العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

موارد العلمانيين والليبراليين في جزيرة العرب

إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
موارد العلمانيين والليبراليين في جزيرة العرب
من المؤسف والمخزي انتشار الفكر العلماني والليبرالي في جزيرة العرب بهيئات ومظاهر متعددة لا تناسب بينها . وهذا الفكر المسموم يتمدَّد يوما بعد يوم بوجوه جديدة وغير مألوفة في واقع المسلمين .

كان الفكر العلماني والليبرالي تاريخياً ينحصر في فصل الدِّين عن الدولة ، واعتماد الحرية المطلقة للانسان في كل شيء ، لكنه في السنوات العِجاف الأخيرة أضحى فناً يُستجدى من موائد المخذولين والمحرومين من نور الحق . وبات يتغلغل في شؤؤن الناس العامة ، وأضحى جسورا على ثوابت عظيمة لا يمكن البوح بها من قبل . ولم يعصم منه الا من رحم الله .

والقاعدة المطردة : أن الفكر الليبرالي علماني بالضرورة، وأن العلمانية أوسع من الليبرالية , فكل ليبرالي علماني ، ولكن ليس كل علماني ليبراليا .

مناسبة هذه الأسطر التي أرقمها ، حوار عابر سمعته من إحدى الاذاعات العربية يتحدث فيه أحد المفكرين الاسلاميين – كما يُسمَّون – عن التسامح في المعاملات الربوية في هذا العصر ، وضرورة العناية بالنظريات الغربية التي يصدرها الغرب الى ديارنا ، وضرورة العناية بالفن الحديث ، والتشكيك في مهدي أهل السنة والجماعة ، ونقد عقيدة نزول عيسى عليه السلام ، ونقد بعض الأحاديث النبوية الشريفة المتواترة ،وامكانية نقد الصحابة والأنبياء ، وتصحيح مقولة التقريب بين الفرق الاسلامية ، ونحوها من الموبقات المعنوية والحسية .


إن تسوية الصفوف عند العلمانيين والليبراليين واضحة وجلية في جزيرة العرب ، وجهدهم في ترويض الناس على هذا الفكر رويداً رويدًا لا يُنكره الا أعمى البصيرة .

يبدأ هذا الفكر الخبيث بتسكين المسلمين عن فعل الخير ، ثم بزرع الشك في نفوس الناس في مذاهبهم وعلمائهم ، ثم باشغالهم بنقد التاريخ وصفحاته وأعلامه ، ثم بتمرينهم على قبول الافكار الغربية المسمومة واظهار عجز المسلمين عن ادراك كنهها ، ثم باستحضار الرموز الغربية وتنصيبها في ذاكرة المسلمين بدلاً عن الرموز الاسلامية المألوفة ، ثم باشغالهم عن أمجادهم وفتوحاتهم بالفنِّ الرخيص الذي ُيجسِّد أعلام الصحابة ومن بعدهم ، ثم بالتشويش عليهم في المنابر في أحكامهم وثوابتهم ، ثم باستئصال كل مظهر اسلامي في أبدانهم ونواديهم ، ثم بتأويل نصوص الوحي على أهوائهم ، ثم بترسيخ عقيدة التحاكم الى العقل في امور دينهم .

من الملاحظ في السنوات الأخيرة تكتُّل الليبراليين والعلمانيين تحت خندق واحد وهم يهتفون : مستقبلنا أن نكون أو لا نكون !. والقصد من ذلك المساومة على البقاء أو الفناء . وقد نجحوا في اختراق الاعلام الاسلامي والاقتصاد والقانون وبعض مناهج التعليم . واليوم لهم صولة وجولة لتطويع العلوم الاسلامية لفلسفتهم المسمومة . وقد ظهر ذلك في التصريح بنقد الذات الالهية ، و التطاول على الأنبياء والرسل، وسب بعض كبار الصحابة والغضِّ من شأنهم والقدح في عدالتهم .

ومن الأسلحة الخبيثة التي يتقوَّون بها على العامة : التشكيك في فقه المذاهب الاربعة ، ووصفها بالاستعباد للعقلية الاسلامية المعاصرة ، وضرورة التحرُّر من فقه الائمة الحفاظ الذين ملأوا الدنيا ضجيجا بفتاويهم، أو الفقه البدوي كما يلمزون ! سواء من القدامى أو من المعاصرين . ومن أسلحتهم ترويع الناس من التشدد والغلو في فهم التعاليم الاسلامية وتطبيقها على النوازل المعاصرة ، بحجة التمدُّن والحوار مع الآخر . ومن أسلحتهم نبش الفتن التي دارت بين الصحابة رضي الله عنهم ومَن بعدهم ،وتنزيلها على الواقع المعاصر بحجج سياسية واجتماعية .

إنَّ الفكر العلماني والليبرالي في جزيرة العرب يستمد فلسفته من موارد ملوثة وهي :
الفلسفة الغربية الحديثة ، وأعلام الالمان اليهود الذين أسسوا الفكر الليبرالي والعلماني ، وفلول المرتزقة المتمشيخة الذين جنَّدهم الغرب لتسميم الشباب المسلم ، والاعلام الغربي الذي يدوِّن كل صغير وكبير مستطر، لوأد الايمان من قلوب الناس ،والثقافة الاستعمارية التي يقصف بها الغرب الطلاب المبتعثين في الجامعات والمعاهد الاجنبية . وإلى الله المشتكى .

من الأخطاء التي وقع فيها بعض الدعاة اليوم ، عدم التصدي لفلسفة الفكر الليبرالي والعلماني ، بحجة ضعفه وهوانه وقدرة الناس على كسر شوكته . وواجب الوقت الآن يُحتِّم تغيير مسار الخطاب الوعظي للحدِّ من نفوذ ذلك الفكر المسموم ، فشياطين الانس لم يتركوا قرآنا ولا سنةً ولا فقها ولا تاريخاً الا وطوقوا حولها حبلا متينا لوأدها .

إن أتباع مارتن لوثر ، وهما عَلمان ألماني وأمريكي قد نشطوا في تسويق هذا الفكر اليوم بصخبٍ وبلا حياء . وإذا كان الحكم على الشي فرعٌ عن تصوره ،فان فهم ذلك الفكر المسموم والتحذير منه وتوقي انتشاره من الرشد الذي وعد الله تعالى أصحابه بالفوز والفلاح : " فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا ، وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا "( الجن : 14-15) .

إن سائمة الليبراليين والعلمانيين وجدت مرعاً خصباً ، لتطويع الدِّين لمصالحهم وشهواتهم ، وهم كم قال الله تعالى : "وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغيِّ يتخذوه سبيلا " ( الاعراف : 146) . ورضي الله عن ابن مسعود حين قال كلمته المتينه : " عليكم بالأمر العتيق فقد كُفيتم " ورحم الله عِظام الحسن البصري حين قال :" رأس مال المسلم دِّينه، فلا يُخلِّفه في الرِّحال ولا يأتمن عليه الرجال " ! .
هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .

المصادر :
1- الغارة على العالم الاسلامي / محب الدين الخطيب .
2-الصراع بين الفكرة الاسلامية والفكرة الغربية / للندوي .
3- فكرة القومية العربية / صالح العبود .

 
أعلى