العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

غضب يوسف بن عبد البر على الحنفية من يطفؤه !!!

أحمد محمد عروبي

:: متخصص ::
إنضم
29 ديسمبر 2009
المشاركات
133
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
وزان
المذهب الفقهي
المالكي
هذا كلام الشيخ الإمام ابن عبد البر في التمهيد عند حديث التفليس، وما رايته غاضبا كهذه الغضبة على الحنفية، فبادرت إلى عرض كلامه هنا عندكم -معشر الحنفية- للجواب عنه، مع التنبيه أن الإمام من الأئمة الذين جمعوا إلى العلم الواسع بالسنة والمذاهب الفقهية أصالة الرأي والإنصاف، وهو من الأئمة الذين أحبهم وأقدرهم كل التقدير رضي الله عنه.

(( عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أفلس الرجل فوجد
البائع سلعته بعينها فهو أحق بها دون الغرماء
.
وحديث التفليس هذا من رواية الحجازيين (والبصريين حديث صحيح عند أهل النقل ثابت وأجمع فقهاء الحجازيين) وأهل الأثر على القول بجملته، وإن اختلفوا في أشياء من فروعه.
ودفعه من أهل العراق أبو حنيفة وأصحابه وسائر الكوفيين وردوه وهو مما يعد عليهم من السنن التي ردوها بغير سنة صاروا إليها وأدخلوا النظر حيث لا مدخل له فيه، ولا مدخل للنظر مع صحيح الأثر.
وحجتهم أن السلعة ملك المشتري وثمنها في ذمته فغرماؤه أحق بها كسائر ماله وهذا ما لا يخفى على أحد لولا أن صاحب الشريعة جعل لصاحب السلعة إذا وجدها بعينها أخذها. (( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم))(( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما))
ولو جاز أن ترد مثل هذه السنة المشهورة عند علماء المدينة وغيرهم بأن الوهم والغلط ممكن فيها لجاز ذلك في سائر السنن حتى لا تبقى بأيدي المسلمين سنة إلا قليل مما اجتمع عليه وبالله التوفيق
(ذكر الحسن الحلواني) قال حدثنا بشر بن عمر قال سمعت مالك بن أنس كثيرا إذا حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث فيقال له وما تقول أنت أو رأيك فيقول مالك : ((فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ))
- قال أبو عمر: من أقبح ما جاء به أهل الكوفة في هذه المسألة دعواهم أن ذلك في الودائع والأمانات وهذا تجليح وتصريح برد السنة بالرأي لأن في حديث هذا الباب قوله من باع متاعا فأفلس المبتاع فذكر البيع من وجوه كثيرة بألفاظ البيع والابتاع لا بوديعة ولا بشيء من الأمانات وهذا لا خفاء به على من استحيى ونصح نفسه وبالله التوفيق (لا بأحد سواه)
- وهذه السنة أصل في نفسها فلا سبيل أن ترد إلى غيرها لأن الأصول لا تنقاس وإنما تنقاس الفروع ردا على أصولها
- وممن قال بهذا الحديث واستعمله وأفتى به فقهاء المدينة وفقهاء الشام وفقهاء البصرة وجماعة أهل الحديث
- ولا أعلم لأهل الكوفة سلفا في هذه المسألة إلا ما رواه قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي قال: هو فيها أسوة الغرماء إذا وجدها بعينها. وروى الثوري عن مغيرة عن إبراهيم قال هو والغرماء فيه شرع سواء.
وأحاديث خلاس (عن علي) يضعفونها والواجب (كان) على إبراهيم النخعي الرجوع إلى ما عليه الجماعة فكيف أن يتبع ويقلد والله المستعان )))
(8/411)
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: غضب يوسف بن عبد البر على الحنفية من يطفؤه !!!

