العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

دراسة نقدية لموضوع الاستحسان في كتب الحنفية (على شكل وورد)

د. نعمان مبارك جغيم

:: أستاذ أصول الفقه المشارك ::
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
197
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
-
المذهب الفقهي
من بلد يتبع عادة المذهب المالكي
دراسة تحليلة لمفهوم الاستحسان في المذهب الحنفي
بين مرحلتي التأسيس والتدوين

د. نعمان جغيم

ملخص

يدرس هذا البحث مفهوم الاستحسان في المذهب الحنفي. وهو لا يُعنى بالمباحث التقليدية لهذا الموضوع، وإنما يخص بالدراسة تحقيق مفهوم الاستحسان في استعمال أبي حنيفة، وكيف أن ذلك الاستعمال يختلف إلى حد كبير عن المفهوم الذي أعطاه له المتأخرون من أصوليي المذهب بجعله أصلا من أصول الاستنباط في المذهب. كما يكشف عن التطور التاريخي الذي انتقل به لفظ الاستحسان من مجرد تعبير لا يكاد يخرج عن معانيه اللغوية إلى مصطلح له دلالات أصولية مضطربة. ويدعو الباحث إلى العودة بالاستحسان إلى معناه الحقيقي للخروج مما وقع فيه المتأخرون من فقهاء المذهب من اضطراب في بيان حقيقته.
مقدمة

دأب الإمام أبو حنيفة رحمه الله على استعمال لفظ الاستحسان في مجالسه العلمية أثناء تقليب وجوه النظر في المسائل الفقهية، وتناقل عنه تلاميذه هذا الاستعمال. ولما بلغ هذا التعبير بعض الأوساط العلمية من غير الحنفية بالصورة التي نُقلت إليهم أنكروه،[1] كما أنكر غالبية أصوليي المتكلمين فيما بعد كونه أصلا من أصول الاستنباط، وقام نقاش طويل حول مشروعيته، وحقيقته، وهل الخلاف فيه لفظي أم حقيقي؟

وهذا المقال لا يُعنى بالمباحث التقليدية للاستحسان؛ وإنما تدور إشكاليته حول تحقيق مفهوم الاستحسان عند أبي حنيفة: هل كان يستعمل هذا اللفظ بالمعنى الذي استقر عليه تعريف أتباع مذهبه؟ أم أنه كان يستعمله بمعنى آخر؟

وتكمن أهمية البحث في هذا الموضوع فيما يراه الباحث خلطا منهجيا نتج عن عدّ الاستحسان أصلا من أصول الاستنباط في المذهب الحنفي، على الرغم من عدم وجود حقيقة ظاهرة له عندهم بدليل اضطراب عباراتهم في بيان حقيقته. وتتجلى خطورة ذلك الخلط المنهجي في مظاهر: منها ما وصل إليه بعض علماء التخريج في المذهب من البحث في مسائل المذهب التي ذكر فيها قياس واستحسان: هل هي مسائل فيها رأيان: أحدهما القياس، والآخر الاستحسان، وأن العمل بالاستحسان أولى مع جواز العمل بالقياس؟ أم أنها لا يكون فيها إلا قول واحد هو ما وُصف بالاستحسان؟[2]
ومنها ما شاع عند من كتبوا في الأصول من المعاصرين من عدّ الاستحسان مصدرا من مصادر الأحكام الشرعية (حتى وإن عدوه من الأدلة التبعية أو المختلف فيها)، وهو الأمر الذي أدى إلى لبس في فهم بعضهم إلى درجة انتقاد الأصوليين من مدرسة الجمهور واتهامهم بعدم تطوير أصل الاستحسان، وقتله في مهده، والدعوة إلى إحياء هذا الأصل لكونه من الجوانب التي ينبغي تطويرها في محاولة تجديد أصول الفقه.[3] وليس الاعتراض هنا على المضامين التي حُمِّلت لمصطلح الاستحسان، وإنما الاعتراض على الخلط المنهجي الذي نتج عن جعل مصطلح غامض الحقيقة مصدرا من مصادر الأحكام الشرعية، مع كون ما أُدخل ضمنه أجزاء من مباحث أخرى أصيلة في علم أصول الفقه.

وتقوم فرضية هذا البحث على وجود لبس في تفسير استعمال أبي حنيفة لكلمة الاستحسان، وهو الأمر الذي أدى بالمتأخرين من أصوليي الحنفية إلى أن يذهبوا بالاستحسان إلى حدّ عدّه أصلا من أصول الاستنباط. أما المنهج المتبع في هذه الدراسة فيتمثل في النظر في التطورات التاريخية التي مرّ بها مفهوم الاستحسان، وتناولها بالتحليل والنقد بغرض استخلاص النتائج.

تطورات تعريف الاستحسان في المذهب

أحاط الغموض باستعمالات لفظ الاستحسان عند أبي حنيفة منذ وقت مبكر،[4] وقد أدى ذلك إلى عدم وضوح مفهومه عند علماء المذهب، وهو الأمر الذي يدل عليه اضطراب عباراتهم في تعريفه وبيان حقيقته، ويلخص ذلك قول عبد العزيز البخاري:
"واختلفت عبارات أصحابنا في تفسير الاستحسان الذي قال به أبو حنيفة رحمه الله. قال بعضهم: هو العدول عن موجب قياس إلى قياس أقوى منه... ولكن لم يدخل في هذا التعريف الاستحسان الثابت بدليل آخر غير القياس، مثل ما ثبت بالأثر أو الإجماع والضرورة... وقال بعضهم: هو تخصيص قياس بدليل أقوى منه، وهذا اللفظ وإن عمّ جميع أنواع الاستحسان، ولكنه يشير إلى أن الاستحسان تخصيص العلة، وأنه ليس بتخصيص. وعن الشيخ أبي الحسن الكرخي رحمه الله أن الاستحسان هو أن يعدل الإنسان عن أن يحكم في المسألة بمثل ما حُكِمَ به في نظائرها إلى خلافه لوَجْه أقوى يقتضي العدول عن الأول، ويلزم عليه أن يكون العدول عن العموم إلى التخصيص وعن المنسوخ إلى الناسخ استحسانا وليس كذلك... وقال بعض أصحابنا الاستحسان هو القياس الخفي، وإنما سُميّ به لأنه في الأكثر الأغلب يكون أقوى من القياس الظاهر فيكون الأخذ به مستحسنا...".[5]

