العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

المحظورات عند الحنابلة وماتجب فيها وأقوال العلماء في ذلك

عالية الهمه

:: متابع ::
إنضم
26 أبريل 2012
المشاركات
36
التخصص
دراسات اسلاميه
المدينة
مكه
المذهب الفقهي
حنبلي
المحظورات المذكوره وماتجب فيها عند الحنابلة:​

1/المحظور في أخذ ثلاث شعرات أو ثلاث أظفار فأكثر أو فأقل عند المذهب من خلال التتبع في كتب الحنابلة رحمهم الله

_قال عمر بن الحسين المعروف بالخرقي رحمه الله تعالى في كتابه: ((ومن حلق أربع شعرات فصاعداً أو مخطئاً فعليه صيام ثلاثة أيام أو إطعام ثلاثة آصع من تمر بين ستة مساكين أو ذبح شاة أي ذلك فعل أجزأه.وفي كل شعرة من الثلاث مد من طعام وكذلك الأظفار[1]))
_قال المقدسي رحمه الله تعالى: (حلق الشعر وقلم الظفر، ففي ثلاثة منها دم، وفي كل واحد مما دونه مد طعام وهو ربع الصاع[2] )
_وفي رواية للإمام أحمد رحمه الله قال ( فإذَا حَلَقَ ثَلاَثَ شَعَرَاتٍ أو قَلَّمَ ثَلاَثَةَ أظْفَارٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَعَنْهُ لا يَجِبُ الدَّمُ إلاّ في أرْبَعٍ مِنَ الشَّعْرِ والأظفار فإن حَلَقَ دُوْنَ الثلاث أَوْ دون الأرْبَعِ فَفَي كُلِّ شَعْرَةٍ أو ظُفْرٍ مُدٍّ مِنْ طَعَامٍ، وَعَنْهُ قَبْضَةٌ مِنْ طَعَامٍ، وَعَنْهُ دِرْهَمٌ أو نِصْفُ دِرْهَمٍ ))
_قال أبو البركات مجد الدين ابن تيمية المعروف بالحراني رحمه الله:
و(تقليم الأظفار كالشعر سواء )[3] كذا في المذهب
فالْفِدْيَةُ فِي ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ, قَالَهُ الْقَاضِي[4] وَغَيْرُهُ, وَنَصَرَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ[5], لِأَنَّ الثَّلَاثَ جَمْعٌ, وَاعْتُبِرَتْ فِي مَوَاضِعَ, كَمَحَلِّ الْوِفَاقِ, وَعَنْهُ ذكر: فِي أَرْبَعٍ. نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ[6], وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ, لِأَنَّ الْأَرْبَعَ عنده كَثِيرٌ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى رِوَايَة بقوله ِفي خَمْسٍ, اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِبيه[7]

