العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

رفع الملام عن السيف الآمدي الإمام

إنضم
27 مارس 2008
المشاركات
365
التخصص
أصول الفقه
المدينة
قسنطينة
المذهب الفقهي
حنبلي
قال الشيخ العلامة الفقيه الأصولي السلفي
عبد الرزاق عفيفي
رحمة الله عليه في ترجمة العلامة الأصولي النظار
محمد بن علي الآمدي​

ترجمة السيف الآمدي
رحمة الله عليه

هو ابو الحسن على بن ابى على محمدين بن سالم التغلبى الآمدى ولد بأمد " بلدة بديار بكر " عام 551 هـ وقدم بغداد وتعلم وتفقه على مذهب الامام احمد بن حنبل وحفظ كتاب الهداية لابى الخطاب ثم صار شافعيا ، واشتغل بعلم الخلاف وتفنن فى علم النظر ويقال انه حفظ الوسيط لابى حامد الغزالى ويذكر عن ابن علبد السلام انه قال ما علمت قواعد البحث الا من السيف الآمدى وما سمعت احد يلقى الدرس احسن منه ، وكان اذا غير لفظة من الوسيط كان اللفظ الذى ياتى به اقرب الى معنى قال لو ورد على الاسلام من يسكك يه من المتزندقة لتعين الآمدى لمناظرته .
وذكر ابن خلكان انه لما انتقل الى الشام اشتغل بالعلوم العقلية ثم انتقل الى مصر وتصدر بالجامع الظافرى ، وانتشرت فصائله فحسده اقوام فسعوا به وكتبوا خططهم باتهامة بمذهب الاوائل والتعطيل والانحلال وطلبوا من بعضهم ان يوافقهم فكتب .


قال العلامة عبد الرزاق
رحمة الله عليه


وذكر الذهبي فى الميزان انه صح عن الآمدى انه كان تاركا للصلاة ا هـ .
ويظهر ان الذهبي استند فى ذلك الى ما نقله فى كتابه تاريخ الاسلام عن شيخه القاضي تقى الدين سليمان بن حمزه ابى الفضل المقدسي حكاية عن الشيخ شمس الدين ابن ابى عمر قال كنا نتردد على السيف الآمدى فشككنا هل يصلى فتركناه حتى ناه ، وعلمنا على رجله يالحبر فبقيت العلامة نحو يومين مكانها ، اقول قد يبقى الحبر اياما على العضو مع تتابع الوضوء والغسل وخاصة عضو من لا يرى التدليك فرضا فى الطهارة بل يكتفى باسالة الماء فى غسله ووضوئه ولا ادرى كيف سكت من كان يتردد عليه لطلب العلم عن الانكار عليه او التصح له والحديث معه فى الصلاة ان كان ما ذكروه ودليلا عندهم على تركه للصلاة وعلى كل حال فالاصل البراءة حتى يثبت الناقل .
وقال ابن كثير فى البدلية : كان حنبلى المذهب كثير البكاء رقيق القلب وقد تكلموا فيه باشياء الله اعلن بصحتها والذى يغلب على الظن انه ليس لغالبها صحه وقد كانت ملوك بنى ايوب كالمعظم والكامل يكرمونه وان كانوا لا يحبونه كثيرا ، وقد فوض اليه المعظم التدريس بالعزيزية فلما ولى الاشراف عزلة لاشتغاله بالمنطق وعلوم الاوائل فلزم بيته حتى توفى فى صفر سنة 631هـ عن ثمانين سنة وقد برأه ابن كثير مما رمى به فى الجملة فانصفه من خصومه وانصف حخومه منه .
أقول أن الآمدى درس الفلسفة بأقسامها المختلفة وتوغل فيها وتشعبت بها روحه حتى ظهر اثر ذلك فى تأليفه ومن قرأ كتبه وخاصة ما ألفه فى علم الكلام وأصول الفقه يتبين له ما ذكرت كما يبين كما يبين له منها انه كان قوى العارضة كثير الجدل واسع الخيال كثير التشقيقات فى تفصيل المسائل والترديد والسبر والتقسيم فى الادلة الى درجة فد تنتهى بالقرئ أحيانا إلى الحيرة .
فمن كره من الولاة والعلماء منطق اليونان والخوض فى سائر علوم الفلسفة وخاصة ما يتعلق منها بالالهيات وكره كثرة الجدل والاسترسال فى الخيال والاكثار من تأويل النصوص وذكر الاحتمالات خشية ما تفظى اليه من الحيرة والمتاهات مع قلة الجدوى منها تارة وعدم الفائدة احيالنا مالاشراف والذهبي كره الآمدى دينا وانكر عليه ما راه منكرا وقد يجد فى كتبه ومسلكه فى تاليفها ما يؤيد رايه فيه ويدعو الى النيل منه .
ومن لم يكره ذلك ولمه ضاق ذرعا بالآمدى لعجزه عن أن يصل إلى ما وصل إليه من التبحر فى العلوم وقوة عارضته وحضور بديهته فى الجدل والمناظرة وحسن أسلوبه وبارع بيانه فى التدريس وصناعة التأليف حسده حيث لم يؤت مثل ما أوتى فى نظره كما ذكره ابن خلكان عن بعض العلماء فى سبب خروجه مستخفيا .
ومن لم ير بأسا بدراسة المنطق وسائر علوم الفلسفة وألف التأويل للنصوص وكثرة الفروض والاحتمالات دراسة ومناظرة وتأليفا رفع من شأن الآمدى وعنى بالذب عنه وانهال بالملامة على من حط من قدره أو اتهمه فى دينه أو طعن فى تأليفه كابن السبكى حيث عاب الذهبى فى انتقاصة للآمدى .
وقصارى القول أن العلماء لهم منازع شتى ومشارب متباينة فمن اتفقت نزعاتهم تحابوا وتناصروا واثنى بعضهم على بعض خيرا ومن اختلفت أفكارهم ووجهات نظرهم تناحروا وارتاموا بالنابل إلا من رحم الله .
وأسعدهم بالحق من كانت نزعته الى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ووعه ما وسع للسلف مع رعاية ما ثبت من مقاصد الشريعة باستقراء نصوصها فكلما كان العالم ارعي لذلك وألزم له كان أقوم طريقا وأهدى سبيلا والمعصوم من عصمة الله وكل واحد يؤخذ من قوله ويترك الا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل بنى آدم خطاه وخير الخطائين التوابون وما وما الآمدى إلا عالم من علماء البشر يخطئ ويصيب فننتفع بالصواب من قوله ولنرد عليه خطأه ولنستغفر الله له وليكن شأننا معه كشأننا مع غيره من علماء المسلمين وليكن شعارنا مع الجميع .
( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا انك رءوف رحيم )
عبد الرزاق عفيفي
الإحكام في أصول الأحكام
بتعليق الشيخ
رحمة الله عليه
طبعة
دار ابن حزم
 
التعديل الأخير:
أعلى