العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

أخطاء الدكتور النملة العقدية التي مزجت بالأصول الفقهية في كتبه

إنضم
27 مارس 2008
المشاركات
365
التخصص
أصول الفقه
المدينة
قسنطينة
المذهب الفقهي
حنبلي
الكاتب
محمد بن أحمد الفيفي
الأخطاء العقدية في كتب الدكتور
عبد الكريم النملة
.

الشيخ أ.د.عبدالكريم بن علي النملة
أستاذ في قسم أصول الفقه – كلية الشريعة بالرياض – جامعة الإمام
الرجل معروف بالنشاط والجلد في البحث ، وله إنتاج كثير في مجال تخصصه .
وفقه الله وجميع إخواننا طلبة العلم .


الجزء الاول:


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله ، عز جاهه ، وتعالى سلطانه ، أحمده سبحانه وهو للحمد أهل ، هو أهل الثناء وأهل المغفرة ، وأثني عليه الخير كله ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد .
فإن سلامة المعتقد من النعم العظيمة ، التي أنعم الله بها علينا ، وإن من واجب هذه النعمة = تنبيه من وقع في خطأ في شيء منها .
وإنه من خلال قرائتي لبعض ما كتب الدكتور عبد الكريم النملة وجدت أن الرجل غير محقق لمذهب السلف في الاعتقاد ، مُعظِّمٌ لطريقة الأصوليين ، وهو في غالب كتاباته موضح لكلامهم ، فلا يظهر فيها طول النفس في التحرير والتدقيق ، ولهذا تجد سرعة عجيبة في ترجيحه ، بطريقة غريبة ، قاصراً نظره فيما يذكره أهل الأصول من المتكلمين ، وإذا أردت صدق ما أقول ، فنظرة عابرة لمبحث السنة = تجد كلامه يدل أن الرجل لم يقرأ كتابا في المصطلح ، فضلا أن يُرجَع إليه في بحث أصولي ، وهذا من العجائب بحق !!


ولو كان الأمر انتهى لهذا الحد ، لكان الأمر هينا ً ، وما هو- ورب الكعبة – بهين ، لكن الأمر تطاول إلى عقيدة السلف الصالح ، ثم لما كان الدكتور أعطي من تسهيل للعبارة وسهولتها ما جعل كتبه ملاذاً لكثير ممن يُدّرِّس مادة أصول الفقه في الجامعات – ممن لا يحسن هذا الفن - فاعتمدوه في التحضير لشروحهم ، وبعضهم صار يقرره , فوقفت فيها على ما قفَّ له شَعْرِي ، واقشعر له بدني ، مما جعلني أتأكد أنه غير مميز لمذهب السلف من غيره ، والسبب فيها والله أعلم أنه اعتمد في تلقيه العلم على الطريقة الأكاديمية في الجامعة ، ولم يُعرف بثني الركب على أهل العلم ، ولعل عهده بكتب العقيدة أيام دراسته الجامعية !!


وإني والله حين أكتب هذه الأسطر إنما أريد تنهبيه إخواني مما يجدونه في كتبه، وأن لا يتعمدوا على ترجيحه، وليس قصدي التشفي منه أو التنقص له، وأسأل الله أن يصل هذا الكلام له ، فينتفع به !!


وحتى لا تطول المقدمة أذكر بعض ما وقت عليه من المسائل .


1- حين تقرأ في كتب الدكتور النملة تلاحظ خلو عامة كتبه من ذكرٍ للأشاعرة ، وكأنها فرقة لم تكن !! ، بينما تجد ردوده على المعتزلة واستدلالاتهم كثيراً ، وهذا من العجب العجاب ، بل أعجب منه أنه يرد علي المعتزلة بأقوال الأشاعرة !!


