رد: صيام رابع أيام العيد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جوابًا على سؤالكم، أنقل لكم ما جاء بخصوص هذه المسألة في كتاب: التوضيح في شرح المختصر الفرعي لابن الحاجب، لخليل بن إسحاق:2/ 429- 430، وقد نقلت النص بطوله لحسن التفصيل، وجودة التعليل، فإليكموه:
قال ابن الحاجب:"وأما الأيام المعدودات: فثالثها: يصام الثالث دونهما"
قال خليل شارحًا: " أي: اختلف هل يقضي رمضان في الأيام الثلاثة التي بعد يوم النحر؟ فقيل: يقضي فيها. وقيل: لا، وهو المشهور، وقيل: يقضي في الثالث دون الأولين.
ومقتضى كلامه أن الأقوال الثلاثة في الجواز ابتداءً. واللخمي إنما نقلها في الإجزاء، وهو مقتضى تعليل ابن عطاء الله، فإنه قال: منشأ الخلاف النهي الوارد عن صيامها هل هو التحريم أو على الكراهة؟ أو يفرق؟ لأن الثالث لما كان للحاج أن يتعجل فيه صار كأنه من غير أيام التشريق".
وأضاف ابن الحاجب: " وكذلك لو نذرها تعيينًا أو تبعًا"
قال خليل: " أي: أن هذه الأقوال موجودة في ناذر صوم أيام التشريق، سواء نذرها تعينًا بأن يقول: لله علي أن أصوم أيام التشريق. أو تبعًا بأن ينذر سنة أو شهر ذي الحجة. وحكى المصنف الخلاف مطلقًا. ابن راشد: قال بعضهم: لا خلاف في المذهب أنه لا يجوز صوم اليومين الأولين عن نذر معين أو غير معين، وحكى الباجي وابن عطاء الله أن أبا الفرج قال في الحاوي: ومن نذر اعتكاف أيام التشريق اعتكفها وصامها. وهذا يصحح طريقة المصنف، وللباجي طريقة ثالثة؛ لأنه قال: وأما آخر أيام التشريق فيصومه من نذره بلا خلاف، وأما نذر صوم ذي الحجة، فقال ابن القاسم: يصومه.
وقال ابن الماجشون: أحب إلي أن يفطر ويقضيه، ولا أوجبه.وأما من نذر صوم عام معين، ففي المختصر لمالك لا يصوم الرابع. وفي المدونة ما يدل على أنه يصومه. انتهى.
وانظر: لم ألزم هنا بالنذر في الأيام الثلاثة على أحد الأقوال، مع أن القاعدة: أن النذر لا يلزم في المكروه؟ وهذا السؤال وارد على المشهور الذي ألزمه اليوم الثالث بالنذر مع أن صيامه مكروه.
ويمكن أن يجاب عن المشهور بأن في صوم هذا اليوم جهتين:
إحداهما أنه يوم ليس هو يوم عيد ولا يوم نحر عند مالك ولا يرمي المتعجل فيه الجمار.
وهذا الجهة تضعف أن يكون من أيام التشريق التي ورد النهي عن صيامها.
والثانية: أنه يوم ذبح عند بعضهم، ويطلق عليه اسم أيام التشريق، ويرمي فيه من لم يتعجل. وهو من هذه الجهة، يشمله عموم النهي عن صيام أيام التشريق، فغلبنا الجهة الأولى لما أن اقتضى النذر وجوب صيامه، إما تعينًا أو تبعًا؛ لأن الوجوب مرجح على شائبة الكراهة احتياطًا لبراءة الذمة، ولما لم يعارض الكراهة ما هو أقوى منها، غلبنا عليه الشائبة الأخرى، فقلنا: لا يصام تطوعًا. ولا يقال: إن اعتبار الجهتين من أصله باطل؛ لأن حديث زمعة دليل واضح على صحة القول به".