العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مقالات حول الحساب الفلكي

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
مقالات حول الحساب الفلكي

تتضمن عشر مقالات وهي كالتالي:

الحساب الفلكي وإثبات أوائل الشهور
أ.د. يوسف القرضاوي

الحساب أولاً، لا المراصد والأقمار
جبر بن صالح الدوسري

الرؤية أم الحساب ؟ ! الخلاف شر
أحمد بن عبد الرحمن الصويان

توحيد رؤية الهلال
سمير بن خليل المالكي

دخول الشهر القمري بين رؤية الهلال والحساب الفلكي
فهد بن علي الحسون


رؤية الهلال بين الرؤية الشرعية والفلكية
من حوار مجلة الهجرة
مع الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم

قواطع الأدلة في الرد على من عول على الحساب في الأهلة
الشيخ حمود بن عبد الله التويجري

لماذا الاختلاف حول الحساب الفلكي؟
الشيخ مصطفى الزرقا

التحديد الفلكي لأوائل الشهور القمرية رجب وشعبان ورمضان وشوال وذو الحجة 1426هـ.
معالي الشيخ/ عبد الله بن سليمان المنيع

الحساب الفلكي بين القطعية والاضطراب
الدكتور محمد بن صبيان الجهني
قسم الهندسة النووية ـ جامعة الملك عبد العزيز
=====================

المصدر: المكتبة الشاملة
 

المرفقات

  • مقالات حول الحساب الفلكي.rar
    119.5 KB · المشاهدات: 0
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
هناك رسالة للشيخ صالح بن محمد اللحيدان بعنوان "الأحكام المتعلقة بالهلال"

وهي مودعة في المجلد (27) من مجلة البحوث الإسلامية ص 91-118
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
لابن تيمية في المجلد (25) من مجموع الفتاوى رسالة بعنوان:

"رسالة في الهلال"

ص 126-202
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ملاحظات على أسباب الاختلاف بين الرؤية الشرعية والحساب الفلكي لهلال الشهر الإسلامي

الدكتور محمد بخيت المالكي
دكتوراه في الفلك

مجلة السنة, العدد 101, رمضان 1421هـ.



مقدمة :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد.

فمن المعلوم أن دخول الشهر عند المسلمين هو من شؤون دينهم، لذا يجب أن يُقدم مفهوم الشرع على ما سواه، ومنه يجب أن تناقش النصوص الشرعية وعلى ضوء ما يُفهم منها تُقارن النتائج العلمية لبحث مسألة الهلال.
ومن الأدلة الشرعية على توقيت الهلال للمسلمين قوله تعالى: ((يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج))[البقرة: 189]. وصفة هذا التوقيت في قوله تعالى: ((فمن شهد منكم الشهر فليصمه))[البقرة:185]. وفي الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:" صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين" رواه البخاري 2/229. وحيث أن النصوص واضحة المقاصد لا حاجة لتأويلها، فالأهلة مواقيت للناس أي يعرفون بـها أوقاتـهم، وصفة أو أسلوب هذه المعرفة هو بشهود الشهر (وتعريفه الشرعي هو رؤية بصرية لقوس القمر [الهلال] يغرب بعد الشمس في آخر الشهر الهجري) كما هو واضح من الأدلة، وكما هو معروف عند العرب زمان نبينا عليه الصلاة والتسليم. وعلى هذه النصوص وغيرها أجمع علماء الأمة على أن دخول الشهر وخروجه متعلق بالرؤية البصرية، ونجد فحوى هذا المعنى في كتب المتقدمين من سلف الأمة.
ولم يظهر القول بقبول الحساب ورد الشهادة إلا في حوالي المائة الثالثة للهجرة الشريفة. ولعل مرد ذلك، الرغبة في إعطاء العلم دوراً أكبر في شؤون الحياة الإسلامية. وقد قدم الحاسبون الفلكيون الكثير من المبررات لذلك، لعل أشهرها حاليا تشبيه دخول الشهر بدخول وقت الصلاة، وهذا التشبيه خاطئ حيث أن وقت الصلاة مُتعلق بدخول الوقت لا برؤية الشمس، قال تعالى: ((أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا))[الإسراء:78]. وكذلك الأحاديث الشريفة لم تدل على التثبت من رؤية الشمس ولكن إدراك الوقت، فعليه إذا علمنا بدخول وقت الصلاة بأي طريقة كانت، جاز لنا اعتمادها والصلاة بناء عليها، ولهذا يقبل علماء الشريعة بالحساب الفلكي في تحديد أوقات الصلاة. في حين أن دخول الشهر ربطه الشارع بالرؤية، لا بخروج الهلال ولو كان بالأخير لجاز الأخذ بالحساب، ولكن نص الشارع على الرؤية وبـها يجب أن يعمل المسلمون [الشيخ بكر أبوزيد، 1409هـ 2/169].
ويُظهر إجماع الأئمة في الماضي والحاضر أن الشهر يثبت شرعاً إما بالرؤية أو بالإتمام وليس وراء ذلك من سبيل آخر من حساب وغيره كما دلت عليه الأدلة. ومن قال بقبول الحساب فليس لديه دليل من قرآن أو سنة يقف أمام الفهم الصحيح للنصوص الشرعية. أما آراء الحاسبين الفلكيين التي بينت حث الإسلام على العلم ومعاصرته لكل العصور، فهي آراء قائمة على العقل والمنطق والعاطفة، ومن المعلوم من الدين بالضرورة أن النقل -الصحيح- مقدم على ذلك جميعا.
لكن هناك قاعدة أصولية تقول: أن العلم الصحيح لا يناقض النص الصريح، والتي ألف حولها شيخ الإسلام ابن تيمية كتابه "درء تعارض العقل والنقل" لبحث مثل هذه القضايا. كما أنه من المعلوم أن الله قد حثنا على التفكر والتدبر والتعقل في هذا الكون، واحترم الإسلام العقول ووضعها في موضعها الصحيح بعد الأدلة الشرعية القطعية. وعليه لا يمكننا أن نغفل ما وصل إليه العلم الفلكي في عصرنا الحالي، فليس هناك نـهي شرعي عن التعلم في هذه الأمور بل هناك حث من الشارع عليها. وهذا يُعد دافعا لنا لبحث أسباب الاختلاف بين الرؤية الشرعية والحساب الفلكي لهلال الشهر الإسلامي. فهناك أمور عدة تحثنا على ذلك أهمها:
1- أنه لا يُوجد نـهي مُلزم بعدم حساب بدايات الأشهر، مادامت لا يُؤخذ بـها في قبول الشهادات أو ردها. وهذا يفتح باب البحث العلمي الذي دعا إليه الإسلام، ألم يقل تعالى: ((هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب))[يونس:5]. وقد يضع هذا منهجية ونتائج علمية شرعية لإمكانية الرؤية؛ تكون ذات فائدة مستقبلية في حال الإغمام العام لفترات طويلة أو السفر الفضائي.
2- وضع تقاويم للمسلمين تنظم حياتـهم بأقرب ما يمكن من الشريعة، وجعل التقويم الهجري في متناول الناس بحيث لا يشعرون باضطراب فيه، فيختلط عليهم أمور تخطيطاتـهم المستقبلية. وهذا النقص، هو الذي حدا ببعض الدول الإسلامية لاعتماد التقويم الشمسي.
لكن يجب بحث أمر الحساب الفلكي على ضوء الشريعة الإسلامية، والتأكد من دقته. وهذا ما تبحثه هذه الورقة.
دقة الحسابات الفلكية:
من المهم أن نفرق في البداية بين نوعين من الحساب المتعلق بالهلال، النوع الأول هو حساب موقع القمر الحقيقي، و النوع الثاني هو حساب رؤية القمر:
1- حساب موقع القمر الحقيقي:- وهو حساب يعتمد على قوانين الجاذبية والتي هي سنة من سنن الله في كونه أذن سبحانه لخلقه بمعرفتها واستخدامها. وقد اكتشف قوانينها الحسابية نيوتن حتى تطورت إلى النسبية الخاصة والعامة وما بعدها.
وتبعا لهذا القانون يُعرف موقع القمر بالنسبة للأرض بدقة عالية جدا (تصل نسبة الخطأ إلى زيادة أو نقص متر عن موقعه الحقيقي، وهي دقة تعد عالية جداً، حيث أن نصف قطر القمر يصل إلى حوالي 1738كم[1]. لكن هذا الموقع هو حقيقة مكان القمر، لا ما يراه الراصد بعينه. حيث أن ضوء الشمس يسقط على سطح القمر فيعكس صورة القمر في اتجاه الأرض فنرى القمر. لكن هذا الضوء القادم من القمر يعبر الغلاف الجوي الأرضي وتحدث له ظاهرة الانكسار، فينحرف الضوء عن مكانه الأصلي ويظهر القمر أعلى من حقيقة موقعه في السماء. وحسابات موقع القمر الحقيقي لا تعتمد أثر الانكسار، بل تحدد مكان القمر خارج الغلاف الجوي الأرضي بعيدا عن مؤثرات الغلاف الجوي. فحسابات موقع القمر الحقيقي تكون بالدقة أعلاه، لكن وكما نعلم أن الشارع أمرنا أن نرى الهلال كما يظهر في السماء لا كما هو على حقيقته، أي أننا مطالبين بما تراه العين المجردة وهي صورة الهلال الوهمية الناتجة بسبب أثر الانكسار الجوي أو غيرها، فيكون حساب موقع القمر الحقيقي غير صالح لحساب هلال أول الشهر، بالرغم من دقته العالية.
2- حساب رؤية القمر: وهذا النوع يعتمد على النوع الأول من الحساب، ولكن يُضيف أثار الانكسار وغيرها ما أمكن، فيقدر لنا موقع القمر كما يمكن أن يُرى بالعين المجردة، وهذا النوع من الحساب هو الذي يعتمده أكثر الحاسبين لحساب هلال أول الشهر. وهنا لا يمكن القول بأن الحسابات بدقة عالية كما سبق، حيث أن ظواهر الغلاف الجوي كثيرة ونحن نريد أن نقدر آثارها على امتداد البصر على الأفق، والذي يصل لراصد على سطح البحر لمسافة خمس كيلومترات.
فإذن سيكون حساب أثر الغلاف الجوي بدقة عالية من الأمور شبه المستحيلة، حيث لو افترضنا وجود عاصفة رملية على بعد خمسة كيلومترات عن الراصد للهلال فإنه لن يشعر بـها، وسيكون من الصعب إدخالها في حساباته للهلال، ومثل هذه العاصفة - أو ماشابه - يمكن أن تغير عوامل الرؤية وأثر الانكسار فيصبح الهلال أعلى مما تتوقعه الحسابات التي لم تأخذ أثر الانكسار في الحسبان، فيقال غرب الهلال في الوقت الفلاني، لكن وبسبب الظروف الجوية تكون هناك صورة وهمية للهلال لم تغرب بعد فيراه بعض رائي الهلال. فيقال لذلك أخطأ الحاسبون - ولا مشاحة في الاصطلاح -، لكن هذا ليس خطأ في الحساب بل هو نقص في الفرضيات الابتدائية للحساب، أي أن أثر هذه الظاهرة - العاصفة - لم يُؤخذ في الحسبان، فهو إذا نقص وليس خطأ، وعليه لا يمكن القول أننا اكتشفنا سنة الله في رؤية الهلال. وهناك دراسات كثيرة على عوامل الغلاف الجوي لحساب أدق لظواهره وأثرها في تغيير مواقع الأجرام السماوية، لكن غالبيتها تتفادى القرب من الأفق لصعوبة ذلك وكثرة العوامل المؤثرة.
لكن حسب التقديرات المنشورة، فإن الخطأ بسبب أثر الانكسار في الغلاف الجوي، يجب ألا يتجاوز عند الأفق الستة دقائق زمنية عن حساب غروب القمر (مثلا) بدون تقدير أثر الانكسار في الغلاف الجوي. وهذا يخالف الواقع المشهود، فمن أين يأتي هذا الاختلاف؟. لبحث هذا الأمر، سنراجع أولا تعاريف دخول الشهر عند الحاسبين، وسنتكلم عن المشهور منها.
تعاريف الحاسبين لأوائل الأشهر

