العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

"اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
"اجتماع الجمعة والعيد"
الاتجاهات والشذوذات

اللهم لك الحمد، ملء السموات والأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

أما بعد، فهذا بحث موجز في فقه مسالة اجتماع الجمعة والعيد في يوم واحد، وسيكون بحثه في ثلاث مناطق:
- الاتجاهات.
- المآخذ.
- الشذوذات.

فإلى هناك:


أولا: الاتجاهات:
ذهب أكثر أهل العلم: إلى أن اجتماع الجمعة والعيد في يوم واحد ليس سبباً في سقوط وجوب صلاة الجمعة لمن صلى صلاة العيد.
وهذا ما ذهب إليه: فقهاء الحنفية، وفقهاء المالكية، وفقهاء الشافعية، وفقهاء الظاهرية.
بينما ذهب الحنابلة وهو من مفرداتهم - كما قال المرداوي في الإنصاف -: إلى سقوط وجوب حضور صلاة الجمعة لمن صلى العيد.
وبه قال فقيهان من فقهاء الصحابة المكيين: وهما ابن الزبير رضي الله عنه وابن عباس رضي الله عنهما.
وهو أيضا: قول فقيه مكة: عطاء بن أبي رباح.

ثانيا: المآخذ:
سبب الخلاف بين الجمهور والحنابلة في مسألة البحث هو الاختلاف في الآثار الواردة في الباب، والاختلاف يقع على ثلاثة أوجه:
1- في صحتها من حيث الأصل.
2- في تعيين الرواية الصحيحة منها.
3- في فقهها.

والذي يبدو لي- والله أعلم - أنه أقرب إلى القواعد: هو قول الجمهور، وذلك للأسباب التالية:
1- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع ذلك اليوم بالناس لصلاة الجمعة بعد أن جمع بهم لصلاة العيد، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في صلاتي الجمعة والعيد بالأعلى والغاشية في يومٍ واحد.

2- أن هذا ما يتفق مع مقتضى الأصل إلا أن يثبت في ذلك شرعٌ يجب المصير إليه في الترخيص من صلاة الجمعة أو من حضورها ( ).
يقول ابن المنذر رحمه الله:
(أجمع أهل العلم على وجوب صلاة الجمعة،ودلت الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن فرائض الصلوات خمس، وصلاة العيدين ليس من الخمس، وإذا دل الكتاب والسنة والاتفاق على وجوب صلاة الجمعة، ودلت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن فرائض الصلوات الخمس، وصلاة العيدين ليس من الخمس، وإذا دل الكتاب والسنة والاتفاق على وجوب صلاة الجمعة، ودلت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن صلاة العيد تطوع، لم يجز ترك فرض بتطوع)( ).
3- أن النصوص التي جاءت في الرخصة لمن صلى العيد لم تسلم من الطعن، وفيها كلامٌ معروف لأهل العلم، وأقوى هذه الأحاديث: حديث زيد بن أرقم( ) وحديث أبي هريرة( ):
فأما حديث زيد بن أرقم: ففيه إياس بن أبي رملة راويه عن زيد، وهو مجهول، ليس له إلا هذا الحديث في السنن، كما قرره ابن عبد الهادي الحنبلي( )، وبه أعله الأئمة، كابن المنذر( ) وابن القطان( ) وغيرهما.
وأما حديث أبي هريرة: فهو من رواية بقية، والكلام فيه مشهور، ومن هنا فقد رجح أحمد والدارقطني الرواية المرسلة ( ).
وقد جزم ابن حزم الظاهري: بعدم ثبوت أي حديث في الباب( )، وابن عبد الهادي مع تقدمه في هذا الشأن، وأخذه بقول أصحابه الحنابلة: فإنه لم يجد بداً من إعلال أحاديث الباب، وإنما اعتمد على حديث زيد بن أرقم مع ما فيه( ).
ويبقى: أن تعدد الروايات المرفوعة والموقوفة، يدل على أن للحديث أصلاً، لاسيما مع قول ابن عباس لعمل ابن الزبير: إنه أصاب السنة، وهذا الأصل سيأتي مفسَّراً في السبب التالي إن شاء الله تعالى.

4- جاء في صحيح البخاري عن عثمان رضي الله عنه: ما ينص على أن الترخيص إنما كان لأهل العوالي( )، وهذا فهم أحد الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباع سنتهم، ومثل هذا لا يستمد من الرأي المصادم للنص، بل الموافق المفسر له، ويعضده ما جاء في النصوص المرفوعة: (إنا مجمِّعون إن شاء الله تعالى) ( )، مما يدل على أن الترخيص إنما كان لجماعة أخرى غير أهل الجمعة.

وهذا مسلك: الشافعي، والطحاوي، وابن عبد البر، فحملوا النصوص المرفوعة على غير أهل المصر، من أهل البادية ومن لا تجب عليهم الجمعة ( )، وهذا المسلك يعضده الأصول.

كما أن في فهم عثمان رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري من تعليق الترخيص لأهل العوالي فحسب: جوابٌ مفصَّل على دعوى ابن تيمية في جملة أصحابنا الحنابلة أن إجزاء صلاة العيد عن حضور الجمعة مطلقا هو قول الصحابة بلا مخالف، فهذا أمير المؤمنين يقيد الرخصة لأهل العوالي دون غيرهم.

أما ما جاء عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما من ترك إقامة الجمعة مترخِّصاً باجتماعها مع صلاة العيد، ثم موافقة ابن عباس رضي الله عنه له بأنه أصاب السنة:
فإنه يَرِدُ عليه أن فيه ترك صلاة الجمعة، وقد جاءت النصوص المرفوعة الصحيحة تنص صراحة على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى بالناس الجمعة، وإنما جاء في بعضها الترخيص في الحضور، هذا فحسب، ولذا فإن عمل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه أرجح من ناحية موافقة النصوص المرفوعة، مع ما فيها من زيادة في تفسير محل الرخصة، وما من شك أن الزيادة المفصَّلة عن الخليفة الراشد أرجح من الرواية المشكلة.

