العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

(نظـرات تأسيسية في فقه الأقليات)؛ لـ د. طه جابر العلواني

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
نظـرات تأسيسية في فقه الأقليات
د. طه جابر العلواني
يطرح البحث جملة من القضايا في هذا الفقه الذي مست الحاجة إليه من خلال اجتهاد يسعى للإجابة على عدد من الأسئلة الكبرى من قبيل: ما مصادره؟ وأين يمكن تلمسه في كتب الفقه؟ وأي القواعد الفقهية أكثر ارتباطًا به؟ وما أهم أبوابه التي يعالجها؟ وكيف تطور هذا الفقه؟ وما الآليات الفقهية التي تطور بها؟ وما مقدار العام ووجه خصوصية البيئة مكاناً وزمانًا فيه؟ وكيف يمكن تثميره الآن؟ فيطرح:
أولاً: تحـديد المفـاهيم
مفهوم الفـقــه:
لم تكن كلمة "فقه" – بالمعنى الاصطلاحي المعروف الآن- شائعة لدى الصدر الأول من هذه الأمة؛ بل كانوا يستعملون كلمة "الفَهم"، لكنهم إذا وجدوا الأمر دقيق المسلك ربما عُنُوا بـ "الفقه" بدلاً من "الفهم". وقد أشار ابن خلدون في مقدمته إلى ذلك بقوله: "الفقه معرفة أحكام الله في أفعال المكلفين بالوجوب والحظر والندب والكراهة والإباحة، وهي مستقاة من الكتاب والسنة وما نصبه الشارع لمعرفتها من الأدلة، فإذا استخرجت الأحكام من تلك الأدلة قيل لها (فقه)".[ ابن خلدون: المقدمة ص445].
ولم تكن تسمية "الفقهاء" شائعة أيضاً، بل كان أهل الاستنباط من الصحابة يُعرفون باسم "القرَّاء" تمييزاً لهم عن الأميين الذين لم يكونوا يقرءون. وفي هذا يقول ابن خلدون: "… ثم عظمت أمصار الإسلام، وذهبت الأمية من العرب بممارسة الكتاب، وتمكن الاستنباط، ونما الفقه وأصبح صناعة وعلماً، فبدلوا باسم الفقهاء والعلماء من القراء"[ المصدرالسابق نفسه ص446].
مفهوم الأقليات:
أما كلمة "الأقليات" فهي مصطلح سياسي جرى في العرف الدولي، يُقصَد به مجموعة أو فئات من رعايا دولة من الدول تنتمي من حيث العِرق أو اللغة أو الدين إلى غير ما تنتمي إليه الأغلبية.
وتشمل مطالب الأقليات عادة المساواة مع الأغلبية في الحقوق المدنية والسياسية، مع الاعتراف لها بحق الاختلاف والتميز في مجال الاعتقاد والقيم.
وتتأسس قيادات للأقليات – في كثير من الأحيان- تحاول التعبير عن أعضاء الأقلية من خلال الأمور التالية:
1- إعطاء تفسير للأقلية التي تنتمي إليها عن جذورها التاريخية، ومزاياها ومبررات وجودها، لتساعد الأقلية على الإجابة على سؤال "مَن نحن"؟ وضمناً عن سؤال "ماذا نريد"؟
2- تجميع عناصر الأقلية وإقامة روابط بينها.
3- تبني الرموز الثقافية المعبرة عن خصوصية الأقلية.
4- تحقيق أمن معاشي وتكافل اجتماعي كما في الحالة اليهودية.
مفهوم: فقه الأقليات:
إن الحديث عن فقه الأقليات يثير عدداً من الأسئلة المنهجية، منها:
1- إلى أي العلوم الشرعية أو النقلية ينتمي هذا الفقه؟
2- بأي العلوم الاجتماعية يمكن لهذا العلم أن يتصل، وما مقدار تفاعله مع كل منها؟
3- لماذا سُمِّي بـ "فقه الأقليات"؟ وإلى أي مدى تُعتبَر هذه التسمية دقيقة؟
4- كيف نتعامل مع القضايا التي يثيرها وجود المسلمين بكثافة خارج المحيط الجغرافي والتاريخي الإسلامي؟
وللإجابة على هذه التساؤلات نقول: لا يمكن إدراج "فقه الأقليات" في مدلول "الفقه" كما هو شائع الآن – أي فقه الفروع – بل الأولى إدراجه ضمن "الفقه" بالمعنى العام الذي يشمل كل جوانب الشرع اعتقاداً وعملاً، بالمعنى الذي قصده النبي- صلى الله عليه وسلم- في قوله: "من يُرِدِ الله به خيراً يفقهه في الدين" [صحيح البخاري، كتاب العلم، الحديث69. وصحيح مسلم، كتاب الزكاة، الحديث1719]، ومن هنا كانت ضرورة ربط هذا الفقه بالفقه الأكبر وضعاً للفرع في إطار الكل، وتجاوزاً للفراغ التشريعي أو الفقهي. ومعنى هذا أن فقه الأقليات هو فقه نوعي يُراعي ارتباط الحُكم الشرعي بظروف الجماعة وبالمكان الذي تعيش فيه، فهو فقه جماعة محصورة لها ظروف خاصة، يصلح لها ما لا يصلح لغيرها، ويحتاج متناوله إلى ثقافة في بعض العلوم الاجتماعية، خصوصاً علم الاجتماع والاقتصاد والعلوم السياسية والعَلاقات الدولية.
تفكيك السؤال:
وإذا ثار سؤال ذو صلة بفقه الأقليات على لسان فرد، أو دار على ألسنة جماعة، فإن المفتي المعاصر يحتاج إلى تجاوز الموقف الساذج البسيط الذي يحصر الأمر بين سائل ومجيب: سائل يعوزه الاطلاع الشرعي، ومجيب يعتبر الأمر منتهياً عند حدود الاستفتاء والإفتاء. فهذا موقف غير علمي ورثناه عن عصور التقليد، وكرسته عقلية العوام التي استسهلت التقليد واستنامت له.
