العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مسألة التأفيف عند ابن حزم

كمال يسين المسلم

:: مطـًـلع ::
إنضم
30 أبريل 2009
المشاركات
104
الإقامة
الجزائر
الجنس
ذكر
التخصص
الإعلام الآلي
الدولة
الجزائر
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
مسلم
قيل الكثير عن ابن حزم في مسألة التأفيف,و سخروا منه من أجل ما ذهب إليه, لكن في الحقيقة , ابن حزم لم يجامل أحدا على حساب دينه, بل جاهر بما اعتقده أنه الحق,و لو سخر منه الناس,و كفى بهذا بيان قدر هذا العالم العبقري.
قال الله عز و جل "فلا تقل لهما أف"
قال ابن حزم: أما قول الله تعالى:"فلا تقل لهما أفّ" فلو لم يرد غير هذه اللفظة لما كان فيها تحريم ضربهما و لا قتلهما,و لما كان فيها إلا تحريم قول"أفّ" فقط.انتهى
و قال أيضا في التقريب:
و كذلك قوله تعالى :"فلا تقل لهما أف",فإنّه لا يفهم من هذا اللفظ إلّا منع "أفّ" فقط, و أمّا القتل و الضّرب و غير ذلك فلا منع منه في هذا اللفظ أصلا,لأنّ كل ذلك لا يسمّى "أفّ" و لا يعبّر عنه بأفّ".انتهى
و قال مخالفوه, أن قوله عز و جل"فلا تقل لهما أف" فيه إشارة إلى نهي ضربهما و شتمهما ,
قلت:إن ابن حزم لا يذهب إلى تحريم ضرب الوالدين و شتمهما, بل إلى وجوب الإحسان إليهما, إلا أن هذا ليس بدليل قوله عز و جل"فلا تقل لهما أف" ,
فلقد قال في الإحكام:
و لكن لمّا قال الله تعالى في الآية نفسها :"و بالوالدين إحسانا,إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف و لا تنهرهما و قل لهما قولا كريما, واخفض لهما جناح الذل من الرحمة و قل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا", اقتضت هذه الألفاظ من الاحسان و القول الكريم و خفض الجناح و الذل و الرحمة لهما و المنع من انتهارهما, و أوجبت أن يؤتى إليهما كل بر و كل خير و كل رفق, فبهذه الألفاظ و بالأحاديث الواردة في ذلك وجب بر الوالدين بكل وجه و بكل معنى, و المنع من كل ضرر و عقوق بأي وجه كان. انتهى
و الحق مع ابن حزم في هذا و إليك البرهان:
لقد أنكر ابن حزم على من نهى عن الضرب من الآية و فقط و ليس من مجموع الأدلة, أما مخالفوه الذين يرون أنه يمكن أن نستفيد حكم النهي عن الضرب من الآية فقط فهم مخطئون, فإنهم جمعوا عدة أدلة بدون أن يشعروا,
فنقول لهم: قولوا لنا, لماذا نهيُ الله عز و جل عن قول الأف فيه إشارة إلى النهي عن الضرب؟
فسيقولون :لأن الأذى الذي يسببه قول الأف, أقل من الأذى الذي يسببه الضرب,
فنقول لهم:هذا فيه نظر, لكن سنسلم الأمر, و ماذا في هذا؟و ما دخل الأذى في كلامنا هذا,
لو كان هذا الأذى شيء أمرنا به الله عز و جل, لكان نهيه عن القول لهما "أف" فيه إشارة إلى أن نضربهما, لأن الضرب فيه الأذى أكثر من الأف, فيكون النهي عن الأف إشارة إلى البحث ما يوجد فيه خير أكثر و هو الضرب الذي يوجد فيه الأذى أكثر,
فسيقولون لنا: لكن ايذاء الوالدين نهى الله عز و جل عنه, فنقول لهم:ما هو دليلكم؟
فإما سيقولون:دليلنا:"فلا تقل لهما أف", فيقال لهم هذا دور,
و إمّا أنهم سيقولون:قال الله عز و جل"و بالوالدين إحسانا" و كل ما دل على و جوب بر الوالدين,
فحينئذ نقول لهم:ألم يكفيكم قوله عز و جل"فلا تقل لهما أف"؟فلقد احتجتم بعدة أدلة لتثبتوا أن النهي عن قول الأف فيه إشارة إلى النهي عن الضرب,
ثم نذكر ما يردده كثيرا مخالفو ابن حزم :و هو ماذا يقول أهل الظاهر فيمن لا يحفظ إلا الفاتحة و قوله عز و جل"و لا تقل لهما أف",هل يضرب والديه لعدم معرفته بدليل تحريم الضرب؟
فنقول لهم:لا يجوز أن يضرب والديه,لكن قبل أن نفصّل في هذا, نسألهم :ماذا يقول أهل القياس فيمن لا يحفظ إلا الفاتحة, هل يضرب والديه لعدم معرفته بالأصل الذي يقيس عليه؟
أما حرمة ضرب الوالدين فمنهي عنه و لو لم يعلم أدلة النهي عن الضرب من الكتاب و السنة,بل لا يجوز له أن يضرب أي أحد لم يعتد عليه,لأن هذا علم ضروري, فلو اعتقد أنه له ضرب أحد, لجوّز لغيره أن يضربه, و جوز لزيد أن يضرب عمرا,و جوّز لعمرو أن يضرب زيدا,و سنمشي في الطرقات و كل واحد يضرب آخر , و جائز لكل واحد أن يضرب صاحبه إلى أن يموت, و من رأى أن هذا جائز التحق بالمجانين,و لم يكن الكلام مع هذا فائدة.
و من قال ماذا لو لم يكن نص إلا قوله عز و جل"فلا تقل لهما أف",هل سيحرم الضرب؟
فيقال لهم:إن قصدتم لم يكن نص يحرم فيه الاعتداء فهذا تصوّر مذموم,فهو كمن قال:ماذا لو كان نص يأمر بضرب الوالدين, أو ماذا لو كان نص يأمر بقتل الناس,أو ماذا لو كان نص يبيح لمسلم الزنا بوالديه, و لستم بأحسن من قال:ماذا لو لم يكن نص إلا قوله عز و جل"فلا تقل لهما أف", هل سيحرم على أحدنا ضرب أخيه؟
ثم هل سيحرم التبرم منهما , و التبرم أقل أذى من الأف؟
 
