العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

(ضوابط الفتوى في القضايا المعاصرة)؛ بقلم/ محمد العواودة

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,147
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
ضوابط الفتوى في القضايا المعاصرة
بقلم/ محمد العواودة


قام علماء الإسلام منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم وتابعيهم، وكذلك أئمة الفقه الإسلامي – حتى عصرنا هذا – بإفتاء الناس وبيان أحكام الله لهم، وسلكوا في ذلك منهجاً رشيداً وقواعد محكمة، وصنفوا الكتب العديدة في توجيه السالك لهذا العلم الرفيع وماهية الصفات والآداب التي يجب أن يتحلى بها المفتي فيما قد يتوسل به إلى الفتوى الصحيحة.
ورغم ما حوته هذه المؤلفات من أشياء عظيمة وفوائد جمة خدمت هذا العلم في العصر الحديث إلا أن طبيعة المستجدات وما يحيط بها من ملابسات وتشعبات لم تكن في العصور السابقة، وكذلك القضايا التي عرفت في الماضي وحكم فيها بحكم ولكن موجب هذا الحكم قد تغير لتغير الظروف والأحوال، اقتضى على وجه الضرورة إبراز معالم وضوابط تنظم الفتوى في القضايا المعاصرة وتؤطرها فيما يتناسب مع ضرورات العصر مع الأخذ بعين الاعتبار عدم خروجها عن المنهجية التي ذكرها السابقون.
ولعل هذا ما يحاوله الدكتور عبد المجيد السوسرة، أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الشارقة في دراسته "ضوابط الفتوى في القضايا المعاصرة" التي نشرتها مجلة "الشريعة والدراسات الإسلامية" الصادرة عن مجلس النشر العلمي – جامعة الكويت – من خلال تجلية أهم هذه الشروط والضوابط المتناثرة من بطون الكتب الإسلامية الكثيرة، والقيام بدراستها وصياغتها في إطار منهجي فيما قد يساعد الدارسين والباحثين ويسدد القائمين بأمر الفتوى للرشد والصواب وقد اختزلها الباحث في سبعة ضوابط أعرض أهم ما جاء فيها باقتضاب.

أهلية الإفتاء
الفتوى من المناصب الإسلامية الرفيعة والأعمال الدينية الجليلة والمهام الشرعية الجسيمة ينوب فيها الشخص عن رب العالمين ويؤتمن فيها على شرعه ودينه، والمفتي قائم في الأمة مقام النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك يجب على المتصدي للفتوى أن يكون مؤهلاً حتى يقوم بها خير قيام، وأهم ما يجب أن يتأهل به المفتي الاستقامة على الدين، والعلم بالأحكام الشرعية، وأن تتوفر فيه ملكة الاجتهاد.

التحلي بصفات الإفتاء
لا بد للمفتي من أن يتحلى بصفات حتى يكون محلاً للقيام بهذه المهمة على أكمل وجه، وحتى تكون فتواه محل ثواب عند الله وقبول عند الناس وأكثر موافقة للصواب، فيحرص على أن تكون فتواه خالصة لله ويتجنب فيها الخضوع للرغائب والأهواء، أو مجاراة لتطورات العصر ورغبات السلاطين دون الانضباط بالنصوص الشرعية، كما يجب عليه أن يتبع القول بدليله ويبتعد عن التعصب المذهبي وأن يزيل الإشكال في فتواه وكذلك الإرشاد إلى البديل المناسب بالبحث عن مخرج مشروع وأن لا يفتي في مسألة يكفيه غيره إياها وأن يرجع في خطأه إن تبين ذلك.

الانضباط المنهجي
ينبغي للمفتي أن يسير في فتواه وفق منهجية منضبطة في فهم الواقعة المعروضة عليه وفي فهم الحكم الشرعي الذي يجب إنزاله على تلك الواقعة. والانضباط في فهم الواقعة يتحقق في جمع المعلومات في القضية المعاصرة، وفهمها من جميع جوانبها وتحليلها إلى عناصرها الأساسية ومعرفة العادات والأعراف التي يأخذ بها الناس في واقع تلك القصة، فقد يكون لتلك الأعراف والعادات أثر على مفهوم تلك الواقعة وتكييفها، وكذلك الاتصال بأهل الاختصاص في موضوع القضية لتوضيح أي غموض فيها.
والانضباط في فهم الحكم يتحقق في بحث المفتي عن حكم الواقعة المعروفة عليه في الكتاب والسنة وأن يتحرى الإجماع إن لم يجد حكماً فيها وإلا فالقياس ذلك مع مراعاة القواعد ومقاصد التشريع والأدلة التبعية من استحسان واستصحاب وعرف وعادة وسد ذريعة ومصالح مرسلة.