وإليكم المثال :
لما ذكر مسألة حكم الأشياء قبل ورود الشرع في تحقيقه لروضة الناظر (197: 1 ) ، قال : هذه المسألة متفرعة عن قاعدة المعتزلة المشهورة ( التحسين والتقبيح العقليين ) ، حيث إنه لما أبطل الجمهور قاعدة المعتزلة تلك : لزم من إبطالها : إبطال حكم الأفعال قبل ورود السمع والشرع ، فالجمهور (؟؟) يبحثون هذه المسألة على سبيل التسليم الجدلي بما قاله المعتزلة ، لذلك يسمونها مع مسألة ( شكر المنعم عقلاً ) بمسائل التّنَزل .اهـ
لاحظ أنه أدخل الأشاعرة في الجمهور ، ولم يميز بينهم وبين مذهب اهل السنة والجماعة !!


ثم لما ذكر ابن قدامة القول الثالث في مسألة " حكم الأشياء قبل ورود الشرع " ، وهو القول بالتوقف علق بقوله (1:200 ) الحاشية رقم (3 ) بعد أن ذكر أن الغزالي ذهب إلى الوقف ، وكذلك ( الإمام ) الرازي ، والآمدي قال : وبعض الحنفية وأهل السنة والجماعة وكثير من أهل العلم " .


وانظر رعاك الله كيف نسب القول بالوقف لأهل السنة ، ولم يذكر في إحالاته إلا كتب الأصول الأشعرية ، ولم يذكر ما انبنى عليه قول الأشاعرة فضلا أن ينكره ، بل يقرر في كتبه أن التحسين والتقبيح بالشرع .


وهذه المسألة ، وهي «حكم الأشياء قبل ورود الشرع » مبنية على مسألة " التحسين والتقبيح " ، ولما كان الأشاعرة يرون أن التحسين والتقبيح بالشرع فقط = كان قياس قولهم أنه يتوقف في حكم الأشياء قبل ورود الشرع ، ولما رجح ابن النجار الفتوحي في شرح الكوكب المنير أن حكمها الإباحة مع أنه قرر سابقاً طريقة الأشاعرة في التحسين والتقبيح = أورد على نفسه إيراداً ، فقال :


« إذا تقرر هذا : فقد نقل عن بعض العلماء أنه قال : من لم يوافق المعتزلة في التحسين والتقبيح العقليين , وقال بالإباحة أو الحظر : فقد ناقض . فاحتاج من قال بأحد القولين إلى استناد إلى سبب غير ما استندت إليه المعتزلة , وهو ما أشير إليه بقوله ( بإلهام ) قال الحلواني وغيره : عرفنا الحظر والإباحة بالإلهام , كما ألهم أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما أشياء ورد الشرع بموافقتهما ( وهو ما يحرك القلب بعلم يطمئن ) القلب ( به ) أي بذلك العلم حتى ( يدعو إلى العمل به ) أي بالعلم الذي اطمأن به ( وهو ) أي الإلهام ( في قول : طريق شرعي ) حكى القاضي أبو يعلى في الإلهام : هل هو طريق شرعي ؟ على قولين . وحكي في جمع الجوامع : أن بعض الصوفية قال به . وقال ابن السمعاني نقلا عن أبي زيد الدبوسي وحده أبو زيد بأنه ما حرك القلب بعلم يدعوك إلى العمل به من غير استدلال ولا نظر في حجة . وقال بعض الحنفية : هو حجة بمنزلة الوحي المسموع من رسول الله صلى الله عليه وسلم . واحتج له بقوله تعالى (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ) أي عرفها بالإيقاع في القلب , وبقوله تعالى (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) وبقوله صلى الله عليه وسلم (الإثم ما حاك في الصدر , وإن أفتاك الناس وأفتوك ( فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة قلبه بلا حجة أولى من الفتوى . والقول الثاني : أنه خيال لا يجوز العمل به إلا عند فقد الحجج كلها , ولا حجة في شيء مما تقدم ; لأنه ليس المراد الإيقاع في القلب بلا دليل , بل الهداية إلى الحق بالدليل , كما قال علي رضي الله تعالى عنه : إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في كتابه . » انتهى كلامه .


