العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

هل هذا حديث صحيح : ( من صلى أربعا بعد العشاء كن كقدرهن من ليلة القدر ) ؟

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
السؤال:
هل هذا حديث صحيح : ( من صلى أربعا بعد العشاء كن كقدرهن من ليلة القدر ) ؟
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: هل هذا حديث صحيح : ( من صلى أربعا بعد العشاء كن كقدرهن من ليلة القدر ) ؟



الجواب :
الحمد لله
أولا :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى بعد العشاء حين رجع إلى بيته أربع ركعات ، ورد ذلك في حديثٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ :
" بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِثِ زَوْجِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِشَاءَ ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى مَنْزِلِهِ ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ، ثُمَّ نَامَ ، ثُمَّ قَامَ ، ثُمَّ قَالَ : ( نَامَ الغُلَيِّمُ )، أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا ، ثُمَّ قَامَ ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ ، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ نَامَ ، حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أَوْ خَطِيطَهُ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ " رواه البخاري (117) .

بل قد ورد في حديث آخر – وإن كان فيه ضعف يسير – أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتاد صلاة الأربع ركعات بعد العشاء .
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ قَطُّ فَدَخَلَ عَلَيَّ إِلَّا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ أَوْ سِتَّ رَكَعَاتٍ ) رواه أبو داود (رقم/1303) وضعفه الألباني في " ضعيف أبي داود – الأم " (2/57) .
ونحوه حديث عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ رَكَعَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ، وَأَوْتَرَ بِسَجْدَةٍ ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى يُصَلِّيَ بَعْد صَلَاته بِاللَّيْلِ ) رواه أحمد في " المسند " (26/34) طبعة مؤسسة الرسالة ، وضعفه محققو الطبعة لانقطاعه .
فدلت السنة العملية للنبي صلى الله عليه وسلم على مشروعية صلاة أربع ركعات بعد صلاة العشاء ، ولذلك اتفق العلماء على مشروعية هذه الصلاة بعد العشاء ، سواء صح في فضلها حديث خاص أم لم يصح .
وذهب فقهاء الحنفية إلى عد هذه الأربع ركعات بعد العشاء سنة راتبة بعدية ، كما في " فتح القدير " (441/1-449) .
لكن الأظهر - والله أعلم - أنها نافلة مطلقة من جملة قيام الليل ، كما سماها ابن قدامة في " المغني " (2/96) " صلاة تطوع " .
ثانيا :
ورد في فضل الركعات الأربع بعد صلاة العشاء خمسة أحاديث مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وعشرة آثار عن الصحابة والتابعين من فعلهم وقولهم ، وهي أحاديث كثيرة وعديدة عقد لها ابن أبي شيبة في " المصنف " بابا بعنوان : " في أربع ركعات بعد صلاة العشاء "، وكذلك فعل المروزي في كتابه العظيم " قيام الليل " تحت باب : " الأربع ركعات بعد العشاء الآخرة "، وأيضا البيهقي في " السنن الكبرى " عقد بابا بعنوان : " باب من جعل بعد العشاء أربع ركعات، أو أكثر ".
ونحن نورد ههنا هذه الأحاديث والآثار ونتكلم عليها بما تيسر .
الحديث الأول :
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ ، وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ ، كَانَ كَعِدْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (13،14 ص/130)، وفي " المعجم الأوسط " (5/254) قال : حدثنا محمَّد بن الفَضْل السَّقَطي ، ثنا مَهْدي بن حَفْص ، ثنا إسحاقُ الأزرق ، ثنا أبو حَنيفة ، عن مُحارب بن دِثار ، عن ابن عمر به .
ومن طريق الطبراني رواه أبو نعيم في " مسند أبي حنيفة " (ص223)
قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن ابن عمر إلا محارب بن دثار ، ولا عن محارب إلا أبو حنيفة ، تفرد به إسحاق الأزرق .
قال العراقي رحمه الله :
" فيه ضعف " انتهى من " طرح التثريب " (4/162) .
وقال الهيثمي رحمه الله :
" في إسناده ضعيف غير متهم بالكذب " انتهى من " مجمع الزوائد " (2/40) .
وقال أيضا :
" فيه من ضُعِّف [ في ] الحديث " انتهى من " مجمع الزوائد " (2/231) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله – معلقا على قول الطبراني " تفرد به إسحاق " -:
" هو ابن يوسف الواسطي ؛ وهو ثقة ، وكذلك سائر رجال الإسناد ؛ غير أبي حنيفة رحمه الله ؛ فإن الأئمة قد ضعفوه ... وقد أشار إلى تضعيف أبي حنيفة الحافظ الهيثمي بقوله عقب الحديث : فيه من ضعف [في] الحديث . وكأنه لم يتجرأ على الإفصاح باسمه اتقاء منه لشر متعصبة الحنفية في زمانه ، كفانا الله شر التعصب وأهله !! ، وسائر رجال الحديث مترجمون في " التهذيب "؛ غير السقطي ، فترجمته في " تاريخ بغداد " (3/153) ؛ قال الخطيب : وكان ثقة ، وذكره الدارقطني فقال : صدوق " انتهى باختصار من " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (رقم/5060) .
الحديث الثاني :
عن ابن عباس يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من صلى أربع ركعات خلف العشاء الآخرة ، قرأ في الركعتين الأوليين : ( قل يا أيها الكافرون ) و ( قل هو الله أحد ) ، وقرأ في الركعتين الأخريين (تنزيل السجدة) و ( تبارك الذي بيده الملك ) كتبن له كأربع ركعات من ليلة القدر ) .
رواه المروزي في " قيام الليل " (ص/92) ، والطبراني في " المعجم الكبير " (11/437) ، والبيهقي في " السنن الكبرى " (2/671) جميعهم من طريق سعيد بن أبي مريم ، حدثني عبد الله بن فروخ ، حدثني أبو فروة ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس به مرفوعا .
قال البيهقي رحمه الله :
" تفرد به ابن فروخ المصري " انتهى .
وهذا إسناد ضعيف بسبب أبي فروة يزيد بن سنان الرهاوي ، فقد اتفقت كلمة نقاد الحديث على تضعيفه ، بل قال فيه يحيى بن معين : ليس بشيء ، وقال النسائي : متروك الحديث ، وقال ابن عدي : عامة حديثه غير محفوظ ، انظر " تهذيب التهذيب " (11/336) .
لذلك ضعفه الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/231)، والألباني في " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (في كلامه على حديث رقم/5060) .
الحديث الثالث :
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ كَعِدْلِهِنَّ بَعْدَ الْعِشَاءِ ، وَأَرْبَعٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ كَعِدْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) .
رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (3/141) من طريق يحيى بن عقبة بن أبي العيزار ، عن محمد بن جحادة ، وقال : لم يرو هذا الحديث عن محمد بن جحادة إلا يحيى .
وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب يحيى بن عقبة بن أبي العيزار ، قال أبو حاتم : يفتعل الحديث ، وقال البخاري : منكر الحديث ، وقال ابن معين : كذاب خبيث . انظر " لسان الميزان " (8/464) .
قال الهيثمي رحمه الله :
" فيه يحيى بن عقبة بن أبي العيزار وهو ضعيف جدا " انتهى من " مجمع الزوائد " (2/230).
وقال الألباني رحمه الله :
" ضعيف جدا " انتهى من " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (رقم/2739، 5058) .
الحديث الرابع :
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ كَأَنَّمَا تَهَجَّدَ بِهِنَّ مِنْ لَيْلَتِهِ ، وَمَنْ صَلَّاهُنَّ بَعْدَ الْعِشَاءِ كُنَّ كَمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَإِذَا لَقِيَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمَ فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَهُمَا صَادِقَانِ لَمْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يُغْفَرَ لَهُمَا) .
رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (6/254) قال : حدثنا محمد بن علي الصائغ ، ثنا سعيد بن منصور ، ثنا ناهض بن سالم الباهلي ، ثنا عمار أبو هاشم ، عن الربيع بن لوط ، عن عمه البراء بن عازب رضي الله عنه .
قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن الربيع بن لوط إلا عمار أبو هاشم ، تفرد به ناهض بن سالم .
قال الهيثمي رحمه الله :
" فيه ناهض بن سالم الباهلي وغيره ، ولم أجد من ذكرهم " انتهى من " مجمع الزوائد " (2/221) .
