العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، فلا يخفى ما لعلم أصول الفقه من شريف المنزلة ، وعظيم القدر ، وما يبنى عليه من الوصول للأحكام الشرعية واستنباطها ، ولا زال العلماء يصنفون في ذلك منثورا ومنظوما ، ومن أفضل ما نظم فيه المنظومة المشهورة : (مراقي السعود لمبتغي الرقي والصعود) للعلامة المحقق الأصولي : عبد الله بن الحاج العلوي المالكي رحمه الله، وقد نظم فيها جمع الجوامع للسبكي إلا معاني الحروف من كتاب السبكي ، وزاد مع ذلك عليه زيادات كثيرة ، فبلغ النظم ألف بيت وبيت ، وشرحه رحمه الله في كتابه : (نشر البنود على مراقي السعود) ثم تتابع بعد ذلك الشراح على شرحه ، وكان من فضل الله علي أن يسر الله لي حفظ هذه المنظومة وقراءة بعض شروحها ، ودراستها على شيخنا العالم الأصولي : عبد الرحمن بن علي المرشود . الذي أحسبه من أقدر من رأيت على شرح هذه المنظومة ، مع سعة اطلاع في كتب الفقه وشروح الحديث أثرت تعليقاته على المنظومة بأمثلة تطبيقية لا يجدها طالب العلم في مظانها من كتب أصول الفقه غالبا ، وبإذن الله سأحاول كتابة ما يتيسر من شرح هذه المنظومة بحيث يتم رفع درسين أو درس أسبوعي على الأقل ، أو بحسب ما تراه إدارة الملتقى، بعبارة بسيطة يحصل بها فك عبارة الناظم وشرحها ، ملخصة من شروح المنظومة ، وما قيدته من تعليقات شيخنا حفظه الله ، ومدارسة ذلك في هذا الملتقى المبارك ، والقصد من هذا الشرح تقريب هذه المنظومة لطلبة العلم لما رأيت من بعضهم من استصعاب لعبارة الناظم زهدت كثيرا منهم في حفظها ودراساتها ، والله اسأل أن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم ، وهذا أوان الشروع في المقصود .

الدرس الأول

بسم
الله الرحمن الرحيم


1- يقول عبد الله وهو ارتسما


سمىً له والعلوي المنتمى
ارتسم له أي بمعنى ثبت له وقوله ( سمىً ) حال من فاعل ارتسما ( والمنتمى ) بمعنى المنتسب أي العلوي النسبة .
2- الحمد لله على ما فاضا

من الجَدى الذي دهوراً غاضا
الجدى بمعنى العطاء والنفع والخير وقوله ( غاضا) بمعنى قلَّ ونقص ومنه قوله تعالى [ وغيض الماء]. والمعنى أن الناظم يحمد الله عز وجل على ما أفاض من عطائه بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم ، وما حصل بذلك من النفع والخير بعد أن غاض ونقص ذلك الخير دهورا قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم .
3- وجعل الفروع والأصول لمن يروم ينالها وحصولها


هذا البيت هو المسمى عند العلماء ببراعة الاستهلال والمراد ببراعة الاستهلال الإشارة إلى مقصود الناظم من النظم، وقوله( الفروع) مراده الأحكام الشرعية المتعلقة بأحكام المكلفين وقوله ( محصولا) أي حاصلاً أي أن الله يسر أن يكون هذا العلم في قلب الإنسان بعد كونه في السطور ( نيلها ) النيل هو التعلم.
4- وشاد ذا الدين بمن ساد الورى فهو المجلي والورى إلى ورا


شاد الشيء إذا طلاه بالشيد وهو نوع من الجبس والمقصود رفع الدين قال تعالى: (( وقصر مشيد)) (( ولو كنتم في بروج مشيدة)) وقوله ( المجلي) أي المتقدم في الحلبة في السباق والمراد أنه صلى الله عليه وسلم هو المتقدم على جميع البشر شرفا وفضلا ورفعة.
5- محمدٍ منورِ القلوبِ وكاشفِ الكربِ لدى الكروبِ




(محمد) بالجر بدل من قوله السابق ( بمن ساد) ويجوز الرفع فيه على القطع وكذلك يجوز فيه النصب ، وقوله: ( وكاشف...) هذا العبارة فيها إيهام فإن كان يقصد كاشف الكرب بالشفاعة العظمى فهذا صحيح، وإن كان يقصد ما قاله في شرحه فهو خطأ وقد قال في شرحه: كاشف الكرب بشفاعته والتوسل به.
6- صلى عليه ربنا وسلما وآله ومن لشرعه انتمى


7- هذا وحين قد رأيت المذهبا رجحانُه له الكثير ذهبا


قوله ( المذهبا) مراده مذهب الإمام مالك رحمه الله، ومراده بالرجحان هنا باعتبار أمرين : 1- بلاد المغرب فعامتهم مالكية 2- باعتبار الحديث الوارد عند الترمذي والحاكم [ يوشك أن يضرب الناس اكباد الأبل فلا يجدون عالماً إلا عالم المدينة ] وهذا الحديث يدل على أفضلية مالك على غيره.
8- وما سواه مثل عنقا مُغرِبِ في كل قطر من نواحي المغرب


9- اردت أن أجمع من اصوله ما فيه بغية لذي فصوله


أي ما سوى مذهب الإمام مالك في بلاد المغرب مثل طائر العنقا الذي يضرب به المثل للشيء الذي يذكر ولا يرى أولا يوجد ، وقوله ( مغرب) اسم فاعل من اغرب في البلاد أي ابعد فيها ويحتمل أن يكون مضافاً إليه ويحتمل أن يكون صفة لعنقا ، وقوله ( أردت أن...) أي أردت أن أجمع من أصول مالك ما يبلغ إلى فروعه.

10- منتبذاً عن مقصدي ما ذكرا لدى الفنون غيره محرراً



أي جمعت ذلك وحررته حال كوني منتبذاً عن قصدي كل العلوم التي يذكرها المألفون سوى علم أصول الفقه ، فلم يلتفت للمقدمات المنطقية التي يفتتح بها المصنفون في أصول الفقه كتبهم .

11- سميته مراقي السعود لمبتغي الرقي والصعود


12- استوهب الله الكريم المددا ونفعه للقارئين ابدا


( سميته ) أي النظم أو سميتها أي المنظومة ( المراقي ) جمع مرقاه وهي ما يرقى به ( والسعود ) جمع سعد بمعنى السعادة ( الرقي والصعود) بمعنى واحد فهو كقول الشاعر ( فألفي قولها كذباً ...)
قال بعض مشايخ الشناقطة: ما قرأ هذه المنظومة أحد إلا انتفع بها.