5- أن المعنى المدَّعى في الترخيص من المشقة وتكدير فرحة العيد: إنما يصدق على أهل البادية والقرى ومن كان خارج المصر، فإنما هم الذين يتكلفون حضور صلاة الجمعة، وفي حضورهم مرتين في يوم واحد مشقة ظاهرة، وتكدير لمقصود العيد من الفرحة والسرور، يعضد هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد صلى العيد في المصلى، وفيه اجتمع الناس، فأخبرهم أن صلاة الجمعة لا تجب عليهم، ولا تلزمهم، وإن كان من عادتهم شهودها وتكلف حضورها، فهو محلٌ لبيان عدم الوجوب، لا الترخيص لأهل الوجوب، وهذا ما فهمه الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه.

 ثالثا: الشذوذات:
القولان السابقان هما القولان المشهوران ، وفي المسألة أقوال أخرى:
- أن العيد سنة إذا اجتمعا، وبه قال صاحب الجامع الصغير من الحنفية ( ).
- أن أحدهما يجزئ عن صاحبه، وبه قال النخعي والشعبي ( ).
- أن العيد يجزئ عن الجمعة إذا صلى بعدها ركعتين على طريقة الجمع، حُكي عن عطاء ومحمد بن علي بن الحسين( ).
- أن العيد يجزئ عن الجمعة وصلاة الظهر معا، نُقِل عن عطاء( )، وابن الزبير( ).

قلت: هذه الأقوال مهجورة، والأصول كلها تشهد بفسادها، لاسيما القول بالجمع أو بالإجزاء عن صلاة الظهر، وإنما نشأت هذه الأقوال بسبب الارتباك الذي حدث في عهد صغار الصحابة رضي الله عنهم، حينما اصطدمت بعض الروايات المرفوعة التي لم تحفظ على وجهها بقواعد الباب وما ترتب على ذلك من حوادث ووقائع، ثم لما استقر الأمر هُجِرت، وكادت أن تندثر.

ويمكن تلخيص أوجه ضعف هذه الأقوال وبيان شذوذها بما يلي:
1. أن الله عز وجل افترض صلاة الجمعة في يوم الجمعة على كل من في الأمصار من البالغين الذكور الأحرار، فمن لم يكن كذلك، ففرضه الظهر في وقتها فرضا مطلقا لم يختص به يوم عيد ولا غيره.
2. أن إسقاط فرض الظهر والجمعة التي هي بدله لمكان صلاة العيد خارج عن الأصول جدا إلا أن يثبت في ذلك شرعٌ يجب المصير إليه ( ).
3. أن العيد لا يسقط فرض الظهر إذا كان العيد في غير يوم الجمعة، فكيف يسقطه إذا وافقه في يوم جمعة؟!
4. أن الفرضين إذا اجتمعا في فرض واحد لم يسقط أحدهما الآخر، وإنما يجمعا، فكيف أن يَسْقُط فرضٌ لسنة؟
5. قد يكون القول بإسقاط صلاة الظهر فهم على وجهٍ مغلوط بسبب عدم خروج ابن الزبير لصلاة الجمعة، وأنه لم يخرج إلا لصلاة العصر، فيجوز أن يكون ابن الزبير قد صلاها في بيته، وهو جواز تؤكده الضرورة الشرعية، غير أن من الناس من ظن أنه لم يصل الجمعة ولا الظهر.
6. أنه إن صلى مع صلاة العيد ركعتين للجمعة فقد صلى الجمعة خارج وقتها عند أكثر أهل العلم حتى حكي فيه الإجماع، وإن كان الخلاف في وقت صلاة الجمعة محفوظ عن الحنابلة( ).

يقول ابن عبد البر رحمه الله:
(إذا احتملت هذه الآثار من التأويل ما ذكرنا لم يجز لمسلم أن يذهب إلى سقوط فرض الجمعة عمن وجبت عليه لأن الله عز وجل يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} ولم يخص الله ورسوله يوم عيد من غيره من وجه تجب حجته فكيف بمن ذهب إلى سقوط الجمعة والظهر المجتمع عليهما في الكتاب والسنة والإجماع بأحاديث ليس منها حديث إلا وفيه مطعن لأهل العلم بالحديث.
ولم يخرج البخاري ولا مسلم بن الحجاج منها حديثا واحدا وحسبك بذلك ضعفا لها وسنذكر الآثار... إن شاء الله تعالى وإن كان الإجماع في فرضها يغني عما سواه والحمد لله) ( ).

وقال ابن عبد البر أيضاً:
(ما يحضرني من الاحتجاج على من ذهب مذهب عطاء وابن الزبير على ما تقدم ذكرنا له إجماع المسلمين قديما وحديثا أن من لا تجب عليه الجمعة ولا النزول إليها لبعد موضعه عن موضع إقامتها على حسب ما ذكرنا من اختلافهم في ذلك كله مجمع أن الظهر واجبة لازمة على من كان هذه حاله وعطاء وابن الزبير موافقان للجماعة في غير يوم عيد فكذلك يوم العيد في القياس والنظر الصحيح، هذا لو كان قولهما اختلافا يوجب النظر فكيف وهو قول شاذ وتأويله بعيد والله المستعان وبه التوفيق) ( ).

وقال العيني في شرحه على أبي داود
(قالت عامة الفقهاء: تجب الجمعة لعموم الآية والأخبار الدالة على وجوبها؛ ولأنهما صلاتان واجبتان فلم تسقط إحداهما بالأخرى كالظهر مع العيد) ( ).
هذا، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.​
الحاشية:

([1]) بداية المجتهد (1/497).
([1]) الأوسط لابن المنذر (4/291). ([1]) عن إياس بن أبي رملة الشامي قال: ( شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم قال: أشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم قال: فكيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة، فقال: من شاء أن يصلي فليصل) أخرجه أحمد (رقم 19318) وأبو داود (رقم1071)، والنسائي (رقم 1591)، وابن ماجه (رقم 1310)، والحديث صححه الحاكم، والنووي، والألباني، والأرناؤوط. ينظر: البدر المنير (5/98).
([1]) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: ( قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمِّعون إن شاء الله تعالى) أخرجه أبو داود (رقم 1066)، وابن ماجه (رقم 1311).
([1]) تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي ( 2/559).
([1]) تلخيص الحبير (ص 1098).
([1]) الوهم والإيهام (4/204).
([1]) تنقيح التحقيق (2/560)، تلخيص الحبير (ص1099).
([1]) المحلى (5/89).
([1]) تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي ( 2/559، 560).
([1]) عن عبيد مولى ابن أزهر: (أنه شهد العيد مع عثمان فكان ذلك يوم الجمعة فصلى قبل الخطبة ثم خطب فقال: يا أيها الناس إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر من أحب أن يرجع فليرجع فقد أذنت له) أخرجه البخاري (رقم 5572)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/318، 319) وقال: ويروى عن سفيان بن عيينة عن عبد العزيز مقيدا بأهل العوالي وفي إسناده ضعف، وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز عن النبي صلى الله عليه وسلم مقيدا بأهل العالية إلا أنه منقطع). وينظر: البدر المنير (5/103)، تلخيص الحبير (ص1099).
([1]) ورد في حديث أبي هريرة الذي سبق تخريجه.
([1]) شرح مشكل الآثار (3 / 187)، التمهيد (10 / 274).
([1]) المبسوط للسرخسي (2/37).
([1]) الإشراف لابن المنذر (2/177).
([1]) حكاه ابن عبد البر: عن عطاء، وعن محمد بن علي بن الحسين أنه أخبرهم أنهما كانا يجمعان إذا اجتمعا ورأى أنه وجده في كتاب لعلي زعم. التمهيد (10 / 269).
([1]) عن عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قال عطاء ابن أبي رباح: إن اجتمع يوم الجمعة ويوم الفطر في يوم واحد فليجمعهما وليصلهما ركعتين فقط حين يصلي صلاة الفطر ثم هي هي حتى العصر.
([1]) عن عطاء، قال: (اجتمع يوم جمعة، ويوم فطر على عهد ابن الزبير، فقال: عيدان اجتمعا في يوم واحد، فجمعهما جميعا فصلاهما ركعتين بكرة، لم يزد عليهما حتى صلى العصر) أخرجه أبو داود (1/ 281)، وعبد الرزاق (3/ 303 رقم 5725)
وقال الألباني: (إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة). صحيح أبو داود - الأم (4/ 238 رقم 983).
قال عطاء: (فأما الفقهاء فلم يقولوا في ذلك، وأما من لم يفقه فأنكر ذلك عليه، قال: ولقد أنكرت أنا ذلك عليه وصليت الظهر يومئذ. قال: حتى بلغنا بعد أن العيدين كانا إذا اجتمعا صليا كذلك واحدا) مصنف عبد الرزاق (3/ 303 رقم 5725)، التمهيد (10/ 269).

([1]) بداية المجتهد 1/497
([1]) ولهذا كان قول الحنابلة بإسقاط وجوب حضور الجمعة لمن حضر صلاة العيد يستمد قوته من أصلهم في أن وقت صلاة الجمعة هو وقت صلاة العيد، فلما اجتمع عندهم وقتيهما ناسب إسقاط أحدهما بالآخر، وإن كان هذا القول – أعني أن وقت صلاة الجمعة هو وقت صلاة العيد - هو خلاف قول عامة أهل العلم حتى حكيَ فيه الإجماع.
([1]) التمهيد (10 / 277).
-----------------
رابط المسودة الأولى للموضوع والتي طبخ فيها البحث:
http://www.feqhweb.com/vb/showthrea...3%C7%DA+%C7%E1%CC%E3%DA%C9+%E6%C7%E1%DA%ED%CF



[/COLOR]
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

- أحسنتم، كعادتكم، شيخنا أبا فراس.
- الحنابلة، في نظري، أسعد بالدليل في هذه المسألة من الجمهور.
- لا معنى للكلام على ضعف الأحاديث في هذا الباب، لأنها تقوَّت بعمل الصحابة. وكم للجمهور من اعتماد على ضعيف الأحاديث إذا تقوى بالعمل.
- ترخيص عثمان رضي الله عنه لأهل العوالي مشكل أيضا على مذهب الجمهور، لأنهم إن كانوا من أهل الجمعة، وهو الظاهر، فكيف يسقطها عنهم، وإن لم يكونوا من أهلها فما المعنى في الترخيص لهم.
- إبطال مذهب الحنابلة بالنظر والقياس، محل نظر، من جهتين:
إحداهما: أن ما جاء على جهة الاستثناء والترخيص لا يجري على القياس العام، لأنه مستثنى منه، فلا معنى في معارضته بالقياس.
والأخرى: أنه لا معنى لجمع الناس مرتين في يوم واحد والخطبة بهم، مع ما هم فيه من الانشغال بالذبح والفرح والتزاور. وعليه فإنه مما يناسب الاكتفاء في ذلك بخطبة واحدة في هذا اليوم، لا سيما مع ما ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، من تخوله للناس في الموعظة والمباعدة في الوعظ بالأيام. وبهذا يظهر أن مذهب الحنابلة أقوى نظرا من مذهب الجمهور حيث طردوا القياس ولم يلتفتوا إلى هذا المعنى الاستحساني الذي التفت إليه الحنابلة، لا سيما مع ثبوته عن الصحابة، وقول ابن عباس، رغم معارضته السياسية لابن الزبير عموما: إنه السنة، وقول عطاء: "فأما الفقهاء فلم يقولوا في ذلك (أي الإنكار على ابن الزبير). وأما من لم يفقه فأنكر ذلك عليه".
- ومِمَّا أراه قيدا في الترخيص: إذن الإمام (وتقوم في مقامه الوزارات الدينية) فإن رخص في ترك الجمعة كان به وإلا فلا يجوز للأفراد أن يترخصوا بأنفسهم.
- إسقاط الجمعة: إنما هو في الخطبة ووجوب الجماعة، لأن هذا هو موضع الترخيص من حيث المعنى. وعليه فتجب الظهر بدلا عن الجمعة، لأن إخلاء وقت الظهر عن صلاة فضلا عن مخالفته النص والإجماع لا وجه له من حيث المعنى، فقد كرر الشارع الصلوات على الأوقات ووزَّعها.
- والله أعلم.
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

كلام الدكتور أيمن في محله ،، وقد كان النقاش في الموضوع السابق مشبعا ،،
سؤال: هل لهذه المسألة من نظائر ؟ أعني إسقاط سنة (صلاة العيد) لواجب (صلاة الجمعة) ،،
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

