العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الشرح المقارن على منهاج الطالبين / المقدمات

إنضم
13 فبراير 2013
المشاركات
94
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
سامراء
المذهب الفقهي
شافعي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ؛ والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين ؛ وعلى آله وصحبه أجمعين ؛ أما بعد : فهذه تعليقات على ( منهاج الطالبين وعمدة المفتين ) في فقه الشافعية للإمام النووي رحمه الله تعالى ؛ سأجعلها - إن شاء الله تعالى - مقارنة بالمذاهب الأخرى تذكرة لي ؛ ولكل قاري ء . أسأل الله العظيم أن يعينني على الإنتهاء كما أعانني على الإبتداء . آمين .
تنبيهات :​
1 - لن أعين وقتا محددا للشرح ؛ لأن لدي مشاريع أخرى في أماكن كثيرة ؛ وسأرى المجال عندي متوكلا على الله تعالى .
2 - لن أمانع من تعليقات الأعضاء الكرام بشرط أن يكون من صلب الموضوع .
3 - سأحاول قدر الإمكان تبسيط العبارة .
4 - كنت قد بدأت بشرح كتاب الحج من هذا المتن القيم في ملتقى ( بداية المجتهد ) وإنما بدأت بكتاب الحج ؛ طلبا من بعض الأخوة بسبب قرب موسم الحج آنذاك ؛ وأنا على وشك إنهاء الكتاب - كتاب الحج - ولله الحمد .
والحمد لله رب العالمين ؛ والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
عن الكتاب
كتاب انعقدت الخناصر على تقديمه على ما سواه من المتون ؛لأن فيه من المسائل الفقهية والتحقيقوالتدقيق ما يسر به الموفقون ، لذا : كان واسطة عقد المتون.
أجمع العلماء على تقدمه وسبقه ، فانتشر انتشارالضياء ،وتتابعت همم العلماء على شرحه ونظمه ،واختصاره وتهذيبه ، والعناية به من سائر الوجوه ،وحسبك أن شراحه فقط نافوا على المئة ، وهذا فيالحقيقةعائد إلى أمور :
الأول : مكانة مؤلفه بين العلماء ، وتبحره في فقهالدين الذي أشاد به النبلاء .
الثاني : صلاح مؤلفه وإخلاصه ، وما قيدته كتبالتراجمات من بركاته وزهده وورعه فما من طالب شافعي إلاوقرأه ، وسامره وذاكر فيه ، فألبسه الله حللالقبول والذيوع ، ولبس حلة الشيوع ، وما قرأه قط طالب قراءة واعية إلا أنجح وارتفع في سلم الفقه شأواً قصياً ،حتى شاع قولهم : « من قرأ المنهاج .. هاج» .
الثالث : إن الإمام النووي ـ وهو المحقق البارع ـاختصره من« المحرر » للإمام الرافعي رحمه اللهوأضاف إليه مسائل مستجادات .
وكتاب تضافر على تحبيره شيخا المذهب .. حريٌّ بأنيلقى هذاالإقبال ، ومن قرأه .. فكأنماقرأ من خلالهأصول كتب الشافعية من « المحرر » إلى « الأم » .
الرابع : إن الإمام النووي سلك في تأليفه وعرض أقوالالمذهب والمعتمد فيه طريقة شائقة فريدة موجزة ،لخص فيها طرق الخلاف في كلمات ، وأبان في خطبة« المنهاج» عن مصطلحاته ، فرفد الطالب بالمعارفالفقهية ،والمصطلحات التي انتقاها في سهولةوإيضاح تامَّين ، فكان « المنهاج» زبدة الفقه الشافعي، وخلاصة المذهب دون منازع، لا يعتوره التعقيد ولايعيبهالإيجاز المخل ؛ لذلك تلقفه أولو الفقه باستحسانواعتناءكبيرين .
...............................................................................
ترجمة المؤلف :
هو الشيخ يَحْيَى بن شرف بْنِ حَسَنِ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ جُمُعَةَ بْنِ حزام الحازمي الْعَالِمِ، مُحْيِي الدِّينِ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَوِي ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْمَذْهَبِ، وَكَبِيرُ الْفُقَهَاءِ فِي زَمَانِهِ، وُلِدَبِنَوَى سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَنَوَى قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى حَوْرَانَ، وَقَدْ قَدِمَ دِمَشْقَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ، وَقَدْ حَفِظَ ا لْقُرْآنَ فَشَرَعَ فِي قِرَاءَةِ التَّنْبِيهِ، فَيُقَالُ إِنَّهُ قَرَأَهُ في أرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَنِصْفٍ، وَقَرَأَ رُبْعَ العبادات من المذهب فِي بَقِيَّةِالسَّنَةِ، ثُمَّ لَزِمَ الْمَشَايِخَ تَصْحِيحًا وشرحا، فكان يقرأ في كل يوم اثناعَشَرَ دَرْسًا عَلَى الْمَشَايِخِ .