والمطلوب تبني موقف علمي يبحث في خلفية السؤال والسائل، والعوامل الاجتماعية التي ولدت السؤال وأبرزت الإشكال، وهل هو سؤال مقبول بصيغته المطروحة، أم يتعين رفضه بهذه الصيغة، وإعادة صياغته في صورة إشكال فقهي، ثم معالجته في ضوء رؤية شاملة تستصحب القواعد الشرعية الكلية، والمبادئ القرآنية الضابطة، وتراعي غايات الإسلام في الانتشار والتمكين على المدى البعيد؟
ومن هنا نستطيع أن نفهم نهي القرآن المجيد عن أسئلة معينة من شأن إثارتها والإجابة عنها أن تؤدي إلى مشكلات اجتماعية خطيرة؛ لأن تلك الأسئلة صاغتها ظواهر سلبية، فإذا أُجِيب عنها في ذلك السياق استحكمت تلك الظواهر وتمكنت. كما نستطيع في ضوء ذلك فهم نهي الرسول- صلى الله عليه وسلم- عن "قيل وقال، وكثرة السؤال…".
فإذا سأل سائل- مثلاً- هل "يجوز" للأقليات المسلمة أن تشارك في الحياة السياسية في البلد المقيمة فيه، بما يحفظ لها حقوقها، ويمكنها من مناصرة المسلمين في بلدان أخرى، ويبرز قيم الإسلام وثقافته في البلد المضيف؟ فإن الفقيه الواعي بعالمية الإسلام وشهادة أمته على الناس، وبالتداخل في الحياة الدولية المعاصرة لن يقبل السؤال بهذه الصيغة؛ بل سينقله من منطق الترخص السلبي إلى منطق الوجوب والإيجابية، انسجاماً مع ما يعرفه من كليات الشرع وخصائص الأمة والرسالة.
ثانيًا: ضرورة الاجتهاد وتجاوز الفقه الموروث
لقد استوطن الإسلام في العقود الأخيرة بلداناً كثيرة؛ مما استدعى أن يكون لهذه البلدان إطار فقهي خاص بها، يراعي خصوصيتها؛ حيث بدأ المسلمون يواجهون واقعًا جديداً يثير أسئلة كثيرة جدًّا تتجاوز القضايا التقليدية ذات الطابع الفردي المتعلقة بالطعام المباح، واللحم الحلال، وثبوت الهلال، والزواج بغير المسلمة… إلى قضايا أكبر دلالة وأعمق أثراً ذات صلة بالهُويَّة الإسلامية، ورسالة المسلم في وطنه الجديد، وصلته بأمته الإسلامية، ومستقبل الإسلام وراء حدوده الحالية.
مشكلات في منهجية تناول الفقه:
وربما حاول البعض الإجابة على هذا النمط من الأسئلة بمنطق "الضرورات" و "النوازل" ناسين أنه منطق هش لا يتسع لأمور ذات بال. وربما واجه المسلم فوضى في الإفتاء: فهذا الفقيه يُحِلُّ، وذاك يُحَرِّم، وثالث يستند إلى أنه يجوز في "دار الحرب" ما لا يجوز في "دار الإسلام"، ورابع يقيس الواقع الحاضر على الماضي الغابر قياساً لا يأبه بالفوارق النوعية الهائلة بين مجتمع وآخر، وبين حقبة تاريخية وأخرى؛ بل لا يأبه بالقواعد الأصولية القاضية بمنع قياس فرع على فرع… فتكون النتيجة المنطقية لهذا المنطلق المنهجي الخاطئ إيقاع المسلمين في البلبلة والاضطراب، وتحجيم دورهم المرتقَب، والحُكم عليهم بالعزلة والاغتراب، وإعاقة الحياة الإسلامية، وفرض التخلف عليها، وإظهار الإسلام بمظهر العاجز عن مواجهة أسئلة الحضارة والعمران المستنير في زماننا هذا.
والحق أن مشكلات الأقليات المسلمة لا يمكن أن تواجَه إلا باجتهاد جديد، ينطلق من كليَّات القرآن الكريم وغاياته وقيمه العليا ومقاصد شريعته ومنهاجه القويم، ويستنير بما صح من سنة وسيرة الرسول- صلى الله عليه وسلم- في تطبيقاته للقرآن وقِيمه وكليَّاته.
تجاوز الفقه الموروث:
أما الفقه الموروث في مجال التنظير لعَلاقة المسلمين بغيرهم فهو – على ثرائه وتنوعه وغناه وتشعبه- قد أصبح أغلبه جزءًا من التاريخ؛ لأسباب تتعلق بالمنهج، وأخرى بتحقيق المناط، مما سنعرضه تاليًا:
أ- أهم الأسباب المنهجية:
1- لم يرتب بعض فقهائنا الأقدمين مصادر التشريع الترتيب الصحيح الذي يعين على حسن الاستنباط، الذي يقضي باعتبار القرآن الكريم أصل الأصول، ومنبع التشريع، والمصدر التأسيسي المهيمن على ما سواه، والمقدم عليه عند التعارض. واعتبار السنة النبوية مصدراً بيانيًّا ملزماً يكمل القرآن ويفصله ويتبعه.
2- لم يأخذ أكثر فقهائنا عالمية الإسلام بعين الاعتبار في تنظيمهم الفقهي لعَلاقة المسلمين بغيرهم؛ بل عبَّروا عن نوع من الانطواء على الذات لا يتناسب مع خصائص الرسالة الخاتمة والأمة الشاهدة.
3- تأثر الفقهاء بالعرف التاريخي السائد في عصرهم، فضاقت نظرتهم للموضوع، وابتعدوا عن المفهوم القرآني للجغرافيا.
ب- الأسباب ذات الصلة بتحقيق المناط فأهمها:
1- لم يعتد المسلمون في تاريخهم – بعد عصر الرسالة- على اللجوء إلى بلاد غير إسلامية طلباً لحق مهدر أو هرباً من ظلم مفروض؛ بل كانت البلاد الإسلامية في الغالب أرض عزة ومنعة، ولم تكن تفصل بينها حدود سياسية مانعة؛ فكلما ضاقت بمسلم أرض، أو انسدت عليه سبيل، تحول إلى ناحية أخرى من الإمبراطورية الإسلامية الفسيحة، دون أن يحس بغربة، أو تعتريه مذلة.
2- لم تكن فكرة المواطنة كما نفهمها اليوم موجودة في العالم الذي عاش فيه فقهاؤنا الأقدمون، وإنما كان هناك نوع من الانتماء الثقافي لحضارة معينة، أو الانتماء السياسي إلى إمبراطورية معينة يعتمد المعيار العقائدي، ويتعامل مع المخالفين في المعتقَد بشيء من التحفظ، مع اختلاف في درجة التسامح: من محاكم التفتيش الأسبانية إلى الذمة الإسلامية.
