العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

سلسلة الإشكالات الفقهية (10): تفسير الشافعي الاجتهاد بأنه القياس

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الإشكالات الفقهية
هذه زاوية فقهية
تهدف إلى تنمية الملكية الفقهية،

وتربية القدرات الإبداعية،
وإحياء النفس النقدي،

وإشاعة داء عسر الهضم العلمي!

فلا تمر معلومة من غير حساب!
كما تهدف أيضاً إلى الوقوف على طرائق أهل العلم في حل الإشكالات
فهي باختصار: زاوية تأصيلية إبداعية
والله الموفق.

سلسلة الإشكالات الفقهية (10): تفسير الشافعي الاجتهاد بأنه القياس

عبارة الشافعي مشهورة وقد تناولها أصحابه الشافعية، والأصوليون، بالتخريج تارة، وبالنقد تارات.
هاتوا ما عندكم؟
 

د. نعمان مبارك جغيم

:: أستاذ أصول الفقه المشارك ::
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
197
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
-
المذهب الفقهي
من بلد يتبع عادة المذهب المالكي
رد: سلسلة الإشكالات الفقهية (10): تفسير الشافعي الاجتهاد بأنه القياس

أعتقد ـ والله أعلم ـ أن عبارة الإمام الشافعي في التسوية بين الاجتهاد والقياس صريحة، وأن ما ذهب إليه ابن أبي هريرة هو الواقع في كلام الشافعي، حيث إنه لا يفرق بين الاجتهاد والقياس وأن الاجتهاد عنده هو القياس للأسباب التي ذكرتها في مقالي. وأن الماوردي والغزالي ـ على جلالة قدريهما ـ إنما يحاكمان الشافعي إلى اصطلاحات عصريهما. والفرق بينهما أن الماوردي لم يجرؤ على تخطئة الشافعي، بل حاول تأويل كلامه، ولكنه تأويل بعيد. أما الغزالي فكانت له الجرأة على تخطئة التسوية بينهما.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: سلسلة الإشكالات الفقهية (10): تفسير الشافعي الاجتهاد بأنه القياس

