العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

هل يجوز مخالعة الزوجة وهي حائض ؟

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
الخلع في حال الحيض

هل يشترط لجواز الخلع أن تكون المرأة حال مخالعتها في طهر لم يمسها زوجها فيه كما في الطلاق المسنون أم لا يشترط ؟
اتفق الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أن الخلع في حال حيض المرأة أو في طهر مسها فيه زوجها ليس بدعي محظور ، ويصح إن وقع في هذه الحالة ، لأن المختلعة لا يلحقها السنة والبدعة بخلاف الطلاق وتفصيل الأقوال كما يلى أ- ذهب الحنفية إلى أن الخلع لا يكره في حال الحيض بالإجماع [1]
ب- واختلف المالكية في الخلع ، هل يدخله بدعة أم لا نظراً لاختلافهم في علة منع الطلاق في الحيض ، فمن قال إن علة المنع هي لعدم تطويل العدة ، أي هي حق المرأة قال أنه لا بدعة في الخلع ، لأن الخلع تم برضاها ، ومن قال أن علة المنع هي للتعبد قال : إن الخلع في الحيض لا يجوز لأنه بدعة ولا أثر لرضا الزوجة في الموضوع ، وفي بعض هذا يقول الخرشي : " من قال إن علة منع الطلاق في الحيض هي للتعبد ، منع الخلع في الحيض وإن رضيت المرأة لأن الحق لها ولأنها أعطيت عليه مالاً ويلزم عليه أن يجبر المطلق على أن يراجعها وإن لم تقم المرأة بذلك [2].
جـ- وفرق الشافعية في الخلع بين أن يكون بين الزوجين، فقالوا: إن الخلع في الحيض لا بدعة فيه، أما إذا كان الخلع مع أجنبي فتدخله البدعة والسنة [3].
د- وذهب الحنابلة إلى أنه لابأس بالخلع في الحيض والطهر الذي أصابها فيه إذا كان بسؤالها [4].
الأدلة:
استدل الفقهاء الأربعة على صحة وقوع الخلع ولو كانت الزوجة حائض أو في طهر مسها فيه، بالكتاب والسنة والمعقول
أولاً: دليل الكتاب
قال تعالى: " فلا جناح عليهما فيما افتدت به " [5].
وجه الدلالة :
فهذه الآية الواردة بشأن تشريع الخلع عامة لم تفرق بين ما إذا كانت المخالعة في طهر لم يجامعها فيه زوجها أم لا فدل ذلك على أنه لا فرق [6]
وقال تعالى: " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن " [7]
وجه الدلالة :
إسناد الطلاق إلى الأزواج في هذه الآية الكريمة – كما يقول أكثر المفسرون – يشعر بأن الطلاق الذي يكون بإرادة الزوج وحده هو الذي يراعى فيه الطلاق لعدة المرأة؛ حتى
يكون الطلاق على السنة ، وفي الخلع لا يقع الطلاق إلا باتفاق الزوج وزوجته غالباً ، فلا يراعى فيه ما يراعى في الطلاق المعتاد بإرادة الزوج وحده من عدم إيقاعه في الحيض [8]
ثانياً: دليل السنة
أ- عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يارسول الله ثابت بن قيس ما أعيب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتردين عليه حديقته " ؟ قالت : نعم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقبل الحديقة وطلقها تطليقه " [9]
ب- عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهى حائض في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مره فليراجعها ثم ليمسكه حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس قتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن يطلق لها النساء [10]
وجه الدلالة :
خالعت حبيبة زوجها بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يسألها هل هي حائض أم طاهر فدل ذلك على أن الحكم لا يختلف ، وأنكر النبي على ابن عمر الطلاق في الحيض ، ولو كان الخلع فيه منكراً لأبانه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن هذا وقت بيان ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة [11]
قال الماوردي : " المختلعة لا سنة في طلاقها ولا بدعة ، بخلاف المطلقة بغير خلع ، حيث كان في طلاقها سنة وبدعة ، فيجوز أن يخالعها في الطهر والحيض جميعاً ، وهما سواء في وقوع الخلع فيهما ، ولو كانت غير مختلعة لكان طلاقها في الطهر سنة ، وفي الحيض بدعة [12]
ثالثاً: دليل المعقول
يجوز الخلع ويصح في الحيض؛ لأن المنع من الطلاق في الحيض للضرر الذي يلحقها بتطويل العدة؛ والخلع جعل للضرر الذي يلحقها بسوء العشرة والتقصير في حق الزوج ، والضرر بذلك أعظم من الضرر بتطويل العدة ، فجاز دفع أعظم الضررين بأخفهما [13].
ومن عجب أن الإسلام ضيق على الرجال في إيقاع الطلاق ، وحدده بجملة حدود وربطه بمجموعة من القيود في وقته وكيفيته وعدده تضييقاً لدائرته ، ولكنه أوسع للمرأة في الخلع ، فالطلاق في أثناء الحيض والطهر الذي مسها فيه بدعة محرمة ، ولكن الخلع في هذه الحالة
كما قال ابن قدامه - لابأس به في الحيض والطهر الذي أصابها فيه ، لأن المنع من الطلاق في الحيض من أجل الضرر الذي يلحقها بطول العدة والخلع لإزالة الضرر الذي يلحقها بسوء العش
رة والمقام مع من تكرهه وتبغضه وذلك أعظم من ضرر طول العدة فجاز دفع أعلاهما بأدناهما ولذلك لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم المختلعة عن حالها ، ولأن ضرر تطويل العدة عليها والخلع يحصل بسؤالها فيكون ذلك رضا منها به ودليلاً على رجحان مصلحتها فيه [14].