3- لم تكن الإقامة في بلد غير البلد الأصلي تكسب حق المواطنة بناء على معايير ثابتة، مثل الميلاد في البلد المضيف، أو أمد الإقامة، أو الزواج… وإنما كان الوافد يتحول تلقائيًّا إلى مواطن إذا كان يشارك أهل البلد معتقدهم وثقافتهم، أو يظل غريباً – مهما استقر به المقام- إذا كان مخالفاً لهم في ذلك.
4- لم يكن العالَم القديم يعرف شيئاً اسمه القانون الدولي أو العَلاقات الدبلوماسية، اللذان يحتِّمان على كل دولة حماية رعايا الدول الأخرى المقيمين على أرضها، ومعاملتهم بنفس معاملة الرعايا الأصليين، إلاَّ في بعض الأمور الخاصة التي تقتضي حقوق المواطنة التميز فيها.
5- كان منطق القوة هو الغالب على العَلاقة بين الإمبراطوريات القديمة- بما فيها الإمبراطورية الإسلامية- فكانت كل منها تعتبر أرض الأخرى "دار حرب" يجوز غزوها وضمها كليًّا أو جزئيًّا إلى الدولة الغالبة؛ إذ من طبيعة الإمبراطوريات أنها لا تعرف حدوداً إلا حيث تتعسر على جيوشها مواصلة الزحف.
6- لم يعش فقهاؤنا الوحدة الأرضية الاتصالية التي نعيشها اليوم؛ حيث تتداخل الثقافات، وتعيش الأمم في مكان واحد. وإنما عاشوا في عالَم من جزر منفصلة، لا تعايش بينها ولا تفاهم. فكان "فقه الحرب" طاغياً بحكم مقتضيات الواقع يومذاك. وما نحتاجه اليوم هو "فقه التعايش" في واقع مختلف كمًّا ونوعاً.
7- كان بعض الفقهاء الأقدمين والمتأخرين يعبرون بفتاواهم عن نوع من المقاومة وردة الفعل على واقع مخصوص يختلف عن واقعنا، وفي هذا الإطار يمكن أن ندرج كتاب ابن تيمية "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أهل الجحيم"، وفتاوى علماء الجزائر في صدر هذا القرن بتحريم حمل الجنسية المصرية؛ فهذه الكتب والفتاوى جزء من ثقافة الصراع التي لا تحتاجها الأقليات الإسلامية.
ثالثًا: نحو أصول لفقه الأقليات
فقه الأقليات فقه ذو طبيعة خاصة. وهذه الخصوصية في الموضوع تفرض علينا أن نقترح على أهل العلم جملة من المحددات المنهجية أو "الأصول" التي نرى ضرورة اعتمادها من قِبَل المفتي في فقه الأقليات، باعتبار خصوصية هذا الفقه، وباعتبار أن كل "فقه" يحتاج إلى أصول. ومن هذه الأصول ما يلي:
1- اكتشاف الوحدة البنائية في القرآن، وقراءته باعتباره معادلاً للكون وحركته، واعتبار السنة النبوية الصادرة عن المعصوم- صلى الله عليه وسلم- تطبيقاً لقيم القرآن، وتنزيلاً لها في واقع معين، والنظر إليها كوحدة في ذاتها، متحدة مع القرآن، بياناً له وتطبيقاً عمليًّا لقِيمه في واقع محدد.
2- الاعتراف بحاكمية الكتاب الكريم وأسبقيته، وأنه قاضٍ على ما سواه بما في ذلك الأحاديث والآثار؛ فإذا وضع الكتاب الكريم قاعدة عامة – مثل مبدأ "البر والقسط" في عَلاقة المسلمين بغيرهم – ووردت أحاديث أو آثار يتناقض ظاهرها مع هذا المبدأ: كالمزاحمة في الطريق، أو عدم رد التحية بمثلها أو أحسن منها، تعين الأخذ بما في الكتاب، وتأويل الأحاديث والآثار إن أمكن تأويلها، أو ردها إن لم يمكن ذلك.
3- الانتباه إلى أن القرآن المجيد قد استرجع تراث النبوات، وقام بنقده وتنقيته من كل ما أصابه من تحريف، وأعاد تقديمه منقحاً خالياً من الشوائب، وذلك لتوحيد المرجعية للبشرية. ذلك هو تصديق القرآن لميراث النبوة كله وهيمنته عليه.
4- تأمل الغائية في القرآن الكريم: وهي التي تربط الواقع الإنساني المرئي باللامرئي (عالم الغيب) وتزيل فكرة العبث والمصادفة. وذلك ما يمكن من إدراك وتفسير العَلاقات بين الغيب والشهادة، وبين النص المطلق – وهو القرآن- والواقع الإنساني، ويوجد نوعاً من الكشف عن الفارق الدقيق بين إنسانية الإنسان وفرديته، فالإنسان باعتبار فرديته مخلوق نسبي، وهو باعتبار إنسانيته مخلوق كوني مطلق.
5- الانتباه لأهمية البُعْدَين الزماني والمكاني في كونية الخَلْق الإنساني، ففي الجانب الزماني أكد القرآن ذلك البعد بتعقيبه على تحديد الأشهر باثني عشر شهراً ومنع النسيء، فعدَّهما جزءاً من الدين القيم. وفي الجانب المكاني جعل لنا أرضًا محرمة وأرضًا مقدسة، وأرضًا ليست كذلك. وفي هذا الإطار يمكن أن تفهم فكرة امتداد الإنسان منذ خَلْق آدم وحواء حتى دخول الجنة أو النار والعياذ بالله. إن ذلك الامتداد هو الذي يربط بين كونية القرآن وكونية الإنسانية.
6- الانتباه إلى وجود منطق قرآني كامن مبثوثة قواعده في ثنايا الكتاب، وأن الإنسان قادر – بتوفيق الله عز وجل- على الكشف عن قواعد ذلك المنطق؛ لتساعده في تسديد عقله الذاتي وترشيد حركته. كما أن هذه القواعد ذاتها يمكن أن تشكل قوانين تعصم العقل الموضوعي من الشذوذ والشرود والخطأ والانحراف، وهذا المنطق القرآني يستطيع أن يوجد قاعدة مشتركة للتفكير بين البشر تساعدهم على الخروج من دوائر هيمنة العقل الذاتي القائم على مسلمات تقليد الآباء وتراثهم، وما يتبع ذلك من مسلمات قبلية يستطيع المنطق القرآني أن يخرجهم منها إلى المنطق الاستدلالي أو البرهاني.