2- وانظر إلى بحثه لمسألة " تكليف ما لا يطاق شرعاً " فلا ينكر إلا أقوال المعتزلة فقط !!


3- وفي كتاب المهذب لما تكلم عن عصمة الأنبياء ، عرف العصمة بقوله :
( هي سلب قدرة المكلف عن المعصية ) ، وهذا تعريف أشعري جبري ، ولكن الشيخ لا يميز حقيقة الفرق بين المذهبين.


وقبل أن يرفع القلم أُشهِد الله أني ما أردت إلا النصح للمسلمين ، وبيان ما يمكن أن يلتبس عليهم ، ولا أزعم أن الدكتور عبد الكريم النملة أشعري ، لا ، بل هو غير مميز لحقيقة الفرق بين أهل السنة والجماعة والاشاعرة ، ولهذا فهو يتابع الأصوليين فيها ، وإلا فهو في الأصول الكبار لأهل السنة كالقول في صفات الرب وأسمائه ، والقول في مسمى الإيمان موافق لأهل الحق والحديث.


الجزء الثاني:


• مسألة التحسين والتقبيح:


عند النظر في كتب الدكتور وجدتُ أنه يقرر هذه المسألة في عامة كتبه على طريقة الأشاعرة، وقد ذكرت في الجزء الأول أنه لم يُمَيَّز مذهب أهل السنة عن مذهب الأشاعرة عند رده على المعتزلة، ثم وجدته يقرر قول الأشاعرة، وينسبه لأهل السنة والجماعة، ومن ذلك ما ذكره في إتحاف ذوي البصائر (1/394)، حيث قال:
« ...لم قلتم - أيها المعترضون وهم المعتزلة-: أن للأفعال صفات في ذاتها لأجل هذه الصفات يُوجبُ الله تعالى الأفعال؟
هذا مخالف لما نحنُ عليه - وهو مذهب أهل السنة والجماعة- لأن مذهبنا: أن حسن الأفعال وقبحها مستفاد من أمر الشرع ونهيه، لا من ذواتها، ولا من صفات قامت بها، بل الحسن والقبح من الشرع، فللشرع فعل ما شاء من تعيين الواجب والنخيير فيه ». انتهى كلامه بنصه!!
ولتوضيح الخطأ وأنه قول الأشاعرة أقول:
إن الحسن والقبح كما أنه يدرك بالشرع فإنه يدرك بالعقل، وهذا ما عليه أهل السنة والحديث، خلافاً للأشاعرة الذين لم يثبتوا في حقيقة الأمر حسناً أو قبحاً؛ لأن محصل قولهم كما نصوا عليه، أن الحسن والقبح هو عين الأمر والنهي، ولهذا لا ينقضي عجب المرء عندما يقف عند قول الدكتور: « مذهبنا: أن حسن الأفعال وقبحها مستفاد من أمر الشرع ونهيه، لا من ذواتها، ولا من صفات قامت بها»، فهل هو مدرك لحقيقة قوله!!
وللتوسع في هذه المسألة انظر: كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (8/431-436) فهو مهم جداً، وانظر: القضاء والقدر للمحمود ص248-257، المسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين للعروسي ص74-83.


ولما لم يتبين للدكتور الفرق بين قول أهل السنة وقول الأشاعرة = نسب القول بأن الوقف في حكم الأشياء قبل ورود الشرع لأكثر أهل السنة، وقد بينت في الجزء الأول بيان وجه الربط بين المسألتين.


ولهذا أيضا أقر ابن قدامة لما ذكر أن القول اللائق بالمذهب هو التوقف، ولم يعترض عليه!!.


وللتوسع في هذه المسألة انظر: كتاب العروسي فقد تكلم عليها بكلام وافٍ.


