رد: هلال رمضان بين الحساب الفلكي والرؤية
الاخوة الكرام أعضاء الملتقى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا فصل من رسالة الدكتوراة الخاصة بي وأرجو من حضراتكم التفاعل لمناقشة موضوع اختلاف المطالع ورؤية الهلال من ناحية علمية حتى يستفيد الجميع وانقل لكم ما كتبته في رسالتي حتى تاريخه
اختلاف المطالع ورؤية الهلال بقلم محمد كمال السوسي من غزة فلسطين محاضر في الكلية الجامعية وباحث دكتوراة في الفقه المقارن بجامعة طرابلس بلبنان
المطلب الأول
اختلاف المطالع[SUP](
[1])[/SUP]
لقد أدت الفوضى في إثبات الأشهر القمرية لمواقيت الحج ورمضان وغيرهما إلى حدوث انقسام في العالم الإسلامي بدلاً من الوحدة، وسبباً لسخرية العالم منا، وموضوعاً للنقاش يكاد لا ينتهي, لذلك كان من الأهمية بمكان وضع حد لهذه الأمر الذي شكّل الحافز الأهم للكتابة في هذا الموضوع.
فمن المعلوم أن مسألة اختلاف المطالع هي محل خلاف بين أهل العلم منذ عهد بعيد, وهذا الأمر سيتضح لاحقا عند الحديث عن آراء الفقهاء في هذه المسألة, ولكن الذي يهمنا هنا أن نبين أنه لا يجوز أن نختلف فقط لأجل الاختلاف, وهذا الأمر واضح وضوح الشمس في أيامنا هذه, حيث أن المسلمين يختلفون كل سنة في تحديد بداية ونهاية الأشهر الهجرية وخاصة شهر رمضان وشوال وذي الحجة، وقد يصل الخلاف إلى ثلاثة أيام أحيانًا، فتعلن دول بداية الشهر الهجري بناء على الحسابات الفلكية، وتعلن أخرى بداية الشهر في يوم ثانٍ بناء على رؤية الهلال، وفي نفس الوقت تعلن دول أخرى بداية الشهر الهجري في يوم ثالث بناء على رؤية الهلال أيضاً وهذا الأمر مبناه اتحاد المطالع واختلافها.
يقول الدكتور مصطفى الزرقا معلقاً على موضوع اختلاف الدول الاسلامية في تحديد الأهلة :"
ومن الحالات التي أصبحت مخجلة بل مذهلة حيث يبلغ فرق الإثبات للصوم والإفطار بين مختلف الأقطار الإسلامية ثلاثة أيام"[SUP](
[2])[/SUP].
أسباب اختلاف الدول الاسلامية في تحديد المطالع:[SUP](
[3])[/SUP]
يرجع اختلاف الدول الإسلامية في تحديد بدايات الأشهر الهجرية للأسباب التالية:
1- تدعو بعض الدول الإسلامية المواطنين لتحري الهلال؛ فإذا جاء من يشهد برؤية الهلال قبلت شهادته حتى لو دلت الحسابات الفلكية على أن رؤية الهلال مستحيلة أو غير ممكنة؛ وهو ما يحصل حاليّاً في العديد من الدول الإسلامية.
2- إن معظم الدول الإسلامية لا تتحرى الهلال على مستوى رسمي؛ بل تكتفي بدعوة المواطنين للتحري! فالدولة العربية الوحيدة التي تتحرى الهلال كل شهر (وليس فقط رمضان وشوال) بشكل رسمي وتعلن نتائج التحري رسمياً وبشكل فوري عبر وسائل الإعلام هي المملكة المغربية؛ فهي تتحرى الهلال من حوالي 270 موقعاً موزّعاً على مختلف أنحاء المملكة المغربية، وتشارك القوات المسلحة بعملية التحري أيضاً، فالمملكة المغربية هي أفضل دولة عربية في تحديد بدايات الأشهر الهجرية، وكذلك فإن نظام التحري في سلطنة عمان مشابه لذلك، ولكن يبقى النظام المغربي هو الأفضل.
3- وفي المقابل فإن معظم الدول الإسلامية تدعو المواطنين لتحري الهلال، وتقبل شهادة أي مواطن برؤية الهلال، مع العلم أن هذا الشاهد قد لا يكون على علم بوقت ومكان الهلال ولا حتى بشكله، فإذا ما شاهد أي جرم في السماء اعتقده الهلال. فعلى سبيل المثال صام ملايين المسلمين في السعودية عام 1984م 28 يوما فقط؛ لأن أحد الشهود رأى كوكبي عطارد والزهرة فاعتقدهما الهلال.
إن تحري الهلال بشكل جماعي قد يكون ضرورة لا مفر منها؛ فهو الطريقة المثلى لتأكد الشاهد بأن ما يراه هو الهلال وليس شيئا آخر.
4- تأخذ بعض الدول الإسلامية بمبدأ اتحاد المطالع؛ فإذا علمت أن إحدى الدول قد أعلنت ثبوت رؤية الهلال فإنها تتبعها فوراً حتى دون التأكد من صحة رؤية الهلال، ومثال ذلك الأردن.
وفي المقابل فإن بعض الدول الإسلامية تأخذ باختلاف المطالع، ولا تقبل رؤية الهلال إلا من داخل أراضيها، ومثال ذلك السعودية.
يقول العلامة يوسف القرضاوي:
"إن السعي إلى وحدة المسلمين في صيامهم وفطرهم، وسائر شعائرهم وشرائعهم، أمرٌ مطلوب دائماً، وإذا لم نصل إلى الوحدة الكلية العامة بين أقطار المسلمين في أنحاء العالم، فعلى الأقل يجب أن نحرص على الوحدة الجزئية الخاصة بين أبناء الإسلام في القطر الواحد، فلا يجوز أن نقبل بأن ينقسم أبناء البلد الواحد، أو المدينة الواحدة، فيصوم فريقٌ اليوم على أنه من رمضان، ويفطر آخرون، فمن المتفق عليه أن حكم الحاكم، أو قرار ولي الأمر يرفع الخلاف في الأمور المختلف فيها، فإذا أصدرت السلطة الشرعية المسؤولة عن إثبات الهلال في بلد إسلامي ـ المحكمة العليا، أو دار الإفتاء، أو رئاسة الشؤون الدينية، أو غيرها ـ قرارها بالصوم أو بالإفطار، فعلى مسلمي ذلك البلد الطاعة والالتزام؛ لأنها طاعة في المعروف، وإن كان ذلك مخالفاً لما ثبت في بلد آخر، فإن حكم الحاكم هنا رجح الرأي الذي يقول:
إنَّ لكل بلد رؤيته"[SUP](
[SUP][4][/SUP][/SUP]).
المقصود باتحاد المطالع واختلافها:
إن وحدة المطالع تعني إمكانية رؤية الهلال في آن واحد مع اختلاف الأماكن، بينما اختلاف المطالع تعني عدم إمكانيتها بتلك الصفة، وعلى هذا الأساس فلا يمكن أن يرى الهلال في كل العالم في يوم واحد وليلة واحدة، وأما في العالم الإسلامي وتحديداً من ماليزيا إلى موريتانيا فيمكن أن يرى الهلال في ليلة واحدة أو في ليلتين، ولا يمكن أن يتعدى إلى ثلاث ليالٍ، لذا فإنه من الوارد أن يُرى الهلال في العالم الإسلامي كله في يوم واحد، أو في يومين[SUP](
[SUP][5][/SUP][/SUP]).
فالمقصود باختلاف المطالع ظهور القمر ورؤيته في أول الشهر في بلد دون بلد، حيث يراه أهل البلد مثلاً، بينما لا يراه أهل البلد الآخر، فتختلف مطالع الهلال[SUP](
[6])[/SUP].
وقد تعرض الفقهاء – رحمهم الله - لأحكام اختلاف المطالع، نظراً إلى تعليق فرضية أو صحة بعض العبادات بها، فضلاً عن الكثير من الأحكام المتعلقة بفقه المعاملات وفقه الأسرة وغير ذلك.
فلو شوهد هلال شهر رمضان المبارك في بلد، فهل يلزم أهل البلاد الأخرى الذين لم يروا الهلال أن يصوموا بهذه الرؤية؟.
تحرير محل النزاع:
1. اتفق الفقهاء – رحمهم الله - على أن حكم الحاكم في هذه المسألة يرفع الخلاف[SUP](
[7])[/SUP].
2. اتفق الفقهاء – رحمهم الله - على أنه إذ تقاربت البلدان فحكمها حكم واحد[SUP](
[8])[/SUP].
3. إذا شُوهد هلال شهر رمضان المبارك في بلد، فهل يلتزم أهل البلاد البعيدة الذين لم يروا الهلال أن يصوموا بهذه الرؤية؟.
اختلف العلماء – رحمهم الله- في هذه المسألة، على قولين:
القول الأول:
إن العبرة في اختلاف المطالع، فلو شوهد هلال شهر رمضان في بلد، فإنه لا يلزم أهل البلاد الأخرى البعيدة الذين لم يروا الهلال أن يصوموا بناء على هذه الرؤية إذا كان البعد يؤثر فيها، وهو ما ذهب إليه بعض الحنفية[SUP](
[9])[/SUP]، وبعض المالكية[SUP](
[10])[/SUP]، وهو قول جمهور الشافعية[SUP](
[11])[/SUP]، وقول عند الحنابلة[SUP](
[12])[/SUP]، وهو اختيار شيخ اسلام ابن تيمية[SUP](
[13])[/SUP].
القول الثاني:
أنه لا عبرة باختلاف المطالع، فلو شوهد هلال شهر رمضان المبارك في بلد، فإنه يلزم أهل البلاد الأخرى البعيدة – وإن لم يروا الهلال- أن يصوموا بهذه الرؤية، وإلى هذا ذهب الجمهور من الحنفية[SUP](
[14])[/SUP]، والمالكية[SUP](
[15])[/SUP]، والحنابلة[SUP](
[16])[/SUP]، وبعض الشافعية[SUP](
[17])[/SUP]، وبه قال الليث بن سعد[SUP](
[18])[/SUP]، وإلى هذا الرأي ذهب أعضاء مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر بمصر[SUP](
[19])[/SUP].