وخالف الفقهاء الأربعة كل من الزيدية والإمامية والإباضية ، حيث ذهبوا إلى أن الخلع في الحيض أو في طهر مسها فيه بدعي لا يقع لأنه طلاق والطلاق في هذه الحالة لا يقع
جاء في الروض النضير: والخلع تدخله السنة والبدعة كالطلاق الخالي عن العوض [15]
وجاء في المختصر النافع : يشترط في المختلعة مع الدخول ، الطهر الذي لم يجامعها فيه[16]
وجاء في شرح النيل : وسنَ الفداء كالطلاق واحد في طهر لم تمس فيه وغير ذلك يعتبر فداء بدعة [17]
أما ما ذهبوا إليه من قياس الخلع على الطلاق فيرده : أن الأغلب من خلع الزوجين أن يخافا ألا يقيما حدود الله ، فلو منعا منه إلى وقت الطهر لوقعا فيه ، وأثما به ، وخالف ذلك حال المطلق بغير خوف ، ولأن المطلقة منع زوجها من طلاقها في الحيض لئلا تطول عليها العدة ، فلم يمنع الزوج من خلعها ، فافترقا [18]
والراجح هو ما ذهب إليه الفقهاء الأربعة الذين قالوا : إذا اختلعت الزوجة من زوجها صح الخلع سواء كانت الزوجة حائضاً أم غير حائض ، ولم يكن في اختلاعها من زوجها مخالفة للسنة ، لأن علة تحريم الطلاق في الحيض هي لئلا تتضرر الزوجة من إطالة عدتها ، وهذا المعنى غير موجود في حالة الاتفاق على الفرقة عن طريق الخلع ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل من امرأة ثابت بن قيس هل هي حائض أم طاهر ، فدل ذلك على جواز الخلع في حال حيض المرأة وطهرها والله أعلى وأعلم
 

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: هل يجوز مخالعة الزوجة وهي حائض ؟

الهوامش
[1] - تبيين الحقائق للزيلعي 3/ 191
[2] - الخرشي على مختصر خليل 3/ 169 ، التفريع لابن الجلاب 2/ 83
[3] - تكملة المجموع للمطيعي 16/15، نهاية المحتاج للرملي 6/ 109
[4] - المغني لابن قدامه 7/ 52
[5] - سورة البقرة من الآية
[6] - تكملة المجموع 16/15
[7] - سورة الطلاق من الآية 1
[8] - فتح الباري 12/ 88
[9] - سبق تخريجه فيما سبق
[10] - أخرجه مسلم في صحيحه / كتاب الطلاق / باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها برقم 147 (اللفظ له) ، ابن ماجه في السنن / كتاب الطلاق باب طلاق السنة / برقم 2019 .
[11] - الحاوي الكبير 12/ 261 ، تكملة المجموع 16/ 15 ، فتح الباري 12/ 88
[12] - الحاوي الكبير 12/ 261
[13] - تكملة المجموع 16/ 13
[14] - المغني لابن قدامه 7/ 52
[15] - الروض النضير 4/ 166 ، ومثله في البحر الزخار 3/ 179
[16] - المختصر النافع ص 227 ، ونحوه في جواهر الكلام 5/ 360
[17] - شرح النيل وشفاء العليل 3/ 556
[18] - الحاوي الكبير 12/ 261
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: هل يجوز مخالعة الزوجة وهي حائض ؟

