علاء ممدوح على
:: متابع ::
- إنضم
- 16 ديسمبر 2007
- المشاركات
- 64
- التخصص
- الفقه العام
- المدينة
- جيزة
- المذهب الفقهي
- حنبلي
الحمد لله رب العالمين وبه نستعين
والصلاة والسلام على الحبيب محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد,
من مشاكل الفهم التي قد يقع البعض بسببها في الخطأ والجور أحيانا
عدم التفريق بين بعض الأمور والمسائل التى يُتوهم تشابهها
فيحدث اللبس والخلط حينها في الفهم بل في السلوك والعمل أيضا
وقد عقد ابن القيم رحمه فصولاً في الفروق بين بعض المتشابهات
في آخر كتاب الروح وهي وإن كانت في أمور إيمانية
إلا إن الفائدة من ذكرها يمكن تعميمها في مختلف النواحي
ليكون منهج تفكير وأسلوب نظر.. وسأذكر طرفا منها هنا لفائدته المستقلة
ولعله يكون أيضا خطوة نحو تصحيح أسلوبنا في التفكير والحكم على الأمور
فنعرف من خلال هذا المقارنات أنه ليس كل من يظهر في بعض أفعاله اشتراكا
مع غيره يكون بالضرورة في نفس خندقه
فلعله مضطرا يفعل أقل الضررين أو أعلى المصلحتين
أو لعله يكون مـتأولا مجتهدا أصاب أم اخطأ ولعله ولعله..
مما يوجب البحث والتحقق مع حسن الظن بالمسلمين
لاسيما أصحاب السابقة
والان أترككم مع مقتطفات من كلام ابن القيم رحمه الله تعالى
:فصل والفرق بين خشوع الإيمان وخشوع النفاق
أن خشوع الإيمان هو خشوع القلب لله بالتعظيم والإجلال والوقار
والمهابة والحياء فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الوجل والخجل والحب والحياء
وشهود نعم الله وجناياته هو فيخشع القلب لا محالة
فيتبعه خشوع الجوارح وأما خشوع النفاق فيبدو على الجوارح
تصنعا وتكلفا والقلب غير خاشع وكان بعض الصحابة
يقول أعوذ بالله من خشوع النفاق قيل له وما خشوع النفاق
قال أن يرى الجسد خاشعا والقلب غير خاشع
والفرق بين التواضع والمهانة
أن التواضع يتولد من بين العلم بالله سبحانه ومعرفة أسمائه وصفاته ونعوت جلاله
وتعظيمه ومحبته وإجلاله ومن معرفته بنفسه وتفاصيلها
وعيوب عملها وآفاتها فيتولد من بين ذلك كله خلق هو التواضع
وهو انكسار القلب لله وخفض جناح الذل والرحمة بعباده
فلا يرى له على أحد فضلا ولا يرى له عند أحد حقا بل يرى
الفضل للناس عليه والحقوق لهم قبله وهذا خلق إنما يعطيه الله عز و جل
من يحبه ويكرمه ويقربه وأما المهانة فهي الدناءة والخسة
وبذل النفس وابتذالها في نيل حظوظها وشهواتها كتواضع السفل
في نيل شهواتهم وتواضع المفعول به للفاعل وتواضع طالب كل حظ
لمن يرجو نيل حظه منه فهذا كله ضعة لا تواضع
الفرق بين الجود والسرف
أن الجواد حكيم يضع العطاء مواضعه والمسرف
مبذر وقد يصادف عطاؤه موضعه وكثيرا لا يصادفه
وإيضاح ذلك أن الله سبحانه بحكمته جعل في المال حقوقا
وهي نوعان حقوق موظفة وحقوق ثانية فالحقوق الموظفة كالزكاة والنفقات
الواجبة على من تلزمه نفقته والثانية كحق الضيف ومكافأة المهدى