أدلة القول الأول:
استدل أصحاب القول الأول بعدة أدلة نذكر منها ما يلي:
الدليل الأول:
ما روى كريب[SUP](
[20])[/SUP] مولى ابن العباس y
أنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ بَعَثَتْهُ إلى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ، قال: فَقَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا وَاسْتُهِلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ، وأنا بِالشَّامِ، فَرَأَيْتُ الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ في آخِرِ الشَّهْرِ، فَسَأَلَنِي عبد اللَّهِ بن عَبَّاسٍ عن الهلال، فقال: مَتَى رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ؟ فقلت: رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فقال: أنت رَأَيْتَهُ؟ فقلت: نعم، وَرَآهُ الناس وَصَامُوا، وَصَامَ مُعَاوِيَةُ، فقال: لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فلا نَزَالُ نَصُومُ حتى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ أو نَرَاهُ فقلت: أَوَ لَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ فقال: لَا هَكَذَا أَمَرَنَا رسول اللَّهِ (r[SUP](
[21])[/SUP].
وجه الدلالة من الأثر:
أن ابن عباس yلم يعتدَّ برؤية أهل الشام، وهو في المدينة، بل قال: (
هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ r)، فدَّل ذلك على أنه ليس اجتهاداً من ابن عباس y، بل هو صريح في رفع ذلك للنبي r، فهو حجة على أن البلاد إذا تباعدت كتباعد الشام عن الحجاز، فإن لكل بلد أن يعمل على رؤيته دون رؤية غيره من البلدان[SUP](
[22])[/SUP].
الجواب عن الأثر:
أجاب أصحاب القول الثاني عن الاستدلال بحديث كريب بعدة أجوبة هي على النحو التالي:
أولاً: ليس في قول ابن عباس y: (
هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ r) ما يدل على أن ذلك من قوله r إذ لم يأمر رسول الله r بشيء خاص في ذلك، بل كل ما في الأمر هو قول الرسول r: (
صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ)[SUP](
[23])[/SUP]، ويمكن أن ابن عباس yأراد هذا الحديث العام، لا حديثاً خاصاً بهذه المسألة، وقول ابن عباس y مجملٌ لا يفسَّر إلا بما هو معلوم، والمعلوم هو هذا الحديث العام[SUP](
[24])[/SUP].
الرد على هذا الجواب:
يمكن الرد عليه بأنَّ ابن العباس yلم يأت بلفظ النبي r، ولا بمعنى لفظه حتى ننظر في عمومه وخصوصه، انما جاءنا بصيغة مجملة أشار بها إلى قصة هي عدم عمل أهل المدينة برؤية أهل الشام، وعلى تسليم أن ذلك مراد، ولم نفهم منه زيادة على ذلك حتى نجعله مخصصاً لذلك العموم، فينبغي الاقتصار على المفهوم من ذلك الوارد على خلاف القياس، وعدم الإلحاق به؛ فلا يجب على أهل المدينة العمل برؤية أهل الشام دون غيرهم.
ولو سلمنا صحة الإلحاق، وتخصيص العموم به، فغايته أن يكون في المحلات التي بينها من البعد ما بين المدينة والشام أو أكثر[SUP](
[25])[/SUP].
ثانياً: أن ابن عباسy لم يقبل شهادة كريب yلأنه وحده، وجعل طريقه طريق الشهادة، فلم يقبل دخول شهر رمضان المبارك بقول الشاهد الواحد[SUP](
[26])[/SUP].
الرد على هذا الجواب:
يمكن أن يجاب على ذلك بأنه جاء بحديث (
فقال: أنت رَأَيْتَهُ؟ فقلت: نعم، وَرَآهُ الناس)[SUP](
[27])[/SUP]، فليس في شهادة رجل واحد, و إنما أكثر من شاهد.
الدليل الثاني:
ما روى ابن عمر yقال: قال رسول الله r: (لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَال وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ عُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ)[SUP](
[28])[/SUP].
وجه الدلالة من الحديث:
أن النبي r علَّق وجوب الصيام والفطر على رؤية الهلال وذلك لكل مخاطب؛ لكن اكتفى بشهادة الواحد عن الكل في البلدة الواحدة دون غيرها، أما من عداهم من أهل البلاد البعيدة فهم باقون على الأصل من عدم وجوب الصيام؛ لعدم رؤية الهلال[SUP](
[29])[/SUP].
الجواب عن هذا الاستدلال:
يمكن أن يجاب عنه بأن الحديث ليس فيه ما يدل على أن لأهل كل مطلع رؤيتهم؛ إذ هو تخصيص بلا دليل، يل غاية ما فيه النهي عن الصيام حتى تثبت رؤية الهلال، وقد ثبت عند أهل المطلع الآخر فثبتت هنا.
الرد على هذا الجواب:
يمكن الرد عليه بأن الحديث يدل على أن من رأى الهلال يصوم، ومن لم يَرَ الهلال فإنه يفطر، وعليه فإن أهل البلد الذين رأوه - أي الهلال- يجب عليهم الصيام، بنص الحديث، وأهل البلد الذين لم يروه- أي الهلال – لا يجب عليهم الصوم، بل يجب عليهم إكمال العدة بنص الحديث السابق، فالحديث واضح الدلالة على المراد من أن لكل أهل بلد رؤيه تختلف عن الرؤية البلد الآخر.
الدليل الثالث:
الإجماع على أن الرؤية إذا ثبتت في بلد، فإنها لا تلزم البلدان الأخرى البعيدة ، وقد نقل الإجماع غير واحد من أهل العلم[SUP](
[30])[/SUP].
الجواب على هذا الدليل:
لا صحة لدعوى الإجماع مع وجود المخالف، والخلاف - في هذه المسألة- المعتبر غير مردود[SUP](
[31])[/SUP].
الدليل الرابع:
عمل الصحابة yإذ لم يثبت أنهم كانوا يكتبون إلى الآفاق إذا رئي في بلد دون بلد، ولو كان لازماً لهم لكتبوا إليهم.
قال شيخ الاسلام ابن تميمة:
(والحجة فيه أنا نعلم بيقين أنه ما زال في عهد الصحابة والتابعين يرى الهلال في بعض أمصار المسلمين بعد بعض فإن هذا من الأمور المعتادة التي لا تبديل لها ولا بد أن يبلغهم الخبر في أثناء الشهر فلو كانوا يجب عليهم القضاء لكانت هممهم تتوفر على البحث عن رؤيته في سائر بلدان الإسلام كتوفرها على البحث عن رؤيته في بلده ولكان القضاء يكثر في أكثر الرمضانات ومثل هذا لو كان لنقل ولما لم ينقل دل على أنه لا أصل له وحديث ابن عباس يدل على هذا )(
[32]).
الجواب عن هذا الدليل:
يمكن أن يجاب عنه بأنه لعدم توفر وسائل النقل في ذلك الوقت، ولصعوبة الموصلات، لم يلزموا بذلك، أما في الوقت الحالي فإن الأمر مختلف، فإن شوهد الهلال في بلدٍ ما، بلغ ذلك أقاصي الدنيا، بسب ما وفَّره الله تعالى لنا من وسائل النقل والاتصال في هذا الزمان، فمن الممكن في زماننا هذا توحيد الرؤية، وإبلاغ جميع المسلمين برؤية هلال الشهر، وفي ذلك اتحاد للمسلمين وجمع لكلمتهم[SUP](
[33])[/SUP].
الرد على هذا الجواب:
يمكن أن يقال: أن العبادات مقيدةٌ بالشرع المطهر، وقد جاء في الشرع ما يدل على أن ثبوت دخول الشهر إما بالرؤية المجردة، وإما بإكمال العدة، فإذا لم تحصل رؤية في بلد من البلدان، فإن الشهر لم يدخل، ويجب عليهم إكمال العدة موافقةً للنص في ذلك.
أما أهل البلد البعيد الذين رأوا هلال الشهر فإنهم يصومون بناءً على الرؤية الشرعية الموافقة للنص، فيكون الجميع قد وافقوا النص الشرعي، وفي ذلك اتحاد للمسلمين في العمل بالنصوص الشرعية.
أدلة القول الثاني:
استدل أصحاب القول الثاني لما ذهبوا اليه بعدة أدلة، أذكر منها ما يلي:
الدليل الأول:
قال الله تعالى {
فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}[SUP](
[34])[/SUP].
وجه الدلالة من الآية:
أن العبرة بثبوت الشهر نفسه من أي مطلع كان؛ لأن الشارع ناط عموم الحكم - وهو وجوب الصيام- على ثبوت الشهر نفسه، لا بثبوته في بلد دون بلد[SUP](
[35])[/SUP].
ويجاب على ذلك:
بأن الآية الكريمة عامة، وقد جاء حديث كريب – رحمه الله- يخصصها.
الدليل الثاني:
ما روي عن أبي هريرة yقال: قال رسول اللهr : (
صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ: فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ)[SUP](
[36])[/SUP].
وجه الدلالة من الحديث:
أن النبي r علق حكم الصوم على رؤية الهلال، أو إكمال العدة، وهذا مطلق لم يقيد بمكان دون مكان.
الجواب عن هذا الاستدلال:
يمكن أن يجاب بأن الحديث عام، وقد جاء حديث كريب رحمه الله يخصصه.
الدليل الثالث:
الشهر اسم لما بين الهلالين، وقد ثبت أن هذا اليوم من رمضان بشهادة الثقات، فوجب صومه على جميع المسلمين، وقد ثبت هذا اليوم منه في سائر الأحكام، من حلول الدين، ووقوع الطلاق والعتاق، ووجوب النذور، وغير ذلك من الأحكام، فيجب صيامه؛ لأن البينة العادلة شهدت برؤية الهلال، فيجب الصوم، كما لو تقاربت البلدان[SUP](
[37])[/SUP].