هناك أكثر من تعريف يعتمده الحاسبون لحساب هلال أول الشهر منها:
1- طول الشهر الثابت:طول الشهر القمري هو 29يوما و 12ساعة و44دقيقة، فهم يعدون الأيام على ذلك ويتمون شهر (30 يوما) وآخر يكون (29يوما). ولا أعلم أحدا من الحاسبين يعتمد هذه الطريقة ولكن وجدتـها في بعض المراجع. (الشيخ بكر أبوزيد 1409هـ،2/173-174)، ( خالد المشيقح 1408هـ، 2/603-604).
2- تبادل الأشهر في الطول:وهو ما يُنسب خطأً للإمام جعفر الصادق (تقويم المجلة السلفية 1336هـ/1918م)، وذلك بجعل الأشهر الهجرية الفردية أشهرا تامة أي ثلاثين يوماً، والأشهر الزوجية ناقصة أي تسعة وعشرين يوماً. على أن يكون شهر ذي الحجة تاما (30يوما) في السنة الكبيسة (طولها 355 يوماً) وناقصـاً في السـنة العادية (354 يوماً). وهذه الطريقة ظاهرة الخطأ حيث أنه بِناءً عليها سيكون شهر رمضان ثلاثين يوماً أبداً وهذا غير الواقع المعلوم. ومع ذلك فلا يزيد اختلافها عن الحساب أو الرؤية بأكثر من يوم واحد، أي أنـها مرة تتفق مع الحسابات ومرة مع الرؤية (والغريب أن اتفاقها مع الرؤية أكثر في دخول رمضان!). ويقوم التقويم القطري على ذلك، لكنه يجعل الأشهر الزوجية هي التامة والفردية 29 يوماً، حتى يصبح رمضان 29 يوماً.
والحاسب بـهذه الطريقة يحدد اليوم فقط، لا وقت الغروب ومكان الهلال في السماء وغيرها من التفاصيل، حيث أن الطريقة لا تؤهّل لذلك، ونلاحظ بوضوح إن هذه الطريقة لا تتوافق مع الرؤية المطلوبة شرعيا. [لمعلومات أكثر أنظر الشيخ عبد الله السليم 1407هـ/1987م، 18-19].
3- اعتماد الاقتران:وهو التعريف العلمي (الغربي) للشهر القمري، بأن يكون المدة بين كل اقترانيين للقمر مع الشـمس، وهذه تكون تـارة بعد (30 يوما) وأخرى بعد (29) وقد يتوالى شهران أو ثلاثة على وتيرة واحدة (30أو29). وتقوم هذه الطريقة على أن لحظة الاقتران لحظة كونية لجميع أهل الأرض وغيرهم - وهذا يعتمد على حساب موقع القمر الحقيقي ويُهمل أثر الغلاف الجوي -، فيعتبر أن ما قبل الولادة يكون القمر محاقا وبعدها يولد القمر ليصبح هلالا. فإذا حدث الاقتران قبل غروب الشمس - والبعض يجعله قبل منتصف الليل- في مكان مرجعي (كمكة المكرمة عند المسلمين، وبعضهم يجعل المكان غرينتش باعتباره مرجع التوقيت العالمي أو لأسباب سياسية) يكون اليوم التالي هو أول أيام الشهر أما إذا حدث الاقتران بعد الغروب - أو منتصف الليل- فيكون اليوم التالي هو المتمم للشهر الحالي. وتقويم أم القرى يدور حول هذا المفهوم. وهذا التعريف هو الأكثر انتشارا بين الحاسبين المسلمين وعليه اعتراضات علمية وشرعية منها:
أولا: أنه وبالرغم من عدم اعتبار الحساب شرعا، إلا أنه لوضع تقويم للمسلمين، يظل من المهم التقرب من التعريف الشرعي وذلك بعمل حساب الرؤية وإمكانياتـها، وهذا التعريف لا يهتم بذلك.
ثانيا: القول بأن الاقتران لحظة كونية، ليس دقيقا. فتعريف الاقتران: هو أن تكون مراكز الأرض والقمر والشمس في المستوى نفسه ويكون القمر بين الأرض والشمس، فإذا كانت على استقامة خط واحد عندها يحدث الكسوف الكلي للشمس، وهذا ما يسمى بلحظة الاقتران المشاهدة (لأننا نشعر بـها برؤية الكسوف). لكن، في حالة الاقتران المثالية هذه (الاقتران المشاهد) فإنه لا يُرى هذا الاقتران في أنحاء الأرض المقابلة لهذا الوضع. ولنأخذ المثال التالي:

في 12/ 11/1985م حدث كسوف كلى، وكان مشاهدا في القطب الجنوبي وجزء من أمريكا الجنوبية -ومعنى أنه كسوف كلى أن القمر سيعبر أمام الشمس ويحدث اقتران-. وكانت ظروف هذا الكسوف بتوقيت المملكة العربية السعودية كما يلي: بدأ الكسوف الجزئي 3:08، وبدأ الكسوف الكلى في 4:50 وأصبح في المنتصف (أكبر ما يمكن) في5:10، وكانت نـهاية الكسوف الكلى عند 5:30، والكسوف الجزئي عند 7:12. فإذا علمنا أن الشمس تغرب في أنحاء المملكة في ذلك الوقت من السنة حوالي السادسة مساءً، فهذا يعني أن الكسوف بدأ وكاد أن ينتهي ولم نشعر به في المملكة. السبب أنه عند الكسوف يكون القمر منطقة ظل كدائرة على الأرض بقطر يتراوح 270كم تقريبا وفي هذه المنطقة تُرى الشمس كاسفة كليةً، ومنطقة شبه ظل تحيط بالأولى بقطر يتراوح بين 3000-5000 كم ويُرى فيها كسوف جزئي للشمس. وبسبب دوران الأرض حول محورها تتحرك الدائرتان مكونتين منطقة كبيرة ذات شكل أقرب للمستطيل يشاهد فيها الكسوف في أوقات مختلفة من اليوم. إذن في لحظة الاقتران الكونية المذكورة سابقا سيكون لدينا منطقة لا تُرى فيها الشمس (بقطر 270 كم) وحولها أخرى تكون الشمس مكسوفة جزئيا (بقطر يتراوح بين 3000-5000كم) وخارجهما لا يُشعر بأي تغير في الشمس، وهذا أمر مشاهد ومعروف. فتكون لحظة الاقتران الكونية المشاهدة -كما عرفناها سابقا- غير مشاهدة في جميع أنحاء الأرض، ومن باب أولى فإن الاقتران إذا حدث ولم يكن القمر على استقامة الأرض والشمس، فلن يكون لحظة كونية تحدث لجميع الأرض.
خريطة توضح المناطق التي يظهر فيها الكسوف الكلي (أ) والكسوف الجزئي (ب)،
أما المنطقة (د) سيكون هناك نـهارا ولا يظهر الكسوف تماما.
(ملاحظة: هذه ليست خريطة الكسوف المذكور في النص)

ومكمن الخلط أننا تعاملنا مع الأرض كنقطة، في حين أنـها تقريبا كروية الشكل بنصف قطر 6400كم تقريبا، وهذا يُكون اختلافا في المنظر للسماء حيث أننا نحسب لموقع (المركز) لكننا ننظر من مكان آخر (موقع الرصد، إذاً فالاقتران لحظة كونية بالنسبة لمركز الأرض، لكنه لحظة محلية للراصد. إذ أن ما سيراه راصد على سطح الأرض يقع على استقامة مركز الأرض والقمر والشمس -وهو مكان واحد فقط-، لن يراه راصد في مكان آخر اقترانا، بل سيرى - إن تمكن من الرؤية لصعوبة ذلك بسبب إضاءة الشمس الشديدة- القمر بعيدا عن الشمس بحد يصل إلى حوالي النصف درجة، أي يمكن أن يرى هلالاً والشمس كاسفة كليا في مكان آخر.
وكختام للمسألة فإن اعتماد مركز الأرض كمرجع للحساب مناسب لإصدار تقاويم للعالم أجمع، لكن إذا أردنا أن نقارن الحساب بالرؤية أو أن نقارب مفهوم الشريعة للشهر فهو تعريف خاطئ.
ثالثاً: هناك من لا يستخدم تعريف الاقتران فقط، بل يزيد عليه عمراً معيناً للقمر الوليد -وحسب آخر الأبحاث فإن أقل عمر رُصد عند الغرب هو (14.5) ساعة (Explanatory (Supplement 1992. p590، بعد الاقتران الكوني. لكن لدينا من مشاهدات الرائين للهلال بالمملكة ما هو أقل من ذلك.
وهنا من المناسب أن نجيب على سؤال مهم، وهو: هل القمر عند الولادة يختفي ضوءه تماما؟. وهذا شعور عام عند الناس وعند بعض الحاسبين. وللأسف هذا التصور خاطئ إذا عمم، وهو موجود حتى في أشهر المراجع ((Smart 1977, 168، ولننظر لشرح ذلك إلى الحالة التالية :

تدور الأرض حول الشمس في مستوى دائرة البروج، ومدار القمر يكون حول الأرض في مستوى يميل عن دائرة البروج بخمس درجات تقريبا، ويلتقي مع دائرة البروج في العقدتين، ولهاتين العقدتين دورة تلفّ خلالها حول الأرض كل 18.61 سنة، فإذا كان القمر قريبا من العقدة وبين الشمس والأرض حدث الكسوف -وليس بالضرورة أن يكون في العقدة تماما حيث أن القمر والشمس ذواتا أحجام وليسا نقطتين-. والذي يهمنا هنا، هو الوقت الذي يكون القمر يبعد بزاوية قائمة عن العقدة، أي أنه في أعلى نقطة في مستوى مداره حول الأرض. فيكون بارتفاع خمس درجات عن مستوى دوران الأرض حول الشمس (مستوى دائرة البروج)، فلو كان القمر في هذه اللحظة في موقع اقتران مع الشمس، فإن أي موقع تغرب فيه الشمس في هذه اللحظة سيرى الراصد فيه الشمس تغرب وفوقها القمر على بعد يصل إلى خمس درجات، بل وسيرى جزءا مضيئا من القمر يصل إلى (0.01 من القمر) ويكون شديد الإضاءة لقربه من الشمس، مع ملاحظة أن الشمس تضيء الجزء العمودي على الخط الواصل بين مركزها ومركز القمر، وكذلك الراصد يرى الجزء العمودي على الخط الواصل بين الراصد ومركز القمر. ومن الشـكل الهندسي يظهر
ميلان مدار القمر عن مدار الأرض

