العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حيرة الشباب المسلم بين الكبت والإباحية

حيرة الشباب المسلم بين الكبت والإباحية

  • نعم. أراهم أدوا دورهم في ذلك كاملا.

    الأصوات: 1 14.3%
  • لا. بل أراهم قصروا في أداء هذا الدور.

    الأصوات: 1 14.3%
  • أرى أنهم يتوقرون عن الخوض في هذا الجانب

    الأصوات: 4 57.1%
  • لا أرى لهم دورا في هذه الناحية

    الأصوات: 1 14.3%

  • مجموع المصوتين
    7

د.محمود محمود النجيري

:: مشرف سابق ::
إنضم
19 مارس 2008
المشاركات
1,171
الكنية
أبو مازن
التخصص
الفقه الإسلامي
المدينة
مصر
المذهب الفقهي
الحنبلي
حيرة الشباب المسلم
بين الكبت والإباحية

لا شك أن جهل الأزواج بالنصوص الإسلامية من الكتاب والسنة التي تناولت العلاقة الجنسية بينهما، هو سبب رئيس للنزاعات الزوجية الدافعة إلى الشقاق والطلاق. ومن المؤكد أن الممارسات الجنسية الخاطئة والقاصرة هي السبب الأول في تصدع الأسرة، ولا أعتقد أن السبب وراء ذلك كله إلا الثقافة الجنسية الهابطة أو القاصرة التي يسعى إليها الشباب، فتشوه فكره وعواطفه وإحساساته!
ولقد أدى الجهل ببعض الشباب إلى ارتياد الكتب الجنسية الحديثة المترجمة، والروايات والمجلات الصفراء، والأفلام الأجنبية وأشرطة التسجيل واسطوانات الليزر الممنوعة، وكذلك مواقع الإنترنت الإباحية، ولم ينجح مع ذلك زواجهم، بل ازدادوا تخبطًا وانحرافًا، وخربوا بيوتهم بأيديهم جهلا منهم بالعلاقات الأسرية الصحيحة، وجوانبها العاطفية والحسية، كما أشار إليها القرآن الكريم، وفسرتها السنة بصراحة ووضوح.
وإن هذا الجهل بتشريعات الإسلام وتوجيهاته في الحياة الزوجية يُمثلُ بالجزء المغمور من جبل الثلج في النزاعات الزوجية ، أما الجزء الطافي الظاهر للعيان فليس هو السبب الحقيقي للنزاع، فالزوجان جهلا أو تعمدًا يتهربان من سبب النزاع الحقيقي الكامن تحت الأعماق، أو أنهما يستحيان – وبخاصة المرأة – من التصريح به، فلو قال أحدهما- أو كلاهما صراحة: إنه لا يجد في الزواج إشباعًا عاطفيًا وإرواءً جسديًا، لكان هذا أول الطريق إلى العلاج، لكننا نجد المرأة مثلا تطلب الطلاق متعللة بأن زوجها بخيل، أو كسول، أو شديد العصبية، مع أنه لو كان كريمًا نشيطًا هادئ الطبع لما رضيت به؛ لأن الحقيقة التي لا تستطيع التصريح بها هي أن زوجها جاهل بأصول العلاقات الزوجية، غير صالح لأن يكون زوجًا بمعنى الكلمة، وكان أولى به أن يتعلم قبل أن يتزوج، على الأقل كما يتعلم القيادة قبل إن يشتري سيارة!
ولكن قد يكون عذرًا لهؤلاء أنهم لم يجدوا من يأخذ بأيديهم، فلا الأسرة أعطت التوجيه الصائب، ولا وسائل الإعلام قدمت المعلومات الصحيحة، وتعسر عليهم الوقوف بأنفسهم على ما في الكتاب والسنة من تشريعات وتوجيهات في هذا الجانب، ولم يتح المنبع الصافي الذي يستقون منه المادة العلمية الموثوق بها، فتخبطوا وفشلوا في زواجهم.
ومن المفارقة أن علماءنا الأقدمين اهتموا كثيرًا بهذا الجانب المهم من الحياة، ووضعوا في ذلك الكتب التي لا يزال بعضها من مخطوطات التراث ، مثل: "العنوان في سلوك النسوان" للإمام المتقي الهندي، و"شفاء الغليل فيما يعرض للإحليل" للإمام السيوطي.