الجواب عن هذا الدليل:
لا يسلم ذلك، حيث إن المطلع مختلف بين كل قطر، فلكلٍّ مطلعه، وعليه فلكلٍّ رؤيته، ولو سلم ذلك، فإن هناك حديثاً يخصص هذا الدليل.
الترجيح[SUP](
[38])[/SUP]
:
الراجح من- الناحية الفقهية- ومن دون النظر فيما تدل عليه التقنية الحديثة في هذا المجال هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن لكلِّ بلدٍ مطلعاً، ولكلِّ بلدٍ رؤيةٌ تخصه؛ وذلك لقوة ما استدلوا به، وسلامته من المعارضة، ولورد المعارضة على أدلة القول الثاني-والله أعلم-.
المطلب الثاني
اعتماد رؤية الهلال أم الحساب الفلكي في إثبات الأهلة
لقد دل القرآن الكريم والسنة النبوية على أن الأهلة معتبرة في حساب المواقيت للناس في أعمالهم وشؤون حياتهم، بل وفي عبادتهم الشرعية، فصيام شهر رمضان المبارك لا يثبت إلا برؤية الهلال وإكمال العدة، فعن أبي هريرة r قال: قال رسول الله r (
صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ: فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ)[SUP](
[39])[/SUP].
وقد جرى العمل في إثبات دخول الشهر القمري بالرؤية البصرية, ومع تقدم علم الفلك والفضاء, ظهر على الساحة الفقهية موضوع جواز إثبات دخول الشهر القمري من خلال الحسابات الفلكية, ونحن في هذا المطلب نتناول هذه المسألة بالدراسة والبحث خاصة وأن هذه المسألة قد أثارت العديد من التساؤلات والتي من أهمها:
1- ما هو المعتمد في اثبات الأهلة؟ الرؤية البصرية أو الحسابات الفلكية؟
2- هل نكتفي بالرؤية البصرية أو يجوز الاعتماد على الحسابات الفلكية؟
3- هل الحسابات الفلكية حلت محل الرؤية الشرعية للهلال كنتيجة طبيعية لتطور العلم؟
4- هل الاعتماد على الحسابات الفلكية يكون بالنفي أم الاثبات؟
كل هذه الأسئلة طُرحت ولا زالت تُطرح في هذا الباب, وهو ما جَعلتْ من الموضوع مًحطُ اهتمام الباحثين والعلماء والمجامع الفقهية منذ زمن بعيد, وسوف نقوم بعرض مذاهب الفقهاء في هذه المسألة بعد تحرير محل النزاع وبيان الرأي الراجح على النحو التالي:
تحرير محل النزاع[SUP]([40])[/SUP]:
من الثابت لدى جميع الفقهاء أن الشهر الهجري لا يمكن أن يمتد لأكثر من ثلاثين يوماً, فهو إما أن يكون تسعة وعشرين يوماً, أو ثلاثين يوماً فقط , وقد وقع الخلاف بين العلماء، في طريقة إثبات دخول الهلال، فمنهم من حصر طرق إثبات دخول الهلال في الرؤية البصرية أو إكمال عدة الشهر ثلاثين يوماً، ومنهم من أجاز الاعتماد على الحسابات الفلكية في إثبات دخول الشهر.
مذاهب الفقهاء في هذه المسألة:
لقد اختلف الفقهاء في هذه المسالة ويمكن إبراز مذاهبهم على النحو التالي:
المذهب الأول: لا يجوز إثبات الأهلة في الحج ولا في رمضان إلا من خلال الرؤية البصرية[SUP](
[41])[/SUP]، وهو مذهب جمهور الفقهاء من أصحاب المذاهب الأربعة[SUP](
[42])[/SUP]، ومن المعاصرين الشيخ محمد بن إبراهيم, والشيخ عبد العزيز بن باز, والشيخ بكر أبو زيد، وهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية[SUP](
[43])[/SUP].
المذهب الثاني: يجوز إثبات الأهلة في الحج وفي رمضان من خلال الحساب الفلكي.
ومن القائلين بذلك ابن سريج، والسبكي، وابن قتيبة، ومحمد ابن مقاتل، ومطرف بن عبد الله ابن الشخير، والقفال الشاشي، والقاضي أبو الطيب، ومحمد بن مقاتل الرازي، والقشيري[SUP](
[44])[/SUP]، ومن المعاصرين مصطفى الزرقاء، ومحمد بخيت المطيعي[SUP](
[45])[/SUP]، وأحمد شاكر[SUP](
[46])[/SUP]، ومحمد رشيد رضا[SUP](
[47])[/SUP].
سبب الخلاف:
لقد كان من أهم الأسباب التي أدت إلى اختلاف الفقهاء في هذه المسالة اختلافهم في تحديد العلة التي جعلها الشارع مناطاً للحكم، في إثبات دخول الشهر القمري، فمن الفقهاء من قصر إثبات الهلال على الرؤية البصرية، وجعل علة ذلك
"تحقيق الرؤية البصرية"، ومنهم من أجاز إثبات الهلال بواسطة الحسابات الفلكية الدقيقة، وجعل علة الجواز لذلك
"التحقق من ظهور الهلال"، سواء كان ذلك بالرؤية أو بغيرها من وسائل الإثبات كالحساب الفلكي[SUP](
[48])[/SUP].
أدلة المذاهب:
أولا: أدلة المذهب الأول: القائلين بمنع إثبات الأهلة بالحساب الفلكي.
استدل أصحاب المذهب الأول بالسنة والإجماع والمعقول:
الدليل من السنة:
الدليل الأول: قول رسول الله r: (
صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ: فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ)[SUP](
[49])[/SUP].
الدليل الثاني: وقوله r:
(لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَال وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ عُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ)[SUP](
[50])[/SUP].
وجه الدلالة من الحديثين:
أن النبي r علق حكم الصوم على رؤية الهلال، أو إكمال العدة، وهي الطريقة المعتبرة شرعاً في إثبات الأهلة.
الجواب على هذا الدليل:
الرؤية تعتبر وسيلة متغيرة لهدف ثابت، أما الهدف من الحديث فهو واضح بيِّن، وهو أن يصوموا رمضان كله؛ فلا يضعوا يوما منه أو يصوموا يوماً من شهر غيره، كشعبان أو شوال، وذلك بإثبات دخول الشهر أو الخروج منه بوسيلةٍ ممكنةٍ مقدورةٍ لجمهورِ الناس لا تكلفهم عنتاً ولا حرجاً في دينهم.
وقد كانت الرؤية بالأبصار هي الوسيلة السهلة والمقدورة لعامة الناس في ذلك العصر، فلهذا جاء الحديث بتعيينها؛ لأنه لو كلفهم بوسيلة أخرى كالحساب الفلكي – والأمة في ذلك الحين أمية لا تقرأ ولا تحسب – لأرهقهم من أمرهم عسراً، والله يريد بأمته اليسر ولا يريد بهم العسر، فإذا وُجِدتْ وسيلة أخرى أقدر على تحقيق الغرض من الحديث، وكانت أبعد عن احتمال الخطأ والوهم والكذب في دخول الشهر، وأصبحت هذه الوسيلة ميسورة غير معسورة، ولم تعد وسيلة صعبة المنال، ولا فوق طاقة الأمة، بعد أن أصبح فيها علماء وخبراء فلكيون متخصصون على المستوى العالمي، وبعد أن بلغ العلم البشري مبلغاً مكّن الإنسان أن يصعد إلى القمر نفسه، وينزل على سطحه، فلماذا نجمد على الوسيلة، وهي ليست مقصودة لذاتها، ونغفل الهدف الذي نشده الحديث؟![SUP](
[51])[/SUP].
إضافة لما سبق فلم يخل حديث من هذه الأحاديث المتقدمة إلا وأشار الرسول r إلى احتمال تعذر الرؤية، كما لم تخل الأحاديث من طلب واضح بأن تقدر الأمة للهلال قدره، بناء على احتمال تعذر الرؤية، وهو الأعم الأغلب، وأعلى التقدير كما هو معروف الحساب الفلكي، وهو أوجب من مجرد التخمين، وعليه فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وإذا كان التماس الهلال لتحديد النسك واجب، فإن اعتماد الحساب واجب أيضاً، لأن العلم اليقيني لا يتحقق إلا به.
كما أن من القواعد الشرعية المعروفة اختيار الأسهل دائماً في الخيار بين الأمور ما لم يكن في ذلك ضرر أو مخالفة شرعية، لما عرف من سيرة الرسول r، أنه كان يختار أيسر الأمور وأهونها "ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما"، وقد وصفه القرآن الكريم بقوله سبحانه : {لَقَدْ
جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ
أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }[SUP](
[SUP][52][/SUP][/SUP])، وأن التوجيه الإلهي لأمة محمد r هو: {
يُريدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر}[SUP](
[SUP][53][/SUP][/SUP]). وعلى هذا الأساس لم يكن من المعقول أن تقرر الشريعة وسيلة أخرى لم تكن بحسبانهم أو في مقدورهم، فكانت الرؤية، وبالمعيار نفسه ليس من المعقول أن يبقى الحكم على ما هو عليه من اتباع للرؤية وإهمال للحساب اليقيني والأيسر.
الدليل الثالث:
قول النبي r:
( إنّا أُمَّةٌ أُمِّيةٌ لا نَكتُبُ ولا نَحسُبُ، الشهرُ هكذا وهكذا يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين) (
[54])، وقال (
فصوموا لرؤيته، وافطروا لرؤيته، فان غم عليكم فأكملوا العدة)[SUP](
[55])[/SUP]، وفي لفظ:
(فأكملوا العدة ثلاثين"، وفي لفظ آخر "فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)[SUP](
[56])[/SUP].
وجه الدلالة من الأحاديث:
أن النبي r أمر بالصوم للرؤية والإفطار لها بقوله: (
صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ) ونهى عن كل منهما عند عدمها، في قوله: (
لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَال وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ)، وأمرهم إذا كان غيم، أو نحوه ليلة الثلاثين، أن يكملوا العدة ثلاثين، ولم يأمرهم بالحساب، ولا بالرجوع إلى الحساب، بل حصر الصوم والإفطار بطريق النفي والإثبات بالرؤية، فدل على أنه لا اعتبار شرعاً لما سواها في إثبات الأهلة، وهذا تشريع من الله – عز وجل- على لسان رسولهr عام للحاضر والبادي، أبداً إلى يوم القيامة، ولو كان هناك أصل آخر للتوقيت لأوضحه الشارع؛ رحمة بهم[SUP](
[57])[/SUP].
