العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

نهاية المطلب لإمام الحرمين الجوينيّ / سلسلة كل يوم كتاب في الفقه الشافعي

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: نهاية المطلب لإمام الحرمين الجوينيّ / سلسلة كل يوم كتاب في الفقه الشافعي

أولاً: مكانة كتاب نهاية المطلب في المذهب الشّافعيّ


قيل في وصفه أنّه: "واسطةُ عقد المذهب، والمنهل الرَّويُّ لعِلْم الإمام الشَّافعيِّ المُطَّلبيِّ"[1].


1. كونُه واسطةَ عقد المذهب:


إنّ تأمّل مسيرة التطور التي شهدها المذهب الشّافعيُّ، من خلال كتبه المطبوعة، يُثبت حقيقةَ ما قيل من أنّ (نهاية المطلب) هي واسطة عقد المذهب الشّافعيِّ، ولا شكّ أنّ طباعة الكتاب ونشره، تدلُّ على كونه قد لقي حفاوةً واهتماماً من لدن أئمّة المذهب وتلاميذه، وعلى هذا الافتراض نجد أنّ كتاب (الأمّ) للإمام الشّافعيّ، قد تربّع على عرش الكتب المعتمدة في المذهب، ثمّ تلاه في الأهميّة (مختصر المُزَنيّ) الّذي هو "أصلُ الكتب المصنفة في مذهب الشَّافعي، وعلى مثاله رتّبوا، ولكلامه فسّروا وشرحوا"، فتناوله بالشرح ما يزيد على العشرة مصنّفاتٍ، لم يشتهر من بينها إلا (الحاوي) شرحُ القاضي الماوردي، و(نهاية المطلب في دراية المذهب) شرح إمام الحرمين، الذي اعتمد عليه أئمّة المذهب اللّاحقون، بل شاع بينهم القولُ: "منذ صنّف الإمام كتابه (نهاية المطلب) لم يشتغل الناس إلا بكلام الإمام"، حيث قام أبو حامد الغزالي تلميذ إمام الحرمين، باستيعاب نهاية المطلب في شرحٍ مطوّل سمّاه البسيط، ثمّ اختصره في الوسيط، الّذي اختصره في الوجيز، الّذي اختصره في الخلاصة. ثمّ بناءً على وجيز الغزالي، قام كلٌّ من الشّرح الكبير المُسمّى بـ (فتح العزيز)، و(المحرّر) وكلاهما للرّافعيِّ، ثمّ بناءً على هذين الكتابين على التوالي واختصاراً لهما، كانت (روضة الطالبين)، و(المنهاج) وكلاهما للإمام النوويّ، ثمّ بناءً على كتب الرّافعيّ ثمّ النّوويّ بنى أئمّة المذهب وفقهاؤه اللّاحقون، وبذلك يتبيّنُ لنا بحقِّ أنَّ كتاب إمام الحرمين، هو واسطةُ عقد المذهب الشّافعيّ، وهذا ما لا يُماري فيه المحقِّقون، بل لهجت به ألسنُ أهل الاطِّلاع، وكلُّ من جاء بعده اقتفى أثره، واغترف من بحره"[2]، إمَّا مباشرةً كالرّافعيّ والنّوويّ، وإمَّا غير مباشرة، كسائر فقهاء المذهب الّذين أخذوا عن الرّافعيّ والشافعيّ!


2. كونه المنهلَ الرَّويُّ لعِلْم الإمام الشَّافعيِّ المُطَّلبيِّ:


يدلّ على ذلك ما ذكره الإمام الجوينيُّ في المقدمة، وهو يرسم الأفقَ الّذي يُريد أن يبلُغه، من تأليفه لهذا السّفر الجامع، ذي العشرين مجلداً، فيقول:


1- " لا أغادر فيه بعون الله أصلاً ولا فرعاً إلاّ أتيت عليه، مُنتحياً سبيلَ الكشف، مؤثراً أقرب العبارات في البيان، والله المستعان وعليه التُّكلان.


2- وسأجري على أبواب "المختصر" ومسائلها جهدي، ولا أعتني بالكلام على ألفاظ السواد (يعني متنَ المختصر)، فقد تناهى في إيضاحها الأئمةُ الماضون، ولكنّي أنسبُ النصوصَ التي نقلها المزني إليه، وأتعرض لشرح ما يتعلق بالفقه منها، إن شاء الله تعالى.


3- وما اشتهر فيه خلافُ الأصحاب ذكرتُه، وما ذُكر فيه وجهٌ غريبٌ منقاسٌ، ذكرت ندورَه وانقياسَه، وإن انضم إلى ندوره ضعفُ القياس، نبَّهتُ عليه، بأن أذكر الصوابَ، قائلاً: "المذهب كذا"، فإن لم يكن له وجهٌ، قلتُ بعد ذكر الصواب: وما سوى هذا غلط.


4- وإن ذكر أئمةُ الخلاف وجهاً مرتبكاً أنبِّه عليه، بأن أقول: اتفق أئمةُ المذهب على كذا، فتجري وجوهٌ من الاختصار، مع احتواء المذهب على المشهور والنادر.


5- وإن جرت مسألةٌ لم يبلغني فيها مذهبُ الأئمّة خرّجتُها على القواعد، وذكرت مسالك الاحتمال فيها، على مبلغ فهمي"[3].

 

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: نهاية المطلب لإمام الحرمين الجوينيّ / سلسلة كل يوم كتاب في الفقه الشافعي

ثانياً: الإمام الجوينيّ هو المحرِّر الأول للمذهب الشّافعيّ:


ممّا هو شائع في تاريخ المذهب الشافعيّ، أنّ تحريره وتمييزه ممّا عداه من المذاهب، في مختلف الأبواب والمسائل، قد صار الاعتماد فيه على كتب الإمامين الرَّافعيّ والنَّوويّ، ولذا فقد لُقِّبا في المذهب بالشيخين.


ويذهب محقّق الكتاب الدكتور عبد العظيم الديب، إلى أنّ إمام الحرمين الجوينيّ، من خلال كتابه هذا، يُعتبر سابقاً لشيخي المذهب: الرافعي والنووي، في القيام بمهمة التحرير، يدلُّ على ذلك عنوان كتابه: (نهاية المطلب في دراية المذهب)، وما ذكره في مقدّمته مبتهلاً إلى عزّ وجلّ أن يُيسّر له ما همَّ بافتتاحه"من مذهبٍ مُهذَّبٍ، للإمام المُطَّلِبي الشافعي رضي الله عنه، يحوي تقريرَ القواعد وتحرير الضوابط [والمعاقد]، في تعليل الأصول، وتبيين مآخذ الفروع، وترتيب المفصَّل منها والمجموع، ومشتملٍ على حل المشكلات، وإبانة المعضلات، والتنبيه على المَعاصات والمُعْوِصات، ويُغني عن الارتباك في المتاهات، والاشتباك في العمايات"[4].


يقول الدكتور الديب: "ثم من يطالع النهاية يجد الإمام التزم بما وعد به من تهذيب مذهب الإمام المطلبي، فحينما ينقل وجوهَ الأصحاب، ويكون فيها ما لا يمكن تخريجه على أصول الشافعيّ، يُنبّه على ذلك، ويُميّز ما ليس من المذهب عمّا هو منه، بل قد ينقدح عنده هو وجهٌ يخالف المذهب، فيعرضه ويقرّره، ولكنه يقول معقّباً: "والمذهبُ كذا"[5]، قال: "وعندما تعرّض لعلّة الربا في الأصناف الستة، وأشار إلى طرفٍ من الخلاف، تجدُه يكُفُّ نفسه عن الاسترسال في ذلك، قائلاً: ولا يليق التعرض للاختلاف بهذا الكتاب المقصور على بيان مذهب الشّافعيّ وأصحابه، فالوجه الاقتصار على هذا المذهب"[6].


ولعلّ الاطّلاع على المنهج الّذي اتّبعه إمام الحرمين في كتابه الّذي بين يدينا، سيُشير إلى الدّور الكبير الّذي لعبه في تحرير المذهب، حتّى يُمكن أن يُقال: لئن كان الرَّافعيُّ والنَّوويُّ هما الشيخان، فإنّ الجوينيّ -بما بذله من جهد واجتهادٍ في تحرير المذهب- هو الإمام بعد الشّافعي، ومن أبلغ ما يدلُّ على ذلك أنّ أحد شيخي المذهب، وهو الإمام النوويّ في (المجموع: 1/54) لدى نظره في إحدى المسائل أقرّ بإمامته قائلاً: "قال إمام الحرمين، وهو عمدة المذهب"، وسيتّضح لنا المزيد من معالم الجهد التحريري الّذي قام به الإمام الجويني، لدى الكلام عن المنهج الّذي اتّبعه في هذا الكتاب.
 

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: نهاية المطلب لإمام الحرمين الجوينيّ / سلسلة كل يوم كتاب في الفقه الشافعي

ثالثاً: إمام الحرمينِ بين تحرير المذهب وتجديده:


وهذه المسألةُ تُثير سؤالاً مهمّاً: هل كان هؤلاء الأئمّة، يتحرّون تحرير المذهب، ولا يكادون يخرجون عن أصوله، حتّى لو بدا لهم الخللُ في بعض مسائله المقرّرة؟ والجوابُ: إنّ الاجتهادَ في حفظ أصول المذهب، عملٌ مهمٌّ جداً؛ ما دام أنّه قد تحقّق لديهم صحّةُ هذه الأصول، بيد أنّه ينبغي أن لا يؤدّي ذلك إلى إقرار ما يبدو أنّ فيه خللاً، لأنّ الأصل الكبير في المذهب هو الاتّباع للكتاب والسنة.


وممّا يؤكّد هذا المعنى موقف الإمام الجويني من تخريجات المُزنيّ، عند نظره في واحدةٍ من مسائل كتاب الخُلع، وقوله عنها: "والّذي أراه أن يُلحقَ مذهب المُزنيّ في جميع المسائل بالمذهب، فإنّه ما انحاز عن الشّافعيّ في أصلٍ يتعلّق الكلام فيه بقاطعٍ، وإذا لم يفارق الشّافعيَّ في أصوله، فتخريجاته خارجةٌ على قاعدة إمامه، فإن كان لتخريج مُخرِّجٍ التحاقٌ بالمذهب، فأولاها تخريج المُزنيّ، لعلوّ منصبه في الفقه، وتلقّيه أصول الشافعيّ من فَلْقِ فيه، وإنما لم يُلحِقِ الأصحاب مذهبه في هذه المسألة بالمذهب، لأنّ من صيغة تخريجه أن يقول: قياس مذهب الشافعيّ كذا وكذا. وإذا انفرد بمذهبٍ، استعمل لفظةً تُشعر بانحيازه، وقد قال في هذه المسألة –لما حكى جواب الشافعيّ-: ليس هذا عندي بشيءٍ، واندفعَ في توجيه ما رآه"[7].


انظر لمنهجيّة المُزَنيّ، في تعامله مع شيخه، كما يذكرُها الإمام الجوينيّ؛ تجد أنّ هذا المذهب يتمُّ بناؤه بوعيٍ وإدراك واجتهاد، وأنّه ليس مجرّدَ تصحيحٍ لأقوال الإمام الشافعيّ، وبياناً لما قاله وردّاً لما لم يقله.


ومن ناحيةٍ أخرى، نلحظ في منهجية الإمام الجويني في التعامل مع المُزَنيّ، أنّه "يعرف للمُزَني حقّه، ويُقرُّ بعلوّ منصبه، ويُفضّل تخريجاته التي التزم فيها أصول الشافعيّ على تخريجات غيره، ويجعلها الأولى بالالتحاق بالمذهب، أمّا التي لا يلتزم فيها أصول الشافعيّ، فهي ليست من المذهب، مع علوّ منصب صاحبها"[8].


إضافةً إلى أنّ الإمام لم يكن يُلجم نفسَه عن قولٍ أو اجتهادٍ "يُخالف فيه المذهب، أو يزيدُه وجهاً، ولكنّه يحرص دائماً على أن يُميّزه عن المذهب بتعبيرٍ واضحٍ، لا احتمال فيه، من مثل قوله: "كنت أودّ لو قال قائلٌ من أئمّة المذهب بكذا" بل قد يختار مذهباً مخالفاً، ويُعلّل لاختياره، ويستدلّ له، ولكنه دائماً يُميّز اختياره عن المذهب، مثال ذلك: حينما يعرض لرأي الشافعيّ في الزكاة، ...، وأنّ الزكاة تُخرج من المال الّذي تجب فيه الزكاة، ...، نجده يُشير إلى رأي مالكٍ وقوله: بأنّ الورِق يُجزئ عن الذّهب، والذهب يجزئ عن الورق، فنراه يُعلن ميله لرأي مالكٍ صراحةً، فيقول: "وهذا فيه قربٌ" ثمّ يُعلّل لرأي مالكٍ ويوجّهه"، ويذكر محقّق الكتاب أنّه توجد في تضاعيف هذا الكتاب، كثيرٌ من النماذج الدالّة على ذلك.
 

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: نهاية المطلب لإمام الحرمين الجوينيّ / سلسلة كل يوم كتاب في الفقه الشافعي

[h=1]رابعاً: ملامح منهج إمام الحرمين في كتابه:


ويستقرئ محقِّق الكتاب بعض ملامح منهج إمام الحرمين، ممّا استخرجه من نصوص كتابه، على النحو التالي:


1. "بصر وبصيرةٌ بروح الشّرع، ومقاصد الشريعة" (ص250).


2. "تحرّي الدقة والتّثبُّت في النقل عن الأئمّة" (ص258) قال المحقق: "وإذا كنا قد سجّلنا هذا منهجاً لإمام الحرمين، وأقمنا الدليل عليه من نصوص عباراته في كتابنا هذا، فقد سبقنا إلى ذلك إمامٌ جليل من أئمّة المذهب، وهو شهاب الدين المعروف بابن أبي الدم، فقد وصف الإمام بأنه "معروفٌ بشدة تتبّعه كلام مَن تقدّمه بالبحث والتحقيق".


3. "الاهتمام بوضع القواعد والضوابط" (ص262).


4. "الالتزام بترتيب مختصر المُزَنيّ" (ص266) رغم تعبيره عن عدم رضاه بهذا الترتيب في أكثر من مناسبة، قال محقّق الكتاب: "ولقد أدى هذا الالتزام بترتيب المختصر، الذي فرضه الإمام على نفسه إلى حرمانه من التبويب والتفصيل والتفريع بالأسلوب المنطقي الرائع الّذي رأيناه في كتاب (البرهان) وأوفى على الغاية في كتابه (الغياثي)"، ثم أشار المؤلف إلى الترتيب البديع الذي رتّب به الغزالي كتاب (البسيط) المبني على كتاب النهاية، إذ قسمه على أربعة أرباع: العبادات، المعاملات، المناكحات، الجراح.


5. "الغرض من النظر في فقه السّلف" (ص271)، ونقل عن إمام الحرمين قوله –بعد أن حكى مذهب أبي سلمة بن عبد الرحمن، ومذهب طاوس في إحدى مسائل التّيمُّم-: "وقد أرى في بعض الفصول حكايةَ مذهب السَّلف، لغرضين: أحدهما: أنّي أرى مذهبين في طرفي النّفي والإثبات، ومذهب الشافعيّ يتوسّطهما. الثّاني: أنّ من الأحكام ما يظنُّ بعض النّاس أنّه متّفق عليه، فأحكي فيه خلافاً أصادفه لمقصودٍ في التّفريع".


6. "الغرض من ذكر المذاهب المخالفة" (ص271) ونقل عن إمام الحرمين قوله: "والغرضُ من ذكر مسائل الخلاف: بيان الأصول التي بُنيت عليها، والفرق بين الأصول".


7. "إنصافٌ للمذاهب المخالفة" (ص273)، قال المحقق: "ففي فصل زكاة الحُلي، بعد أن أفاض في بيان المذهب، وأنّ الزكاة لا تجب في الحُلي عندنا، وذكر مذهب أبي حنيفة، وخلافه في ذلك عقّب قائلاً: "ولا يخفى على ناظرٍ في وجه الرّأي: أنّ الأصحّ في القياس إيجابُ الزكاة في الحُلي".


8. "معرفة الواقع والإحاطة به" (ص274)، ويذكر المحقق لذلك نماذج من الكتاب تدلّ على دقّة إحاطته بالواقع.


9. "البراعة في التشبيه والتمثيل لتوضيح المعاني" (ص277).


10. "التمسّك بالخبر وتقديمه على القياس" (ص279).

[/h]
 

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: نهاية المطلب لإمام الحرمين الجوينيّ / سلسلة كل يوم كتاب في الفقه الشافعي

خامساً: وقفةٌ مع إمام الحرمين:


نقف عند إمام الحرمين، من خلال ما كتبه عنه محقّق الكتاب الدكتور عبد العظيم الديب، الّذي صحبه مدّة أربعين سنةً، يقول:


"اندفعتُ في طريقي مع إمام الحرمين في صحبة طويلة، عشت معه في (نيسابور) حيث نشأ، ورأيت بيته حيث درج، وصَحِبْته إلى مجالس شيوخه، ومدارس أساتذته، ثم جلست إليه مع تلاميذه نسمع له، حيث أُجلس للتدريس وهو في نحو العشرين من عمره، وأَصَخْت إليه، وهو يخطب بالجامع المنيعي (أكبر جوامع نيسابور) ، ورأيته والناس حوله يبكون ببكائه في مجالس وعظه وتذكيره.


ثم رأيته يصول ويجول في ميدان المناظرة يقمع دعاة الفتنة، ويرد شبهاتِ الزائغين، ويكشف زيفَ المبتدعين.


ثم رأيته يصطلي بنار المحنة ولهيبها، فيضطر للهجرة، ويصابر ويصبر، ويحتسب، من غير أن يتزعزع، أو يتلجلج.


ثم تتبّعتُ آثاره ومصنَّفاتِه، ورأيت كيف جال في أكثر من علم، وبرع في أكثر من فن، فخلف مصنفاتٍ تربو على الأربعين عدّاً، منها ما يصل إلى نحو عشرين مجلداً، أسعفتنا الأقدار ببعض هذه المصنفات، فسلمت من المحن التي ابتلي بها تراث أمتنا، وبعضها سمعنا به ولمَّا نره بعد...


ثم ...، أستمع إليه وأنصت، وأطيل الاستماع والإنصات، وأُديم التأمل فيما أسمع من مؤلفاته كلِّها، وبخاصَّة ٍكتابه الأكبر: (نهاية المطلب) وأعرض ما أراه عنده، وما أسمع منه على ما سبقه من كتب المذهب، وأقارنه بما بعده من فقه الأئمَّة، محاولاً بذلك أن أصل -قدر الوُسع- إلى خصائص فقهه ومنزلته في مجال الفقه...


وكان من الحقائق التي ظهرت لي، واستقرَّت عندي أنَّ علم إمام الحرمين الأول هو علم الفقه، وأنَّ الاشتغال بكتبه وآثاره في علم الكلام، واعتباره متكلماً، قد شغل النَّاس -بغير حقٍّ- عن فقهه، ومنزلته، وجهوده، وأثره في إقامة المذهب الشافعي"[9].
 

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: نهاية المطلب لإمام الحرمين الجوينيّ / سلسلة كل يوم كتاب في الفقه الشافعي

سادساً: وقفةٌ عند محقّق الكتاب:


حقّاً إنّه ميلاد جديدٌ لكتابٍ قديمٍ! فقد ظلّ هذا الكتاب مطموراً مقبوراً قروناً عديدةً، موزّعةً أجزاؤه بين مكتبات العالم، إلى أن قيّض الله له الباحث المحقّق الدكتور عبد العظيم محمود الدِّيب، الّذي ربطته بإمام الحرمين علاقةٌ وثيقةٌ، بدأت عند إعداده دراسة عن (إمام الحرمين: حياته وآثاره) حصل بها على درجة (الماجستير) من كلية دار العلوم بالقاهرة، وتجدّدت عند إعداده دراسةً عن (فقه إمام الحرمين) حصل بها على درجة (الدكتوراه) مع مرتبة الشَّرف، ثمّ تعمّقت لدى تحقيق الدكتور لكتب الإمام الجويني: (البرهان) و(الغياثيّ) و(الدرة المضيَّة)، أمّا رحلته مع هذا الكتاب، فقد استغرقت ربع قرنٍ من الزَّمان، أنفقها في جمع ملازمه وفصوله، من شتّى مكتبات العالم، ثم في معاناة إعادة جمع الكتاب وترتيبه، حتّى يكونَ مقارباً للأصل، ثم في حلِّ ألفاظه ومعالجة مشكلاته ومعضلاته، حتّى استوى الكتاب على سوقه بمجلداته العشرين.


ومن الممكن أن نقول بثقةٍ: إنَّ كتاب (نهاية المطلب) قد وُلِد مرّتينِ، المرّةِ الأولى على يدي مؤلّفه، إمام الحرمين الجوينيّ، الّذي كتب في تلك اللحظة يقول عن مولوده الجديد: "ولستُ أُطنب في وصفه، وسيتبيّن شرفَه مَن يوفّق لمطالعته ومراجعتِه، وهو على التحقيق نتيجةُ عمري، وثمرةُ فكري في دهري"[10].


أمّا الميلاد الثّاني للكتاب، فقد كان على يدي محقّقه: الدكتور عبد العظيم الديب، الّذي بذل جهداً مضنياً، في إزاحة ركام مئاتِ السنينِ عنه، وتجميع نسخه من شتّى مكتبات العالم، ولئن كان لإمام الحرمين الجويني دَينٌ على كلّ مسلمٍ وعلى كلّ طالب علمٍ، بكتابه هذا، فإنّ محقّق هذا الكتاب الدكتور عبد العظيم الديب، قد أدّى ما عليه من هذا الدَّين، بما بذله من جهدٍ، أتاح به لطلاب العلم والباحثين أن يطّلعوا على هذا السّفر الجامع من أسفار الفقه الإسلاميِّ.


وممّا يدلّ على مدى الجهد الّذي بذله محقّق الكتاب، أنّه لم يكتفِ بوضع الفهارس السّتّةِ المعتادة في البحوث والتّحقيقات، بل أضاف إليها فهارس أخرى، تكشف عن كنوز الكتاب، وهي على التّوالي الفهارس الآتية: "7- معجم غريب النهاية. 8- المسائل اللغوية والخصائص الأسلوبية. 9- المسائل الخلافية بين المالكية والشافعية. 15- المسائل الخلافية بين الحنفية والشافعية. 11- المسائل الخلافية بين الحنابلة والشافعية. 12- المسائل الخلافية بين الظاهرية والشافعية. 13- مسائل فقه الصحابة. 14- مسائل فقه السلف. 15- فهرس القواعد الأصولية. 16- فهرس القواعد الفقهية. 17- فهرس المسائل التي ليست لها أبواب معروفة. 18- فهرس المسائل الملقبة. 19- فهرس مبتكر لم نسبق إليه، وهو فهرس الكلمات التي تعذر علينا قراءتُها، فقد صوّرناها من المخطوط، ووضعناها في قائمةٍ مرتبة على الصَّفحات في آخر المجلد، آملين أن يلهم الله أحد المطالعين قراءة صحيحة لها. وهي كلمات معدودة، وليست في كل جزء. 20- كشاف برؤوس الموضوعات على حروف المعجم"[11].


جزى الله خيراً الدكتور عبد العظيم الديب، على هذه الخدمة الجليلة التي أسداها للعلم الشّرعيّ وطلابه، بإخراجه لهذا السّفر النّفيس، وتقريب علومه لطلاب العلم والباحثين.




[1] د.محمد عبد الرحمن شميلة، المجلد الأول، بين يدي الكتاب: صفحة رقم (أ).

[2] د.محمد عبد الرحمن شميلة، المجلد الأول، بين يدي الكتاب: صفحة رقم (أ).

[3] نهاية المطلب: 1/3.

[4] نهاية المطلب: 1/3.

[5] نهاية المطلب، المقدمات: ص 229.

[6] نهاية المطلب، المقدمات: ص230.

[7] نهاية المطلب، المقدمات، ص 233.

[8] نهاية المطلب، المقدمات، ص 233.

[9] نهاية المطلب في دراية المذهب، المقدمة: ص 21.

[10] نهاية المطلب في دراية المذهب 1/ 3.

[11] نهاية المطلب في دراية المذهب، المقدمة: ص 374، واعتذر المحقّق لعجزه عن إكمال ثلاثة فهارس: الخامس عشر والسادس عشر والعشرين.
 
إنضم
22 يونيو 2009
المشاركات
17
التخصص
سيرة نبوية
المدينة
دمشق
المذهب الفقهي
شافعي
رد: نهاية المطلب لإمام الحرمين الجوينيّ / سلسلة كل يوم كتاب في الفقه الشافعي

وإنه لمن المزعج أن يسطو على الكتاب رجل لا يعرف العلم ويسرق جهد الدكتور الديب رحمه الله .
والأبشع أنه يدعي كذباً أنه صحب الكتاب مدة أحد عشر عاماً وهو لم يتجاوز بعد الثلاثين من عمره !!!!!!!
فحسبنا الله ونعم الوكيل
 
أعلى