فضائله :
قال الإمام تاج الدين عبد الوهاب بن تقيالدين السبكي في كتابه ( طبقات الشافعية الكبرى ) : كَانَ يحيى رَحمَه الله سيدا وَحَصُورًا وليثا على النَّفس وزاهدا لم يبال بخراب الدُّنْيَا إِذا صير دينه ربعا معمورا لَه الزّهْد والقناعة ومتابعة السالفين من أهل السّنة وَالْجَمَاعَة والمصابرة على أَنْوَاع الْخَيْر لَا يصرف سَاعَة فِي غير طَاعَة هَذَا مَعَ التفنن فِي أَصْنَاف الْعُلُوم فقها ومتون أَحَادِيث وَأَسْمَاء رجال ولغة وتصوفا وَغير ذَلِك .
وَأَنا إِذا أردْت أَن أجمل تفاصيل فَضله وأدل الْخلق على مبلغ مِقْدَاره بمختصر القَوْل وفصله لم أَزْد على بَيْتَيْن أنشدنيهما من لَفظه لنَفسِهِ الشَّيْخ الإِمَام وَكَانَ من حَدِيثهمَا
أَنه أَعنِي الْوَالِد رَحمَه الله لما سكن فِي قاعة دَار الحَدِيث الأشرفية فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائةكَانَ يخرج فِي اللَّيْل إِلَى إيوانها ليتهجد تجاه الْأَثر الشريف ويمرغ وَجههعلى الْبسَاط وَهَذَا الْبسَاط من زمَان الْأَشْرَف الْوَاقِف وَعَلِيهِ اسْمه وَكَانَ النَّوَوِيّ يجلس عَلَيْهِ وَقت الدَّرْس فأنشدني الْوَالِد لنَفسِهِ :
( وَفِي دَار الحَدِيث لطيف معنى ... على بسط لَهَا أصبو وآوي )
( عَسى أَنِّي أمس بَحر وَجْهي ... مَكَانا مَسّه قدم النواوي )
وَذكر أَبوهُ أَن الشَّيْخ كَانَ نَائِماإِلَى جنبه وَقد بلغ من الْعُمر سبع سِنِين لَيْلَة السَّابِع وَالْعِشْرين من شهررَمَضَان فانتبه نَحْو نصف اللَّيْل وَقَالَ : يَا أَبَت مَا هَذَا الضَّوْء الَّذِي مَلأ الدَّار ؛ فَاسْتَيْقَظَ الْأَهْل جَمِيعًا قَالَ : فَلم نر كلنا شَيْئا ! قَال وَالِده : فَعرفت أَنَّهَا لَيْلَة الْقدر .
وَقَالَ شَيْخه فِي الطَّرِيقَة - الشَّيْخ ياسين بن يُوسُف الزَّرْكَشِيّ - : رَأَيْت الشَّيْخ محيي الدّين وَهُوَ ابْن عشرسِنِين بنوى وَالصبيان يكرهونه على اللّعب مَعَهم ؛ وَهُوَ يهرب مِنْهُم ؛ ويبكي لإكراههم وَيقْرَأ الْقُرْآن فِي تِلْكَ الْحَال فَوَقع فِي قلبِي حبه وَجعلهأَبوهُ فِي دكان فَجعل لَا يشْتَغل بِالْبيعِ وَالشِّرَاء عَن الْقُرْآن قَال فَأتيت الَّذِي يقرئه الْقُرْآن فوصيته بِهِ وَقلت لَهُ : هَذَا الصَّبِي يُرْجَى أَن يكون أعلم أهل زَمَانه وأزهدهم وَينْتَفع النَّاس بِهِ فَقَالَ لي : منجمأَ نْت ؟ فَقلت : لَا وَإِنَّمَا أنطقني الله بذلك فَذكر ذَلِك لوالده فحرص عَلَيْهِ إِلَى أَن ختم الْقُرْآن وَقد ناهز الِاحْتِلَام .