الجواب على هذا الدليل:
هذا الحديث لا حجة فيه؛ لأنه يتحدث عن حال الأمة، ووصفها عند بعثته لها عليه الصلاة والسلام، ولكن أميتها ليست أمراً لازماً ولا مطلوباً، وقد اجتهد r أن يخرجها من أميتها بتعلم الكتابة منذ غزوة بدر، فلا مانع أن يأتي طورٌ على الأمة تكون فيه كاتبة حاسبة. والحساب الفلكي العلمي الذي عرفه المسلمون في عصور ازدهار حضارتهم، وبلغ في عصرنا درجة من الرقي تمكن بها البشر من الصعود إلى القمر، وهو شيء غير التنجيم أو علم النجوم المذموم في الشرع[SUP](
[58])[/SUP].
فالنبي r أمر بالاعتماد على الرؤية وذلك لعلة عدم معرفة الحساب، فإذا انتفت هذه العلة، واستطاعت الأمة معرفة الحساب وأمكن أن يثقوا به ثقتهم بالرؤية أو أقوى صار لهم الأخذ بالحساب في إثبات أوائل الشهور القمرية[SUP](
[59])[/SUP].
يقول العلامة يوسف القرضاوي رداً على من يقول برد الحساب بدعوى أن الرسول r أمرنا باعتبار الرؤية في إثبات الشهر، "إن هذا الكلام فيه شيء من الغلط أو المغالطة، لأمرين:
الأول: أنه لا يعقل أن يأمر الرسول r بالاعتداد بالحساب، في وقت كانت فيه الأمة أمية، لا تكتب ولا تحسب، فشرع الوسيلة المناسبة لها زمانًا ومكانًا، وهي الرؤية المقدورة لجمهور الناس في عصره.
الثاني: أن السنة أشارت بالفعل إلى اعتبار الحساب في حالة الغيم، لقول الرسول
) r
فإن غم عليكم فاقدروا له)، وهذا القَدْر له أو التقدير المأمور به، يمكن أن يدخل فيه اعتبار الحساب لمن يحسنه[SUP]([/SUP]
[60][SUP])[/SUP].
الدليل الرابع:
الإجماع: فإن علماء الأمة في صدر الإسلام قد أجمعوا على اعتبار الرؤية في إثبات الشهور القمرية دون الحساب، فلم يعرف أن أحداً رجع إليه في ذلك عند الغيم ونحوه، أما عند الصحو فلم يعرف عن أحد من أهل العلم أنه عدل إلى الحساب في إثبات الأهلة أو علق الحكم العام به[SUP](
[61])[/SUP].
الجواب عنه:
أن الادعاء بوجود إجماع بين علماء المسلمين، على رفض استخدام الحسابات الفلكية رفضاً باتاً هو ادعاءٌ باطلٌ غير صحيح ولا يمت إلى الحقيقة بصلة، إذ لا يوجد إجماع بين علماء المسلمين على رفض تلك الحسابات لا في الإثبات ولا في النفي، ولكن معظم السلف رفضها، وكان السبب في موقفهم ذاك، هو ما كانت عليه الحال من أمية الأمة، ومن ضلال أصحاب النجوم في ذلك العصر، وعدم الدقة في تقدير الحسابات، وفي معرفة سير الكواكب ومنازل القمر، وإذا كنا ندرك الأسباب التي أدت بأولئك العلماء لقول ما قالوا، ونرى أن الأسباب التي قدموها أسباب مقنعةٌ، وجيهةٌ، جديرةٌ بالأخذ بعين الاعتبار. إلا أننا نعرف تمام المعرفة أن الأسباب التي استندوا إليها لم يعد لمعظمها وجود في زماننا هذا، ولم تعد سبباً مقنعاً للرفض أو التحريم، فان المتعاطين والخائضين في هذا المجال، لم يعودوا مجرد مشعوذين أو دجالين أو مدعي غيب، بل هم علماء درسوا هذا المجال بأسسه العلمية والرياضية الدقيقة، التي لا تحتمل الخطأ، ولو كان واحداً بالألف[SUP](
[62])[/SUP].
الدليل الخامس:
المعقول: فإن تعليق إثبات الشهر القمري بالرؤية يتفق مع مقاصد الشريعة السمحة؛ لأن رؤية الهلال أمرها عام يتيسر لأكثر الناس، بخلاف ما لو علق الحكم بالحساب فإنه يحصل به الحرج ويتنافى مع مقاصد الشريعة، ودعوى زوال وصف الأمية - عند العلم بمنازل القمر- عن الأمة لو سلمت لا يغير حكم الشرع في ذلك[SUP](
[63])[/SUP].
الرد على هذا الدليل:
قولكم أنَّ تعليق اثبات الشهر القمري بالرؤية يتفق مع مقاصد الشريعة هذا أمر غير دقيق حيث أن الاعتماد على الحسابات الفلكية لسهولتها ودقتها هو الذي يتفق مع روح الشريعة, كما أن الرؤية قد تتعذر في بعض الأحيان بسبب تغير طبيعة المناخ كحدوث غيوم أو حرب مثلاً فتمتنع الرؤية عندئذ ونحتاج الى اكمال العدة مع أن الحسابات الفلكية قادرة على حسم الخلاف في ذلك.
ثانيا: أدلة المذهب الثاني:
استدل القائلون بجواز إثبات الأهلة بالحسابات الفلكية بالكتاب والسنة والقياس والمعقول:
الدليل الأول: الكتاب:
لقد استدل أصحاب هذا القول بقوله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ}[SUP](
[64])[/SUP]، وقوله تعالى: {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى }[SUP](
[65])[/SUP]، وقوله تعالى:{ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ}[SUP](
[66])[/SUP].
وجه الدلالة: أن الله U أخبر بأنه أجرى الشمس والقمر بحساب لا يضطرب، وجعلهما آيتين وقدرهما منازل؛ لنعتبر، عدد السنين والحساب، فإذا علم جماعةٌ بالحساب وجود الهلال يقيناً، وإن لم تمكن رؤيته بعد غروب شمس التاسع والعشرين أو وجوده مع إمكان الرؤية لولا المانع، وأخبرنا بذلك جماعة منهم يبلغ عددهم التواتر، وجب قبول خبرهم؛ لبنائه على يقين، واستحالة الكذب على المخبرين؛ لبلوغهم حد التواتر، وعلى تقدير أنهم لم يبلغوا حد التواتر وكانوا عدولاً فخبرهم يفيد غلبة الظن، وهي كافية في بناء أحكام العبادات عليها[SUP](
[67])[/SUP].
مناقشة هذا الدليل:
أن الاستدلال بحساب سير الشمس والقمر على تقدير أوقات العبادات غير مُسلم؛ لأن الرسول r وهو أعلم الخلق بتفسير كتاب الله عز وجل لم يعلق بداية الشهر ونهايته بعلم الحساب، وإنما أناط ذلك برؤية الهلال أو إكمال العدة في حال الغيم، فوجب الاقتصار على ذلك، مما يقطع بأن العلة ليست هي مجرد مطلع الهلال، وإنما هي أخص من ذلك، ألا وهي: تحقق الرؤية البصرية، وبهذا ألغى الشارع الحكيم اعتبار الوجود العلمي للهلال علة للصوم أو الفطر، وأكد على أن الوجود الحسي البصري هو العلة، وليس ذلك لأن قوة درجة الحساب الفلكي في الإثبات أقل من درجة الشهادة على الرؤية، أو لعدم صحة مقدمات ونظريات علم الفلك ولكن رحمة الله بعباده اقتضت أن ينيط أسباب عبادتهم وعللها بأمور حسية ملموسة لكل المكلفين، دفعاً للحرج والمشقة عن الناس، وأن تكون علل الأحكام وأسبابها ثابتة وحسية وعامة يسهل إدراكها لجميع المكلفين دون مشقة، وألا ترتبط هذه العبادات بأمور عقلية علمية معنوية ولا يدركها كل الناس، وذلك حتى يتحقق عموم العلة مع عموم التكليف، ويسر إدراكها مع يسر أدائه[SUP](
[68])[/SUP].
الدليل الثاني: السنة:
قول النبي r
(إنّا أُمَّةٌ أُمِّيةٌ لا نَكتُبُ ولا نَحسُبُ، الشهرُ هكذا وهكذا( [SUP](
[SUP][69][/SUP][/SUP]).
وجه الدلالة: أن الأمر باعتماد رؤية الهلال، ليس لأن رؤيته هي في ذاتها عبادة، أو أن فيها معنى التعبد، بل لأنها هي الوسيلة الممكنة الميسورة إذ ذاك، لمعرفة بدء الشهر القمري ونهايته لمن يكونون كذلك، أي: أميين لا علم لهم بالكتابة والحساب الفلكي.
وهذا مستفاد من مفهوم النص الشرعي نفسه، أن رسول الله r وقومه العرب إذ ذاك لو كانوا من أهل العلم بالكتابة والحساب بحيث يستطيعون أن يرصدوا الأجرام الفلكية، ويضبطوا بالكتاب والحساب دوراتها المنتظمة التي نظمتها قدرة الله العليم القدير بصورة لا تختل، ولا تختلف، حتى يعرفوا مسبقاً بالحساب متى يهل بالهلال الجديد، فينتهى الشهر السابق ويبدأ اللاحق، لاعتمدوا الحساب الفلكي. وكذا كل من يصل لديهم هذا العلم من الدقة والانضباط إلى الدرجة التي يوثق بها ويطمئن إلى صحتها[SUP](
[70])[/SUP].