• ومن الأخطاء في كتب الدكتور:


ما ذكره في تفسير اسم الله العلي حيث قال: ( والعلي فعيل من العلو والعلاء، والعلاء الرفعة والسناء والجلال، تقول العرب: «فلان ذو علاء» إذا كان جليلاً عظيم الشأن والقدر، قال الحارث بن حلزة:
أو منعتم ما تسألون فمن حد ### ثتموه له علينا العلا.
وقال الخليل بن أحمد: « الله عز وجل هو العلي الأعلى المتعالي ذو العلاء والعلو » فالله هو العالي عن كل شيء بقدرته)انتهى كلامه.
هكذا عبارة الدكتور!!وهو تأويل لصفة العلو، وأنه علو قدرة!!
وقد نقلت الأقواس كما هي في كتاب الشيخ من باب الأمانة العلمية؛ حتى يتبين أن التأويل من مقوله لا من منقوله، فأين هذا من قول أهل السنة؟؟!
ولو كان من منقوله جدلاً، فأين الرد عليها، أو هو مقرٌ لها؟!


• ومن أخطاء الشيخ أيضاً:


كلامه في مسألة تكليف ما لا يطاق، ووجه خطأ الشيخ في هذه المسألة من أوجه:


أولا: أنه جعل مناط الخلاف في المحال لذاته، كالجمع بين الضدين، وهذا خطأ في تصور المسألة، بدليل أن ابن قدامة ذكر من أدلة القائلين بالجوازالوقوع؛ بدليل أن الله علم أن أبا جهل لا يؤمن وقد أمره بالإيمان ثم لم يتعقب هذا!!


وهذا الذي اعتمده الرازي في المحصول في أول المسألة (1/215) وما بعدها.


وذلك لأن هذه المسألة من تعلقات مسألة القدر، فمن قال بالجبر قال إن الله كلف العباد ما لا يطيقون، ومن قال بنفي القدر من المعتزلة، وغيرهم قال: إنه لا يمكن؛ بدليل التمثيل المذكور.


ثم عقب الدكتور بقوله في إتحاف ذوي البصائر(2/168):


« تنبيه: ليس تمثيل ابن قدامة بأبي جهل لخصوصه، بل يجوز أن يمثل للمسألة بكل كافر كان في عهده صلى الله عليه وسلم ومات على كفره، ذلك تجد بعض الأصوليين يذكر أبا جهل، وبعضهم يذك أبا لهب، حيث قال بعضهم... إن أبا لهب قد كلفه الله عز وجل بالإيمان بجملة الشريعة، ومن جملتها أنه لا يؤمن؛ لأنه حكم عليه بتب اليدين، وصلي النار في قوله: ( تبت يدا أبي لهب وتب)... وذلك مؤذن أنه لايؤمن. وبعض الأصوليين يمثل بالكافر مطلقاً ومات على كفره» انتهى كلامه.


وإذا لاحظت المقدمة التي قدم بها، وهي ان المراد بالمحال هنا: المحال لذاته، فلا تستغرب أن يقول في الإتحاف(2/176): « لعلك لا حظت من خلال تدبرك لأدلة القائلين بأنه لا يجوز تكليف ما لا يطاق من أهل السنة والجماعة والأشاعرة: أن ليس مأخذهم هو أنه قبيح عقلاً كما صار إليه المعتزلة لما منعوا من جواز تكليف ما لا يطاق، بل مأخذ غير المعتزلة أن الفعل والترك لا يصحان من العاجز عن أن يوقعهما ».
فكيف يسوى بين مذهب أهل السنة وبين مذهب الأشاعرة في هذه المسألة!! مع اختلاف القول فيها بين أهل السنة والجماعة، في الأصل والنتيجة.
انظر في هذه المسالة: مجموع الفتاوى (3/318) وما بعدها، والمسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين ص132-146.