وما وقى به عرضه ونحو ذلك فالجواد يتوخى بماله أداء
هذه الحقوق على وجه الكمال طيبة بذلك نفسه راضية مؤملة للخلف
في الدنيا والثواب في العقبى فهو يخرج ذلك بسماحة قلب وسخاوة نفس وانشراح صدر بخلاف المبذر فإنه يبسط يده في ماله بحكم هواه وشهوته جزافا لا على تقدير ولا مراعاة مصلحة
وإن اتفقت له فالأول بمنزلة من بذر حبة في الأرض تنبت وتوخى ببذره
مواضع المغل والإنبات فهذا لا يعد مبذرا ولا سفيها والثان
ي بمنزلة من بذر حبة في سباخ وعزاز من الأرض وإن اتفق بذره
في محل النبات بذر بذرا متراكما بعضه على بعض فلذلك المكان البذر فيه ضائع معطل
وهذا المكان بذر بذرا متراكما بعضه على بعض فلذلك
يحتاج أن يقلع بعض زرعه ليصلح الباقي ولئلا تضعف الأرض عن تربيته
والفرق بين المهابة والكبر
أن المهابة أثر من آثار امتلاء القلب يعظمه الله ومحبته وإجلاله
فإذا امتلأ القلب بذلك حل فيه النور ونزلت عليه السكينة وألبس رداء الهيبة فأكتسى وجهه الحلاوة والمهابة فأخذ بمجامع القلوب محبة ومهابة فحنت إليه الأفئدة وقرت به العيون
وأنست به القلوب فكلامه نور ومدخله نور ومخرجه نور وعمله نور وإن سكت علاه الوقار وإن تكلم أخذ بالقلوب والأسماع وأما الكبر فأثر من آثار العجب والبغي من قلب قد امتلأ بالجهل
والظلم ترحلت منه العبودية ونزل عليه المقت فنظره إلى الناس شزر ومشيه بينهم تبختر ومعاملته لهم معاملة الاستئثار لا الإيثار ولا الإنصاف ذاهب بنفسه تيها لا يبدأ من لقيه بالسلام
وإن رد عليه رأى أنه قد بالغ في الإنعام عليه لا ينطلق لهم
وجهه ولا يسعهم خلقه ولا يرى لأحد عليه حقا ويرى حقوقه على الناس ولا يرى فضلهم عليه ويرى فضله لا يزداد من الله إلا بعدا ومن الناس إلا صغارا أو بغضا
والفرق بين الصيانة والتكبر
أن الصائن لنفسه بمنزلة رجل قد لبس ثوبا جديدا نقى البياض ذا ثمن
فهو يدخل به على الملوك فمن دونهم فهو يصونه عن الوسخ والغبار
والطبوع وأنواع الآثار إبقاء على بياضه ونقائه فتراه صاحب تعزز وهروب من المواضع التي يخشى منها عليه التلوث فلا يسمح بأثر ولا طبع ولا لوث يعلو ثوبه وإن أصابه شيء من ذلك
على غرة بادر إلى قلعة وإزالته ومحو أثره وهكذا الصائن لقلبه ودينه تراه يجتنب طبوع الذنوب وآثارها فإن لها في القلب
طبوعا وآثارا أعظم من الطبوع الفاحشة في الثوب النقي للبياض
ولكن على العيون غشاوة أن تدرك تلك الطبوع فتراه يهرب من مظان التلوث
ويحترس من الخلق ويتباعد من تخالطهم مخافة أن يحصل لقلبه
ما يحصل للثوب الذي يخالط الدباغين والذباحين والطباخين
ونحوهم يخلاف صاحب العلو فإنه وإن شابه
هذا في تحرزه وتجنبه فهو يقصد أني علو رقابهم ويجعلهم تحت قدمه فهذا لون وذاك لون
والفرق بين الشجاعة والجرأة
أن الشجاعة من القلب وهي ثباته واستقراره عند المخاوف
وهو خلق يتولد من الصبر وحسن الظن فإنه متى ظن الظفر