أن هناك أربع درجات ونصف الدرجة تقريبا بين هذين الخطين العموديين، مما يُؤدي لظهور جزء مضيء من القمر للراصد -والسبب أنـها ليست خمس درجات هو أننا ننظر من سطح الأرض وليس من مركزها-.
إذا فضوء القمر لا يختفي كليةً عند ولادته إذا لم يكن هناك كسوف شمسي على المنطقة المشاهد منها.
رابعاً: وإتماماً لهذا المبحث، فإن هناك بعض الحاسبين الذين يقولون أن الهلال قبل الولادة لا يمكن أن يُرى، أو أنه محاقا ولا يكون هلالا حسب التعريف الشرعي. ونكرر التعريف الشرعي للهلال هو: قوس القمر يغرب بعد الشمس في آخر الشهر الهجري، وليس متعلقا بالاقتران أو الولادة، فإن رُؤي الهلال بـهذا الشكل وانتشر خبره بين الناس سمي هلالا لإهلال الناس به، فإذا وُجد ولم يره أحد لم يسمّ هلالا لأن الناس لم يهلوا به أي لم يشتهر بينهم فلا يبدأ به شهرهم. ولم يُعرف أن العرب في الجاهلية أو في صدر الإسلام تكلموا عن الاقتران أو ميلاد القمر وذلك لجهلهم بـهذه الأمور، بل كان التقويم الشائع لديهم هو الشمسي. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه في حالات خاصة يُمكن أن يغرب الهلال قبل ميلاده (أي المحاق) بعد الشمس. وتحدث هذه الحالة في وضع مقارب للحالة السابقة المناقشة في ثالثا. بحيث يكون الاقتران بالنسبة لموقع الراصد يقع بعد وصول القمر لأعلى نقطة في مستوى مداره حول الأرض. أي أنه سيكون في أعلى نقطة في مستوى المدار وهو لم يُولد بعد وسيغرب في هذه الحالة بعد الشمس، بل وستكون فرصة رؤيته أفضل من الحالة عند الولادة بسبب أنه سيكون منحرفا عن الشمس وليس فوقها مباشرة، مما يُبعد الهلال عن مواقع شدة الإضاءة. وفي هـذه الحالة قد يختفي الهـلال في اليوم التالي لاقترابه الشديد من الشمس، لكنه يظل هلالاً شرعياً لان الشريعة لم تأمرنا بمتابعة الهلال لأكثر من يوم للتأكد من صدق الشهود.
والحالتان السابقتان (ثالثا ورابعا) إن حدثتا، فيُتوقع أن تكونا صعبتا الرؤية، لكنهما ممكنتا الحدوث ويمكن لمن أعطاه الله الخبرة والقدرة أن يراهما. وليس هناك في الوقت الحاضر حسابات عن هذه الظواهر، لضعف الدراسات لدى الفلكيين المسلمين، و لعدم إهتمام علماء الغرب بالقمر بعد الولادة إما لأسباب عقائدية -لزعمهم أن المسيح عليه الصلاة والسلام قد قتل عند ميلاد القمر- أو لأسباب علمية مثل مناسبة الوقت للرصد والبعد عن القمر حتى لا يؤثر على دراسة ضوء النجوم، كما يُفيد معرفة موقع القمر بدقة في ظواهر استتار النجوم به مما يفيد في كثير من الدراسات الفلكية. لكن في أغلب الحالات لا تتم الدراسة والقمر قريب من الأفق ولا في الحالات المهمة للمسلمين. لذا وعلى قلة حدوث الظاهرتين السابقتين، يكون من المهم أخذهما بالاعتبار عند صنع تقويم للمسلمين أو عند مقارنة الحسابات بنتائج شهادة الشهود لهلال أول الشهر.
وكل ما سبق من التعريفات الثلاث السابقة لم تعتمد الرؤية في حسابـها، لكنها تُحسب على الفلكيين كحساب لأوائل الأشهر، وهذا ما يجعل هناك اختلافاً بين بعضهم، ويظن غير العارف بأحوالهم أنـهم مضطربون في حساباتـهم، والحقيقة أنـهم مختلفون في تعريفاتـهم، ولعدم اعتماد الرؤية فيما سبق، فتكون التعاريف السابقة غير صالحة. أما التعريف الذي يعتمد الرؤية فهو ما يلي.
4- اعتماد موقع القمر (الرؤية) :وهذا التعريف هو أقرب التعاريف للرؤية. حيث لا يهتم بولادة القمر من عدمها، بل يحسب موقع القمر بالنسبة للراصد والشمس، ويحسب موقع الشمس، ثم يقارن بين موقع الشمس والقمر عند غروب الشمس ليرى مدى ارتفاع القمر فوق الأفق، أي أنه يعتمد حساب رؤية الهلال السابق ذكره، وهنا يُؤخذ في الاعتبار ما يلي:
1- أثر الانكسار بسبب الغلاف الجوي الأرضي، بأكثر دقة ممكنة.
2- موقع الراصد بدقة من حيث الموقع الجغرافي، والارتفاع عن سطح الأرض وانبساط الأرض حوله - الذي يقف على جبل حاد القمة، قد يرى الهلال، في حين أن راصداً على هضبة بالارتفاع نفسه لذلك الجبل يكون الهلال قد غرب عنده منذ فترة، ويغرب الهلال قبل ذلك أيضا لمن يرصد من ارتفاع سطح البحر. ولهذا المسافرون بالطائرات تختلف أوقات الصلاة بالنسبة لهم عن المدن التي يسافرون منها وإليها اختلافا بينا-.
والاعتباران السابقان لا يمكن أن يحسبا بدقة متناهية، لكن حسب ما تدل عليه الأبحاث العلمية فإنه مهما بلغ الخطأ بسببهما، لا يصل حداً يكون الهلال تحت الأفق بخمس درجات فيظهر للراصدين فوق الأفق.
والحاسبون بـهذا التعريف فريقان:
الأول: يُعين حجم معين للهلال إذا قل عنه لا يدخل الشهر على اعتبار أنه لا يمكن رؤية الهلال، وكذلك يعتبر بُعد معين للهلال عن الشمس إن كان بعد الهلال أقل منه لا يدخل الشهر. وقد تضاربت الأقوال في أصغر هلال يُمكن رؤيته وأقل مسافة من الشمس يمكن رؤية الهلال منها. وهذا يعتمد على مقدرة العين، ولا يُقبل شرعا أن نأخذ متوسط مقدرات الأعين، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يختبر عيون الراصدين ولم يلغي شهادة ذوي الإبصار القوية، بل كان يقبل الشهادة بدون تعقيد.
خاصة مع ما يذكره بعض الراصدين للهلال في المملكة العربية السعودية، من أنـهم يرون الهلال والشمس عند الغروب يدخلان ما يسمى بمنطقة الكدر - وهو حزام من الأتربة القريبة من الأفق رآها الكاتب بنفسه وقدّر ارتفاعها بحوالي خمس درجات زاوية - ويقول الراصدون إن الشمس يخفت ضوئها في حين أن القمر يبقى أو يزداد ضوءه في هذه المنطقة، وهذا الكلام مقبول من ناحية علمية حيث أنه معلوم من الدراسات الفلكية أن ضوء النجوم عندما يعبر السدم الترابية الفضائية، فإن هذه السدم تمتص الضوء الذي ينتج من طاقة عالية (الضوء الأزرق) ويمرّ الضوء ذو الطاقة الأقل (الضوء الأحمر) -ولهذا تبدو الشمس حمراء عند الغروب لكثرة الأتربة وزيادة كمية الهواء بين الراصد والشمس- وهذا ما يسمى بظاهرة احمرار النجوم، وفي هذه الحالة يخفت الجسم اللامع كثيراً ولا يخفت الجسم الخافت إلا قليلا، ولذا يستخدم الفلكيون مصفيات الضوء (الفلاتر) لرصد النجوم الخافتة. وحيث أن هذا الفريق يُهمل هذه الظروف فلا ينفع أسلوبـهم في تكوين تقويم مناسب للمسلمين أو مقارنته بشهادات رائيي الهلال. ويمكن أن نسمي هذه الطريقة "بحساب الرؤية المشروطة".
الثاني: لا يعتبر أي حجم أو بعد للقمر عن الشمس، بل يحسبون مكان الهلال كما يُتوقع أن يظهر للراصدين، مهما كان عمره أو بعده عن الشمس. وقد يكون هذا أفضل التعاريف لموافقة الرؤية الشرعية ومقارنة الحسابات بشهادات رائيي الهلال. ويمكن أن نسمي هذه الطريقة "بحساب الرؤية".
وباستخدام تعريف "حساب الرؤية" نكون قد وصلنا إلى أقرب حساب قد يتوافق مع شهادة رائيي الهلال، ويتم بطريقتين:
الأولى: نسميها " حساب الرؤية العام": وتكون بحساب ظروف الرؤية لمساحة كبيرة من الأرض (دولة مثلا) ويحدد أفضل الأماكن للرؤية - وقريب من ذلك ما يحسبه د. محمد الياس في ماليزيا 1988م -، وهذه يحدث فيها خطأ حيث انه سيفترض أن ارتفاعات الرصدين عن سطح البحر، وظروفهم الجوية متقاربة.
الثانية: نسميها " حساب الرؤية الخاص": فيكون الحساب لكل موقع بحسب مكانه وارتفاعه وظروفه الجوية وهذا أدق ما يمكن. وبقي أن نضيف شرطاً أخيراً لهذه الطريقة لتتفق مع رأي بعض العلماء، ألا وهي أن يكون الحاسب مسلما ثبتاً، كما أثبت ذلك الشيخ أحمد شاكر في كتابه "أوائل الأشهر العربية". وللأسف فإن كثيراً ممن يتحمس للحسابات يطبق نتائج حسابات غربية دون أن يفكر أن هذه الحسابات لم تصمم لغرض رؤية الهلال الشرعي أو لتوافق مفاهيم الشريعة الإسلامية، وإن كان لبعضها بعض التوجيه والتصور الصحيح للحالة يُمكن أن تفيد في هذا الموضوع.