• من الأخطاء في كتب الدكتور:


ما ذكره في مسألة الإرداة هل تستلزم الأمر؟ انظر مثلاً كلامه في المهذب (3/1313).
وهذه من المسائل المنبية على علم الكلام، والخلاف فيها راجع إلى أن عامة المخالفين لأهل السنة والحديث = جعلوا الإرادة واحدة، والأشاعرة جعلوها ترجع إلى الإرادة الكونية، فقالوا: إن الله يأمر بما لا يريد، إي: كوناً، وهذا راجع إلى قولهم في الجبر، والمعتزلة جعلوه راجعاً إلى الشرع، لقولهم في أفعال العباد، فقالوا: لا يأمر الله إلا بما يريد، فإذا علمت هذا فاعلم أن الدكتور رجح القول بأن الأمر لا يستلزم الإرادة، كما في غير كتاب من كتبه، وهذا بسبب عدم معرفته بأصل المسألة!!
وأما أهل السنة والحديث، فقالوا: إن الإرادة منقسمة إلى إرداة شرعية وكونية، وكما أن الأمر منقسم إلى كوني وشرعي، فالأمر الكوني يستلزم الإرادة الكونية، والأمر الشرعي يستلزم الإرادة الشرعية.
انظر في هذه المسألة: المسائل المشتركة للعروسي ص118، وما بعدها، القضاء والقدر للمحمود ص291 وما بعدها.


• وكذلك من الأخطاء أيضاً:


ما ذكره في المهذب (3/1421): هل يجوز الأمر من الله تعالى بما يعلم أن المكلف لا يتمكن من فعله؟ وهذه المسألة فرع عن المسألة قبلها، وهو راجع إلى القول بالقدر، لكن الدكتور ذكر مثالاً، وهو: إذا أمر الله تعالى عبده بالحج هذا العام، وهو يعلم أن هذا المأمور يموت في شوال - أي قبل الحج - فهل يجوز ذلك؟
قال الدكتور: « القول الأول: أنه يجوز الأمر من الله تعالى بما يعلم أن المكلف لا يتمكن من فعل المأمور به. وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق... والقول الثاني: لا يجوز الأمر من الله تعالى بما يعلم أن المكلف لا يتمكن من فعل المأمور به، وهو مذهب المعتزلة ».


• وكذلك من الأخطاء أيضاً:


ما قرره الشيخ في جميع كتبه أن المتشابه هي آيات الصفات، ولو تأمل الشيخ لعلم أن مآل قوله هذا التفويض، وقد أطال شيخ الإسلام ابن تيمية الرد على هذا القول، ومن ذلك ما ذكره في الفتاوى (13/294): « وأما إدخال أسماء الله وصفاته أو بعض ذلك في المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، أو اعتقاد أن ذلك هو المتشابه الذي استأثر الله بعلم تأويله؛ كما يقول كل واحد من القولين طوائف من أصحابنا وغيرهم، فإنهم وإن أصابوا في كثير مما يقولونه ونجوا من بدع وقع فيها غيرهم، فالكلام على هذا من وجهين :
الأول : من قال: إن هذا من المتشابه وأنه لا يفهم معناه، فنقول أما الدليل على [ بطلان ] ذلك؛ فإني ما أعلم عن أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة، لا أحمد بن حنبل ولا غيره = أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية، ونفى أن يعلم أحد معناه، وجعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم ولا قالوا : إن الله ينزل كلاما لا يفهم أحد معناه وإنما قالوا كلمات لها معان صحيحة، قالوا في أحاديث الصفات : تمر كما جاءت . ونهوا عن تأويلات الجهمية وردوها وأبطلوها التي مضمونها تعطيل النصوص عما دلت عليه .
ونصوص أحمد والأئمة قبله = بينةٌ في أنهم كانوا يبطلون تأويلات الجهمية ويقرون النصوص على ما دلت عليه من معناها ويفهمون منها بعض ما دلت عليه كما يفهمون ذلك في سائر نصوص الوعد والوعيد والفضائل وغير ذلك .
وأحمد قد قال في غير أحاديث الصفات: تمر كما جاءت، وفي أحاديث الوعيد مثل قوله: (من غشنا فليس منا) وأحاديث الفضائل، ومقصوده بذلك أن الحديث لا يحرف كلمه عن مواضعه، كما يفعله من يحرفه، ويسمى تحريفه تأويلا بالعرف المتأخر ».
وله رحمه الله كلام نفيس انظره في الفتاوى: (17/402).


