العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حكم الترتيب في الوضوء: الأقوال، الأدلة، سبب الخلاف.

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
حكم الترتيب في الوضوء


الأقوال، الأدلة، سب الخلاف



إعداد الطالب :


فؤاد بن يحيى بن هاشم



إشراف الشيخ :


أ.د.عبد الله بن حمد الغطيمل



تنبيه: هذا البحث هو أحد الأبحاث المقدمة في مادة "الفقه المقارن" في السنة المنهجية لدراسة الماجستير في جامعة أم القرى كلية الشريعة قسم الفقه.

الملف مرفق وهو يشتمل على الجزء الأول من البحث لتعذر إدراجه هنا لعدم موافقته للخط:
 

المرفقات

  • حكم الترتيب في الوضوء الجزء الأول.rar
    25.1 KB · المشاهدات: 1
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
===============
وأطرح هنا القسم الثاني من البحث:
==============
منشأ الخلاف :

قال ابن رشد رحمه الله في بداية المجتهد :

" وسبب اختلافهم شيئان :

أحدهما:
الاشتراك الذي في واو العطف. [يعني الذي في الآية]
وذلك أنه:
قد يعطف بها الأشياء المترتبة بعضها على بعض.
وقد يعطف بها غير المرتبة.
وذلك ظاهر من استقراء كلام العرب.
ولذلك انقسم النحويون فيها قسمين:
فقال نحاة البصرة : ليس تقتضي نسقا ولا ترتيبا وإنما تقتضي الجمع فقط.
وقال الكوفيون : بل تقتضي النسق والترتيب.
فمن رأى أن الواو في آية الوضوء تقتضي الترتيب:
قال بإيجاب الترتيب.
ومن رأى أنها لا تقتضي الترتيب:
لم يقل بإيجابه .
والسبب الثاني :
اختلافهم في أفعاله عليه الصلاة والسلام هل هي محمولة على الوجوب أو على الندب ؟فمن حملها على الوجوب:
قال بوجوب الترتيب لأنه لم يرو عنه عليه الصلاة والسلام أنه توضأ قط إلا مرتبا.
ومن حملها على الندب:
قال إن الترتيب سنة.
ومن فرق بين المسنون والمفروض من الأفعال قال :
إن الترتيب الواجب إنما ينبغي أن يكون في الأفعال الواجبة.
ومن لم يفرق قال:
إن الشروط الواجبة قد تكون في الأفعال التي ليست واجبة." (1)
=====================
قلت :
لا يبدو للباحث ما ذكره ابن رشد الحفيد من سبب الخلاف في المسألة، فإنه رحمه الله ذكر سببين اثنين:
أما الأول فقال رحمه الله :
" فمن رأى أن الواو في آية الوضوء تقتضي الترتيب قال بإيجاب الترتيب ومن رأى أنها لا تقتضي الترتيب لم يقل بإيجابه ."
وهذا فيه نظر من جهة :
أن كون واو العطف لا تقتضي الترتيب هو محل إجماع عند أهل اللغة.
وما ذكر من خلاف في هذا فهو:
1- إما من لغوي خارق للإجماع مسبوق به.
2- أو من بعض الفقهاء من أتباع الإمام الشافعي رحمه الله كعلي بن أبي هريرة وغيره ممن ظنوا أن هذا هو مأخذ قول الشافعي (2) بالوجوب وإن كان في نفس الأمر ليس كذلك.
وفي هذا يقول ابن نجيم في البحر الرائق:
"ومنهم من بنى الخلاف على الاختلاف في معنى الواو وليس بصحيح:
فإن الصحيح عندنا وعنده كما هو قول الأكثر أن الواو لمطلق الجمع ولا تفيد الترتيب ومن زعم من أئمتنا بأنها له لمسائل استدل بها فقد أجيب عنها في الأصول، ومن زعم من الشافعية أنها له فقد ضعفه النووي في شرح المهذب فلم يوجد دليل بالافتراض فنفاه أئمتنا."
ويقول السرخسي في المبسوط:
"وأهل اللغة اتفقوا على أن الواو للعطف مطلقا من غير أن تقتضي جمعا ، ولا ترتيبا..."