مؤلفاته :
من مؤلفاته رحمه الله تعالى :
1 - تهذيب الأسماء واللغات .
2 - منهاج الطالبين .
3 – الدقائق .
4 - تصحيح التنبيه .
5 - المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج .
6 - التقريب والتيسير في مصطلح الحديث .
7 - حلية الأبرار . يعرف بالأذكار النووية .
8 - رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين .
9 - بستان العارفين .
10 – الإيضاح – في المناسك –
11 - شرح المهذب للشيرازي ( المجموع )
12 - روضة الطالبين .
13 - التبيان في آداب حملة القرآن .
14 - الأربعون حديثا النووية .
وغير ذلك كثير .

البداية والنهاية ؛ وطبقات الشافعية الكبرى ؛ وتحقيق : عوض قاسم أحمد عوض على منهاج الطالبين .

والله تعالى أعلم .

 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: الشرح المقارن على منهاج الطالبين / المقدمات

جزاكم الله خيرا ... نتابع باهتمام
 
إنضم
13 فبراير 2013
المشاركات
94
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
سامراء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: الشرح المقارن على منهاج الطالبين / المقدمات

ولك مثله أخي العزيز .
 
إنضم
13 فبراير 2013
المشاركات
94
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
سامراء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: الشرح المقارن على منهاج الطالبين / المقدمات