وساعده الصبر ثبت كما أن الجبن يتولد من سوء الظن وعدم الصبر فلا يظن الظفر ولا يساعده الصبر وأصل الجبن من سوء الظن ووسوسة النفس بالسوء وهو ينشأ من الرئة
فإذا ساء الظن ووسوست النفس بالسوء انتفخت الرئة
فزاحمت القلب في مكانه وضيقت عليه حتى أزعجته عن مستقره فأصابه الزلازل والاضطراب لإزعاج الرئة له وتضييقها عليه ولهذا جاء في حديث عمرو بن العاص
الذي رواه أحمد وغيره عن النبي شر ما في المرء جبن خالع وشح هالع فسمى
الجبن خالعا لأنه يخلع القلب عن مكانه لانتفاخ السحر
وهو الرئة كما قال أبو جهل لعتبة بن ربيعة يوم بدر انتفخ سحرك
فإذا زال القلب عن مكانه ضاع تدبير العقل فظهر الفساد على الجوارح
فوضعت الأمور على غير مواضعها فالشجاعة حرارة القلب وغضبه وقيامه
وانتصابه وثباته فإذا رأته الأعضاء كذلك
أعانته فإنها خدم له وجنود كما أنه إذا ولى ولت سائر جنودهوأما الجرأة
فهي إقدام سببه قلة المبالاة وعدم النظر
في العاقبة بل تقدم النفس في غير موضع الإقدام معرضة
عن ملاحظة العارض فإما عليها وإما لها
الفرق بين الحزم والجبن
فالحازم هو الذي قد جمع عليه همه وإرادته وعقله ووزن الأمور
بعضها ببعض فأعد لكل منها قرنة ولفظة الحزم
تدل على القوة والإجماع ومنه حزمة الحطب فحازم الرأي
هو الذي اجتمعت له شئون رأيه وعرف منها
خير الخيرين وشر الشرين فأحجم في موضع الإحجام رأيا
وعقلا لا جبنا ولا ضعفا العاجز الرأي مضياع لفرصته ... حتى إذا فات أمر عاتب القدرا
الفرق بين الاقتصاد والشح
أن الاقتصاد خلق محمود يتولد من خلقين عدل وحكمة
فبالعدل يعتدل في المنع والبذل وبالحكمة يضع كل واحد منهما موضعه الذي يليق به فيتولد من بينهما الاقتصاد وهو وسط بين طرفين مذمومين كما قال تعالى ولا تجعل يدك مغلولة إلى
عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا وقال تعالى والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما وقال تعالى كلوا واشربوا ولا تسرفوا وأما الشح فهو
خلق ذميم يتولد من سوء الظن وضعف النفس ويمده وعد الشيطان حتى يصير هلعا
والهلع شدة الحرص على الشيء والشره به فتولد عنه المنع لبذله والجزع لفقده
كما قال تعالى إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا
والفرق بين الاحتراز وسوء الظن
أن المحترز بمنزلة رجل قد خرجبماله ومركوبه مسافرا فهو يحترز بجهده
من كل قاطع للطريق وكل مكان يتوقع منه الشر وكذلك يكون مع التأهب والاستعداد وأخذ الأسباب التي بها ينجو من المكروه فالمحترز كالمتسلح المتطوع الذي قد تأهب للقاء عدوه وأعد له عدته فهمه في
تهيئة أسباب النجاة ومحاربة عدوه قد أشغلته عن سوء الظن به وكلما ساء به الظن أخذ في أنواع العدة والتأهب وأما سوء الظن فهو امتلاء قلبه بالظنون السيئة بالناس حتى يطفح على لسانه
وجوارحه فهم معه أبدا في الهمز واللمز والطعن والعيب والبغض ببغضهم ويبغضونه ويلعنهم ويلعنونه ويحذرهم ويحذرون منه فالأول يخالطهم ويحترز منهم والثاني يتجنبهم ويلحقه