==================================

أما السبب الثاني فإنه قال رحمه الله :
" اختلافهم في أفعاله عليه الصلاة والسلام هل هي محمولة على الوجوب أو على الندب؟ فمن حملها على الوجوب قال بوجوب الترتيب "
وهذا السبب يرد عليه أمران اثنان:
الأمر الأول:
أن المسألة ليست كذلك عند الأصوليين:
فأحمد والشافعي القائلان بوجوب الترتيب في الوضوء:
لا يرون حمل أفعال النبي صلى الله عليه وسلم المجردة على الوجوب.
ومالك القائل بعدم اشتراط الترتيب في الوضوء:
يرى حمل أفعال النبي صلى الله عليه وسلم على الوجوب.
والتفت إلى هذا المعنى:
ابن حزم الظاهري في كتابه المحلى، فوظَّف مقالة الإمام مالك رحمه الله في هذه المسألة من عدم وجوب الترتيب في التدليل على عدم انتظام أصله في القول بوجوب أفعال النبي صلى الله عليه وسلم، لتواتر النقل بوضوء النبي صلى الله عليه وسلم مرتباً.
يقول ابن حزم رحمه الله:
"قد قلنا:
إن القائلين بأن أفعاله عليه السلام على الوجوب هم أشد الناس خلافا لهذا الأصل الفاسد، فإن المالكيين يقولون:
1- إن خطبة الإمام يوم الجمعة خطبتين قائما يجلس بينهما ليست فرضا، وإنما الفرض خطبة واحدة، وما روي قط أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب إلا خطبتين قائما يجلس بينهما، فلم يروا فعله عليه السلام ههنا على الوجوب.
2- ويقولون: إن ترتيب الوضوء ليس فرضا، ولا شك في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرتب وضوءه ولا ينكسه، لا يشك مسلم في ذلك."

===================================
1- [ جزء 1 - 53-54 ]

2- وقد غلط هؤلاء الشافعية أنفسهم كالنووي في المجموع وغير الشافعية كالجصاص الحنفي في أحكام القرآن.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
تنبيه مهم [استطراد للمناسبة]:
كنتُ قد كتبت بحثا مفردا، مفاده عدم صحة إطلاق القول بوجوب أفعال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإمام مالك رحمه الله، وإن كان قد نسبه إليه الأصوليون، وقرره جماعة من المالكية.
وذلك لأمور ثلاثة:
1- الغلط في تخريج قول الإمام مالك رحمه الله في هذه المسألة، والتي قرر بناء عليها أصله في هذا الباب.
2- منافرة هذا القول لتطبيقات الإمام مالك نفسه في هذه المسألة.
3- أن التزام هذا الأصل لم يقع لأحد من فقهاء الإسلام فضلا عن الإمام مالك رحمه الله.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
نرجع لمسألتنا:
فلم يصفو لابن رشد في ما ذكره من إرجاع سبب الخلاف في المسألة إلى الخلاف الأصولي في وجوب أفعال النبي صلى الله عليه وسلم سوى أبي حنيفة.
وعلى كدرٍ؛
وذلك لأنه وإن كان قد انتظم مذهب أبي حنيفة في هذه المسألة الفروعية من عدم وجوب ترتيب الوضوء مع قوله في المسألة الأصولية من عدم وجوب أفعال النبي صلى الله عليه وسلم.
إلا أن السؤال الذي ينقدح هو ما يلي:
هل هذه المسألة الأصولية عند أبي حنيفة رحمه الله هي التي أوجبت هذه المسألة الفقهية؟ حتى يصح إرجاع سبب الخلاف إليها على أقل تقدير عند الإمام أبي حنيفة رحمه الله.؟
يبدو لي من خلال قراءة هذه المسألة في كتب الأحناف، أن الأمر لم يكن كذلك بالدرجة الأولى
بل لك أن تقول:
إن هذا ليس هو موجب المسألة عندهم وإنما هو داعم من دواعم البراءة الأصلية التي تمسك بها أبو حنيفة رحمه الله.
فله ولأصحابه في تقرير هذه المسألة جملة من البراهين من تقرير عدم إفادة الآية للترتيب ، ثم التمسك بالبراءة الأصلية والاستدلال ببعض النصوص التي وقع فيها ما هو من الإخلال بالترتيب.
وإنما يأتي قولهم بفعل النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء جوابا لمن استدل بمجرده أو حتى بمداومته على وجوب الترتيب فهنا يأتي كلام الأحناف في أن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وأنها لا تقتضي الوجوب ابتداء.
فأنت ترى أن هذا الاستدلال متأخر عندهم، وإنما يظهر في الجواب على أدلة المخالف المحتج بأفعال النبي صلى الله عليه وسلم.
ومهما قلنا :
فإذا تقرر ما أشرنا إليه في التنبيه من ضعف هذا القول الأصولي بوجوب أفعال النبي صلى الله عليه وسلم ومنافرته لأقوال الأئمة وتطبيقاتهم فإنه يبعد والحال هذه التمسك به في تحديد معالم الخلاف بسبب اتفاقه في الصورة مع أحد الاتجاهين .