كلام الدكتور أيمن في محله ،، وقد كان النقاش في الموضوع السابق مشبعا ،،
سؤال: هل لهذه المسألة من نظائر ؟ أعني إسقاط سنة (صلاة العيد) لواجب (صلاة الجمعة) ،،
من هنا تمسك جمهور الفقهاء بقواعد الباب.
لاسيما أن ما جاء من النصوص المرفوعة لم تخل من ضعف واضطراب وشذوذ، حتى جاء إسقاط صلاة الظهر! فلم يخرج ابن الزبير إلا لصلاة العصر بما يدل على مدى الارتباك.
ثم جاءت رواية عثمان بن عفان رضي الله عنه مبينة لما أجمل، ومفسرة لما أشكل، ومنتظمة في قواعد الباب، ومفصلة لحقيقة الواقعة، وأنه ترخيص خاص لمن لا تجب عليه الجمعة أصلا، وهم أهل العوالي.
أمر آخر، أن اعتماد الحنابلة على أقوال الصحابة يؤكد اقتناعهم بأنه لم يثبت من المرفوع شيء يصار إليه، وأصدق مثال على ذلك: الحافظ ابن عبد الهادي الحنبلي.
كما أنه لا يصح تقوية الأحاديث المنتقدة بما جاء عن صغار الصحابة رضي الله عنهم، وذلك لأن قول صغار الصحابة كان عن روايات لم تحفظ على وجهها، فقولهم مبني على رواية لم تحفظ، فلا يصح والحال هذه أن يكون قولهم الذي هو فرع عنها مقويا لها، فما كان فرعا عن الضعيف لا يصح أن يكون عاضدا له.
أمر آخر، قول الجمهور في هذه المسألة هو قول فقهاء المدينة، وفقهاء مكة، وفقهاء الكوفة، وهؤلاء هم فقهاء الأمصار الذين تدور تدور عليهم الفتيا.
وأخير: الشكر للجميع على تفضلهم بهذه المدارسة النافعة.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

وهذا ما أشرتُ إليه في صلب البحث أن توارد الروايات عن الصحابة يدل على أن للمسألة أصلا، وهذا الأصل هو ما جاء مبينا في رواية عثمان رضي الله عنه.
 
إنضم
1 أكتوبر 2012
المشاركات
38
الكنية
أبو صفاء
التخصص
علم الصوتيات
المدينة
سيدي بلعباس
المذهب الفقهي
مالكي
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

فضيلة الأستاذ الهاشمي ؛ حياك الله وبياك ، وجزاك الله خيرا على إثارتك هذا الموضوع .
قد كنت بحثت هذه المسألة منذ أزيد من عشر سنين في رسالة وسمتها بـ (اللمع في أحكام الأعياد والجمع) / طبع : دار الإمام مالك ، الجزائر .
وانتهيت فيها إلى أن العيد والجمعة إذا اجتمعا ؛ فإن من صلى العيد ، سقط عنه وجوب الجمعة ؛ فله أن يصليها مع الجماعة ، وله أن يصلي الظهر في بيته ، وله أن لا يصلي إلى العصر . وهذا ما يُستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو هريرة : (قد اجتمع في يومكم هذا عيدان ؛ فمن شاء أجزأه من الجمعة ، وإنا مجمعون ) رواه : أبو داود (1073) ، وصححه الألباني .
وهذا الأمر شبه المُجمع عليه بين الصحابة ، فقد عمل به الخلفاء الراشدون الثلاثة : عمر وعثمان وعلي رضي الله عنه وعمل به عبد الله بن الزبير وأقره ابن عباس رضوان الله عنهم ، بل صرح أن ذلك السنة، وعمل به وأفتى جماعة من التابعين . فلا شك أن هؤلاء جميعا لم يكن ليخفى عليهم مكانة الجمعة .
وقد يبدو غريبا هذا ، لأن المستقر في أفهام الكثيرين أن الجمعة أعظم من العيد ، والمتأمل يجد أن العيد أعظم ، فقد شرعت له أمور لم تشرع للجمعة ، فقد أوجب الشرع أن يخرج المسلمون رجالهم ونساؤهم - حتى الحيض منهن - وصبيانهم إلى المصلى .
ولمزيد بيان يراجع : المصنف (2/7-8) ، وفتح الباري (464/2) ونيل الأوطار (3/347-348) ، والروضة الندية (184/1-185) ، والأجوبة النافعة (ص86-88) والصحيحة (الحديث رقم2115).
 
إنضم
3 يونيو 2012
المشاركات
11
التخصص
فقه
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

بارك الله فيكم ,
وجزاكم خيراً على هذا البحث ,

لكن عندي استشكال في قولكم -حفظكم الله- : (
وذلك لأن قول صغار الصحابة كان عن روايات لم تحفظ على وجهها، فقولهم مبني على رواية لم تحفظ، فلا يصح والحال هذه أن يكون قولهم الذي هو فرع عنها مقويا لها، فما كان فرعا عن الضعيف لا يصح أن يكون عاضدا له.)
إذ هو دعوى تحتاج إلى برهان , فما دليلكم العلمي على أن صغار الصحابة في هذه المسألة قد بنوا الحكم على روايات لم تحفظ على وجهها ؟
وشكر الله لكم ,
 
إنضم
3 يونيو 2012
المشاركات
11
التخصص
فقه
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

أمر آخر، أن اعتماد الحنابلة على أقوال الصحابة يؤكد اقتناعهم بأنه لم يثبت من المرفوع شيء يصار إليه
أحسن الله إليكم ,
رجعت للكافي والمغني لابن قدامة, والمبدع لابن مفلح, وشرح المنتهى للبهوتي,
فوجدتهم اعتمدوا المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم , لذا فيظهر أن في عبارتكم المشار إليها تجوزاً ظاهراً ,