مقدمة

13- أول من الفه في الكتب محمد بن شافع المطلب


14- وغيره كان له سليقة مثل الذي للعرب من خليقة

15- الأحكام والأدلة الموضوع وكونه هذي فقط مسموع


مقدِمه بالكسر اسم فاعل بمعنى أنها المتقدمة على غيرها ، ومقدَمة بالفتح على أنها اسم مفعول بمعنى أن صاحبها قدمها على غيرها، قوله ( بن شافع ) نسبة إلى جده الثالث لأنه أسهل في النظم فأول من الف في هذا الفن الشافعي في كتابه الرسالة، قوله ( وغيره كان ...) أي أن من قبل الشافعي من المجتهدين كانت معرفه أصول الفقه عندهم جبلية طبيعية كما كان العربي يعرف اللغة بدون معرفة أحكام النحو وغيرها، وقول ( الأحكام والأدلة...) شرع في بيان موضوع علم أصول الفقه فقال موضوعه هو الأدلة والأحكام الشرعية، ثم أشار بقوله ( وكونه هذي...) إلى القول الثاني في المسألة وهو أن موضوعه هو الأدلة الشرعية فقط وهذا مذهب الجمهور، والخلاصة أن موضوع أصول الفقه هو الأدلة باعتبار ما يعرض لها من عموم وخصوص وإطلاق وتقييد ونسخ إلى غير ذلك .


كتاب أصول الفقه


16- أصول دلائل الأجمال وطرق الترجيح قيد تال


17- وما للاجتها من شرط وضح ويطل الأصل على ما قد رجح


الأصول جمع أصل والأصل ما يبنى عليه غيره حساً كالأساس للبنيان، أو معنى كالدليل للمدلول، والفقه لغة هو الفهم قال صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيرا يفقه في الدين).
وقوله ( أصوله ) أي أصول الفقه وحذف المفسر للعلم به كقوله: (( حتى توارت بالحجاب)) أي الشمس، وقوله ( دلائل الإجمال) الأدلة الإجمالية هي التي لا تعين مسألة بعينها كقاعدة الأمر يدل على الوجوب، وقوله ( قيد تال) أي تابع للأدلة الإجمالية في كونهما مندرجين في تعريف الأصول، والخلاصة أن أصول الفقه هي الأدلة الإجمالية وطرق الترجيح وشروط الاجتهاد. وقوله ( وضح) أي ظهر والمعنى أن شروط الاجتهاد الآتي ذكرها ظهر دخولها في مسمى أصول الفقه وقوله ( ويطلق الأصل...) أي أن الأصل في الاصطلاح قد يطلق على الأمر الراجح كقولهم:الأصل براء الذمة فائدة: الأصل في الاصطلاح يطلق على أربعة أمور:
1-الدليل كقولهم الأصل في المسألة قوله تعالى. 2- على المقيس عليه في باب القياس 3- القاعدة المستمرة كقولهم الأصل في الميتة تحريمها إلا للضرورة 4- الأمر الراجح.
 

المرفقات

  • الدرس الأول في م&.docx
    22.4 KB · المشاهدات: 15

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

شيخنا الفاضل أمين الدعيس
عودا حميدا
وجزاك خير الجزاء على تخص به هذا الملتقى من علم نافع
فكرة تقديم درسين كل أسبوع جيدة وستكون معقولة من حيث الكم لمتابعين الدرس
كما سوف نقوم بوضع بنر إعلاني للموضوع في الصفحة الرئيسة
ولمن أراد قراءة
متن المنظومة أثناء الشرح يمكنه تحميلها على هذا الرابط
للتحميل
نسأل الله للجميع القبول والسداد
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,136
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

شكر الله لكم جهدكم.
وبارك في عملكم.
شيخنا الفاضل أمين الدعيس
عودا حميدا
وجزاك خير الجزاء على تخص به هذا الملتقى من علم نافع
فكرة تقديم درسين كل أسبوع جيدة وستكون معقولة من حيث الكم لمتابعين الدرس
كما سوف نقوم بوضع بنر إعلاني للموضوع في الصفحة الرئيسة
ولمن أراد قراءة
متن المنظومة أثناء الشرح يمكنه تحميلها على هذا الرابط
للتحميل
نسأل الله للجميع القبول والسداد
أحسنتم، واقتراحكم طيب .
 

د. أريج الجابري

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
13 مارس 2008
المشاركات
1,145
الكنية
أم فهد
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

نفع الله بكم وبارك فيكم
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

بإذن الله تعالى سيرفع الدرس يومي الإثنين ، والخميس من كل أسبوع ، وسيشرح في الدرس الواحد ما معدله 10 ابيات تقريبا بإذن الله قد تزيد قليلا أو تنقص بحسب موضوع الدرس ، ومن ثم أهيب بإخواني المتابعين للدرس أن يحرصوا على حفظ ما يتم شرحه ، بحيث سيكون المقرر اسبوعيا قرابة العشرين بيتا ، وهذا أمر ميسور بإذن الله ، والمؤمل إذا وفق الله للسير على المنهج المذكور أن ننهي شرح الكتاب في سنة تقريبا ، وكذلك على هذا الترتيب من يريد حفظ المنظومة يستطيع إكمالها في قرابة السنة ، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقني وإياكم الإخلاص في القول والعمل
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

الدرس الثاني
فصل

18- والفرع حكم الشرع قد تعلقا ****بصفة الفعل كندب مطلقا

لما ذكر الأصل أراد أن يبين الفرع فقال هو حكم الشرع المتعلق بصفة أفعال المكلف ككونه مندوباً أو مباحاً أو واجباً أو حراماً أو مكروهاً أو خلاف الأولى وقوله ( مطلقا) أي سواء كان الفعل قلبياً أم بدنياً.
19- والفقه هو العلم بالأحكام**** للشرع والفعل نماها النامي
20-أدلة التفصيل منها مكتسب ****والعلم بالصلاح فيما قد ذهب

هذا هو تعريف الجزء الثاني من المركب الإضافي أصول الفقه فقد عرف الجزء الأول بقوله: ( أصوله دلائل...) وهنا يعرف الجزء الثاني وهو الفقه بأنه: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من الأدلة التفصيلية.
قوله ( العلم) يشمل الظن أيضاً لأن من الأحكام الشرعية ما هو مجزوم به ومنها ما هو غير مجزوم به وقوله ( الأحكام ) الأحكام هي النسب التامة في الإثبات والنفي أي اثبات شيء لشيء أو نفيه عنه، وقوله ( للشرع) اشارة إلى أن المراد الأحكام الشرعية وقوله ( والفعل ) اشارة إلى أن المراد الأحكام العملية فخرج بالشرعية الأحكام العقلية كالواحد نصف الاثنين والحسية كالنار محرقة والاصطلاحية كالفاعل مرفوع، وخرج بالعملية الأحكام الاعتقادية وقوله ( نماها النامي) أي نسبها الناسب ، وقوله: ( ادلة التفصيل) الدليل التفصيلي هو ما كان متعلقة خاصاً كقوله تعالى: (( وأقيموا الصلاة )) فيه دليل اجمالي وهو أن الأمر يدل على الوجوب وتفصيلي وهو وجوب الصلاة، وقوله (منها ) من هنا إما ابتدائية أو جنسية وقوله ( مكتسب) قيد العلم بالعلم المكتسب ليخرج علم الله تعالى.
وقوله ( والعلم بالصلاح فيما قد ذهب ) هنا إشارة لمسألة وهي أن العلم بالأحكام في تعريف الفقه السابق المراد به الصلاحية بأن يكون له ملكه يقدر بها على ادراك الحكم فالعلم بالحكم نوعان:
1-علم موجود يعلمه الإنسان 2- علم لا يعلمه ولكن عنده قدره وأهلية لتعلمه.
21- فالكل من اصل المناحي الأربعة****يقول لا أدري فكن متبعه
مراد المؤلف بهذا البيت الاستدلال على ان العلم يكفيه فيه الصلاحية فقال الدليل على أن العلم يكفي فيه الصلاح أن الأئمة الأربعة سئلوا عن مسائل فلم يجيبوا عنها ولم يقدح فيهم لأجل ذلك.
22- كلام ربي إن تعلق بما **** يصح فعلاً للمكلف اعلما
23- من حيث إنه به مكلف **** فذاك بالحكم ليهم يعرف