ويعود سبب هذا الاضطراب إلى أنه لم يرد عن أبي حنيفة تصريح بمفهوم ما كان يعبّر عنه بـ"الاستحسان" ولا ضوابطه، ولا مفهوم القياس الذي كان يُستخدم في مقابله، وما ورد عبارات مطلقة رواها عنه تلاميذه يمكن فهمها على أكثر من وجه. كما أن الصاحبين لم يضبطا مرادهم بالاستحسان ولا بالقياس المقابل له، كما هو معهود عند أهل الاصطلاح في الأجيال التي جاءت فيما بعد.[6] وحتى الجزء المعنون له بـ"كتاب الاستحسان" من كتاب "الأصل" للإمام محمد ليس فيه أي حديث عن مفهوم الاستحسان ولا القياس المقابل له،[7] بل لم يرد فيه لفظ الاستحسان سوى في موضع واحد، كان بمعناه اللغوي الذي يعني التفضيل، حيث قال: "فإني استحسنت له أن لا يعجل بقتله حتى ينظر أيأتيه بشاهد آخر أم لا؟ وإن قتله قبل أن يتأنى كان عندي في سعة، ولكن التثبّت أفضل".[8]

ومن أوائل التعريفات المنقولة تعريف الكرخي (340هـ) السابق ذكره في كلام البخاري.[9] وعلى الرغم من أن هذا التعريف يبدو الأقرب إلى حقيقة الاستحسان عند أئمة المذهب، إلا أن من جاء بعده من فقهاء المذهب رفضوه واعترضوا عليه بما ذكره عبد العزيز البخاري. ويبدو أن الاعتراض عليه لم يكن بسبب عدم مطابقته لاستعمالات مؤسسي المذهب، وإنما لاعتبارات فنية من جهة، وتحكيما للمفهوم الذي أُعطي للاستحسان في مرحلة متأخرة من جهة أخرى. فالاعتبار الفني لرفضه هو كونه لم تتوفر فيه شروط الحد التي كثُر اهتمام المتأخرين من الأصوليين بها بسبب تأثرهم بالحدود المنطقية، وهو ما لم يكن يهتم به كثيرا جيل التأسيس من العلماء، أما الاعتبار الثاني فهو ميلهم إلى عدّ الاستحسان أصلا مستقلا مقابلا للقياس كما سيأتي بيانه.
وتدقيق النظر في تعريف الكرخي يُظهر أنه لم يكن يرى الاستحسان أصلا من أصول الاستنباط، ولا مصدرا من مصادر الأحكام، بل كان يعدّه طريقا من طرق التعامل مع الأدلة بالتخصيص أو الترجيح؛ ولذلك فهو لم يكن في حاجة إلى الاحتراز في تعريفه عن دخول التخصيص أو غيره، ومن ثَمّ فإن ما اعتُرض به على تعريفه لا يمكن عدّه قصورا فيه، بل ربما كان قصورا في إدراك المتأخرين لحقيقة تعبير الاستحسان عند إمام المذهب.

ولم يبتعد الجصاص (370هـ) في بيانه لحقيقة الاستحسان عما عرّفه به شيخه الكرخي، حيث يبدو الاستحسان عنده مجرّد تعبير يطلقه أئمة المذهب على بعض مسالكهم في الاجتهاد، وليس أصلا من أصول الاستنباط يقابل القياس، حيث يقول:
"وقد سمى أصحابنا عموم الكتاب والسنة في بعض الأحوال استحسانا، وكذلك الإجماع والقياس... وليست الأسماء محظورة على أحد عند الحاجة إلى الإفهام، بل لا يستغني أهل كل علم وصناعة إذا اختصوا بمعرفة دقيق ذلك العلم ولطيفه وغامضه دون غيرهم، وأرادوا الإبانة عنها وإفهام السامعين لها من أن يشتقوا لها أسماء، ويطلقوها عليها على جهة الإفادة والإفهام، كما وضع النحويون أسماء لمعان عرفوها وأرادوا إفهامها غيرهم، فقالوا: الحال، والظرف، والتمييز، ونحو ذلك".[10]
ويرى الجصاص أن أئمة المذهب استعملوا الاستحسان بمعنيين:
أحدهما: الاجتهاد في تحديد المقادير التي تركها الشارع للاجتهاد، مثل مقدار المتعة للمطلّقة، ونفقة الزوجات، وجزاء صيْدِ المُحْرم، وغيرها.[11] فالمقدار الذي يراه المجتهد مناسبا يستحسنه، بمعنى يرى القول والعمل به حسنا. وواضح أن معنى "الاستحسان" هنا ليس له أي علاقة بأصول الاستنباط، حتى يُعدّ واحدا منها، كما أنه ليس قسيما للقياس ولا مقابلا له، وهو بهذا المعنى لم يكن استعماله مقصورا على فقهاء الحنفية.
الثاني: ما يكون له علاقة بالقياس، وهو على وجهين: أحدهما: أن يكون هناك فرع يتجاذبه أصلان فيستحسن المجتهد (بمعنى يرى أنه من الأولى) إلحاقه بأحد الأصلين دون الآخر، لأن شبهه بالأصل المُلحق به أقوى من شبهه بالأصل الثاني.[12] وهذا مجرد ترجيح بين قياسين محتملين، فيقدم ما توفر فيه شرط تأثير العلة وكان أقرب إلى مقاصد الشارع. وثانيهما: تخصيص الحكم مع وجود العلة.[13]
والقياس الذي يتحدث عنه الجصاص هنا هو مقتضى العمومات النصية أو القواعد العامة والمبادئ المستقرأة من مجموعة من النصوص والأحكام، وما يسميه العلة هو المعنى الذي بُنيت عليه تلك القاعدة العامة وتشترك فيه جزئياتها، وليس المقصود بالقياس معناه الاصطلاحي الضيّق الذي استقر عليه في علم الأصول، وكذلك الأمر في مفهوم العلة.

أما الدبوسي (430هـ) فقد عرفه بأنه "ضرب دليل يعارض القياس الجلي، حتى كان القياس غير الاستحسان على سبيل التعارض".[14] والتطور الذي يلاحظ على تعريف الدبوسي هو توجّهه إلى قصر الاستحسان على ما يقابل القياس، وإهمال الاستعمالات الأخرى التي ذكرها الكرخي والجصاص مع أنها هي الأصل.
وقد عمّق البزدوي (482هـ) اتجاه التقابل بين القياس والاستحسان حين حصر مفهوم الاستحسان في أحد القياسين، بقوله: "وإنما الاستحسان عندنا أحد القياسين، لكنه يسمى به إشارة إلى أنه الوجه الأولى في العمل به".[15]

أما السرخسي (490هـ) فقد كان أكثر ضبطا من البزدوي، وكاد يعود بتفسير الاستحسان إلى ما قاله الجصاص، فوافقه تماما في القسم الأول، وهو "العمل بالاجتهاد وغالب الرأي في تقدير ما جعله الشرع موكولا إلى آرائنا نحو المتعة..."، ولكنه خالفه في القسم الثاني، حيث جعله "الدليل الذي يكون معارضا للقياس الظاهر الذي تسبق إليه الأوهام قبل إنعام التأمل فيه... على معنى أنه يُمال بالحكم عن ذلك الظاهر لكونه مستحسنا لقوة دليله".[16]

أما من جاء بعد السرخسي فإن غالبيتهم أهملوا النوع الأول، الذي يبدو أنه هو الأصل في استعمالات أبي حنيفة، وتمسكوا بما ذهب إليه الدبوسي، وهو جعله قسيما للقياس، حيث عرفه كل من صدر الشريعة (747هـ)، والكاكي (749هـ)، وابن الهمام (861هـ)، وابن أمير الحاج (897هـ)، وابن عابدين (1252هـ) بتعريف يشبه تعريف الدبوسي، وهو أنه دليل يقابل القياس الجلي الذي تسبق إليه الأفهام.[17] وبذلك يكون تعريف الاستحسان قد استقر على حصره في ما يقابل القياس،[18] وجعله أيّ دليل من الأدلة التي تقابل القياس الجلي، ومن غير اشتراط أن يكون أقوى من ذلك القياس.