وفقكم الله ,
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

بارك الله فيكم أبا فراس.
قولكم، بارك الله فيكم:
لاسيما أن ما جاء من النصوص المرفوعة لم تخل من ضعف واضطراب وشذوذ.
على فرض التسليم بالضعف فهو ليس بشديد، حتى صحح بعضها أمثال ابن المديني والبوصيري والنووي والألباني. وأفتى أحمد بمقتضاها. ومع الإقرار بضعف حديث زيد وأبي هريرة فقد صحَّ مرسل ذكوان كما قاله الدارقطني وأحمد، والمرسل حجة عند جمهور الفقهاء. هذا فضلا عن أن عمل الصحابة ـ أو بعضهم ـ يدعم هذه الأحاديث، بل إنه ، بدونها، كاف في إثبات المسألة؛ لأن إسقاط الجمعة للعيد جاء على خلاف القياس فهو مما لا مجال فيه للرأي. وما هو كذلك من عمل الصحابي أو قوله يأخذ حكم المرفوع.
حتى جاء إسقاط صلاة الظهر! فلم يخرج ابن الزبير إلا لصلاة العصر بما يدل على مدى الارتباك.
عدم خروج ابن الزبير للظهر لا يقتضي أنه لم يصلها منفردا كما لا يخفى، فلعله رأى سقوط الجماعة في ذلك اليوم جمعة كانت أو ظهرا. وهذا منطقي لا سيما على مذهب من يوجبون الجماعة كالجمعة.
ثم جاءت رواية عثمان بن عفان رضي الله عنه مبينة لما أجمل، ومفسرة لما أشكل، ومنتظمة في قواعد الباب، ومفصلة لحقيقة الواقعة، وأنه ترخيص خاص لمن لا تجب عليه الجمعة أصلا، وهم أهل العوالي.
القول بأن أهل العوالي ليسوا من أهل الجمعة، دعوى على خلاف الظاهر، إذ استعمال لفظ الرخصة في حقهم يدل على أنهم من أهل الجمعة. وهذا ما فهمه الأولون ولذلك : (كان مالك يقول : لا يضع ذلك عنه ما وجب عليه عليه من إتيان الجمعة. وقال مالك ولم يبلغني أن أحدا أذن لأهل العوالي إلا عثمان، ولم يكن مالك يرى الذي فعل عثمان وكان يرى أن من وجبت عليه الجمعة لا يضعها عنه اذن الإمام وإن شهد مع الإمام قبل ذلك من يومه ذلك عيدا)أهـ من المدونة. والذي لم يبلغ مالكا، رحمه الله تعالى، بلغ غيره ما هو أدلُّ منه.
أمر آخر، أن اعتماد الحنابلة على أقوال الصحابة يؤكد اقتناعهم بأنه لم يثبت من المرفوع شيء يصار إليه، وأصدق مثال على ذلك: الحافظ ابن عبد الهادي الحنبلي.
رأي ابن عبد الهادي لا يخول القول بأن الحنابلة إنما اعتمدوا على أقوال الصحابة فحسب. كيف لا وهم في مجملهم يذكرون المرفوع دليلا في المسألة، بل صحح أحمد إرسال حديث أبي هريرة وهو يعتمد على المرسل بله الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره. وإرداف المرفوع بأقوال الصحابة هو ديدن الفقهاء جميعا، فهو لا يدل على عدم الاعتماد على المرفوع.
كما أنه لا يصح تقوية الأحاديث المنتقدة بما جاء عن صغار الصحابة رضي الله عنهم
أنى لكم هذا التقرير؟!، ومن فصَّل هذا التفصيل من أهل العلم؟! وقد كان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يقدم ابن عباس على كثير من الكبار، ويدخله مع البدريين.
وذلك لأن قول صغار الصحابة كان عن روايات لم تحفظ على وجهها، فقولهم مبني على رواية لم تحفظ، فلا يصح والحال هذه أن يكون قولهم الذي هو فرع عنها مقويا لها، فما كان فرعا عن الضعيف لا يصح أن يكون عاضدا له.
قولكم بأن ابن عباس وابن الزبير، رضي الله عنهما، لم يحفظا لمجرد احتمال عَنَّ لكم فيه مجازفة شيخنا الفاضل. وهما من هما حفظا وعملا وفقها. ثم إن ابن الزبير لما سُئل عن عمله قال:
رأيت عمر بن الخطاب صنع مثل ذلك. (رواه ابن خزيمة وصححه وقال الأعظمي في تخريجه: حسن). وابن عباس قال: أصاب السنة. وابن عباس هو ابن عباس. وصغار الصحابة وإن لم يتلقوا الكثير مباشرة من النبي، صلى الله عليه وسلم، فقد أخذوا عن كبار الصحابة وبواسطتهم الكثير جدا. ولو قيل بترجيح روايات الأصاغر وفقههم على بعض الأكابر لكان لذلك وجها لأنهم جمعوا مالم يجمعه بعض الأكابر. ولذلك قدم أهل العلم قول ابن عباس وابن عمر على قول عمر وأبي بكر وعثمان في متعة الحج.
قول الجمهور في هذه المسألة هو قول فقهاء المدينة، وفقهاء مكة، وفقهاء الكوفة، وهؤلاء هم فقهاء الأمصار الذين تدور تدور عليهم الفتيا
ذكر ابن المنذر أن إجزاء العيد عن الجمعة روي عن النخعي والشعبي وعطاء هذا فضلا عن الصحابة عمر وابن عباس وابن الزبير، وقد فعله ابن الزبير بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه إلا من لم يفقه كما قال عطاء. ولم يثبت عن صحابي آخر خلاف هذا. ولعلك أيضا لا تجده عن تابعي. وفعل عثمان لا يدل على أنه لم يكن يرى الرخصة في ترك الجمعة وإلا فكيف رخص لأهل العالية، ولكن لعله كان يرى أن الأمر يعود في ذلك إلى رأي الإمام، فإن شاء رخص للبعض أو الكل أو لم يرخص لأحد.
وأخير: الشكر للجميع على تفضلهم بهذه المدارسة النافعة.
الشكر الجزيل لكم أنتم لأنكم من بدأتم هذا الخير.
سؤال: هل لهذه المسألة من نظائر ؟ أعني إسقاط سنة (صلاة العيد) لواجب (صلاة الجمعة)
لا يتعين النظر إلى المسألة على أنها إسقاط فرض بسنة، بل دمج عملين لهما نفس المقصد عند اجتماعهما كدمج الوضوء في الاغتسال، كما أشار إليه ابن تيمية رحمه الله تعالى، ثم إن أقل ما ينبغي قوله في صلاة العيد بأنها فرض كفاية لا مجرد ندب.
والله أعلم.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

أستاذي الفاضل: الدكتور أيمن علي صالح، الإخوة الأفاضل:

أولا: ما يتعلق بالنصوص صحة وضعفا، فعامة كلام النقاد متسلط على إعلالها، نعم، هناك نفر يسير يذهب إلى تحسينها لاسيما جماعة من المتأخرين ممن عرف عنهم أنهم واسعي الخطى في تصحيح الأحاديث المعلة، فثمة فرق جوهري بين كلام الأئمة النقاد الذين عاشوا في عصر الرواية، وتيقنوا من "عدالة فلان" عيانا، وبين كلام كثير من المتأخرين الذين يعتمدون على جمع الروايات وعلى النظر في كلام المتقدمين في التجريح والتعديل، فهما طبقتان: إحداهما تعتمد على الأخرى.