تيسير الفتوى
يجب على المفتي أن يحرص على التيسير في الفتوى مراعاة لحال المستفتي وتسهيلاً له في تطبيق الأحكام، وليس المقصود بالتيسير الإتيان بشرع جديد أو إسقاط ما فرض الله، إنما المقصود في ذلك الوسطية في الفتوى وتقديم الأيسر على الأحوط، والتيسير فيما تعم به البلوى ومراعاة الرخص والتحري وعدم التوسع في تكليف الناس بالأحكام دون دليل صريح يقضي ذلك.

مصالح الناس في ظل النصوص
يفهم من النصوص القرآنية، أن ما من حكم في الشريعة الإسلامية إلا وفيه خير ومصلحة للناس في دنياهم وآخرتهم، ولا يتصور أن يكون في الشريعة المقطوع بها حكم يضاد مصالح الخلق، أو يكون مجلبة للإضرار لهم، ومن هنا فإن على المفتي أن يراعي في فتواه مصالح الناس شريطة عدم المغالاة في ذلك لحد تقديمها على النص وإلا فإن فتواه تعتبر باطلة، كما أن أبرز المصالح التي ينبغي على المفتي مراعاتها، مراعاة المصالح المتغيرة، والمصالح المستجدة، والمصالح التي اقتضتها ضرورات العصر وحاجاته والتطور العلمي.
كما يجب على المفتي في القضايا المعاصرة، أن يتقيد في فتواه بمذهب معين، وإنما يأخذ من أقوال العلماء ما كان أرجح دليلاً وأكثر تحقيقاً لمقاصد الشريعة، ورعاية مصالح الناس والتيسير عليهم.

جماعية الفتوى
ينبغي أن تكون الفتوى في القضايا المعاصرة جماعية، ذلك بعد تشاور من أهل العلم وتدارسهم للواقعة، حيث يبين العلماء حكم الواقعة بعد تشاورهم في الأمر من خلال المؤسسات أو المجالس والهيئات، أو المجامع التي تنظم تجمع العلماء وممارستهم لأعمالهم في الاجتهاد والفتوى، ولا تكون الفتوى جماعية إلا إذا وافق عليها جميع أعضاء المجموعة، المكونة لمجلس الإفتاء – أو أغلبهم.
أحسن الدكتور عبد المجيد السوسرة في اختيار موضوع دراسته لما يتجلى في ذلك من أهمية في وقتنا الحاضر، كما يشكر على جهده لوقاية الفتوى الشرعية من الأحكام التي تتهددها من أصحاب الرغائب والأهواء والمصالح، وخدّام الطغاة وأولئك الأدعياء الذين يخرجون بين الفينة والأخرى بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان لإثارة البلبلة بين الناس وإيقافهم على الحيرة والإضرار بمصالحهم، ومنعهم من استئناف حياة إسلامية هادئة وآمنة وسليمة، فيشوهون الدين ويخدمون بها أعداء الأمة تحت ستار الاجتهاد، أو أولئك القاصرين عن رتبة هذا العلم الذين يشددون على الناس في دينهم ودنياهم فينفرون من الدين ويضيقون مفاهيمه ويقزمون مقاصده.

في الختام
وعلى ضوء هذا الجهد النبيل أرى أن حاجتنا تتعزز لمثل هذه البحوث فيما قد يساهم في إيجاد الحلول لكثير من الإشكالات المفاهيمية المعاصرة ولا سيما التي تتعلق بالدين، ويجب ان نتذكر هنا أن ثمة محاولات لتوحيد المراجع الاسلامية في الافتاء قد بذلت على مستوى المجامع الفقهية الإسلامية ومنها جهود مجمع الفقه الإسلامي في السعودية، وما جاء من تأكيد لعلماء الامة في المؤتمر الإسلامي الدولي الذي عقد قبل اشهر في عمان، والذي اكد على حجية الفتوى الجماعية وضرورة ضبطها.
ولعل مفهوم الجهاد الإسلامي يتبوأ أولية في تظهير الضوابط والمنهجيات المستخلصة من التشريع فيما قد يحاكي الواقع الذي نعيش فيه ويساهم في تعزيز دفاعاتنا الإدراكية ويولجنا في عالم الوعي بعيداً عن السطحية وخطاب الشجب والإدانة المجرد، بعد أن أصبح الجهاد في أعين البعض مفهوماً سائغاً للعبث والدمار وقتل الأبرياء والخلط في المصالح.
 