شرع المؤلف في هذين البيتين في تعريف الحكم الشرعي فقال هو كلام الله المتعلق بما يصح أن يكون فعلا للمكلف من حيث أنه مكلف. قوله ( كلام ربي ) خرج به كلام غير الله وجميع ما في السنة داخل في القرآن قال تعالى: (( وما آتاكم الرسول فخذوه... )).
وقوله ( إن تعلق بما يصح فعلاً للمكلف) خرج به كلام الله المتعلق بما لا يصح فعلاً للمكلف كالمتعلق بذاته سبحانه كقوله تعالى: (( الله لا إله إلا هو )) ، وكالمتعلق به ذات المكلفين قال تعالى: (( ولقد خلقناكم ثم صورناكم )) ، وكالمتعلق بالجامدات كقوله تعالى: (( ويوم نسير الجبال )).
واحترز بقوله: ( من حيث أنه به مكلف) مما تعلق بفعل المكلف لا من حيث أنه مكلف كقوله تعالى: (( ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون)) فهنا تعلق بفعل المكلف لا من حيث انه مكلف ولكن من حيث انه اخبار عن صدور تلك الأعمال منهم.

24- قد كلف الصبير على الذي اعتمي ****بغير ما وجب والمحرم


أي أن الصبي عند المالكية مكلف بغير الواجب والمحرم وهو الندب والكراهة والإباحة واستدلوا بما ثبت في الصحيح من حديث الخثعمية حيث رفعت صبيا للنبي صلى الله عليه وسلم وقالت: ألهذا حج ، قال : (نعم ولك أجر)، والجمهور على أن الصبي غير مكلف لعموم ( رفع القلم عن ثلاثة ...)) ، قوله ( اعتمي ) أي اختير.
25- وهو الزام الذي يشق **** أو طلب فاه بكل خلق
26-
لكنه ليس يفيد فرعا **** فلا تضق لفقد فرع ذرعا

اشار المؤلف بالبيت الأول إلى الخلاف في حد التكليف فقال البعض هو الزام ما فيه مشقة ، وقال البعض هو طلب ما فيه مشقة ، فعلى الأول لا يدخل في الحد إلا الواجب والمحرم وعلى الثاني يدخل فيه الواجب والمحرم والمندوب والمكروه.
واشار البيت الثاني إلى أن هذا الخلاف لا يفيد فرعاً من الفروع لعدم بناء حكم عليه. وقوله: ( فلا تضق ..) أي لا يضق صدرك لعدم وجود فرع.
27- والحكم ما به يجيء الشرع وأصلُ كلِّ ما يضر المنع
اشار المؤلف في هذا البيت إلى أن الحكم الشرعي التنجيزي الذي يترتب عليه الثواب والعقاب هو ما جاء به الشرع عن الله تعالى على السنة رسله فلا حكم قبل بعث الرسل ، وخالفت المعتزلة فحكمت العقل ومذهب أهل السنة أن العقل يحسن ويقبح ولكنه لا يوجب ويحرم، واشار بقوله ( واصل ...) إلى أن الأصل فيما يضر بالإنسان المنع لعموم حديثه ) لا ضرر ولا ضرار.
28- ذو فترة بالفرع لا يراع وفي الأصول بينهم نزاع
اشار الناظم في هذا البيت إلى أن أهل الفترة وهم من كانوا بين رسولين لا يروعون أي يعذبون على تركهم فروع الشريعة، وأما الأصول من التوحيد وغيره ففيهما نزاع وهذه المسألة قسمان:

  1. خطابهم بفروع الشريعة فلا يخاطبون بها 2- خطابهم بأصول الشريعة وهذا محل خلاف بين أهل العلم ، وهذا الخلاف مبني على مسألة هل يستقل العقل بمعرفة التوحيد أم لا؟
فذهب النووي في شرح مسلم إلى القول بتعذيب أهل الفترة بتركهم التوحيد ، وذهب الأشاعرة من أهل الكلام إلا أنهم لا يعذبون.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله (نثر الورود 1/47): "الذي يظهر أن عدم الإنذار عذر، وأن الله يمتحنهم يوم القيامة ، فمن أطاع الله فهو الذي كان يصدق الرسل لو جاءته في دار الدنيا فيرحمه الله، ومن عصى الله فهو الذي كان يكذب الرسل لو جاءته في دار الدنيا فيعذبه الله ، وهو أعلم لأن هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
والشيخ يقصد بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث الإمتحان لهم يوم القيام ، وقد رويت عن جمع من الصحابة ، قال ابن كثير في سياق رده على ابن عبد البر في تضعيفها ( تفسير ابن كثير 5 / 58) : "أحاديث هذا الباب منها ما هو صحيح، كما قد نص على ذلك غير واحد من أئمة العلماء، ومنها ما هو حسن، ومنها ما هو ضعيف يقوى بالصحيح والحسن. وإذا كانت أحاديث الباب الواحد متعاضدة على هذا النمط، أفادت الحجة عند الناظر فيها"
 

المرفقات

  • الدرس الثاني في &.docx
    18.2 KB · المشاهدات: 3
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

الدرس الثالث


29- ثم الخطاب المقتضي للفعل ****جزماً فإيجاب لدى ذي النقل
30- وغيره الندبُ وما التركَ طلب **** جزماً فتحريم له الإثم انتسب

