العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

كتاب ثمرة المتأمل فى حقيقة التوسل

عيد سالم محمد

:: متابع ::
إنضم
26 أغسطس 2012
المشاركات
25
الكنية
أبو حمزه
التخصص
أصول الفقه
المدينة
اسوان
المذهب الفقهي
مالكى
ثمرة المتأمل فى حقيقة التوسل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ



أعده
وخرج أحاديثه

/ أبو حمزه عيد بن سالم بن محمد بن قناوى

إمام وخطيب مسجد أبو بكر الصديق





مقدمه
ــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران : 102]
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء : 1]
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب: 70-71]
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثه بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.



اما بعد وما توفيقى إلا بالله
فهذا بحث أعددته من كتب الفقهاء مما يجعل القارىء يتأمل ويقول كيف أجتهد هؤلاء الفقهاء العظماء ليجمعوا لنا علم رسول الله ويبينوا لنا الحقائق واللطائف ليدرؤا جميع الشبهات التى يبثها لنا أعداء الأسلام وعسى أن يكون خيرا لنا ومما لاشك فيه أن القارىء المؤمن لا تعكر صفواه هذه الشبهات أو غيرها لأن علاجه يجده فى كتاب الله وسنة نبيه وأقوال الأعلام من الفقهاء الأجلاء وللأسف الشديد شبابنا فى هذا الزمان ينساق وراء الأفكار المسمومه من غير تحقيق أو مشاورة العلماء الذين هم أطباء القلوب والأرواح .

هذا وبالله التوفيق بحث يشتمل على خمسة مسائل
معنى التوسل وأنواعه وأقسامه وحكم الأحاديث الوارده فيه وأخيرا فضل النبى صلى الله عليه وسلم وهذا تحت عنوان ( ثمرة المتأمل فى حقيقة التوسل ) وأسأل الله أن ينفعنى به وأن يبلغنى وصايا العلماء وأن يجعلنى ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه تبارك وتعالى.


أعده
ــــــــ

/أبو حمزه عيد بن سالم بن محمد بن قناوى


ثمرة المتأمل فى حقيقة التوسل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفيه مسائل:
أولاً معنى التوسل:
ثانياً أنواع التوسل:
ثالثاً أقسام التوسل:
رابعاً حكم الأحاديث التى وردت عن التوسل بالنبى:
خامساً فضل النبى:
أولاً معنى التوسل .
معنى التوسل لغة وشرعاً
التوسل لغة :
قال الجوهري في صحاحه : (( الوسيلة : ما يتقرب به إلى الغير . والجمع : الوسيل والوسائل والتوسل واحد وسل فلان إلى ربه وسيلة وتوسل إليه بوسيلة أي تقرب إليه بعمل )) .
وفي القاموس : (( الوسيلة والواسلة : المنزلة عند الملك ، والدرجة والقربة ووسل إلى الله توسيلاً : عمل عملاً تقرب به إلى الله كتوسل . والواسل : الواجب والراغب إلى الله تعالى )) .
وفي المصباح : (( وسلت إلى العمل . أسل من باب وعد رغبت وتقربت ومنه اشتقاق الوسيلة . وهي ما يتقرب به إلى الشيء . والجمع : الوسائل . والوسيل : قيل جمع وسيلة ، وقيل لغة فيها ، وتوسل إلى ربه بوسيلة : تقرب إليه بعمل )) . وكل ما تقدم في معنى الوسيلة ، قال سائر علماء اللغة وهذا ما اتفق عليه الجميع .
التوسل شرعاً :هو التقرب إلى الله تعالى بطاعته وعبادته واتباع أنبيائه ورسله وبكل عمل يحبه الله ويرضاه . قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن الوسيلة هي القربة وقال قتادة في تفسير القربة أي تقربوا إلى طاعة بطاعته والعمل بما يرضيه .وهكذا … فإن كل ما أمر به الشرع من الواجبات والمستحبات فهو توسل شرعي ووسيلة شرعية .
قال الله تعالى في سورة المائدة الآية / 35 / :
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدا في سبيله لعلكم تفلحون )وقال جل وعلا في سورة الإسراء :
( قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً / 56/ أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً )/57/
يتضح مما تقدم أن التوسل لغة وشرعاً … لا يخرج عن معنى التقرب أو ما يؤول من القربى إلى الله تعالى بما يرضاه من الأعمال الصالحة(1
(1)الكتاب : التوصل إلى حقيقة التوسل
محمد نسيب الرفاعي

تعريفه : التوسل مأخوذ في اللغة من الوسيلة ، والوسيلة والوصيلة معناهما متقارب ، فالتوسل هو التوصل إلى المراد والسعي في تحقيقه .
وفي الشرع يراد به التوصل إلى رضوان الله والجنة ؛ بفعل ما شرعه وترك ما نهي عنه .
ب- معنى الوسيلة في القرآن الكريم :
وردت لفظة " الوسيلة " في القرآن الكريم في موطنين :
1 - قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (المائدة : 35) .
2 - قوله تعالى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا } (الإسراء : 57) .
والمراد بالوسيلة في الآيتين ، أي : القربة إلى الله بالعمل بما يرضيه ، فقد نقل الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره للآية الأولى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن معنى الوسيلة فيها القربة ، ونقل مثل ذلك عن مجاهد وأبي وائل والحسن البصري وعبد الله بن كثير والسدي وابن زيد وغير واحد (1) .

ـــــــــ
(1) تفسير ابن كثير (2 / 50) .