لهم أن يقولوا : هدئ من روعك ، فإنا إن كان رددناه كله فقد رددتم أنتم أكثره ، فقلتم هو إسوة الغرماء إذا مات من أخذ السلعة والحديث يفيد أنه أحق بالسلعة مطلقاً ، وهذا ترك لشطره في المعنى.
وقلتم إن أمسك الغرماء السلعة وأرادوا أن يدفعوا له ثمنها من عند أنفسهم فليس له أخذها.
فالذي أباح لكم ترك بعضه أباح لنا ترك كله ، إذ لا فرق بين ما تركتم وما أخذتم في كونه من مدلولات الحديث .
على أنا ـ أي الأحناف ـ لم نترك الحديث بالكلية ، فأجاب الطحاوي عن الحديث بـ (أَن الْمَذْكُور فِيهِ: من أدْرك مَاله بِعَيْنِه، وَالْمَبِيع لَيْسَ هُوَ عين مَاله، وَإِنَّمَا هُوَ عين مَال قد كَانَ لَهُ، وَإِنَّمَا مَاله بِعَيْنِه يَقع على الْمَغْصُوب والعواري والودائع وَمَا أشبه ذَلِك، فَذَلِك مَاله بِعَيْنِه فَهُوَ أَحَق بِهِ من سَائِر الْغُرَمَاء، وَفِي ذَلِك جَاءَ هَذَا الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالَّذِي يدل عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث سَمُرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَإِنَّهُ حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو، قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن حجاج عَن سعيد بن زيد بن عقبَة عَن أَبِيه عَن سَمُرَة بن جُنْدُب: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من سرق لَهُ مَتَاع، أَو ضَاعَ لَهُ مَتَاع فَوَجَدَهُ عِنْد رجل بِعَيْنِه فَهُوَ أَحَق بِعَيْنِه، وَيرجع المُشْتَرِي على البَائِع بِالثّمن. وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ أَيْضا، فَهَذَا يبين أَن المُرَاد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَنه على الودائع والعواري وَالْمَغْصُوب وَنَحْوهَا، وَأَن صَاحب الْمَتَاع أَحَق بِهِ إِذا وجده فِي يَد رجل بِعَيْنِه، وَلَيْسَ للْغُرَمَاء فِيهِ نصيب لِأَنَّهُ بَاقٍ على ملكه، لِأَن يَد الْغَاصِب يَد التَّعَدِّي وَالظُّلم، وَكَذَلِكَ السَّارِق، فخلاف مَا إِذا بَاعه وَسلمهُ إِلَى المُشْتَرِي فَإِنَّهُ يخرج عَن ملكه وَإِن لم يقبض الثّمن) انتهى
أما ما ذكرتموه من كونه روي بلفظ البيع ، فيمكن أيضاً حملة على ما لم يتم ويخرج به المبيع عن ملك بائعه ، بأن رد البيع في زمن الخيار ، فإن المبيع لا يخرج عندنا عن ملك البائع بالخيار ، قال الهاملي :
وما خيارُ بائع بمخرج *** مبيعه عن ملكه فخرجوا
[كذا هو في المخطوط]
فبان أننا لم نرد الحديث بل عملنا به ، لأن قوله (وجد سلعته) لا يصح إلا إذا كانت السلعة باقية على ملكه ، أما إن خرجت ببيع فهي للمشتري وليست السلعة سلعته حينئذٍ.
وراجع الجواب المفصل في (عمدة القاري) 12/238 وما بعدها.
على أنكم رددتم عدداً من الأحاديث ولا نعلم لكم فيها من المعاني ما ذكرنا ، كحديث (من أعمر عمرى) وحديث (فليصل ركعتين) لمن دخل المسجد والإمام يخطب ووافقتمونا في رد الحديث (البيعان بالخيار) وكم من حديث تركتموه بدعوى مخالفته لإجماع أهل المدينة .
فما ذنبنا إذ وافقناكم أن بعض الحديث لا يؤخذ به وإن صح؟

والله أعلم
 

أحمد محمد عروبي

:: متخصص ::
إنضم
29 ديسمبر 2009
المشاركات
133
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
وزان
المذهب الفقهي
المالكي
رد: غضب يوسف بن عبد البر على الحنفية من يطفؤه !!!

سيقول لك:
اولا :هناك فرق بين ترك الكل وترك البعض
أما الأول فلا يكون إلا بالنسخ
اما الثاني فقد يكون بالتخصيص وغيره مما هو معروف في فقه النص وهو مطلوب على كل حال في الاجتهاد.
ثانيا : اما قولنا في حكم الميت المفلس فمصيرا منا إلى سنة أخرى فأقول :
(( وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي الْمُفْلِسِ يَمُوتُ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَقَبْلَ تَوْقِيفِهِ فَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ (حُكْمُ الْفَلَسِ) كَحُكْمِ الْمَوْتِ وَبَائِعُ السِّلْعَةِ إِذَا وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْفَلَسِ وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيهِ النَّصُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَهُوَ قَاطِعٌ لِمَوْضِعِ الْخِلَافِ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ آخَرُ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُفْلِسَ يُمْكِنُ أَنْ تَطْرَأَ لَهُ ذِمَّةٌ وَلَيْسَ الْمَيِّتُ كَذَلِكَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمَوْتُ وَالْفَلَسُ سَوَاءٌ وَصَاحِبُ السِّلْعَةِ أَحَقُّ بِهَا إِذَا وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَا رواه ابن أبي ذئب (عن) أبي المعتمر عَنْ عَمْرِو بْنِ رَافِعٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ خَلْدَةَ الزُّرَقِيِّ قَالَ أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ فِي صَاحِبٍ لَنَا أَفْلَسَ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ إِذَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَجَعَلَ الشَّافِعِيُّ ذِكْرَ الْمَوْتِ زِيَادَةً مَقْبُولَةً فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ لَا يَقْبَلُهَا لِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ذَكَرَ حُكْمَ الْمَوْتِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْفَلَسِ وَزَعَمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ هَذَا مُتَّصِلٌ وَذَلِكَ مرسل والمتصل أولى وزعم غيره أن أبا المعتمر الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ بِحَمْلِ الْعِلْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَرَوَى حَدِيثَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ وغيره)) التمهيد (8/415)

ثالثا : أما تأويل الطحاوي فتكلف ظاهر لان الحديث ان صح إنما هو في قضية أخرى هو صريح فيها وهي الضياع بالغصب او السرقة وهو لا يعارض حديث التفليس حتى نحمل أحدهما على الآخر.
فتأمل!!
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: غضب يوسف بن عبد البر على الحنفية من يطفؤه !!!