فتلخص مما سبق أن العلماء اختلفوا في القدر الذي تجب فيه الفدية على أقوال :
1/ تجب الفدية في ثلاثة شعرات فأكثر وهو ماعليه المذهب [8].
2/ تجب في اربع شعرات وذكر ذلك الخرقي كما تقدم .
3/ تجب في خمس شعرات ذكره أبي موسى واختاره ابو بكر في (التنبيه ).
وفيما دون ذلك ثلاث روايات:
إحداهن: في كل شعرة مد من طعام؛ لأن الله تعالى عدل الحيوان بالطعام هاهنا وفي الصيد، وأقل ما يجب منه مد من طعام فوجب.
والثانية: قبضة من طعام؛ لأنه لا تقدير له في الشرع، فيجب المصير إلى الأقل؛ لأنه اليقين.
والثالثة: درهم؛ لأن إيجاب جزء من الحيوان يشق، فصرنا إلى قيمته وأقل ذلك درهم، وإزالة الشعر بالقطع والنتف والنورة وغيرها كحلقه؛ لأنها في معناه، والأظفار كالشعر في الفدية؛ لأنها في معناها، وفي بعض الشعرة أو الظفر ما في جميعه، كما أن في القصيرة مثل ما في الطويلة، والحق شعر الرأس بالبدن في وجوب الفدية.[9] ولادليل عليه ولاخلاف بينهم في أن حلق شعر الرأس أو التقصير منه يعد محظورا من محظورات الإحرام أما قولهم أن في الفدية ثلاث شعرات فأكثر عند المذهب أنه لايمكن أن يكون مخلاً بهذا المحظور إلا إذا أزال ثلاث شعرات فأكثر، وهي أقل ما يصدق عليه الجمع، فمن أزال شعرة واحدة فليس عليه فدية ولكن عليه أن يتصدق بحفنة من طعام، ومن أزال الشعرتين فإنه يتصدق بحفنتين من طعام حتى يبلغ قدر الإخلال بثلاث شعرات، وهذا مذهب طائفة من أهل العلم كما درج عليه المصنف رحمه الله؛ والسبب في ذلك: صيغة الجمع في آية البقرة.[10]
المحظور الثاني تغطية الرأس :
قالوا : من محظورات الاحرام تغطية الرأس بملاصق .
لنهي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن لبس العمائم، ولقوله في الذي مات محرماً اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا»[11] ويحرم تغطية بعضه؛ لأن النهي تناول جميعه، ولا يجوز أن يعصبه بعصابة ولا سير، ولا يجعل عليه شيئاً يلصق به
ودليلهم في ذلك بحديث الذي وقصته راحلته لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ولاتخمروا رأسه )
والاجماع قائم على هذا ولاخلاف بوجوب الفدية .
والأصل في ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنه في الصحيحين والحديث المذكور بإسناد البخاري بقوله (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَلْبَسُ القُمُصَ، وَلاَ العَمَائِمَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ البَرَانِسَ، وَلاَ الخِفَافَ إِلَّا أَحَدٌ لاَ يَجِدُ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلاَ تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أَوْ وَرْسٌ»
والشاهد على المحظور بقوله (وَلاَ العَمَائِمَ) [12]
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ لُبْسِ الْقُمَّصِ، وَالْعَمَائِمِ، وَالسَّرَاوِيلَاتِ، وَالْخِفَافِ، وَالْبَرَانِسِ.[13]
سميت بذلك لأنها تعم الرأس بالتغطية.واختلفوا في غير الملاصق والصحيح لايدخل ضمن المحظور وخلاف فيمن وضع المتاع على رأسه وهو محرم هل يدخل في المحظور أو لا يدخل على قولين:
والصحيح لايدخل ان لم يقصد به التضليل .
وخلاف فيمن استظل بشيء فوق رأسه على قولين :
والصحيح له ان يتظلل لأنه ليس بمباشر للرأس، أشبه الخيمة، والدليل لما روت أم الحصين قالت: «حججت مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالاً وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والآخر رافع ثوبه يستره من الحر، حتى رمى جمرة العقبة» .[14]
ولأن التغطية جاءت تبعاً، ويجوز في الشيء تبعاً ما لا يجوز استقلالاً.

المحظور الثالث : الطيب
ادلتهم
1/ قول النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ: «لَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ» . وَفِي لَفْظٍ: (لَا تُحَنِّطُوهُ) . فَلَمَّا مُنِعَ الْمَيِّتُ مِنْ الطِّيبِ لِإِحْرَامِهِ، فَالْحَيُّ أَوْلَى. فاثبتوا ذلك بالقياس وَمَتَى تَطَيَّبَ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ مَا حَرَّمَهُ الْإِحْرَامُ، فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، كَاللِّبَاسِ.
2/إجماع أهل العلم عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ الطِّيبِ.
اما من شم طيبا : «أو شم طيباً» كذا عند المذهب لمن قصد شمه او التلذذ به فعليه فديه ، وهذه المسألة ذكر بن عثيمين رحمه الله ان فيها نظر لأن الشم ليس استعمالاً.سواءً شمه بقصد أو ليس بقصد أو للتلذذ به فالصحيح أنه لايعد طيباً ومحظورا ولاشيء فيه لأنه لم يستعمله، والنبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ولا تحنطوه» وقال: «لا تلبسوا ثوباً مسه زعفران ولا ورس» ، والشم لا يؤثر في الثوب ولا البدن.
ولا يجوز للمحرم أن يضع الطيب في بدنه بعد إحرامه، لكن لو كان الطيب في بدنه قبل أن يحرم فلا بأس به، ولا يلزمه ما يلزم من تطيب بعد الإحرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُرى أثر الطيب في رأسه وهو محرم، قالت أم المؤمنين رضي الله عنها: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ، فِي مَفْرِقِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ»[15]
فدل على أنه إذا كان الطيب قد وضعه الإنسان قبل أن يغتسل لإحرامه، أو بعد أن يغتسل للإحرام وقبل أن يلبي ويدخل في النسك فلا حرج عليه، ولا تلزمه الفدية ويبقى الطيب.
وفرق بين استدامة الشيء وبين ابتداء وضعه
حيث تلزم الفدية في ابتداء الوضع ولا تلزم في الاستدامة فلا يجوز له أن يتطيب في بدنه بعد أن يدخل في النسك ولا أن يتطيب في ثوبه.