وأما الآية الثانية فقد بين الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مناسبة نزولها التي توضح معناها فقال : " نزلت في نفر من العرب كانوا يعبدون نفرا من الجن ، فأسلم الجنيون ، والإنس الذين يعبدونهم لا يشعرون " .
وهذا صريح في أن المراد بالوسيلة ما يتقرب به إلى الله تعالى من الأعمال الصالحة والعبادات الجليلة ، ولذلك قال : { يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ } أي يطلبون ما يتقربون به إلى الله وينالون به مرضاته من الأعمال الصالحة المقربة إليه .
ثانياً أنواع التوسل:
ــــــــــ
وأنواع التوسل التي شرعها الله تعالى لعباده وحث عليها ثلاثة أنواع أعلاها وأشرفها التوسل إليه بأسمائه الحسنى وصفاته وأفعاله ، كما في قول يوسف ( : رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين [يوسف:101] ، وعند مسلم من حديث علي ( في دعاء النبي إذا قام إلى الصلاة : ( اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت ، أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .. الحديث ) ، وروى النسائي وصححه الألباني من حديث محجن بن الأدرع ( أنه قال : ( دخل رسول الله المسجد إذا رجل قد قضى صلاته وهو يتشهد ، فقال : اللهم إني أسألك يا ألله بأنك الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم ، فقال رسول الله : قد غفر له ثلاثا ) .
أما النوع الثاني :
من التوسل فهو التوسل إلى الله تعالى بفعل العمل الصالح وهو من دعاء العبادة ،كأن يقول المسلم : اللهم بإيماني بك ومحبتي لك واتباعي لرسولك اغفر لي ، أو يقول : اللهم إني أسألك بحبي لمحمد وإيماني به أن تفرج عني ، ومنه أن يذكر الداعي عملا صالحا ذا بال فيه خوفه من الله سبحانه وتقواه إياه وإيثاره رضاه على كل شيء ، وطاعته له جل شأنه ثم يتوسل به إلى ربه في دعائه ليكون أرجى لقبوله وإجابته ، وهذا توسل جيد وجميل قد شرعه الله وارتضاه ويدل على مشروعيته قوله تعالى : الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار [آل عمران:16] ، وقوله سبحانه : ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار [آل عمران:193] ، وأمثال هذه الآيات الكريمات المباركات ،
ومن ذلك ما تضمنته قصة أصحاب الغار الثلاثة كما يرويها عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر ، فأووا إلى غار فانطبق عليهم ، فقال بعضهم لبعض : إنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق ، فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه ، فقال واحد منهم : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرق من أرز فذهب وتركه ، وأني عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته ، فصار من أمره أني اشتريت منه بقرا ، وأنه أتاني يطلب أجره ، فقلت له : اعمد إلى تلك البقر فسقها ، فقال لي : إنما لي عندك فرق من أرز ، فقلت له : اعمد إلى تلك البقر ، فإنها من الفرق ، فساقها ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا ، فانساخت (1) عنهم الصخرة ، فقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران ، وكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي ، فأبطأت عليهما ليلة ، فجئت وقد رقدا ، وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع ، فكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي ، فكرهت أن أوقظهما ، وكرهت أن أدعهما فيستكنا لشربتهما ، فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا ، فانساخت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء ، فقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم أنه كانت لي ابنة عم من أحب الناس إلي ، وإني راودتها عن نفسها فأبت إلا أن آتيها بمائة دينار ، فطلبتها حتى قدرت ، فأتيتها بها فدفعتها إليها فأمكنتني من نفسها ، فلما قعدت بين رجليها فقالت : اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه ،

_________
(1) فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج منه ، كما في حديث سالم .

فقمت وتركت المائة دينار ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا ، ففرج الله عنهم فخرجوا » . رواه البخاري (1) والتوسل إلى الله بدعاء الرجل الصالح الذي ترجى إجابة دعائه ، كأن يذهب المسلم إلى رجل يرى فيه الصلاح والتقوى والمحافظة على طاعة الله ، فيطلب منه أن يدعو له ربه ليفرج كربته وييسر أمره .
ويدل على مشروعية هذا النوع أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم بدعاء عام ودعاء خاص .











ـــــــــ
(1) صحيح البخاري برقم (3465) .
وأما النوع الثالث:
فهو التوسل إلى الله تعالى بدعاء الأحياء من المؤمنين الصالحين كأن يقع المسلم في ضيق شديد أو تحل به مصيبة كبيرة ، ويعلم من نفسه التفريط في جنب الله تبارك وتعالى ، فيطلب ممن يعتقد فيه الصلاح والتقوى أو الفضل والعلم بالكتاب والسنة أن يدعوا له ربه ليفرج عنه كربه ويذهب عنه همه ، فهذا نوع آخر من التوسل المشروع دلت عليه الشريعة المطهرة وأرشدت إليه ، وقد وردت أمثلة عليه في صحيح السنة ، فعند البخاري من حديث أنس بن مالك ( قال : ( بينما النبي يخطب يوم الجمعة إذ قام رجل فقال : يا رسول الله ، هلك الكراع وهلك الشاء ، فادع الله أن يسقينا ، فمد يديه ودعا ) ، وروى أيضا من حديث أنس ( : ( أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال : اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، قال : فيسقون ) ، ومعنى قول عمر ( إنا كنا نتوسل إليك بنبينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا أننا كنا نقصد نبينا ونطلب منه أن يدعو لنا ونتقرب إلى الله بدعائه ، والآن وقد انتقل إلى الرفيق الأعلى ، ولم يعد من الممكن أن يدعو لنا فإننا نتوجه إلى عم نبينا العباس ونطلب منه أن يدعو لنا .
ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : « أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب ، فاستقبل رسول صلى الله عليه وسلم قائما فقال : يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل ، فادع الله يغيثنا ، قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال : اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا ، قال أنس : ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة (1) ولا شيئا ، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار ، قال : فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس ، فلما توسطت السماء انتشرت ، ثم أمطرت ، قال : والله ما رأينا الشمس ستا ، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة- ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب- فاستقبله قائما فقال : يا رسول الله ، هلكت الأموال ، وانقطعت السبل ، فادع الله يمسكها ، قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال : اللهم حوالينا ولا علينا ، اللهم على الآكام والجبال والظراب ومنابت الشجر ، قال : فانقطعت ، وخرجنا نمشي في الشمس » . قال شريك : فسألت أنسا : أهو الرجل الأول ؟ قَال : لا أدري (2) .