هل يشترط لجواز الخلع أن تكون المرأة حال مخالعتها في طهر لم يمسها زوجها فيه كما في الطلاق المسنون أم لا يشترط ؟
اتفق الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أن الخلع في حال حيض المرأة أو في طهر مسها فيه زوجها ليس بدعي محظور ،
الدكتورة الفاضلة :
هذه المقدمة مشكلة لأنك سقت بعد ذلك الخلاف في المذاهب الأربعة , فكيف تذكرين الاتفاق ثم تعقبينه بذكر الخلاف ؟
 

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: هل يجوز مخالعة الزوجة وهي حائض ؟

لدكتورة الفاضلة :
هذه المقدمة مشكلة لأنك سقت بعد ذلك الخلاف في المذاهب الأربعة , فكيف تذكرين الاتفاق ثم تعقبينه بذكر الخلاف ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فهد بن عبد الله القحطاني
ليس هناك مشكلة بإذن الله تعالى ؛ لأني حصرت الاتفاق عند الفقهاء الأربعة ، ولم أطلق الاتفاق العام في المسألة ، ولو دققت في عبارتي بارك الله فيك لوقفت على ذلك .
اتفق الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة
جزاكم الله خيرا
 

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: هل يجوز مخالعة الزوجة وهي حائض ؟

لدكتورة الفاضلة :
هذه المقدمة مشكلة لأنك سقت بعد ذلك الخلاف في المذاهب الأربعة , فكيف تذكرين الاتفاق ثم تعقبينه بذكر الخلاف ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فهد بن عبد الله القحطاني
ليس هناك مشكلة بإذن الله تعالى ؛ لأني حصرت الاتفاق عند الفقهاء الأربعة ، ولم أطلق الاتفاق العام في المسألة ، ولو دققت في عبارتي بارك الله فيك لوقفت على ذلك .
اتفق الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة
وهذه العبارة لاتنفي أن يكون هناك مخالفاً لهم
جزاكم الله خيرا
 

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: هل يجوز مخالعة الزوجة وهي حائض ؟

جزاكم الله خيرا
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: هل يجوز مخالعة الزوجة وهي حائض ؟

لكنك قلت : الحنفية والمالكية و.....الخ
ولم تقولي : أبو حنيفة ومالك و........ الخ
ثم إن الصحيح من مذهب المالكية والشافعية خلاف ما نقلت ...
 

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: هل يجوز مخالعة الزوجة وهي حائض ؟

لاحرج في نقل بعض نصوص العلماء علها تُزيل اللبس في العبارة المستدرك عليها .
قال في مواهب الجليل عند قول خليل بن إسحاق: لمنع الخلع ش هذا هو المشهور ومقابله جواز الخلع في الحيض وصدر به ابن الجلاب وعطف عليه المشهور بقيل. اهـ.
وجاء في مغني المحتاج " (ويجوز خلعها فيه) أي الحيض أو النفاس، لاطلاق قوله تعالى: * (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) * ولحاجتها إلى الخلاص بالمفارقة حيث افتدت بالمال، وليس هذا بسني ولا بدعي كما مر. (لا أجنبي) فلا يجوز خلعه في الحيض أو النفاس، (في الأصح) لأنه لم يعلم فيه وجدان حاجتها إلى الخلاص بالمفارقة. ومقابل الأصح احتمال للإمام لا وجه محقق، إلا أن يثبت عمن تقدم الإمام أنه يجوز، لأن الظاهر أن الأجنبي إنما بذل لحاجتها إلى الخلاص. اهـ.
قال ابن قدامة في المغني: ولا بأس بالخلع في الحيض والطهر الذي أصابها فيه وعللوا هذا بأن المنع من الطلاق في الحيض من أجل الضرر الذي يلحق المرأة بطول العدة، والخلع لإزالة الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة والمقام مع من تكرهه وهو أعظم ضررا من طول العدة.
وقال شيخ الإسلام بن تيمية في الفتاوى الكبرى : ولهذا يجوز عند أكثر العلماء الخلع في الحيض. اهـ.
في الشرح الممتع: واعلم أن الخلع ليس له بدعة، بمعنى أنه يجوز حتى في حال الحيض، لأنه ليس بطلاق، والله إنما أمر بالطلاق للعدة: إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ {الطلاق: 1} ولهذا يجوز أن يخالعها ولو كانت حائضاً، ويجوز أن يخالعها ولو كان قد جامعها في الحال، لأنه ليس بطلاق، بل هو فداء، ولأن أصل منع الزوج من التطليق في حال الحيض، أو في حال الطهر الذي جامعها فيه أن فيه إضراراً بها،لتطويل العدة عليها، فإذا رضيت بذلك فقد أسقطت حقها.انتهى
 
أعلى