إشكالات الاستحسان الحنفي
تكشف الدراسة التحليلية للتعريفات السابقة عن إشكالات كثيرة، بعضها يتوجه على التعريفات كلها، وبعضها يخص بعض تلك التعريفات، وفيما يأتي خلاصة تلك الإشكالات.

أولا:
لا يلاحظ الباحث إشكالا في تفسير كل من الكرخي والجصاص للاستحسان، حيث تشير تفسيراتهم إلى أن لفظ "الاستحسان" كان يُستخدم من قبل أبي حنيفة بمعناه اللغوي العام، وهو تفسير واضح ومنطقي، لا اضطراب فيه. إلا أن المشكلة الكبرى للاستحسان تبدأ حين يأخذ بعدا آخر عند الدبوسي (430هـ) بجعله دليلا مستقلا يضاف إلى الأدلة المعروفة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس، حيث يقول: "قال محمد بن الحسن رحمه الله في كثير من المواضع: بالقياس كذا، وبالاستحسان كذا، وبالقياس نأخذ. وأخذوا في الأكثر بالاستحسان، فعُلِم أنهما اسمان لدليلين متعارضين كالكتاب والسنة".[19]
وفضلا عن هذا الإشكال، فإن الدبوسي أثار إشكالا آخر هو التوجه إلى حصر الاستحسان في قياس خفي ترجَّح على قياس ظاهر، حيث يقول: "...فمتى تعارض الدليلان في حكم الحادثة وأحدهما رأي ظاهر طريقه واضح سبيله والآخر خفي أثره سِرٌّ خبره، فالظاهر قياس والآخر استحسان".[20] ومع أن الدبوسي ربما لم يكن يقصد حصر القياس في معناه الأصولي الضيّق، إلا أن هذا الكلام ربما فتح الباب لمن جاء بعده لتعميق هذا الاتجاه.

ثانيا:
على الرغم من إصرار الدبوسي ومن جاء بعده على الربط بين القياس والاستحسان، إلا أنهم لم يُبيِّنوا مرادهم بمصطلح القياس في تلك التعريفات: هل هو ما كان يعبّر عنه المتقدمون بقياس الأصول، وهو إجراء العمومات النصية والقواعد العامة للشريعة فيما يمكن أن تشمله من جزئيات؟ أم أنه القياس باصطلاح جيل التدوين من الأصوليين، الذي هو إلحاق فرع بأصل لوجود علة جامعة بينهما. ومما يزيد الأمر غموضا أن أصوليي الحنفية بداية من الجصاص يتحدثون عن الاستحسان مع الاقتراب من نهاية مباحث القياس الأصولي المخصوص، وهو الأمر الذي يُفهم أن مقصودهم بالقياس هو ذلك القياس الأصولي المخصوص.
وإذا كان مقصودهم القياس الأصولي المخصوص، فإن ذلك يوقع في إشكال آخر، وهو أنه من المتفق عليه عدم اللجوء إلى القياس سوى في حال انعدام النص على حكم الفرع، وبذلك يصير ما يسمونه الاستحسان بالنص، وبالإجماع لا معنى له؛ لأنه تناقض، وحتى ما يسمونه الاستحسان بالضرورة هو راجع إلى الآثار كما هو مذكور في بعض كتبهم،[21] وبذلك لا يبقى من الاستحسان سوى الاستحسان بالقياس الخفي. أما إذا كان مقصودهم قياس الأصول، فإن عملهم هذا يكون خللا منهجيا كبيرا؛ إذْ ما كان ينبغي لهم أن يُدرجوا الاستحسان ضمن مباحث القياس الأصولي المخصوص دون بيان ذلك. هذا فضلا عن أنه في مثل هذه الحال لا بد أن يدخل التخصيص والتقييد والنسخ والترخيص ضمن معاني الاستحسان، وبذلك يعود الأمر إلى تعريف الكرخي، ويبطل ما اعترضوا به على تعريفه، وكل ما أصّلوه فيما بعد.

ثالثا:
تضمن حديث البزدوي (482هـ) عن الاستحسان بقوله: "وإنما الاستحسان عندنا أحد القياسين، لكنه يسمى به إشارة إلى أنه الوجه الأولى في العمل به، وأن العمل بالآخر جائز كما جاز العمل بالطرد وإن كان الأثر أولى منه".[22] عدة إشكالات:
أحدها: حصر مفهوم الاستحسان في أحد نوعي القياس الذي يكون العمل به أولى، وهو حصر غير صحيح يعود البزدوي ليناقضه بعد ذلك بذكر أن من أقسام الاستحسان: الاستحسان بالأثر، وبالإجماع، وبالضرورة.[23] وقد حاول عبد العزيز البخاري تدارك ذلك التناقض بأنه يقصد "الاستحسان الذي وقع فيه التنازع وأنكره المخالفون علينا".[24] ولكن ذلك غير مُسلّم به؛ لأنه لم يقع تنازع بين المذاهب في جواز ترجيح قياس على قياس أضعفَ منه بغض النظر عن الظهور والخفاء في أحد الطرفين، بل هو مسلك الجميع.
ـ القول بجواز العمل بالقياس الضعيف مع وجود معارضه الأقوى منه وهو المسمى بالاستحسان بقوله: "وأن العمل بالآخر جائز"، مع حكمه على القياس المقابل للاستحسان بالسقوط والعدم حين يقول بعدها مباشرة: "فسقط حكم القياس بمعارضة الاستحسان لعدمه في التقدير".[25] وهذا الكلام فيه تناقض من جهة، ومخالف لقواعد الترجيح المعتمدة في المذهب الحنفي، وهو الأمر الذي جعل السرخسي يصفه بالوهم.[26]
ويبدو للباحث أن البزدوي كان قاصدا عبارته ومدركا لما يترتب عليها، وأنه وضعها لحلّ الإشكال الناتج عن الاستعمال التقابلي للقياس والاستحسان من طرف الصاحبين، حيث وضع قيد "وأن العمل بالآخر جائز" احترازا عما يمكن أن يُعترض به من أنه رُوي عن الصاحبين تقديم القياس على الاستحسان في بعض الحالات، فكأنه يريد أن يقول: لما كان الغالب تقديم الاستحسان على القياس فإن الاستحسان هو ما يكون العمل به أولى، ولكن دون الإلغاء التام للقياس لأنه قد يُقدّم أحيانا على الاستحسان. ولو أن البزدوي عمّم القول بأن الاستحسان ما يكون العمل به أولى مع إبطال القياس المقابل له لَمَا وجد حلا لمشكلة تقديم القياس على الاستحسان في بعض المسائل المروية عن الصاحبين.
ـ القول بجواز العمل بالوصف الطردي[27] "كما جاز العمل بالطرد وإن كان الأثر أولى منه"، وهو ما يخالف مبدأ الحنفية في التعليل، حيث يشترطون في صحة العلة التأثير أو الملاءمة، ويخالف ما نص عليه هو نفسه فيما بعد بأن العلة إنما تكون علة بالتأثير.[28]
ـ تعريف الاستحسان بكونه القياس الأولى في العمل به "لكنه يسمى به إشارة إلى أنه الوجه الأولى في العمل به"، مع أنه روي عن الصاحبين تقديم القياس على الاستحسان عند تعارضهما، وهذا يعني أن الاستحسان لا يكون دائما هو القياس الأولى، بل قد يكون هو القياس المرجوح.