_________
(1) سحاب متفرق .
(2) صحيح البخاري برقم (1013) ، وصحيح مسلم رقم (897) .

وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما « ذكر أن في أمته سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب وقال : ( هم الذي لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) قام عكاشة بن محصن فقال : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم ، فقال : (أنت منهم) » (1) . ومن ذلك حديث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أويسا القرني وفيه قال : « فاسألوه أن يستغفر لكم » .
وهذا النوع من التوسل إنما يكون في حياة من يطلب منه الدعاء ، أما بعد موته فلا يجوز ؛ لأنه لا عمل له (2).







________
(1) صحيح البخاري برقم (5705) ، وصحيح مسلم برقم (218)
(2) الكتاب : كتاب أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة
المؤلف : نخبة من العلماء
الطبعة : الأولى
الناشر : وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية
ثالثاً أقسام التوسل (1) من حيث مشروعيته وعدم مشروعيته:
ـــــــــــــــــــــــــــ
أقسام التوسل :
ينقسم التوسل إلى قسمين : توسل مشروع ، وتوسل ممنوع .
1 - التوسل المشروع : هو التوسل إلى الله بالوسيلة الصحيحة المشروعة ، والطريق الصحيح لمعرفة ذلك هو الرجوع إلى الكتاب والسنة ومعرفة ما ورد فيهما عنها ، فما دل الكتاب والسنة على أنه وسيلة مشروعة فهو من التوسل المشروع ، وما سوى ذلك فإنه توسل ممنوع .
والتوسل المشروع يندرج تحته ثلاثة أنواع كما ذكرنا فى أنواع التوسل:
2 - التوسل الممنوع : هو التوسل إلى الله تعالى بما لم يثبت في الشريعة أنه وسيلة ، وهو أنواع بعضها أشد خطورة من بعض ، منها :
1 - التوسل إلى الله تعالى بدعاء الموتى والغائبين والاستغاثة بهم وسؤالهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات ونحو ذلك ، فهذا من الشرك الأكبر الناقل من الملة .