وهذا أوثق وأضبط في إثبات الهلال من الاعتماد على شاهدين ليسا معصومين من الوهم وخداع البصر، وكذلك الحساب الفلكي أوثق وأضبط من الاعتماد على شاهد واحد عندما يكون الجو غير صحو والرؤية عسيرة، كما عليه بعض المذاهب المعتبرة في هذا الحال[SUP](
[71])[/SUP].
مناقشة هذا الدليل:
إن وصف الأمة بأنها أمِّية لا يزال قائماً بالنسبة لعلم سير الشمس ومنازل القمر ومواقع النجوم، فالعلماء به نزرٌ يسير، والذي كثر إنما هو آلات الرصد وأجهزته، وهي مما يساعد على رؤية الهلال في وقته، ولا مانع من الاستعانة بها على الرؤية وإثبات الشهر بها، كما يستعان بالآلات على سماع الأصوات، وعلى رؤية المبصرات، ولو فُرض زوال وصف الأمية عن الأمة في الحساب لم يجز الاعتماد عليه في إثبات الأهلة؛ لأن الرسول (r) علق الحكم بالرؤية، أو إكمال العدة، ولم يأمر بالرجوع إلى الحساب واستمر عمل المسلمين على ذلك بعده[SUP](
[72])[/SUP].
الدليل الثالث: القياس:
إن الفقهاء يرجعون في كثير من شئونهم إلى الخبرة، فيرجعون إلى الأطباء في فطر المريض في رمضان، وتقدير مدة التأجيل في العنين[SUP](
[73])[/SUP]، وإلى أهل اللغة في تفسير نصوص الكتاب والسنة، إلى غير ذلك من الشئون، فليرجعوا في معرفة بدء الشهور القمرية ونهايتها إلى علماء الفلك، فهم أهل علم وخبرة، وقولهم أقرب إلى الصحة من رؤية أفراد يحتمل فيهم الخطأ والكذب[SUP](
[74])[/SUP].
مناقشة هذا الدليل:
هذا قياس مع الفارق؛ لأن الشرع إنما أمر بالرجوع إلى أهل الخبرة في اختصاصهم في المسائل التي لا نص فيها. أما إثبات الأهلة فقد ورد فيه النص باعتبار الرؤية فقط، أو إكمال العدة دون الرجوع فيه إلى غير ذلك[SUP](
[75])[/SUP].
ويرد عليه:
بأن النص الوارد في اثبات الرؤية هو من النصوص التي تحتاج الى تأويل خاصة وأنه لم يعد في زماننا هذا الاقتصار على الرؤية ويوجد ما يقوم مقامها وهو الحسابات الفلكية الدقيقة, فقد علل نبينا r ذلك بأن الأمة كانت لا تعرف الحساب وقد وجد اليوم من يعرف تفاصيله فلماذا لا نعتمد عليه.
الدليل الرابع: المعقول:
إن توقيت بدء الشهر القمري ونهايته، لا يختلف عن توقيت الصوات الخمس وبدء صوم كل يوم ونهايته، وقد اعتبر الناس حساب المنازل علمياً في الصلوات والصيام اليومي، لقول الله تعالى {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [SUP](
[76])[/SUP]، فليعتبروه في بدء الشهر ونهايته، إذ لا فرق بين الأمرين، ومن فرق بين الأخذ بالحساب الفلكي في تحديد أوقات الصلوات، وبين إثبات دخول الهلال لم يأت بدليل صحيح. بل إن الأخذ بالحساب الفلكي واعتباره في تحديد أوقات الصلوات أعظم من اعتباره في إثبات دخول الهلال؛ وذلك لأن الصلاة تتكرر خمس مرات في اليوم والليلة، بخلاف إثبات دخول الهلال فيكون كل شهر، والصلاة أعظم[SUP](
[77])[/SUP].
مناقشة هذا الدليل:
إن الشرع أناط الحكم في الأوقات بدخولها، قال تعالى: {أقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [SUP](
[SUP][78][/SUP][/SUP])، وقال: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الليل}[SUP](
[79])[/SUP]، وفصلت السنة ذلك، وأناطت وجوب صوم رمضان برؤية الهلال، ولم تعلق الحكم في شيء من ذلك على حساب المنازل، وإنما العبرة بدليل الحكم[SUP](
[80])[/SUP].
الدليل الخامس: إن علم الحساب مبني على مقدمات يقينية، فكان الاعتماد عليه في إثبات الشهور القمرية أقرب إلى الصواب، من الاعتماد على الرؤية البصرية، التي تحتمل الخطأ والكذب والنسيان، وفي هذا تحقيق للوحدة بين المسلمين في نسكهم وأعيادهم[SUP](
[81])[/SUP].
الترجيح:
بعد النظر في أدلة كل من الفريقين، والمناقشات التي جرت بينهم، وكذلك آراء العلماء المعاصرين في الأخذ باعتماد الحسابات الفلكية يتضح للباحث أن القول بالأخذ بالحسابات الفلكية هو الأقرب للصواب وذلك للأسباب الآتية:
1. أن الحساب الفلكي قطعي، لا يحتمل الخطأ، كما ثبت ذلك بالتجربة والمشاهدة، بخلاف الرؤية البصرية، فهي تحتمل الخطأ والكذب.
2. أن النبي e علل الاعتماد على الرؤية، بأن الأمة أمية، فقد ربط الكتابة والحساب بالشهور، ليدلنا على إمكانية استخدام الحساب في تحديد الشهور إذا توفر ذلك العلم.
3. ليس في هذا القول مخالفة للنصوص الشرعية، لأن الأحاديث الواردة في هذه المسألة، تحدد كيفية إثبات دخول الشهر القمري، وكيفية العمل إذا اشتبهت الرؤية، وليس فيها المنع من استخدام أي طريقة أخرى لإثبات الرؤية.
4. إن دلالة قوله تعالى: { فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }[SUP](
[82])[/SUP] تحثنا على الرجوع لأهل الاختصاص والخبرة، عن طريق الحسابات الفلكية ذات النتائج اليقينية.
5. ولقد نقل القليوبي من فقهاء الشافعية عن العبادي قوله:
"إذا دل الحساب القطعي على عدم رؤية الهلال لم يقبل قول العدول برؤيته، وترد شهادتهم"، ثم قال القليوبي: "هذا ظاهر جلي، ولا يجوز الصوم حينئذ، وإن مخالفة ذلك معاندة ومكابرة"[SUP](
[83])[/SUP].
وقد كان هذا في القرن السابع عشر الميلادي، فكيف والحال أن الحسابات باتت يقينية في القرن الحادي والعشرين، وهل من عذر لنا اليوم في رفض نتائج هذه الحسابات، وقد أخذ بها علماؤنا منذ مئات السنين.
إضافة إلى ما سبق من أسباب الترجيح فقد رجح الدكتور حسام الدين بن موسى عفانه، في موسوعته: "يسألونك" القول باعتماد الحسابات الفلكية في اثبات الأهلة ، وقد عزا ذلك إلى تطور وسائل الاتصال في زماننا هذا"[SUP](
[SUP][84][/SUP][/SUP]).
مع التنويه إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار بالرؤية البصرية، وعدم إهمالها في إثبات الأهلة، لجريان العمل بها أزمانا طويله، بحيث تتعاضد وتتوحد الرؤية البصرية مع الحساب الفلكي، ليكون ذلك أدعى إلى اجتماع الأمة ووحدة كلمتها, خاصة وأن الخلاف لم يحسم بعد وهو قائم إلى حين كتابة هذه الأطروحة.
مسألة: الأخذ بالحساب الفلكي في النفي فقط[SUP]([85])[/SUP]:
ثمة فريق من العلماء المعاصرين حاول التقريب بين من يدعو لرد الحساب، أو اعتماده عند تعارض نتيجته مع الرؤية، وبين من يدعو لاعتماد الحساب وحده وترك الرؤية.
يتمثل رأي هؤلاء العلماء، وعلى رأسهم العلامة يوسف القرضاوي، والعلامة مصطفى الزرقا[SUP](
[86])[/SUP]، بالأخذ بالحساب الفلكي القطعي في النفي لا في الإثبات، "تقليلاً للاختلاف الشاسع الذي يحدث كل سنة في بدء الصيام وفي عيد الفطر"، وهو موقف دار الإفتاء المصرية أيضاً.
ومفاد الأخذ بالحساب في النفي أن نظل على إثبات الهلال بالرؤية، ولكن إذا نفى الحساب إمكان الرؤية، وقال إنها غير ممكنة، لأن الهلال لم يولد أصلاً في أي مكان من العالم الإسلامي، كان الواجب ألا تقبل شهادة الشهود بحال، لأن الواقع الذي أثبته علم الحساب القطعي يكذبهم، وفي هذه الحالة لا يطلب ترائي الهلال من الناس أصلاً، ولا تفتح المحاكم الشرعية ولا دور الفتوى أو الشؤون الدينية أبوابها لمن يريد أن يدلي بشهادة عن رؤية الهلال.
وقد ذكر أحد كبار الفقهاء الشافعية، وهو الإمام تقي الدين السبكي (ت 756هـ(، في فتاواه أن الحساب إذا نفى إمكان الرؤية البصرية، فالواجب على القاضي أن يرد شهادة الشهود، لأن الحساب قطعي والشهادة والخبر ظنيان، والظني لا يعارض القطعي، فضلاً عن أن يقدم عليه[SUP](
[87])[/SUP].
وقد كان للشيخ محمد مصطفى المراغي، شيخ الأزهر الشهير في وقته رأي ـ حين كان رئيسًا للمحكمة العليا الشرعية ـ مثل رأي السبكي، برد شهادة الشهود إذا نفى الحساب إمكان الرؤية[SUP](
[88])[/SUP].
المطلب الثالث
قرارات المجامع الفقهية
منذ القدم الزمان وقضية إثبات الهلال بالحساب الفلكي، ومدى اعتبار اختلاف المطالع أمر يشغل الناس والفقهاء معا.
وقد حظي القرن الأخير بالمجامع والمؤتمرات العامة، التي تسمح بالتقاء الفقهاء وعلماء الفلك معا، يتبادلون الرأي ويتجاذبون الحديث، ويحررون محل النزاع ليعرف المتفق عليه بينهم، والمختلف فيه.