ويثور السؤال: أين كتبنا المعاصرة التي تعالج الحياة الزوجية معالجة علمية في دقائقها، دون أن تكون نقلا عن كتب غربية؟
ولا شك أن من مقاصد الإسلام ربط الإنسانية كلها بأواصر المحبة والرحمة ابتداء من الزوجين، ثم الأسرة ، ثم الأمة، ثم الإنسانية كلها ، ولن تكون هذه الروابط قوية وفعالة إلا إذا كانت سليمة في بدايتها حين تؤسس الحياة الزوجية على عناصرها الثلاث: السكن، والمودة، والرحمة، كما قال الله تعالى:  وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {21}  [الروم]. ولن توجد هذه العناصر أبدا ما لم تكن العلاقة الجنسية في أرقى أحوالها من الإرواء النفسي والعاطفي، الذي هو السكن للروح والعقل والجسد.
وإنّ مجتمعًا قويًا مترابطًا متماسكًا بالأخوة الإسلامية لابد أن يبدأ من بيت الزوجية، ولن يكون هذا الترابط بالمودة والرحمة في بيت الزوجية إلا على أساس من السكن النفسي والجسدي العميق، ولن يوجد سكن، وهناك جهل يهدم السكن ويسبب الشقاق، ولن يعلم العلاج إلا بمواجهة الحقائق دون وجل أو تردد.
ومن هنا نقدم النصيحة للشباب في مقتبل العمر وعند إزماع الزواج- ألا يسعوا جاهدين- كما نشاهد عيانًا- لاكتساب المعلومات الجنسية من تجار الجنس الذين يضعون الكتب لاستفزاز الشهوات وتهييج الفتنة واستمالة الغرائز، وإنما يقرءون في هذه الموضوعات للعلماء المسلمين الموثوقين في دينهم وعلمهم.
وإنه من المسلَّم به تمامًا أن الزواج علم وفن معًا، ونحن نؤمن بأنه عصب الحياة المستمرة في الكون، ونعمة الله التي امتنَّ بها على عباده ، ونؤكد أن الإسلام وضع له المنهج الكامل المتفرد. فأين هذا المنهج من واقعنا اليوم؟
إن على علماء الإسلام أن يبدءوا ببيان موقف الإسلام من كل القضايا التي أثارها العصر، وأن يضعوا الضوابط الشرعية لأتباع الإسلام حتى لا ينماعوا بين الإفراط والتفريط في عصر للمرء فيه عوالم افتراضية توازي عالم الواقع بمجرد الضغط على زر صغير بأطراف أصابعه، ونقترح ما يلي من إجراءات:
1. إعداد مناهج دراسية في التربية الأسرية تعطي الشباب أساسيات الحياة الزوجية كما عالجتها نصوص الكتب والسنة.
2. عقد دورات دراسية شرعية إلزامية لكل مقدم على الزواج من الجنسين، يتلقى فيها أسس علم الزواج الإسلامي .
3. تعزيز دور الأبوين في التربية الجنسية للأبناء بتقديم دراسات وأبحاث وندوات يشارك فيها المتخصصون والآباء لتأهيل الأبوين للقيام بهذا الدور.
4. أن تقود وزارات الأوقاف إصدار سلاسل كتب تعالج النواحي الحسية والعاطفية في الزواج من منظور إسلامي، مع إتاحتها على الشبكة الدولية للمعلومات.
5. الاستفادة من وسائل الإعلام في تقديم المبادئ الصحيحة للحياة الزوجية الإسلامية ومعالجة المشكلات الحسية والعاطفية التي تؤدي إلى الطلاق علاجًا شرعيًا صريحًا، وعدم الاكتفاء بعرض آراء المتخصصين في علم النفس والاجتماع والطب وبخاصة البعيدون عن الدين الحنيف.
6. وفي النهاية نقول: إننا بحاجة إلى موسوعة إسلامية، تجمع ما ورد في الكتاب والسنة وخلاصة ما في كتب الفقه القديمة والعلم الحديث من معلومات عن الحياة الحسية والعاطفية في البيت المسلم، وأن تكون هذه الموسوعة متاحة لجميع المقبلين على الزوج، سواء بالنشر الورقي، أو بالنشر الإلكتروني.
 
أعلى