العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الأصول الاشتراكية للاقتصاد الإسلامي!

حمزة عدنان الشركسي

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 يونيو 2011
المشاركات
189
التخصص
اقتصاد إسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي
الأصول الاشتراكية للاقتصاد الإسلامي!
الدكتور رفيق المصري

لا زال حمزة السالم يتابع مقالاته الهجومية على الاقتصاد الإسلامي، بدون تمييز بين تعاليم الإسلام وسلوكيات المسلمين. وهذا المقال ليس جديدًا، ولا أدري هل أراد السالم منه استعداء الرأسماليين وحكومتهم العالمية على الاقتصاد الإسلامي؟ هل أراد السالم استعداء غير المسلمين على الإسلام؟ ألا يكفي وصف المسلمين بالإرهاب؟ هل أراد السالم أن يصف المسلمين أيضًا بأنهم اشتراكيون وماركسيون، لكي يصب الزيت على النار؟ نفترض حسن نيته ونجيبه :


  • هناك اشتراكيون تحولوا إلى الإسلام، بعد سقوط الاشتراكية، ولا ينكر تأثرهم بالاشتراكية عند خوضهم في الاقتصاد الإسلامي، عن حسن نية أو سوء نية.

  • من هؤلاء روجيه ( رجاء ) غارودي، الذي اعتنق الإسلام، وبقي يعتقد أن الاشتراكية أو بعض تعاليمها يمكن أن تفيد الإسلام. ولا نستطيع أن نحكم عليه بسوء النية، رحمه الله. وكان يعتقد أن ماركس ليس ملحدًا، إنما أتباعه جعلوه كذلك.

  • هناك رأسماليون يكتبون في الإسلام، ولا يبعد تأثرهم بالرأسمالية، وربما يكونون رأسماليين يرغبون في أن يكون الإسلام رأسماليًا، كالاشتراكيين الذين يرغبون في أن يكون الإسلام اشتراكيًا.

  • والحقيقة أن الإسلام ليس اشتراكيًا ولا رأسماليًا. الإسلام له معتقداته وتشريعاته وقيمه وأخلاقه، قد يتشابه بعضها أحيانًا مع هذا النظام أو ذاك، ولكن التشابه ليس كاملاً، وقد يكون في البدء ثم يزول بالتعمق في التفاصيل. فقد نتشابه مع الليبراليين في أصل حرية السوق، ولكننا لا نمضي معهم في جميع التفاصيل. وقد نتشابه مع الاشتراكيين في الحد من التفاوت بين الناس في الدخول والثروات، ولكننا لا نتطابق معهم في هذا الباب في كل شيء. ذلك لأننا نستقي أحكامنا من الإسلام، لا منهم. وإذا حدث خطأ أو سوء فهم يمكن تقويمه من باحثين آخرين.

  • ما المانع في الإسلام أو في الرأسمالية أو في الاشتراكية أن يقتبس كل نظام عن الآخر بعض الأمور؟ هذا لا يمنع منه عاقل من المسلمين أو من غيرهم.

  • حمزة السالم رأسمالي أكثر من الرأسماليين، وعلماني أكثر من العلمانيين، وإن زعم غير ذلك. فهناك مفكرون رأسماليون كبار لا تمنعهم رأسماليتهم من توجيه النقد للرأسمالية، حتى إن بعض هؤلاء المفكرين صرحوا بأن بعض الناس يعتقدون أن هؤلاء المفكرين اشتراكيون، وبعضهم يعتقدون أنهم رأسماليون. وهناك اشتراكيون كبار معتدلون، يتمتعون باستقلالية في التفكير، وذكاء في التعبير، ما المانع من أن يتعلم المسلم منهم، وأن يأخذ أحسن ما عندهم.

  • حمزة السالم يعتقد اعتقادًا غريبًا جدًا وهو أن الاقتصاد الرأسمالي هو اقتصاد إسلامي 100% في النظرية، بل في التطبيق. وهذا لا يمكن أن يتصوره عاقل يحيط بالعلوم الاقتصادية والعلوم السياسية والعلوم الاجتماعية والتمييز بين الحضارات أو بين المدنيات.

  • نعم قال محمد عبده : رأيت في البلاد الغربية إسلامًا ولم أرَ مسلمين، ورأيت في البلاد الإسلامية مسلمين ولم أر إسلامًا. معنى كلامه أن هناك في البلاد الغربية بعض المظاهر الحضارية التي لا مانع من أن يأخذ بها المسلمون، كالانضباط والتنظيم والإدارة والتكنولوجيا وما شاكل ذلك. لكن لا يعني هذا أن دينهم خلا منها نظريًا، بل يعني أن المسلمين لم يطبقوا دينهم عمليًا، لأنهم متخلفون، بخلاف دينهم الذي هو قمة التقدم، ومن اعتقد خلاف ذلك فقد كفر، والعياذ بالله.

  • نعم قال طه حسين : افعلوا ما يفعله الغربيون فإن تفوقوا تفوقتم وإن فشلوا فشلتم. معنى كلامه أن المسلمين إذا استغلق عليهم أمر التقدم فليفعلوا ما يفعله المتقدمون، ولا بأس عنده أن يرتكبوا بعض الأخطاء. لكن فرضه لا يشترط بالضرورة أن يكون صحيحًا، فلا تخلو بلاد المسلمين من علماء مشهود لهم بالعلم والذكاء والعدالة والنزاهة.

  • يعيب حمزة السالم على الاقتصاديين المسلمين أنهم يتكلمون في المثاليات الأفلاطونية واليونانية. والحق أن المسلمين يتكلمون في المثاليات الإسلامية، وإن تشابهت أحيانًا في بعض أجزائها بالمثاليات اليونانية أو غيرها. ولو فرضنا أن مقولة أصلها لأرسطو فحصها علماء المسلمين ورأوا أنها صحيحة، وضمّوها إلى مقولاتهم ومذاهبهم. ماذا يمنع من ذلك يا حمزة؟

  • ما المانع من أن يكون للمسلمين مثاليات يقتربون منها في التطبيق ما أمكن، أفرادًا وجماعاتٍ ودولاً. هل يمكن أن نتصور أمة ليس لها مثاليات؟

  • ما المانع من أن نكتب تارة عن المثاليات والمبادئ، وتارة عن السلوكيات والتطبيق؟ ما المانع أن ندرس ونبيّن ما حققناه وما لم نحققه، ما المانع من أن نقيس الانحراف أو الفجوة؟

  • ما المانع من أن نفكر وننتقد ونختار لأنفسنا؟ ومن أن نصيب ونخطئ؟ أم يريدنا السالم أن نكون ببغاوات؟!
منقول من موقع الدكتور رفيق المصري
 
أعلى