• وأيضا من الأخطاء:


أنه لما قرر أن آيات الصفات من المتشابه، لم يعلل ذلك بأنه وقع فيه اشتباه لطوائف من هذه الأمة مثلاً، بل بناه على أن الدليل على ذلك أنه لا يجوز الخوض في تأويلها أو تفسيرها، وما أشبه هذا الكلام بكلام المفوضة، ولا أدري من أي موضع نقله!! قال الدكتور:« المذهب الأول: أن المتشابه هو ما ورد من صفات الله تعالى في القرآن مما يجب الإيمان به، ويحرم التعرض لتأويله وتفسيره، والتصديق بأنه لا يعلم تأويله إلا الله تعالى، كوصفه سبحانه بالاستواء الوارد في قوله تعالى: ( الرحمن على العرش استوى) واليدين الوارد في قوله : ( لما خلقت بيدي ) والعين الوارد في قوله: ( تجري بأعيننا ) والوجه الوارد في قوله: ( ويبقى وجه ربك ) وغير ذلك من الصفات التي اتفق السلف على إقرارها، وإمرارها على ما عليه، وترك تأويلها...»- ثم ذكر مقولة مالك رحمه الله -
ثم قال:« وأما المحكم فهو ما أمكن معرفة المراد بظاهره، أو بدلالة تكشف عنه، أو بأي طريق من طرق المعرفة.
ذهب إلى ذلك كثير من العلماء، وهو الصحيح عندي، لقوله تعالى: ( هو الذي أنزل عليك .. » ثم ذكر الآية، ثم قال: « وجه الدلالة: ان الله ذم المبتغين لتأويل المتشابه، ووصفهم بأنهم يبتغون الفتنة، وسماهم أهل الزيغ، ولا يُذم إلا لعى تأويل الصفات كما أجمع على ذلك السلف رحمهم الله، فلوكان المقصود بالمتشابه غير ذلك لما ذم الله المبتغين لتأويله».


• ومما ذكرته في الجزء الأول، واجملت القول فيه ما عرف العصمة فيه بقوله: هي سلب قدرة العبد عن المعصية، فهذا التعريف ذكره في المهذب(2/640)، حيث قال:
« والعصمة لغة: المنع والحفظ والوقاية، يقال: هذا طعام يعصم، أي يمنع من الجوع.
والعصمة في الإصطلاح: سلب قدرة المعصوم على المعصية، فلا يمكنه فعلها؛ لأن الله سلب قدرته عليها »انتهى كلامه.
وهذا التعريف هو عين تعريف الأشاعرة الجبرية القائلين بالجبر، وهو تعريف أبي الحسن الأشعري كما ذكره عنه الشهرستاني في الملل والنحل(1/102).
ولزيادة بحث هذه المسألة انظر: المسائل المشتركة ص257، وما بعدها.


• وأيضا فمن الأخطاء :


ما ذكر ابن قدامة وتابعه النملة عليه بأن السبب يحصل عنده الحكم، لا به، ونفي السببية مشهور أنه مذهب الأشاعرة!!
وانظر : المسائل المشتركة ص276.
 
إنضم
28 فبراير 2012
المشاركات
9
الكنية
كلية الشريعة
التخصص
اصول الفقه
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: أخطاء الدكتور النملة العقدية التي مزجت بالأصول الفقهية في كتبه