31- أو لا مع الخصوص أو لا فَعِ ذا **** خلافَ الأولى وكراهةً خذا

32- لذاك والإباحة الخطابُ **** فيه استوى الفعل والاجتنابُ

شرع الناظم رحمه الله في بيان اقسام الأحكام التكليفية وقسمها إلى ستة أقسام:
1-الواجب واشار إليه بقوله ( ثم الخطاب... فإيجاب لدى ذي النقل) والواجب لغة من الوجوب وهو السقوط واللزوم قال تعالى: (( فإذا وجبت جنوبها)) وقال الشاعر:
أطاعت بنو عوف أميراً نهاهم عن الحرب حتى كانا أول واجب
وتعريفه اصطلاحاً كما عرفه المؤلف فهو الخطاب المقتضي للفعل اقتضاءً جازما.
2-المندوب واشار إليه بقوله ( وغيرها الندب) وفي اللغة ندبه للأمر إذا دعاه قال الشاعر:
لا يسألون اخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا
فالمندوب ما أمر الشارع بفعله أمراً غير جازم .
3-المحرم وأشار إليه بقوله ( وما الترك طلب جزماً فتحريم له الإثم انتسب ) والتحريم لغة المنع قال تعالى: (( وحرام على قرية..)) واصطلاحاً ما ذكره المؤلف، فهو الخطاب المقتضي للترك اقتضاء جازما.
4-المكروه وهو ما طلب الشارع تركه طلباً غير جازم وكان الطلب بدليل صريح .
5-خلاف الأولى وهو ما طلب الشارع تركه طلباً غير جازم لا بدليل خاص ولكن بالأمر بضده ، وأشار المؤلف إلى النوعين الأخيرين بقوله ( أو لا) أي أو لا طلب الشارع الترك جزما ( مع الخصوص ) أي مع نص خاص بذلك ( أو لا ) أي أو لا مع نص خاص بذلك ( فع ذا خلاف الأولى) فافهم ذا أي المتأخر هو خلاف الأولى ( وكراهة خذا لذاك ) أي واحكم بالكراهة على ذاك الأول .
6-المباح وهو ما أذن الشارع في فعله أو تركه واشار إليه بقوله ( والإباحة الخطاب فيه... والاجتناب).
33- وما من البراءة الأصلية **** قد أُخذت فليست الشرعية
الإباحة نوعان: 1- شرعية وهي ما سبق شرحها 2- عقلية أو غير شرعية وهي استصحاب البراءة الأصلية فالإباحة المأخوذة، من البراءة الأصلية ليست اباحة شرعية، مثل إباحة شرب الخمر قبل تحريمه ، وإباحة الربا قبل تحريمه ، فمثل هذا لا يعتبر إباحة شرعية وعليه فلا يكون حكما شرعيا ، ومن ثم لم يقل أحد أن تحريم الخمر أو الربا كان ناسخا لإباحتهما قبل التحريم لأن تلك الإباحة أصلا لم تكن حكما شرعيا حتى ينسخ.

34- وهي الجواز قد ترادفا **** في مطلق الإذن لدى من سلفا

أي أن الإباحة والجواز ترادفا في اطلاق الإذن بهما فعلى هذا يدخل في الجواز والإباحة كل الأحكام التكليفية ما عدا التحريم، فكل من الواجب ، والمندوب، والمباح ، والمكروه مأذون في فعلها.
35- والعلم والوسع على المعروف **** شرط يعم كل ذي تكليف

اشار المؤلف في هذا البيت إلى أن كل حكم تكليفي يشترط في التكليف به أمران: 1- العلم بالمكلَفِ به قال تعالى: (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)).
وقد جاء في السنة عدة وقائع تدل على أن من لا يعلم لا يكلف بالحكم كحديث المستحاضة فلم يأمرها بالقضاء ، وكذلك عمار لما في تمرغه بالتراب وعدم تيممه لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء.
2-الوسع أي الاستطاعة والطاقة قال تعالى: (( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)) وقوله: (الوِسع) مثلثه الواو قال الناظم :
تثليثهم مكث ووسع لصا **** إمامنا الخرشي عليه نصا
36- ثم خطاب الوضع هو الوارد **** بأن هذا مانع أو فاسد
37- أو ضده أو أنه قد أوجبا **** شرطاً يكون أو يكون سببا


شرع الناظم في تعريف خطاب الوضع وقد سبق أن عرف خطاب التكليف وظاهر كلامه أن خطاب التكليف لا يدخل فيه خطاب الوضع مع أن بعض أهل العلم يدخله فيقول هو خطاب الله اقتضاء أو تركاً أو وضعاً .
وخطاب الوضع عرفه الناظم: بأنه خطاب الله المتعلق بوضع شيء سبباً لشيء أو شرطاً لشيء أو مانعاً من شيء أو أن هذا الشيء صحيح أو فاسد.

38- وهو من ذاك أعم مطلقا **** والفرض والواجب قد توافقا
39- كالحتم واللازمِ مكتوبٍ وما **** فيه اشتباه للكراهة أنتما


( وهو ) أي خطاب الوضع اعم مطلقاً ( من ذاك ) أي من خطاب التكليف لأنه لا يوجد خطاب تكليف إلا مقترناً بخطاب الوضع؛ إذ لا يخلو التكليف من شروط وموانع وأسباب ؛ بينما قد يوجد خطاب الوضع فيما لا تكليف فيه كتضمين الصبي قيمة المتلفات.
قوله ( والفرض... مكتوب ) اشار الناظم إلى أن الفرض والواجب قد توافقا في المعنى كالحكم واللازم والمكتوب فهذه الخمسة تطلق على ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه.
قوله: ( وما فيه ... انتمى) اشار الناظم إلى أن الامور المشتبهة المشار إليها في حديث ( الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات) تطلق عليها الكراهة من حيث أن الإقدام عليها أقدام كراهة لا تحريم.
 

المرفقات

  • الدرس الثالث من &.docx
    15.9 KB · المشاهدات: 3
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

الدرس الرابع


40- وليس في الواجب من نوال **** عند انتفاء قصد الامتثال
41- فيما له النية لا تشترط **** وغير ما ذكرته فغلط
42- ومثله الترك لما يحرم **** من غير قصد ذا نعم مُسلم

اشار الناظم في قوله ( وليس ... لا تشترط ) إلى مسألة وهي أن الواجب من حيث حصول الأجر وعدمه نوعان:

  1. ما يشترط له النية ولا يصح إلا بها فهنا الأجر يثبت لفاعله وإن لم ينو الامتثال كالصلاة مثلاً ، لو فعلها اثيب عليها بمجرد نية الفعل وإن لم ينو الامتثال.
  2. ما لا يشترط له النية ويصح بدونها فهنا لا يثبت الأجر بنية زائدة على نية الفعل وهي نية الامتثال مثل الإنفاق على الزوجة.
وقوله (ومثله الترك لما يحرم) أي أن ترك المحرم مثل الواجب الذي لا تشترط له النية في كونهما لا يحصل الأجر فيهما إلا بنية الامتثال فكل ترك لحرام لا ثواب فيه إلا بنية الامتثال.
قوله: ( من غير ... مسلم) أي أن تارك الحرام من غير قصد ( ذا) أي الامتثال سالم من الاثم.
هكذا ذكر المصنف بلا تفصيل ، والحاصل أن ترك الحرام له حالات:
الحال الأولى: أن لا يخطر الحرام بباله أصلا فهذا لا إثم عليه ، ولا ثواب له في الترك .
الحالة الثانية : أن يهم بالمحرم ثم يتركه، وهذا له حالان:

  1. أن يترك ناويا الامتثال لأمر الله والخوف من عقابه فهذا يؤجر لما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (قال الله عز و جل: إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعمل، فإذا عملها فأنا أكتبها بعشر أمثالها، وإذا تحدث بأن يعمل سيئة فأنا أغفرها له ما لم يعملها فإذا عملها فأنا أكتبها له بمثلها). وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (قالت الملائكة رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة ( وهو أبصر به ). فقال: ارقبوه فإن عملها فاكتبوها له بمثلها وإن تركها فاكتبوها له حسنة إنما تركها من جراي ) .
  2. أن يتركها بغير نية الامتثال فلا يؤجر لأنه لم يتركها لأجل الله عز وجل .
الحالة الثالثة: أن ينوي فعل المحرم دون أن يسعى في أسبابه ثم يترك فعله فهذا يأثم على النية وإن لم يفعل المحرم ، يدل على ذلك ما ثبت في المسند من حديث أبي كبشة الأنماري قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (مثل هذه الأمة مثل أربعة نفر: رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يعمل به في ماله فينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا فهو يقول لو كان لي مثل ما لهذا عملت فيه مثل الذي يعمل، فهما في الأجر سواء ، ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو يخبط فيه ينفقه في غير حقه، ورجل لم يؤته الله مالا ولا علما فهو يقول لو كان لي مال مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل ، فهما في الوزر سواء ).
الحالة الرابعة : أن ينوي فعل المحرم ويسعى في أسباب تحصيله ولم يحصله فهذا عليه إثم الفعل ، يدل على ذلك قصة امرأة العزيز مع نبي الله يوسف فإن الله سبحانه وتعالى قال: (واستغفري لذنبك) فسماه ذنبا مع عدم حصول الزنى منها ، ولما ثبت في الصحيحين عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار).
43- فضيلة والندب والذي استحب **** ترادفت ثم التطوع انتخب
قوله: (فضيلة ....ترادفت) أي أن كلا من الفضيلة والمندوب والمستحب مترادفة تطلق على معنى ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه .
قوله: (ثم التطوع انتخب) أي أن التطوع عند متأخري المالكية يراد به ما انتخبه الإنسان واختاره لنفسه من الأوراد المأثورة ، والذي عليه جمهور أهل العلم أن التطوع مرادف للمندوب لا فرق بينهما.
44- رغيبة ما فيه رغب النبي **** بذكر ما فيه من الأجر جُبي
45- أو دام فعله بوصف النفل **** .....................

أشار المصنف هنا إلى أن الرغيبة في اصطلاح المالكية تطلق على أ مرين :

  1. ما رغب فيه النبي صلى الله عليه وسلم بذكر الثواب المترتب على فعله .
  2. ما داوم النبي صلى الله عليه وسلم عليه بصفة النفل لا بصفة المسنون ، والمراد بوصف النفل عندهم ما واظب النبي صلى الله عليه وسلم عليه في غير جماعة ، ومرادهم بوصف المسنون ما واظب النبي صلى الله عليه وسلم في جماعة .
45- .......................***** والنفلَ من تلك القيود أخل
46- والأمرِ بل أعلم بالصواب **** فيه نبي الرشد والصواب

أي أن النفل عند المالكية هو ما خلا من القيدين السابقين في الرغيبة ، فهو ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن فاعله يثاب دون تحديد للثواب ، ودون مداومة عليه .
وقول المصنف: (القيود) بالجمع مع أن المتقدم في الرغيبة قيدان فقط بناء على مذهب الإمام مالك في أن أقل الجمع اثنان .
47- وسنة ما أحمد قد واظبا **** عليه والظهور فيه وجبا
48- وبعضهم سمى الذي قد أكدا **** منها بواجب فخ ما قُيدا

أشار الناظم هنا إلى أن السنة في اصطلاح المالكية هي ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر به من غير إيجاب وأظهره في جماعة.
فائدة: لم يذكر الناظم هنا قيد الأمر به الذي ذكرناه في التعريف ، ولكنه ذكر هذا القيد في شرحه على المنظومة ، وقوله ( وجبا) أي وجب ذكر قيد الظهور في تعريف السنة.
قوله ( وبعضهم..) أي أن بعض المالكية يسمى السنة المؤكدة واجبا ، قوله ( فخذ ما قيدا ) أي خذ ما قيدته لك في هذه المنظومة من المصطلحات.
 

المرفقات

  • الدرس الرابع من &.docx
    16.8 KB · المشاهدات: 2
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

الدرس الخامس

49- والفعل ليس بالشروع يجب **** في غير ما نظمه مقرب
50- قف واستمع مسائلاً قد حكموا **** بأنها بالابتداء تلزم
51- صلاتنا وصومنا وحجنا **** وعمرة لنا كذا اعتكافنا
52- طوافنا مع ائتمام المقتدي **** فيلزم القضا بقطع عامد

اشار الناظم في هذه الأبيات إلى أن النفل لا يلزم ويجب بالشروع فيه عند المالكية إلا في مسائل مستثناة نظمها مقرب لك ، ويقصد بهذا المقرب الحطاب المالكي، ثم ضمن الناظم منظومته هذه بثلاثة أبيات من نظم الحطاب المالكية وهي قوله: (قف واستمع.....بقطع عامد) والمسائل هي: 1- الصلاة 2- الصوم 3- الحج 4- العمرة 5- الاعتكاف 6- الطواف.
قوله ( مع إئتمام... عامد) أراد به أنه يلزم من قطع هذه النوافل عامداً قضاؤها إلا في هذه الصورة وهي: من صلى مؤتماً بشخص ثم قطع ذلك بأن قطع الصلاة وخرج من الصلاة فإنه وإن كان يلزمه القضاء لكن لا يلزمه الرجوع للإتمام

53- ما من وجوده يجيء العدم **** ولا لزوم في انعدام يعلم
54- بمانع يمنع للدوام **** والابتداء أو آخر الأقسام
55- أو أول فقطع على نزاع **** كالطول الاستبراء والرضاع

سبق أن ذكر الناظم الأحكام الوضعية والآن شرع في تعريفها، وبدأ بتعريف المانع فقال هو ما يلزم من وجوده عدم الحكم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته –أي ذات المانع- وهذا ما أشار إليه بقوله ( ما من ... بمانع). ومثال المانع : الحدث فإن وجوده يمنع وجود الصلاة ، لكن عدمه لا يلزم منه وجود الصلاة ولا عدمها ، فقد يكون الشخص طاهرا ولا تقع منه صلاة حال طهارته .
ثم أشار بقوله ( يمنع للدوام ... والرضاع ) إلى أن المانع ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

  1. مانع الدوام والابتداء معاً ومثل له بالرضاع فهو يمنع ابتداء العقد وكذلك يمنع دوامه، فلو كانت عنده ابنة من الرضاع صار ذلك مانعاً من ابتداء نكاحها، ولو كان تزوج امرأة ثم ارضعتها أمة منع ذلك دوام العقد ويفسخ النكاح، وهذا أشار إليه بقوله ( يمنع للدوام والابتداء ).
  2. مانع للابتداء فقط ولا يمنع الدوام مثل الاستبراء فهو يمنع ابتداء النكاح فلا يصح النكاح قبل الاستبراء ، ولكنه لا يمنع دوام النكاح فلو وطئت امرأة بشبهة من غير زوجها فإنها يلزمها الاستبراء ولكن ذلك لا يمنع دوام نكاحها الأول ، وأشار إلى هذا القسم بقوله ( أو آخر الأقسام) ويعني به آخر القسمين الذين ذكرهما في قوله: (يمنع للدوام والابتداء).
  3. مانع للدوام فقط ومثل له المؤلف بالطول فإن الله عز وجل يقول: (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم) ، فلو تزوج رجل أمة وهو فقير ثم حصل له الطول أي الغنى بعد ذلك فهل تجدد الطول هنا يمنع دوام العقد الأول أم لا؟ وأشار لهذا القسم بقوله ( أو أول فقط).
قوله ( على نزاع ) إشارة إلى الخلاف فبعض أهل العلم يقول ما كان مانعاً للابتداء فهو مانع للدوام ولا فرق بينهما، والبعض يفرق بينهما.