خلاصة كلام أهل العلم في عبارة الشافعي تنحصر في ثلاثة مسالك:
المسلك الأول: التخطئة
المسلك الثاني: أنها اصطلاح قديم.
المسلك الثالث: التصويب:
إما التصويب مطلقا
وإما التصويب بتوسيع القياس أو بتضييق الاجتهاد، بحيث يكونان على مقاس واحد.
مسلك التخطئة غير صحيح قطعا كما أشار الإخوة، لا سيما مع الأخذ بعين الاعتبار أن مصطلح الاجتهاد لم يكن استقر بعد في اللغة العلمية زمن الشافعي، وإنما هي مجرد تفسيرات لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا اجتهد الحاكم..."، وحديث معاذ "أجتهد رأيي ولا آلو".
وفي زمن الشافعي كان للعلماء من اجتهاد الرأي موقفان:
أحدهما: جواز اجتهاد الرأي فيما ليس فيه كتاب أو سنة ثابتة معروفة، ولو على غير مثال سبق منهما، ويدخل في هذا استحسان المصلحة واستحسان العرف والذرائع والاستصلاح. وهذه الضروب من اجتهاد الرأي مرسلة عن التشبيه على عين قائمة منصوصة كما هو معروف. وهذا هو مذهب مدرستي: الكوفة ممثلة بأبي حنيفة وأصحابه، والمدينة ممثلة بمالكٍ وتلاميذه. وقد كان أرباب هاتين المدرستين يجتهدون رأيهم أيضا فيما ورد فيه نص، فيقيدونه أو يخصصونه بالرأي والقياس وأحيانا يردون خبر الواحد أو يتأولونه تأويلا بعيدا إذا كان غريبا عندهم ليس على منهاج ما اجتمع لديهم من نصوص عامة مشهورة أو أقضية للصحابة أو عمل للسلف، حتى لو كان مخرجه ثقة، كما كانوا يقبلونه أحيانا حتى لو ضعف رواته إذا كان منسجما مع ما اجتمع لديهم من نصوص وعمومات وعمل للسلف لا سيما ما اشتهر عن مشايخهم وأهل بلدهم.
والموقف الآخر: التنفير من اجتهاد الرأي جملة، والدعوة إلى الاكتفاء بالنصوص مع توسيع نطاق هذه النصوص حتى تدخل فيها المراسيل والضعاف ضعفا يسيرا وأقوال الصحابة والتابعين. وهذا كان منهج أكثر المشتغلين بالحديث ورواته، وكانوا يقولون: إنما الحجة في الآثار وكانوا ينهون عن المقاييس.
فجاء الشافعي، رحمه الله تعالى، وسلك مسلكا وسطيا تلفيقيَّا بين المذهبين، في محاولة منه للحد من النزاع الناشب بين أصحاب الرأي وأصحاب الحديث (بالمعنى الضيق)، فعلى صعيد الرأي قصره على القياس ونفى كل شيء سواه، وعلى صعيد الحديث تشدد في شروط قبول الحديث فرفض المرسل والضعيف وما رواه المجهول، وكان آخر أقواله والذي استقر عليه أصحابه من بعده عدم الأخذ بقول الصحابي، أو على الأقل تقديم القياس عليه.
ولم يستطع الشافعي بهذا الذي جاء به أن يجمع بين المدرستين ولكنه أثر فيهما تأثيرا بالغا. أما أهل الرأي فحاولوا رد اجتهاد الرأي بكافة أنواعه إلى النصوص أو إلى القياس عليها، وأما أهل الحديث فقد سلَّم أكثرهم بالتعليل والقياس ورفضوا المرسل. ومن لم يرتض منهم بما جاء به الشافعي بشأن التعليل والقياس التحق بأهل الظاهر.
وفي النص التالي من
الأم للشافعي (6/ 216) بيانٌ واضح لما يقصده الشافعي بالاجتهاد:
"(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ... عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر»...
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ومعنى الاجتهاد من الحاكم إنما يكون بعد أن لا يكون فيما يرد القضاء في كتاب ولا سنة ولا أمر مجتمع عليه فأما وشيء من ذلك موجود فلا.
[وفي هذا دلالة على أن الاجتهاد عنده إنما هو فيما وراء النصوص والإجماع]
فإن قيل: فمن أين قلت هذا وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ظاهرُه الاجتهاد؟
[أي أن الاجتهاد في حديث (إذا اجتهد الحاكم...) مطلق غير مقيد بما يكون وراء النص والإجماع].
قيل له: أَقْرَبَ ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل «كيف تقضي؟ قال بكتاب الله عز وجل قال فإن لم يكن؟ قال فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فإن لم يكن قال أجتهد رأيي قال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يحب رسول الله» فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الاجتهاد بعد أن لا يكون كتاب الله ولا سنة رسوله. ولقول الله عز وجل {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول} [المائدة: 92] وما لم أعلم فيه مخالفا من أهل العلم، ثم ذلك موجود في قوله إذا اجتهد لأن الاجتهاد ليس بعين قائمة وإنما هو شيء يحدثه من قبل نفسه فإذا كان هذا هكذا فكتاب الله والسنة والإجماع أولى من رأي نفسه ومن قال الاجتهاد أولى ممن خالف الكتاب والسنة برأيه. ثم هو مثل القِبلة التي من شهد مكة في موضع يمكنه رؤية البيت بالمعاينة لم يجز له غير معاينتها ومن غاب عنها توجه إليها باجتهاده.
فإن قيل: فما الحجة في أنه ليس للحاكم أن يجتهد على غير كتاب ولا سنة وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اجتهد الحاكم " وقال معاذ أجتهد رأيي ورضي بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي ولم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اجتهد على الكتاب والسنة؟ قيل لقول الله عز وجل {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول} [المائدة: 92] فجعل الناس تبعا لهما ثم لم يهملهم ولقول الله عز وجل {اتبع ما أوحي إليك من ربك} [الأنعام: 106] ولقوله {من يطع الرسول فقد أطاع الله} [النساء: 80] ففرض علينا اتباع رسوله فإذا كان الكتاب والسنة هما الأصلان اللذان افترض الله عز وجل لا مخالف فيهما وهما عينان ثم قال " إذا اجتهد " فالاجتهاد ليس بعين قائمة إنما هو شيء يحدثه من نفسه ولم يؤمر باتباع نفسه إنما أمر باتباع غيره فإحداثه على الأصلين اللذين افترض الله عليه أولى به من إحداثه على غير أصل أمر باتباعه وهو رأي نفسه ولم يؤمر باتباعه فإذا كان الأصل أنه لا يجوز له أن يتبع نفسه وعليه أن يتبع غيره والاجتهاد شيء يحدثه من عند نفسه والاستحسان يدخل على قائله كما يدخل على من اجتهد على غير كتاب ولا سنة
".
ومن هذا النقل نستنتج أمورا:
الأول: أن الاجتهاد عند الشافعي إنما كان تفسيرا لما ورد من هذه اللفظة في الأحاديث.
والثاني: أن الشافعي يرى بأن الاجتهاد المذكور في الأحاديث يتقيَّد بأمرين:

أحدهما: أن يكون فيما وراء المنصوص والمجمع عليه.
والآخر: أن يكون عن أصل وعين قائمة من المنصوص والمجمع عليه.
وعلى هذا سوَّى الشافعي بين القياس والاجتهاد بأصرح العبارات بل قال: (هما اسمان لمعنى واحد).
والحاصل من هذا كله:
أن الشافعي، رحمه الله تعالى، يحصر الاجتهاد فيما وراء المنصوص والمجمع عليه بالقياس فقط، والقياس عنده لا بد فيه من أصل خاص وعين قائمة ولا يدخل في ذلك استحسان المصلحة واستحسان العرف والذرائع والاستصلاح، والله أعلم.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: سلسلة الإشكالات الفقهية (10): تفسير الشافعي الاجتهاد بأنه القياس

مع الشكر للأخ الدكتور .... لكن ليس الشافعي من يوصف بأنه أكثر الأئمة تضييقاً لسبل الاجتهاد بالرأي ,,,,,,,, فقد فتح باب التعليل حتى أجازه بالمناسب التبعي وهو الشبهي ,,,,,, وليس اشتراط كون الاجتهاد لابد له من أصل يعني التضييق بل إن الاستحسان والاستصلاح والذرائع لابد لهم من أصل ,,,,,,,,,, وإلا فالاجتهاد بهم باطل .
بورك فيك أيها الأستاذة الفاضلة
إنما عنيتُ بالتضييق مقارنة اجتهاد الرأي في مذهبه بمذاهب الأئمة الأربعة فكلهم يقبل التعليل بالوصف الشبهي كذلك وليس للشافعي تميز عنهم في هذا تضييقا أو توسيعا، مع أن الحنفية والمالكية فيما أحسب أكثر توسعا في الأقيسة من الشافعي سواء أكانت شبها أو معنى.
أما ما تفضَّلت به بقولك ((إن الاستحسان والاستصلاح والذرائع لا بد لهم من أصل))
فهذا صحيح إذا عنينا بالأصل دليل الحجية (أي دليل حجية الدليل الإجمالي نفسه، وهي مجموع ما يستدل به القائلون بالاستحسان والذرائع والاستصلاح من أدلة).
وهو ليس بصحيح إذا عنينا بالأصل أن هناك دليلا خاصا يرجع إليه في كل مسألة بعينها، لأن الاستحسان (وأخصه باستحسان العرف والمصلحة دون ما سواهما) والذرائع والاستصلاح كل ذلك مرسل عن الدليل الخاص في المسألة محل الاحتجاج وإن كان مقيدا في نهاية المطاف بالدليل الإجمالي العام القائم على اعتبار الشارع للمصالح والمفاسد.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: سلسلة الإشكالات الفقهية (10): تفسير الشافعي الاجتهاد بأنه القياس

أعتقد ـ والله أعلم ـ أن عبارة الإمام الشافعي في التسوية بين الاجتهاد والقياس صريحة، وأن ما ذهب إليه ابن أبي هريرة هو الواقع في كلام الشافعي، حيث إنه لا يفرق بين الاجتهاد والقياس وأن الاجتهاد عنده هو القياس للأسباب التي ذكرتها في مقالي. وأن الماوردي والغزالي ـ على جلالة قدريهما ـ إنما يحاكمان الشافعي إلى اصطلاحات عصريهما. والفرق بينهما أن الماوردي لم يجرؤ على تخطئة الشافعي، بل حاول تأويل كلامه، ولكنه تأويل بعيد. أما الغزالي فكانت له الجرأة على تخطئة التسوية بينهما.
ينظر تعقيبي المتواضع على ورقة الدكتور نعمان على هذا الرابط:
http://www.feqhweb.com/vb/t11775
 
إنضم
1 أكتوبر 2011
المشاركات
12
الكنية
ابومالك
التخصص
التفسير والحديث
المدينة
مكة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: سلسلة الإشكالات الفقهية (10): تفسير الشافعي الاجتهاد بأنه القياس

جزاكم الله خيراً والله أثريتم البحث وفتحت أفاقاً رائعة فيه ...

وأنا أميل إلى الاتجاه الذي فيه أن مراد الشافعي بالقياس ما هو أعم من معنى القياس في اصطلاح الأصوليين ... فجميعه يدخل في القياس...

لكن السؤال لماذا عدل الشافعي عن لفظ الاجتهاد مع أنه الذي ورد في الروايات : "اجتهد رأيي و لا آلوا" ؟
 
أعلى