أذاهم الأول داخل فيهم بالنصيحة والإحسان مع الاحتراز
والثاني خارج منهم مع الغش والدغل والبغض
والصلاة والسلام على الحبيب محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد,
من مشاكل الفهم التي قد يقع البعض بسببها في الخطأ والجور أحيانا
عدم التفريق بين بعض الأمور والمسائل التى يُتوهم تشابهها
فيحدث اللبس والخلط حينها في الفهم بل في السلوك والعمل أيضا
وقد عقد ابن القيم رحمه فصولاً في الفروق بين بعض المتشابهات
في آخر كتاب الروح وهي وإن كانت في أمور إيمانية
إلا إن الفائدة من ذكرها يمكن تعميمها في مختلف النواحي
ليكون منهج تفكير وأسلوب نظر.. وسأذكر طرفا منها هنا لفائدته المستقلة
ولعله يكون أيضا خطوة نحو تصحيح أسلوبنا في التفكير والحكم على الأمور
فنعرف من خلال هذا المقارنات أنه ليس كل من يظهر في بعض أفعاله اشتراكا
مع غيره يكون بالضرورة في نفس خندقه
فلعله مضطرا يفعل أقل الضررين أو أعلى المصلحتين
أو لعله يكون مـتأولا مجتهدا أصاب أم اخطأ ولعله ولعله..
مما يوجب البحث والتحقق مع حسن الظن بالمسلمين
لاسيما أصحاب السابقة
والان أترككم مع مقتطفات من كلام ابن القيم رحمه الله تعالى
:فصل والفرق بين خشوع الإيمان وخشوع النفاق
أن خشوع الإيمان هو خشوع القلب لله بالتعظيم والإجلال والوقار
والمهابة والحياء فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الوجل والخجل والحب والحياء
وشهود نعم الله وجناياته هو فيخشع القلب لا محالة
فيتبعه خشوع الجوارح وأما خشوع النفاق فيبدو على الجوارح
تصنعا وتكلفا والقلب غير خاشع وكان بعض الصحابة
يقول أعوذ بالله من خشوع النفاق قيل له وما خشوع النفاق
قال أن يرى الجسد خاشعا والقلب غير خاشع
والفرق بين التواضع والمهانة
أن التواضع يتولد من بين العلم بالله سبحانه ومعرفة أسمائه وصفاته ونعوت جلاله
وتعظيمه ومحبته وإجلاله ومن معرفته بنفسه وتفاصيلها
وعيوب عملها وآفاتها فيتولد من بين ذلك كله خلق هو التواضع
وهو انكسار القلب لله وخفض جناح الذل والرحمة بعباده
فلا يرى له على أحد فضلا ولا يرى له عند أحد حقا بل يرى
الفضل للناس عليه والحقوق لهم قبله وهذا خلق إنما يعطيه الله عز و جل
من يحبه ويكرمه ويقربه وأما المهانة فهي الدناءة والخسة
وبذل النفس وابتذالها في نيل حظوظها وشهواتها كتواضع السفل
في نيل شهواتهم وتواضع المفعول به للفاعل وتواضع طالب كل حظ
لمن يرجو نيل حظه منه فهذا كله ضعة لا تواضع
الفرق بين الجود والسرف
أن الجواد حكيم يضع العطاء مواضعه والمسرف
مبذر وقد يصادف عطاؤه موضعه وكثيرا لا يصادفه
وإيضاح ذلك أن الله سبحانه بحكمته جعل في المال حقوقا
وهي نوعان حقوق موظفة وحقوق ثانية فالحقوق الموظفة كالزكاة والنفقات
الواجبة على من تلزمه نفقته والثانية كحق الضيف ومكافأة المهدى
وما وقى به عرضه ونحو ذلك فالجواد يتوخى بماله أداء
هذه الحقوق على وجه الكمال طيبة بذلك نفسه راضية مؤملة للخلف