ثانيا: عند امتحان أسانيد الباب إسنادا إسنادا فإنه لا يشكل ضعفها البيِّن، فهي ليست من مشكلات العلم:
أما حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه: فإنه من رواية إياس بن أبي أرملة، وهو رجل مجهول، ليس له في السنن إلا هذا الحديث كما يقول ابن عبد الهادي([1])، وقد جهله ابن المنذر وابن القطان وابن الملقن([2])، وابن حجر([3])، وقال ابن خزيمة: (لا أعرف إياس بن أبي رملة بعدالة و لا جرح)([4]).
فهل: رواية مثل هذا الرجل المجهول تقوى على إسقاط أصل محفوظ في وجوب حضور صلاة الجمعة؟
وكيف:
فاتت هذه الرواية عن الجهابذة والحفاظ حتى حفظها رجل مجهول؟
أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه: فهو من رواية بقية بن الوليد عن شعبة، وبقية رجل معروف، والكلام فيه مشهور، فهو مدلس يدلس تدليس التسوية، وأين عن هذه الرواية تلامذة شعبة الذين تسد أسماؤهم الأفق؟
ولهذا
لما صححه الحاكم احتاط بالحكم عليه بالغرابة لأنه من رواية شعبة، والحال أن الراوي عنه هو بقية! وبقية ليس بشيء في شعبة أصلا كما هو تعبير ابن عبد البر([5]).
أما رواية زياد البكائي: فالصواب فيها أنها مرسلة كما قال الإمام أحمد والدارقطني([6]).

ثالثا: نعم، القول بإسقاط حضور الجمعة بالعيد هو قول جماعة من الفقهاء، لكن ليس هو قول فقهاء الأمصار في مكة والمدينة والكوفة، فبين المسألتين فرق، فقول فقهاء الأمصار "مدرسة المدينة" و"مدرسة مكة"، و"مدرسة الكوفة" يشبه أن يكون قولهم جماعيا يأخذه الأصاغر عن الأكابر، وهو أقوى من درجة رأي المجامع الفقيه الذي يلح بعض المعاصرين إلى تنزيلها منزلة الإجماع.

رابعا: تعدد الروايات، وبعضها يشبه بعض، إضافة إلى ما جاء من فتاوى الصحابة والتابعين يدل على أن للمسألة أصلا، وهو كذلك.

خامسا
: هنا يأتي الترجيح بعد امتحان الأسانيد، وتحديد أصول الباب، وفقه معاني النصوص، وفيها تختلف الاتجاهات.

سادسا
: كانت صلاة الجمعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وصدر الأمة، ليست كاليوم تقام في مسجد الحي، وإنما كانت تقام في المصر ويتكلفها أهل القرى، فرخص النبي صلى الله عليه وسلم لأهل العوالي ونظرائهم عن تكلف حضور الجمعة لما في ذلك من مشقة ظاهرة وتفويت لمقصود العيد وتكدير لفرحته.

سابعا: أقام النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الجمعة ونودي بها وحضرها الناس، ولم يحفظ أن الصحابة كانوا يسمعون النداء وصلوا الظهر في بيوتهم على غرار ما جاء عنهم في تقديم العشاء إذا حضر على الصلاة.

ثامنا: الذي جاء عن صغار الصحابة أمر آخر تماما أنه صلى العيد ولم يخرج إلا لصلاة العصر! أين هذا من ذاك؟ وفي بعض الروايات عن ابن الزبير وعطاء إسقاط صلاة الظهر رأسا، فبذلك ندرك أن الموقوف ليس على مقاس المرفوع.

تاسعا: ما ذكرته من رواية صغار الصحابة فهو مفسر في سياق خاص، ولم أذكر قاعدة عامة، إضافة إلى أنه ذكر في سياق نقد تقوية الروايات الضعيفة بما جاء عنهم للسبب المذكور، إضافة إلى أن عامة رواياتهم مرسلة فكيف إذا تعارض أصول الباب وتعارض ما جاء من النصوص المرفوعة؟

عاشرا
: توسعت في الجواب عن مشاركة الدكتور أيمن والإخوة الأفاضل إيمانا مني بوجاهتها، وقوة ورودها، فاضطرني ذلك إلى تشمير ساعد الجد لعلي أنال من ذلك شرف الاحتكاك بكم، والمدارسة معكم، والله ينفعنا بعلمكم، ويسعدنا يوما برؤيتكم.

([1]) تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي (2/ 559).

([2]) البدر المنير (5/ 100).

([3]) التلخيص الحبير (2/ 210).

([4]) صحيح ابن خزيمة (2/ 359).

([5]) قال ابن عبد البر: (هذا الحديث لم يروه فيما علمت عن شعبة أحد من ثقات أصحابه الحفاظ وإنما رواه عنه بقية بن الوليد وليس بشيء في شعبة أصلا وروايته عن أهل بلده أهل الشام فيها كلام وأكثر أهل العلم يضعفون بقية عن الشاميين وغيرهم وله مناكير وهو ضعيف ليس ممن يحتج به). التمهيد (10/ 272)

([6]) التلخيص الحبير (2/ 210).
 
إنضم
1 أكتوبر 2012
المشاركات
38
الكنية
أبو صفاء
التخصص
علم الصوتيات
المدينة
سيدي بلعباس
المذهب الفقهي
مالكي
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

أرى أن الشيخ يصر على عبارة (صغار الصحابة) ، وهاهنا عندنا رجلان من جلة وفقهاء العبادلة الأربعة ابن الزبير وحبر القرآن ابن عباس رضي الله عنهما ، ثم إن ابن عباس : صرح أن ذلك من السنة ، وابن الزبير لما سُئل عن عمله قال: رأيت عمر بن الخطاب صنع مثل ذلك. فهل هذا كله غير كاف للقول بإسقاط العيد فرضية الجمعة ؟ ناهيك عن بقية الاخبار المرفوعة التي نازع في ثبوتها .
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

