رد: كل مسألة قال فيها مالك : وهذا أحسن ما سمعت فلا إجماع فيها
قال مالك رحمه الله في الموطأ بعد أن بين المرض المجيز للفطر في الصيام: "فهذا أحب ما سمعت إلي, وهو الأمر المجتمع عليه", قلت: وقد يحمل هذا على أنه أراد: أن هذا أحب ما سمع في وصف المرض المبيح للفطر وضبطه إليه, وهو الأمر المجتمع عليه أنه مرض يجيز الفطر, فهو يحكي الإجماع على أن هذا القدر مبيح للفطر, ولا ينفي الخلاف في ما كان دون ذلك من المرض, والأمر كذلك فقد روي عن بعض السلف أنه أجاز الفطر من وجع الضرس ونحوه, وهذا التأويل ربما كان عند بعضكم متكلفا, والله أعلم.
ولا يظهر لي أن قول الرجل: أحسن ما رأيت, أو أحسن ما سمعت, قاطع في أنه سمع كلاما هذا أحسنه, أو أنه رأى أشياء هذا أحسنها, بل ربما تجوز المتكلم في مثل هذه العبارات أحيانا فقالها وهو إنما رأى شيئا واحدا أو إنما سمع شيئا واحدا, وهذا أمر يرجع فيه إلى أهل اللغة.
ولو قدر أن هذه العبارة تفيد سماعه الخلاف فإن هذا لا يفيد في إثبات الخلاف, فلعله سمعه ممن ليس بأهل للفتيا, أو لعله سمعه ممن كان يقول به ثم رجع عنه, أو لعله حكي له خلاف ولم يتثبت منه, والأصل في المجتهد أن يتبع ما عليه العامة من أهل العلم وأن لا يأخذ بقول ليس له فيه إمام سبقه إليه, وأن لا يتبع الشاذ من أقوال أهل العلم, وبالله التوفيق.