في الدنيا والثواب في العقبى فهو يخرج ذلك بسماحة قلب وسخاوة نفس وانشراح صدر بخلاف المبذر فإنه يبسط يده في ماله بحكم هواه وشهوته جزافا لا على تقدير ولا مراعاة مصلحة
وإن اتفقت له فالأول بمنزلة من بذر حبة في الأرض تنبت وتوخى ببذره
مواضع المغل والإنبات فهذا لا يعد مبذرا ولا سفيها والثان
ي بمنزلة من بذر حبة في سباخ وعزاز من الأرض وإن اتفق بذره
في محل النبات بذر بذرا متراكما بعضه على بعض فلذلك المكان البذر فيه ضائع معطل
وهذا المكان بذر بذرا متراكما بعضه على بعض فلذلك
يحتاج أن يقلع بعض زرعه ليصلح الباقي ولئلا تضعف الأرض عن تربيته
والفرق بين المهابة والكبر
أن المهابة أثر من آثار امتلاء القلب يعظمه الله ومحبته وإجلاله
فإذا امتلأ القلب بذلك حل فيه النور ونزلت عليه السكينة وألبس رداء الهيبة فأكتسى وجهه الحلاوة والمهابة فأخذ بمجامع القلوب محبة ومهابة فحنت إليه الأفئدة وقرت به العيون
وأنست به القلوب فكلامه نور ومدخله نور ومخرجه نور وعمله نور وإن سكت علاه الوقار وإن تكلم أخذ بالقلوب والأسماع وأما الكبر فأثر من آثار العجب والبغي من قلب قد امتلأ بالجهل
والظلم ترحلت منه العبودية ونزل عليه المقت فنظره إلى الناس شزر ومشيه بينهم تبختر ومعاملته لهم معاملة الاستئثار لا الإيثار ولا الإنصاف ذاهب بنفسه تيها لا يبدأ من لقيه بالسلام
وإن رد عليه رأى أنه قد بالغ في الإنعام عليه لا ينطلق لهم
وجهه ولا يسعهم خلقه ولا يرى لأحد عليه حقا ويرى حقوقه على الناس ولا يرى فضلهم عليه ويرى فضله لا يزداد من الله إلا بعدا ومن الناس إلا صغارا أو بغضا
والفرق بين الصيانة والتكبر
أن الصائن لنفسه بمنزلة رجل قد لبس ثوبا جديدا نقى البياض ذا ثمن
فهو يدخل به على الملوك فمن دونهم فهو يصونه عن الوسخ والغبار
والطبوع وأنواع الآثار إبقاء على بياضه ونقائه فتراه صاحب تعزز وهروب من المواضع التي يخشى منها عليه التلوث فلا يسمح بأثر ولا طبع ولا لوث يعلو ثوبه وإن أصابه شيء من ذلك
على غرة بادر إلى قلعة وإزالته ومحو أثره وهكذا الصائن لقلبه ودينه تراه يجتنب طبوع الذنوب وآثارها فإن لها في القلب
طبوعا وآثارا أعظم من الطبوع الفاحشة في الثوب النقي للبياض
ولكن على العيون غشاوة أن تدرك تلك الطبوع فتراه يهرب من مظان التلوث
ويحترس من الخلق ويتباعد من تخالطهم مخافة أن يحصل لقلبه
ما يحصل للثوب الذي يخالط الدباغين والذباحين والطباخين
ونحوهم يخلاف صاحب العلو فإنه وإن شابه
هذا في تحرزه وتجنبه فهو يقصد أني علو رقابهم ويجعلهم تحت قدمه فهذا لون وذاك لون
والفرق بين الشجاعة والجرأة
أن الشجاعة من القلب وهي ثباته واستقراره عند المخاوف
وهو خلق يتولد من الصبر وحسن الظن فإنه متى ظن الظفر
وساعده الصبر ثبت كما أن الجبن يتولد من سوء الظن وعدم الصبر فلا يظن الظفر ولا يساعده الصبر وأصل الجبن من سوء الظن ووسوسة النفس بالسوء وهو ينشأ من الرئة