7- الالتزام بالمفهوم القرآني للجغرافيا: فالأرض لله، والإسلام دينه، وكل بلد هو "دار إسلام" بالفعل في الواقع الحاضر، أو "دار إسلام" بالقوة في المستقبل الآتي. والبشرية كلها "أمة إسلام": فهي إما "أمة ملة" قد اعتنقت هذا الدين، أو "أمة دعوة" نحن مُلزَمون بالتوجه إليها لدخوله.
8- اعتبار عالميَّة الخطاب القرآني: فالخطاب القرآني يخالف خطابات الأنبياء السابقين التي كانت خطابات اصطفائية موجهة إلى أمم مُصطفَاة أو قرى مُختارَة. أما الخطاب القرآني؛ فقد تدرج من الرسول- صلى الله عليه وسلم- إلى عشيرته الأقربين، إلى أم القرى ومن حولها، ثم إلى الشعوب الأمية كلها، ثم إلى العالم كله. وبذلك صار هو الكتاب الوحيد الذي يستطيع أن يواجه الحالة العالميَّة الراهنة.
إن أي خطاب يُوجَّه إلى عالَم اليوم لا بد أن يقوم على قواعد مشتركة وقيم مشتركة، وأن يكون منهجيًّا: أي خطاباً قائماً على قواعد ضابطة للتفكير الموضوعي. وليس هناك كتاب على وجه الأرض يستطيع أن يوفر هذه الشروط إلاَّ القرآن المجيد ذاته.
9- التدقيق في الواقع الحياتي بمركباته المختلفة باعتباره مصدراً لصياغة السؤال والإشكال الفقهي، أو "تنقيح المناط" كما يقول الأقدمون. وما لم يفهم هذا الواقع بمركباته كلها فإنه من المتعَذَّر صياغة الإشكال الفقهي بشكل ملائم بحيث يمكن الذهاب به إلى رحاب القرآن الكريم لتثويره واستنطاقه الجواب، ففي العصر النبوي كان الواقع يصوغ السؤال فيتنزل الوحي بالجواب؛ أما في عصرنا هذا فإن الوحي بأيدينا، ونحتاج إلى أن نتقن صياغة إشكالياتنا وأسئلتنا؛ لنذهب بها إلى القرآن الكريم ونستنطقه الجواب عنها ونستنطق من سنة الرسول- صلى الله عليه وسلم- فقه التنزيل ومنهجية الربط بين النص المطلق والواقع النسبي المتغير نوعاً وكمًّا.
10- دراسة القواعد الأصولية بكل تفاصيلها بما فيها مقاصد الشريعة، وذلك في محاولة للاستفادة بها في صياغة وبلورة مبادئ فقه الأقليات المعاصر. ولا بد من تكييف الدراسة للمقاصد، وربطها بالقيم العليا الحاكمة، وملاحظة الفروق الدقيقة بين مقاصد الشارع ومقاصد المكلفين.
11- الإقرار بأن فقهنا الموروث ليس مرجعاً للفتوى أو صياغة الحُكْم في مثل هذه الأمور؛ بل هو سوابق في الفتوى وفي القضاء يمكن الاستئناس بها واستخلاص منهجيتها والبناء على ما يصلح البناء عليه منها؛ فإن وُجِدَ في كلام الأقدمين ما يناسب الواقع، ويقارب رُوح الشرع استؤنس به – تأكيداً للتواصل والاستمرارية بين أجيال الأمة- دون أن يُرفَع إلى مستوى النص الشرعي، أو يُعتبَر فتوى في القضية المتناولة. ولا غضاضة إذا كان سلفنا لا يملكون جواباً لإشكاليات لم يعيشوها، ووقائع لم تخطر لهم على بال.
12- اختبار الفقه في الواقع العملي: فلكل حُكم فقهي أثر في الواقع قد يكون إيجابيًّا إذا كان استخلاص الفتوى تم وفقاً لقواعد منهجية ضابطة، وقد يحدث خلل في أي مستوى من المستويات؛ فيكون الأثر المترتب على الفتوى أو على الحُكْم في الواقع أثراً سلبيًّا؛ فتجب مراجعته للتأكد والتحرير. وبذلك تكون عملية استنباط الأحكام وتقديم الفتاوى عبارة عن جدل متواصل بين الفقه والواقع؛ فالواقع مُختبَر يستطيع أن يبين لنا ملاءمة الفتوى أو حرجها.
رابعًا: الأسئلة الكبرى في هذا الفقه
إن الفقيه الذي سيتناول فقه الأقليات يحتاج إلى التأمُّل في الأسئلة الكبرى التي يثيرها هذا الموضوع؛ ليحسن تنقيح المَنَاط، ويصيب حكم الله- تعالى- في الموضوع ما استطاع، ومن هذه الأسئلة:
1- كيف يجيب المفتي أبناء الأقلية بدقة- تعكس نطاق الشأن الخاص بهم ونطاق الشأن الذي يشتركون فيه مع الآخرين- عن السؤالين: مَن نحن؟ وماذا نريد؟
2- ما هي النظم السياسية التي تعيش "الأقلية" في ظلها؟ هل هي ديمقراطية أم وراثية أم عسكرية؟
3- ما هي طبيعة الأكثرية التي تعيش الأقلية بينها، أهي أكثرية متسلطة تستبد بها مشاعر الهيمنة والتفرد؟ أم هي أكثرية تعمل على تحقيق توازن متحرك تحكمه قواعد مدروسة تقدم ضمانات للأقليات؟ وما حجم تلك الضمانات؟ وما هي آليات تشغيلها؟
4- ما حجم هذه الأقلية التي يُرَاد التنظير الفقهي لها على المستويات المختلفة: البشرية والثقافية والاقتصادية والسياسية؟
5- ما هي طبيعة التداخل المُعَاش بين أطراف المجتمع؟ هل تتداخل الأقلية مع الأكثرية في الموارد والصناعات والمهن والأعمال (الحقوق والواجبات) أو أن هناك تمايزاً من خلال سياسات تسعى إلى إيجاد وتكريس الفواصل في هذه الجوانب؟
6- ما طبيعة الجغرافيا السكانية؟ هل هناك تداخل؟ أم أن هناك فواصل وعوازل طبيعية أو مصطنعة؟ وهل هناك موارد طبيعية خاصة بالأقلية أو بالأكثرية؟ أم أن هناك مشاركة في ذلك؟؟
7- هل الأقلية تتمتع بعمق حضاري وهُوِيَّة ثقافية تؤهل – ولو في المدى البعيد- للهيمنة الثقافية؟ وما أثر ذلك لدى الأكثرية؟
8- هل للأقلية امتداد خارج حدود الموطن المشترك، أو هي أقلية مطلقة لا امتداد لها؟ وما تأثير ذلك في الحالتين؟
9- هل للأقلية فاعليات وأنشطة تحرص على التميز بها؟ وما هي تلك الفَعَاليَّات؟
10- هل تستطيع ممارستها بشكل عفوي وتلقائي، أو لا بد من قادة ومؤسسات تساعدها على تنظيم ممارستها لتلك الفَعَاليَّات؟
11– ما هو الدور الذي تلعبه هذه المؤسسات أو التنظيمات أو القيادات في حياة الأقلية؟ هل هو تسليط مزيد من الضوء والتركيز على هُوِيَّتها الثقافية؟
12- هل تصبح هذه المؤسسات وسيلة لتكوين شبكة من المصالح، قد تساعد على استمرار التركيز على خصوصيات الأقلية، وإقناعها بأن الخصوصية الثقافية هي المبرر والمسوغ لاعتبارها أقلية؟
13– هل ستوصل هذه المؤسسات – دون أن تشعر- أبناء الأقلية إلى طرح سؤال خطير حول مدى قيمة وأهمية هذه الخصوصيات، ولِمَ لا نتجاوزها فنريح ونستريح، أو نعمل على إقناع الأكثرية بها؟!