وقد أثمرت هذه المؤتمرات وضوحا وشفافية بين الفريقين، فقد ظهر للفقهاء بوضوح معنى الحساب الفلكي المقصود، والفرق بينه وبين علم التنجيم الذي ذمه الشرع ونهى عنه, ويمكن تقديم عرض سريع لهذه المؤتمرات والندوات وذلك على النحو التالي:
1 -
المؤتمر الذي عقده مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة عام (1966م): ولعله أقدم مؤتمر يتحدث عن هذا الموضوع وكانت نتيجة هذا المؤتمر أنه ألغى اختلاف المطالع، واعتبر أن العبرة بمن يرى، فرؤية بلد واحد رؤية لجميع البلاد التي تشترك معه في جزء من الليل، وهذا نص قراره :-"
يرى المؤتمر أنه لا عبرة باختلاف المطالع وإن تباعدت الأقاليم متى كانت مشتركة في جزء من ليلة الرؤيا وإن قل ويكون اختلاف المطالع معتبرا بين الأقاليم التي لا تشترك في جزء من هذه الليلة".
وأما عن الاعتماد على الحساب الفلكي، فقد قرر المجمع وقتها أن الرؤية البصرية هي الأصل، فلا يعمل بالحساب الفلكي في إثبات الشهر إلا إذا رؤي بالفعل بصريا ، وإلا فلا عبرة بالحساب الفلكي ، وأما إذا نفى علم الفلك إمكانية الرؤية فإن هذا يكون دليلا على وهم من يرى أو خطئه، وعليه فلا يقبل له قول ، وهذا نص قراره:
"الرؤية هي الأصل في معرفة دخول أي شهر قمري، كما يدل عليه الحديث الشريف. فالرؤية هي الأساس لكن لا يعتمد عليها إذا تمكنت فيها التهم تمكنا قويا.
-
يكون ثبوت رؤية الهلال بالتواتر، والاستفاضة، كما يكون بخبر الواحد ذكرا كان أو أنثى، إذا لم تتمكن التهمة في أخباره لسبب من الأسباب، ومن هذه الأسباب مخالفة الحساب الفلكي الموثوق به الصادر ممن يوثق به". انتهى.
2- قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي عام (1979م): حيث قرر أنه لا عبرة بالحساب الفلكي دون فرق بين النفي أو الإثبات، وأما عن قرار المجمع بشأن اختلاف المطالع فقد تأخر حتى عام (2004) م ، فقد قرر ساعتها أن لكل بلد مطلعه مخالفا بذلك قرار مجمع المنظمة
.
3 -
مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي عام 1986 م: فوافق قرار مجمع البحوث في إلغاء اختلاف المطالع ( أي أن رؤية بلد واحدة رؤية لجميع البلاد) ولكنه خالفه في الثانية، فلم يعتمد على الحساب الفلكي لا في النفي ولا في الإثبات، وهذا نص قراره:-
أولاً: إذا ثبتت الرؤية في بلد وجب على المسلمين الالتزام بها ولا عبرة باختلاف المطالع لعموم الخطاب بالأمر بالصوم والإفطار.
ثانياً: يجب الاعتماد على الرؤية، ويستعان بالحساب الفلكي والمراصد، مراعاة للأحاديث النبوية، والحقائق العلمية. " . انتهى.
4 - ندوة الأهلَّة والمواقيت والتقنيات الفلكية في الكويت خلال الفترة بين 21 إلى 23 رجب 1409 هـ الموافق 25/27 - 1989/3/1م: حيث قام بتنظيمها النادي العلمي الكويتي ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وشارك فيها عدد من فقهاء الشريعة وعلماء الفلك في الدول العربية التالية: الأردن - الإمارات - الجزائر - السعودية - السودان - عُمان - فلسطين - قطر - الكويت - مصر - المغرب - اليمن.؛ كما حضرها مندوبون عن مجمع الفقه الإسلامي بجدة، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والاتحاد العربي لنوادي العلوم.
ولم تخرج الندوة عما رآه مجمع البحوث الإسلامية من قبل؛ فقد أصدرت الندوة التوصيات التالية:
أ. إذا ثبت رؤية الهلال في بلد وجب على المسلمين الالتزام بها ولا عبرة باختلاف المطالع لعموم الخطاب بالأمر بالصوم والإفطار.
ب. يؤخذ بالحسابات المعتمدة في حالة النفي (أي القطع باستحالة رؤية الهلال) وتكون الحسابات الفلكية معتمدة إذا قامت على التحقيق الدقيق (لا التقريب) وكانت مبنية على قواعد فلكية مسلمة وصدرت عن جمع من الفلكيين الحاسبين الثقات بحيث يؤمن وقوع الخلل فيها.
فإذا شهد الشهود برؤية الهلال في الحالات التي يتعذر فلكيًا رؤيته فيها ترد الشهادة لمناقضتها للواقع ودخول الريبة فيها.
ومن هذه الحالات التي تستحيل فيها الرؤية:- إذا شهد الشهود برؤية الهلال قبل الوقت المقدر له بالحساب الفلكي، وهو وجوده في الأفق بعد غروب الشمس، فلا عبرة بالشهادة على رؤية الهلال قبل حصول الاقتران أو إذا تزامنت الشهادة مع الاقتران، سواء أكان الاقتران مرئيًا كالكسوف، أم غير مرئي مما تحدده الحسابات الفلكية المعتمدة. وهذه الحالة نص عليها عدد من فقهاء المسلمين كابن تيمية والقرافي وابن القيم وابن رشد. انتهى.
5 - مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الشمالية: فقد وافق قرار مجمع البحوث الإسلامية في المسألتين كلتيهما، وذلك سنة 2004م, ونسجل هنا كلمات نيرة جاءت في بيان مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الشمالية ، فقد جاء فيه :-
هذه هي جملة الاختلافات الفقهية الواردة في هذا الباب، وجلها من مسائل الاجتهاد، والخلاف الوارد فيها خلاف معتبر، والأصل في مسائل الاجتهاد أن لا يضيق فيها على المخالف، وأن لا تكون سببا في قطيعة أو تهاجر، وقد اتفقت المجامع كلها وأهل الفتوى كافة على أن المسلم يتبع الموقف الاجتهادي الذي يتخذه أصحاب النظر في بلده، أيا كانت موافقته أو مخالفته لما يعتقده راجحا، لأن الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس.
إن قضية ثبوت الأهلة قضية سلطانية في المقام الأول، بمعنى أنه لا يحسم الخلاف الوارد فيها إلا جهة ذات سلطان، تستطيع بسلطانها أن تنفذ قرارها على الناس كافة، وتصبح مخالفتها في هذه الحالة صورة من صور الشذوذ والمنابذة والبغي.
فالمشكلة إذن ليست في ترجيح بعض هذه الآراء على بعض، وإنما تكمن في غياب هذه السلطة التي تتمتع بالمرجعية، ويدين لها الناس بالطاعة، وتمضي عليهم اجتهادها فلا ينازعها أحد، سواء أكانت هذه السلطة دينية يتبعها الناس لثقتهم في كفايتها وديانتها، أم سلطة دنيوية يتبعها الناس لسلطانها وشوكتها، وما لم يتسن أحد هذين المسارين فلا سبيل إلى جمع الكلمة في هذه القضية لا في المشرق ولا في المغرب! إن الذي حسم هذه المشكلة في المشرق إنما هو شوكة ذوى السلطان، وليست قوة الحجة أو البرهان.
6 -
فتوى المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث سنة 2005 م: حيث أفتى بأنه يثبت دخول شهر رمضان، أو الخروج منه بالرؤية البصرية سواء أكانت بالعين المجردة أم بواسطة المراصد شرط ألا تنتفي إمكانية الرؤية في أي قطر من الأقطار بواسطة الحساب الفلكي، فإذا جزم هذا الحساب باستحالة الرؤية المعتبرة شرعًا في أي بلدٍ فلا عبرةَ بشهادةِ الشهود التي لا تُفيد القطع وتحمل على الوهم أو الغلط أو الكذب، وذلك لأن شهادة الشهود ظنية وجزم الحساب قطعي، والظن لا يقاوم القطعي فضلاً عن أنه يقدم عليه باتفاق العلماء[SUP](
[89])[/SUP].
الخلاصة:
بعد أن عرضنا قرارات المجامع الفقهية والندوات والمؤتمرات فقد اتضح أن هناك اختلاف واضح بين المجامع الفقهية في الاعتماد على الحسابات الفلكية أو عدمه, حيث تعتمد بعض المجامع الاعتماد على الحسابات الفلكية وترفضه أخرى.
وهذا الأمر يؤكد على أن هذا الموضوع لا يزال الخلاف فيه قائمًا, مما يستدعي وضع حل يتناسب مع طبيعة العصر ومتطلباته، وعليه يمكن القول بأنه- ومن باب توحيد الكلمة ونبذ الفرقة- يجوز الاعتماد على الحسابات الفلكية في النفي وهو الأسلم والأصح خاصة وأن الحسابات الفلكية تفيد القطع في الغالب وشهادة الشاهد تفيد الظن ومعلوم أن الظني لا يقدم مع وجود القطعي, كما أن شهادة الشاهد قد يكون فيها لبس مع تغير المناخ في زماننا ومع ظهور بعض الاجرام السماوية والتي طرأت مع تغير المناخ، وأن بعض الفقهاء -كما اتضح سابقا- يعتمد على الرؤية بغض النظر عن الحسابات الفلكية؛ لأنه يعتبر أن الرؤية أمر تعبدي ولا يجوز فيه ادخال ما دونه.