وقال الألباني رحمه الله :
" ضعيف ... ناهض بن سالم الباهلي لم أجد له ترجمة ، والحديث قال الهيثمي : " فيه ناهض بن سالم الباهلي وغيره ، ولم أجد من ذكرهم "، وغير الباهلي لم أدر المعني به ؛ إلا أن يكون شيخ الطبراني ؛ فقد قال : حدثنا محمد بن علي الصائغ ، حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا ناهض بن سالم الباهلي ... لكن الهيثمي ليس من عادته الكلام على شيوخ الطبراني المجهولين أو المستورين الذين لم يرد لهم ذكر في " الميزان " مثلاً ، والله أعلم " انتهى من " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (رقم/5053) .
الحديث الخامس :
عن يحيى بن أبي كثير قال :
" أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يقرءوا (الم السجدة) ، و (تبارك الذي بيده الملك) فإنهما تعدل كل آية منهما سبعين آية من غيرهما ، ومن قرأهما بعد العشاء الآخرة كانتا له مثلهما في ليلة القدر " .
رواه عبد الرزاق في " المصنف " (3/382) عن معمر بن راشد ، عن يحيى بن أبي كثير ، هكذا مرسلا ، فيحيى بن أبي كثير من صغار التابعين ، توفي سنة (132هـ)، ولا يدرى عمن تحمل هذا الحديث ، ولا يخفى أن ذلك من موجبات ضعف الحديث . انظر " تهذيب الكمال " (11/269) .
ثالثا :
وأما الآثار المروية من كلام الصحابة والتابعين في معنى هذا الحديث فهي على الوجه الآتي :
الأثر الأول :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : " مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمٍ، عَدَلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ " .
رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/127) قال : حدثنا وكيع ، عن عبد الجبار بن عباس ، عن قيس بن وهب ، عن مرة ، عن عبد الله به .
وهذا إسناد جيد متصل.
الأثر الثاني :
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : " مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ كُنَّ كَقَدْرِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ " .
رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/127) قال : حدثنا ابن إدريس ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو به .
قلنا : وهذا إسناد رواته ثقات ، إلا أنه اختلف في سماع مجاهد من عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال البرديجي : روى مجاهد عن أبى هريرة وعبد الله بن عمرو ، وقيل : لم يسمع
منهما . انظر " تهذيب التهذيب " (10/43) .
الأثر الثالث :
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : " أَرْبَعٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ يَعْدِلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ " .
رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/127) قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن العلاء بن المسيب ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه ، عن عائشة به .
وهذا الإسناد رواته ثقات ، ولكننا لم نقف على مَن ذَكَرَ عبد الرحمن بن الأسود في شيوخ العلاء بن المسيب .
الأثر الرابع :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : " مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُنَّ يَعْدِلْنَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ " .
رواه محمد بن الحسن الشيباني – كما في " الآثار " (1/292) - عن شيخه الإمام أبي حنيفة ، حدثنا الحارث بن زياد أو محارب بن دثار – الشك من محمد – عن ابن عمر به .
وهذا إسناد ضعيف لوقوع الشك والتردد ، فالحارث بن زياد لم نقف له على ترجمة ، ولكن قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" هو عَن محَارب بِلَا شكّ ... وَأما الْحَارِث بن زِيَاد فَلم أر فِيمن يروي عَن ابْن عمر لَهُ ذكرا " انتهى من " الإيثار بمعرفة رواة الآثار " (ص/57) .
الأثر الخامس :
عن كَعْبِ بْنِ مَاتِعٍ – وهو كعب الأحبار – قَالَ : " مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ يُحْسِنُ فِيهِنَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ عَدَلْنَ مِثْلَهُنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ " .
وقد جاء بأسانيد عدة عن كعب الأحبار ، لم نشأ الإطالة بسردها ، يرويها ابن أبي شيبة والنسائي والدارقطني والبيهقي وغيرهم .
يقول الشيخ الألباني رحمه الله – في أحد أسانيده -:
" هذا إسناد لا بأس به ... ولكنه مقطوع موقوف على كعب - وهو كعب الأحبار -، ولو أنه رفع الحديث لم يكن حجة ؛ لأنه في هذه الحالة يكون مرسلاً ، فكيف وقد أوقفه ؟! " انتهى من " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (حديث رقم/5053) .
الأثر السادس :
عَنْ مَيْسَرَةَ، وَزَاذَانَ، قَالَا : " كَانَ يُصَلِّي مِنَ التَّطَوُّعِ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ ، وَأَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ " .
هكذا وجدته من غير ذكر اسم الصحابي ، والغالب أنه علي بن أبي طالب ، فهو الذي يروي عنه ميسرة .
رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/19) قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن عطاء بن السائب به .
الأثر السابع :
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ : " مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ عَدَلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ " .
رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/127) قال : حدثنا الفضل بن دكين ، عن بكير بن عامر ، عن عبد الرحمن به .
الأثر الثامن :
عن عمران بن خالد الخزاعي قال : " كنت عند عطاء جالسا فجاءه رجل فقال : يا أبا محمد ، إن طاوسا يزعم أن : من صلى العشاء ثم صلى بعدها ركعتين يقرأ في الأولى تنزيل السجدة وفي الثانية تبارك الذي بيده الملك كتب له مثل وقوف ليلة القدر . فقال عطاء : صدق طاوس ، ما تركتها " .
رواه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (4/6) قال : حدثنا عمر بن أحمد بن عمر القاضي ، ثنا عبد الله بن زيدان ، ثنا أحمد بن حازم ، ثنا عون بن سلام ، ثنا جابر بن منصور أخو إسحاق بن منصور السلولي ، عن عمران بن خالد به .
الأثر التاسع :
عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ : " كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يُصَلِّي بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَأُكَلِّمُهُ وَأَنَا مَعَهُ فِي الْبَيْتِ فَمَا يُرَاجِعُنِي الْكَلَامَ " .
رواه المروزي في " تعظيم قدر الصلاة " (1/167) قال : حدثنا يحيى ، ثنا عباد بن العوام ، عن حصين ، عن القاسم به .
الأثر العاشر :
عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : " أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ يَكُنَّ بِمَنْزِلَتِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ " .
رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/127) قال : حدثنا يعلى ، عن الأعمش ، عن مجاهد به .
رابعا :
الخلاصة أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي أربع ركعات بعد العشاء ، وأما الأحاديث المرفوعة الواردة في فضلها فكلها ضعيفة ضعفا شديدا ، أمثلها وأقواها حديث ابن عمر على ضعفه .
وأما الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين فهي دليل على عمل السلف بهذه السنة ، وانتشارها فيهم ؛ فهي من قيام الليل الوارد فضله في الكتاب والسنة في عشرات الأدلة ، وأما القول بأنها تعدل الصلاة في ليلة القدر فهذا مما يتوقف في شأنه ، خاصة وأنه قد ورد من كلام كعب الأحبار ، وقد كان كعب يتوسع في الإخبار عن هذه الشريعة بما يقايسه من كتب أهل الكتاب ، فنخشى أن يكون هذا الفضل مصدره كعب الأحبار ، ومن أخذه عنه من الصحابة إنما فعل ذلك لتعلقه بفضائل الأعمال التي يرجى ثوابها ، ولا يضر العمل بها .
وقد ذهب الشيخ الألباني رحمه الله إلى منح هذه الآثار " حكم الرفع "، مما يجيز الاحتجاج بها والعمل بما جاء فيها ، حيث يقول رحمه الله :
" الحديث قد صح موقوفاً عن جمع من الصحابة ... ثم أخرج ابن أبي شيبة مثله عن عائشة ، وابن مسعود ، وكعب بن ماتع ، ومجاهد ، وعبد الرحمن بن الأسود موقوفاً عليهم ، والأسانيد إليهم كلهم صحيحة - باستثناء كعب -، وهي وإن كانت موقوفة ؛ فلها حكم الرفع ؛ لأنها لا تقال بالرأي كما هو ظاهر " انتهى من " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (رقم/5060) .
والله أعلم .