14– إذا كانت الأقلية تمثل مزيجاً من جذور تاريخية وعرقية مختلفة، فكيف يمكن تحديد معالم هُوِيَّتَها الثقافية دون الوقوع في خطر دفع جمهورها إلى حالة الذوبان في الآخَر أو الانكفاء على الذات؟
15- كيف يمكن إيجاد الوعي الضروري لتجاوز الأقلية ما قد يحدث من ردود أفعال لدى الأكثرية، وامتصاص سلبيات هذه الأمور دون التفريط بإيجابياتها؟
16- كيف يمكن إنماء الفَعَاليَّات المشتركة بين الأقلية والأكثرية؟ وما هي المستويات التي يجب ملاحظتها في هذه المجالات؟
17- كيف يمكن الوصل والفصل بين مقتضيات المحافظة على الهُوِيَّة الثقافية "الخاصة" والهُوِيَّة الثقافية "المشتركة"؟
18- ماذا على الأقلية أن تفعل لتمييز ما يمكن أن يتحول إلى مشترك من أجزاء ثقافتها؟ وما الذي تستطيع أن تتبناه من المشترك المأخوذ من ثقافة الأكثرية؟ وما هو دور الأكثرية في هذا؟
وبناء على هذه التوضيحات المتعلِّقة بالمنهج، وبتحقيق المَنَاط، وبحجم الأسئلة المثارَة نستطيع التأكيد على أن الكثير من الاجتهادات الفقهية القديمة التي نشأت في عصر الإمبراطوريات لن تسعفنا كثيراً في تأسيس فقه أقليات معاصر، مع احترامنا لتلك الاجتهادات وإقرارنا بفائدة البعض منها في حدوده الزمانية والمكانية؛ بل يلزمنا الرجوع إلى الوحي والتجربة الإسلامية الأولى، مع الاستئناس بأقوال بعض المجتهدين الذين عبَّروا عن الرُّوح الإسلامية، وتحرروا من قيود التاريخ أكثر من غيرهم، دون اعتبار أقوالهم مصدراً مؤسساً لقاعدة شرعية.
خامسًا: القواعد العامة لفقه الأقليات
قاعدة في عَلاقة المسلمين بغيرهم:
لقد تضمنت آيتان من القرآن الكريم قاعدة ذهبية في عَلاقة المسلمين بغيرهم، هما قول الله- تعالى-: "لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون". [سورة الممتحنة: الآيتان 8، 9].
قال ابن الجوزي: "هذه الآية رخصة في صلة الذين لم ينصبوا الحرب للمسلمين، وجواز برهم، وإن كانت الموالاة منقطعة عنهم" [ابن الجوزي: زاد المسير 8/39].
وقال القرطبي: "هذه الآية رخصة من الله- تعالى- في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم.. قوله- تعالى- : "أَنْ تَبَرُّوهُم" أي لا ينهاكم الله عن أن تبروا الذين لم يقاتلوكم…". [القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 18/43].
وأكد ابن جرير على عموم الآية في غير المسلمين من كل الأديان والمِلَل والنِّحَل، فقال: "وأولى الأقوال في ذلك الصواب قول مَن قال: عني بذلك "لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ" من جميع أصناف المِلَل والأديان أن تبروهم وتصلوهم وتُقسطوا إليهم. إن الله- عز وجل- عمَّ بقوله: "الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ " جميع مَن كان ذلك صفته، فلم يخصص به بعضاً دون ذلك" [نفس المصدر 28/43].
وفسَّر جل المفسرين "القسط" الوارد في الآية بأنه العدل، لكنَّ القاضي أبا بكر بن العربي أعطاه معنى آخر، باعتبار أن العدل واجب على المسلم تجاه الجميع أعداء وأصدقاء، لقوله تعالى: "وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى ألا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى" [سورة المائدة، الآية 8]. أما القسط في هذه الآية فهو – عند ابن العربي- الإحسان بالمال: ("وتقسطوا إليهم": أي تعطوهم قسطاً من أموالكم على وجه الصلة، وليس يريد به العدل؛ فإن العدل واجب فيمن قاتل وفيمن لم يقاتل، قاله ابن العربي) [القرطبي 18/43].
لقد حددت هاتان الآيتان الأساس الأخلاقي والقانوني الذي يجب أن يُعامِل به المسلمون غيرهم، وهو البر والقسط لكل مَن لم يناصبهم العداء. وكل النوازل والمستجدات ينبغي محاكمتهما إلى ذلك الأساس. وما كان للعَلاقة بين المسلمين وغيرهم أن تخرج عن الإطار العام والهدف الأسمى الذي من أجله أنزل الله الكتب وأرسل الرسل، وهو قيام الناس بالقسط، يقول تعالى: "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيْزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ" [سورة الحديد، الآية 25]، فقاعدة "القيام بالقسط" قاعدة مطردة، سواء تعلق الأمر بإعطاء غير المسلمين حقوقهم، أو سعي المسلمين إلى أخذ حقوقهم.