ومن هنا يبرز جليّاً أن التوفيق بين الرؤية والحسابات الفلكية ضرورة لا مفر منها؛ فكيف نقبل شهادة شخص برؤية الهلال ونحن نعلم أن القمر قد غاب قبل الشمس؟ وفي المقابل كيف يبدأ الشهر ولم يُر الهلال من أي منطقة في العالم الإسلامي كما يحدث في معظم الأحيان؟! ونحن نرى أن الاقتراحين التاليين قد يكون لهما الأثر الواضح في معالجة مشكلة تحديد بدايات الأشهر الهجرية في العالم الإسلامي:
1- أن تكون عملية تحرّي الهلال عملية رسمية جماعية كما يحدث في المملكة المغربية؛ فتعين الدولة مناطق مختلفة تصلح لتحري الهلال، وتدعو المواطنين الراغبين بتحري الهلال بالتوجه لهذه المناطق، على أن يوجد في كل منطقة شخص ذو دراية بتحرّي الأهلة. ففي هذه الحالة من المستحيل أن يتوهّم جميع الأشخاص الموجودين في مكان التحري رؤية الهلال، خاصة مع وجود شخص ذي دراية بتحرّي الأهلة.
الجدير بالذكر أن تحري الهلال في جمهورية جنوب أفريقيا يتم بشكل جماعي يشارك فيه ما يقارب 3000 شخص؛ ولذلك نجد أنه من شبه المستحيل أن يبدأ المسلمون في جنوب أفريقيا أشهرهم الهجرية خطأ.
2- في حالة شهادة أشخاص فرادى برؤية الهلال؛ فإنه يفترض توجيه بعض الأسئلة للشاهد للتأكد من أنه رأى الهلال وليس أي شيء آخر! كأن يسأل عن وقت ومكان رؤية الهلال، واتجاه فتحته، وارتفاعه عن الأفق، وكيف تحرك هذا الهلال أثناء مراقبته.. إنها أسئلة بسيطة ولكنها بالتأكيد ستنقح معظم الشهادات المغلوطة برؤية الهلال!
قد يكون من غير المنطقي أن توجه هذه الأسئلة لشاهد برؤية الهلال وقت الرسول r؛ وذلك لعدم دراية المسلمين في ذلك الوقت بالعلوم المتعلقة برؤية الهلال، أمَا وقد أصبح علم الفلك الآن منتشراً ويقينياً؛ فما المانع إذن من الاستئناس به، إذا كان هذا الاستئناس سيحقق قول الرسول r:
(لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَال وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ عُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ)[SUP](
[90])[/SUP].
[1]) انظر: أثر التقنية الحديثة في الخلاف الفقهي: د. هشام آل الشيخ (218).
[2]) العقل والفقه في فهم الحديث النبوي: د. مصطفى أحمد الزرقا، دار القلم، دمشق، (1996م) (ص80 وما بعدها)- فتاوى الزرقا: د. مصطفى أحمد الزرقا، دار القلم، دمشق، (2001م) (ص157).
[3]) انظر: مقال بعنوان: هلال رمضان بين الحساب الفلكي والرؤية
محمد شوكت عودة – منشور على موقع اسلام أون لاين.
([4] مشكلة ثبوت رؤية هلال رمضان: د يوسف القرضاوي، مقال منشور عبر موقع القرضاوي:
www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=1786&version=1&template_id=197
[5]) مقالة للدكتور عبد القادر عابد، أستاذ الجيولوجيا في الجامعة الأردنية، وعضو لجنة مراقبة الأهلة بدائرة قاضي القضاة، صحيفة الغد الأردنية- موقعها على الإنترنت:
http://www.alghad.jo/?news=122805.
[6]) انظر: أثر التقنية الحديثة في الخلاف الفقهي: د. هشام آل الشيخ (218).
[7]) انظر: الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار: أبو عمر يوسف ابن عبدالله بن محمد ابن عبد البر، تحقيق: د. عبدالمعطي أمين قلعجي الطبعة الأولى، القاهرة، دار الوعي (1414ه) (10/29).
([8] انظر: مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع الشيخ عبد الرحمن بن قاسم، طباعة مجمع الملك فهد للمصحف الشريف، المدينة النبوية، (25/103)، الاستذكار: لابن عبد البر(10/30).
[9]) انظر: الاختيار لتعليل المختار: مجد الدين عبدالله بن محمود الموصلي ، تحقيق: محمد أبو دقيق، استانبول، دار الدعوة (1987م) (1/129)، وتحفة الفقهاء: للسمرقندي، الطبعة الثانية، بيروت، دار الكتب العلمية(1405هـ)، (1/346)، و تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: للزيعلي، ت 743هـ، القاهرة، المطبعة الأميرية 1412هـ، (1/321)، وفتح القدير: للشوكاني (2/313)، البحر الرائق: ابن النجيم(2/284)،: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني الحنفي، ت 587هـ، تحقيق: محمد عدنان بن ياسين درويش، الطبعة الأولى، بيروت، دار إحياء التراث العربي (1417هـ)، (2/221)، وشرح العيني على كنز الدقائق: محمد بن محمود بن أحمد العيني، الطبعة الأولى، من منشورات دار القرآن والعلوم الإسلامية، باكستان (1423هـ)، (1/137-138)، حاشية ابن عابدين (2/418).
[10]) انظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد: أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد ابن الرشد، ت 595هـ، تحقيق: عبد الحليم محمد بن عبد الحليم، الطبعة الثانية، مصر، دار الكتب الإسلامية (1403هـ)، (1/336)،والكافي: ابن قدامة الحنبلي، المتوفى سنة 620هـ، الطبعة الأولى، دمشق، المكتب الإسلامي (1382هـ)، (1/335)، والاستذكار: لابن عبد البر (10/28).
[11]) انظر: المهذب في فقه الإمام الشافعي: أبو إسحاق الشيرازي، تحقيق: محمد الزحيلي، الطبعة الأولى، دمشق، دار القلم (1412ه)، (2/593)، وأسنى المطالب شرح روض الطالب: لأبي يحيى زكريا الأنصاري، المكتبة الإسلامية، (1/410)، وروضة الطالبين: يحيى بن شرف النووي، تحقيق: زهر شاويش، الطبعة الثالثة، بيروت، المكتب الإسلامي (1413هـ)، (2/348)، والمجموع شرح المهذب: يحيى بن شرف النووي، تحقيق وإكمال: محمد نجيب المطيعي، جدة، مكتبة الإرشاد، (6/280)، ومغني المحتاج إلي معرفة معاني ألفاظ المنهاج: الشيخ محمد الخطيب الشربيني، بيروت، دار الفكر، (2/145)، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج:: أحمد بن حمزة الرملي ، بيروت، دار إحياء التراث العربي، (3/156).
[12]) المغني: لابن قدامة (4/328)، الفروع: لابن مفلح (4/413)، كشاف القناع: للبهوتي (2/304).
[13]) انظر مجموع الفتاوى: لشيخ الاسلام بن تميمة (25/105).
[14]) انظر: الاختيار: للموصلي (1/129)، تحفة الفقهاء، للسمرقندي (1/346)، تبيين الحقائق: للزيلعي (1/321)، فتح القدير: للشوكاني (2/313)، البحر الرائق: ابن النجيم (2/248)، بدائع الصنائع: الكساني (2/221)، شرح العيني على كنز الدقائق: للعيني (1/137-138)، حاشية ابن عابدين: ابن عابدين(2/418).
[15]) انظر بداية المجتهد: ابن رشد (1/336)، الكافي: (1/335)، الاستذكار: ابن عبد البر (10/28)، حاشية الصاوي (1/226).
[16]) انظر: المغني: لابن قدامة (4/328)، الفروع، لابن مفلح (4/413)، كشاف القناع، للبهوتي (2/304).
[17]) انظر المهذب (2/593)، أسنى المطالب: للأنصاري (1/410)، الغرر البهية (2/207)، روضة الطالبين (2/348)، المجموع: (6/280)، تحفة المحتاج (3/381-382)، مغني المحتاج (2/145)، نهاية المحتاج (3/156).
[18]) نقله عنه ابن عبد البر في الاستذكار (10/29)، وابن قدامة في المغني (4/328)، ولم أجده ثابتا عنه في السند.
والليث بن سعد هو: الإمام، الحافظ، أبو الحارث، الليث بن سعد بن عبدالرحمن الفهمي، مولى خالد بن ثابت ابن ظاعن، عالم الديار المصرية، ولد سنة 94هــ، في قرية قرقشندة من أسفل أعمال مصر، انظر في ترجمته: السير (8/136)، طبقات ابن سعد (7/517)، الحلية (7/318)، وفيات الأعيان (4/127)، تذكرة الحفاظ (1/224)، ميزان الاعتدال (3/423)، تهذيب التهذيب (8/459).
[19]) قرار مجمع البحوث الإسلامية، المؤتمر الثالث المنعقد في القاهرة بتاريخ 13/7/1386هـ، بحوث وفتاوى اسلامية في قضايا معاصرة: للشيخ جاد الحق علي جاد الحق (1/442).
[20])
كريب: هو الإمام، الحجة، أبو رشدين، كريب بن أبي مسلم الهاشمي العباسي، مولى ابن عباس رضي الله عنهما، تابعي جليل، أدرك عثمان بن عفان رضي الله عنه، وروى عن جمع من الصحابة، قال عنه ابن سعد: كان ثقة، حسن الحديث، مات سنة 98هـy. انظر في ترجمته: السير (4/479)، طبقات ابن سعد (5/293)، تهذيب التهذيب (8/433)، شذرات الذهب (1/114).
[21]) أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الصيام، باب بيان أنه لكل بلد رؤيتهم وأنهم إذا رأوا الهلال لا يثبت حكمه لما بعد عنهم، الحديث رقم (1087).
[22]) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: للقرطبي (3/42)، الجامع لأحكام القرآن: للقرطبي (2/295)، نيل الأوطار: للشوكاني (4/230).
[23]) أخرجه البخاري في صحيحه، (كتاب الصوم، باب قول النبي r إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا)، حديث رقم (1909)، أخرجه مسلم في صحيحه ( كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما الحديث رقم (1081).
[24]) انظر إحكام الأحكام: لابن دقيق العيد (2/9)
[25]) انظر: نيل الأوطار: للشوكاني (4/231).
[26]) انظر: نصب الراية: للزيعلي (3/40).