موقع الإسلام سؤال وجواب


 
إنضم
31 أكتوبر 2009
المشاركات
475
التخصص
الثقافه الاسلاميه
المدينة
القرين
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: هل هذا حديث صحيح : ( من صلى أربعا بعد العشاء كن كقدرهن من ليلة القدر ) ؟

السؤال:
هل هذا حديث صحيح : ( من صلى أربعا بعد العشاء كن كقدرهن من ليلة القدر ) ؟


{مصنف ابن أبي شيبة »كتاب الصلاة »أَبْوَابُ قِيَامِ اللَّيْلِ وَالْوَتْرِ وَمَسَائِلُ ..في أَرْبَعٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ يَعْدِلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ}

{أ{
( الأحاديث التي وردت في مصنف ابن أبي شيبة )

1- رقم الحديث: 7103 (حديث موقوف) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : " مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ كُنَّ كَقَدْرِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ " .
2- رقم الحديث: 7104 (حديث موقوف) حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : " أَرْبَعٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ يَعْدِلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ " .
3- رقم الحديث: 7105 (حديث مقطوع) حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ ، عَنْ مُرَّةَ ،
عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : " مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمٍ ؛ عَدَلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ "
4- رقم الحديث: 7106 (حديث مقطوع) حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ تُبَيْعٍ ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَاتِعٍ ، قَالَ : " مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ يُحْسِنُ فِيهِنَّ الرُّكُوعَ ، وَالسُّجُودَ ، عَدَلْنَ مِثْلَهُنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ " .
5- رقم الحديث: 7107(حديث مقطوع) حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ أَيْمَنَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ كَعْبٍ : نَحْوَهُ .
6- رقم الحديث: 7108 (حديث مقطوع) حَدَّثَنَا يَعْلَى ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : " أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ يَكُنَّ بِمَنْزِلَتِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ " .
7- رقم الحديث: 7109 (حديث مقطوع) حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ ، قَالَ : " مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ عَدَلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ " .

============================
{ ب }
( تحقيق الشيـــــــــــخ الالبــــــــــــاني )
5053 - ( من صلى قبل الظهر أربع ركعات ؛ كأنما تهجد بهن من ليلته ، ومن صلاهن بعد العشاء ؛ كن كمثلهن من ليلة القدر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 91 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 56/ 2) عن ناهض بن سالم الباهلي : حدثنا عمار أبو هاشم عن الربيع بن لوط عن عمه البراء بن عازب مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن الربيع إلا عمار" .

قلت : وعمار : هو ابن عمارة أبو هاشم الزعفراني ؛ وهو ثقة . وكذا الربيع بن لوط ؛ لكن ذكر الحافظ في ترجمة عمار أن بينه وبين ابن لوط رجلاً سماه ؛ لكن في النسخة سقط ، فيراجع له أصله "تهذيب الكمال" للمزي .
وناهض بن سالم الباهلي ؛ لم أجد له ترجمة .
والحديث ؛ قال الهيثمي (2/ 221) :
"رواه الطبراني في "الأوسط" ، وفيه ناهض بن سالم الباهلي وغيره ، ولم أجد من ذكرهم" !!
وغير الباهلي لم أدر المعني به ؛ إلا أن يكون شيخ الطبراني ؛ فقد قال : حدثنا محمد بن علي الصائغ : حدثنا سعيد بن منصور : حدثنا ناهض بن سالم الباهلي ...
لكن الهيثمي ليس من عادته الكلام على شيوخ الطبراني المجهولين أو المستورين الذين لم يرد لهم ذكر في "الميزان" مثلاً . والله أعلم .
وقد روي الحديث بإسناد أسوأ حالاً من هذا ،
ويأتي قريباً إن شاء الله تعالى برقم (5058) .
والجملة الأولى من الحديث قد رويت عن ابن مسعود موقوفاً عليه قال
:
ليس بشيء يعدل صلاة الليل من صلاة النهار ؛ إلا أربعاً قبل الظهر ، وفضلهن على صلاة النهار ؛ كفضل صلاة الجماعة على صلاة الواحد .
أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 35/ 1) عن بشر بن الوليد الكندي : حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن الأسود ومرة ومسروق قالوا : قال عبدالله : ... فذكره .

قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ أبو إسحاق : هو السبيعي ، وكان اختلط ، وهو مدلس .
وشريك - وهو ابن عبدالله القاضي - سيىء الحفظ .
والكندي فقيه مشهور ، ولكنه متكلم فيه ؛ كما تراه مبسوطاً في "اللسان" .
وقال المنذري (1/ 203) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وهو موقوف لا بأس به" !!
كذا قال ! ونحوه قول الهيثمي (2/ 221) :
"... وفيه بشر بن الوليد الكندي ، وثقه جماعة ، وفيه كلام ، وبقية رجاله رجال (الصحيح)" !!
كذا قال ! وشريك - مع ضعفه - لم يحتج به في "الصحيح" ، وإنما أخرج له مسلم متابعة ؛ كما في "الميزان" ؛ فتنبه .
وروى النسائي في "سننه" (4954-4955) من طريق أيمن مولى ابن الزبير (وفي الموضع الثاني : ابن عمر) عن تبيع عن كعب قال :
من توضأ فأحسن وضوءه ، ثم شهد صلاة العتمة في جماعة ، ثم صلى إليها أربعاً مثلها ، يقرأ فيها ، ويتم ركوعها وسجودها ؛ كان له من الأجر مثل ليلة القدر
.

قلت : وهذا إسناد لا بأس به ؛ إن كان أيمن هذا هو ابن عبيد الحبشي .
ولكنه مقطوع موقوف على كعب - وهو كعب الأحبار - ، ولو أنه رفع الحديث لم يكن حجة ؛ لأنه في هذه الحالة يكون مرسلاً ، فكيف وقد أوقفه ؟!
5058 - ( أربع قبل الظهر : كعدلهن بعد العشاء ، وأربع بعد العشاء : كعدلهن من ليلة القدر ) .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 99 :
$ضعيف جداً$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 58/ 2) عن يحيى ابن عقبة بن أبي العيزار عن محمد بن جحادة عن أنس مرفوعاً به . وقال :
"لم يروه عن ابن جحادة إلا يحيى" .

قلت : وهو متهم بالوضع ؛ قال ابن أبي حاتم :
"يفتعل الحديث" . وقال البخاري :
"منكر الحديث" .
وضعفه سائر الأئمة . وشذ عنهم أبو علي بن السكن فقال :
"صالح الحديث" !
والحديث أعله الهيثمي (2/ 230) بـ (يحيى) هذا ، فقال :
"وهو ضعيف جداً" .
وأشار المنذري إلى تضعيف الحديث (1/ 205) .
وقد روي الحديث بإسناد خير من هذا من حديث البراء بن عازب ؛ وقد مضى برقم (5053)

.
5060( من صلى العشاء في جماعة ، وصلى أربع ركعات قبل أن يخرج من المسجد ؛ كان كعدل ليلة القدر ) .