ملاحظة: بناءً على ما سبق، فإن دعوى اضطراب الحاسبين في حساباتـهم بـها نقص في المعرفة، فالاضطراب الحاصل ليس بسبب الحسابات ولكن بسبب اختلاف في التعاريف التي تقوم عليها الحسابات، فلو اتفق الفلكيون على طريقة الرؤية وحسبوا موقع القمر بناءً عليها، لاتفقوا جميعا على مكان واحد وزمان واحد لغروبه قبل أو بعد الشمس.
وبالرغم من أن طريقة حساب الرؤية الخاص لم تعتمد عند كل الفلكيين إلا أن كثيراً يحسب على مبدئها، وقد قوُرنت نتائجها - وللحق لم يُعمل اعتبار كل الظروف بالدقة التي دعونا إليها سابقا- بشهادات رائي الهلال ولم يحدث اتفاق أيضا، وحيث أنه من غير المقبول علميا أن تتوقع الحسابات غروب القمر قبل الشمس بنصف ساعة مثلا -كما حدث لهلال شوال عام 1413هـ- ثم يأتي من يرى الهلال. ومهما بلغ الخطأ الناتج عن الإهمالات السابقة الذكر، إلا أنه لا يمكن أن يكون الخطأ بين الواقع والحساب - حسب المعلومات العلمية المتوفرة حاليا - بـهذا المقدار. وعليه يبدأ الحاسبون بتخطئة رائي الهلال، فهل أخطأ الراؤون الرؤية؟ أم توهموا شيئاً؟ أمماذا؟.
ما الذي يمكن أن يراه الرائي عند رصده للهلال
في رؤية عيد الفطر لعام 1413هـ حدث الإشكال بين الرؤية والحساب مرة أخرى، حيث توقعت الحسابات أن يغرب القمر قبل الشمس بحوالي نصف ساعة في أنحاء المملكة، ومع ذلك شوهد في أنحاء مختلفة من المملكة وفي الإمارات كما أعلم وتكاثرت الشهادات حتى بدأ مجلس القضاء الأعلى برفض الشهادات لأنـها اصبحت كثيرة، والذي أعلمه من مصدر موثوق بوزارة العدل أن الشهادات كانت أكثر من عشر، وبعض من شهد لم يكن خارجاً للرؤية بل نظر للمغرب قدراً فشهد الهلال لم يغرب بعد والشمس في غروبـها. وكذلك سأثبت شهادات موثقة وهو ما ذكره وكيل وزارة العدل - وهو شخص مطلع بحكم منصبه - وهو الشيخ بكر أبوزيد في كتابه فقه النوازل 1409هـ 2/170 حيث يقول:" في هلال الفطر شهر شوال من هذا العام 1406هـ. فإن الحاسبين أعلنوا النتيجة في الصحف باستحالة رؤية هلال شوال ليلة السبت (30) من شهر رمضان. فثبت شرعاً بعشرين شاهداً على أرض المملكة العربية السعودية في مناطق مختلفة في: عاليتها، وشمالها وشرقها. ورؤي في أقطار أخرى من الولايات الإسلامية 000أ.هـ.". وهناك إثباتات من الشهود كثيرة على مخالفة الحساب بالرغم من تحري الدقة في الحسابات قدر المستطاع. وحيث أن الشهادة عند إثباتـها يُسأل الشاهد عن شكل القمر واتجاه فتحته وموقعه من الشمس (هذا نظام المحاكم في المملكة) فيصعب - بل يسـتحيل رد شهادة المعاين للهلال من أجل حسابات، لأن المرئي أثبت من غيره -. وبعد ما رأينا سابقاً دقة الحاسبين في اعتبار أغلب ما يُعلم من أسباب قد تؤدي لاختلافهم عن الرؤية، بل وتوقعهم الذي قام على الأرصاد لمقدار الخطأ في حساباتـهم وأنه لا يتوافق مع مثل ما سبق من المشاهدات، كان لابد من النظر في دقة تلك المشاهدات.
تدور رؤية الهلال وإمكانية صوابـها من خطئها حول خمس نقاط، ولعل السبيل الوحيد للتأكد من صحتها أو خطئها هو بمقارنة الشهادات بعضها ببعض كما سنرى لاحقا. فالراصدون يمكن أن يروا:
1- جرماً سماوياً غير القمر: من نجم أو كوكب وماعداهما إلا القمر. وفي هذه الحالة فسيرى الشاهد نقطة قريبة من الشمس فيظنها هلالا إذا كان ممن يجهلون شكل الهلال، وتقع المسئولية على الشيخ المثبت لتلك الشهادة وقد يكون رد مثل هذا الخطأ سهلا. لكن كوكبي الزهرة وعطارد - وبسبب أنـهما بين الأرض والشمس- يظهران أحياناً بشكل هلال، وإن كانا أصغر بمراحل من هلال القمر. وفي هذه الحالة لو شوهد هذا الكوكب من أكثر من شاهد في أماكن متعددة في أنحاء الدولة، فسيصفون الشيء نفسه من حيث الحجم والشكل وجهة الفتحة، كما سيرونه في المواقع نفسها تقريبا من الشمس. ولتفادي هذا الخطأ يكون من المهم قبول تحذير الحاسب الفلكي -السابق ليوم الرؤية- إذا حدد موقع الكوكب وشكله بما يتناسب مع شهادة الشهود. وعندها تُرد الشهادة لا لأنـهم توهموا الرؤية ولكن لأنـهم لم يروا الهلال المطلوب شرعا. ويمكن التأكد من صحة ذلك بالرصد في اليوم التالي حيث أن تغير موقع الكواكب أبطأ في السماء بمراحل من تغير موقع القمر، فالذي سيراه الشهود هو هلالهم الذي رأوه في اليوم السابق لم يتغير مكانه تقريبا مما يناقض العرف المشهور من أن الهلال يرتفع في السماء كل يوم أكثر من اليوم الذي يسبقه.
2- مركبة طائرة: كطائرة أو قمر صناعي أو أي جسم آخر طائر. وفي هذه الحالة فإن الراصدين المتباعدين لن يروا الجسم نفسه، بمعنى أن الراصد في شمال البلد إذا اختلط عليه انعكاس ضوء الشمس على طائرة ما، فظنها الهلال. فإن الراصد في جنوب أو شرق أو غرب البلد لن يرى المركبة نفسها لبعد المسافة بينهم. وعليه فلو قارنا شهادات الشهود لتضاربت في وصف حجم ومكان الهلال، وعُلم الخطأ بناءً عليه.
3- حالة جوية: كعاصفة أو سحابة أو سراب وكذلك بعض الانعكاسات الضوئية على السماء بسبب إضاءة المدن، قد تظهر كهلال للراصد. وهذه الحالة يمكن اكتشاف الخطأ فيها كالحالة السابقة.
4- حالة نفسية: يُشير بعض الحاسبين إلى أن شهادات الشهود للهلال يحتمل أن تكون نتيجة وهم نفسي. حيث إذا بحث الإنسان عن شيء وصعُب مناله، توهم الحصول عليه. وهذا و إن كان يمكن أن يحدث لرائي الهلال، فإن علماء النفس يُؤكدون أن هذا الوهم يزول بمجرد تغيير جهة نظر الواهم عن مكانـها السابق، وحتى لو عاد ونظر في جهته الأولى فلن يرى ما رأه في المرة السابقة، ويحتاج الواهم فترة من الزمن لكي يعود ويتوهم الرؤية مرة أخرى، فإذا التفت عنها ضاعت وهكذا. وقد أخذ في الحسبان في بعض الدراسات Q.J. R.A.S. 29,511-523Schaefer,B..
ولو افترضنا أن الراصد وَهِم برؤية الهلال، وتكرر وهمه بسرعة، جعلت من حوله يصدقون برؤيته للهلال، فإن مثل هذه الشهادات ستكون متضاربة، حيث أن كل إنسان له وهمه الخاص. فإن اتفقوا فهذا يعني أيضا هلوسة جماعية وهذا غير مقبول علميا -أن تحدث هلوسة جماعية بين أناس لم يتقابلوا وفي أماكن متباعدة، ويتفقون فيما يرون وجهته وشكله.
5- الكذب : كما يُشير بعض الحاسبين أن شهادات الشهود للهلال يحتمل فيها الكذب، لأنـها تناقض الحسابات. وهذا منهج خطير في اتـهام الناس في أماناتـهم، لكن لن نناقش هذا شرعيا ولننظر له علميا. لو كذب الراصد في شهادته فستتناقض مع شهادات الراصدين الآخرين، وقد ثبت أن أغلب راصدي المملكة (مثلاً) لا يعرف أحدهم الآخر، فإذا كان هناك تواطؤ لكان العدد نفسه يتقدم للشهادة كل شهر وهذا لا يحدث. فإن كان من تواطئهم اعتبار عدم التقدم بالعدد نفسه لكل شهر، فهذه مؤامرة خطيرة على مدعيها الإثبات لأن من يصنع مؤامرة بـهذا الشكل مضلل للمسلمين يجب إقامة الحد عليه.
وفتح الباب بالتكذيب، يعطي عذرا لغير الحاسبين أن يتهموا الحاسبين بالكذب، أو الأخذ من كذابين. حيث أن غالبية العناصر الأولية للحسابات تأتي من عند غير المسلمين، وهم أولى بالتآمر على الإسلام من شاهدي الهلال الذين يكثر فيهم الأميون -وإن كان هذا لا يقدح في شهادتـهم- لأن رؤية الهلال من الأمور التي يتقنها القرويون والبدو أكثر من الحضر لحاجة الأولين لها لمعرفة الطرق والأيام. وعلى أي حال مبدأ التكذيب يفتح جدلاً عقيماً ليس له فائدة ولن يحل المشكلة، إلا لكسول لا يريد أن يبحث. ولننظر لحال الغرب في قبوله لشهادات من يدعى رؤية الأطباق الطائرة والأشباح اللطيفة وغيرها من الأمور التي لا يقبلها العلم الغربي نفسه، ومع ذلك لا يكذبون من يدعى رؤيتها ولا يسخفون رأيهم، كما يسخف بعض الحاسبين -هداهم الله - بآراء رائي الهلال.
6- مجموع ما سبق: وإن عجزت الحيلة في تفسير مشاهدات رؤية الهلال عند مخالفتها للحسابات، يأتي من قد يقول، أن المشاهدات بعضها لجرم سماوي، والأخرى لسحابة والثالثة توهم والرابعة لكذاب والخامسة طائرة وهكذا. وتبعا لذلك إذا لم يحدث تضارب في الشهادات، فإن الكون يكون - بعد مشيئة الله - قد تألب على الفلكيين لإثبات خطئهم، وأتوقع أن أي علمي لن يقبل بمثل هذا التفسير للخلاف بين الرؤية والحساب، خاصة إذا كانت الشهادات برؤية الهلال كثيرة، ومن أكثر من مكان. فإذا حدث ذلك ولم تتضارب الشهادات ولم يكن هناك كوكب بشكل الهلال في ذلك الموقع، فلن يبقى إلا :
7- رؤية الهلال: وفي هذه الحالة ليس أمام الحاسبين إلا أن يقبلوا بأن هناك عوامل لم يضموها لحساباتـهم الفلكية، والأمر لا يسلم من الخطأ. وكما يعلم الجميع أن العلم قام على الملاحظة (مثل حركة القمر)، ثم من مجموعة ملاحظات تُوضع نظرية حسابية معينة كقاعدة حسابية لهذه الملاحظات (الأرصاد)، ومن هذه النظرية الحسابية نخرج بتوقعات لأرصاد مستقبلية (الهلال للأشهر اللاحقة)، والتي نتأكد منها بأرصاد لاحقة، وأي خطأ في التوقعات الحسابية يؤدي لتصحيح للنظرية وهكذا تستمر الدورة التطويرية للنظريات. وفي حالتنا هذه إذا ناقضت الأرصاد الحسابات، فيكون علينا مراجعة وتصحيح حساباتنا والأخذ بالاعتبار العوامل التي قد نكون قد أهملناها، والله أعلم.
ومن مكامن الخطأ المحتملة، آثار الغلاف الجوي بنسبة عالية -حيث أن حركة القمر خارج الغلاف الجوي مُتأكد من صحة حساباتـها بدقة عالية كما ذكرنا سابقا-، فقد يُؤثر الغلاف الجوي على شعاع ضوء القمر فيُظهر صورة القمر أعلى مما يتوقع الحاسبون، حسب ظروف البلد الجوية، بسبب ظاهرة الانكسار أو ظاهرة السراب.
ظاهرة السراب:
عند السير في الصحراء يتوهم الإنسان رؤية الماء في أماكن متفرقة في الصحراء، وهذا من أشهر أمثلة السراب، والسبب هو اختلاف درجة الحرارة في طبقات الجو المتفرقة. فإذا كانت طبقة الجو العليا أعلى في درجة الحرارة عن الطبقة الأسفل منها، فإن صورة الأجسام التي عند الأفق أو تحته سوف تظهر مرتفعة فوق الأفق ومقلوبة، فظاهرة رؤية سراب الماء السابقة تكون بسبب انعكاس صورة السماء تحت الأفق على الأرض في تلك المواقع.
وهذا ما قد يحدث للقمر الذي يغرب قبل الشمس بنصف ساعة (وتكون فتحته عكس اتجاه الشمس) ستظهر له صورة في السماء على بعد معين حسب أثر الظاهرة ولكن ستكون فتحته أيضا عكس اتجاه الشمس، وحيث أننا مطالبون برؤية الهلال بالعين فلا يهم هل ما يُرى هو صورة الهلال الحقيقي (المتكونة بسبب الانكسار) أم صورة صورة الهلال الحقيقي (صورة الصورة المتكونة من الانكسار). مع ملاحظة أن الشمس ستكون قد سخنت الهواء فوق الأفق، أما الهواء تحت الأفق فسيكون أبرد مما فوقه، أي أن الحالة للهلال ستكون كما في الشكل السابق (أ). هذه الظواهر نحتاج إلى دراستها لمعرفة السبب في الاختلاف بين الرؤية والحساب.
لقد لُوحظ مؤخرا (وهذه الملاحظة ليست إحصائية) أنه إذا كان القمر يغرب قبل الشمس بحوالي نصف ساعة حضر من يشهد برؤيته، فإذا كان غروب القمر قبل الشمس بساعة فأكثر لا نسمع بأي شهادة، وهذا أمر جدير بالاهتمام.
السراب كما يحدث لجسم فوق الأفق في الحالتين المشهورة
شكل يُوضح ما قد يفعله السراب في صورة القمر ويرفعها من تحت الأفق إلى أعلاه.
بحث مسألة قدرة العين:
وتبقى مشكلة إمكانية الرؤية بقدرة العين، وهذا باب مفتوح للبحث، لكثرة التضارب في الآراء الفلكية والعلمية فيه. حيث يقول علماء الفلك أن أخفت نجم يمكن للعين البشرية أن تراه هو ذو القدر السادس (تقدير فلكي معين)، لكن علماء طب العيون يعرفون أنه بأساليب معينه يعرفها الممارسون للأرصاد بالعين، يمكن للإنسان أن يميز إلى القدر الثامن (أخفت من السابق بست مرات)، وذلك بتركيز النظر على الجسم اللامع، وعدم تركيزه على الجسم المطلوب رصده، فيظهر الجسم المطلوب للراصد واضحا. لكن هذه المقدرة تحتاج لتدريب وتعود واهتمام من الإنسان لكي يكونـها. لكنها ثابتة علميا في كتب طب العيون.
استخدام المراصد الفلكية:
يظن الكثير أن المراصد الفلكية (التلسكوبات) تُحسن فرصة رؤية الهلال، والواقع قد يكون العكس. تقوم فكرة المراصد الفلكية على زيادة كمية الضوء الواصلة من الجسم المُراد رصده (القمر هنا)، لا تكبير حجم ذلك الجسم، حيث يُعد ذلك خدمة ثانوية في المرصد الفلكي لأن أغلب الأجرام السماوية بعيدة جدا وإمكانية تكبيرها تكون صعبة بالنظر المباشر في المرصد، ولكن التكبير يحدث بتصويرها ضوئيا -وهذا يعتمد على كمية الضوء الساقط على اللوح التصويري- ومن ثم تكبير هذه الصورة إلى أقصاها.
وفي حالة الهلال، فإن القمر يكون قريبا جدا من الشمس في الحالات الصعبة، وهنا ستكون كمية ضوء الشمس من الكبر بحيث تُؤثر على عين الراصد مما قد يعرضه للعمى لا قدر الله. أما إذا كان القمر بعيدا عن الشمس فإمكانية رؤيته بصريا ستكون سهلة ولن يقدم المرصد الفلكي كبير خدمة هنا حيث أن منظاراً مكبراً بسيطاً سيكون كافيا، في حالة عدم رؤية الهلال بصريا.
ونُفصل، بأنه كلما زاد حجم المرصد الفلكي صغرت مساحة المنطقة المرصودة، وتركزت كمية الضوء الواصلة لعين الراصد، في حين أن الرصد بالعين المجردة سيمكن من النظر إلى نصف الأفق تقريبا مما يقلل من كمية الضوء المركزة التي تكون خطرةً. ولقد حاولت شركة زايس Zisse -وهي من أشهر الشركات المصنعة للمراصد الفلكية والعدسات- تصنيع مرصد فلكي خاص لرصد الهلال لكي تسوقه في العالم الإسلامي، فوجدت ما يلي، كما اتضح من الدراسة المقدمة لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية والمحفوظة في سجلات التعاون العلمي بين المملكة وألمانيا:
1- المراصد الكاسرة -المعتمدة على العدسات- أفضل من المراصد العاكسة -المعتمدة على المرايا المقعرة-. (والسبب أن المرايا المقعرة تكون رقيقة فتتأثر سريعا بأبسط حرارة تصلها من ضوء الشمس القرب من الهلال، فتتشطب سريعا، ولذا نجد تحذيرا في أغلب هذه المراصد سواء كانت للهواة أو المتخصصين بعدم توجيهها قريبا من الشمس. وهذا بعكس العدسات التي تتحمل الكثير من الحرارة، وإن كان يعيبها ثقلها كلما كبر حجمها).
2- لا يحتاج رصد الهلال لمرصد كبير الحجم، حيث اقترحوا مرصداً بقطر خمسة عشر(15) سم. (وبالتجريب وجدوا صعوبة في رصد الهلال بـهذا الجهاز، ويذكر د. فضل محمد نور رئيس مشروع المرصد الوطني في ذلك الحين، أنـهم فشلوا في رصد الهلال وهو على ارتفاع سبع درجات، ونجحوا وهو على ارتفاع سبعة عشرة درجة، ولكنه كان واضحا في السماء لكل ذي عينين مبصرتين).
3- لتفادي أشعة الشمس المهيمنة قرب الهلال، اقترحوا وضع أجهزة لرصد الأشعة تحت الحمراء (وهو غير النطاق الذي تُبصر فيه العين، مثل النطاق في أشعة إكس الطبية). وبالرغم من استخدامهم هذه التقنية الجديدة في رصد الهلال، فإنـهم لا يتوقعون إمكانية رصد الهلال إذا كان أقرب من أربع درجات من الشمس. (وبناءً على نتائجهم المرسومة بيانياً و المرافقة للمشروع، والذي أحيل للباحث لدراسته، قدر الباحث أنه لا يمكن الرؤية عند أقل من سبع درجات لا أربع كما ذكر نص المشروع. هذا مع العلم أن بعض الشهادات لرؤية الهلال بالمملكة التي سمع بـها الباحث عن بعض الذين اطلعوا عليها من قضاة وغيرهم، كانت لأبعاد أقل أحياناً من أربع درجات عن الشمس).
وعلى ما سبق فإن المرصد الفلكي البصري ليس بديلاً جيداً عن العين، ولقد جرب كثيرا في أنحاء متفرقة في العالم الإسلامي، ولم تسجل حالة واحدة على ما أعلم أنه أمكن رصد الهلال من خلال المرصد الفلكي ولم يشاهد بالعين المجردة. أما ما يُقال عن اختلاف المرصد الفلكي عن الرؤية، فالمقصود هو حسابات المرصد الفلكي، لا الرؤية من خلال المرصد الفلكي.
وأما الرصد عن طريق مراصد الليزر أو المراصد الرادوية، فيكون غير الرصد البصري، وهذا يوقعنا في إشكالية القبول بـها شرعا، هذا عدا أن هذه التقنية لا تستخدم للقمر وهو قريب من الأفق لخطورة أشعة ليزر على البشر، ولتشتت الأشعة الرادوية بسبب الاتصالات البشرية وغيرها من المؤثرات.
وخلاصة القول: إن الاستعانة بالمراصد الفلكية في رصد الهلال غير ممكن حاليا حسب الإمكانيات الموجود عالميا، إلا في حالات يمكن للعين البشرية أن ترى فيها ببساطة.
ملاحظة: يظن البعض أن المرصد الفلكي البصري يمكنه الرؤية خلال الغيم، وهذا محال علميا. ولكن يمكن الرصد في نطاقات غير النطاق البصري على أن يكون على القمر أجهزة تبث في هذا المجال، وهنا يصبح صعبا رصد الهلال عندما يكون قريبا من الأفق بسبب التشويش الكبير هناك، ومن المعلوم أن رصد الهلال يكون عادة وهو قريب من الأفق، بعد غروب الشمس.
الخاتمة:
خلص البحث إلى النقاط التالية:
1- أغلب الأساليب والتعاريف الفلكية لبداية الشهر الإسلامي لا تتفق مع التعريفات الشرعية.
2- تلك الطرق التي تحاول أن تتقرب من التعريف الشرعي لبداية الشهر الإسلامي، لا زالت تواجه بعضاً من النواقص في تعريفات متغيراتـها الأولية مثل:
أ) أثر الانكسار الجوي بدقة عالية (وهذا من الأمور الصعبة جداً).
ب) أثر ظاهرة السراب (وهو من الأمور الصعبة جداً).
جـ) الموقع الحقيقي للراصد وارتفاعه عن مستوى سطح البحر (وهذا ممكن لكن كل راصد سيُحسب له وحده).
3- المرصد الفلكي البصري لا يمكنه أن يكون بديلا منافسا للعين البشرية، بل قد يصبح وبالا عليها في حالة محاولة رؤية الهلال وهو قريب من الشمس، حيث أنه لن يمكن رؤية الهلال هنا، لكن الراصد قد يفقد بصره خلال ثوان.
4- إن محاولة حل الإشكال في الحسابات الفلكية له كثير من المصالح للمسلمين وغيرهم، والمسلمون أولى بذلك، لكن هذا العمل يحتاج لجهد كبير وفريق أكبر.
والله أدعو أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وهو من وراء القصد، وعليه التوكل والتوفيق. والحمد لله رب العالمين.
AA 1987.- [1]


المراجع:
- الشيخ بكر أبوزيد، فقه النوازل 2- 1409هـ/1988م.
- خالد المشيقح، رسالة ماجستير " معرفة أوقات العبادات عن طريق الظواهر الكونية" جامعة الإمـام محمـد بن سعود، 1408هـ/1988م.