ــــــــــــــ
(1)كتاب أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة لنخبة من العلماء.
2 - التوسل إلى الله بفعل العبادات عند القبور والأضرحة بدعاء الله عندها ، والبناء عليها ، ووضع القناديل والستور ونحو ذلك ، وهذا من الشرك الأصغر المنافي لكمال التوحيد ، وهو ذريعة مفضية إلى الشرك الأكبر .و التوسل إلى الله بجاه الأنبياء والصالحين ومكانتهم ومنزلتهم عند الله ، وهذا محرم ، بل هو من البدع المحدثة ؛ لأنه توسل لم يشرعه الله ولم يأذن به . قال تعالى : { آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ } (يونس : 59) ولأن جاه الصالحين ومكانتهم عند الله إنما تنفعهم هم ، كما قال الله تعالى : { وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى } (النجم : 39) ، ولذا لم يكن هذا التوسل معروفا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وقد نص على المنع منه وتحريمه غير واحد من أهل العلم :
قال أبو حنيفة رحمه الله : (( يكره أن يقول الداعي : أسألك بحق فلان أو بحق أوليائك ورسلك أو بحق البيت الحرام والمشعر الحرام)) .
ومن وسائل الشرك : التوسل البدعي :
كالتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو بذوات المخلوقين أو حقهم أو بطلب الدعاء والشفاعة من الأموات فلا يجوز أن يقول في دعائه : اللهم إني اسألك بجاه نبيك أو بحق فلان أو بروح الميت فلان كل هذا لا يجوز .
والتوسل الجائز المشروع هو التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته كأن يقول : يا رحيم ارحمني يا غفور اغفر لي .
وكذلك التوسل إلى الله تعالى بالإيمان والأعمال الصالحةكأن يقول اللهم بإيماني بك وتصديقي لرسلك أدخلني جنتك.
والتوسل إلى الله بدعاء الصالحين الأحياءكأن يطلب من عبد صالح حي أن يدعوا الله له فإن دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجاب أما طلب الدعاء من ميت في قبره فلا يجوز.
وأجمع العلماء على أنه لا يشرع التوسل بالنبي أو برجل صالح بعد موته ولا في حال غيبته, فالنبي صلى الله عليه وسلم قد مات,وهذا الولي الصالح قد مات,والميت لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فضلاً عن غيره,فالتوسل بالأموات في الاستسقاء أو غيره شيء محدث وبدعة منكرة ووسيلة من وسائل الشرك.
وأجمع العلماء على أن لفظ ( التوسل ) بمعنى التوسل لله تعالى بالإيمان وبطاعته,معنى مقبول,بل هو أصل الدين وهو المراد بقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة" وقوله تعالى " أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه"
وأجمعوا على جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته وحال حضوره خاصة,ويراد بالتوسل هنا أي دعاؤه فلفظ التوسل في لسان الصحابة إنما يراد به الدعاء,باتفاق أهل العلم,أي طلب الدعاء منه,وهذا المعنى جائز باتفاق المسلمين فقد كانوا يأتون إليه إذا أجدبت الأرض وأحدقت بهم الخطوب ويطلبون منه أن يدعو بالفرج لهم, لكن أعيد قول : هذا في حياته خاصة.
أما عن صحة الحديث الذي جاء في ذلك وهو حديث الأعمى الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ادع الله يا محمد أن يرد علي بصري فأمره أن يتوضأ ويصلي ويدعو الله وفي دعائه أسألك بنبيك محمد، قال ابن عبد السلام: إن صح الحديث فيجوز بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة والحديث في سنده من لا يحتج به عند أهل العلم كما لا يخفى على أهل الصناعة(1).
وجمهور الناس من أهل العلم يقولون: معنى الحديث إن صح: التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم في حياته كما كان الصحابة يتوسلون بدعائه في الاستسقاء وفي غيره، وأما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فليس من هديهم وطريقتهم أن يسألوا الله به، بل لما قحطوا زمن عمر استسقى وتوسل بدعاء العباس كما تقدم، وبالجملة فهذه المسألة نوع ولا يخرج الإنسان عن مسألة الله وإنما الكلام في سؤال العباد وقصدهم من دون الله . كما هو صريح كلام هذا المعترض(2).
ــــــــــــــ
(1)رواه الحاكم وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه وابن ماجه وقال أبو إسحاق هذا حديث صحيح والترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو الخطمي و عثمان بن حنيف هو أخو سهل بن حنيف
قال الشيخ الألباني : صحيح وصحيح ابن حبان قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم
(2) الكتاب : البراهين الإسلامية في رد الشبهة الفارسية لعبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن.
كيف طبق الصحابة التوسل المشروع تطبيقًا عمليًّا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
وقد فهم الصحابة هذا المعنى وأن من دعا غير الله تعالى فهو مشرك كافر وإن دعا ملكًا مقربًا أو نبيًا مرسلًا، وما كانوا يفعلون هذا حتى في أحلك الظروف، ولنضرب على ذلك مثلًا من حياة الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قحط الناس في خلافة عمر بن الخطاب فكان يطلب من العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستسقي لهم من الله تعالى حتى إذا كانوا في المصلى قال عمر : "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا (1) فاسقنا... فيسقون". (2)
فجعل العباس يدعو وهم يؤمنون، فهؤلاء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعلوا ما يفعله بعض أهل زماننا اليوم من الاستغاثة أو طلب الشفاعة وهم أعرف الناس بالحلال والحرام فهم الذين صلوا خلفه وغزوا معه وحجوا معه وجلسوا في مسجده يسمعون خطبه وتأدبوا بآدابه وتعلموا منه صلى الله عليه وسلم.



_________
(1) أي: تتقرب إليك بدعاء عم نبينا، وهذا لا حرج فيه: لأنه حي طلب والدعاء من الحي جائز.
(2) رواه البخاري (2 / 574 - الفتح)، من حديث أنس.
وكذلك لا يجوز شد الرحال إلى قبر نبي أو ولي ونحو ذلك لأن ذلك وسيلة من وسائل الشرك المفضية إليه وللوسائل أحكام الغايات لذلك نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرم ذلك فقال: « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى » . (1) وهذا يعني أن السفر لا ينشأ لأجل قبر صالح أو ضريح ولي ونحوه، ونحن نحب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من محبة النفس والوالد والولد والأهل والمال ونحب الصحابة ونحب الأولياء الصالحين ونوالي من والاهم ونعادي من عاداهم ونعلم أن من عادى لله وليًا فقد آذنه الله بالحرب، لكن قل لي بربك هل يقتضي حب هؤلاء ومحبتهم أن نعبدهم من دون الله ونتخذهم أندادًا لله ونتوسل بهم ونطوف بقبورهم ونقدم لهم النذور وننحر لهم القرابين.






_________
(1) رواه البخاري (3 / 76 - الفتح)، ومسلم 2 / 1014، من حديث أبي هريرة.
ومن هنا ندرك أن دعاء أي مخلوق من دون الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل شرك به سبحانه وتعالى، وذلك كمن يأتون إلى قبور الأولياء والصالحين فيسألونهم حاجات شتى كشفاء مرضاهم ورد غائبهم وإنجاب عقيمهم ورد ضوالهم وإن قالوا إننا نعتقد أن كل شيء من الله سبحانه وتعالى، فهذا هو بعينه كما مر بك شرك الجاهليين الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الشرك الأكبرومن هنا ندرك أن دعاء أي مخلوق من دون الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل شرك به سبحانه وتعالى، وذلك كمن يأتون إلى قبور الأولياء والصالحين فيسألونهم حاجات شتى كشفاء مرضاهم ورد غائبهم وإنجاب عقيمهم ورد ضوالهم وإن قالوا إننا نعتقد أن كل شيء من الله سبحانه وتعالى، فهذا هو بعينه كما مر بك شرك الجاهليين الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الشرك الأكبر(1).





ــــــــــــ
(1) الكتاب : التوسل المشروع والممنوع.