-
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 101 :
$ضعيف$
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 22/ 1) : حدثنا محمد ابن الفضل السقطي : حدثنا مهدي بن حفص : حدثنا إسحاق الأزرق عن أبي حنيفة عن محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعاً . وقال :
"لم يروه عن ابن عمر إلا محارب ، ولا عنه إلا أبو حنيفة ؛ تفرد به إسحاق" .
قلت
: وهو ابن يوسف الواسطي ؛ وهو ثقة ، وكذلك سائر رجال الإسناد ؛ غير أبي حنيفة رحمه الله ؛ فإن الأئمة قد ضعفوه ، كما تقدم بيان ذلك مبسوطاً بما لا تراه في كتاب تحت الحديث (458) . ولذلك ؛ قال الحافظ العراقي :
"لم يصح" ؛ كما نقله الشوكاني (3/ 16) .
وقد أشار إلى تضعيف أبي حنيفة الحافظ الهيثمي بقوله عقب الحديث :
"رواه الطبراني في "الكبير" ؛ وفيه من ضعف [في] الحديث" .
وكأنه لم يتجرأ على الإفصاح باسمه ؛ اتقاء منه لشر متعصبة الحنيفة في زمانه ، كفانا الله شر التعصب وأهله !!
وسائر رجال الحديث مترجمون في "التهذيب" ؛ غير السقطي ، فترجمته في "تاريخ بغداد" (3/ 153) ؛ قال الخطيب :
"وكان ثقة ، وذكره الدارقطني فقال : "صدوق" . مات سنة ثمان وثمانين ومئتين" .
وروي الحديث بلفظ :
"من صلى أربع ركعات خلف العشاء الآخرة ، قرأ في الركعتين الأوليين : (قل يا أيها الكافرون) ، و (قل هو الله أحد) ، وفي الأخريين : (تبارك الذي بيده الملك) و (آلم تنزيل) ؛ كتبن له كأربع ركعات من ليلة القدر" .
أخرجه ابن نصر في "قيام الليل" (ص 60 - المكتبة الأثرية) من طريق أبي فروة عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً .

قلت : أبو فروة ؛ اسمه يزيد بن سنان بن يزيد الجزري الرهاوي .
وهو ضعيف ، وتركه النسائي .
ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير" .
لكن الحديث قد صح موقوفاً عن جمع من الصحابة ؛ دون قوله : "قبل أن يخرج من المسجد" ؛ فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 72/ 1) ، وابن نصر أيضاً عن عبدالله بن عمرو قال : من صلى بعد العشاء الآخرة أربع ركعات ؛ كن كعدلهن من ليلة القدر .

قلت : وإسناده صحيح .
ثم أخرج ابن أبي شيبة مثله عن عائشة ، وابن مسعود ، وكعب بن ماتع ، ومجاهد ، وعبدالرحمن بن الأسود موقوفاً عليهم .

والأسانيد إليهم كلهم صحيحة - باستثناء كعب - ، وهي وإن كانت موقوفة ؛ فلها حكم الرفع ؛ لأنها لا تقال بالرأي ؛ كما هو ظاهر .
==================