- تقويم المجلة السلفية لسنة 1336هـ/1918م.
- الشيخ عبدالله السليم، الدرر المنثورة 1407هـ/1987م **

- الشيخ أحمد شاكر في كتابه "أوائل الأشهر العربية" **

- د. محمد إلياس، م. خالد طيب، تدويل التقويم الإسلامي 1988م
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
اوائل الشهور العربيه هل يجوز شرعا اثباتها بالحساب الفلكى

الشيخ أحمد محمد شاكر

القاهره : مكتبه ابن تيميه, 1407
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
اوائل الشهور العربيه هل يجوز شرعا اثباتها بالحساب الفلكى

الشيخ أحمد محمد شاكر

القاهره : مكتبه ابن تيميه, 1407

وهذا بعض ما ذكره الشيخ أحمد شاكر في رسالته "أوائل الشهور العربية" ، نقله عنه الشيخ يوسف القرضاوي في مقاله السابق "الحساب الفلكي وإثبات أوائل الشهور" ضمن "مقالات حول الحساب الفلكي":

قال رحمه الله في رسالته "أوائل الشهور العربية":
(فمما لا شك فيه أن العرب قبل الإسلام وفي صدر الإسلام لم يكونوا يعرفون العلوم الفلكية معرفة علمية جازمة، كانوا أمة أميين، لا يكتبون ولا يحسبون، ومن شدا منهم شيئًا من ذلك فإنما يعرف مبادئ أو قشورا، عرفها بالملاحظة والتتبع، أو بالسماع والخبر، لم تبن على قواعد رياضية، ولا على براهين قطعية ترجع إلى مقدمات أولية يقينية، ولذلك جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجع إثبات الشهر في عبادتهم إلى الأمر القطعي المشاهد الذي هو في مقدور كل واحد منهم، أو في مقدور أكثرهم. وهو رؤية الهلال بالعين المجردة، فإن هذا أحكم وأضبط لمواقيت شعائرهم وعباداتهم، وهو الذي يصل إليه اليقين والثقة مما في استطاعتهم، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
لم يكن مما يوافق حكمة الشارع أن يجعل مناط الإثبات في الأهلة الحساب والفلك، وهم لا يعرفون شيئًا من ذلك في حواضرهم، وكثير منهم بادون لا تصل إليهم أنباء الحواضر، إلا في فترات متقاربة حينا، ومتباعدة أحيانا، فلو جعله لهم بالحساب والفلك لأعنتهم، ولم يعرفه منهم إلا الشاذ والنادر في البوادي عن سماع إن وصل إليهم، ولم يعرفه أهل الحواضر إلا تقليدًا لبعض أهل الحساب، وأكثرهم أو كلهم من أهل الكتاب.
ثم فتح المسلمون الدنيا، وملكوا زمام العلوم، وتوسعوا في كل أفنانها، وترجموا علوم الأوائل، ونبغوا فيها، وكشفوا كثيرًا من خباياها، وحفظوها لمن بعدهم، ومنها علوم الفلك والهيئة وحساب النجوم.
وكان أكثر الفقهاء والمحدثين لا يعرفون علوم الفلك، أو هم يعرفون بعض مبادئها، وكان بعضهم، أو كثير منهم لا يثق بمن يعرفها ولا يطمئن إليه، بل كان بعضهم يرمي المشتغل بها بالزيغ والابتداع، ظنا منه أن هذه العلوم يتوسل بها أهلها إلى ادعاء العلم بالغيب - التنجيم - وكان بعضهم يدعي ذلك فعلا، فأساء إلى نفسه وإلى علمه، والفقهاء معذورون، ومن كان من الفقهاء والعلماء يعرف هذه العلوم لم يكن بمستطيع أن يحدد موقفها الصحيح بالنسبة إلى الدين والفقه، بل كان يشير إليها على تخوف.
هكذا كان شأنهم، إذ كانت العلوم الكونية غير ذائعة ذيعان العلوم الدينية وما إليها، ولم تكن قواعدها قطعية الثبوت عند العلماء.
وهذه الشريعة الغراء السمحة، باقية على الدهر، إلى أن يأذن الله بانتهاء هذه الحياة الدنيا، فهي تشريع لكل أمة، ولكل عصر، ولذلك نرى في نصوص الكتاب والسنة إشارات دقيقة لما يستحدث من الشئون، فإذا جاء مصداقها فسرت وعلمت، وإن فسرها المتقدمون على غير حقيقتها.
وقد أشير في السنة الصحيحة إلى ما نحن بصدده، فروى البخاري من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا... " يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين[16].
وقد أصاب علماؤنا المتقدمون رحمهم الله في تفسير معنى الحديث، وأخطأوا في تأويله، ومن أجمع قول لهم في ذلك قول الحافظ ابن حجر[17]: المراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها، ولم يكونوا يعرفون من ذلك إلا النزر اليسير. فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية، لرفع الحرج عنهم في معاناة التسيير، واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك. بل ظاهر السياق ينفي تعليق الحكم بالحساب الأصلي.
ويوضحه قوله في الحديث الماضي: "فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين"، ولم يقل: فسلوا أهل الحساب، والحكمة فيه كون العدد عند الإغماء استوى فيه المكلفون، فيرتفع الاختلاف والنزاع عنهم، وقد ذهب قوم إلى الرجوع إلى أهل التسيير في ذلك، وهم الروافض (الإسماعيلية) ونقل عن بعض الفقهاء موافقتهم، قال الباجي: وإجماع السلف الصالح حجة عليهم، وقال ابن بزيزة: وهو مذهب باطل، فقد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم؛ لأنها حدس وتخمين، ليس فيها قطع ولا ظن غالب مع أنه لو ارتبط الأمر بها لضاق، إذ لا يعرفها إلا القليل ا هـ.
فهذا التفسير صواب، في أن العبرة بالرؤية لا بالحساب، والتأويل خطأ، في أنه لو حدث من يعرف استمر الحكم في الصوم ـ أي باعتبار الرؤية وحدها ـ لأن الأمر باعتماد الرؤية وحدها جاء معللا بعلة منصوصة، وهي أن الأمة "أمية لا تكتب ولا تحسب"، والعلة تدور مع المعلول وجودًا وعدمًا، فإذا خرجت الأمة عن أميتها، وصارت تكتب وتحسب، أعني صارت في مجموعها ممن يعرف هذه العلوم، وأمكن الناس ـ عامتهم وخاصتهم ـ أن يصلوا إلى اليقين والقطع في حساب أول الشهر، وأمكن أن يثقوا بهذا الحساب ثقتهم بالرؤية أو أقوى، إذا صار هذا شأنهم في جماعتهم وزالت علة الأمية: وجب أن يرجعوا إلى اليقين الثابت، وأن يأخذوا في إثبات الأهلة بالحساب وحده، وألا يرجعوا إلى الرؤية إلا حين استعصى عليهم العلم به، كما إذا كان ناس في بادية أو قرية، لا تصل إليهم الأخبار الصحيحة الثابتة عن أهل الحساب.
وإذا وجب الرجوع إلى الحساب وحده بزوال علة منعه، وجب أيضًا الرجوع إلى الحساب الحقيقي للأهلة، واطّراح إمكان الرؤية وعدم إمكانها، فيكون أول الشهر الحقيقي الليلة التي يغيب فيها الهلال بعد غروب الشمس، ولو بلحظة واحدة.
وما كان قولي هذا بدعًا من الأقوال: أن يختلف الحكم باختلاف أحوال المكلفين فإن هذا في الشريعة كثير، يعرفه أهل العلم وغيرهم، ومن أمثلة ذلك في مسألتنا هذه: أن الحديث: "فإن غم عليكم فاقدروا له" ورد بألفاظ أخر، في بعضها: "فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين" ففسر العلماء الرواية المجملة: "فاقدروا له" بالرواية المفسرة: "فأكملوا العدة" ولكن إمامًا عظيمًا من أئمة الشافعية، بل هو إمامهم في وقته، وهو أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج جمع بين الروايتين، بجعلهما في حالين مختلفين: أن قوله: "فاقدروا له" معناه: قدروه بحسب المنازل، وأنه خطاب لمن خصه الله بهذا العلم، وأن قوله: "فأكملوا العدة"خطاب للعامة[18].
فقولي هذا يكاد ينظر إلى قول ابن سريج، إلا أنه جعله خاصًا بما إذا غم الشهر فلم يره الراؤون، وجعل حكم الأخذ بالحساب للأقلين، على ما كان في وقته من قلة عدد العارفين، وعدم الثقة بقولهم وحسابهم، وبطء وصول الأخبار إلى البلاد الأخرى، إذا ثبت الشهر في بعضها، وأما قولي فإنه يقضي بعموم الأخذ بالحساب الدقيق الموثوق به، وعموم ذلك على الناس، بما يسر في هذه الأيام من سرعة وصول الأخبار وذيوعها. ويبقى الاعتماد على الرؤية للأقل النادر، ممن لا يصل إليه الأخبار، ولا يجد ما يثق به من معرفة الفلك ومنازل الشمس والقمر.
ولقد أرى قولي هذا أعدل الأقوال، وأقربها إلى الفقه السليم، وإلى الفهم الصحيح للأحاديث الواردة في هذا الباب)

ثم قال الشيخ يوسف القرضاوي:
هذا ما كتبه العلامة شاكر منذ أكثر من نصف قرن ـ ذي الحجة 1357 هـ الموافق يناير 1939م.

ولم يكن علم الفلك في ذلك الوقت قد وصل إلى ما وصل إليه اليوم من وثبات استطاع بها الإنسان أن يغزو الفضاء، ويصعد إلى القمر، وانتهى هذا العلم إلى درجة من الدقة، غدا احتمال الخطأ فيها بنسبة واحد إلى مائة ألف في الثانية!!

كتب هذا الشيخ شاكر وهو رجل حديث وأثر قبل كل شيء، عاش حياته -رحمه الله- لخدمة الحديث، ونصرة السنة النبوية، فهو رجل سلفي خالص، رجل اتباع لا رجل ابتداع، ولكنه -رحمه الله- لم يفهم السلفية على أنها جمود على ما قاله من قبلنا من السلف، بل السلفية الحق أن ننهج نهجهم، ونشرب روحهم، فنجتهد لزمننا كما اجتهدوا لزمنهم، ونعالج واقعنا بعقولنا لا بعقولهم، غير مقيدين إلا بقواطع الشريعة، ومحكمات نصوصها، وكليات مقاصدها.
 
التعديل الأخير:

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
ومن ضمن ما كتب في هذا الموضوع:
العَلَم المنشور في إثبات الشهور(1)؛ للإمام أبي الحسن تقي الدين السبكي، طبع ملحقاً بكتاب:
إرشاد أهل الملَّة إلى إثبات الأهلَّة، تأليف الشيخ: محمد نجيب المطيعي، بمطبعة كردستان العلمية، لصاحبها فرج الله زكي الكردي، بدرب المسمط، بمصر عام 1329هـ، كما طبع مستقلاً بتعليق الأستاذ: محمد القاسمي، الطبعة الثانية 1410هـ، بمكتبة الإمام الشافعي بالرياض.


------------------------
(1) يُنظر: معجم المطبوعات (1005).
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ومن ضمن ما كتب في هذا الموضوع:
العَلَم المنشور في إثبات الشهور(1)؛ للإمام أبي الحسن تقي الدين السبكي، طبع ملحقاً بكتاب:
إرشاد أهل الملَّة إلى إثبات الأهلَّة، تأليف الشيخ: محمد نجيب المطيعي، بمطبعة كردستان العلمية، لصاحبها فرج الله زكي الكردي، بدرب المسمط، بمصر عام 1329هـ، كما طبع مستقلاً بتعليق الأستاذ: محمد القاسمي، الطبعة الثانية 1410هـ، بمكتبة الإمام الشافعي بالرياض.


------------------------
(1) يُنظر: معجم المطبوعات (1005).


بارك الله فيك وجزاك خيرا....
وهذه أيضا بعض المراجع التي ذكرت في خاتمة بحث " دخول الشهر القمري بين رؤية الهلال والحساب الفلكي" لـ فهد الحسون:

1- [دورتا الشمس والقمر وتعيين أوائل الشهور العربية باستعمال الحساب] للدكتور حسين كمال الدين ، مطبعة دار الفكر العربية في مصر ، طبعة عام 1416هـ.

1- [علم الفلك] للدكتور يحيى شامي ، مطبعة دار الفكر العربي في لبنان ، الطبعة الأولى 1417هـ.

2- [الفلك العلمي] لعبد الكريم محمد نصر ، طبعة عام 1407هـ.


3- [مبادئ الكونيات] للأمين محمد أحمد كعورة ، مطبعة عالم الكتب في لبنان.