فإذا ساء الظن ووسوست النفس بالسوء انتفخت الرئة
فزاحمت القلب في مكانه وضيقت عليه حتى أزعجته عن مستقره فأصابه الزلازل والاضطراب لإزعاج الرئة له وتضييقها عليه ولهذا جاء في حديث عمرو بن العاص
الذي رواه أحمد وغيره عن النبي شر ما في المرء جبن خالع وشح هالع فسمى
الجبن خالعا لأنه يخلع القلب عن مكانه لانتفاخ السحر
وهو الرئة كما قال أبو جهل لعتبة بن ربيعة يوم بدر انتفخ سحرك
فإذا زال القلب عن مكانه ضاع تدبير العقل فظهر الفساد على الجوارح
فوضعت الأمور على غير مواضعها فالشجاعة حرارة القلب وغضبه وقيامه
وانتصابه وثباته فإذا رأته الأعضاء كذلك
أعانته فإنها خدم له وجنود كما أنه إذا ولى ولت سائر جنودهوأما الجرأة
فهي إقدام سببه قلة المبالاة وعدم النظر
في العاقبة بل تقدم النفس في غير موضع الإقدام معرضة
عن ملاحظة العارض فإما عليها وإما لها
الفرق بين الحزم والجبن
فالحازم هو الذي قد جمع عليه همه وإرادته وعقله ووزن الأمور
بعضها ببعض فأعد لكل منها قرنة ولفظة الحزم
تدل على القوة والإجماع ومنه حزمة الحطب فحازم الرأي
هو الذي اجتمعت له شئون رأيه وعرف منها
خير الخيرين وشر الشرين فأحجم في موضع الإحجام رأيا
وعقلا لا جبنا ولا ضعفا العاجز الرأي مضياع لفرصته ... حتى إذا فات أمر عاتب القدرا
الفرق بين الاقتصاد والشح
أن الاقتصاد خلق محمود يتولد من خلقين عدل وحكمة
فبالعدل يعتدل في المنع والبذل وبالحكمة يضع كل واحد منهما موضعه الذي يليق به فيتولد من بينهما الاقتصاد وهو وسط بين طرفين مذمومين كما قال تعالى ولا تجعل يدك مغلولة إلى
عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا وقال تعالى والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما وقال تعالى كلوا واشربوا ولا تسرفوا وأما الشح فهو
خلق ذميم يتولد من سوء الظن وضعف النفس ويمده وعد الشيطان حتى يصير هلعا
والهلع شدة الحرص على الشيء والشره به فتولد عنه المنع لبذله والجزع لفقده
كما قال تعالى إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا
والفرق بين الاحتراز وسوء الظن
أن المحترز بمنزلة رجل قد خرجبماله ومركوبه مسافرا فهو يحترز بجهده
من كل قاطع للطريق وكل مكان يتوقع منه الشر وكذلك يكون مع التأهب والاستعداد وأخذ الأسباب التي بها ينجو من المكروه فالمحترز كالمتسلح المتطوع الذي قد تأهب للقاء عدوه وأعد له عدته فهمه في
تهيئة أسباب النجاة ومحاربة عدوه قد أشغلته عن سوء الظن به وكلما ساء به الظن أخذ في أنواع العدة والتأهب وأما سوء الظن فهو امتلاء قلبه بالظنون السيئة بالناس حتى يطفح على لسانه
وجوارحه فهم معه أبدا في الهمز واللمز والطعن والعيب والبغض ببغضهم ويبغضونه ويلعنهم ويلعنونه ويحذرهم ويحذرون منه فالأول يخالطهم ويحترز منهم والثاني يتجنبهم ويلحقه
أذاهم الأول داخل فيهم بالنصيحة والإحسان مع الاحتراز
والثاني خارج منهم مع الغش والدغل والبغض