[27]) سبق تخريجه قريبا (ص108)
[28]) أخرجه البخاري في صحيحه، (كتاب الصوم، باب قول النبي r إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا)، حديث رقم (1906)، أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما الحديث رقم (1080).
[29]) انظر نيل الأوطار: للشوكاني (4/231).
[30]) انظر الاستذكار: لابن عبد البر(10/30)، بداية المجتهد: لابن رشد (1/336)، الإفصاح عن معاني الصحاح: لابن هبيرة (1/158-159)، حاشية ابن قندس على الفروع (4/514).
[31]) انظر نيل الأوطار: للشوكاني (4/231).
([32] انظر: مجموع فتاوى شيخ الاسلام بن تيمية (25/108).
[33]) انظر: بحث (توحيد بداية الشهور القمرية): لمحمد بن علي السايس، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الثاني (2/944)، وانظر: بحوث وفتاوى إسلامية في قضايا معاصرة: لجاد علي جاد الحق (1/433-435).
[34]) (سورة البقرة: الآية 185).
[35]) انظر: المغني: لابن قدامة (4/329).
([36] أخرجه البخاري في صحيحه، (كتاب الصوم، باب قول النبي r إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا)، حديث رقم (1909)، أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما الحديث رقم (1081).
[37]) انظر المغني، لابن قدامة (4/329).
([38] انظر: أثر التقنية في الخلاف الفقهي: د. هشام آل الشيخ ( ص229).
[39]) أخرجه البخاري في صحيحه، (كتاب الصوم، باب قول النبي r إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا)، حديث رقم (1909)، أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما الحديث رقم (1081).
[40]) اختلاف الأصوليين في تحديد العلة وأثره على الفروع الفقهية: عبد الله شفيق السرحي – بحث تكميلي غير منشور- لنيل درجة الماجستير من كلية الشريعة والقانون بالجامعة الاسلامية بغزة قسم أصول الفقه سنة 2012م ( ص 94).
[41]) المقصود بالرؤية البصرية أمران:
الأول: الرؤية بالعين المجردة.
الثاني: الرؤية بواسطة الآلات والمناظير الحديثة.
[42]) حاشية ابن عابدين، (2/387)، القروي: الخلاصة على مذهب السادة المالكية، (1/188)، الشربيني: الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع، (1/235)، القرافي: أنوار البروق في أنواع الفروق، (4/441).
[43]): أبحاث هيئة كبار العلماء: مجموعة علماء (3/32-34)، موقع الشيخ عبدالعزيز ابن باز،
http://www.binbaz.org.sa/mat/8411
[44]) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، (2/285)، مجموعة علماء: أبحاث هيئة كبار العلماء، (3/373)، السبيكي: الفتاوى، (1/211).
[45]) المطيعي: إرشاد أهل الملة إلى إثبات الأهلة، نقلا عن أحمد زكريا عبد اللطيف،
http://www.egyig.com/public/articles/ahkam/11/20767210.sh//tml
[46]) أوائل الشهور العربية هل يجوز شرعا إثباتها بالحساب الفلكي: أحمد شاكر، نقلا عن أحمد زكريا عبد اللطيف، المجيزون للعمل بالحساب الفلكي وأدلتهم" منشور على الرابط التالي
http://www.egyig.com/public/articles/ahkam/11/20767210.shtml
[47]) الحسابات الفلكي وإثبات دخول شهر رمضان: علي شاه ، رؤية فقهية،
http://books.googel.ps
[48]) بيان حكم اختلاف المطالع والحساب الفلكي القدومي (ص 31)،: بطلان العمل بالحساب الفلكي: الدسوقي (ص 35).
[49]) أخرجه البخاري في صحيحه، (كتاب الصوم، باب قول النبي r إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا)، حديث رقم (1909)، أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما الحديث رقم (1081).
[50]) أخرجه البخاري في صحيحه، (كتاب الصوم، باب قول النبي r إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا)، حديث رقم (1906)، أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما الحديث رقم (1080).
[51]) بيان حكم اختلاف المطالع والحساب الفلكي: القدومي (ص:31)
[52]) (التوبة: 128).
([53] (البقرة: 185).
[54]) أخرجه البخاري في صحيحه، (كتاب الصوم، باب قول النبي r لا نكتب ولا نحسب (3/27)، (ح1913)، أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما (2/761)، (ح1080).
[55]) أخرجه الترمذي في سننه كتاب الصوم، باب ما جاء لا تقدموا الشهر بصوم، 3/68، ح 684)، النسائي: سنن النسائي، (كتاب الصيام، باب إكمال شعبان ثلاثين إذا كان غم..، 4/133، 2117)، وقال الألباني في سنن النسائي: صحيح.
[56]) أخرجه البخاري في صحيحه، (كتاب الصوم، باب قول النبي r إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا، (3/27)( ح1909).
[57]) مجموع الفتاوى: ابن تيمية (25/136)،: بطلان العمل بالحساب الفلكي في الصوم والإفطار: الدسوقي (ص 4).
[58]) الحساب الفلكي وإثبات أوائل الشهور: القرضاوي (ص 4)
[59]) دخول الشهر القمري بين رؤية الهلال والحساب الفكي الحسون (ص34)، لماذا الاختلاف حول الحساب الفلكي: الزرقا (ص 8)، مقال بعنوان (إثبات دخول رمضان بالحساب): الرشود منشور على الرابط التالي:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread. php?t=183001
[60]) بحث بعنوان (مشكلة ثبوت الهلال) العلامة يوسف القرضاوي، بحث منشور على موقع القرضاوي:
http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=1786&version=1&
template_id=197
([61] ابن تيمية: مجموع الفتاوى، (25/137).
[62]) الحسابات الفلكية وإثبات دخول شهر رمضان، رؤية فقهية: علي شاه مقال منشور على الرابط التالي:
http://books>google.ps
[63]) أبحاث هيئة كبار العلماء (3/35-45)، بطلان العمل بالحساب الفلكي في الصوم والإفطار: الدسوقي،(ص 7).
[64]) (سورة الرحمن: الآية 5).
[65]) (سورة لقمان: الآية 29).
[66]) (سورة يونس: الآية 5).
[67]) مجموعة علماء: أبحاث هيئة كبار العلماء (3/35-45).
[68]) مجموع الفتاوى: ابن تيمية (25/137)،: أبحاث هيئة كبار العلماء: مجموعة علماء (3/35-45)، بيان حكم اختلاف المطالع والحساب الفلكي: للقدومي (ص31)،
[69]) أخرجه البخاري في صحيحه، (كتاب الصوم، باب قول النبي r لا نكتب ولا نحسب، 3/27، ح1913)، أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما (2/761) ( ح1080).
[70]) لماذا الاختلاف حول الحساب الفلكي: الزرقا (ص5)، مجموعة علماء: ابحاث هيئة كبار العلماء، (3/35-45).
[71]) انظر: مقال: "الجواب الصحيح والنصح الخالص في نازلة فاس وما يتعلق بمبدأ الشهور الإسلامية العربية "نقلا عن أحمد زكريا عبد اللطيف: علاء الفاسي.
http://www.egyig.com/public/articles/ahkam/11/20767210.shtml
[72]) أبحاث هيئة كبار العلماء: مجموع علماء (3/35-45)، بطلان العمل بالحساب الفلكي في الصوم والإفطار: الدسوقي (1/63).
[73]) المراد بالعنين: هو الشخص الذي لا يقدر على الجماع لمرض أو كبر سن أو يصل إلى الثيب دون البكر. انظر: التعريفات: الجرجاني (1/204).
([74] إرشاد أهل الملة إلى إثبات الأهلة: المطيعي، نقلا عن أحمد زكريا عبد اللطيف: المجيزون للعمل بالحساب الفلكي وأدلتهم
http://www.egyig.com/public/articles/ahkam/11/20767210.shtml
[75]) مجموع الفتاوى ابن تيمية: ، (25-136).
[76]) (سورة الإسراء: الآية 78).
[77]) مجلة المنار: محمد رشيد رضا (28/63). بتصرف
[78]) (سورة الإسراء: الآية 78).
[79]) (سورة البقرة: الآية187).
[80]) بطلان العمل بالحساب الفلكي في الصوم والإفطار: الدسوقي(1/63)
[81]) الفتاوى: السبكي (1/210.)
[82]) (النحل: 43).
[83]) يسألونك: حسام الدين بن موسى عفانه جامعة القدس، القدس، 2004 (9/35)، باب حكم الاعتماد على الحسابات الفلكية في إثبات دخول شهر رمضان.
[84]) يسألونك: حسام الدين بن موسى عفانه (9/44)، باب اختلاف بدء الصوم من بلد لآخر.
[85]) انظر: إثبات الأشهر القمرية بين الرؤية والحسابات الفلكية: فادي عبد الغني شامية ( ص20).
([86] علماً بأن القرضاوي والزرقا لا يمنعان من اعتماد الحساب وحده، ولكنهما يريا أنه طالما أن الخلاف ما زال قائماً بين الرؤية والحساب، فالأولى اعتماد موقف وسطي تجتمع عليه الأمة. راجع كتاب: " العقل والفقه في فهم الحديث النبوي" الزرقا، من صفحة 80 وما بعدها. راجع أيضاً فتاوى العلامة القرضاوي، وأبحاثه في هذا المجال المنشورة على موقعه
http://www.qaradawi.net/
[87]) فتاوى السبكي: الإمام تقي الدين السبكي، مكتبة القدس، القاهرة(1، /219).
[88]) أوائل الشهور العربية :يجوز إثباتها شرعًا بالحساب الفلكي: أحمد محمد شاكر ، مكتبة ابن تيمية، 1939م، ص 7 وما بعدها، وهو منشور أيضاً، على موقع أحمد محمد شاكر:
http://ahmadmuhammadshakir.blogspot.com/
[89]) انظر: إثبات دخول الشهور القمرية، المجلة العالمية للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، العدد الرابع، قرار رقم 17.
[90]) أخرجه البخاري في صحيحه، (كتاب الصوم، باب قول النبي r إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا)، حديث رقم (1906)، أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما الحديث رقم (1080).