أخي الحبيب صاحب المقال لن اقول كما قال اخواني السابقين ان الدكتور ربما سها او انه غير محقق او غير ذلك وإنما سأناقشك فيما طرحته
فكثير من المسائل التي ذكرتها في نقدك الخلاف فيها في ظاهره خلاف لفظي بين اهل السنة والجماعة والاشاعرة فلربما لم يفرق الدكتور الفاضل لهذا السبب وسأوضح لك فقد ذكرت في نقدك
[وإليكم المثال :
لما ذكر مسألة حكم الأشياء قبل ورود الشرع في تحقيقه لروضة الناظر (197: 1 ) ، قال : هذه المسألة متفرعة عن قاعدة المعتزلة المشهورة ( التحسين والتقبيح العقليين ) ، حيث إنه لما أبطل الجمهور قاعدة المعتزلة تلك : لزم من إبطالها : إبطال حكم الأفعال قبل ورود السمع والشرع ، فالجمهور (؟؟) يبحثون هذه المسألة على سبيل التسليم الجدلي بما قاله المعتزلة ، لذلك يسمونها مع مسألة ( شكر المنعم عقلاً ) بمسائل التّنَزل .اهـ )
لاحظ أنه أدخل الأشاعرة في الجمهور ، ولم يميز بينهم وبين مذهب اهل السنة والجماعة !!
فلا خلاف بان اهل السنة والجماعة يقولون انه لا توجد افعال قبل ورود الشرع لان الله منذ خلق ادم أمره ونهاه والاشاعرة كذلك يقولون ان تصور هذه المسألة تصور جدلي غير حقيقي وظاهر القولين نتيجته واحدة أما إنكارك أنه أدخل الأشاعرة في الجمهور ولم يميز بينهم إنكار في غير محله لأن وكلنا يعلم بلا كبر أن كل من كتب في أصول الفقه عيال على الأشاعرة وأن الأشاعره هم جمهور العلماء ولكن الامر عندنا أهل السنة والجماعة ليس بالكم وإنما بالقول الموافق للكتاب والسنة المستند إلى الدليل نعم نختلف معهم في كثير مما ذهبوا إلية في باب العقيدة خاصة في باب الأسماء والصفات ولكن لا ننكر فضلهم ولا نخرجهم من حظيرة الجمهور بحال من الأحوال
أما في مسألة التحسين والتقبيح العقلي عند المعتزلة فقد ذكرها وذكر أقوال الأشاعرة ثم أبطلها جميعها فأنت نقلت عنه هذه العبارات

( ولا حجة في شيء مما تقدم ; لأنه ليس المراد الإيقاع في القلب بلا دليل , بل الهداية إلى الحق بالدليل , كما قال علي رضي الله تعالى عنه : إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في كتابه .)
أما مسألة الحسن والقبح قد نقلت قول الدكتور

( لأن مذهبنا: أن حسن الأفعال وقبحها مستفاد من أمر الشرع ونهيه، لا من ذواتها، ولا من صفات قامت بها، بل الحسن والقبح من الشرع، فللشرع فعل ما شاء من تعيين الواجب والنخيير فيه )
ثم صححت قول الدكتور بقولك ( إن الحسن والقبح كما أنه يدرك بالشرع فإنه يدرك بالعقل، وهذا ما عليه أهل السنة والحديث، خلافاً للأشاعرة الذين لم يثبتوا في حقيقة الأمر حسناً أو قبحاً؛ لأن محصل قولهم كما نصوا عليه، أن الحسن والقبح هو عين الأمر والنهي، )
وما افهمه أنا انا مقصد كلام الدكتور انه لا خلاف بين النقل والعقل فما كان نقلة صحيحا لا يخالف القواعد العقلية السليمة وما امرنا الله به هو الحسن وما نهانا الله عنه هو القبيح وهذا معنى لا يختلف عليه أحد من أهل الأصول
واتهمت الدكتور بالتسرع وأرى أنك انت المتسرع وأتمني أن لا تسلك مسلك من يتصيد الاخطاء ولتحمل ما كتبه الدكتور على ما يليق به من علم واعلم اخي انه ما كتب احدا قدحا في الدكتور نتيجة هذا المقال الا ولك نصيب من الذنب والغيبة أسأل الله لى ولك العفو والعافية واسف لعدم تفنيد باقي المقال فلربما يتوفر لدي وقت أخر فأفند البقية
 
التعديل الأخير:
إنضم
28 فبراير 2012
المشاركات
9
الكنية
كلية الشريعة
التخصص
اصول الفقه
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: أخطاء الدكتور النملة العقدية التي مزجت بالأصول الفقهية في كتبه