رابعاً حكم الاحاديث التى وردت عن التوسل بالنبى:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شبهات وردها في باب التوسل .
قد يورد المخالفون لأهل السنة والجماعة بعض الشبهات والاعتراضات في باب التوسل ؛ ليتوصلوا بها إلى دعم تقريراتهم الخاطئة ، وليوهموا عوام المسلمين بصحة ما ذهبوا إليه ، ولا تخرج شبهات هؤلاء عن أحد أمرين :
الأول : إما أحاديث ضعيفة أو موضوعة يستدل بها هؤلاء على ما ذهبوا إليه ، وهذه يفرغ من أمرها بمعرفة عدم صحتها وثبوتها ، ومن ذلك :
1 - حديث : « توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم »(1) ، أو « إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم » (2)،
ـــــــــــــــــ
(1),(2) توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظم ) :
وبعضهم يرويه بلفظ :
( باطل ) ( إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم )
هذا باطل لا أصل له في شيء من كتب الحديث البتة وإنما يرويه بعض الجهال بالسنة كما نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه في ( القاعدة الجليلة ) قال : مع أن جاهه صلى الله عليه و سلم عند الله أعظم من جاه جميع الأنبياء والمرسلين ولكن جاه المخلوق عند الخالق ليس كجاه المخلوق عند المخلوق فإنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه والمخلوق يشفع عند المخلوق بغير إذنه فهو شريك له في حصول المطلوب والله تعالى لا شريك له كما قال سبحانه : { قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } [ سبأ : 22 و 23 ] .
وهو حديث باطل لم يروه أحد من أهل العلم ، ولا هو في شيء من كتب الحديث .
2 - حديث : « إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأهل القبور » ، أو « فاستغيثوا بأهل القبور » ، وهو حديث مكذوب مفترى على النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق العلماء .
3 - حديث : « لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه » ، وهو حديث باطل مناقض لدين الإسلام ، وضعه بعض المشركين .
4 - حديث : « لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي ، فقال : يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه ؟ قال : يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك ، فقال : غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك » (1) (2)، وهو حديث باطل لا أصل له ، ومثله حديث : « لولاك ما خلقت الأفلاك » .
فمثل هذه الأحاديث المكذوبة والروايات المختلقة الملفقة لا يجوز لمسلم أن يلتفت إليها فضلا عن أن يحتج بها ويعتمدها في دينه .
_________
(1) سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني ج 1 / 88 ح 25 .
(2)روى عن عمر بن الخطاب مرفوعا : ( لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال : يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه ؟ قال يا رب لما خلقتني بيدك ونخفت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا : لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال : غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك )
أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق أبي الحارث عبد الله بن مسلم الفهري : حدثنا إسماعيل بن مسلمة : أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر . وقال :
صحيح الإسناد وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد ابن أسلم في هذا الكتاب )
فتعقبه الذهبي بقوله :
( قلت : بل موضوع وعبد الرحمن واه وعبد الله بن أسلم الفهري لا أدري من ذا ) قلت : ومن تناقض الحاكم في ( المستدرك ) نفسه أنه أورد فيه حديثا آخر لعبد الرحمن هذا ولم يصححه : بل قال :
( والشيخان لم يحتجا بعبد الرحمن بن زيد )
قلت : والفهري هذا أورده الذهبي في ( الميزان ) وساق له هذا الحديث وقال :
( خبر باطل ) وكذا قال الحافظ ابن حجر في ( اللسان ) وزاد عليه قوله في الفهري هذا :
( لا أستبعد أن يكون هو الذي قبله فإنه من طبقته ) قلت : والذي قبله هو عبد الله بن مسلم بن رشيد قال الحافظ : ذكره ابن حبان متهم بوضع الحديث يضع على ليث ومالك وابن لهيعة لا يحل كتب حديثه وهو الذي روى عن ابن هدية نسخة كأنها معمولة )
قلت : والحديث رواه الطبراني في ( المعجم الصغير ) : ثنا محمد بن داود بن أسلم الصدفي المصري : ثنا أحمد ابن سعيد المدني الفهري : ثنا عبد الله بن إسماعيل المدني عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم به . وهذا سند مظلم فإن كل من دون عبد الرحمن لا يعرفون وقد أشار إلى ذلك الحافظ الهيثمي حيث قال في ( مجمع الزوائد ) :
( رواه الطبراني في الأوسط والصغير وفيه من لم أعرفهم )
قلت : وهذا إعلال قاصر . يوهم من لا علم عنده أن ليس فيهم من هو معروف بالطعن فيه وليس كذلك فإن مداره على عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقال البيهقي : ( إنه تفرد به ) وهو متهم بالوضع رماه بذلك الحاكم نفسه ولذلك أنكر العلماء عليه تصحيحه لحديثه ونسوه إلى الخطأ والتناقض فقال ( وارث علم الصحابة والتابعين والأئمة المتبوعين شيخ الإسلام ابن تيمية ) رحمه الله في ( القاعدة الجليلة ) :
( ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أنكر عليه فإنه نفسه قد قال في كتاب ( المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم ) : ( عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا تخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه ) . قلت : وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف باتفاقهم يغلط كثيرا ضعفه أحمد بن حنبل وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي والدارقطني وغيرهم
وقال ابن حبان : ( كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك
قوله في آخره : ( ولولا محمد ما خلقتك ) فإن هذا أمر عظيم يتعلق بالعقائد التي لا تثبت إلا بنص متواتر اتفاقا أو صحيح عند آخرين ولو كان ذلك صحيحا لورد في الكتاب أو السنة الصحيحة وافتراض صحته في الوقع مع ضياع النص الذي تقوم به الحجة ينافي قوله تبارك وتعالى : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } والذكر هنا يشمل الشريعة كلها قرآنا وسنة كما قرره ابن حزم في ( الإحكام ) وأيضا فإن الله تبارك وتعالى قد أخبرنا عن الحكمة التي من أجلها خلق آدم وذريته فقال عز و جل : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } فكل ما خالف هذه الحكمة أو زاد عليها لا يقبل إلا بنص صحيح عن المعصوم صلى الله عليه و سلم كمخالفة هذا الحديث الباطل . ومثله ما اشتهر على ألسنة الناس : ( لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك ) فإنه موضوع كما قال الصنعاني ووافقه الشوكاني في ( الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ) . ومن الطرائف أن المتنبي ميرزا غلام أحمد القادياني سرق هذا الحديث الموضوع فادعى أن الله خاطبه بقوله : ( لولاك لما خلقت الأفلاك ) وهذا شيء يعترف به أتباعه القاديانون هنا في دمشق وغيرها . لوروده في كتاب متنبئهم ( حقيقة الوحي )
ثم على افتراض أن هذا الحديث ضعيف فقط كما يزعم بعض
المخالفين خلافا لمن سبق ذكرهم من العلماء والحافظ فلا يجوز الاستدلال به على مشروعية التوسل المختلف فيه لأنه - على قولهم - عبادة مشروعة وأقل أحوال العبادة أن تكون متسحبة والاستحباب حكم شرعي من الأحكام الخمسة التي لا تثبت إلا بنص صحيح تقوم به الحجة فإذ الحديث عنده ضعيف فلا حجة فيه البتة . وهذا بين لا يخفى إن شاء الله تعالى
[ التوسل - الألباني ]
الكتاب : التوسل أنواعه وأحكامه
المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني.