بحث في الموضوع مقدم من أحد الأخوه جزاه الله خيراً
{ ج }

{اربع ركعات بعد العشاء يعدلن بمثلهن من ليلة القدر}

إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، منْ يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد :
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. ثم أما بعد :
فلقد حفظ الله تبارك وتعالى لنا في مصنف ابن أبي شيبة حديثا في الترغيب في أربع ركعات بعد صلاة العشاء وهذا الحديث لا مناص من تصحيحه لأنه ورد بأسانيد صحيحة كالجبال لذا صحح هذا الحديث محدث العصر الشيخ الألباني في أواخر عمره ، والشيخ المحدث محمد انور الكشميري رحمهما الله تعالى وسيأتي نقل كلامهما إن شاء الله تعالى.
وقد منّ الله عليّ بجمع ما تناثر في كتب أهل العلم فيما يتعلق بهذه السنة المهجورة في هذه الرسالة بما لا تجده في مكان آخر
وقسمت رسالتي على فصول راجيا من الله التوفيق والسداد
فصل في تخريج روايات الحديث
قال أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (7273) حدثنا ابن إدريس عن حصين عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال:" مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ كُنَّ كَقَدْرِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ"
قلت : وهذا إسناد صحيح جدا على شرط الشيخين وهو وإن كان موقوفا على عبد الله بن عمرو رضي الله عنه لكن حكمه كحكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يقال بالرأي والاجتهاد وإنما هو من الأخبار الغيبية التي لا تقال إلا بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن أبي شيبة في مصنفه أيضا (7274) حدثنا محمد بن فضيل عن العلاء بن المسيب عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عائشة قالت :" أَرْبَعٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ يُعْدَلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ
قلت: إسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم
وقال ابن أبي شيبة (7275) حدثنا وكيع عن عبد الجبار بن عباس عن قيس بن وهب عن مرة عن عبد الله قال:"مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ لاَ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمٍ عُدِلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ
قلت :هذا اسناد صحيح إلى عبد الله بن مسعود وقد صححه الشيخ الالباني و الشيخ المحدث محمد انور الكشميري وهو نص على أنها تصلى بتسليمة واحدة وهذه فائدة عزيزة جدا فشد يديك عليها
يقول الشيخ أبو بكر بن علي الزَّبِيدِيّ الحنفي في الجوهرة النيرة وَكَذَا فِي الْأَرْبَعِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَإِنْ أَدَّاهُنَّ بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِنَّ مِنْ السُّنَّةِ
ولا شك أن هذه الآثار فيها ترغيب عما يحصل بفعله ثواب مخصوص فهي في حكم المرفوع قطعا وهذا الترغيب كما يشمل الرجال يشمل النساء سواءا بسواء إلا أن الظاهر من عموم الادلة ان هذا الفضل يشمل الرجال لمن صلى العشاء في جماعة ونص على هذا التابعي الكبير كعب بن ماتع كما سيأتي تخريج روايته إن شاء الله تعالى
يؤيد هذا ما اخرجه عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه 2016 - عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر قال كان إذا شهد العشاء الآخرة مع الناس صلى ركعات ثم نام وإذا لم يشهدها في جماعة أحيا ليلة قال أخبرني بعض أهل معمر أنه كان يفعله فحدثت به معمرا قال كان أيوب يفعله
قلت :وهذا اسناد صحيح واحياء ابن عمر الليلة عندما تفوته العشاء في جماعة لهو دليل لما ذكرناه
فصل في ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد العشاء أربعا
عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما قال : " بتّ في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم عندها في ليلتها ، فصلّى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ، ثم جاء إلى منزله فصلى أربع ركعات ثم نام ثم قام ثم قال: نام الغليم ؟ أو كلمة تشبهها . ثم قام فقمت عن يساره فجعلني عن يمينه [ فصلى ركعتين ركعتين حتى صلى ثماني ركعات فصلى خمس ركعات ثم صلى ركعتين ثم نام حتى سمعت غطيطه أو خطيطه ثم خرج إلى الصلاة رواه البخاري في صحيحه برقم (117 و 665) و ما بين المعقوفين لأبي داود (1358) و النسائي ( 406 و 1342) و غيرهما من طريق سعيد بن جبير وهي رواية صحيحة ايضا. و قد صح عنه أنه صلى أربعًا بعد العشاء قبل نومه، كما صح عنه الثلاثة عشر ركعة بعد الإستيقاظ . و هذا يصدّق قول الحافظ المنذري رحمه الله - فيما نقله الحافظ في( التلخيص 2/14):" قيل أكثر ما روي في صلاة الليل سبع عشرة وهي عدد ركعات اليوم والليلة "
ومما يؤيد هذا؛ مارواه عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه (4710) عن طاووس قال :" كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي سبعة عشر ركعة من الليل " وأسناده صحيح لكنه مرسل و لعل طاووس تلقى ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما لانه من كبار تلاميذه
وجه الدلالة من هذا الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد العشاء أربعا قبل ان ينام لكن رواية البخاري اقتصر فيها الراوي على ذكر خمس ركعات بعد النوم ثم ركعتي الفجر وهذا لا ينفي ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل هذه الخمس ركعات ولعله خص الخمس ركعات بالذكر لكونها كانت بسلام واحد يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (2/484):-(وَرِوَايَة سَعِيد بْن جُبَيْر أَيْضًا تَقْتَضِي الِاقْتِصَار عَلَى خَمْس رَكَعَات بَعْد النَّوْم وَفِيهِ نَظَر ، وَقَدْ رَوَاهَا أَبُو دَاوُدَ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ الْحَكَم وَفِيهِ " فَصَلَّى سَبْعًا أَوْ خَمْسًا أَوْتَرَ بِهِنَّ لَمْ يُسَلِّم إِلَّا فِي آخِرهنَّ ". وَقَدْ ظَهَرَ لِي مِنْ رِوَايَة أُخْرَى عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر مَا يَرْفَع هَذَا الْإِشْكَال وَيُوَضِّح أَنَّ رِوَايَة الْحَكَم وَقَعَ فِيهَا تَقْصِير، فَعِنْد النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق يَحْيَى بْن عَبَّاد بْن سَعِيد بْن جُبَيْر" فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى صَلَّى ثَمَان رَكَعَات ثُمَّ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ لَمْ يَجْلِس بَيْنهنَّ
قلت :رواية النسائي التي ذكرها الحافظ بن حجر صحيحة الأسناد وقد صححها الشيخ الالباني في صحيح ابي داود (1229 ) لكن في هذه الرواية لم يذكر الاربع ركعات قبل النوم وانما فيها ذكر صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد نومه فتحمل الاربع ركعات التي قبل العشاء على كونها سنة العشاء وقد سلك هذا المسلك جماعة من العلماء وهذا من دقة نظرهم رحمهم الله تعالى
ولكون ورد الترغيب في الاربع ركعات بعد العشاء فكان لزاما حمل هذه الاربع ركعات التي في حديث ابن عباس على انها سنة العشاء
يقول الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/484) :" وَقَدْ حَمَلَ مُحَمَّد بْن نَصْر هَذِهِ الْأَرْبَع عَلَى أَنَّهَا سُنَّة الْعِشَاء لِكَوْنِهَا وَقَعَتْ قَبْل النَّوْم"
أقول : محمد بن نصر المروزي يقول عنه الامام الذهبي في سير أعلام النبلاء (14/34):"كَتَبَ الكَثِيْرَ، وَبَرَعَ فِي عُلُومِ الإِسْلاَمِ، وَكَانَ إِمَاماً مُجْتَهِداً عَلاَّمَةً، مِنْ أَعْلَمِ أَهْلِ زَمَانِهِ بِاخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، قلَّ أَنْ تَرَى العُيُونَ مِثْلَهُ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ:حَدَّثَ عَنْ:عَبْدَانَ بنِ عُثْمَانَ
ثُمَّ سمَّى جَمَاعَةً، وَقَالَ:كَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِاخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُم فِي الأَحْكَامِ
قُلْتُ:يُقَالُ:إِنَّهُ كَانَ أَعْلَم الأَئِمَّةِ بِاخْتِلاَفِ العُلَمَاءِ عَلَى الإِطلاَقِ"