الأمة المخرَجَة:
وبينت آية من الكتاب الكريم اثنتين من خصائص أمة التوحيد هما: الخيرية والإخراج. قال تعالى: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" [سورة آل عمران، الآية 110]. فهذه الآية تدل على أن خيرية هذه الأمة تتمثل في أن الله- تعالى- أخرجها للناس لتخرجهم من الظلمات إلى النور، فهي أمة مخرَجَة (بفتح الراء) لا تنفك خيريتها عن دورها الرسالي على هذه الأرض المتمثل في "إخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله- تعالى-" كما لخَّصه ربعي بن عامر- رضي الله عنه- أمام كسرى.
وقد بيَّن المفسرون من السلف ومن المتأخرين على حد سواء الارتباط بين معنى الخيرية والإخراج: عن عكرمة في تفسير الآية قال: "خير الناس للناس، كان مَن قبلكم لا يأمن هذا في بلاد هذا، ولا هذا في بلاد هذا، فكلما [=أينما] كنتم أَمِنَ فيكم الأحمر والأسود؛ فأنتم خير الناس للناس" [تفسير ابن أبي حاتم 1/472، وقال المحقق: إسناده حسن]، وقال ابن الجوزي: "كنتم خير الناس للناس" [ابن الجوزي: زاد المسير 1/355]، وقال ابن كثير: "المعنى أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس" [الصابوني: مختصر تفسير ابن كثير 1/308]، و "قال النحاس: والتقدير على هذا: كنتم للناس خير أمة" [القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 4/171]، وقال البغوي: "أي أنتم خير أمة للناس" [البغوي: معالم التنزيل 1/266]؛ وزاد أبو السعود الأمر توضيحاً فقال: "أي كنتم خير الناس للناس، فهو صريح في أن الخيرية بمعنى النفع للناس، وإن فهم ذلك من الإخراج لهم أيضاً، أي أخرجت لأجلهم ومصلحتهم" [أبو السعود: إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن العظيم 2/70]. وهو المعنى الذي استوحاه الخطيب فقال: "من رسالة هذه الأمة ألا تحتجز الخير لنفسها، ولا تستأثر به حين يقع لديها؛ بل تجعل منه نصيباً تبر به الإنسانية كلها" [عبد الكريم الخطيب: التفسير القرآني 4/548].
إن أمة- هاتان أخص خصائصها- لا يمكن أن تحدها أرض، أو يختص بها مكان؛ بل لا بد أن تخرج إلى الناس، وتبلغهم رسالة الله إلى العالمين. فأي كلام بعد ذلك عن "دار إسلام" و"دار كفر"، أو "دار إسلام" و "دار حرب" – بالمعنى الجغرافي لهذين المصطلحين- إنما هو ضرب من التكلف وتضييق لآفاق الرسالة.
بل إن مفهوم "الأمة" في شرعنا لا يرتبط بالكم البشري أو الحيِّز الجغرافي أصلاً، وإنما يرتبط بالمبدأ الإسلامي، حتى وإن تجسد ذلك المبدأ في شخص واحد؛ ولذلك استحق إبراهيم- عليه السلام- وصف "الأمة" في القرآن الكريم؛ لقنوته لله وشكره لأنعمه: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا للهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" [سورة النحل، الآية 120].
وقد أدرك بعض علمائنا الأقدمين المغزى الذي نقصد إليه هنا؛ فربطوا تلك التحديدات بإمكان إظهار الإسلام وأمن المسلمين فقط، فليست للإسلام حدود جغرافية، ودار الإسلام هي كل أرض يأمن فيها المسلم على دين، حتى ولو عاش ضمن أكثرية غير مسلمة؛ ودار الكفر هي كل أرض لا يأمن فيها المؤمن على دينه، حتى ولو انتمى جميع أهلها إلى عقيدة الإسلام وحضارته.
قال الكاساني: "لا خلاف بين أصحابنا [الأحناف] في أن دار الكفر تصير دار إسلام بظهور أحكام الإسلام فيها" [الكاساني: بدائع الصنائع 7/131]. أما دار الإسلام فقال القاضي أبو يوسف ومحمد بن الحسن: "تصير دار كفر بظهور أحكام الكفر فيها" [نفس المصدر والصفحة]. وروى ابن حجر عن المواردي رأياً ذهب فيه إلى أبعد من ذلك؛ فاعتبر أن الإقامة في دار كفر يستطيع المسلم إظهار دينه فيها أولى من الإقامة في دار الإسلام، لما في ذلك من القيام بوظيفة جذب الناس إلى هذا الدين وتحسينه إليهم، ولو بمجرد الاحتكاك والمعايشة: "قال الماوردي: إذا قدر [المسلم] على إظهار الدين في بلد من بلاد الكفر؛ فقد صارت البلد به دار إسلام، فالإقامة فيها أفضل من الرحلة منها؛ لما يترجى من دخول غيره في الإسلام" [ابن حجر: فتح الباري 7/230].
الانتصار والإيجابية:
ومما امتدح الله- تعالى- به عباده المؤمنين الإيجابية والانتصار لحقوقهم، ورفض البغي والظلم، وعدم الرضا بالمذلة والهوان. قال تعالى: "إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا" [سورة الشعراء، الآية 227]، وقال تعالى: "وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُون" [سورة الشورى، الآية 39]. قال ابن الجوزي معلقاً على هذه الآية الأخيرة : "ليس للمؤمن أن يذل نفسه" [ابن الجوزي: زاد المسير 7/122]، وقال ابن تيمية: "... وضد الانتصار العجز، وضد الصبر الجزع، فلا خير في العجز ولا في الجزع، كما نجده في حال كثير من الناس، حتى بعض المتدينين إذا ظلموا أو رأوا منكراً، فلا هم ينتصرون ولا يصبرون، بل يعجزون ويجزعون" [ابن تيمية: التفسير الكبير 6/59].
فأي رضا من المسلمين بالدون، أو بالمواقع الخلفية، وأي سلبية وانسحاب من التفاعل الإيجابي مع الوسط الذي يعيشون فيه يناقض مدلول هاتين الآيتين الداعيتين إلى الإيجابية والانتصار.