الثاني : أحاديث صحيحة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم يسيء هؤلاء فهمها ويحرفونا عن مرادها ومدلولها ، ومن ذلك :
1 - ما ثبت في الصحيح : « أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب ، فقال : اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، قال : فيسقون » (1) .
ففهموا من هذا الحديث أن توسل عمر رضي الله عنه إنما كان بجاه العباس رضي الله عنه ومكانته عند الله عز وجل ، وأن المراد بقوله : « كنا نتوسل إليك بنبينا [أي بجاهه] فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا » [أي بجاهه] .







_________
(1) صحيح البخاري برقم (1010) .

وهذا ولا ريبِ فهم خاطئ وتأويل بعيد لا يدل عليه سياق النص لا من قريب ولا من بعيد ؛ إذ لم يكن معروفا لدى الصحابة التوسل إلى الله بذات النبي صلى الله عليه وسلم أو جاهه ، وإنما كانوا يتوسلون إلى الله بدعائه حال حياته كما تقدم بعض هذا المعنى ، وعمر رضي الله عنه لم يرد بقوله : « إنا نتوسل إليك بعم نبينا » أي ذاته أو جاهه ، وإنما أراد دعاءه ، ولو كان التوسل بالذات أو الجاه معروفا عندهم لما عدل عمر عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى التوسل بالعباس رضي الله عنه ، بل ولقال له الصحابة إذ ذاك كيف نتوسل بمثل العباس ونعدل عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أفضل الخلائق ، فلما لم يقل ذلك أحد منهم ، وقد علم أنهم في حياته إنما توسلوا بدعائه ، وبعد مماته توسلوا بدعاء غيره علم أن المشروع عندهم التوسل بدعاء المتوسل لا بذاته .
وبهذا يتبين أن الحديث ليس فيه متمسك لمن يقول بجواز التوسل بالذات أو الجاه .
2 - حديث عثمان بن حنيف : « أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ادع الله أن يعافيني ، قال : إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك ، قال : فادعه ، قال : فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي ، اللهم فشفعه في » ، رواه الترمذي وأحمد وقال البيهقي إسناده صحيح (1) .
ففهموا من الحديث أنه يدل على جواز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الصالحين ، وليس في الحديث ما يشهد لذلك ، فإن الأعمى قد طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له بأن يرد الله عليه بصره ، فقال له : « إن شئت صبرت وإن شئت دعوت » ، فقال : فادعه ، إلى غير ذلك من الألفاظ الواردة في الحديث المصرحة بأن هذا توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لا بذاته أو جاهه ؛ ولذا ذكر أهل العلم هذا الحديث من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه المستجاب ، فإنه صلى الله عليه وسلم ببركة دعائه لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره ولهذا أورده البيهقي في دلائل النبوة (2) .





_________
(1) سنن الترمذي برقم (3578) ، ومسند أحمد (4 / 138) .
(2) دلائل النبوة للبيهقي (6 / 167) .

وأما الآن وبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فإن مثل هذا لا يمكن أن يكون لتعذر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأحد بعد الموت ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له » ، رواه مسلم (1) .
والدعاء من الأعمال الصالحة التي تنقطع بالموت .
وعلى كل فإن جميع ما يتعلق به هؤلاء لا حجة فيه ؛ إما لعدم صحته ، أو لعدم دلالته على ما ذهبوا إليه(2) .








_________
(1) صحيح مسلم برقم (1631) .
(2)الكتاب : كتاب أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة
المؤلف : نخبة من العلماء
الطبعة : الأولى
الناشر : وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية
إذا فمن أراد حقيقة التوسل؛ فعليه باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن اتبعه وآمن به وصدقه فيما أخبر ولم يعبد الله تبارك وتعالى إلا بما شرع؛ فإنه قد توسل إلى الله تبارك وتعالى توسلاً صحيحاً(1).