رابعا:
من الإشكالات التي كان لها أثر كبير في توجيه تعريفات الاستحسان، ما روي من عدم انضباط الصاحبين بتقديم الاستحسان على القياس في جميع الحالات. وقد اتجه الأوائل من علماء المذهب كما هو الشأن عند الدبوسي والبزدوي إلى أن الاستحسان ما كان راجحا على القياس الجلي، ولكنهم وجدوا روايات عديدة قُدِّم فيها القياس على الاستحسان، وهو الأمر الذي خرم اطراد تعريفاتهم.

محاولات تجاوز إشكالات الاستحسان
تلخصت جهود علماء المذهب في معالجة الإشكالات الواردة على الاستحسان في مذهبهم في عدة محاور، أولها: بيان المعنى اللغوي للاستحسان، وإثبات عدم وجود أي حرج شرعي في استعمال مثل هذا اللفظ، خاصة وأنه قد وردت اشتقاقات له في القرآن الكريم، كما أنه أُثِرَ عن بعض السلف التعبير به.[29] وثانيها: كونه مجرد اصطلاح استعمل غيرهم ما يشبهه، ولا مشاحة في الاصطلاح. يقول البزدوي: "... وإذا صحّ المراد على ما قلنا بطلت المنازعة في العبارة ... وقد قال الشافعي رحمه الله في بعض كتبه: استحب كذا، وما بين اللفظين فرق، والاستحسان أفصحهما وأقواهما".[30] وثالثها: الاسترسال في ذكر أمثلة الاستحسان الواردة في المذهب وبيان حقيقتها، ومنهجهم في التعامل مع أدلتها، والوجوه التي رجحوا بها، واختياراتهم الفقهية فيها. والواقع أن الأمثلة التي أوردوها ليست هي محل النـزاع والاعتراض، فطرق التعامل مع النصوص يشتركون في جوهرها مع غالبية المذاهب وإن اختلفوا في بعض التفاصيل، واختياراتهم ليست محلّ إنكار لأنها واردة في محل الاجتهاد، ولا إنكار على المخالف في الاجتهاد مادام الأمر يحتمله. ولكن تلك المحاولات لم تحل المشكلة الأساسية التي تمثل محلّ اعتراض كثير من الأصوليين، وهي جعْل الاستحسان أصلا من أصول الاستنباط ودليلا مقابلا للقياس،[31] وتكلّف إخراج التخصيص والاستثناء من مفهومه مع أنهما يمثلان جوهره،[32] وهو التكلّف الذي دفعهم إلى رفض بعض تعريفات المتقدمين ـ مثل الكرخي ـ مع أنها كانت أقرب إلى حقيقته. ولم يتمكنوا في النهاية من وضع مفهوم واضح للاستحسان، بل بقوا يتراوحون بين الميل إلى حصره في ترجيح قياس خفي على قياس جلي، وبين تعميمه ليشمل ما يسمونه الاستحسان بالنص، وبالإجماع، وبالضرورة.

أما عن كيفية حل إشكال عدم اطراد عبارات الصاحبين في تقديم الاستحسان على القياس، فإن البزدوي حاول ذلك بالتقليل من شأن هذه المشكلة بقوله: "هذا قسم عزّ وجوده"، وتقسيم القياس إلى ما ضعف أثره، وما ظهر فساده واستتر صحته، وتقسيم الاستحسان إلى ما قوي أثره وإن كان خفيا، وما ظهر أثره وخفي فساده، ثم بيان أوجه التقابل والترجيح بين هذه الأربعة، وتبعه في هذا كثير ممن جاء بعده.[33]
أما عبد العزيز البخاري فإنه أكدّ تهوين البزدوي بأنه سمع من شيخه "أنه لم يوجد إلا في ست مسائل أو سبع"،[34] وبالقول بأنه حتى في حالات تقديم القياس على الاستحسان يكون الاستحسان أيضا أقوى أثرا من القياس المقابل له، ولكن ذلك القياس الضعيف ترجّح بعنصر خارجي اتصل به فـ"صار ذلك المجموع أقوى من الاستحسان فلذلك ترك العمل به وأخذ بالقياس".[35]

ولكن الأمر يزداد تعقيدا إذا علمنا أن أغلب ما ذكره البخاري من الأمثلة التي قُدِّم فيها القياس على الاستحسان ليست محل اتفاق، بل هي محل خلاف بين الصاحبين؛ فما يوصف بالاستحسان هو غالبا اختيار محمد بن الحسن، وما يوصف بالقياس هو غالبا اختيار أبي يوسف.[36]

وحاول البعض الآخر حلّ ذلك الإشكال بالقول بأن الاستحسان إنما وُصف بكونه قياسا خفيا أقوى من القياس الجلي لكون ذلك هو الغالب، وأنه لما صار اسما لهذا النوع من القياس بقي الاسم وإن صار مرجوحا.[37]

أما صدر الشريعة وغالب من جاء بعده فإنهم حلوا ذلك الإشكال بتغيير جوهري في تعريف الاستحسان حيث أصبح دليلا من الأدلة التي ترد في مقابل القياس الذي تسبق إليه الأفهام، دون حصره في قياس خفي، ولا جعله أقوى من ذلك القياس الجلي. وهو تعميم حل ذلك الإشكال بشكل تام، لكنه فتح الباب لإشكالات أخرى أبرزها إشكال القول بالعمل بالقياس مع وجود النص، ودخول التخصيص والاستثناء والتقييد والنسخ والترخيص في مفهوم الاستحسان. كما أنهم بذلك يكونون قد خالفوا السابقين في عنصر من العناصر الجوهرية في تعريف الاستحسان.