الأمر الثاني في الجواب عن ربط هذه المسألة بهذا السبب المعين:
بأن يقال :
نعم أجاب بعض من لم يشترط الترتيب [وهم الأحناف فقط دون المالكية] أن فعل النبي صلى الله عليه محمول على الاستحباب
ولكن يبقى أن يقال:
هل استدل بالمقابل من اشترط الترتيب في الوضوء [وهم الشافعية والحنابلة] على أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم دال بنفسه على الوجوب ؟
والجواب :
أنه لم يكن شيء من ذلك [بل هذا يخالف اتجاهم الأصولي كما سبق] وإنما قصدوا ما هو أخص من هذا المعنى وهو مداومة فعل النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الصورة المعينة من الوضوء، ثم لا ينقضها ولا مرة في حياته مع كثرة وضوئه وتردده إليه في اليوم والليلة وباستقراء نصوص الشارع في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم في المندوبات يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم في ما كان هذا شأنه يعمد إلى تركه ولو مرة إشارة إلى عدم فرضيته.
فاستدلال هؤلاء على فعل النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ناشئا من فعل النبي صلى الله عليه وسلم فحسب حتى تبنى عليه هذه المسألة الأصولية ، إنما لأمر آخر اقترن معه من المداومة ، وعدم الترك مما يدل على تحتم هذه الصورة ، وبين الصورتين من الفرق ما بينهما.
على أن الأحناف:
ينازعون في تحصيل الوجوب من هذه المداومة لأن المداومة نفسها تقع حتى على غير الواجب كما هو الشأن في الاستنشاق والمضمضة [المبسوط]
قلت:
وهذه المسألة بعينها فيها نزاع، والقول بالوجوب معروف عند الحنابلة، فمذهبهم في هذه المسألة مطرد، ويبقى السؤال واردا على غير الحنابلة كالشافعية ممن قالوا بوجوب الترتيب في الوضوء استدلالا بالمداومة ثم قصروا عن القول بالوجوب في المضمضة والاستنشاق مع حصول المداومة عليها.
وعليهم أن يتكلفوا الجواب عن هذا السؤال ويحققوا القول فيه أو يستقيلوا من هذا الدليل المعين.
===============================
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
===============================
والذي يظهر للباحث والعلم عند الله :
أن منشأ الخلاف في هذه المسألة هو من جهتين اثنتين :
الأولى : النزاع في دلالة آية الوضوء على الترتيب .
الثانية : محل فعل النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير الآية .
وتقرير هذا أن يقال :
لم يكن الخلاف الواقع في هذه المسألة بين أئمة أهل العلم الخلاف مستدعىً من دلالة واو العطف على الترتيب حيث إن إجماع أهل العلم واقع على عدم إفادة هذا الحرف بمجرده للترتيب، وهو قاضٍ على كل تشغيب.
إلا أن هذا لا يعني بحال أنها تنافي الترتيب:
فواو العطف وإن كانت لا تدل عليه ابتداء لكنها في نفس الوقت لا تنافيه، وقد علم من لغة العرب إرادة الترتيب فمتى أشارت القرائن وألمحت الدلائل على قصده وجب اعتباره.
ولذا يرى الباحث أنه قد جاء ما يفيد الترتيب في الآية من عدة جهات:
1- من جهة " إدخال الممسوح بين المغسولين " والعرب لا تقطع النظير عن نظيره إلا لفائدة ، ولا يقال : إن الفائدة تتحصل بالندبية لأن الآية إنما سيقت لبيان الواجب فحسب.
2- ومن جهة امتثال النبي صلى الله عليه وسلم لأمر الله الوارد في الآية على ترتيبها مما يدل على أن مراد الله سبحانه وتعالى ذكرها مرتبة.
3- عدم إخلال النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصورة ولا مرة في حياته مع تكرر الوضوء في اليوم والليلة يثير الشك في جواز نقض الصورة التي اجتمعت الآية وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم على وَفقها .
4- اقتصار الآية على ذكر الفروض فحسب.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
 
التعديل الأخير:

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: حكم الترتيب في الوضوء: الأقوال، الأدلة، سبب الخلاف.

بحث مفيد
بارك الله فيك
 
إنضم
3 فبراير 2015
المشاركات
21
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
اصول الفقه
المدينة
اربد
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: حكم الترتيب في الوضوء: الأقوال، الأدلة، سبب الخلاف.

جزاكم الله خيرا
 
أعلى