إنضم
18 يونيو 2008
المشاركات
166
التخصص
فقه وتشريع
المدينة
الضفة الغربية
المذهب الفقهي
مذهب الائمة الاربعة (اذا صح الحديث فهو مذهبي)
السلام عليكم اخي عبد الحميد
لي هنا تحفظ على الكلام الذي تحت الفقرة تيسير الفتوى
يجب على المفتي أن يحرص على التيسير في الفتوى مراعاة لحال المستفتي وتسهيلاً له في تطبيق الأحكام، وليس المقصود بالتيسير الإتيان بشرع جديد أو إسقاط ما فرض الله، إنما المقصود في ذلك الوسطية في الفتوى وتقديم الأيسر على الأحوط، والتيسير فيما تعم به البلوى ومراعاة الرخص والتحري وعدم التوسع في تكليف الناس بالأحكام دون دليل صريح يقضي ذلك.-----------
تحفظي على القول: تقديم الايسر على الاحوط)
ارى والله تعالى اعلم ان الاحوط يجب تقديمه على الايسر ان وجدا متعارضان.....
ويتضح هذا في الامور التعبدية كالعبادات..
ولك الشكر
 
إنضم
16 أبريل 2010
المشاركات
187
التخصص
إنجليزية
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: (ضوابط الفتوى في القضايا المعاصرة)؛ بقلم/ محمد العواودة

بخصوص الضابط الثاني
مسألة الانضباط المنهجي
نرى الكثيرمن اهل الفتوى قد يدلي بدلوه في مسألة شائكة وهو لا يتصورها بشكل متكامل إلا في بيئة محدودة
وهنا مكمن الخطأ
لأن البيئات تختلف اختلافا كثيرا
وما يصلح لهاته البيئة قد لا يصلح لبيئة أخرى
ثم تصور المسألة نفسه غيرمتكامل في عقول بعض المفتين
كأن يفتي بحرمة المظاهرات وهو يملك تصوراناقصا عن هاته المسألة
ثم مسألة التيسير على الناس
معناها إذا ضيقت عليهم في جهة ما فابحث لهم عن البديل
كمن يقول أن الشورى معلمة وليست ملزمة للسلطان
والناس ترى في مثل هاته الفتوى مضرة بمصالحهم
 

زهور الإخاء

:: متابع ::
إنضم
11 يوليو 2011
المشاركات
19
التخصص
.......
المدينة
.............
المذهب الفقهي
السنة
رد: (ضوابط الفتوى في القضايا المعاصرة)؛ بقلم/ محمد العواودة

الموضوع بصراحة قيم

وعلى ضوء هذا الجهد النبيل أرى أن حاجتنا تتعزز لمثل هذه البحوث فيما قد يساهم في إيجاد الحلول لكثير من الإشكالات المفاهيمية المعاصرة ولا سيما التي تتعلق بالدين،
أتمنى منكم توضيح كيفية التطرق لهذه الأبحاث
وشكرا لكم
 
إنضم
3 يناير 2015
المشاركات
11
التخصص
شريعة
المدينة
المدينة -تبوك
المذهب الفقهي
احمد بن حَنْبَل رحمه الله
رد: (ضوابط الفتوى في القضايا المعاصرة)؛ بقلم/ محمد العواودة

بارك الله فيكم
 

حسين على حسين

:: متابع ::
إنضم
23 يناير 2012
المشاركات
93
التخصص
ليسانس الدعوة الاسلامية
المدينة
أسوان
المذهب الفقهي
مالكى وحنفى وشافعى وحنبلى
رد: (ضوابط الفتوى في القضايا المعاصرة)؛ بقلم/ محمد العواودة

ياليت شيوخ الاعلام يتعظون
 
إنضم
16 نوفمبر 2009
المشاركات
59
التخصص
شريعة إسلامية
المدينة
سرت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: (ضوابط الفتوى في القضايا المعاصرة)؛ بقلم/ محمد العواودة

شكرا جزيلا.. ولدي بحث منشور في هذا الصدد ربما يكون نافعًا.. وهو بعنوان: فقه النوازل وفقه الواقعة، مقاربة الضوابط والشروط.. تجدونه على الرابط الآتي:
http://www.google.com/url?sa=t&rct=...=Q35nTanHxh2kKbCTOrqSiQ&bvm=bv.85142067,d.d24
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,509
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: (ضوابط الفتوى في القضايا المعاصرة)؛ بقلم/ محمد العواودة

بارك الله فيكم
ولكن الرابط لا يعمل
 
إنضم
19 أغسطس 2015
المشاركات
17
الكنية
أبو عبد الرحمن المقطري
التخصص
-
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
-
رد: (ضوابط الفتوى في القضايا المعاصرة)؛ بقلم/ محمد العواودة

بارك الله فيكم
 
إنضم
21 مارس 2012
المشاركات
168
الجنس
ذكر
الكنية
أبو سعد المراكشي
التخصص
فقه النوازل المعاصرة
الدولة
المغرب
المدينة
مراكش
المذهب الفقهي
مالكي

بدر جابر المري

:: متابع ::
إنضم
15 أبريل 2017
المشاركات
21
الكنية
أبويوسف
التخصص
فقه وأصول الفقه
المدينة
الصباحية
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: (ضوابط الفتوى في القضايا المعاصرة)؛ بقلم/ محمد العواودة

وفقكم الله وسددكم
 
أعلى