عودة بالاستحسان إلى أصوله
يبدو من استعمالات أبي حنيفة والصاحبين للفظ "القياس" أنهم لم يكونوا يحصرون مفهومه في ما استقرّ عليه فيما بعد في اصطلاح الأصوليين، بل كانوا كثيرا ما يعبرون به عن إجراء عموم النصوص والقواعد والمبادئ الشرعية العامة. والمثال الآتي يوضح ذلك: جاء في أصول الجصاص: "وقد يُتَرك حكم العلة تارة بالنص ... ونظير تركه بالنص ما قال أصحابنا في الصغير يموت عن امرأته وهي حامل: ذكر محمد بن الحسن أن القياس أن تكون عدتها أربعة أشهر وعشرا، لأن الحمل من غير الزوج، إلا أنه ترك القياس، واستحسن أن يجعل عدتها وضع الحمل، لقوله تعالى: }وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ{... فسمى ترك القياس للعموم استحسانا".[38] فما يسميه الإمام محمد قياسا هو إجراء عموم النص الوارد في عدة كل امرأة توفي عنها زوجها ومن ضمنها الأرملة الحامل، وما يسميه استحسانا هو تخصيص ذلك العموم بعموم آخر، وهو كون آية عدة الحامل عامة في كل حامل، ومن ضمنها المتوفى عنها زوجها، ولكنها من جهة آخرى خاصة في الحامل (فهي عامة من وجه، خاصة من وجه آخر) فتكون أقوى في الدلالة على عدة الحامل من الآية الأولى.
ومن ذلك قول أبي حنيفة بثبوت الرجم بالاستحسان على خلاف القياس، ومراده من ذلك أن الآية الواردة في جلد الزاني عامة تشمل البكر والمحصن، وهو العموم الذي يسميه قياسا، إلا أنه لما ثبت رجم الرسول صلى الله عليه وسلم للمحصن، كان ذلك الفعل تخصيصا للعموم، وهو الذي سماه استحسانا على خلاف القياس.[39]
ويرى شلبي أن هذا الاستعمال ربما خفي على المتأخرين من أصوليي الحنفية حين وجدوا لفظ القياس واردا في مقابلة الاستحسان، وكان القياس في عصرهم قد تطور مفهومه وصار مصطلحا خاصا، فحملوا لفظ القياس الوارد في تلك الفروع على المعنى الشائع في عصرهم.[40]
وبناء على هذا الاستعمال للَفْظَيْ القياس والاستحسان، واستنادا إلى ما ورد في تعريفات الكرخي والجصاص، مع مراعاة كونهما أقرب إلى زمان أئمة المذهب، وأقل تأثّرا بالضوابط والقيود التي قيّد بها علماء المذهب فيما بعد أصولهم نتيجة للمناظرات التي كانت بينهم وبين مخالفيهم، وجعلتهم يرفضون بعض ما كان يقول به الأوائل من علماء المذهب، وكذلك استنادا إلى التطورات التي طرأت على استعمال بعض المصطلحات مثل القياس والعلة، فإنه يبدو للباحث أن أبا حنيفة رحمه الله كان يستعمل لفظة الاستحسان بمعناها اللغوي المعتاد، دون أن يقصد إعطاءها مدلولا اصطلاحيا محددا، فكان يستعملها بمعنى الأَوْلى، أو الراجح، وتشمل الاستثناء، والتخصيص، والترجيح بين الأدلة؛ وذلك أنه كثيرا ما توجد قواعد عامة، سواء ورد بها نص واحد من القرآن أو السنة النبوية أو تمّ استقراؤها من مجموعة من النصوص، تنطبق على مجموعة من الجزئيات المتشابهة، ويمكن إجراؤها في جزئيات أخرى، ولكن يرد دليل آخر قد يكون دليلا جزئيا يستثني مسألة من تلك القاعدة العامة، وقد يكون قاعدة عامة أخرى يمكن أن تنطبق على تلك الجزئية، فتصير تلك الجزئية تتجاذبها قاعدتان أو نصان، وعند ذلك يحتاج المجتهد أن يقرر: هل يطرد القاعدة العامة بما تحمله من قوة العموم والجريان فيلحق بها تلك الجزئية التي يبدو أنها تنضوي تحتها، أم يرجّح اتباع ذلك الدليل الجزئي فيستثني تلك الجزئية؟ وإذا كان التعارض بين قاعدتين، فإنه يحتاج إلى أن يقرر بأي القاعدتين يكون إلحاق تلك الجزئية أولى؟
أما الاستعمال الثاني الذي يبدو أن أبا حنيفة كان يستعمل فيه لفظ "الاستحسان" فهو استعماله أحيانا من باب الرياضة الذهنية لتدريب تلاميذه على اكتساب القدرة والمهارة على التفريق الدقيق بين ما قد يبدو متشابها، فبدلا من اتجاهه مباشرة إلى إعطاء ما يراه حكما لتلك المسألة، يفرض الاحتمالات الممكنة، مثل إلحاق الفرد بقاعدة من القواعد العامة، أو قياسه على بعض الجزئيات التي يبدو أنه يشبهها، ثم يبين خطأ بعض تلك الاحتمالات، ويبرز النص الذي يستثني تلك الجزئية إن كان الاستثناء بالنص أو ما في حكمه، أو يبيّن الفرق الخفي بين الحالتين إن كان الأمر متعلقا بالقياس، ويعبّر عن طريقة الترجيح بين تلك الاحتمالات بأنه يستحسن كذا أو كذا، بمعنى يكون الأخذ بذلك أولى وأرجح.
ومما يدعم القول بأن لفظة "الاستحسان" كانت تستخدم من قبل أبي حنيفة أحيانا بهذا الغرض طريقته في التدريس التي كانت على شكل مدارسة ونقاش مع تلاميذه، حيث يفسح لهم المجال لإبداء آرائهم ومناقشة الآراء المطروحة، كما يؤكد ذلك قول محمد بن الحسن إن أصحابه كانوا ينازعونه المقاييس فإذا قال استحسن لم يلحق به أحد، وهو ما يدل على سعة علم أبي حنيفة ونفاذ بصيرته الفقهية.[41] فالأقيسة الظاهرة وإجراء القواعد العامة كان يشترك فيها معه تلاميذه، بل قد يناقشونه وينازعونه فيها، ولكن إذا وصل الأمر إلى ملاحظة الفروق الدقيقة والاستثناءات من القواعد العامة ظهر ما يتميز به أبو حنيفة من سعة الاطلاع ونفاذ البصيرة الفقهية فلم يلحق به أحد.
كما يؤكد هذا الاستعمال قول الجصاص: "قالوا وبالقياس نأخذ، فذكروا القياس والاستحسان، وتركوا الاستحسان للقياس، ولهم مسائل من نظائر ذلك، يتركون منها الاستحسان للقياس، وإنما الغرض في مثلها تنبيه المتعلم على أن للحادثة شبها بأصل آخر، قد كان يجوز إلحاقها به إلا أن إلحاقها بالقياس الذي وصفناه أولى".[42] فعبارة الجصاص هذه تؤكد أن أبا حنيفة كان يستخدم تعبيرات الاستحسان أحيانا من باب الرياضة الذهنية لتلاميذه وبيان المسالك الخفية في الاستنباط والاستدلال.
خاتمة

