية إلي الله عزوجل وهي التي تطمئن قلب المدعوين وتجعلهم يثقون بمن يدعوهم، وللأسف المتصدرين للدعوة اليوم كثير ولكن المخلص والورع منهم قليل إلا من رحم ربي فسبحان الله قد تسمع من داعية كلاماً رائعاً لكنه لا يدخل قلبك ولا يؤثر فيك، واعلم أيها الداعية أن من أهم وأسباب انتشار الدعوة وحب الناس للدعاة هو زهده وتواضعه وورعه والعكس صحيح.
وعلم أخي الداعية أن من صفات الدعاة التواضع وخفض الجناح بل هي من أرفع الصفات التي يجب أن يتحلى بها الداعية فهي صفة ملازمة لنبي الأمة القائد القدوة الذي قال الله عز وجل له معلماً ومربياً (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ)(الحجر: من الآية88) فكان e " يمر على الصبيان فيسلم عليهم، وتأخذ الأمة بيده فتنطلق به حيث شاءت، ويكون في بيته في خدمة أهله يخصف نعله ويرقع ثوبه ويحلب الشاة لأهله، ويعلف البعير ويأكل مع الخادم، ويجالس المساكين ويمشي مع الأرملة واليتيم في حاجتهما، ويبدأ من لقيه بالسلام، ويجيب دعوة من دعاه ولو إلى أيسر شيء، هينَ المؤنة، لينَ الخلق، كريمَ الطبع، جميلَ المعاشرة، طلق الوجه بسَّاما، متواضعاً من غير ذلة، جواداً من غير سرف، رقيقَ القلب رحيماً بكل مسلم خافض الجناح للمؤمنين لين الجانب عليه أفضل الصلاة وأتم السلام " .
فبالتواضع يستطيع الداعية أن يتسلل إلى نفوس المدعوين، وبخفض الجناح يأسر قلوب الراغبين ولنا في قول الشاعر حكمة.

تواضع تكن كالنجم لاح لناظرٍ ... على صفحات الماءِ وهو رفيع

ولا تكن كالدخان يعلو بنفسه ... في طبقات الجوِّ وهو وضيع
 
أعلى