4- [مسائل في الفقه المقارن] تأليف : الدكتور عمر سليمان الأشقر ، والدكتور ماجد أبو رخية ، والدكتور محمد عثمان شبير ، والدكتور عبد الناصر أبو البصل ، مطبعة دار النفائس ، الطبعة الأولى 1416هـ.

5- [مجلة الأزهر] ، الجزء الثامن ، السنة السبعون ، عدد شعبان 1418هـ.

6- [مجلة مجمع الفقه الإسلامي] ، الدورة الثالثة لمؤتمر الفقه الإسلامي ، العدد الثاني: 1408هـ.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
اوائل الشهور العربيه هل يجوز شرعا اثباتها بالحساب الفلكى

الشيخ أحمد محمد شاكر

القاهره : مكتبه ابن تيميه, 1407

نقل الشيخ فهد الحسون عن الشيخ بكر أبو زيد قوله:

الشيخ بكر أبو زيد - حفظه الله - قال : " رأيت لدى الشيخ إسماعيل خطاباً من الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله تعالى - يعتذر فيه إلى الشيخ إسماعيل ، وأنه إنما نشر رسالته لإثارة البحث بين أهل العلم ، وإلا فليس له رأي بات في المسألة"

[الشيخ بكر أبو زيد في مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد الثالث لعام 1408هـ (2\834)]

ويقصد الشيخ بكر أبو زيد بـ[الشيخ إسماعيل] : الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
التحديد الفلكي لأوائل الشهور القمرية
( رجب ، شعبان ، رمضان ، شوال ) لعام 1425 هـ
الشيخ/ عبد الله بن سليمان بن منيع 2/8/1425
16/09/2004

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، والشكر لله الذي ميزنا بعقول نستطيع بها التفكر في آيات الله ومخلوقاته وأشهد ألا إله إلا الله القائل (والشمس والقمر بحسبان) والقائل (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب) وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله القائل (إن هذا الدين متين ولن يشاده أحد إلا غلبه ولكن يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا ) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :
فلقد كان مني المساهمة في تنوير إخواني المسلمين في بلادي خاصة وفي البلدان الإسلامية عامة بمواعيد ولادة أهلة الشهور القمرية القريبة من شهر رمضان المبارك ـ رجب ، وشعبان ، وشوال ـ؛ خدمة لتحديد دخول شهر رمضان وخروجه، ونشر ذلك في بعض الوسائل الإعلامية كالصحافة والمواقع الإسلامية على الشبكة العالمية (الانترنت)، وكان لهذه المساهمة أثرها في انضباط الفتوى بثبوت رؤية هلال رمضان وهلال شوال . حيث مضى لنا أكثر من خمس سنوات وأمر الفتوى في ذلك مستقيم لدى الجهة المختصة بالإثبات بالرغم من تضايق تلك الجهة بتلك المساهمة .

( انظر : العدد 27 من مجلة البحوث الإسلامية : ص : 91 ـ 118 ) .
ومع ذلك فقد عذرتهم لشعورهم الصادق بمسئوليتهم ووجوب بذل الجهد في تحقيق مقتضاها .
ولكن ما كل مجتهد مصيب والبحث عن الحق يقتضي البعد عن التعصب واتهام الإنسان لرأيه طالما أن الرأي مبني على الاجتهاد والتحري واحترام آراء الآخرين .
وإيمانا مني بجدوى هذه المساهمة التبصيرية وأثرها في الأخذ بالقيود والضوابط ومضاعفة التحقق والتحري في قبول شهادات رؤية هلال شهر رمضان وهلال شهر شوال لا سيما إذا كانت المعلومات تؤكد أن ولادة الهلال ستكون بعد غروب شمس اليوم الذي ادعيت فيه الرؤية .
إيمانا مني بذلك فسأختم هذا البحث ببيان مواعيد ولادة أهلة الشهور الأربعة ـ رجب وشعبان ورمضان وشوال ـ والبيان الفلكي لبدء أوائل هذه الشهور الأربعة بما فيها أول يوم من شهر رمضان وأول يوم من شهر شوال ـ يوم عيد الفطر ـ وكذلك بيان الفوارق الزمنية بين غروب الشمس وغروب القمر .
وقبل ذلك فلي في هذا البحث عدة وقفات أوردها فيما يلي :

الوقفة الأولى :
مع العتب من هذا الاتجاه عليّ وعلى بعض إخواني الذين شعروا بواجبهم نحو التعاون مع إخوانهم جهات مثبتي أوائل الشهور القمرية بما في ذلك شهر رمضان وشهر شوال .
العتب على هذا الاتجاه منّا بتدخلنا فيما لا يعنينا وبجهلنا فيما تدخلنا فيه مما سمعنا وقرأنا .
هذا العتب في غير محله لا سيما وقد صدر ممن هم أهل للتقوى والصلاح والإمامة ، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر المسلمين عامة بالنصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم ، فحينما يكون منا هذا الإسهام في التوضيح والبيان فنحن نتعاون مع ولاة أمورنا ومنهم الجهة المختصة بالإثبات وذلك فيما نراه محققا للصواب، لا سيما ونحن نرى أن الأمر منهم يحتاج إلى مزيد من التحري والتحقيق وصيانة سمعة بلادنا وقادتها من القيل والقال والهمز واللمز ، وقد كانت مساهمتنا في هذا السبيل مصدر ارتياح وتقدير من أهل العلم والفكر والنظر داخل بلادنا وخارجها والحمد لله رب العالمين .

الوقفة الثانية :
مع القول بأن الأخذ بالحساب مطلقا منافٍ للنصوص الشرعية من كتاب الله تعالى ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
هذا القول فيه حق وباطل . أما الحق فهو أن القول بالأخذ بالحساب الفلكي في إثبات دخول الشهر وخروجه دون النظر إلى الرؤية الشرعية للهلال في الإثبات قول باطل ويظهر لنا بطلانه ومنافاته للنصوص الشرعية من كتاب الله تعالى ومن سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم إذ لا شك أن علماء الأمة الإسلامية إلا من شذ مجمعون على أن دخول شهر رمضان وخروجه لا يتم إلا برؤية الهلال لا بالحساب الفلكـي، قال تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه) [البقرة: 185]وقال صلى الله عليه وسلم (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته..)). الحديث، أخرجه البخاري (1909)، ومسلم (1081).
وأما الباطل من هذا القول فهو الأخذ بشهادة من يدعي الرؤية - بعد إجراءات تعديله – وذلك قبل ولادة الهلال؛ إذ هي شهادة لم تنفك عما يكذبها، إذ كيف يُرى الهلال متخلفا عن الشمس بحيث تغيب قبل غيابه والحال أنه لم يولد بعدُ، فهو لا يزال متقدما على الشمس فهو غربها وهي شرقه، فهي شهادة باطلة لا يجوز سماعها فضلا عن قبولها، فنحن حينما نقول بالأخذ بالحساب الفلكي نحصر هذا القول في النفي دون الإثبات، فإذا قال علماء الفلك بأن الهلال لا يولد إلا بعد غروب الشمس وجاء من يشهد برؤيته بعد غروب الشمس والحال أنه لم يولد فهذه الشهادة غير صحيحه وباطلة وإن كانت من جملة شهود . فهذا وجه الأخذ بالحساب فيما يتعلق بالنفي.
أما إذا كان الهلال مولوداً قبل غروب الشمس ولم يتقدم بالشهادة على رؤيته شاهد أو أكثر فلا يجوز أن نثبت دخول الشهر بالحساب والحال أنه لم يتقدم شاهد برؤيته، وقد أحسن مجلس القضاء الأعلى في قراره عدم ثبوت دخول شهر رمضان يوم الأحد الموافق 26/10/2003م فقد كانت ولادة الهلال حاصلة قبل غروب شمس يوم السبت الموافق 29/8/1424هـ إلا أن الهلال لم ير ذلك اليوم بعد غروب الشمس في بلادنا السعودية فأصدر المجلس قرارا بأن يوم الاثنين هو اليوم الثلاثين من شهر شعبان.
وهذا التصرف من المجلس عين الحق حيث إن المعتمد في الإثبات الرؤية فقط دون الحساب.
والقول برد شهادة من يشهد برؤية الهلال بعد غروب الشمس والحال أن الشمس غربت قبل ولادة الهلال قول صحيح لا يتنافى مع النصوص الشرعية من كتاب الله تعالى ولا من سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ذلك أن الشهادة معتبرة إذا سلمت عما يؤثر على اعتمادها، ومعلوم أن للشهادة موانع قبول واعتماد ومن أهم ذلك أن تنفك عما يكذبها، ولا شك أن غروب الشمس قبل ولادة الهلال يُعَدٌّ أقوى مانع لرد شهادة من يشهد برؤية الهلال بعد غروب الشمس والحال أنها غربت قبل الولادة، فنحن بهذا لم نرد قول الله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه) ولا قول رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته))وإنما رفضنا شهادة باطلة ممن شهد بشهادة لم تنفك عما يكذبها، فالشاهد هو الواهم أو الكاذب في شهادته. فليس في الأمر رؤية صحيحة للهلال لكونه لم يولد بعدُ . وبهذا يتضح الأمر بأن الأخذ بالحساب فيما يتعلق بالنفي ليس فيه مصادمة لكتاب الله ولا لسنة رسوله محمد صلى الله عيه وسلم .

الوقفة الثالثة :
مع قول بعضهم في معرض الرد على القول بالأخذ بمقتضى ولادة الهلال ما نصه : ما الذي نجنيه من الكتابة عن الصيام وتكذيب شهود رؤية الهلال لأن الحساب قد دلنا على أن الشهر لن يهل أو أنه لم يولد ؟ هل عندنا بذلك أثارة من علم ممن لا يرد قوله . إلى آخر ما قال .
وأتمنى من قائل هذا القول أن يتهم رأيه وعلمه، فرحم الله امرأًً عرف قدر نفسه فيما يتكلم فيه، فعلم الفلك علم له قواعده وأصوله ونتائجه، وله علماؤه المختصون به، وعلى نظرياته الدقيقة تبنى أدق التطبيقات العلمية في عالم الفضاء والكون، وليس الأمر فيه محصورا في أثارة من علم تنتظر ممن لا يرد قوله فالأمر في ذلك قطعي لا يحتاج إلى أثارة من علم .
ومن المسائل الفلكية التي لا تقبل جدلاً من أهل الدراية والنظر والاختصاص مسألة ولادة الهلال فهي مسألة قطعية لا يختلف فيها ولا في تحديد وقتها بالدقيقة لا بل بالثانية أحد من علماء الفلك من مسلمين وغير مسلمين ولا يشك في قطعيتها إلا من يشك في نتيجة جمع الخمسة مع الثمانية أو ضرب الستة في الأربعة أو طرح الثلاثة من التسعة أو قسمة الثمانية على الاثنين.
وإذا كان المنازع لا يزال في منازعته في أن ولادة الهلال ظنية لا قطعية فعليه أن يأتي بقول واحد من علماء الفلك يقول بظنية الولادة لا قطعيتها. أما أن تُحشر لنا نصوص من أقوال فقهائنا من المذاهب الأربعة فهم علماء شريعة وليسوا علماء فلك. فهل يصح أن ننتقد مسألة طبية في الجراحة مثلا أو مسألة هندسية من النظريات الهندسية ثم نأتي بأقوال
الفقهاء على انتقاد هذه المسائل العلمية من طب أو هندسة أو فلك أو نحو ذلك ؟

الوقفة الرابعة:
مع الاحتجاج لرد العمل بالحساب بقوله صلى الله عليه وسلم : ((إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب )) إلى آخر الحديث أخرجه الخاري (1913)، ومسلم (1080) وتوجيه الاحتجاج لذلك أن وصف أمة الإسلام بالأمية وصف مدح لا وصف ذم. هذا القول بالرغم من صدوره ممن هو في مستوى رفيع من العلم ودقة النظر وعمق التفكير إلا أنه قول فيه نظر، فرسول الله صلى الله عليه وسلم وصف هذه الأمة من واقعها في عهـده فليس الغرض من وصفها بالأمية مدحها أو ذمها وإنما الغرض من ذلك تقرير أن الأمة لا تكلف بما لا تستطيع (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) [البقرة:286] ، (وما جعل عليكم في الدين من حرج) [الحج:78] ولكن بعد أن تيسر لهذه الأمة الدخول في ميادين العلم ومن ذلك علم الفلك فقد زالت عن هذه الأمة الأمية فصارت تحسب وتكتب وتعلم وتقرأ وتخترع وتدرك ما أدركه الآخرون من آيات الله وعجائب مخلوقاته وأسرار مكنوناته ودقائق صنعه وإتقان إبداعه، وبزوال هذه الأمية يقوم التكليف، وتسقط الأعذار، ويتعين الأخذ بالأسباب ونتائج المعرفة، وطرح التعلل بالجهل بعد زواله وحلول العلم محله.

