د.محمود محمود النجيري
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 19 مارس 2008
- المشاركات
- 1,171
- الكنية
- أبو مازن
- التخصص
- الفقه الإسلامي
- المدينة
- مصر
- المذهب الفقهي
- الحنبلي
كلب يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم
ويتسبب في إسلام أربعين ألفًا من التتار!!
ويتسبب في إسلام أربعين ألفًا من التتار!!
شهد القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) وقائع تاريخية خطيرة، جعلته من أخطر الفترات في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية على الإطلاق؛ فقد واجه العالم الإسلامي هجومًا صاعقًا على ثلاثة محاور في آن واحد. وكل هجوم منها كان كفيلاً بالقضاء عليه قضاءً مبرمًا ، ففي الغرب كانت الساحة الإسلامية تتقلص بفعل الهجوم الصليبي الضاري على الدولة الإسلامية في الأندلس. وفي الشرق كانت الحملة الصليبية السابعة (646-648/1248-1250م) تنزل على شاطئ دمياط. كما كانت جحافل التتار بقيادة "هولاكو" تقضم من بلدان المشرق الإسلامي قطعة بعد أخرى، حتى إن قلب العالم الإسلامي نفسه- في مصر- صار مُهَدَّدًا.
ومن فضل الله أن هيَّأ للمسلمين قدرات عسكرية خاصة في ذلك الوقت؛ استطاعوا بها أن يواجهوا خطري التتار والصليبيين في آن واحد، فهزم السلطانُ "قطز" التتار في موقعة "عين جالوت" سنة (658هـ)، وحرَّر الشام منهم؛ فهدأ العالم الإسلامي كثيرًا بعد أن كان قد تزلزل بسبب استيلاء التتار على بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية نفسها سنة (656هـ).
كما تمكن السلطان "الأشرف خليل بن قلاوون" من حصار عكا سنة (690هـ), والاستيلاء عليها. ومنها توجه إلى صيدا وبيروت ففتحهما، وبذلك سقطت آخر معاقل الصليبيين في الشرق، وتطهَّرتْ منهم بلاد المسلمين.
إن الزحف الصليبي الذي خرج من أوربا يريد تدمير العالم الإسلامي، جعل المسلمين يشعرون بأن الصليبيين لا يعرفون التسامح الديني, ولا الجدال بالحسنى؛ وأنهم يستحلون دماء المسلمين بدون ذنب أو جريرة ، فذهب المسلمون يواجهون الصراع بالصراع، والقتال بالقتال. ومن المعروف أن الصراع العسكري حين يشتد، يخفت صوت العقل، ويخبو ضوء الفكر. فإذا سكتت المدافع، ووقف إطلاق النار، تطلع كل فريق إلى هزيمة الآخر في مجال الفكر؛ موازاةً مع مجال الحرب، وطمح العلماء إلى مواصلة النِزال في ميدان الفكر، متسلحين بالكلمة والحجة والبرهان.
ومن هنا اتجه الأوربيون- بعد فشلهم في الحملات الصليبية- إلى بذل جهودهم في محاولة لتنصير المسلمين وتحويلهم عن دينهم الحق، فأرسلوا بعثات تنصيرية إلى بلادنا، أرادت أولاً أن تُنَصِّر التتار, وتدخلهم في حظيرة الكنيسة؛ لاستغلالهم في الصراع ضد المسلمين. وقام علماء المسلمين بجهد كبير لردِّ ذلك، ووضعوا المؤلفات في مقارنة الأديان، وإظهار محاسن الإسلام, وبطلان غيره من المِلَل والنِحَل .
ومن القصص الطريفة التي أوردها المؤرخ "محمد بن طولون" عن هذه الأحداث، أن أحد أمراء التتار تنصَّر فعلاً، وحضر عنده جماعة من كبار النصارى والتتار، حتى يعرض النصارى على التتار دينهم ليدخلوا فيه، وأخذ أحدهم يتحدث بوقاحة عن الإسلام, وينتقص شخصية نبينا محمد ، وهناك كلب صيد مربوط. فلمَّا أكثرَ هذا الوقح من سُبابه، وثب عليه الكلبُ فخمشه في وجهه، وأسرع الحاضرون فخلَّصوه منه.
وهنا قال بعض الحاضرين للوقح: إن الكلب هجم عليك بسبب كلامك في النبي محمد .
قال الوقح: بل إن هذا الكلب عزيز النفس، رآني أشير بيدي؛ فظنَّ أني أريد أن أضربه؛ فهجمَ عليَّ.
ثم عاد هذا الوقح إلى ما كان فيه من ذكر نبينا محمد بالسوء، وأطال في ذلك، فوثب الكلبُ عليه في هذه المرة وثبة عظيمة، وقبض بأنيابه على زَرْدَمَته , فانتزعها من رقبته، فمات الوقح من ساعته، وتعجب الحاضرون، وكانت هذه الواقعة أمرًا مبهرًا لهم، ومعجزة من معجزات النبوة، أسلم بسببها نحو أربعين ألف تتري .
ومن فضل الله أن أمَّة التتار دخلت جميعها بعد ذلك في الإسلام، وبطل كيد المنصِّرين، فلم يستطيعوا تنصيرهم, ولا تنصير المسلمين.
ومن هنا نتعلم أن الله يدافع عن أنبيائه ورسله وأهل الإيمان، وأن الحق ينتصر بقوة الله وتأييده لجنده، فالإسلام هو دين الله الحق الذي لا يهزم أبدًا. كما قال الله تعالى: إِِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ {51} يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ {52} [غافر].
وليت فريقًا من كتابنا يهتمون بالتصنيف في معجزات نبينا التي حدثت بعد وفاته, كما اهتموا بمعجزاته التي حدثت في حياته.