بل قال الامام ابن حزم الأندلسي ان محمد بن نصر اعلم الناس بعد الصحابة كما نقل هذا عنه الذهبي في ترجمة المروزي في السير
وللامام محمد بن نصر المروزي كتاب "قيام الليل" أورد فيه "باب الأربع ركعات بعد العشاء الآخرة" ثم استدل بحديث عبد الله بن عباس هذا ،وكذلك استدل بفعل سعيد بن جبير وغير مستغرب ان يصلي سعيد هذه الأربع ركعات لكونه هو راوي حديث ابن عباس المتقدم. ومن ضمن ما استدل به حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال :" مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ كُنَّ كَقَدْرِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ"
وقد علمت ايها القارئ ان اسناده الى عبد الله بن عمرو غاية في الصحة فرحم الله الامام محمد بن نصر المروزي فانه لم تخفى عليه هذه السنة وان كانت خفيت على كثير من أهل الحديث فضلا عن ائمة الفقه وغيرهم
وممن حمل هذه الاربع ركعات في حديث ابن عباس على انها سنة العشاء البعدية محدث الديار الهندية الشيخ عبيد الله الرحماني المباركفوري في كتابه مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/152) فقال:(( وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري وغيره، قال: بت في بيت خالتي ميمونة- الحديث ، وفيه فصلي النبي {صلى الله عليه وسلم} العشاء ، ثم جاء إلى منزله فصلى أربع ركعات ، ثم نام الخ. والظاهر أن هذه الأربعة سنة العشاء البعدية لكونها وقعت قبل النوم ، وعليه حمله محمد بن نصر في قيام الليل
واستدل ايضا بحديث ابن عباس الامام الشوكاني في كتابه نيل الأوطار فقال "باب فضل الأربع قبل الظهر وبعدها وقبل العصر وبعد العشاء ثم استدل بحديث ابن عباس رضي الله عنه على سنية الاربع ركعات وفعل هذا قبله الحافظ العراقي في طرح التثريب
وقد اخرج الامام ابو داود في سننه عن زرارة بن أوفى أن عائشة رضي الله عنها سُئلت عن صلاة رسول الله في جوف الليل فقالت:(كان يصلي صلاة العشاء في جماعة، ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات، ثم يأوي إلى فراشه وينام ...)الحديث
يقول الشيخ الالباني في صحيح ابي داود (1216) :"(قلت: حديث صحيح؛ إلا الأربع ركعات! والمحفوظ: ركعتان وبعد ان اخرج الشيخ الالباني وبين شذوذ الاربع ركعات في هذا الحديث ختم تخريج الحديث بقوله :"نعم؛ قد صحت الأربع من حديث ابن عباس قال:كنت في بيت ميمونة؛ فلما صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العَتَمَةَ؛ جاء فصلى أربع ركعات أخرجه ابن نصر في "قيام الليل " (ع 35) بسند صحيح عنه".أهـ
أقول : وكان الأولى على الشيخ الالباني ان ينسبه الى البخاري لانه موجود في صحيح البخاري لكن جل من لا ينسى وصنيع الالباني يدل على انه يذهب الى ان سنة العشاء لها وجهين، فكما صح من حديث عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى بعد العشاء ركعتين فكذلك صح عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى اربع ركعات
فصل: ذكر بعض من عمل بهذه السنة من السلف
قال إمام أهل خراسان محمد بن نصر المروزي في كتابه تعظيم قدر الصلاة (114) حدثنا يحيى ثنا عباد بن العوام عن حصين عن القاسم بن أبي أيوب قال كان سعيد بن جبير يصلي بعد العشاء الآخرة أربع ركعات قلت: هذا إسناد صحيح إلى سعيد بن جبير وهو أجلّ أصحاب عبد الله بن عباس
وروي أيضا عن الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه انه كان يعمل بها فقال الإمام بن أبي شيبة في مصنفه (5969) - حدثنا أبو الأحوص عن عطاء بن السائب عن ميسرة وزاذان قالا كان علي يصلي من التطوع أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وأربعا بعد العشاء وركعتين قبل الفجرقلت :وهذا إسناد رجاله ثقات وعطاء بن السائب وان كان صدوق لكنه اختلط في اخر عمره وابو الاحوص رواه عنه بعد اختلاطه. وأعلم رحمك الله انه لا بد أن يكون هناك من السلف ممن عمل بهذا الحديث لم نعرفهم لأن الله تعالى لم يتعهد لنا بحفظ أسماء كل من عمل بنص ما من كتاب أو سنة وإنما تعهد بحفظهما فقط والله الموفق
فصل: في إثبات عدم لزوم القراءة بسور معينة
قال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (5060) وروي الحديث بلفظ من صلى أربع ركعات خلف العشاء الآخرة قرأ في الركعتين الأوليين (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) وفي الأخريين (تبارك الذي بيده الملك) و(آلم تنزيل) كتبن له كأربع ركعات من ليلة القدر أخرجه ابن نصر في "قيام الليل" (ص 60 - المكتبة الأثرية) من طريق أبي فروة عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً
قلت (الألباني): أبو فروة ؛ اسمه يزيد بن سنان بن يزيد الجزري الرهاوي وهو ضعيف ، وتركه النسائي . ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير").أهـ
قلت: فالحديث المذكور ضعيف لضعف أبي فروة الرهاوي فقد ضعفه جمهور أئمة الجرح والتعديل ولا يصح في تعيين القراءة في هذه الأربع ركعات شئ ولله الحمد والمنة
فصل: هل يجلس المصلي في هذه الأربع للتشهد الأول؟
الجواب انه يجلس للتشهد الأول لان هذا هو الأصل في الصلاة الرباعية ومما يقوي هذا القول أن ابن أبي شيبة أخرج في مصنفه (5945) من طريق عباد بن العوام عن حصين عن إبراهيم قال قال عبد الله:" أربع قبل الظهر لا يسلم بينهن إلا أن يتشهد"
قلت: إسناد صحيح رجاله رجال الشيخين وهو وإن كان مرسلا عن ابن مسعود لكن مراسيل إبراهيم بن يزيد النخعي عن ابن مسعود صحاح لما روى الأعمش قال : قلت : لإبراهيم : أسند لي عن ابن مسعود ، فقال إبراهيم : إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله ، فهو الذي سمعت ، وإذا قلت : قال عبد الله ، فهو عن غير واحد عن عبد الله. رواه أبو زرعة الدمشقي في كتابه" تاريخ دمشق" (2/121) بسند صحيح عنه. فما دام ثبت أن سنة الظهر الرباعية القبلية تصلى بتشهدين وبسلام واحد فسنة العشاء البعدية الرباعية كذلك تكون و الله ولي التوفيق
ثم وجدت دليلا قاطعا على أنها بتشهدين وبسلام واحد فقال النسائي في سننه (4955) أخبرنا عبد الحميد بن محمد قال حدثنا مخلد قال حدثنا ابن جريج عن عطاء عن أيمن مولى ابن عمر عن تبيع عن كعب
"من توضأ فأحسن وضوءه ثم شهد صلاة العتمة في جماعة ثم صلى إليها[أربعاً مثلها] يقرأ فيها ويتم ركوعها وسجودها كان له من الأجر مثل ليلة القدر ".
قلت: وهذا إسناد صحيح أو حسن على الأقل فإن رجاله رجال البخاري غير تبيع بن أمراة كعب الأحبار قال الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب (794):"صدوق" وقال البخاري في كتابه التاريخ الكبير(2051 ):"- روى عنه مجاهد يقال من حمير حديثه في الشاميين وروى عنه عدة من أهل الأمصار أيضا" ووثقه ابن حبان وقال المزي في تهذيب الكمال (62/87) :" أدرك النبي صلى الله عليه وسلم و أسلم في زمن أبى بكر الصديق" و لم يجرحه أحد البتة فالقلب يطمئن إلى صحة هذا الأثر والشاهد من الأثر هو قول كعب الأحبار :"ثم صلى إليها أربعاً مثلها"
تنبيه: قال الشيخ الألباني في هذا الأثر في السلسلة الضعيفة تحت حديث رقم (5053): "وهذا إسناد لا بأس به ؛ إن كان أيمن هذا هو ابن عبيد الحبشي ".
أقول : رضي الله عن الألباني فان أيمن الحبشي ليس هو ابن عبيد وقد وهم ابن حبان فجعل أيمن الحبشي هذا هو أيمن بن عبيد من أجل ذلك توقف الشيخ الألباني هنا فلم يجزم بشئ وكأنه راجع ترجمة أيمن الحبشي في كتاب الثقات لابن حبان فهناك خلط ابن حبان بين ترجمتين لأيمن بن عبيد وأيمن الحبشي وجعلهما رجلا واحدا فقال :" أيمن بن عبيد الحبشي" وممن نبه على وهم ابن حبان الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه تهذيب التهذيب (3/388)وانظر أيضا كتاب التنكيل (3/141) للعلامة المعلمي اليماني