تحـمل الغبــش:
ولو اقتضت المشاركة الإيجابية تحمل نوع من الغبش الذي لا يمس جوهر العقيدة وأساسيات الدين؛ فهو أمر مغتفر إن شاء الله؛ لأن تحقيق الخير الكثير المرجو متعذر بدونه. وليس هذا الأمر بجديد على الفقه الإسلامي؛ بل هو أمر قبله علماء الإسلام منذ نهاية الخلافة الراشدة وبداية المُلْك؛ فقد وضع الواقع الجديد أهل الخير أمام أحد خيارين: إما المشاركة الإيجابية مع قَبول تنازلات يمليها واقع الظلم المتغلب، وإما السلبية والانسحاب وترك الأمة في أيدي الظلمة؛ فاختاروا الخيار الأول إدراكاً منهم لإيجابية الإسلام ومرونة تشريعاته. قال ابن تيمية مؤصلاً هذا الأمر: "الواجب على المسلم أن يجتهد في ذلك بحسب وسعه: فمن ولي ولاية يقصد بها طاعة الله وإقامة ما يمكنه من دينه ومصالح المسلمين، وأقام فيها ما يمكنه من ترك المحرمات، لم يؤاخذ بما يعجز عنه؛ فإن تولية الأبرار خير من تولية الفجار" [ابن تيمية: السياسة الشرعية، ص 167]. وقال: "وجود الظلم والمعاصي من بعض المسلمين وولاة أمورهم وعامتهم لا يمنع أن يشارك فيما يعمله من طاعة الله" [ابن تيمية: منهاج السنة 4/113]. ولو كان – رحمه الله- حيًّا الآن لأضاف: "بعض الكافرين وولاة أمورهم وعامتهم" تمشياً مع منطق الموازنة الشرعية الذي تبناه، ومراعاة لتغير الوقائع.
وانسجاماً مع نفس المنطق تقبل ابن حجر سؤال الإمارة والحرص عليه – رغم نهي السنة عن ذلك- إذا كانت حقوق المسلمين ومصالحهم معرضة للإهدار والضياع، فقال: "مَن قام للأمر [الإمارة] عند خشية الضياع يكون كمَن أعطي بغير سؤال، لفقد الحصر غالباً عمَّن هذا شأنه، وقد يغتفر الحرص في حق من تعين عليه لكونه يصير واجباً عليه" [ابن حجر: فتح الباري 13/126].
سادسًا: دروس من الهجرة إلى الحبشة
تضمنت التجربة الإسلامية الأولى مثالاً على لجوء المسلمين إلى بلاد الكفر لحماية دينهم، هو الهجرة إلى الحبشة. ولهذا المثال أهمية خاصة؛ لأنه وقع في عصر الاستضعاف الشبيه بحال المسلمين الآن، كما أنه وقع في عهد التشريع، مما يضفي مغزى تأصيليًّا على الدروس والعِبَر المستخلَصَة منه.
وقد وقعت حادثة أثناء تلك الهجرة تحمل دلالة كبرى على ما يستطيع المسلمون المهاجرون فعله لحماية دينهم ورعاية مصالحهم، وكسب ود غيرهم، بل اكتسابه للإسلام.
أورد الإمام أحمد بصيغ مختلفة وفي مواضع متعددة من مسنده تفاصيل هذه القصة الطويلة [انظر: المسند، الأحاديث رقم: 1649 و14039 و17109 و21460] ، وخلاصتها أن قريشاً أرادوا مضايقة المسلمين المهاجرين إلى الحبشة؛ فبعثوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة محملين بهدايا للنجاشي، ورشاوى لبطارقته، في محاولة لشراء الذمم من أجل تسليم المسلمين المستضعفين إليهم.
وتكلم عمرو وعبد الله بين يدي النجاشي فقالا: "أيها الملك: إنه قد صبا إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك أشارف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عيناً، وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه... فقالت بطارقته: صدقوا أيها الملك.. فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم. لكن النجاشي كان رجلاً عادلاً، ولم يكن ليقبل الحكم غيابيًّا على مَن لم يسمع حجته؛ فأمر بإحضار المسلمين "فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟ قالوا: نقول واللهِ ما علمْنَا وما أمرَنَا به نبيُّنا- صلى الله عليه وسلم- كائن في ذلك ما هو كائن؛ فلما جاءوه وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله ليسألهم، فقال ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم. قالت [أم سلمة راوية الحديث] فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب، فقال: أيها الملك، كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه؛ فدعانا إلى الله- تعالى- لنوحده ونعبده ونترك ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمر بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام – قالت: فعدد عليه أمور الإسلام – فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به… فعدا علينا قومنا يعذبونا ففتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان.. وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، ولما قهرونا، وظلمونا، وشقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا ألاَّ نُظلَم عندك أيها الملك". وتوضح رواية أخرى أن جعفر لما دخل على النجاشي خالف العرف السائد الذي يقضي بالسجود للملك "فسلَّم ولم يسجد، فقالوا له ما لك لا تسجد للملك؟ قال: إنا لا نسجد إلا لله – عز وجل".
وانتهت المناظرة بانتصار المسلمين، واقتناع النجاشي بعدالة قضيتهم، ورجع رسولا قريش من عند النجاشي شر مرجع "فخرجا من عنده مقبوحين مردوداً عليهما ما جاءوا به" حسب تعبير أم المؤمنين أم سلمة- رضي الله عنها.
ثم توطدت العَلاقة بين المسلمين وذلك الملك المسيحي إلى درجة أنهم دعوا له بالنصر حين ظهر مَن ينازعه ملكه، قالت أم سلمة: "… ودعونا الله- تعالى- للنجاشي بالظهور على عدوه، والتمكين له في بلاده".
وكانت النتيجة المنطقية لتلك العَلاقة الوثيقة أن اعتنق النجاشي الإسلام في نهاية المطاف.