المحظور الرابع : لبس المخيط
قال إبن المنذر أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من لبس القميص والعمائم والسراويلات والبرانس والخفاف
والأصل في هذا ماروى ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يلبس القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحداً لا يجد النعلين فيلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا يلبس من الثياب شيئاً مسه الزعفران ولا الورس " متفق عليه. نص النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الأشياء وألحق بها أهل العلم ما في معناه مثل الجبة والدراعة والتبان وأشباه ذلك، فلا يجوز للمحرم ستر بدنه بما عمل على قدره ولا ستر عضو من أعضائه بما عمل على قدره كالقميص للبدن والسراويل لبعض البدن والقفازين لليدين والخفين للرجلين ونحو ذلك، وليس في هذا اختلاف
قال ابن عبد البر: لا يجوز لبس شئ من المخيط عند جميع أهل العلم، وأجمعوا على ان المراد بهذا الذكور دون الاناث ذا لم يجد المحرم إزاراً فله أن يلبس سراويل وإذا لم يجد النعلين فله لبس الخفين لا نعلم فيه خلافا[16]
والضابط في كونه محظورا كل ماخيط[17] وفصل على قدر البدن او جزء منه او عضو من اعضائه فالمحرم ممنوع منه لاخلاف في ذلك .
وادلتهم على وجوب الفدية فيه قول ابي قدامه :
ومن لبس أو غطى رأسه أو تطيب، فعليه الفدية، مثل حلق رأسه؛ لأنه في معناه، فقسناه عليها. [18]وعلتهم في ذلك الترفه .
المحظور الخامس : عقد النكاح
عقد النكاح؛ لا يجوز للمحرم أن يعقده لنفسه ولا لغيره، ولا يجوز عقده لمحرم، ولا على محرمة
ادلتهم في ذلك
ماروى عثمان بن عفان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكَحُ، وَلَا يَخْطُبُ» .[19]
والنهي يقتضي التحريم، وإن زوج أو تزوج فلا فدية عليه لأنه عقد فسد لأجل الإحرام فلم تجب به الفدية كشراء الصيد.[20]
لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكَحُ، وَلَا يَخْطُبُ قال محمد فؤاد عبد الباقي في شرحه صحيح مسلم ((الأفعال الثلاثة مروية على صيغة النفي وعلى صيغة النهي والمعنى لا يتزوج المحرم امرأة ولا يزوجه غيره امرأة سواء كان بولاية أو بوكالة ولا يطلب امرأة للتزوج)) .
وسواءً عقد مُحل على محرمة، فالنكاح حرام. أو عقد مُحرِم على مُحلة، فالنكاح حرام.أوعقد ولي مُحرِم لمُحلٍّ ومُحلة، فالنكاح حرام في كل هذه الأقســـــــــــــــــام .