فأيمن هذا هو الحبشي والد عبد الواحد بن أيمن وكلاهما ثقتان من رجال البخاري كما رجح ذلك الحافظ ابن حجر ومن قبله الدارقطني و البخاري وأبو حاتم الرازي وانظر لذلك في تهذيب التهذيب(1 /395) ورجح هذا ابن حبان والألباني لكن ابن حبان جعل ابن عبيد هو نفسه أيمن الحبشي والصواب أن أيمن بن عبيد هو أيمن بن أم أيمن رضي الله عنه كما قال الدارقطني في سؤالات البرقاني له (35) وكذا قال محمد ابنِ إِسْحَاقَ بن يسار الإمام المشهور صاحب السيرة فاخرج أبو بكر ابن أبي خيثمة في تاريخه بسند صحيح أنه قال :"أَيْمَنُ بن عُبَيْدِ هُوَ أَيْمَنُ بن أُمِّ أَيْمَن وكنت أظن أن أيمن الحبشي هو نفسه أيمن بن نابل الحبشي وبمراجعة كلام الأئمة المذكورين تنبهت الى أنهما رجلان وان راوي هذا الأثر هو ايمن الحبشي والد عبد الواحد وليس هو ابن نابل على أن ابن نابل هو أيضا من رجال البخاري لكن والد عبد الواحد أوثق وأحفظ من ابن نابل وهذا مما يعطي هذا الأثر قوة أكبر ومما يؤكد قول هؤلاء الأئمة ويقطع الشك باليقين في أن راوي هذا الأثر هو أيمن الحبشي والد عبد الواحد وليس غيره هو أن هذا الأثر رواه الإمام ابن أبي شيبة في مصنفه (7276) من طريقه ابنه عبد الواحد بن أيمن عنه فقال حدثنا وكيع عن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه عن تبيع عن كعب بن ماتع قال:" من صلى أربعا بعد العشاء يحسن فيهن الركوع والسجود عدلن مثلهن من ليلة القدر"
وروى اثر كعب الأحبار هذا الإمام النسائي والبيهقي وابن نصر المروزي والدارقطني بلفظ من صلى أربع ركعات بعد العشاء فقرأ فيهن وأحسن ركوعهن وسجودهن كان أجره كأجر من صلاهن في ليلة القدر
ورواه النسائي والبيهقي وابن نصر المروزي والدارقطني بلفظ من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى العشاء الآخرة وصلى بعدها أربع ركعات فأتم ركوعهن وسجودهن ويعلم ما يقترئ فيهن كن له بمنزلة ليلة القدر
وهذه الروايات كلها ثابتة عن كعب بن ماتع المشهور بكعب الأحبار وهو من كبار التابعين أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وإنما أطلت في تخريج اثر كعب لما فيه من التأكيد على إحسان الوضوء والحث على شهود صلاة العشاء في جماعة والترغيب في أربع بعدها مثلها بتدبر قراءتها وإتمام ركوعها وسجودها بالطمأنينة والخشوع، وفي هذا الأثر دلالة على أن هذه الأربع ركعات تصلى بدلا من الركعتين التي بعد العشاء ومما يستفاد من اثر كعب أيضا إثبات أن اجر من صلى أربعا بعد العشاء هو كأجر من صلاهن في ليلة القدر وكأني ببعض الجهلة الأغمار يستكثرون على الله تعالى أن يعطي هذا الثواب الكبير لمن صلى هذه الأربع ركعات متجاهلين حقيقة شرعية لا تخفى على أي مؤمن، وهي فضل الله على عباده والله يؤتي فضله من يشاء والله ذو الفضل العظيم
فصل:أيهما أفضل أن تصلى هذه الأربع في المسجد أم في البيت ؟
لا شك أن أداء النوافل في البيت أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم
عليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) . رواه مسلم (2/188)
وقد قال ابن أبي شيبة في مصنفه (6455)- حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن هلال بن يساف عن ضمرة بن حبيب عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قال تطوع الرجل في بيته يزيد على تطوعه عند الناس كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده
قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (3149): وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير ضمرة هذا، وهو الزُّبَيدِي الحمصي، وهو تابعي ثقة وظاهر إسناده الوقف، ولكنه في حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال بالرأي والاجتهاد؛ كما هو بَيِّن لا يخفى على العلماء
وأما ما رواه الطبراني في المعجم الكبير (5239) من حديث ابن عمر مرفوعا: ( من صلى العشاء في جماعة ، وصلى أربع ركعات قبل أن يخرج من المسجد ؛ كان كعدل ليلة القدرفهو حديث ضعيف ضعفه الشيخ الألباني في السلسة الضعيفة (5060) وضعفه أيضا الحافظ العراقي والحافظ الهيثمي
قال الحافظ العراقي في طرح التثريب (4/155):( وروى الطبراني في معجمه الأوسط بإسناد فيه ضعف عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى العشاء في جماعة وصلى أربع ركعات قبل أن يخرج من المسجد كان كعدل ليلة القدر مقتضاه تحصيل فضيلة ليلة القدر وإن لم يكن ذلك في ليلة القدر
قلت : وهذا الحديث كما قال الحافظ العراقي إسناده فيه ضعف بل ضعف شديد وبيان ذلك يطول لكن يغني عنه الآثار التي رواها ابن أبي شيبة على أن الحافظ العراقي ذهب إلى استحباب هذه الأربع ركعات في كتابه المذكور (3/29). وعلى فرض ثبوت هذا الحديث فهو من باب إثبات الأجر لمن صلى الأربع في المسجد وإن كان أداؤها في البيت أفضل
والأصل في أداء النوافل في المسجد الاباحة لكن لعل هذا لا ينطبق على هذه الاربع ركعات لأنه يخشى أن يظن السوء فيمن يصليها عند من يجهل هذه السنة بأنه يعيد الفرض وهذا أمر تأباه الشريعة قطعا لمادة الخلاف
فصل: أقوال بعض أهل العلم في هذه السنة
قال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة تحت حديث رقم (5060
لكن الحديث قد صح موقوفاً عن جمع من الصحابة دون قوله : "قبل أن يخرج من المسجد" فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف (2/ 72/1)" وابن نصر أيضاً عن عبد الله بن عمرو قال :" من صلى بعد العشاء الآخرة أربع ركعات؛ كن كعدلهن من ليلة القدرقلت : وإسناده صحيح ثم أخرج ابن أبي شيبة مثله عن عائشة ، وابن مسعود ، وكعب بن ماتع ، ومجاهد ، وعبد الرحمن بن الأسود موقوفاً عليهم. والأسانيد إليهم كلهم صحيحة - باستثناء كعب - ، وهي وإن كانت موقوفة ؛فلها حكم الرفع ؛ لأنها لا تقال بالرأي ؛ كما هو ظاهر)).أهـ
قلت : لعل الشيخ الألباني يقصد أن اثر كعب إسناده حسن ليس كباقي الأسانيد الصحيحة وإلا فاثر كعب ثابت أيضا و الإسناد حسن حجة كالصحيح كما هو معروف عند أهل الحديث أو أن الشيخ الألباني توقف في إسناد هذا الأثر فلم يحكم عليه بشئ لما تقدم في تخريج أثر كعب هذا
ويقول العلامة محمد أنور شاه ابن معظم شاه محدث كشمير في كتابه العرف الشذي شرح سنن الترمذي (ج1/ص408) وصح الحديث في الأربع بعد العشاء (أي الترغيب فيهن)، وفي الأربع قبله ضعيف وفي الأربع قبل الظهر والأربع بعدها صحيح
وقال ايضا (ج 1/ص410):فالحاصل أني لم أجد ما يدل على مختار أبي حنيفة رحمه الله إلا ما روي عن ابن مسعود موقوفاً، ولكنه مرفوع حكماً بسند قوي أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: من صلى أربعاً بتسليمة واحدة بالليل عدلن بمثل قيام ليلة القدر(1)، وإنما قلت: إنه مرفوع حكماً فإن ذكر فضل العمل لا يمكن لأحد بلا إخبار الشارع
(1) قلت :تقدم أن لفظه في مصنف ابن أبي شيبة (مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا بَعْدَ الْعِشَاءِ لاَ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمٍ عُدِلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز كما في مجلة البحوث الإسلامية (46/197) ما هي فضيلة أربع ركعات بعد العشاء؟ فأجاب:(الراتبة ركعتان، وإن صلى أربع ركعات فلا بأس، فقد جاء في الحديث: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعا ًقبل أن ينام" وإذا فعلها الإنسان فلا بأس، وإن اقتصر على ركعتين فهي الراتبة، والراتبة التي كان يحافظ عليها: بعد العشاء ركعتان، ثم ينام ويقوم في آخر الليل يتهجد عليه الصلاة والسلام) أهـ
وقال شمس الحق العظيم آبادى في عون المعبود (201/9) في شرحه لحديث ابن عباس المتقدم :(- فصلى أربعا - هي راتبة العشاء
وممن استحب فعل هذه الأربع ركعات ممن وقفت عليهم من أهل العلم
1 الامام محمد بن الحسن الشيباني فقيه العراق (المتوفى: 189هـ) في كتابه المبسوط
2) الامام محمد بن نصر المروزي إمام الدنيا وجبل الحفظ (المتوفى: 294 هـ) في كتابه قيام الليل
3) الشيخ أحمد بن محمد بن أحمد القدوري انتهت إليه بالعراق رئاسة الحنفية (المتوفى سنة 428هـ). نقل عنه الشيخ محمد البابرتي في كتابه العناية شرح الهداية وكذلك نقل عنه الشيخ كمال الدين بن الهمام محقق الحنفية كتابه في فتح القدير
4) الشيخ محمد بن أحمد ، أبو بكر علاء الدين السمرقندي (المتوفى: 540 هـ) في كتابه تحفة الفقهاء
5الشيخ محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي القاضي المجتهد(المتوفى483 هـ) في كتابه المبسوط وهو أكبر كتاب في الفقة الحنفي مطبوع في ثلاثين جزءاً