بوركتم على هذا الرد المفصل يا شيخنا الكريم.
ولكن اسمح لي بهذه التعقيبات:
أولا: لا بد من التفريق بين نظر النقاد إلى الحديث ونظر الفقهاء إليه، فما يصحِّحه النقاد قد لا يقبله الفقهاء والعكس صحيح، وأنتم أدرى بهذا مني.
ثانيا: من كبار النقاد المتقدمين من صحَّح الحديث كابن المديني، كما ذكره عنه ابن حجر، وقَبِله أحمد وهو عالي الكعب في النقد والفقه معا.
ثالثا: ابن أبي رملة وإن كان مجهولا إلا أنه تابعي وسط، ويُتساهل في جهالة التابعي ما لا يتساهل في غيره . فلا أقل من أن يُقبل حديثه في الشواهد.
رابعا: قد صحَّ مرسل ذكوان مرفوعا كما تفضَّلتم به. وجمهور الفقهاء على قَبول المرسل، كيف وقد اعتضد بأقوال الصحابة والتابعين. والمرسل وحده مع أقوال الصحابة كاف في إثبات المسألة حتى لو لم يرد غيره، فكيف وقد عاضده مرفوع متصل ليس بشديد الضعف.
خامسا: أقمتم فكرتكم في المسألة على أن فعل عثمان، رضي الله عنه، هو عين فعل النبي، صلى الله عليه وسلم. وأن هذا الفعل التبس على ابن عباس وابن الزبير نظرا لصغرهما. فلو سلمنا بهذه الدعوى رغم افتقارها للبرهان وضعفها في النظر، فما رأيك بفعل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وقد صرَّح ابن الزبير بأنه قلده في ذلك.
سادسا: من حيث النظر والفقه والقياس لا يبعد انقلاب الجمعة إلى ظهر بسبب صلاة العيد، إذ الجمعة تنقلب إلى ظهر بأقل من ذلك كالسفر والتمريض ونحو ذلك من الأعذار، بل بعضهم يقلب الجمعة إلى ظهر بكل الأعذار التي تسقط الجماعة، فلماذا نراها كبيرة قلب الجمعة إلى ظهر بسبب العيد. وبهذا نرى أن التعبير عن المسألة بأن العيد أسقط الجمعة أو السنة أسقطت الفرض غير دقيق؛ لأن الجمعة لم تسقط بالكلية بل انقلبت ظهرا، كما تنقلب بالسفر مع كونه مباحا، وغير ذلك من الأعذار. فالفرض ما زال فرضا ولكنه تحول من شكل إلى آخر لسبب مناسب هو العيد وحصول غرض الوعظ بالخطبة فيه. وهذا النظر المصلحي من الجلاء بمكان، وهو خير من الاسترسال مع القواعد والعمومات وما أسميتموها "أصول الباب".
نقاشكم ممتع يا أبا فراس وهو يشحذ الذهن ويحد النظر ويجلو الخاطر.
 
إنضم
1 أكتوبر 2012
المشاركات
38
الكنية
أبو صفاء
التخصص
علم الصوتيات
المدينة
سيدي بلعباس
المذهب الفقهي
مالكي
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

الجمعة تنقلب إلى ظهر بأقل من ذلك كالسفر والتمريض ونحو ذلك من الأعذار، بل بعضهم يقلب الجمعة إلى ظهر بكل الأعذار التي تسقط الجماعة، فلماذا نراها كبيرة قلب الجمعة إلى ظهر بسبب العيد. وبهذا نرى أن التعبير عن المسألة بأن العيد أسقط الجمعة أو السنة أسقطت الفرض غير دقيق؛ لأن الجمعة لم تسقط بالكلية بل انقلبت ظهرا، كما تنقلب بالسفر مع كونه مباحا، وغير ذلك من الأعذار. فالفرض ما زال فرضا ولكنه تحول من شكل إلى آخر لسبب مناسب هو العيد وحصول غرض الوعظ بالخطبة فيه.
أرى - شيخنا الفاضل - أن هناك فرقا بين انقلاب الجمعة ظهرا بعذر من الأعذار ، وبين قوله صلى الله عليه وسلم : (قد اجتمع في يومكم هذا عيدان ؛ فمن شاء أجزأه من الجمعة ، وإنا مجمعون ) رواه : أبو داود (1073) ، وصححه الألباني . فواضح من عبارة : (أجزأه من الجمعة) سقوط وجوبها ، فأَن يُطالب المكلف بالظهر بدلا عنها - على سبيل الإيجاب - ، لا شك أن ذلك إلزام له بما لم يلزمه به الشارع .
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

أرى أن الشيخ يصر على عبارة (صغار الصحابة) ، وهاهنا عندنا رجلان من جلة وفقهاء العبادلة الأربعة ابن الزبير وحبر القرآن ابن عباس رضي الله عنهما ، ثم إن ابن عباس : صرح أن ذلك من السنة ، وابن الزبير لما سُئل عن عمله قال: رأيت عمر بن الخطاب صنع مثل ذلك. فهل هذا كله غير كاف للقول بإسقاط العيد فرضية الجمعة ؟ ناهيك عن بقية الاخبار المرفوعة التي نازع في ثبوتها .
كون ابن عباس رضي الله عنهما وابن الزبير رضي الله عنهما من صغار الصحابة، هذا من المعلوم بداهة.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

الأستاذ الفاضل/ د. أيمن، رأيتكم تعتمدون على النصوص، ثم لم تعملوا بها، فقد صرتم إلى فعل ابن الزبير الذي لم يخرج إلا في صلاة العصر، والحديث: "إنا مجمعون" ليتكم تجيبون عن هذا الفرق، لاسيما مع قول ابن عباس: "أصاب السنة".

وهذا ما سبق أن أثرته عن من مدى الارتباك بين المرفوع والمروي عن صغار الصحابة حتى رويت الشذوذات في المسألة من إسقاط صلاة الجمعة بل وإسقاط صلاة الظهر نفسها! وكلها تنسب إلى السنة؟ فيا ترى أين هي السنة من ثلاث احتمالات؟

أمر آخر إسقاط صلاة الجمعة رأسا، والاكتفاء بالظهر كما أنه مخالف للنصوص المرفوعة والمروي، عن الخلفاء الراشدين: عثمان وعلي رضي الله عنهم الذين كانوا كلهم يقيمون صلاة الجمعة، فهو أيضا مخالف للمذاهب الفقهية الأربعة مجتمعة ومنهم أحمد وأصحابه، ويضاف إليهم أهل الظاهر.

أخيرا قول ابن عباس "أصاب السنة"، وقول ابن الزبير أنه أخذه عن عمر، هذا كله مجمل، ويدل على أن للمسألة أصلا، وهو موضع تسليم، وإلا فثمة فرق عريض بين واقعة النبي صلى الله عليه وسلم وكذا وعثمان وعلي رضي الله عنهم الذين أقاموا الجمعة ورخصوا لطائفة، وبين ابن الزبير الذي لم يخرج إلا في صلاة العصر؟ فأين هي السنة؟ أهي السنة العملية للنبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين أم هي سنة ابن الزبير؟
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

عن ابن جريج قال: (أخبرني بعض أهل المدينة عن غير واحد منهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع في زمانه يوم جمعة ويوم فطر أو يوم جمعة وأضحى فصلى بالناس العيد الأول ثم خطب فأذن للأنصار في الرجوع إلى العوالي وترك الجمعة، فلم يزل الأمر على ذلك بعد). أخرجه عبد الرزاق الصنعاني (3/ 304 رقم 5729).
وجه الدلالة: أنها حكاية عمل أهل المدينة الذين وردت فيهم القصة: طبقة عن طبقة.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

عن ابن جريج قال: (أخبرني بعض أهل المدينة عن غير واحد منهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع في زمانه يوم جمعة ويوم فطر أو يوم جمعة وأضحى فصلى بالناس العيد الأول ثم خطب فأذن للأنصار في الرجوع إلى العوالي وترك الجمعة، فلم يزل الأمر على ذلك بعد). أخرجه عبد الرزاق الصنعاني (3/ 304 رقم 5729).
وجه الدلالة: أنها حكاية عمل أهل المدينة الذين وردت فيهم القصة: طبقة عن طبقة.
مجاهيل عن مجاهيل؟!. خبر بن أبي رملة أقل جهالة من هذا ولم تقبله حتى شاهدا
ثم إنَّ مالكا وارث علم أهل المدينة لا يرخص لا لأهل العوالي ولا لغيرهم، فأين هو عمل أهل المدينة طبقة عن طبقة؟!
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات


مجاهيل عن مجاهيل؟!. خبر بن أبي رملة أقل جهالة من هذا ولم تقبله حتى شاهدا
ثم إنَّ مالكا وارث علم أهل المدينة لا يرخص لا لأهل العوالي ولا لغيرهم، فأين هو عمل أهل المدينة طبقة عن طبقة؟!
نعم، وهو كذلك، وليس الاحتجاج بالحديث وإنما بالعمل، والعمل لا يتلقى إلا كذلك طبقة عن طبقة.
وما أوردتَه من تعارض حكاية هذا العمل مع ما حكاه الإمام مالك فهو كذلك بالنسبة إلى أهل العوالي، إلا أن جميعهم يتفقون على أن العمل مستمر على إقامة صلاة الجمعة، فهذا موضع اتفاق، وفعل ابن الزبير خارج عن هذا العمل وخارج عن المرفوع وخارج عن عمل عثمان وعلي رضي الله عنهم.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

ابن الزبير عزا فعله إلى عمر، ضي الله عنه، وصوَّبه ابنُ عباس. وهذا لا شك يتعارض مع مرسل ذكوان من فعله صلى الله عليه وسلم وفعل علي رضي الله عنه وعثمان.
والقواعد في هذه الحالة تقضي بالجمع لا بإبطال أحد العملين بالآخر كما صنعتم، وحملتم عمل "صغار الصحابة" على الوهم والخطأ وعدم الحفظ.
ومقتضى الجمع هو بحمل تعدد فعله صلى الله عليه وسلم، فمرة جمع مع ترخيصه بالترك ومرة رخص بالترك ولم يجمع، وربما مرة رخص لأهل العوالي فحسب. ولذلك قلنا في مستهل مشاركاتنا أنَّ الأمر في الإسقاط يعود إلى رأي الإمام.
وفي هذا تفسير (غير ممجوج) لتعدد الروايات وعمل بجميعها. وهو خير من إسقاط روايات ثقات الصحابة وافعالهم في مجال لا مدخل فيه للرأي، وحملها على الخطأ وعدم الحفظ. والله أعلم.
والجمهور من أتباع المذاهب الفقهية لم يعملوا بأي شيء من الوارد في هذه المسألة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلم يجيزوا ترك الجمعة لا للإمام ولا للمأمومين ولا لأهل العوالي ومن في حكمهم. (أقرب العوالي على ميلين من المدينة كما قال الزهري، والجمهور يوجبون الجمعة على من دون مسافة القصر؟!).
 
إنضم
1 أكتوبر 2012
المشاركات
38
الكنية
أبو صفاء
التخصص
علم الصوتيات
المدينة
سيدي بلعباس
المذهب الفقهي
مالكي
رد: "اجتماع الجمعة والعيد" الاتجاهات والشذوذات

([1]) عن عطاء، قال: (اجتمع يوم جمعة، ويوم فطر على عهد ابن الزبير، فقال: عيدان اجتمعا في يوم واحد، فجمعهما جميعا فصلاهما ركعتين بكرة، لم يزد عليهما حتى صلى العصر) أخرجه أبو داود (1/ 281)، وعبد الرزاق (3/ 303 رقم 5725)
وقال الألباني: (إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة). صحيح أبو داود - الأم (4/ 238 رقم 983).
قال عطاء: (
فأما الفقهاء فلم يقولوا في ذلك، وأما من لم يفقه فأنكر ذلك عليه، قال: ولقد أنكرت أنا ذلك عليه وصليت الظهر يومئذ. قال: حتى بلغنا بعد أن العيدين كانا إذا اجتمعا صليا كذلك واحدا) مصنف عبد الرزاق (3/ 303 رقم 5725)، التمهيد (10/ 269).
[/COLOR]
أرى أن الشيخ استدل بجريان العمل مع ضعف السند وإعلاله بالجهالة ، وغفل عما نقله بالسند الصحيح من جريان العمل الذي حكاه عطاء رحمه الله ، بل وعدم النكير والإقرار الذي نقله، ولا شك أن فعل ابن الزبير رضي الله عنهما ، لو كان منكرا لرده عليه الناس ، وفيهم من الصحابة بقية .


نعم، وهو كذلك، وليس الاحتجاج بالحديث وإنما بالعمل، والعمل لا يتلقى إلا كذلك طبقة عن طبقة.
 
أعلى