اخي الكريم أبو حازم فيصل ابن المبارك ( السلام عليكم ) ما تعلمنا أخي الكريم الفقه المقارن واقوال العلماء إلا لثمرة أدب الخلاف، فما عهدت شيخي قال في كلام من خالفه : أخطأ فلان وإنما إذا اختلفنا مع أحدهم في مسألة نقول: وهذا كلام فيه نظر، وإن شئت فاقرأ فتح الباري وغيره، وانت ملأت مقالك بقولك أخطأ الدكتور، فإن أقتنعت داخلك أنك على اليقين المطلق وغيرك على الباطل المطلق فهذا الاعتقاد قمة الباطل وما فعله السلف كان يقول احدهم: قولى صواب يحتمل الخطأ وما رضي الامام مالك رحمه الله أن يعمم كتابه على الامصار وأنكرت انت على الدكتور انه يقول ( أنه لما قرر أن آيات الصفات من المتشابه، لم يعلل ذلك بأنه وقع فيه اشتباه لطوائف من هذه الأمة مثلاً، بل بناه على أن الدليل على ذلك أنه لا يجوز الخوض في تأويلها أو تفسيرها، وما أشبه هذا الكلام بكلام المفوضة، ولا أدري من أي موضع نقله!! قال الدكتور:« المذهب الأول: أن المتشابه هو ما ورد من صفات الله تعالى في القرآن مما يجب الإيمان به، ويحرم التعرض لتأويله وتفسيره، والتصديق بأنه لا يعلم تأويله إلا الله تعالى، كوصفه سبحانه بالاستواء الوارد في قوله تعالى: ( الرحمن على العرش استوى) واليدين الوارد في قوله : ( لما خلقت بيدي ) والعين الوارد في قوله: ( تجري بأعيننا ) والوجه الوارد في قوله: ( ويبقى وجه ربك ) وغير ذلك من الصفات التي اتفق السلف على إقرارها، وإمرارها على ما عليه، وترك تأويلها...» والحقيقة ما أدري أتعلم أم لا تعلم اننا ايضا أهل السنة والجماعة أولنا بعض الأيات والنصوص منها قوله تعالى ( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ) وأولنا قوله تعالى ( مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) فلا نقول ان الله في كل مكان وأولنا هذا الحديث أيضا ( إن الله عز وجل يقول ، يوم القيامة : يا ابن آدم ! مرضت فلم تعدني . قال : يا رب ! كيف أعودك ؟ وأنت رب العالمين . قال : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده . أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ؟ ) رواة مسلم ولا يخفى على علمكم أخي الكريم أن تفسير الكلمة أحيانا يكون بواحدة من ثلاث إما بدلالة المطابقة أو التضمن أو التلازم وكلها من استخدامات لغة العرب، والاشاعرة يفسرون الصفات بدلالة التلازم في اغلبها، وإن كنا لا نوافقهم في هذا إلا أنه يبقي رأيا وجيها لا نأخذ به. أما قول الدكتور أن أيات الصفات من المتشابه فهناك دليل صحيح على كلامه انها من المتشابه وإن كنت لا أتفق معه فيما ذهب إليه ودليله الحديث التالى ( تحاجت الجنة والنار ، وفيه : فلا تمتلئ حتى يضع رجله – أو قال : قدمه – فيها . قال : فقام رجل فانتفض ، فقال ابن عباس : ما فرق هؤلاء ، يجدون رقة عند محكمه ، ويهلكون عند متشابهه ) أبو هريرة المحدث: ابن رجب - المصدر: فتح الباري لابن رجب - الصفحة أو الرقم: 5/99 خلاصة حكم المحدث: صحيح وأن كنت أنا أقول أن أيات الصفات من المحكم والتي لا يجب تأويلها وإنما تحمل على الحقيقة ودلالة المطابقة لا تغضب مني أخي الحبيب فكلامي في الخلاف العلمي الذي لا تطاول فيه وانت من دفعني لهذا الرد
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى