رد: ما الدليل على تحريم النكاح الى أجل؟
كلام جميل,,,,و أنا أسأل عن الدليل, بغض النظر هل الدليل علة, أو نص أو مفهوم...الخ,,, واجابتك شافية, بوركت
ثلاث أسئلة أخيرة:
أولاً: اذن قد ربطت سيدي بين حكم (الزواج مع الوعد بالطلاق) و بين (زواج المتعة) و بين (لطلاق المعلق بمقطوع الأجل ).... لأن العلة واحدة
فهل تُضيف اليها أيضاً الزواج بنية الطلاق, كمن نوى أن يطلقها بعد شهر حتماً؟ لأن العلة المذكورة واحدة؟
------------------------------------
ثانياً: قد قال الشيخ محمد الصالح بن عثيمين عن الزواج بنية الطلاق :
لو نوى زوج "المتعة" بدون شرط يعني: نوى الزوج بقلبه أن يتزوج هذه المرأة لمدة شهر، ما دام في هذا البلد فقط، فهل نقول إن هذا حكمه حكم المتعة أم لا؟ في هذا خلاف، فمنهم من قال " إنه في حكم نكاح المتعة" لأنه نوى وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" (2) . وهذا الرجل قد دخل على نكاح مؤقت "المتعة" ، فكما أنه إذا نوى التحليل وإن لم يشترطه: صار حكمه حكم المشترط، فكذلك إذا نوى المتعة وإن لم يشترطها ، فحكمه كمن نكح نكاح متعة، وهذا القول - كما ترى - قول قوي.
وقال الآخرون: إنه ليس بنكاح متعة ، لأنه لا ينطبق عليه تعريف " نكاح المتعة" فنكاح المتعة أن ينكحها نكاحا مؤقتا إلى أجل، ومقتضى هذا النكاح المؤجل : أنه إذا انتهى الأجل انفسخ النكاح ولا خيار للزوج فيه ولا للزوجة، وهو أيضا: ليس فيه رجعة، لأنه ليس طلاقا ، بل هو انفساخ النكاح، وإبانة للمرأة ، فهذا هو نكاح المتعة، لكن من نوى هل يلزم نفسه بذلك إذا انتهى الأجل ؟ الجواب : لا، لأنه قد ينوي الإنسان أنه لا يريد أن يتزوجها إلا ما دام في هذا البلد، ثم إذا تزوجها ودخل عليها رغب فيها ولم يطلقها، فحينئذ لا ينفسخ النكاح بمقتضى العقد، ولا بمقتضى الشرط لأنه لم يشرِط ولم يُشترَط عليه. فيكون النكاح صحيحا وليس من "نكاح المتعة".
وشيخ الإسلام رحمه الله اختلف كلامه في هذه المسألة ، فمرة قال بجوازه، ومرة قال بمنعه. والذي يظهر لي أنه ليس من نكاح المتعة، لكنه محرم من جهة أخرى، وهي خيانة الزوجة ووليها. لأن الزوجة ووليها لو علما بذلك : ما رضوا وما زوجوه. ولو شرطه عليهم صار نكاح متعة .
فنقول : إنه محرم لا من أجل أن العقد اعتراه خلل يعود إليه، ولكن من أجل أنه من باب الخيانة والخداع
---------------------------------------------------------------
فرجلٌ تزوج بنية الطلاق, و صرح بأنه ينوي أن يطلق,,,أيصح عقده (على التعريف السابق للشيخ ابن العثيمين للمتعة)؟
هذا تعريف المتعة الذي ذكره الشيخ لا ينطبق عليه و في نفس الوقت: لن يقع في محذور الخيانة
أخيراً: من صحح زواج من ينوي حتماً الطلاق, و من جعل الطلاق المعلق الى أجل واقعاً عند بلوغ الأجل, و من صحح وعد البيع الملزم, و من جعل تعريف نكاح المتعة التعريف المذكور في كلام ابن العثيمين,,, ألا يلزمه أن يُصحح عقد: من تزوج بنية الطلاق و صرح بنيته؟ و أن يصحح عقد من تزوج ووعدها بالطلاق وعداً ملزماً؟
أليست هذه مصادرة على المطلوب؟
بارك الله فيك أخي الكريم.
بالنسبة لأسئلتك :
أولا : الزواج بنية الطلاق ليس فيه تحديد للأجل ، وعندما نقول تحديد أجل أي تحديده علنا لا أن يحدده في قلبه فالعقود لها الظاهر و ما في القلب لله عز و جل و كل ما كان في القلب لا يعمل به في العقود إلا أن تدل عليه القرائن لأن ادخال النوايا في العقود يعطل مصالح الناس و لو ذهبنا نفعل ذلك لأدعى المطلق أنه لم ينوي الطلاق و البائع أنه لم ينوي البيع.
ثانيا : إذا علم ذلك تبين أن من جمع بين الزواج بنيه الطلاق و المتعة بالنية في الطلاق ذهب مذهبا غير صحيح لأن العلة التي ينفك عنها الزواج بنية الطلاق عن المتعة هي عدم تحديد الأجل و عدم إعلانه لا كون الطلاق ينفسخ بالأجل.
ثالثا : العبرة في العقود بالمعاني لا المباني فعلى هذا من أراد الزواج بنية الطلاق و صرح بنيته عند العقد و أعلن أجلا للطلاق فهذا زواج متعة و لا يعتبر زواجا بنية الطلاق و إن كان زواج المتعة فيه نية طلاق لكنه يزيد عنه بإعلان الأجل أما إن كتم الرجل أجله فليس لنا سبيل لمعرفة ما في القلوب لذلك العقد صحيح لأن ظاهره صحيح و مصالح الناس لها الظواهر و لا يمكن ربطها بما في القلوب لأنه بذلك تتعطل.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في كتابه رحلة الحج إلى بيت الله الحرام صـ100 دار ابن تيمية
ومما سألونا عنه : الغريب في بلد يريد التزوج فيه ونيته أنه إن أراد العود لوطنه ترك الزوجة طالقا في محلها .. هل تزوجه مع نية الفراق بعد مدة يجعل نكاحه نكاح متعة فيكون باطلا أم لا؟
فكان جوابنا أنه نكاح صحيح ولايكون متعة إلابالتصريح بشرط الأجل عند عامة العلماء إلا الأوزاعي فأبطله ونقل كلامه هذا الحافظ ابن حجر في فتح الباري ولم يتعقبه بشئ، وعن مالك رحمه الله أنه قال :ليس هذا من الجميل ولا من أخلاق الناس. اهــ
إذن يمكنك حفظ قاعدتين :
المصالح بين العبد و ربه مبنية على النوايا فإذا حلفت يمينا لغوا فالله عزوجل ربط جعلها لغوا بنيتك و لك أنت النظر في ذلك و إذا صليت الظهر ظاهرا فقد جعل الله عز وجل صحة صلاتك متعقلة بنيتك و هكذا كل ما هو بين الله وعبده مرتبط بالنية.
أما المصالح بين الناس فهذه لها الظواهر فمتى صح العقد ظاهرا حكم بصحته لأنه ليس للناس سبيل بمعرفة الباطن إلا أن تدل قرائن على ما في القلوب فيعمل بها كالذي وقع في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله ، قال ابن حزم في المحلى : روينا من طريق وكيع عن ابن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة عن خيثمة بن عبد الرحمن قال : قالت امرأة لزوجها : سمني ؟ فسماها الظبية ، قالت : ما قلت شيئا ؟ قال : فهات ما أسميك به ؟ قالت : سمني خلية طالق ، قال : فأنت خلية طالق ، فأتت عمر بن الخطاب فقالت : إن زوجي طلقني ؟ فجاء زوجها فقص عليه القصة ؟ فأوجع عمر رأسها ، وقال لزوجها : خذ بيدها وأوجع رأسها .اهــ
و قد يشهد الشاهد و هو فاسق الباطن لكن ظاهره العدالة فيأخذ القاضي بشهادته و هكذا كل ما في المعاملات بين الناس محكوم على الظواهر لكي لا تتعطل مصالح الناس و على هذا مشى الجمهور في تصحيح الزواج بنية الطلاق لأن أركان الزواج حاضرة و ليس للناس سبيل في معرفة البواطن و لذلك لما سئل الإمام مالك عن الزواج بنية الطلاق صحح العقد و قال ليس هذا من الجميل ولا من أخلاق الناس.
و على هذا لو قال الزاني للزانية أتزوجك لساعة و أطلقك بعدها فهذا متعة لأنه علمنا بما سيفعله و العبرة بالمعاني و هنا توفرت علة المتعة فحكمنا عليه بالمتعة لكن لو نوى الزواج لساعة ثم الطلاق دون أن يعلن ذلك لأجرينا العقد على ظاهره فلا يمكن أن نبطله لأنه ليس لدينا علم بما في قلبه و مادام توفرت شروط الزواج فهو صحيح و الله لا يكلف الناس أكثر من وسعهم.
و الله أعلم.