خلاصة هذا البحث أن ما كان يعبّر عنه مؤسِّسو المذهب الحنفي بالاستحسان هو مزيج من الاستثناءات الواردة في نصوص الشرع، وتخصيص العمومات سواء كانت عمومات نصية، أو قواعد عامة مستقرأة من آحاد النصوص، والترجيح بين الأقيسة المحتملة من خلال النفاذ إلى أسرارها وخفاياها، وبيان الأوجه الدقيقة والخفية في الاستنباط، ولم يكونوا يعدونه أصلا من أصول الاستنباط ولا منهجا من مناهجه. وأن الخطوة التي قام بها الدبوسي حين جعل الاستحسان دليلا مستقلا يقابل القياس على وجه التعارض مثل تقابل الكتاب والسنة، لم تكن خطوة سديدة، حيث فتحت الباب لخلط واضطراب في تحديد مفهوم لفظة الاستحسان عند أئمة المذهب، وربما أسهم في ذلك الخلط عدم الالتفات إلى تطوّر مفهوم القياس، واختلاف معناه عند الأوائل عن معناه الذي استقر عليه فيما بعد عند الأصوليين.
ويرى الباحث أن عدّ الاستحسان أصلا من أصول الاستنباط خلط منهجي ينبغي تداركه؛ ولذلك فإنه يوصي المؤلفين في علم أصول الفقه التنبّه إلى هذا الاضطراب المنهجي وتصحيحه، بإرجاع ما كان يُعبّر عنه بالاستحسان عند أولئك الأئمة إلى مباحثه الأصلية عند الحديث عن التخصيص، والاستثناء، والترجيح بين الأدلة ومنها الأقيسة، وإخراج مبحث الاستحسان من الأدلة الشرعية، فهو في حقيقته ليس دليلا ولا أصلا من أصول الاستنباط.
أما فكرة القول بأن إبراز مباحث الاستحسان إظهار لمرونة التشريع الإسلامي ومراعاته للمصالح، فإنها على فرض التسليم بصحتها، لا تعادل منفعتُها ضرَرَ الخلط المنهجي والتشويش الناجمين عن جعل أمرٍ اضطربَ القائلون به في تحديد ماهيته أصلاً من أصول الشريعة ومعلما من معالمها. هذا فضلا عن أن في أصول الشريعة ونصوصها ومبادئها الواضحة والثابتة ما هو أصيل في إبراز سمات المرونة ومراعاة المصالح.


قائمة المراجع

أبو بكر أحمد بن علي الجصاص، أصول الجصاص المسمى الفصول في الأصول، ضبط محمد محمد تامر (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1420هـ/ 2000م).
أبو زيد عبيد الله بن عمر الدبوسي، تقويم الأدلة في أصول الفقه، تحقيق خليل محيي الدين الميس (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1421هـ/ 2001م).
ابن أمير الحاج، التقرير والتحبير على التحرير، ضبطه عبد الله محمود محمد عمر (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1419هـ/ 1999م).
ابن عابدين، حاشية ابن عابدين (بيروت: دار الفكر، ط2، 1386هـ).
حسن الترابي، قضايا التجديد: نحو منهج أصولي (الخرطوم: معهد البحوث والدراسات الاجتماعية، 1411هـ/ 1990م).
سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني، شرح التلويح على التوضيح (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1416هـ/ 1996م).
عبد الله بن محمد بن علي ابن التلمساني، شرح المعالم في أصول الفقه، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود، وعلي محمد معوض (بيروت: عالم الكتب، ط1، 1419هـ/1999م).
علاء الدين السمرقندي، ميزان الأصول، تحقيق عبد الملك عبد الرحمن السعدي (د.م: مطبعة الخلود، ط1، 1407هـ/ 1987م).
علاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري، كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي، وضع حواشيه عبد الله محمود محمد عمر (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1418هـ/ 1997م).
محمد أبو زهرة، أبو حنيفة: حياته وعصره، آراؤه وفقهه (القاهرة: دار الفكر العربي، د. ت).
محمد أبو زهرة، أصول الفقه (القاهرة: دار الفكر العربي، 1417هـ/ 1997م).
محمد بن أحمد السرخسي، أصول السرخسي، تحقيق رفيق العجم (بيروت: دار المعرفة، ط1، 1418هـ/ 1997م).
محمد بن الحسن الشيباني، كتاب الأصل المعروف بالمبسوط، تصحيح وتعليق أبي الوفاء الأفغاني (بيروت: عالم الكتاب، ط1، 1410هـ/ 1990م).
محمد بن علي الشوكاني، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، تحقيق محمد سعيد البدري (بيروت: دار الفكر، ط1، 1412هـ/ 1992).
محمد بن محمد بن أحمد الكاكي، جامع الأسرار في شرح المنار، تحقيق فضل الرحمن الأفغاني (مكة/ الرياض: مطتبة نزار مصطفى الباز، ط1، 1418هـ/ 1997م).
محمد عميم الإحسان المجددي البركتي، قواعد الفقه (كراتشي: الصدف ببلشرز، ط1، 1407هـ/ 1987م).
محمد مصطفى شلبي، تعليل الأحكام (بيروت: دار النهضة العربية، ط2، 1401هـ/ 1981م).
مصطفى أحمد الزرقا، المدخل الفقهي العام (دمشق: مطابع ألف ـ باب ـ الأديب، ط9، 1967/ 1968).


[1] انظر ما كتبه محمد بن إدريس الشافعي في: الرسالة، تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر (بيروت: المكتبة العلمية، د.ت)، ص503 وما بعدها؛ الأم؛ ج7، ص492 وما بعدها.

[2] محمد أبو زهرة، أصول الفقه (القاهرة: دار الفكر العربي، 1417هـ/ 1997م)، ص237-238؛ محمد عميم الإحسان المجددي البركتي ، قواعد الفقه (كراتشي: الصدف ببلشرز، ط1، 1407هـ/ 1987م)، ج1، ص576.

[3] حسن الترابي، قضايا التجديد: نحو منهج أصولي (الخرطوم: معهد البحوث والدراسات الاجتماعية، 1411هـ/ 1990م)، ص199-200.