المحظور السادس : قتل صيد بري مأكول عليه جزاؤه :
يجب الجزاء في الصيد أدلتهم في ذلك :
من الكتاب : قول الله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] الآية.
وهو ضربان:
ما له مثل من النعم: وهي بهيمة الأنعام، فيجب فيه مثله للآية، وهو نوعان :
_ ما قضت الصحابة ، فيجب فيه ما قضت؛ لأنه حكم مجتهد فيه واجتهادهم أحق أن يتبع .
مثل الضبع، قضى فيها عمر وابن عباس بكبش.
والنعامة، قضى فيها عثمان وعلي وزيد وابن عباس ومعاوية ببدنة.
وحمار الوحش، وفيه روايتان:
إحداهما: فيه بقرة؛ لأن عمر قضى فيه بها.
والثانية: فيه بدنة؛ لأن أبا عبيدة وابن عباس قضيا فيه بها، وقضاء عمر أولى. لأنه أقرب إلى ما قضي به، وعن ابن مسعود أنه قضى في بقرة الوحش، ببقرة.
وقال ابن عباس: في الإبل، بقرة. وقال ابن عمر: في الأروى، بقرة.
وقضى عمر في الظبي، بشاة، وفي اليربوع بجفرة وهي التي لها أربعة أشهر في المعز.
وفي الأرنب بعناق، وهي أصغر من الجفرة. وفي الضب بجدي.
والضرب الثاني: ما لم تقض فيه الصحابة، فيرجع فيه إلى قول عدلين من أهل الخبرة؛ لقول الله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}
2/ما لا مثل له: وهو الطير وشبهه من صغار الصيد، ففيه قيمته، إلا الحمام، فإن فيه شاة؛ لأن عمر، وعثمان، وابن عمر، وابن عباس قضوا في حمام الحرم بشاة، وما كان أصغر من الحمام، ففيه قيمته؛ لأن لا مثل له، وما كان أكبر منه، ففيه وجهان:
أحدهما: فيه قيمته لأن القياس يقتضيها في جميع الطير، تركناه في الحمام؛ لقضاء الصحابة، ففيما عداه يبقى على القياس.
والثاني: فيه شاة؛ لأن إيجابها في الحمام تنبيه على إيجابها فيما هو أكبر منه. وقد روي عن ابن عباس وجابر، أنهما قالا في الحجلة والقطا والحبارى: شاة شاة.
ومن وجب عليه جزاء صيد، فهو مخير بين إخراج المثل، أو يقوم المثل، ويشتري بقيمته طعاماً، ويتصدق به، أو يصوم عن كل مد يوماً؛ لقول الله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} . [المائدة: 95]
فيجب المثل، فإن لم يجد [أطعم فإن لم يجد] صام، ككفارة القتل. وعنه _اي احمد رحمه الله_ لا طعام في الجزاء، وإنما ذكره ليعدل به الصيام، والمذهب على القول الاول لأنه ظاهر النص فلا تعويل على ما خالفه.[21]


تلخيص لما سبق ذكره مع بيان بعضاً من أقوال العلماء في ذلك .

1/ ان المنصوص عليه ا ن فديه الأذى هو في حلق الرأس سواء لغير عذر او لعذر كما في حديث كعب بن عجره فوجب له النبي صلى الله عليه وسلم فدية الأذى ولم يعذره وحديث كعب بن عجره في رواية للبخاري : قال : لعلك آذاك هوامك ؟ قال : نعم يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احلق رأسك ، وصُم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين ، أو انسك بشاة .
والأصل فيها قوله تعالى : (وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) سورة البقرة اية 196.
2/ ان من قال بأن الفدية في ثلاثة شعرات فأكثر وأن في كل ظفر أو شعر أقل مما دونه إطعام مسكين فالتفصيل في هذا يحتاج إلى دليل ولادليل على ذلك قال بن عثيمين رحمه الله في ((الممتع)) :ولا يسمى هذا حلقاً، و لا يحل لأن القاعدة في ذلك : «امتثال الأمر لا يتم إلا بفعل جميعه، وامتثال النهي لا يتم إلا بترك جميعه» .
فإذا نهيت عن شيء وجب الانتهاء عنه جملة وأجزاءً وأما من حلق شعره لحجامة او لعلة مداوة كجرح فيحلق ما احتاج إليه ولاشيء عليه ودليله فعله عليه الصلاة والسلام حينما احتجم وهو محرم ولم ينقل انه فدى عليه الصلاة والسلام .
3/ ان الفدية تجب إذا حلق ما به إماطة الأذى، أي: يكون ظاهراً على كل الرأس ـ وهو مذهب مالك والمعنى حلق حلقاً كاملاً يسلم به الرأس من الأذى وهو الأقرب لظاهر القران لأنه هو الذي يماط به الأذى و أن من حلق ثلاث شعرات، أو أربعاً، أو خمساً، فليس عليه فدية ، ولا يسمى هذا حلقاً، و لا يحل لأن القاعدة في ذلك : «امتثال الأمر لا يتم إلا بفعل جميعه، وامتثال النهي لا يتم إلا بترك جميعه» .ذكره ابن عثيمين رحمه الله في الممتع ووافقه في ذلك الشنقيطي .
4/ ان الطيب وتغطية الرأس واللباس فعليه فديه الأذى قياساً على حلق الرأس والعلة الجامعة الترفه والإجماع قائم على ذلك لا خلاف فيه والبعض من الأقيسة صح فيه الفدية والبعض لم يصح فيه لعدم وجود الدليل وان المنصوص في وجوب الفديه هي حلق الرأس , الجماع ونقل ذلك عن الصحابة ولاخلاف فيه , وجزاء الصيد , والإحصار . وأما دم المتمتع والقِرآن فهو دم نسك وشكر لله لادم فدية ولا كفارة بخلاف السابق ذكرها .
5/ لا فدية على عقد النكاح لأن النهي عائد الى ذات الفعل فيحرم عقد النكاح للمحرم والنكاح باطل .
6/ جزاء صيد مأكول بري جزاؤه في قوله تعالى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] الآية.
ففيه ما قضى به الصحابة وهو ماله مثل وفيه لم تقض به الصحابة فيحكم به ذاوا عدل
وما ليس له مثل ففيه قيمته الا الحمام ففيه شاه قضى بها الصحابة .