56- ولازم من انعدام الشرط **** عدم مشروط لدى ذي الضبط
57- كسبب وذا الوجود لازم **** منه وما في ذاك شيء قائم

اشار الناظم هنا إلى أن الشرط ما يلزم من عدمه عدم الحكم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته كالطهارة بالنسبة للصلاة ، يلزم من عدمها عدم الصلاة ، ولا يلزم من جودها وجود الصلاة أو عدمها ، قوله ( كسبب) أي أن السبب يلزم من عدمه العدم كالشرط ، كالحنث في اليمين سبب للكفارة فمتى عدم الحنث عدمت الكفارة ( وذا ) أي السبب (الوجود لازم له ) يعني أن السبب يلزم من وجوده الوجود فيلزم من وجود الحنث وجود الكفارة ( وما في ذاك ) أي الشرط ( شيء قائم ) أي أن الشرط لا يلزم من وجوده وجود ولا عدم.
58- واجتمع الجميع في النكاح **** وما هو الجالب للنكاح
اشار الناظم هنا إلى أن الشيء قد يكون سبباً وشرطاً مانعاً باختلاف الجهة ومثل لذلك بالنكاح فهو سبب في وجوب الصداق ، وشرط في ثبوت الطلاق ، ومانع من نكاح بنت المنكوحة ، وكذلك مثل بالإيمان فهو سبب للثواب ، شرط لصحة الطاعة ، ومانع من قصاص المؤمن بالكافر، فقوله ( وما هو الجالب للنجاح) يريد به الإيمان.
فالقصد أن الشيء قد يكون سببا وشرطا ومانعا باختلاف الجهة ، وقد بعضهم في ذلك :
والشيء قد يكون كلَ ما ذكر *** مع اختلاف الحكم كالرق اعتبر
فالرق سبب في صحته العتق ، ومانع من النكاح ، وشرط في صحة بيع الرقيق.
59- والركن جزء الذات والشرط خرج **** وصيغة دليلها في المنتهج
اشار المصنف هنا إلى الفرق بين الركن والشرط فالركن هو جزء من الذات كالركوع بالنسبة للصلاة ، وأما الشرط فهو ما خرج عن الذات كالطهارة بالنسبة للصلاة ، وقوله ( وصيغة دليلها ) أشار إلى أن الصحيح أن الصيغة للشيء كصيغة البيع والنكاح دليل عليه وليست ركنا فيه ، وهذا الذي اختاره الناظم تبعا للعز بن عبد السلام ، وذهب ابن الحاجب وخليل إلى أن الصيغة ركن في الشيء، وقوله ( المنتهج ) أي الطريق الصحيح.
 

المرفقات

  • الدرس الخامس من &.docx
    15.9 KB · المشاهدات: 2

يوسف أنور يوسف

:: مطـًـلع ::
إنضم
11 مارس 2011
المشاركات
113
الإقامة
مصر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الله الجوهري
التخصص
اللغة العربية
الدولة
مصر
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

إن شاء الله سوف أتابع معك ويا حبذا لو يكتب الشرح في ملف وورد ويوضع كل درس بمفرده حتى نستطيع المتابعة والقراءة وجزاكم الله خيرا
 
إنضم
21 ديسمبر 2011
المشاركات
6
الكنية
ابوعبدالرحمان
التخصص
أدب عربي
المدينة
الأغواط
المذهب الفقهي
مالكي
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
هل ينصح بهذا المتن وشرحه للمبتدئين؟
 

علي محمد نجم

:: مطـًـلع ::
إنضم
1 سبتمبر 2008
المشاركات
101
الكنية
ابو محمد
التخصص
طويليييب فقه
المدينة
سلا
المذهب الفقهي
فقه الدليل
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

السلام عليكم
بارك الله فيكم على هذه البادرة الطيبة
وعندي اقتراحان:
الأول: أن يتم إرسال إيميل تذكيري لجميع المشتركين في الصفحة يذكرهم بإضافة الدروس الجديدة
الثاني: أن يوضع كل درس في ملف وورد يسهل تحميله
وجزاكم الله خيرا
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
أولا: بالنسبة لفكرة إرفاق ملف ورد لكل درس إن شاء الله ستعتمد من الدرس القادم .
ثانيا: بالنسبة للكتاب هو ليس للمبتدئين ، ولكن من كان عنده حسن إدراك لن يصعب عليه فهمه بإذن الله ، خاصة مع طريقتنا في الاختصار وعدم الإطلالة ، فهو شبيه بدارسة بعض المبتدئين لألفية ابن مالك في النحو ، البعض قد يصعب عليه ذلك ، والبعض قد يدركه .
ثالثا: إذا كان هناك من المتابعين من قد شرع في حفظ المنظومة فهناك فكرة وهي تسميع المتن لمن يريد تسميعة وتصحيحه عن طريق السكايبي أو غيره من طرق التواصل ، وهذه فكرة تحت الدراسة وترجع لعدد الحفاظ وإمكانية جعل وقت محدد اسبوعيا للتسميع ، والمسألة محل تأمل وانتظر أراءكم .
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

أولا: بالنسبة لفكرة إرفاق ملف ورد لكل درس إن شاء الله ستعتمد من الدرس القادم .
إن أحببتم إرفاق ملفات وورد للدروس السابقة كل مع درسه قمت به



الأول: أن يتم إرسال إيميل تذكيري لجميع المشتركين في الصفحة يذكرهم بإضافة الدروس الجديدة
الدروس محددة المواعيد بارك الله فيكم
وما عليكم إلا الدخول إلى الصفحة في اليومين المذكورين

بإذن الله تعالى سيرفع الدرس يومي الإثنين ، والخميس من كل أسبوع ،
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

إن أحببتم إرفاق ملفات وورد للدروس السابقة كل مع درسه قمت به
جزاك الله خيرا اختي الفاضلة وكتب اجرك ليتك تفعلين ذلك .
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

الدرس السادس

60- ومع علة ترادف السبب **** والفرق بعضهم إليه قد ذهب


أشار الناظم هنا إلى أن العلة الشرعية والسبب الشرعي مترادفان ونسب ذلك إلى الأكثر، وذهب البعض إلى التفريق بينهما ، ومن أوضح ما وجدت في الكلام على التفريق بينهما ما قال الدكتور عبد الوهاب خلاف رحمه الله (علم أصول الفقه (67-68) : "ومما ينبغي التنبيه له: أن بعض الأصوليين جعل العلة والسبب مترادفين ومعناهما واحدا، ولكن أكثرهم على غير هذا، فعندهم كلُّ من العلة والسبب علامة على الحكم، وكل منهما بني الحكم عليه وربط به وجوداً وعدماً، وكل منهما للشارع حكمة في ربط الحكم به وبنائه عليه. ولكن إذا كانت المناسبة في هذا الربط مما تدركه عقولنا سمي الوصف: العلة، وسمي أيضا: السبب، وإن كانت مما لا تدركه عقولنا سمي السبب فقط ولا يسمى العلة. فالسفر لقصر الصلاة الرباعية علة وسبب، وأما غروب الشمس لإيجاب فريضة المغرب، وزوالها لإيجاب فريضة المغرب، وزوالها لإيجاب فريضة الظهر، وشهود رمضان لإيجاب صومه، فكل من هذه سبب لا علة، فكل علة سبب، وليس كل سبب علة".