خـلاصة منهجية
بناء على ما اتضح من موازين الوحي، وخصائص أمة التوحيد، ومن المحددات المنهجية اللازمة، ثم من تجربة المسلمين الأوائل في الحبشة، نستطيع التوصل إلى الخلاصات التالية:
1- إن وجود المسلمين في أي بلد يجب التخطيط له باعتباره وجوداً مستمرًّا ومتنامياً، لا باعتباره وجوداً طارئاً أو إقامة مؤقتة أملتها الظروف السياسية والاقتصادية في العالم الإسلامي. ولا حجة في رجوع المهاجرين من الحبشة؛ لأن الهجرة كانت واجبة في صدر الدعوة وبناء المجتمع الجديد، ثم سقط ذلك الوجوب بالفتح، كما قال- صلى الله عليه وسلم-: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية" [صحيح البخاري، كتاب الجهاد، الحديث 2575. وصحيح مسلم، كتاب الإمارة، الحديث 3468]. كما أن رجوعهم كان مواصلة لهجرة جديدة؛ لأن مكة هي موطنهم.
2- ينبغي لأبناء الأقليات المسلمة أن لا يقيدوا أنفسهم باصطلاحات فقهية تاريخية لم ترد في الوحي مثل "دار الإسلام" و "دار الكفر". وعليهم أن ينطلقوا من المنظور القرآني: "إَنَّ الأَرْضَ للهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين" [سورة الأعراف، الآية 128]، "وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُوْن" [سورة الأنبياء، الآية 105].
3- من واجب المسلمين أن يشاركوا في الحياة السياسية والاجتماعية بإيجابية، انتصاراً لحقوقهم، ودعماً لإخوتهم في العقيدة أينما كانوا، وتبليغاً لحقائق الإسلام، وتحقيقاً لعَالَميته. ولقد قلنا: إن ذلك "من واجبهم"؛ لأننا لا نعتبره مجرد "حق" يمكنهم التنازل عنه، أو "رخصة" يسعهم عدم الأخذ بها.
4- كل منصب أو ولاية حصل عليها المسلمون بأنفسهم، أو أمكنهم التأثير على مَن فيها مِن غيرهم، تُعتبَر مكسباً لهم من حيث تحسين أحوالهم، وتعديل النظم والقوانين التي تمس صميم وجودهم، بل التي لا تنسجم مع فلسفة الإسلام الأخلاقية. ومن حيث التأثير على القرارات السياسية ذات الصلة بالشعوب الإسلامية الأخرى.
5- كل ما يعين على تحقيق هذه الغايات النبيلة من الوسائل الشرعية فهو يأخذ حكمها. ويشمل ذلك تقدم المسلم لبعض المناصب السياسية، وتبني أحد المترشحين غير المسلمين – إذا كان أكثر نفعاً للمسلمين، أو أقل ضرراً عليهم- ودعمه بالمال؛ فقد أباح الله تعالى برهم وصلتهم دون مقابل، فكيف إذا ترتب على ذلك مردود واضح ومصلحة متحققة. وفي تفسير ابن العربي للفظ "القسط" ما يمكن الاستئناس به.
6- إن انتزاع المسلمين لحقوقهم في بلد يمثلون أقلية فيه، وتفاعلهم الإيجابي مع أهل البلد الأصليين، يقتضي منهم تشاوراً وتكاتفاً واتفاقاً في الكليَّات، وتعاذرًا في الجزئيات والخلافيات. ولنا في سلفنا من المهاجرين إلى الحبشة أسوة حين اجتمعوا وتشاوروا حول أمثل الصيغ للرد على الموقف الحرج.
7- يحتاج أبناء الأقليات المسلمة إلى ترسيخ الإيمان بالله، وتدعيم الثقة في الإسلام، حتى لا يدفعهم التفاعل مع غيرهم إلى تنازلات تَمَسُّ أساس الدين مجاراة لعرف سائد أو تيار جارف. وفي رفض جعفر السجود للنجاشي ـ كما فعل خصماه وكما يقضي العرف- أسوة في هذا السبيل.
8- تحتاج الأقليات المسلمة إلى حسن التعبير عن حقائق الإسلام الخالدة، ونظام قِيمه الإنساني الرفيع، كما فعل جعفر في خطبته البليغة التي أوجز فيها أمهات الفضائل الإسلامية، وأوضح الفرق بينها وبين الحياة الجاهلية. وبذلك لا يكسب المسلمون تعاطف الناس فقط؛ بل يكسبون الناس أنفسهم للالتحاق بركب التوحيد.
9- إن فن الإقناع وعلم العَلاقات العامة لهما دور يحسن الانتباه له؛ فالكلام الذي ختم به جعفر خطبته يدخل في هذا السياق: "خرجنا إلى بلدك، واخترناك على مَن سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا ألاَّ نُظلَم عندك أيها المَلك". وبه نختم هذه الملاحظات التي نرجو أن يجد فيها طالب الحق ما يعينه على حسن تصور الحُكْم الشرعي في هذا الأمر، وتجد فيها الأقليات الإسلامية ما يرفع عنها الحرج، ويدفعها إلى مزيد من الإيجابية والتضحية في خدمة الإسلام وحمله إلى العَالَمين.
وبالله تعالى التوفيق، وهو الهادي إلى أقوم طريق.
مواقع داعمة لنظرات تأسيسية في فقه الأقليات:
موقع صوت إيجورستان
المركز الإعلامي لكشمير المسلمة
لجنة شباب شرق أوربا
الندوة العالمية للشباب الإسلامي
المرصد الإعلامي الإسلامي
شبكة كوسوفا المسلمة
وكالة الأنباء الإسلامية الدولية – إ
 
إنضم
14 ديسمبر 2015
المشاركات
14
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
مستقل
رد: (نظـرات تأسيسية في فقه الأقليات)؛ لـ د. طه جابر العلواني

أحسن الله إليكم
 
إنضم
16 سبتمبر 2015
المشاركات
4
التخصص
التربية
المدينة
مكة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: (نظـرات تأسيسية في فقه الأقليات)؛ لـ د. طه جابر العلواني

[h=2]نظـرات تأسيسية في فقه الأقليات[/h]هذا موضوع مهم وكبير ومن المهم لطلبة العلم المتمكنين في هذا المجال الأخذ بما ورد فيه والعمل عليه بدراسات علمية عميقة وتفصيلية تكون نابعة من الواقع المعاش للأقليات وعدم التسوية بين كل الأقليات المسلمة في العالم فإن مصطلح الأقلية هو الآخر ينبغي الاعتياض عنه بمصطلح الغربة فالمسلمون ليسو بأقلية لا في بلاد الإسلام ولا في غيرها باعتبار أن الأرض لله سبحانه والإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله تعالى لعباده...والله أعلم
 
أعلى