[1] / (متن الخرقى على مذهب ابي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني ), المؤلف: أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله الخرقي (المتوفى: 334هـ), ص 62.


[2] / (العدة شرح العمدة ), المؤلف: عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد، أبو محمد بهاء الدين المقدسي (المتوفى: 624هـ): دار الحديث، القاهرة : ص 188


[3] / (المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل), المؤلف: عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن محمد ابن تيمية الحراني, أبو البركات، مجد الدين (المتوفى: 652هـ) , الناشر: مكتبة المعارف- الرياض الطبعة الثانية 1404هـ -1984مـ , عدد الأجزاء: 2 . ص283, الجزء 1.
4/ من طبقة المتوسطين للمذهب تتلمذ على يد ابن حامد في الفقه الحنبلي وهو (ابو يعلى الفرّاء ).
5/ يقصد به أصحاب الامام احمد أي علماء الحنابلة وخاصة تلاميذه .
6/ أي كبار الحنابلة وهو التلاميذ السبع : عبد الله وصالح وحنبل ابن عمه وأبو بكر المروذي وإبراهيم الحربي وأبو طالب والميموني .
7/ / كتاب الفروع ومعه تصحيح الفروع لعلاء الدين علي بن سليمان المرداوي للمؤلف: محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي الرامينى ثم الصالحي الحنبلي (المتوفى: 763هـ) المحقق: عبد الله بن عبد المحسن التركي , الناشر: مؤسسة الرسالة , الطبعة: الأولى 1424 هـ - 2003 مـ عدد الأجزاء: 11 , الصفحة : 398_399, الجزء 5.

8/ذهبوا الى ذلك لأن اقل الجمع ثلاث على خلاف في هذه المسألة ومحل بسطها عند الأصوليين.

[9] / الكافي في فقه الإمام أحمد لأبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، الشهير بابن قدامة المقدسي (المتوفى: 620هـ) , الناشر: دار الكتب العلمية, الطبعة: الأولى، 1414 هـ - 1994 م , عدد الأجزاء: 4. ص 488_489.

[10] / شرح زاد المستقنع لفضيلة الشيخ الشنقيطي ص 116 , الجزء 5

[11] / صحيح البخاري , كتاب الجنائز , باب الكفن في ثوبين , رقم 1265, ص 75, الجزء 2. واسمه ((الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه)).

[12] / العِمَامَةُ : ما يُلَفُّ على الرأَس . والجمع : عمائمُ كذا في المعجم الوسيط .

[13] / المغني لابن قدامة .ص 280 الجزء 3

[14] / صحيح مسلم , كتاب الحج , باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكباً وبيان قوله صلى الله عليه وسلم (لتأخذوا مناسككم). رقم 1298, الجزء 2 , ص 944.

[15] / صحيح البخاري . كتاب الغسل , باب من تطيب ثم اغتسل وبقي اثر الطيب .ص 62, الجزء 1.

[16] الكتاب: الشرح الكبير على متن المقنع , المؤلف: عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الحنبلي، أبو الفرج، شمس الدين (المتوفى: 682هـ) , الناشر: دار الكتاب العربي للنشر والتوزيع

[17] / اول من عبر عنه بالمخيط ابراهيم النخعي

[18] /الكتاب: الكافي في فقه الإمام أحمد, لأبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، الشهير بابن قدامة المقدسي (المتوفى: 620هـ), الناشر: دار الكتب العلمية , الطبعة: الأولى، 1414 هـ - 1994 م , عدد الأجزاء: 4 ص498

[19] / صحيح مسلم , كتاب الحج : باب تحريم نكاح المحرم وكراهية خطبته , رقم 1409, ص 1030, الجزء 2.

[20] / ذكره في ((العدة شرح العمده ))للمقدسي ص191 الجزء 1 ((والكافي في فقه احمد )) ص485, الجزء 1.

[21] / الكافي في فقه الامام احمد للمقدسي , كتاب الحج , باب جزاء الصيد , ص 502, الجزء 1.

 
أعلى