[4] مما يؤكد وجود غموض حول ذلك المفهوم منذ وقت مبكر ما كتبه الشافعي في نقد الاستحسان، وهو أمر لا يعقل تفسيره بأن الإمام أبا حنيفة كان يقول بالرأي المجرد والتشهي والتلذذ؛ فهو علم من أعلام الهدى كان من أحرص الناس على الالتزام بمعالم الشرع، كما أنه يبعد تفسيره بما هو في كتب المتأخرين من الحنفية من أن الشافعي لم يفهم المقصود بالاستحسان، أو أنه كان متحاملا. ولكن أقرب تفسير لذلك هو عدم دقة النقل عن أبي حنيفة، والغموض وعدم الضبط الذين كانا يلفان استعمالات هذا المصطلح عند ناقليه عنه.

[5] عبد العزيز البخاري، كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي، وضع حواشيه عبد الله محمود محمد عمر (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1418هـ/ 1997م)، ج4، ص4-5.

[6] محمد مصطفى شلبي، تعليل الأحكام (بيروت: دار النهضة العربية، ط2، 1401هـ)، ص330-331.

[7] وربما لذلك قال البركتي إن المقصود بكتاب الاستحسان "استخراج المسائل الحسان"، وليس ما اصطلح عليه المتأخرون بهذا المصطلح. البركتي ، قواعد الفقه، ج1، ص172.

[8] محمد بن الحسن الشيباني، كتاب الأصل المعروف بالمبسوط، تصحيح وتعليق أبي الوفاء الأفغاني (بيروت: عالم الكتاب، ط1، 1410هـ/ 1990م)، ج3، ص124. جاء ذلك في معرض الحديث عمن حكم له الحاكم بالقصاص من قاتل أبيه، ولكنه قبل أن يتمكن من التنفيذ شهد عنده شاهد عدل أن الجاني قتل أباه بحق وليس ظلما، وادعى الجاني أن له شاهدا عدلا آخر يشهد بمثل تلك الشهادة.

[9] وقد جعل الكرخي استخدامات أئمة المذهب الحنفي لمصطلح الاستحسان على أربعة أنواع: أولها: ترك القياس العام لدليل خاص، مثل ترك قاعدة: أن ما لا ينقض الوضوء خارج الصلاة لا ينقضه داخلها أيضا، للأثر الذي روي بأن القهقهة في الصلاة تفسدها وتنقض الوضوء أيضا. وثانيها: ترك القياس العام لقول الصحابي، ومثال ذلك قول أبي حنيفة بجعل أجرة ردّ العبد الآبق أربعين درهما اتباعا لقول ابن عباس. وثالثها: ترك القياس العام للعرف، مثل القول بجواز بيع المعاطاة. ورابعها: اتباع معنى خفي، هو أخص بالمقصود وأمس من المعنى الجلي (ترك القياس الجلي لقياس خفي). عبد الله بن محمد بن علي ابن التلمساني، شرح المعالم في أصول الفقه، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود، وعلي محمد معوض (بيروت: عالم الكتب، ط1، 1419هـ/1999م) ج2، ص471.

[10] أبو بكر الجصاص، أصول الجصاص، ضبط محمد محمد تامر (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1420هـ/ 2000م)، ج2، ص340-341.

[11] المصدر نفسه، ج2، ص343.

[12] المصدر نفسه، ج2، ص344.

[13] المصدر نفسه، ج2، ص351. يرفض بعض المتأخرين من الحنفية مثل البزدوي والسرخسي ومن تبعهما اعتبار هذا من تخصيص العلة، ولكن الجصاص يفنّد تلك الاعتراضات ويصرّ على أنه من تخصيص العلة، حيث يقول: "ومذاهبهم (أئمة المذهب الحنفي) في تخصيص أحكام العلل الشرعية أشهر من أن يدفعه إنكار منكر"، ويقول: "وما أعلم أحدا من أصحابنا وشيوخنا أنكر أن يكون ذلك مذهبهم، إلا بعض من كان ههنا بمدينة السلام في عصرنا من الشيوخ، فإنه كان ينفي أن يكون القول بتخصيص العلة من مذاهبهم". أصول الجصاص، ج2، ص356.

[14] أبو زيد الدبوسي، تقويم الأدلة، تحقيق خليل الميس (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1421هـ)، ص404.

[15] أصول البزدوي، مطبوع مع كشف الأسرار، ج4، ص5-6.

[16] محمد بن أحمد السرخسي، أصول السرخسي، تحقيق رفيق العجم (بيروت: دار المعرفة، ط1، 1418هـ/ 1997م)، ج2، ص190.

[17] صدر الشريعة، التوضيح مع شرحه التلويح للتفتازاني (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1416هـ/ 1996م)، ج2، ص171؛ محمد بن محمد بن أحمد الكاكي، جامع الأسرار في شرح المنار، تحقيق فضل الرحمن الأفغاني (مكة/ الرياض: مطتبة نزار مصطفى الباز، ط1، 1418هـ/ 1997م)، ج4، ص1054؛ ابن أمير الحاج، التقرير والتحبير على التحرير، ضبطه عبد الله محمود محمد عمر (بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1419هـ/ 1999م)، ج3، 282-283؛ ابن عابدين، حاشية ابن عابدين (بيروت: دار الفكر، ط2، 1386هـ)، ج1، ص219.

[18] يفسّر محمد مصطفى شلبي تركيز كثير من علماء الحنفية على ربط الاستحسان بالقياس بما واجهوه من اعتراضات حادة على مبحث الاستحسان مثل وصفه بأنه حكم من غير دليل فحاولوا ـ ردا على تلك الاعتراضات ـ إرجاعه إلى دليل مقبول لدى الجمهور وهو القياس بغرض ضبطه. شلبي، تعليل الأحكام، ص344. ويذهب مصطفى الزرقا إلى الرأي نفسه. انظر مصطفى أحمد الزرقا، المدخل الفقهي العام (دمشق: مطابع ألف ـ باب ـ الأديب، ط9، 1967/ 1968) ج1، ص77-86.

[19] الدبوسي، تقويم الأدلة، ص404.

[20] المصدر نفسه، ص404-405. ولا يخفى ما في هذا التعبير من اضطراب، حيث أن الاستحسان بالنص والإجماع والضرورة أمور لا خفاء فيها ولا سِرّ، وحتى ما يصطلح عليه بالقياس الخفي لا يكون خفيا دائما.

[21] ابن أمير الحاج، التقرير والتحبير، ج3، ص283.

[22] أصول البزدوي مع كشف الأسرار، ج4، ص5-6.

[23] كشف الأسرار، ج4، ص6-7.

[24] المصدر نفسه، ج4، ص5.

[25] المصدر نفسه، ج4، ص6.