6) الشيخ محمود بن أحمد بن الصدر الشهيد النجاري برهان الدين مازه من أكابر فقهاء الحنفية. عدّه ابن كَمَال باشا من المجتهدين في المسائل (المتوفى: 563 هـ) في كتابه المحيط البرهاني في الفقه النعماني
7) علاء الدين أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني، الفقيه الحنفي المشهور،المعروف بملك العلماء(المتوفى: 587 هـ) في كتابه بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع
8) الشيخ أبي الحسن علي بن أبي بكر الرشداني المرغياني من أكابر فقهاء الحنفية (المتوفى: 593 هـ) في كتابه الهداية شرح بداية المبتدي
9) الإمام محمد بن قدامه المقدسي امام الحنابلة الفقيه المشهور ومن بعده عيال عليه (المتوفى: 607هـ) في كتابه المغني وفي كتابه الشرح الكبير
10) الشيخ محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي صاحب كتاب «مختار الصّحاح» (المتوفى: 666 هـ) في كتابه تحفة الملوك
11) كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي محقق الحنفية المعروف بابن الهمام (المتوفى: 681هـ) في كتابه شرح فتح القدير
12) الحافظ عبد الله بن يوسف بن محمد الزيلعي المتبحر في فن الحديث (المتوفى: 762هـ) في كتابه نصب الراية لأحاديث الهداية
13) الإمام العالم شمس الدين محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي، تلميذ شيخ الإسلام وقاضي القضاة الحنابلة بدمشق (المتوفى: 763هـ) في كتابه الفروع وتصحيح الفروع
14) الشيخ أكمل الدين محمد بن محمد البابرتي (المتوفى: 786 هـ) في كتابه العناية شرح الهداية
15) الشيخ أبو بكر بن علي بن محمد الزَّبِيدِيّ الفقيه الحنفي (المتوفى: 800 هـ) في كتاب الجوهرة النيرة
16) الحافظ الكبير ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم محدث الديار المصرية المعروف بالحافظ العراقي (المتوفى: 826هـ) في كتابه طرح التثريب في شرح التقريب
17) الشيخ بدر الدين العيني الحنفي قاضي القضاة بمصر(المتوفى: 855 هـ) في كتابه عمدة القاري شرح صحيح البخاري
18) الشيخ علي بن سليمان المرداوي أبو الحسن شيخ المذهب الحنبلي، الحافظ لفروع المذهب (المتوفى: 885هـ) في كتابه الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
19) الشيخ زين الدين ابن نجيم الحنفي (المتوفى: 970 هـ) في كتابه البحر الرائق شرح كنز الدقائق
20) الشيخ منصور بن يونس بن إدريس البهوتي شيخ الحنابلة في عصره (المتوفى: 1051هـ) في كتابه الروض المربع شرح زاد المستقنع وفي كتابه كشاف القناع عن متن الإقناع
21) الشيخ حسن بن عمار بن علي الشرنبلالي(المتوفى: 1069 هـ) في كتابه مراقي الفلاح
22) الشيخ أحمد بن عبد الله الحلبي البعلي الحنبلي(المتوفى: 1189 هـ) في كتابه كشف المخدرات والرياض الزاهرات لشرح أخصر المختصرات
23) الشيخ أحمد بن محمد بن إسماعيل الطحطاوي شيخ الحنفية بمصر(المتوفى: 1231هـ) في كتابه حاشية على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح
24) الإمام المجتهد علامة اليمن محمد بن علي بن محمد الشوكاني (المتوفى: 1250هـ) في نيل الأوطار
25) الشيخ عبد الغني الغنيمي الدمشقي الميداني(المتوفى: 1289 هـ) في كتابه اللباب في شرح الكتاب
26) العلامة محمد شمس الحق العظيم آبادي أبو الطيب من كبار محدثي الهند الذين قادوا حركة السنة والسلفية (المتوفى: 1329هـ)في كتابه عون المعبود شرح سنن أبي داود
27) الشيخ محمد بن عمر النووي البنتني الفقيه الشافعي(المتوفى: 1316هـ ) في كتابه تنقيح القول الحثيث في شرح لباب الحديث
28) محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز المعروف بابن عابدين الدمشقي فقيه الديار الشامية، وإمام الحنفية في عصره (المتوفى: 1252هـ ) في كتابه (رد المحتار على الدر المختار) المعروف باسم (حاشية ابن عابدين)
29) الشيخ العلامة المحدث محمد أنور شاه ابن معظم شاه الكشميري من كبار المحدثين بكشمير(المتوفى: 1353 هـ) في كتابه العرف الشذي شرح سنن الترمذي
30) الشيخ العلامة عبيد الله الرحماني المباركفوري محدث الديار الهندية ورئيس الجامعة السلفية بالهند (المتوفى: 1414 هـ)
31) الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة السعودية السابق وامام اهل السنة في عصره (المتوفى:1420هـ) تقدم نقل كلامه
32) الشيخ محمد ناصر الدين بن الحاج نوح نجاتي الألباني محدث العصر وعميد السلفيين (المتوفى:1420هـ) تقدم نقل كلامه وعلى كلامه تدور الرسالة كلها
فصل: في إثبات أن هذه الأربع ركعات تصلى بدلا من الركعتين
الظاهر من الأدلة ومن كلام أهل العلم أن هذه الأربع ركعات تصلى بدلا من الركعتين يدل على هذا حديث بن عباس الذي رواه البخاري وفيه (فصلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم العشاء ثم جاء إلى منزله فصلى أربع ركعات ثم نام) فلم يذكر بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى غير الأربع ركعات بعد العشاء وتقدم أيضا أن سعيد بن جبير كان يصلي أربع ركعات فلو كان يصلي ستا لذكر هذا الراوي
وأما ما رواه أبو داود عن مقاتل بن بشير العجلي عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَ سَأَلْتُهَا عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْعِشَاءَ قَطُّ فَدَخَلَ عَلَىَّ إِلاَّ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ أَوْ سِتَّ رَكَعَاتٍ...
فهذا حديث ضعيف لجهالة مقاتل بن بشير العجلي من اجل ذلك ضعفه الشيخ الألباني في ضعيف أبي داود(239) فلا يصح الاستدلال به على سنية ست ركعات بعد العشاء
يقول الامام ابن الهمام في كتابه شرح فتح القدير(1/144)(ثم رأينا في لفظ الهداية ما يدل على ما قلنا وهو قوله فلهذا خير إلا أن الأربع أفضل خصوصا عند أبي حنيفة فإن معناه أن الأربع بعد العشاء أفضل من ركعتين بعدها خصوصا عند أبي حنيفة فإنه يرى أن الأفضل في النوافل مطلقا أربع أربع بتسليمة فإذا جعل المصلي ما بعد العشاء أربعا أداها بتسليمة واحدة فتثبت الأفضلية عنده من وجهين
من جهة زيادة عدد الركعات ومن جهة وقوع السلام على رأس أربع لاثنتين وإلا لم يكن لقوله خصوصا عند أبي حنيفة معنى لأن الأربع أفضل من ركعتين بالإجماع بل كلام الكل في هذا المقام يفيد ما قلنا إذ لا شك في أن الراتبة بعد العشاء ركعتان والأربع أفضل والإتفاق على أنها تؤدي بتسليمة واحدة عنده من غير أن يضم إليها الراتبة فيصلي ستا فالنية حينئذ عند التحريمة إما أن تكون بنية السنة أو المندوب إلى آخر ما ذكره وقد أهدر ذلك وأجزأت عن السنة
يقول السرخسي في كتابه المبسوط (1/157):( وأما التطوع بعد العشاء فركعتان فيما روينا من الآثار و إن صلى أربعا فهو أفضل لحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه موقوفا عليه ومرفوعا من صلى بعد العشاء أربع ركعات كن له كمثلهن من ليلة القدر).أهـ
يقول ابن عابدين في حاشيته(2/14):"(ويستحب أربع قبل العصر وقبل العشاء وبعدها بتسليمة وإن شاء ركعتين وكذا بعد الظهر لحديث الترمذي (من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار)
قلت ما ذكره بن عابدين ويذكره الاحناف من استحباب اربع ركعات قبل العشاء فهذا لم نجد له دليلا والذي يهمنا هو قوله في الاربع ركعات بعد العشاء وتخييره بين الاربع بتسليمة وبين الركعتين
فصل: في معرفة وقت هذه الأربع ركعات ؟
تقدم من كلام اهل العلم ان هذه الاربع ركعات هي سنة العشاء البعدية، ووقت سنة العشاء ينتهي بانتهاء وقت صلاة العشاء وذلك بانتصاف الليل كما قرر هذا أهل العلم منهم العلامة محمد صالح العثيمين في لقاء الباب المفتوح (191
وهذا آخر ما وفق الله تبارك وتعالى في جمع هذه الرسالة والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
ونسأل الله أن يُرِيَنا الحقَّ حقّاً ويُعِيننا على أتِّباعه وأن يُرِيَنا الباطل باطلاً ويُعِينَنا على اجتنابه، والحمد لله رب العالمين
وكتبه عمر إبراهيم السلفي الموصلي
الموصل 29 ذي القعدة سنة 1432 من هجرة النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه
انتهى,
attachment.php
 
أعلى