61- شرط الوجوب ما به نكلف **** وعدم الطلب فيه يعرف
62- مثل دخول الوقت والنقاء **** وكبلوغ بعث الأنبياء


شرع الناظم رحمه الله في بيان أقسام الشرط فهو يرى أن الشرط ينقسم إلى ثلاثة أقسام: 1- شرط وجوب 2- شرط أداء 3- شرط صحة

  • ومراده بالشرط هنا ما يشمل السبب أيضاً وقد صرح بذلك في شرحه للمنظومة حيث قال: "والمراد بالشرط في الأقسام الثلاثة ما لا بد منه فيتناول السبب".
  • قوله ( شرط ... يعرف) أشار فيه إلى تعريف شرط الوجوب فعرفه بأنه ما يحصل به التكليف ولا يطلب من المكلف ايجاده سواء كان ذلك في مقدوره أو لا ، ومثل له بأمثلة ثلاثة أشار إليها بقوله ( مثل دخول... الأنبياء) .
وهي : 1- دخول الوقت في الصلاة 2- النقاء في الحيض 3- بلوغ دعوة الأنبياء.
فجميعها شروط للوجوب ولا يطلب من المكلف تحصيلها ، ومن الأمثلة أيضا النصاب للزكاة فلو كان في مقدور المكلف أن يحصل نصاب الزكاة لم يطالب بذلك ليخرج الزكاة .

63- ومع تمكن من الفعل أدا **** وعدم الغفلة والنوم بدا

أشار الناظم في هذا البيت إلى تعريف شرط الأداء فقال ( و) أي وحصول ما به يكون الإنسان مكلفا أي شرط الوجوب ( مع تمكن من الفعل أدا) أي تحصيل شرط الوجوب مع القدرة على فعله هو شرط الأداء ، فالخلاصة أن شرط الأداء هو ما يحصل به التمكن من الفعل الواجب على المكلف. ومثل له بمثالين:

  1. عدم الغفلة 2- عدم النوم فهما شرطان في أداء الصلاة وقوله ( بدا ) أي بدا كون عدم الغفلة والنوم شرطان للأداء.

64- وشرط صحة به اعتداد بالفعل منه الطهر يستفاد
عرف الناظم هنا شرط الصحة فقال: هو ما يحصل به الاعتداد بالفعل مثل الطهارة للصلاة، وستر العورة ، واستقبال القبلة، فكلها شروط للصحة فبوجودها يحصل الاعتداد بالصلاة واعتبارها طاعة من الطاعات.

65- والشرط في الوجوب شرط في الأداء **** وعزوه للاتفاق وجدا
أشار الناظم هنا إلى أن كل ما هو شرط في الوجوب فهو شرط في الأداء وقوله ( وعزوه للاتفاق وجدا) أشار به إلى أن كون شرط الوجوب يكون شرطاً للأداء قد حكي الاتفاق عليه ، وهذا الاتفاق في حق من يرى شرط الأداء ، وإلا فمن أهل العلم -كميارة ومن وافقه- من لا يرى شرط الأداء ويقسم الشرط إلى شرط وجوب وشرط صحة فقط ، ويقولون كل شرط وجوب هو شرط صحة .

66- وصحة وفاق ذي الوجهين **** للشرع مطلقاً بدون مين
أشار الناظم هنا إلى أن الصحة عند المتكلمين هي موافقة الفعل ذي الوجهين للوجه المأذون فيه شرعا ، ومرادهم بذي الوجهين كل ما يقع على وجهين فتارة يقع على الوجه الشرعي لاجتماع الشروط وانتفاء الموانع وتارة يقع على غير الوجه الشرعي لتخلف شرط أو وجود مانع كالصلاة مثلا ، واحترز بقوله: (ذي الوجهين) مما لا يقع إلا على وجه واحد موافق للشرع كرد الودائع فمتى ما ردت الوديعة حصل المقصود وموافقة الشرع، وقوله ( مطلقاً) أي سواء كان الفعل من العبادات أو المعاملات .
 

المرفقات

  • الدرس السادس في &.docx
    15.6 KB · المشاهدات: 2

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

جزاك الله خيرا اختي الفاضلة وكتب اجرك ليتك تفعلين ذلك .
شيخنا الفاضل أرفقت لكم الدروس على هيئة وورد
والنقل إلى وورد سيحتاج إلى تحرير في المستقبل لأن النقل من الانترنت إلى وورد يغير الإعدادات والأرقام بعض الشيء
ولكن لضيق الوقت نبقيها كما هي حتى ييسر الله تحريرها وإخراجها بصورة مهذبة تصلح للنشر مستقبلا
بارك الله فيكم وجعل جهدكم في موازين حسناتكم
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

شيخنا الفاضل أرفقت لكم الدروس على هيئة وورد بالنسختين 2003، 2007 حتى يتمكن الجميع من فتحها
والنقل إلى وورد سيحتاج إلى تحرير في المستقبل لأن النقل من الانترنت إلى وورد يغير الإعدادات والأرقام بعض الشيء
ولكن لضيق الوقت نبقيها كما هي حتى ييسر الله تحريرها وإخراجها بصورة مهذبة تصلح للنشر مستقبلا
بارك الله فيكم وجعل جهدكم في موازين حسناتكم
جزاك الله خيرا وبارك فيك وإن شاء من الدرس السابع سأقوم بإذن الله بإرفاق ملف الورد بنفسي منسقا .
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: شرح ومدارسة منظومة مراقي السعود

الدرس السابع

67- وفي العبادة لدى الجمهور**** أن يسقط القضا مدى الدهور

68- يُبنى على القضاء بالجديد **** أو أول الأمر لدى المُجيد
69- وهي وفاقه لنفس الأمر **** أو ظن مأمور لدى ذي خبر