بارك الله فيكم شيخنا

لو أن ابن عبد البر رحمه الله أجاب بما ذكرتم لكان للأحناف أن يقولوا :
إن ترك البعض إن كان عن هوى ولمحض الرأي فهو كترك الكل ، وإن كان ترك لحجة كالتخصيص والتقييد ، فهو أيضاً كترك الكل لحجة أخرى كالنسخ .
على أنا ندعي أنا عاملون بالحديث كما قدمناه وسيأتي ، فالترك المذكور ـ لو سلمناه ـ إنما هو للظاهر فقط .
أما التفرقة بين الميت والمفلس ، فلا تعارض بينهما أصلاً ، فكيف يكون ترك أحد الحديثين يستوجب غضبكم ـ أي الإمام ابن عبد البر ـ والآخر لا يوجبه.
غايته أن تقولوا ضعيف ، فنخالفكم فيه ، وقد شكك أئمتنا بألفاظ حديث الباب ، كما شككتم بصحة الحديث بزيادة (مات أو أفلس) ، فهبنا أخطأنا ، فليس بحيث تغضب علينا هذا الغضب.
على أنا كنا ذكرنا أحاديث ثلاثة تكرتموها ، لم نذكرها من باب المقابلة فقط ، فإنا لا نحتج على خطأنا بموافقة غيرنا عليه ، بل ذكرناها إشارة إلى معنيين ، الأول : أن الترك من أجل مخالفة الأصول مقبول ، فلا يستوجب هذا الغضب كله. فإنا وإياكم قلنا في (البيعان بالخيار) أنه مخالف للأصول لكون الأصل في العقود البقاء والصحة ، وهكذا قلتم في (من أعمر عمرى) وما استدللتم به هناك يصح الإستدلال به هنا .
ونقول : الأصل صحة العقد وانتقال المبيع للمشتري والثمن للبائع ، فليس للبائع في ذمة المشتري سوى الثمن ، فلا يكون أحق من الغرماء بسلعة ليست ملكه .
كما أنا ندعي مخالفته القياس لخروج السلعة من ملكه ودخولها في ضمان المشتري ، حتى لو مات قبل السداد وقبل الفلس دخلت في المواريث ، فإن نحن حكمنا بها للبائع بالفلس فقد حكمنا بفسخ البيع بعد لزومه من غير اختيار منه ، وقد رفضنا وإياكم الفسخ بالاختيار من البائع والمشتري في المجلس ، مع ورود النص فيه ، فكيف نبيحه هنا بغير اختيار من المشتري المفلس؟
أما ما ذكرتموه من أن في تأويلنا تعسف أو تكلف، فقد قال الإمام العيني رحمه الله : "أما الْقُرْطُبِيّ وَالنَّوَوِيّ فَإِنَّهُمَا ادّعَيَا: بِأَن تَأْوِيل الْحَنَفِيَّة ضَعِيف مَرْدُود، وَلم يبينا وَجه ذَلِك" وهكذا نقول هنا.
على أنا لو سلمنا أن في تأويلنا تعسف ، فإنا ندعي جواز اللجوء إليه إذا كان هناك ثمة مُلْجِئ ، وقد بيناه لكم فيما تقدم ، وهذا الغرض الثاني من ذكر الأحاديث الثلاثة ، ألا ترون مخالفكم يدعي عليكم التعسف في تأويل حديث العمرى والخيار والركعتين في الجمعة والإمام يخطب ، فلم يكن ذلك حاجزاً لكم عن العمل بتلك التأويلات لوجود الملجئ إليها ، فنحن كأنتم في ذلك.
على أن الشافعية مثلاً ـ وهم ألصق بظواهر النصوص وأبعد عن الغوص في معانيها منا ومنكم [تنبيه أنا شافعي ، ولا أعتقد هذا] ـ قالوا فيمن يُقِرُّ قائلاً : "عبدي زيد لفلان" أنه لا يصح لأن إضافة العبد إلى نفسه تفيد ملكه له ، فهو مخالف لإقراره بأنه لغيره ، فكذلك قوله صلى الله عليه وسلم (سلعته) يفيد ملك البائع ، وهذا لا يصح إلا فيما لم يخرج من ملكه كما قلناه في المغصوب والمبيع قبل خروجه عن ملك البائع، وهو ما جاء الحديث في الدلالة عليه كما قدمناه ، فنحمل حديث الباب عليه دفعاً للتعارض بينه وبين الأصول ومخالفته للقياس كما قدمناه.
ونحن لا نرجو بما ذكرنا حملكم على قولنا ، بل بيان أنا قولنا لم يكن رداً عن هوى ، تخفيفاً لحدة غضبكم علينا.
ونرجوا بذلك أن تنطفئ نار غضبكم إمامنا الفاضل.
[تنبيه : مرة أخرى أكرر ، أنا شافعي أعتقد في هذه المسألة أن البائع أحق بسلعته من الغرماء ، أفلس غريمه أو مات]
والله سبحانه أعلم
 
أعلى