إنضم
5 مايو 2012
المشاركات
56
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
الحديث الشريف وعلومه
المدينة
الهاشمية
المذهب الفقهي
الإسلام
رد: مسألة التأفيف عند ابن حزم

الذي يفهم حقيقة ومعنى (لاإله إالالله) سيفهم قطعاً ماقاله ابن حزم..

وبالعكس فإن تحكيم الأهواء والعواطف أو الآراء أو التقاليد وجعلها هي المنطلق سيغيب كثيراً من الأمور عن ذهن الإنسان..

من المعلوم أن الأمر كله لله تعالى فهو يحكم ما يريد.. وليس هذا إلا له سبحانه وتعالى..

فالحرام هو ما حرمه الله تعالى ولو لم يحرم الله تعالى شيئاً ما كان لأحد أن يمنع الناس منه ولو لم يلزم الله تعالى بشيء فإنه ما يكون لأحد من الخلق أن يمنعه..

إننا نقول بحرمة قول أف للوالدين لأن الله تعالى حرم ذلك.. ونقول بحرمة ضرب الوالدين للإجماع على حرمة ذلك بالإضافة إلى مناقضته للنص الواضح (وبالوالدين إحساناً)..

ولو لم يحرم الله تعالى ضرب الوالدين فإن أحداً لا يستطيع منع من يضرب والديه من ذلك! ولو لم يحرم الزنا ما استطاع أحد أن يمنع أحداً من ذلك.. وهكذا فالأمر كله لله تعالى وهو يحكم ما يريد فلا إله غيره..

إن من يجعل هواه أو ما اعتاده هو الأصل سيخفى عليه هذا الأمر..
 
أعلى