خامساً فضل النبى:
ــــــــــ
والله فضّل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الرسل بفضائل كثيرة, ومن أوضحها وأجلاها: أنه خاتم النبيين والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه, وأن رسالته عامة للثقلين: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً [سبأ:28] أما من قبله فكان النبي منهم يبعث إلى قومه خاصة.
فعندما نقول محمد عبد الله ورسوله, نكون قد مدحناه, وأثنينا عليه صلوات الله وسلامه عليه, بأفضل وأعظم وصفين له.
فهو العبد الكامل العبودية الذي بلغ الكمال والغاية فيها، وهو كذلك أكمل الرسل في الرسالة حيث بعثه الله سبحانه للناس كافة، وجعل شريعته ناسخةً لما قبله ومهيمنةً عليه، ولو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباع محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.



ــــــــــــــ
(1)الكتاب : الحوالي...جوانب من توحيد الألوهية.

وعيسى عليه السلام وهو رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, ومن أولي العزم, إذا نزل في آخر الزمان فإنه لا يحكم إلا بشريعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
إذاً هذه هي ميزة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على العبيد كافة, وعلى الرسل كافة أنه بلغ الغاية في هاتين الصفتين، فهو خير عباد الله، وخير رسل الله, وهو المستحق لأن يقال: عبد الله ورسوله، وخير ما يمدح ويثنى عليه صلوات الله وسلامه عليه أن يقال: عبد الله ورسوله.
وهذا الذي جهله كثير من الناس, فجهلوا حقيقة هذا الكمال, وهذين الوصفين لهما هدف, وغاية, وحكمة أن يكون الوصف بالعبودية وبالرسالة(1).
قلت أنا( أبو حمزه) فمحمد أفضل الانبياء على الاطلاق فمعتقدنا أنه عبد الله ورسوله كما أن عيسى عبد الله ورسوله ومع أنهم من إولى العزم فمحمد أفضلهم ولا نقول كما قالت النصارى أنه ابن الله أو هو الاله فعندما نقول محمد عبد الله ورسوله, نكون قد مدحناه, وأثنينا عليه صلوات الله وسلامه عليه, بأفضل وأعظم وصفين له.
ولله در القائل
ومما ذادنى فخــــــرا وتيها وكدت بإخمصى أطأ الثريا
دخولى تحت قولك يا إلاهى وأن صيرت لى أحمد نبيا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكتاب : الحوالي...دروس فتح المجيد.

وأن العبادة موضعها هي هذه الأرض في هذه الدنيا، لا سيما في مثل هذا المقام الذي يراد منه أن يظهر فضل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في العبودية عَلَى بقية الأنبياء، ولهذا صلَّى بهم إماماً فجمعهم الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- له، وأمهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مهبط الدعوة، فكان بذلك إيذاناً بأنه أكملهم في العبودية(1).
وروى الدرامي في باب فضل النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمرو بن قيس، ولفظه هكذا: أخبرنا عبدالله بن صالح حدثني معاوية عن عروة بن قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله أدرك بي الأجل المرحوم، واختصر لي اختصاراً، فنحن الآخرون ونحن السابقون يوم القيامة، وإني قائل قولاً غير فخر: إبراهيم خليل الله، وموسى صفي الله، وأنا حبيب الله، ومعي لواء الحمد يوم القيامة وأن الله عز وجل وعدني في أمتي وأجارهم من ثلاث: لا يعمهم بسنة، ولا يستأصلهم عدو، ولا يجمعهم على ضلالة"(2). اه‍.


ـــــــــــــ
(1)الكتاب : شرح العقيدة الطحاوية
لسفر بن عبدالرحمن الحوالي
(2)رواه الدارمي قال حسين سليم أسد : في إسناده علتان : عبد الله بن صالح والانقطاع
وقيل عن عبدالله بن صالح وهو كثير الغلط.


وذكر ابن الجوزي في الوفاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى : ( { لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ } ) الآية ، قال : كانوا يقولون يا محمد يا أبا القاسم فنهاهم الله تعالى عن ذلك إعظاما لنبيه فقالوا يا نبي الله يا رسول الله . وحكي عن الحسن نحوه ، رواه أبو نعيم ، وهذا بخلاف الأمم السالفة فإنهم كانوا يخاطبون أنبياءهم بأسمائهم .
وفضائله ومزاياه - صلى الله عليه وسلم - كثيرة شهيرة فهو أفضل خلق الله تعالى - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه . وفي صحيح مسلم وغيره من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " « أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع ومشفع » " .










وفي الترمذي من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " « أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا ، وأنا خطيبهم إذا وفدوا ، وأنا مبشرهم إذا أيسوا ، لواء الحمد بيدي وأنا أكرم »(1).
« ولد آدم على ربي ولا فخر » " . قال ابن الأنباري : أراد لا أتبجح بهذه الأوصاف لكن أقولها شكرا ومنبها على إنعام ربي علي . وفي حديث جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " « والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني » "(2) (3).
من ذلك ما أخرجه الإمام مسلم عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم) (4).
ـــــــــــــــ
(1)قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب
قال الشيخ الألباني : ضعيف .
(2)الكتاب : لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية المؤلف : شمس الدين، أبو العون محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي (المتوفى :
(3)هو حديث حسن ذكره المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني فى كتابه تحريم آلات الطرب.
(4)صحيح مسلم كتاب الفضائل باب فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم (4/1782) والترمذي في سننه، أبواب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في فضل النبى صلى الله عليه وسلم (5/245).

