العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الهداية في تحقيق معنى الشكاية

أحمد فكرى الجرف

:: متابع ::
إنضم
29 أبريل 2012
المشاركات
57
الكنية
أبومالك
التخصص
الفقه المالكى
المدينة
اسوان
المذهب الفقهي
المالكى
[FONT=&quot]الحمد لله ذي الحول والقدرة بكلِّ ما حَمِد به أقربُ عبادِه إليه ، وأكرم خلائقه عليه ، وأرضى حامدِيه لديه ، على ما أسبغَ علينا مِن نِعمه الظاهرة والباطنة ، وآتاناه من الفهم في كتابه المنزل على نبيّ الرحمة سيد المرسلين وإمام المتَّقين ، محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله الطيبين ، صلاة زاكية نامية وأزلفَ مقامه لديه ؛ ووفقنا له من تلاوته ، وهدانا إليه من تدبُّر تنزيله ، والتفكُّر في آياته ، والإيمان بمحكمه ومتشابهه ، والبحث عن معانيه ، والفحص عن اللغة العربية التي بها نزلَ الكتاب ، والاهتداء بما شرعَ فيه ودعا الخلقَ إليه ، وأوضحَ الصراطَ المستقيمَ به ؛ إلى ما فضّلنا به على كثير من أهل هذا العصر في معرفة لغات العرب التي بها نزلَ القرآن ، ووردت سنَّة المصطفى النبي المرتضى .[/FONT] [FONT=&quot]قال الله جلَّ ثناؤه : ( إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ )[/FONT]
أما بعد
[FONT=&quot]فقد وقع اختلاف بين مشايخنا عن ماهية الشكوى وهل يعد عرض الشئ على من بيده حل الشئ شكوى أم لابد من ذكر اللفظ صراحة كقولك جئتك شاكيا من فلان[/FONT] [FONT=&quot]فأردت فى عجالة سريعة أكشف الحجاب واللثام من أن العرض شكوى مستدلا بكتاب الله وكلام أهل النحو والفقه سائلا الله أن يغفر لنا وأن يهدنا إلى الطريق المستقيم[/FONT] [FONT=&quot]أولا من المتفق عليه أن ذكر اللفظ صراحة بالإشتكاء شكوى[/FONT]
[FONT=&quot]ثانيا :هل يعد العرض شكوى؟[/FONT]
[FONT=&quot]يجيب أهل الغة على ذلك:[/FONT]
[FONT=&quot]قال [/FONT][FONT=&quot]الجوهري (ت393هـ) فى كتاب تاج اللغة وصحاح العربية[/FONT][FONT=&quot]:[/FONT][FONT=&quot] [ شكا ] شكوت فلانا أشكوه شكوى وشكاية وشكية وشكاة، إذا أخبرت عنه بسوء فعله بك، فهو مشكو ومشكى، والاسم الشكوى. وأشكيت فلانا، إذا فعلت به فعلا أحوجه إلى أن يشكوك. وأشكيته أيضا، إذا أعتبته من شكواه ونزعت عن شكايته وأزلته عما يشكوه[/FONT][FONT=&quot][/FONT] [FONT=&quot]كلام الأزهري فى تهذيب اللغة:[/FONT] [FONT=&quot]قال :قال أبو عمرو : قَهَلت الرجل أقْهَلُه قَهَلاً : إذا أثْنَيْتَ عليه ثناءً قبيحاً ،[/FONT][FONT=&quot]ونقل عنه الجوهرى[/FONT][FONT=&quot]: التقهل، شكوى الحاجة[/FONT][FONT=&quot][/FONT] [FONT=&quot]والقهل: كفران الاحسان[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]قال ابن عبد الرزّاق الحسيني فى تاج العروس من جواهر القاموس[/FONT][FONT=&quot] وشَكَى فلاناً : إذا أَخْبَره بسُوءِ فِعْلِه به .[/FONT] [FONT=&quot] وحد وعرف الإمام الرغب الأصفهانى الشِّكايَةُ فقال هى إظْهارُ البَثِّ[/FONT] [FONT=&quot]قال ابن منظور فى لسان العرب[/FONT][FONT=&quot]:[/FONT] [FONT=&quot] قال ابن بري الشِّكاية والشَّكِيَّة إِظْهارُ ما يَصِفُك به غيرُك من المَكْرُوهِ والاشْتِكاءُ إِظْهارُ ما بِكَ من مَكْروهٍ أَو مَرَضٍ ونحوِه[/FONT] [FONT=&quot]والدليل من القرآن[/FONT][FONT=&quot] :على أن إظهار الأمر شكوى قال تعالى[/FONT][FONT=&quot]{ إنما أشكو بَثِّي وحُزْني إلى الله }[/FONT][FONT=&quot][/FONT] [FONT=&quot]قال الزَّبيدي فى كتاب تاج العروس من جواهر القاموس[/FONT][FONT=&quot] :قالَ الرَّاغبُ *!الشِّكايَةُ إظْهارُ البَثِّ ، } وأَصْلُ *!الشَّكْو فَتْح *!الشَّكْوَةِ . وإظْهارُ ما فيها ، وهي سِقاءٌ صغيرٌ ، وكأنَّه في الأصْلِ اسْتِعارَةٌ كقَوْلِهم : بَثَثْتُ له ما في وِعائي ، ونَفَضْتُ له ما في جرابي ، إذا أظْهرْتَ ما في قَلْبِكَ .[/FONT][FONT=&quot][/FONT] [FONT=&quot] وجاء [/FONT][FONT=&quot]معجم مقاييس اللغةلابن فارس:[/FONT] [FONT=&quot] قال ابن الأعرابيّ: بثثْتُ الحديثَ أي نشَرْتُه. وأما البثُّ من الحزْن فمِنْ ذلك أيضاً، لأنه شيءٌ يُشتَكَى ويُبَثّ ويُظهَر.[/FONT] [FONT=&quot]قال الإمام المناوى فى كتاب [/FONT][FONT=&quot]التوقيف على مهمات التعاريف:[/FONT] [FONT=&quot] الشكوى والشكاية إظهار البث وهو في الأصل من قولهم بثثت له ما في وعائي ونفضت ما في جرابي إذا أظهرت ما في قلبك [/FONT] [FONT=&quot]جاء فى كتاب الفروق اللغوية للعسكري: [/FONT]
[FONT=&quot]البث يفيد أنه ينبث ولا ينكتم من قولك أبثثته ما عندي وبثثته إذا أعلمته وفيه ايضا البث: ما أبداه الانسان[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]هذا من جانب والجانب الأخر الفقهى فى الرد على من قال أن عرض الأمر ليس بشكوى فى عرفى قلت ومتى يحتكم الناس إلى أعراف الناس الأحادية وكما هو مقرر فى قواعد الفقه أنه يعمل بالعرف والعادة بشروط [/FONT][FONT=&quot]وهي أربعة شروط أذكرها مختصرة :-[/FONT] [FONT=&quot]1- أن يكون العرف مطرداً أو غالباً .[/FONT] [FONT=&quot]2- أن يكون العرف المراد تحكيمه في التصرفات قائماً عند إنشائها .[/FONT] [FONT=&quot]3- أن لا يعارض العرفَ تصريحٌ بخلافه .[/FONT] [FONT=&quot]4- أن لا يعارض العرفَ نصٌ شرعي بحيث يكون العمل بالعرف تعطيلاً له[/FONT][FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]فالشرط الأول الذى [/FONT][FONT=&quot]اشترطه الفقهاء والأصوليون ليكون فيها العرف معتبراً ؛ صيانة لأحكام الشريعة من التبديل والاضطراب ، أن يكون العرف مطرداً أو غالباً بمعنى أن يكون لأهل القرية جميعا[/FONT] [FONT=&quot]قال الإمام تاج الدين السبكى فى الأشباه والنظائر: [/FONT] [FONT=&quot]واشتهر عند الفقهاء أن ما ليس له ضابط في اللغة ولا في الشرع يرجع فيه إلى العرف ومراد الفقهاء إذا لم يعرف حده في اللغة ؛ فإنا نرجع فيه إلى العرف وقد بينت كلام أهل اللغة فى ذلك من أن العرض شكوى[/FONT] [FONT=&quot]ثالثا: فى الشعر[/FONT] [FONT=&quot]جاء فى كتاب أدب الكتاب للصولي:[/FONT] [FONT=&quot]قال أبو علي السجزي: لما ولي عبد الله بن سليمان الوزارة أوصلت إليه كتاباً من عبيد الله بن عبد الله وفيه شعر له:[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]أبى دهرنا إسعافنا في نفوسنا ... وأعفنا فيمن نحب ونكرم[/FONT]
[FONT=&quot]فقلت له: نعماك فيهم أتمها ... ودع أمرنا إن المهم المقدم[/FONT]
[FONT=&quot]فلما قرأ عبد الله هذا الشعر قال: ما أحسن ما احتال في شكوى حاله، بين أضعاف مدحه، فأوصل رقاعه إلي فقضى كل حاجة[/FONT] [FONT=&quot]ولم يذكر لفظ الشكوى صراحة[/FONT] [FONT=&quot]وفى كتاب الأغاني – للأصفهاني:[/FONT] [FONT=&quot]قال ذو الرمة [/FONT]
[FONT=&quot]( أعاذِلُ قد أكثرتِ مِنْ قول قائلٍ ... وعَيْبٌ على ذي الوُدّ لَوْمُ العواذلِ) [/FONT]
[FONT=&quot]وقال الأصمعي ما أعلم أحدا من العشاق الحضريين وغيرهم شكا حبا أحسن من شكوى ذي الرمة مع عفة وعقل رصين[/FONT] [FONT=&quot]وجاء فى كتاب [/FONT][FONT=&quot]التذكرة الحمدونية لابن حمدون:[/FONT] [FONT=&quot]الفصل الثالث في شكوى الزمان:[/FONT]
[FONT=&quot]قال لقد أحسن أبو عثمان الخالدي وإن كان متأخراً، واستحق التقديم على من تقدمه بقوله:[/FONT]
[FONT=&quot]ألفت من حادثات الدهر أكبرها ... فما أعوج على أطفالها الأخر[/FONT] [FONT=&quot]أصفو وأكدر أحياناً لمختبري ... وليس مستحسناً صفو بلا كدر[/FONT] [FONT=&quot]إني لأسير في الآفاق من مثل ... فردٍ وأملأ في الآماق من قمر[/FONT] [FONT=&quot]لقد فرحت بما عاينت من عدم ... خوف القبيحين من كبر ومن بطر[/FONT] [FONT=&quot]وربما ابتهج الأعمى بحالته ... لأنه قد نجا من طيرة العور[/FONT] [FONT=&quot]ولست أبكي على شيب منيتُ به يبكي على الشيب من يأسى على العمر[/FONT] [FONT=&quot]وما شكرت زماني وهو يصعدني ... فكيف أشكره في حال منحدري[/FONT] [FONT=&quot]وقد نظرت إلى الدنيا وبهجتها ... فاستصغرتها جفوني غاية الصغر[/FONT] [FONT=&quot]كن من صديقك لا من غيره حذراً ... إن كان ينجيك منه شدة الحذر[/FONT] [FONT=&quot]ما أطمئن إلى خلقٍ فأخبره ... إلا تكشف لي عن سوء مختبر[/FONT] [FONT=&quot]لا عار يلحقني أني بلا نشب ... وأي عار على عين بلا حور[/FONT] [FONT=&quot]فإن بلغت الذي أهوى فعن قدر ... وإن حرمت الذي أهوى فعن عذر[/FONT][FONT=&quot][/FONT] [FONT=&quot]وذكر النوع العاشر في شكوى الفراق واحتماله قال قيس بن ذريح:[/FONT]
[FONT=&quot]بكيتُ نعم بكيتُ وكلُّ إلفٍ ... إذا بانتْ قرينتُهُ بكاها[/FONT]
[FONT=&quot]وما فارقتُ لبني عن تقالٍ ... ولكن شقوةٌ بلغت مداها[/FONT]
[FONT=&quot]وجاء فى التعازي والمراثي للمبرد[/FONT] [FONT=&quot]قال الأصمعي: ولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كعب بن سور قضاء البصرة. قال أبو العباس: وكان سبب ذلك أنه حضر مجلس عمر، فجاءت امرأة فقالت: يا أمير المؤمنين، إن زوجي صوام، قوام. فقال عمر: إن هذا لرجل صالح، ليتني كنت كذا. فردت عليه الكلام فقال عمر كما قال. فقال كعب بن سور الأزدي: يا أمير المؤمنين، إنها تشكو زوجها، تخبر أنه ليس لها منه حظ. فقال: علي بزوجها. فأتي به، فقال له: ما بالها تشكوك، وما رأيت امرأة أكرم شكوى منها ؟ فقال: يا أمير المؤمنين: [/FONT]
[FONT=&quot]إنّي امرؤٌ أفزعني ما قد نزل ... في الحجر والنّحل وفي السّبع الطّول [/FONT]
[FONT=&quot]فقال له كعب: إنّ لها عليك حقّاً يا بعل ... فأوفها الحقّ وصم ثمّ وصلّ[/FONT]
[FONT=&quot]فقال عمر لكعب: اقض بينهما. فقال: نعم، يا أمير المؤمنين، أحل الله للرجل أربعاً، فأوجب لكل واحدة ليلة، فلها في كل أربع ليال ليلة، ويصنع بنفسه في الثلاث ما شاء. فألزمه ذلك. [/FONT]
[FONT=&quot]وفى كتاب المصون في الأدب لأبى أحمد العسكري:[/FONT] [FONT=&quot]أنشدنا أبو بكر محمد بن يحيى قال: من مليح ما قيل في شكوى الدمع قول محمد بن عبد الله بن طاهر:[/FONT]
[FONT=&quot]وأعجبُ ما في الدّمع عصيانُ وقته ... وطاعتُه أوقاتَ من يتفقَّدُ[/FONT]
[FONT=&quot]إذا قلتُ أسعِدْ لم يُغثني وإن أقُلْ ... له كفّ عني نمَّ والقومُ شهَّدُ[/FONT]
[FONT=&quot]وجاء فى المنتحل للثعالبي:[/FONT]
[FONT=&quot]الباب التاسع في شكوى الزَّمان والحال وما يجري مجراها في التسلية[/FONT]
[FONT=&quot]قال عبد الله بن المعتز العباسي:[/FONT]
[FONT=&quot]حمداً لربِّي وذمّاً للزمانِ فما [/FONT][FONT=&quot]...[/FONT][FONT=&quot] أقلَّ في هذهِ الدُّنيا مسرَّاتي[/FONT] [FONT=&quot]لوتْ يديْ أملي عن كلِّ مطّلبٍ [/FONT][FONT=&quot]...[/FONT][FONT=&quot] وأغلقتْ بابها من دون حاجاتي[/FONT] [FONT=&quot]إلى غير ذلك مما لو تفرغت له لجمعت مجلدا كبير فيه مع شغل البال وسوء الحال، وكثرة الهموم، وترادف المصائب والغموم حتى أصبحت القريحة قريحة والجوارح جريحة ، والدمع منهمل، والخاطر منكسر[/FONT]
[FONT=&quot]وعلى الكريم توكلي واعتمادي ،وإليه تفويضي واستنادي وأسأله أن يوفقنا إلى مراضيه وأن يجنبنا مناهيه وأن يجعل مستقبل حالنا خير من ماضيه.[/FONT]
[FONT=&quot]وكتبه[/FONT]
[FONT=&quot]أحمد بن فكري بن صديق الأزهري[/FONT]
[FONT=&quot]مصر أسوان ادفو النزل[/FONT]
[FONT=&quot]0141099105[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT]
 
أعلى