الوقفة الخامسة:
مع حاشيةٍ لبحثٍ لبعض إخواننا في مجلة البحوث الإسلامية ( العدد 27 ) من أنه اطلع على أكثر من عشرة كتب فلكية وليس في واحد منها ما يشير إلى قطعية الحساب .
ونحن نتساءل هل في هذه الكتب ما ينفي قطعية الحساب ؟ وإذا كان كذلك فليت الباحث أتى بنصوص من هذه الكتب تدل على ما ذكر وبشرط أن تكون هذه الكتب من أهل الاختصاص في الفلك.
وقد جاء في هذه الحاشية ذكر قرار مؤتمر الكويت عام 1409هـ وهو قرار لا يتفق مع موضوع البحث، فهو قرار يؤيد القول باعتبار الحساب الفلكي في حال النفي وقد جاء في القرار الفقرة (1) النص على ذلك وأن هذا القول هو قول عدد من فقهاء المسلمين كابن تيمية والقرافي وابن القيم وابن رشد، وفي الفقرة الثالثة من القرار ما يدل على أن الإثبات يجب أن يعتمد على الشهادة.
وللشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - هو أحد علماء مصر والمختصين في علم الحديث ورجاله رسالة بعنوان ( أوائل الشهور العربية هل يجوز شرعا إثباتها بالحساب الفلكي ) وقد ذكر في رسالته ما نصه :
" لقد كان للأستاذ الأكبر الشيخ المراغي منذ أكثر من عشر سنين حين كان رئيس المحكمة العليا الشرعية رأي في رد شهادة الشهود إذا كان الحساب يقطع بعدم إمكان الرؤية كالرأي الذي نقلته هنا عن تقي الدين السبكي . وأثار رأيه هذا جدلا شديدا وكان والدي وكنت أنا وبعض إخواني ممن خالف الأستاذ الأكبر في رأيه ولكني أصرح الآن بأنه كان على صواب وأزيد عليه وجوب إثبات الأهلة بالحساب في كل الأحوال إلا لمن استعصى عليه العلم به. وما كان قولي هذا بدعا من الأقوال أن يختلف الحكم باختلاف أحوال المكلفين فإن هذا في الشريعة كثير يعرفه أهل العلم وغيرهم ". ا .هـ
( ص : 15 من الرسالة نشر مكتبة ابن تيمية لطباعة ونشر الكتب السلفية ).
ما ذكره فضيلة الشيخ أحمد شاكر وما جاء في قرار مؤتمر الكويت عام 1409 هـ يتضح منه أن القول باعتبار الحساب الفلكي لا سيما فيما يتعلق برد شهادة رؤية الهلال قبل ولادته قول مجموعة من علماء المسلمين قديما وحديثا، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والقرافي وابن رشد والسبكي والمراغي وأحمد شاكر والشيخ مصطفى الزرقاء رحمهم الله .

الوقفة السادسة:
هذه الوقفة مختصة بحوار قصير مع الجهة المختصة بإثبات الأهلة في بلادنا فهذه الجهة جهة علمية مشهود لرئيسها وأعضائها بالنصح الخالص للبلاد وأهلها خاصة وللمسلمين عامة وهم أهل لذلك من حيث التقوى والصلاح وبذل الجهد في استبراء الذمة مع ما يتمتعون به من كفاءة علمية تؤهلهم لممارسة اختصاصهم، وهم يدركون ما قاله مجموعة من فقهاء المسلمين ومحققيهم قديما وحديثا من أن الفتوى تتغير بتغير الأحوال والأزمان والأمكنة والظروف بشرط أن لا يكون هذا التغير مصادما لنص شرعي أو أصل من أصول الدين. فعلوم التقنية بمختلف أجناسها وأنواعها قد تطورت تطوراً خدم البشرية خدمة أثرت على أنماط حياتها، ونقلتها من عالم محدود الإدراك والتفكير والتحرك إلى عالم يسابق زمنه في الإبداع والعطاء والقدرة على الانتفاع بعوامل الانفتاح الفكري والنظري والتطبيقي . أفلا يجد إخواننا أن واجب عملهم واختصاصهم بإثبات الرؤية يقتضي الأخذ بكل جديد يساعدهم على الدقة في تحقيق ما اختصوا به ؟
ومن ذلك إعادتهم النظر في آرائهم السلبية نحو النتائج الفلكية لا سيما وهم في علوم الفلك في صفٍ لا يؤهلهم لهذا الموقف السلبي نحو النتائج الفلكية، فلو عملوا على عقد مؤتمر دولي يُدعى إليه علماء فلكيون من أجناس فلكية مختلفة ويحضر معهم علماء شرعيون من بلدان إسلامية مختلفة يُبحث في هذا المؤتمر موضوع الاقتران والولادة وإمكان الرؤية وهل النتائج الفلكية في علم هذه المسائل قطعية أو ظنية ؟ وهل في ذلك خلاف بين علماء الفلك ؟ حتى لا يكون منّا رد لقضايا قطعية نقول عنها على سبيل التشكيك والارتياب : هل لدى أحد أثارة من علم بها ممن لا يرد قوله!!.
فإنكارنا النتائج العلمية القطعية مما هو محل إجماع علماء الاختصاص يرجع علينا بالنقص والزراية وضيق الأفق والنظر وسوء السمعة، وقد سمعنا الكثير من ذلك وتألمنا مما سمعنا . والله حسبنا ونعم الحسيب .

الوقفة السابعة:
مع قول بعضهم إن علماء الفلك مختلفون فيما بينهم في إمكان الرؤية وفي تحديد أول الشهر وآخره وهذا يعني أن النتائج الفلكية ظنية وما دامت ظنية والرؤية ظنية وقد اعتبر الشارع الرؤية وأمرنا باعتمادها فلا حاجة لنا بالفلك وعلومه .
والإجابة على هذا الإيراد تقتضي التمهيد لها بتعريف الاقتران والولادة وإمكان الرؤية وهذا تعريفها :
الاقتران : هو اجتماع الشمس والقمر في خط طولي واحد بحيث لا ينعكس ضوء الشمس على القمر ولا على جزء منه .
الولادة : هي انفصال القمر عن الشمس بحيث تكون الشمس أمامه من جهة الغرب ، والقمر خلفها من جهة الشرق ، فيظهر بالولادة نور الشمس على جزء من القمر .
إمكان الرؤية : هو حصولها بالقدرة البصرية على رؤية الهلال بعد ولادته .
وقد أجمع علماء الفلك على أن ولادة الهلال تتم في وقت محدد بالدقيقة إن لم يكن بالثانية وأن علماء الفلك قاطبة لا يختلفون في ذلك التحديد إلا إذا اختلف علماء الرياضيات في نتيجة جمع عشرين مع خمسة عشر أو نحو ذلك من النتائج القطعية.
وإنما الاختلاف بين الفلكيين في مسألة إمكان رؤية الهلال بعد اتفاقهم على وقت ولادته . فبعضهم يقول بولادته قبل غروب الشمس . ولكن لا يمكن رؤيته إلا إذا كان على زاوية أفقية محددة بدرجة معينة وعلى ارتفاع درجات محددة أيضا بعدد كخمس درجات أو ست أو أقل من ذلك أو أكثر فهذه المسألة محل اختلاف بينهم مع اتفاقهم جميعا على تحديد وقت الولادة . وهذا الاختلاف هو الذي أوجد خلطا بين علماء الشريعة وفقهائها قديما وحديثا فلم يفرقوا بين الولادة وبين إمكان الرؤية من عدمه ؛ فظنوا أن الاختلاف في إمكان الرؤية هو اختلاف في تحديد الولادة والذي ندين الله به جمعا بين النصوص الشرعية والنتائج القطعية للفلك أن الرؤية تثبت بالشهادة عليها وأن دخول الشهر أو خروجه يجب أن ينحصر إثباته فيها ولو قال الفلكيون بولادة الهلال قبل غروب الشمس ولم يُرَ الهلال فلا يجوز الأخذ بالإثبات الفلكي، كما لا يجوز تقييد رؤية الهلال بعد ولادته بإمكان الرؤية وتقييد الإمكان بزاوية معينة أو درجة معينة ، فمتى ولد الهلال وجاءت الشهادة بالرؤية تعين اعتبار الرؤية من غير اعتبارٍ للإمكان .
وأما إذا غربت الشمس قبل الولادة وجاء من يشهد برؤية الهلال بعد غروب الشمس فيجب رد هذه الرؤية حيث إن رؤية الهلال منتفية قطعا في هذه الحال وعليه فيجب اعتبار الحساب الفلكي في حال النفي دون حال الإثبات .
ولمزيد من توضيح معنى أن الحساب الفلكي وأنه يجب أن يُستند عليه في النفي دون الإثبات نذكر الحالات الآتية والحكم على كل حال منها:
الحال الأولى : أن يولد الهلال قبل غروب الشمس ويأتي من يشهد برؤيته بعد غروب الشمس فهذه الرؤية معتبرة ويثبت بها بعد تعديلها دخول الشهر، فإن كان شهر رمضان فيكفي لها شاهد عدل، وإن كان شهرا غير شهر رمضان فيجب أن تكون الشهادة بالرؤية من شاهدي عدل فأكثر، وفي هذه الحال فقد اتفق النظر الشرعي مع الواقع الفلكي على إثبات دخول الشهر.

الحال الثانية : أن يولد الهلال بعد غروب الشمس ولم يتقدم أحد بدعوى رؤيته الهلال بعد غروب الشمس ففي هذه الحال اتفق النظر الشرعي مع الواقع الفلكي على نفي الرؤية واعتبار هذه الليلة ليلة آخر يوم من الشهر الحالي .

الحال الثالثة : أن يولد الهلال قبل غروب الشمس ولكن لم يتقدم أي شاهد برؤيته الهلال فهذه الحال اختلف النظر الشرعي مع الواقع الفلكي حيث إن الواقع الفلكي يثبت دخول الشهر والنظر الشرعي ينفي ذلك حيث لم يشهد أحد برؤية الهلال ففي هذه الحال يجب علينا الأخذ بالنظر الشرعي في نفي دخول الشهر استجابة للنصوص الشرعية من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم : (فمن شهد منكم الشهر فليصمه). ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)) .كما يجب علينا عدم الأخذ بالثبوت الفلكي لانحصار الإثبات الشرعي في الرؤية فقط .

الحال الرابعة :أن يولد الهلال بعد غروب الشمس ويأتي من يشهد برؤية الهلال بعد غروب الشمس فهذه الحال اختلف الواقع الفلكي مع دعوى الرؤية قبل الولادة حيث إن دعوى الرؤية يثبت دخول الشهر والواقع الفلكي ينفي دخول الشهر ففي هذه الحال يجب الأخذ بالواقع الفلكي حيث إن الهلال لم يولد إلا بعد غروب الشمس فكيف يُرى بعد غروبها والحال أن الشمس غربت والهلال متقدم عليها نحو الغرب وهي متخلفة عنه نحو الشرق فالرؤية التي تقدم بها أصحابها شهادة ، ومن شروط قبول الشهادة أن تنفك عما يكذبها، وهذه الشهادة لم تنفك عما يكذبها حيث إن ما يكذبها ملازم لها فيجب رد هذه الشهادة مهما كان الشاهد بها ومهما تعدد شهودها، وهذا معنى قولنا يجب الأخذ بالحساب الفلكي فيما يتعلق بالنفي لا بالإثبات .
وهناك إيراد آخر ملخصه إن علماء الفلك قاطبة مجمعون على أن ولادة الهلال لها وقت محدد بلحظة واحدة ومع ذلك يوجد خلاف بينهم في تحديد أول كل شهر والمثال على ذلك اختلاف العجيري وهو أحد علماء الفلك مع تقويم أم القرى في تحديد أول شهر رمضان عام 1421 هـ ، والسؤال عن وجه هذا الاختلاف والحال أن علماء الفلك مجمعون على تحديد ولادة هلال كل شهر بلحظة معينة .
والجواب عن هذا الإشكال أن غالب علماء الفلك من مسلمين وغير مسلمين أخذوا بتوقيت جرينتش واتفقوا على الأخذ باصطلاح مقتضاه :
إن وُلد الهلال قبل الثانية عشرة بتوقيت جرينتش فالليلة ليلة أول يوم من الشهر . وإن ولد بعد الثانية عشرة فالليلة آخر يوم من الشهر . والأستاذ العجيري أحد هؤلاء العلماء الذين يأخذون بتوقيت جرينتش وباعتبار هذا الاصطلاح المذكور في أول الشهر وآخره، وأما لجنة تقويم أم القرى فهي تأخذ بقرار مجلس الوزراء السعودي رقم ( 143 ) وتاريخ 22/ 8 / 1418 هـ المقتضي الأخذَ بغروب الشمس في مكة المكرمة فإن كان غروبها قبل ولادة الهلال فتعتبر هذه الليلة ليلة آخر يوم من الشهر ، وإن كان غروبها بعد ولادة الهلال فتعتبر هذه الليلة أول يوم من الشهر ، ومستند هذا القول هو المقتضى الشرعي في اعتبار دخول الشهر وخروجه الرؤية الشرعية المعتمدة على الشهادة الصحيحة برؤية الهلال بعد غروب الشمس، وبهذا يظهر وجه الاختلاف والجواب عنه , وأن هذا الاختلاف ليس اختلافا في وقت ولادة الهلال وإنما هو اختلاف في الاصطلاح.
فلو فرضنا أن الهلال ولد بعد غروب الشمس من مكة المكرمة الساعة الحادية عشرة مساء بتوقيت المملكة والساعة الثامنة مساء بتوقيت جرينتش فعلى حساب الأستاذ العجيري ومن اخذ بهذا الاصطلاح تكون هذه الليلة هي ليلة أول يوم من الشهر , وعلى حساب تقويم أم القرى تكون هذه الليلة هي ليلة آخر يوم من الشهر . ولاشك أن حساب تقويم أم القرى هو المتفق مع المقتضى الشرعي لأن العبرة في دخول الشهر وخروجه بغروب الشمس آخر الشهر قبل غروب القمر , فإن غربت الشمس قبل غروب القمر كانت الليلة ليلة أول يوم من الشهر , وإن غرب القمر قبل الشمس كانت الليلة آخر الشهر ولا عبرة بولادة الهلال بعد غروب الشمس سواءً أكان ذلك أول الليلة أو آخرها. وهذا هو المقتضى الشرعي المستند على قوله صلى الله عليه وسلم : ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ))، ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما : (( إنما الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه )) أخرجه مسلم (1080).
والحمد لله الذي هدانا لهذا فقد صار للجهة المختصة عندنا في إثبات دخول شهر رمضان وخروجه مزيد من التأني والتحري، والاستئناس بتقويم أم القرى في مدى الأخذ بشهادة شهود يشهدون برؤية الهلال قبل ولادته . وهذه مرحلة أولى من الجهة المختصة في الأخذ بمقتضى ولادة الهلال . ونأمل أن تتلوها مرحلة الاعتراف بولادة الهلال حتى ننفي عنا وعن بلادنا وعن ولاة أمورنا سمعة القيل والقال والهمز واللمز .