وقد أشار النووي -رحمه الله- إلى أنّ بني هاشم أفضل العرب لا يدانيهم في الأفضلية إلاّ بنو المطلب مستدلاً بهذا الحديث(1)
ويقول المباركفوري عند شرحه لهذا الحديث: قوله: (إن الله اصطفى) أي اختار. يقال استصفاه واصطفاه، إذا اختاره وأخذ صفوته والصفوة من كل شيء خالصه وخياره)(2)(3).
وروى مسلم في الإيمان من صحيحه والنسائي في التفسير عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) تلا قول الله عز وجل في إبراهيم عليه السلام ) رب إنهن أظللن كثيراً من الناس فمن تبعني فأنه مني ( الآية - وقال عيسى عليه السلام ) إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ( فرفع يديه وقال : اللهم أمتي اللهم أمتي اللهم أمتي - وبكى ) ، فقال الله عز وجل : يا جبريل ، اذهب إلى محمد - وربك أعلم - فاسأله ما يبكيك
؟ فأتاه جبريل عليه السلام فسأله : فأخبره رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بما قال وهو أعلم ، فقال الله : يا جبريل اذهب إلى محمد فقل ( إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك )


ـــــــــــــ.
(1) شرح النووي على صحبح مسلم (15/36).
(2) تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي (10/74).
(3) الكتاب : موسوعة الرد على الصوفية
وللشيخين في الحوض والفتن ومسلم في فضل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن سهل بن سعد وأبي سعيد رضي الله عنهما أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ( أنا فرطكم على الحوض ، من مر على شرب ، ومن شرب لم يظمأ أبداً ، ليردن عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ، ثم يحال بيني وبينهم ) زاد أبو سعيد رضي الله عنه : فاقول ( إنهم مني - فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول : سحقاً سحقاً لمن غير بعدي ) ولمسلم وابن ماجه - وهذا لفظه - عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) - فذكر خطبته في الحج ثم قال : ( إلا وإني فرطكم على الحوض وأكاثر بكم الأمم ، ولا تسودوا وجهي ، ألا وإني مستنفذ أناساً ومستنفذ مني أناس فأقول : يا رب : أصحابي أصحابي ، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ) ولفظ مسلم ( أنا فرطكم على الحوض ولأنازعن أقواماً ثم لأغلبن عليهم فأقول : يا رب أصحابي فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ) ولمسلم عن عائشة رضي الله عنهما قالت : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول وهو بين ظهراني أصحابه : ( إني على الحوض أنظر من يرد عليّ منكم ، فوالله ليقطعن دوني رجال فلأقولن : أي رب مني ومن أمتي ، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، ما زالوا يرجعون على أعقابهم ) .
وللشيخين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ( ترد عليّ أمتي الحوض وأنا أذود الناس عنه كما يذود الرجل عن إبله ، قالوا : يا نبي الله تعرفنا ؟ قال : نعم ، لكم سيما ليست لغيركم تردون عليّ غرّاً محجلين من آثار الوضوء ، ولتصدن عني طائفة منكم فلا يصلون ، فأقول يا رب هؤلاء اصحابي ، فيجيبني ملك فيقول : وهل تدري ما أحدثوا بعدك ؟ وفي رواية : بينما أنا قائم على الحوض إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج من بيني وبينهم رجل ، فقال : هلم ؛ فقلت : إلى أين ؟ فقال : إلى النار والله ، فقلت : ما شأنهم ، فقال : إنهم ارتدوا على أدبارهم فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم .
أي ضوالها - أي الناجي قليل ، وفي رواية لمسلم في الوضوء : ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم ، فيقال : إنهم قد بدلوا بعدك ، فأقول : سحقاً سحقاً ) .
قال المنذري : والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جداً (1).




ــــــــــــ
(1) الكتاب : نظم الدرر في تناسب الآيات والسور
المؤلف : برهان الدين أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :«سلوا الله لي الوسيلة». قالوا : يا رسول الله! وما الوسيلة؟ قال :«أعلى درجة في الجنة ، لا ينالها إلا رجل واحد أرجو أن أكون أنا هو»(1).
عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فضلت على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا وذكر خصلة أخرى رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وزاد في الحديث إذا لم نجد الماء ورواه أبو عوانة عن أبي ما لك فقال وجعل ترابها لنا طهورا
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : فضلت على الأنبياء بست أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب وأحلت لي الغنائم وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا وأرسلت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن أيوب وغيره .

ــــــــــــــــ

(1) صحيح الترمذي [ 3612 ] باب في فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، تعليق الألباني "صحيح".

تم بحمد الله هذا البحث وعنوانه ثمرة المتأمل عن حقيقة التوسل قد أعاننى الله بجمعه وترتيبه بواسطة الحاسوب التى فيه المكتبه الشامله وغايتى منه أن أجمع موضوعا ملما بعنوانه فى بحث واحد وذلك ليسهل على القارىء تحصيل معلومات بغير عناء أو مشقه والله أسأل أن يجعله خالصا لوجهه إنه ولى ذلك والقادر عليه وسبب إهتمامى لهذا البحث هو سؤال بعض الناس عن التوسل وإثارة الجدل عند بعض من الناس.

المراجع والمصادر
ـــــــــــــــــــــــ
الكتاب
المؤلف
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور
برهان الدين أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
شمس الدين، أبو العون محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي

كتاب أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة
نخبة من العلماء
التوسل أنواعه وأحكامه
محمد ناصر الدين الألباني
التوصل إلى حقيقة التوسل
محمد نسيب الرفاعي

البراهين الإسلامية في رد الشبهة الفارسية
عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن







جمعه ورتبه وخرج أحاديثه
وخرج أحاديثه ونقحه
/أبو حمزه عيد بن سالم بن محمد بن قناوى

إمام مسجد أبو بكر الصديق
(رضى الله عنه)
 
أعلى