قوله: (وفي العبادة...الدهور) أشار فيه المصنف إلى أن الصحة في باب العبادات هي سقوط القضاء بحيث لا يحتاج إلى فعل العبادة مرة أخرى .
قوله: (يبنى ...المجيد) أشار فيه رحمه الله إلى الخلاف في تعريف الصحة بين الفقهاء والمتكلمين مبني على اختلافهم في القضاء هل هو بأمر جديد أو هو بنفس الأمر الأول بالعبادة؟
وبناء عليه يرى المتكلمون أن العبادة التي لم تفعل حتى خرج وقتها صحيحة وذلك من جهة أنها وقعت موافقة للأمر فلا يوجبون قضاءها لأنه لم يرد نص جديد يوجب قضاءها ، بينما يرى الفقهاء أنه يلزم قضاؤها لأن القضاء قد ثبت بالأمر الأول المستلزم إيقاع العبادة مستوفية لشروطها منتفية الموانع ، وهو بفعلها خارج الوقت لم يخرج من عهدة الأمر الأول حتى الآن .
قوله: (المُجيد) بضم الميم اسم فاعل من أجاد ، والمراد به هنا المتقن النظر في علم الأصول .
قوله: (وهي وفاقه....خُبر) أي أن الصحة مختلف فيها هل المراد بها موافقة أمر الشارع في نفس الأمر لا في ظن المكلف ، أو يكفي فيها موافقة أمر الشارع في ظن المكلف ولو لم يكن في نفس الأمر ، بالأول قال الفقهاء، وبالثاني قال المتكلمون ، وعليه من صلى محدثا ظانا الطهارة فصلاته غير صحيحة عند الفقهاء لأنها لم توافق أمر الشارع في نفس الأمر ، وعند المتكلمين صحيحة لأنها وافقة أمر الشارع في ظن المكلف بناء على أنه صلاها مع غلبة ظنه بطهارته .
وقوله: (ذي خبر) أراد به تقي الدين السبكي أي أنه على مذهب الفقهاء في كون الصحة موافقة أمر الشارع في نفس الأمر لا في ظن المكلف.
70- بصحة العقد يكون الأثر **** وفي الفساد عكس هذا تطهير
71- إن لم تكن حوالة أو تلف **** تعلق الحق ونقص يولف


اشار بقوله ( بصحة العقد يكون الأثر) إلى الآثار المقصودة من العقد مثل التصرف والانتفاع متى ما وجدت فهي ناشئة عن صحة العقد، فمتى وجد شيء من هذه الآثار فهو ناشئ عن صحة العقد .
واشار بقوله ( وفي الفساد عكس هذا يظهر) إلى أن فساد العقد هو عكس صحته فالعقد الفاسد هو ما لا يترتب عليه أثره ، وهذا هو مذهب جمهور أهل العلم القائلين بأن النهي يقتضي الفساد مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد). خلافا للحنفية فالنهي عندهم لا يقتضي الفساد وبناء عليه قالوا لو اشترى جارية بعقد فاسد جاز له وطؤها، وقول الجمهور هو الصواب .
وأشرا بقوله ( إن لم تكن ... يولف ) إلى أن المالكية خالفوا أصلهم في كون النهي يقتضي الفساد في أربع مسائل فقالوا:
إن البيع الفاسد يفيد شبهة الملك فيما يقبل الملك إلا إذا لحقه اربعة أمور فإن الملك يتقرر بالقيمة وهذه الأمور هي:

  1. حوالة السوق 2- تلف العين 3- نقصانها 4- تعلق حق الغير بها بنحو رهن.
قال عليش في منح الجليل ناقلا كلام القرافي في شرح التنقيح: " وفي شرح التنقيح آثار العقود التمكن من البيع والهبة والوقف والأكل وغيرها من التصرفات , وأما العوارض التي تلحقه فذلك أن النهي يدل على الفساد عندنا وعند الشافعي وعلى الصحة عند الحنفي ، فطرد الحنفي أصله وقال إذا اشترى جارية شراء فاسدا جاز له وطؤها , وكذا سائر العقود الفاسدة , وطرد الشافعي أصله وقال : يحرم الانتفاع مطلقا وإن باعه ألف بيع وجب نقضه , ونحن خالفنا أصلنا وراعينا الخلاف وقلنا : البيع الفاسد يثبت شبهة الملك فيما يقبله , فإذا لحقه أحد أربعة أشياء تقرر الملك بالقيمة وهي حوالة السوق، وتلف العين، ونقصانها، وتعلق حق الغير بها، على تفصيل في ذلك في كتب الفروع فهذه هي العوارض والله أعلم" .
72- كفاية العبادة الإجزاء **** وهي أن يسقط الاقتضاء
73- أو السقوط للقضا وذا أخص **** من صحة إذ بالعبادة يخص


اشار بقوله ( كفاية ... الاجزاء ) إلى أن الإجزاء هو كفاية العبادة أي كونها كافية ثم عرف كفاية العبادة بقوله ( وهي ... الاقتضاء) أي أن يسقط الطلب بالفعل شرعاً ( أو السقوط للقضاء ) أي أن الإجزاء قيل أنه هو السقوط للقضاء فيكون هو عين الصحة ، وأما على ما ذهب إليه المؤلف من أن الإجراء سقوط الطلب فقد يكون الشيء مجزئاً ولا يسقط القضاء كعادم الطهورين يصلي ثم يعيد ، وكالمتميم إذا وجد الماء عند من يقول يلزمه إعادة الصلاة عند وجود الماء .
قوله ( وذا .. يخص) اشار فيه إلى أن الإجزاء أخص من الصحة مطلقا وهي أعم منه مطلقاً لأن الإجزاء يختص بالعبادات فقط أما الصحة تكون في العبادات وفي المعاملات فبينهما عموم وخصوص مطلق وقوله ( ذا) إشارة إلى الإجزاء.

74- والصحة القبول فيها يدخل **** وبعضهم للاستواء ينقل

اشار الناظم في هذا البيت إلى أن الصحة يندرج فيها القبول فما يعبر عنه بالصحة يعبر عنه بالقبول ، وذهب بعض أهل العلم إلى المساواة بينهما وترادفهما فالصحة هي القبول والقبول هو الصحة وهذا القول غير ظاهر كما عبر عنه الشيخ الأمين في شرحه نثر الورود، والصواب أن الصحيح أعم من المقبول فكل مقبول صحيح ، وليس كل صحيح مقبولا ، فلا تلازم بين الصحة والقبول فقد جاء التعبير بنفي القبول وأريد به نفي الصحة كما في حديث { لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث..} وجاء التعبير بنفي القبول واريد به نفي الثواب كما في حديث { من شرب الخمر لم تقبل له صلاة..}.
وعند تأمل الأدلة تجد أنه إذا نفي القبول لانتفاء أمر وجودي يطلب ايجاده فالصحة منتقية ، وإذا نفي القبول لوجود أمر مقارن يمنع الثواب فالمراد نفي الثواب.

75- وخصص الإجزاء بالمطلوب **** وقيل بل يختص بالمكتوب


اشار الناظم هنا إلى أن الإجزاء يختص بما هو مطلوب فيشمل الواجب والمندوب ، وقيل بل يختصل الإجزاء بالمكتوب وهو الواجب ، والصحيح أن الاجزاء جاء إطلاقه في الواجبات والمندوبات ولكن الغالب إطلاقه في الواجبات، ومن إطلاقه على المندوب ما ثبت عند ابن ماجة من حديث عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعا: { يجزئ من الوضوء مد ومن الغسل صاع}. ومعلوم أن مادون المد أو الصاع أيضاً يجزئ ، ولذلك ورد عند مسلم والبخاري في قصة ذبح أبي برده للعناق لفظ الاجزاء مراداً به الوجوب فقال صلى الله عليه وسلم {اذبحها ولن تجزي عن أحد بعدك}، بل ورد لفظ الاجزاء في حديث واحد للواجب وللمندوب فثبت عند أبي داود من حديث علي رضي الله عنه مرفوعا : { يجزىء عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ويجزىء عن الجلوس أن يرد أحدهم }. فالسلام مندوب ورده واجب.
 

المرفقات

  • الدرس السابع.docx
    16.5 KB · المشاهدات: 2
أعلى