الوقفة الثامنة:
مع مدعي رؤية الهلال قبل ولادته .
يمكن تعليل رؤية الهلال قبل ولادته ممن يدعيها بما يلي:
(1) يحتمل أن يكون المرئي نجما أو كوكباً قريباً من الشمس في حجم نقطة تُظن هلالاً. وأذكر أن أخوين من جماعتي من أسرة الهدلق تقدما إلى قاضي البلد بدعوى رؤية هلال شوال، وحينما ناقشهما القاضي عن الهلال وصفته قال: لعلكما رأيتما نجمةً؟ فقالا: نعم لعلها نجمة، فسميت نجمة الهدلق.
(2) يحتمل أن تكون الرؤية لطائرة أو مركبة فضائية أو قمرٍ صناعي أرى جسم في الفضاء قريب أو بعيد من ذلك ما روي عن إياس بن معاوية وقصته مع أنس بن مالك.
(3) يحتمل أن تكون حالة جوية كعاصفة أو سحابة أو سراب.
(4) يحتمل أن تكون حالة نفسية حيث إن المتحري يُخَيَّل إليه شيء فيعتقده حقيقة .
(5) يحتمل الكذب في ذلك وهذا أبعد الاحتمالات إلا أنه قد يقع.
وهناك احتمال آخر يتعلق بحالةٍ للهلال في شهر واحد من شهور العام حيث يُرى الهلال قبل ولادته إلا أن هذه الرؤية ليست رؤية حقيقية للهلال وإنما هي رؤية لانعكاسه في الأفق خلف الشمس والحال أنه أمام الشمس لم يولد بعدُ وهذه الحال قد يظن بها مخالفة للقول بأن ولادة الهلال قطعية .
وبتفسير هذه الحالة يظهر الرد على القول بالمخالفة وتأكيد القول بقطعية الولادة وعليه فتفسير هذه الحال ما يلي :


من المعلوم للجميع بالمشاهدة أن الهلال يكون ناقص الاستدارة ومقوساً حتى ليلة تمام القمر يوم خمسة عشر وفي ليالي هذه الأيام أي في النصف الأول من الشهر يكون نقص الاستدارة – فتحة القوس - من الشرق ويكون التقويس من الغرب وذلك بهذا الشكل:
bin_min3.jpg





وفي النصف الثاني من الشهر ينعكس الأمر فتكون فتحة التقويس إلى الغرب ويكون التقويس إلى الشرق وذلك بهذا الشكل:
bin_min2.jpg



ويمكن استخدام هذه الظاهرة الكونية في معرفة الغرب والشرق إذا كان الإنسان في البر في الليل واختلف عليه تعيين القبلة للصلاة. فبمعرفته الجهة يستطيع معرفة القبلة .


فمتى وجدت حالة رؤية الهلال قبل ولادته فهذه حالة انعكاس أفقي للهلال وهو متقدم على الشمس ولهذا سيكون وضع الهلال بالنسبة للتقويس وفتحة التقويس هو وضعه في النصف الأخير من الشهر ويكون بهذا الشكل:
Untitled77.jpg



ولو لم يكن هذا الهلال انعكاساً لوضعه قبل ولادته وكانت رؤيته حقيقية لا انعكاساً لكان شكله هكذا :
Untitled-88.jpg

وتعليل هذه الظاهرة أن تقويس القمر دائما يكون إلى قربه من الشمس سواءً أكان أول الشهر أو آخره ، ولو وجدت مناقشة لمدعي الرؤية ومنها أين قرنا الهلال ؟ هل هما إلى الشرق أم إلى الغرب ؟ لظهرت حقيقة هذه الرؤية هل هي انعكاس أو حقيقة ؟ فإن كان قرناه إلى الشرق فهي رؤية حقيقية ، وإن كان قرناه إلى الغرب فهي رؤية انعكاسية .
وهذا جواب عن هذا الإيراد وتفسير لهذه الظاهرة من أن الهلال قد يُرى بعد غروب الشمس والحال أنه لم يولد بعدُ فهذه رؤية سرابية لا رؤية حقيقية . والله أعلم .
الولادة الفلكية للأشهر القمرية لعام 1425 هـ
( رجب ، شعبان ، رمضان ، شوال ) .
( 1 ) ولادة شهر رجب :
يولد هلال شهر رجب صباح يوم الاثنين الموافق 30 / 6 / 1425 هـ الساعة ( 4 ) و ( 25 ) دقيقة صباحا ، ويغرب الهلال مساء هذا اليوم الاثنين بعد غروب الشمس بمقدار اثنتين وثلاثين دقيقة أي يغرب الساعة (7) و ( 23 ) دقيقة مساء وبهذا يكون يوم الثلاثاء الموافق 17/8/2004 م هو أول يوم لشهر رجب سنة 1425 هـ ، ويكون الترائي الصحيح للهلال هو مساء يوم الاثنين الموافق 30/6/1425 هـ بعد غروب الشمس .
ولا يصح ترائي الهلال مساء يوم الأحد الموافق 29/6/1425 هـ حيث إن الشمس تغرب هذا اليوم قبل ولادة الهلال بأكثر من ثمان ساعات .

( 2 ) ولادة شهر شعبان :
يولد هلال شهر شعبان مساء يوم الثلاثاء الموافق 29/7/1425 هـ الساعة ( 5 ) و ( 30 ) دقيقة مساء ، ويغرب الهلال في هذا اليوم الثلاثاء بعد غروب الشمس بسبع دقائق أي في الساعة ( 6 ) و ( 32 ) دقيقة مساء ، وبهذا يكون يوم الأربعاء الموافق 15/9/2004م هو أول يوم من أيام شهر شعبان .
ويكون الترائي الصحيح للهلال ( هلال شهر شعبان ) هو مساء يوم الثلاثاء بعد غروب شمس هذا اليوم 29/7/1425هـ ولا يصح ترائي الهلال مساء يوم الاثنين 28/7/1425هـ لكون الهلال لم يولد حيث تغرب الشمس في هذا اليوم قبل ولادته بما لا يقل عن ثلاث وعشرين ساعة .

( 3 ) ولادة شهر رمضان :
يولد هلال شهر رمضان المبارك يوم الخميس صباحا الساعة ( 5 ) و ( 49 ) دقيقة الموافق 30/8/1425هـ ، ويغرب الهلال في هذا اليوم الخميس بعد غروب الشمس بمقدار ثمان عشرة دقيقة أي يغرب الساعة ( 6 ) و ( 15 ) دقيقة وبهذا يكون يوم الجمعة الموافق 15/10/2004م هو أول يوم من شهر رمضان المبارك .
ويكون الترائي الصحيح لشهر رمـضان هو مساء يـوم الخميس الموافـق 30/8/1425هـ بعد غروب شمس هذا اليوم . ولا يصح ترائي الهلال مساء يوم الأربعاء 29/8/1425هـ حيث إن الشمس غربت ذلك اليوم قبل ولادة الهلال بما لا يقل عن إحدى عشرة ساعة .

( 4 ) ولادة شهر شوال :
يولد هلال شهر شوال مساء يوم الجمعة الموافق 29/9/1425هـ الساعة ( 5,28 ) مساء أي قبل غروب الشمس باثنتي عشرة دقيقة حيث تغرب شمس هذا اليوم يوم الجمعة الساعة ( 5,40 ) مساء ، ونظرا إلى أن بين ولادة الهلال وغروب الشمس زمنا قصيرا جدا قدره اثنتا عشرة دقيقة فالاحتمال قوي جدا قد تتجاوز نسبته 99% ألا يرى الهلال حيث إن غروبه مع الشمس .
ونظرا إلى أن الهلال مولود قبل غروب الشمس باثنتي عشرة دقيقة فلو جاء شاهدان أو أكثر وشهدوا برؤية الهلال وتم تعديلهم شرعا فقد اتفقت الرؤية الشرعية مع الحساب الفلكي على ثبوت دخول شهر شوال وبذلك يكون يوم السبت الموافق 13/11/2004م هو أول يوم من شهر شوال ويكون ذلك اليوم هو يوم العيد . ولكن نظرا لتعسر رؤيته بعد غروب شمس يوم الجمعة الموافق 29/9/1425هـ إن لم تتعذر الرؤية فالاحتمال القوي الغالب أن يوم السبت هو آخر يوم لشهر رمضان وأن يوم العيد هو يوم الأحد الموافق 14/11/2004م .
هذا ما تيسر إيراده وأرجو الله تعالى أن يحسن قصدي وأن يجعل الإصلاح هدفي ومرامي فما أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنبت وهو رب العرش العظيم . والله المستعان .
المصدر:
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?catid=71&artid=4067
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
ومن ضمن ما كتب في هذا الموضوع:
العَلَم المنشور في إثبات الشهور(1)؛ للإمام أبي الحسن تقي الدين السبكي، طبع ملحقاً بكتاب:
إرشاد أهل الملَّة إلى إثبات الأهلَّة، تأليف الشيخ: محمد نجيب المطيعي، بمطبعة كردستان العلمية، لصاحبها فرج الله زكي الكردي، بدرب المسمط، بمصر عام 1329هـ، كما طبع مستقلاً بتعليق الأستاذ: محمد القاسمي، الطبعة الثانية 1410هـ، بمكتبة الإمام الشافعي بالرياض.


------------------------
(1) يُنظر: معجم المطبوعات (1005).


وللإمام السبكي -أيضاً-
الأدلة في إثبات الأهلَّة، وهو مطبوعٌ، ويقع في اثني عشرة صفحة، ضمن كتاب الصيام من الفتاوى([1])، دونما تصريحٍ بتسميته؛ وهما مسألتان،
الأولى: ابتدأها بقوله: (مسألة: فيمن شهد برؤية الهلال منفرداً بشهادته، واقتضى الحساب تكذيبه)([2])،
واختتمها بقوله: (ولم نجد هذه المسألة منقولة؛ لكنا تفقهنا فيها؛ وهي عندنا من محال القطع؛ مترقية عن مرتبة الظنون؛ والله أعلم)([3])،

والمسألة الأخرى: مجموعة فصولٍ منها: فصلٌ في الثُّبوت([4])؛ أبتدأها بقوله: (مسألة: قال الشيخ الإمام t كان الداعي إلى كتابة هذه المسألة؛ أنه في هذه السنة؛ وهي سنة ثمان وأربعين وسبعمئة؛ يرى الناس هلال ذي الحجة بدمشق ليلة الأحد؛ في المعظمية من عمل داري المجاورة لدمشق، وربما قيل: إنه رئي في بيسان ...)([5]).


([1]) يُنظر: فتاوى السبكي (1/207-218).

([2]) فتاوى السبكي (1/207).

([3]) فتاوى السبكي (1/211).

([4]) يُنظر: فتاوى السبكي (1/214).

([5]) فتاوى السبكي (1/211).
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
وللإمام السبكي -أيضاً-
الأدلة في إثبات الأهلَّة، وهو مطبوعٌ، ويقع في اثني عشرة صفحة، ضمن كتاب الصيام من الفتاوى([1])، دونما تصريحٍ بتسميته؛ وهما مسألتان،
الأولى: ابتدأها بقوله: (مسألة: فيمن شهد برؤية الهلال منفرداً بشهادته، واقتضى الحساب تكذيبه)([2])،
واختتمها بقوله: (ولم نجد هذه المسألة منقولة؛ لكنا تفقهنا فيها؛ وهي عندنا من محال القطع؛ مترقية عن مرتبة الظنون؛ والله أعلم)([3])،

والمسألة الأخرى: مجموعة فصولٍ منها: فصلٌ في الثُّبوت([4])؛ أبتدأها بقوله: (مسألة: قال الشيخ الإمام t كان الداعي إلى كتابة هذه المسألة؛ أنه في هذه السنة؛ وهي سنة ثمان وأربعين وسبعمئة؛ يرى الناس هلال ذي الحجة بدمشق ليلة الأحد؛ في المعظمية من عمل داري المجاورة لدمشق، وربما قيل: إنه رئي في بيسان ...)([5]).


([1]) يُنظر: فتاوى السبكي (1/207-218).

([2]) فتاوى السبكي (1/207).

([3]) فتاوى السبكي (1/211).

([4]) يُنظر: فتاوى السبكي (1/214).

([5]) فتاوى السبكي (1/211).


جزاكم الله خيراً لم أعرف فائدة هذه المشاركة إلا لما قرأت كتاب الفتاوى للسبكي ثم وقعت في حيرة في اسم الفتوى.
 
إنضم
18 يونيو 2008
المشاركات
166
التخصص
فقه وتشريع
المدينة
الضفة الغربية
المذهب الفقهي
مذهب الائمة الاربعة (اذا صح الحديث فهو مذهبي)
بارك الله فيكم وجزاكم كل خير
وارجو ان تتفضلوا بقراءة هذه الابحاث المرفقة عن احكام القمر وبنفس الموضوع منقولة عن موقع المشروع الاسلامي لرصد الاهلة
 

المرفقات

  • الفرق بين الهلال وتولده 1.doc
    117 KB · المشاهدات: 0
  • الهلال بين الحسابات الفلكية والرؤية.doc
    172 KB · المشاهدات: 0
  • ثبوت الشهر القمري.doc
    117 KB · المشاهدات: 0
  • ملاحظات على أسباب الاختلاف بين الرؤية الشرعية والحساب الفلكي للهلال.zip
    115.3 KB · المشاهدات: 0
أعلى