سليم المصمودي
:: مخالف لميثاق التسجيل ::
- إنضم
- 26 يونيو 2008
- المشاركات
- 41
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ ابن تميم الظاهري حفظه الله:
قال الشيخ ابن تميم الظاهري حفظه الله:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، أما بعد: فهذه تعليقة على مسألة مهمة للأصحاب والأحباب في فهم كيفية نقل كتب المذاهب الأربعة لفقه أهل الظاهر، بنيتها من خلال عملي في كتب أهل المذاهب الفقهية حين استخرجت أقوال أهل الظاهر المتقدمين والمتأخرين، قد نقلتها من مقدمة كتابي ( موسوعة فقه داود الظاهري ).
أما كتب الأصول فيأتي إن شاء الله الكلام عنها وذلك لأني انتظر الحصول على كتاب منها، واستخراج ما فيه، فعل له طريقة تخالف من انتهيت من كتبهم، فلا يصح الكلام عنها بمجموعها، وربما يخالف هذا الكتاب تلك الكتب، فرأيت تأخير الكلام عنها لحين الانتهاء من هذا الكتاب. وأما كتب التفسير، فيأتي الكلام عليها إن شاء الله لاحقاً، وكذلك كتب أحكام القرآن، فإنها ضمن هذه المجموعة ؛ لأني لم أفرغ بعد من كتاب مهم منها، وهو البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي الظاهري.
وكذلك الأمر بالنسبة لكتب شروح الحديث، فإن لها وقفة طويلة، خاصة ما نقل الحافظ العراقي في طرح التثريب، أو ما نقله النووي في شرح مسلم، أو فيما نقله ابن العربي.
وستجدني أقول أثناء الكلام على كتب المذاهب: ( فيها تغيير ) أو ( تبديل ) والتغيير هذا لا أقصد منه التلاعب منهم، فلا والله لا أظن بأحد منهم هذا الظن رغم مخالفتهم في الأصل والفرع.
لكن المراد: أن التساهل أحياناً في نقل مذهب الخصم قد يجعلك تنقله بالاختصار، أو في غير موضوعه فتسيء إلى القول نفسه دون أن تشعر.
وأعطيكم مثالاً على هذا النقل الناقص السيئ والذي فيه تغيير للحكم والمسألة: فينقل بعض الفقهاء من جميع المذاهب أن داود وأصحابه يقولون عن أمر الله تعالى من أراد القيام إلى الصلاة أن يتوضأ، فعلقوا الحكم بالقيام، فكل قائم عليه أن يتوضأ.
وهذا النقل باطل عن أهل الظاهر، والمسألة أخرجت من موضعها، ووضعت في موضع آخر، فقول داود والأصحاب: أن الأمر بغسل اليدين عند القيام من النوم معلق بالقيام منه، فكل قيام من نوم: يجب غسل اليدين منه.
فوضعها بعض كتب الفروع المذهبية تحت مسألة متى يجب الوضوء، فحين شرحوا أن المراد بالآية السابقة: أن كل من لم يكن على وضوء، فإذا أراد الصلاة فليتوضأ، أدخلوا قول الظاهرية هنا في تلك المسألة تحت هذه المسألة ! فجعلوا قولهم في ( القيام من النوم ) مفصولاً عن النوم، وجعلوا القيام هو تفسير للآية ( قمتم إلى الصلاة ).
وقد ذكرت مرة في شرح قاعدة الأخذ بالظاهر: أن الظاهر من هذه الآية مجموع مع ظاهر الآثار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ثبت عنه أنه صلى أكثر من فرض واحد بوضوء واحد، وأنه لم يتوضأ إلا عند الحدث: صح أن المراد هنا من قام إلى الصلاة وهو غير متوضئ، وليس كل قائم عليه الوضوء، وهذا الذي ذكرته هو عمدة قول متقدمي أهل الظاهر لا غيره، ولا أعلم عن قول المعاصرين اليوم، فالله أعلم به.
فهذه المسائل ونحوها تنقل، ويغيّر فيها دون قصد، ولكن لقصور معرفة الناقل لمذهب أهل الظاهر، لذلك يقع منهم هذا الخطأ والخلط.
وهذه المسألة وما كان مثلها ذكرتها في كتابي ( موسوعة فقه الإمام داود الظاهري ) والتي عملت فيها سنوات، وستكون بالاشتراك بيني وبين شيخنا ووالدنا الأستاذ الدكتور محمد رواس قلعه الخبير في الموسوعة الفقهية.
إلا أنني في هذا الكتاب لم أفصل في التصويب والتخطئة ؛ لأن هذا العمل موسوعي فقط، والعمل الموسوعي لا يشترط فيه تحقيق صحة القول، وإنما ترتيب المحكي والمنقول فقط، لكني أشرت بعدم الصحة في الهامش ومحل كلامي عنها في كتاب آخر في فقه داود الظاهري على طريقة الفقهاء، وهو كتاب ( الجامع لمذهب الإمام أبي سليمان داود بن الظاهري ) ففي هذا الكتاب التحرير والتحقيق، وهذا المحل هو اللائق بمثل هذه المسائل.
فهذه تعليقة تفيد الأحباب والأصحاب لمعرفة مناهج الفقهاء في نقل قول الظاهرية، وكيفية تصحيح الأقوال المنقولة، وما هي الكتب التي تعتمد، وما مدى دقة المذاهب الفقهية في النقل عنهم، وكذلك إشارة إلى أكثر الموافقات لأهل الظاهر من فقه السلف، فأسأل الله أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه، إنه سميع مجيب.