[26] يقول السرخسي: "وظن بعض المتأخرين من أصحابنا أن العمل بالاستحسان أولى مع جواز العمل بالقياس في موضع الاستحسان وشبّه ذلك بالطرد مع المؤثر ... وهذا وَهْم عندي؛ فإن اللفظ المذكور في الكتب في أكثر المسائل: إلا أنا تركنا هذا القياس، والمتروك لا يجوز العمل به... فعرفنا أن الصحيح ترك القياس أصلا في الموضع الذي نأخذ بالاستحسان". أصول السرخسي، ج2، ص191. ولا يمكن عدّ تناقض البزدوي من باب مراعاة الخلاف الموجود عند المالكية والشافعية؛ لأن مراعاة الخلاف له شروط تضبطه ويكون عادة بين مذهبين أو مجتهدين، أما ما هو موجود هنا فإنه تعارض بين دليلين لمجتهد واحد، ولا يمكن أن يعدّ ترجيح أحدهما على الآخر من باب مراعاة الخلاف. ويكفي في إبطال إلحاقه بمراعاة الخلاف وصف السرخسي له بالوهم، وقول السمرقندي: "... بل تبين أن ذلك المعنى لم يتعلق به الحكم وحده، بل به وبالمعنى الذي وُجد في موضع الاستحسان، فينعدم الحكم في موضع القياس لعدم المعنى الموجب لذلك الحكم". علاء الدين السمرقندي، ميزان الأصول، تحقيق عبد الملك عبد الرحمن السعدي (د.م: مطبعة الخلود، ط1، 1407هـ/ 1987م)، ج2، ص903.

[27] الوصف الطردي هو الوصف الذي يصادف وجوده وجود الحكم الشرعي دون أن يظهر له تأثير في ذلك الحكم. انظر صدر الشريعة، التوضيح على التنقيح، ج2، ص199-200. والوصف المؤثر هو الوصف الذي ثبت اعتباره بنص أو إجماع، أو باعتبار نوعه أو جنسه في نوع أو جنس الحكم. المصدر نفسه، ج2، ص153.

[28] المعروف في كتب الأصول الحنفية ليس هو عدم العمل بالوصف الطردي في حال معارضته للملائم أو المناسب، مع العمل به في غيابهما، بل هو عدم اعتبار الوصف الطردي مطلقا. يقول الدبوسي: "قال علماؤنا: ما لم يقم الدليل على أن الوصف ملائم لا يُقبل التعليل به ولا يُلتفت إليه، وإذا صار ملائما بدليل لم يعمل به إلا بالعدالة، وذلك بكونه مؤثرا في ذلك الحكم. هذا هو الواجب، وإن عمل به قبل التأثير صح، وأما قبل الملاءمة فلا يصح العمل به". تقويم الأدلة، ص304. وانظر كلام البزدوي في أصول البزدوي مع كشف الأسرار، ج4، ص7؛ ج4، ص62، وهو كلام صريح في حصر العلة التي يعتد بها في المؤثرة، واستبعاد العمل بالعلل الطردية. ويؤكد ذلك عبد العزيز البخاري: كشف الأسرار، ج4، ص62. كما أكد هذا الأمر صدر الشريعة في متن التنقيح وشرحه التوضيح: ج2، ص189؛ ج2، ص2003؛ ج2، ص200. وهو قول السرخسي، انظر أصول السرخسي، ج2، ص170 وما بعدها.

[29] انظر في ذلك مثلا: الجصاص، الفصول في الأصول، ج2، ص340.

[30] أصول البزدوي ضمن: كشف الأسرار، ج4، ص17-18.

[31] انظر تلخيصا لذلك في: محمد بن علي الشوكاني، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، تحقيق محمد سعيد البدري (بيروت: دار الفكر، ط1، 1412هـ/ 1992)، ص402-403.

[32] يقول محمد مصطفى شلبي بعد دراسة لمسائل الاستحسان في الفقه الحنفي: "ومن تأمل مسائل الاستحسان كلها وجدها لا تعدو المسائل التي خرجت عن حكم نظائرها، سواء كان ذلك بنص الشارع كما في المستثنيات بالنص، أو كان باتفاق المجتهدين كالمستحسن بالإجماع أو برأي مجتهد وحده تبعا للمصلحة الخاصة. وهذه هي المسائل التي قالوا عنها إنها على خلاف الأصل، ومنعوا القياس عليها، وهي التي على خلاف القواعد كما سماها عز الدين بن عبد السلام". تعليل الأحكام، ص342.

[33] أصول البزدوي مع كشف الأسرار، ج4، ص5-6.

[34] البخاري، كشف الأسرار، ج4، ص14. ولكن هذا الرقم غير متفق عليه بين فقهاء الحنفية، حيث نُقل عن ابن نجيم أنها إحدى عشرة مسألة، وعن النسفي أنها اثنتين وعشرين مسألة. محمد عميم الإحسان البركتي، قواعد الفقه (كراتشي: الصدف ببلشرز، ط1، 1407هـ/ 1987م)، ج1، ص576.

[35] البخاري، كشف الأسرار، ج4، ص5.

[36] المصدر نفسه، ج4، ص14-15.

[37] المصدر نفسه، ج4، ص5.

[38] الجصاص، الفصول في الأصول، ج2، ص351-352.

[39] شلبي، تعليل الأحكام، ص344-347.

[40] المصدر نفسه، ص344-345.

[41] يلخص أبو زهرة طريقة أبي حنيفة في التدريس فيقول: "وطريقة أبي حنيفة في درسه تشبه أن تكون دراسة له لا إلقاء للدروس على التلاميذ، فالمسألة من المسائل تعرض له، فيلقيها على تلاميذه ويتجادل معهم في حكمها، وكل يدلي برأيه، وقد يعارضونه في المقاييس ـ كما روي عن الإمام محمد ـ ويعارضونه في اجتهاده... وبعد أن يقلبوا النظر من كل نواحيه يدلي هو بالرأي الذي تنتجه هذه الدراسة ويكون صفوها ... والدراسة على هذا النحو هي تثقيف للمعلم والمتعلم معا". محمد أبو زهرة، أبو حنيفة: حياته وعصره، آراؤه وفقهه (القاهرة: دار الفكر العربي، د. ت) ص76.

[42] الجصاص، الفصول في الأصول، ج2، ص350.
 
إنضم
1 أبريل 2011
المشاركات
24
الكنية
أبو عبد البر
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مقيم في المدينة النبوية
المذهب الفقهي
مالكي
رد: دراسة نقدية لموضوع الاستحسان في كتب الحنفية (على شكل وورد)

جزاك الله خيرا
دكتورنا الكريم في أي مجلة نشرتم بحثكم الجميل (اسم المجلة، والعدد، والدولة) ؟
 

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: دراسة نقدية لموضوع الاستحسان في كتب الحنفية (على شكل وورد)

جزاك الله خيرا
دكتورنا الكريم في أي مجلة نشرتم بحثكم الجميل (اسم المجلة، والعدد، والدولة) ؟

مجلة الإسلام في آسيا، تصدرها كلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، المجلد 2، العدد 2، 2005 م.
وهذا رابط موقع المجلة
هنا


 
أعلى