مقدمة المؤلف

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله البر الجواد الذي جلت نعمه عن الإحصاء بالأعداد المان باللطف والإرشاد الهادي إلى سبيل الرشاد الموفق للتفقه في الدين من لطف به واختاره من العباد أحمده أبلغ حمد وأكمله وأزكاه وأشمله ؛ وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الغفار وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى المختار صلى الله عليه وسلم وزاده فضلا وشرفا لديه .
أما بعد : فإن الاشتغال بالعلم من أفضل الطاعات ؛ وأولى ما أنفقت فيه نفائس الأوقات ؛ وقد أكثر أصحابنا رحمهم الله من التصنيف من المبسوطات والمختصرات ؛ وأتقن مختصر < المحرر > للإمام أبي القاسم الرافعي رحمه الله تعالى ذي التحقيقات وهو كثير الفوائد عمدة في تحقيق المذهب معتمد للمفتي وغيره من أولى الرغبات ؛ وقد التزم مصنفه رحمه الله أن ينص على ما صححه معظم الأصحاب ووفى بما التزمه وهو من أهم أو أهم المطلوبات ؛ لكن في حجمه كبر يعجز عن حفظه أكثر أهل العصر إلا بعض أهل العنايات ؛ فرأيت اختصاره في نحو نصف حجمه ليسهل حفظه مع ما أضمه إليه إن شاء الله تعالى من النفائس المستجدات منها : التنبيه على قيود في بعض المسائل هي من الأصل محذوفات ؛ ومنها : مواضع يسيرة ذكرها في المحرر على خلاف المختار في المذهب كما ستراها إن شاء الله تعالى واضحات ؛ ومنها : إبدال ما كان من ألفاظه غريبا أو موهما خلاف الصواب بأوضح وأخصر منه بعبارات جليات .
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
( بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله ) بَدَأَ بِالْبَسْمَلَةِ ثُمَّ بِالْحَمْدَلَةِ اقْتِدَاءً بِالْكِتَابِ الْعَزِيز ، وَعَمَلًا بِخَبَرِ: « كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ - أَيْ حَالٍ يُهْتَمُّ بِهِ - لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَقْطَعُ » أَيْ : نَاقِصٌ غَيْرُ تَامٍّ ، فَيَكُونُ قَلِيلَ الْبَرَكَةِ . أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة . بلفظ " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر "
وَفِي رِوَايَةٍ رَوَاهَا أَبُو دَاوُد « بِالْحَمْدُ لِلَّهِ » وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَغَيْرِهِ بَيْنَ الِابْتِدَاءَيْنِ عَمَلًا بِالرِّوَايَتَيْنِ .
( الْبَرِّ ) بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ: أَيْ الْمُحْسِنِ، وَقِيلَ الصَّادِقُ فِيمَا وَعَدَ، وَقِيلَ خَالِقُ الْبِرِّ بِكَسْرِ الْبَاءِ الَّذِي هُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْخَيْرِ، وَقِيلَ: اللَّطِيفُ، وَقِيلَ هُوَ الَّذِي إذَا عُبِدَ أَثَابَ وَإِذَا سُئِلَ أَجَابَ، وَقِيلَ هُوَ الْعَطُوفُ عَلَى عِبَادِهِ بِبِرِّهِ وَلُطْفِهِ ( الْجَوَادِ ) بِتَخْفِيفِ الْوَاوِ: أَيْ الْوَاسِعِ الْعَطَاءِ. وَقِيلَ: الْمُتَفَضِّلُ بِالنِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا الْمُتَكَفِّلُ لِلْأُمَمِ بِأَرْزَاقِهَا. وَقِيلَ: الْكَثِيرُ الْجُودِ: أَيْ الْعَطَاءِ، وَقَدْ خَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ حَدِيثًا مَرْفُوعًا ذَكَرَ فِيهِ عَنْ الرَّبِّ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: «وَذَلِكَ أَنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ» وَيُجْمَعُ عَلَى: أَجْوَادٍ وَأَجَاوِيدَ، وَجُودٍ ( الَّذِي جَلَّتْ ) أَيْ : عَظُمَتْ ؛ وَالْجَلِيلُ : الْعَظِيمُ ( نِعَمُهُ ) جَمْعُ نِعْمَةٍ بِكَسْرِ النُّونِ بِمَعْنَى إنْعَامٍ وَهُوَ الْإِحْسَانُ، وَأَمَّا النَّعْمَةُ بِفَتْحِ النُّونِ فَهِيَ التَّنَعُّمُ وَبِضَمِّهَا الْمَسَرَّةُ ( عَنْ الْإِحْصَاءِ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَبِالْمَدِّ: أَيْ الضَّبْطِ قَالَ تَعَالَى { أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ } [ المجادلة: 6] ( بِالْأَعْدَادِ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ( الْمَانِّ ) أَيْ : الْمُنْعِمُ مَنًّا مِنْهُ لَا وُجُوبًا عَلَيْهِ ( بِاللُّطْفِ ) أَيْ : بِالْإِقْدَارِ عَلَى الطَّاعَةِ ( وَالْإِرْشَادُ ) أَيْ : الْهِدَايَةُ لِلطَّاعَةِ ( الْهَادِي إلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ ) أَيْ : الدَّالُّ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِقَامَةِ بِلُطْفٍ ( الْمُوَفِّقِ ) أَيْ : الْمُقَدِّرِ ( لِلتَّفَقُّهِ ) أَيْ : التَّفَهُّمِ وَأَخْذِ الْفِقْهِ تَدْرِيجًا .
بيان معنى الفقه لغة واصطلاحا :
الفقه لغة : الفهم ؛ ومنه قوله تعالى : ( وما من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم )
واصطلاحا : الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُكْتَسَبُ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ .
شرح التعريف :
( العلم )
التعبير بالعلم مشكل ، لأن الفقه ظني في الغالب والعلم يقين، فما الجواب ؟ الجواب : أن الظن هو ظن مجتهد الذي هو لقوته قريب من اليقين .
( بالأحكام )
خرج العلم بالذوات والصفات ، كعلمنا بذاب زيد ، وكونه أبيض مثلا فليس هذا بفقه .
و( أل ) استغراقية ، أي : تستغرق وتشمل كل الأحكام ، وهاهنا إشكال وهو أنه مامن فقيه إلا ويغيب عنه حكم أو أكثر ، ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله تعالى عن ست وثلاثين مسألة من أربعين سأل عنها: لا أدري ، فإذا جعلنا ( أل ) في الأحكام استغراقية أي : تشمل العلم بجميع الأحكام تعذر وجود فقيه وخرج الإمام مالك من جملة الفقهاء وهذا لايعقل ، فما الحل ؟ والجواب: أن هذا لايتنافى مع قول الإمام مالك المتقدم لأنه متهئ إلى معرفة جميع الأحكام بمعاودة النظر والبحث وإطلاق العلم على التهيؤ شائع عرفا .
( الشرعية )
خرجت الأحكام الحسية والعادية كقولنا: النار محرقة والسماء فوقنا
( العملية )
أي : المتعلقة بكيفية عمل . خرجت بهذا القيد الأحكام العلمية وهي العقائدية
( المكتسب )
بالرفغ صفة للعلم ، أي: الواقع عن نظر واستدلال خرج علم جبريل والنبي صلى الله عليه الواقع من غير اجتهاد
( من أدلتها التفصيلية )
خرج علم الخلافي لأنه مكتسب من دليل إجمالي . والله تعالى أعلم.
وعرفه أمام الحرمين رحمه الله تعالى في الورقات ؛ فقال : الفقه : معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد .
فبقيد ( التي طريقها الاجتهاد ) خرجت الأحكام التي لاتقبل الاجتهاد ، كالمعلوم من الدين بالضرورة ، فلا يسمى العلم بها فقها . والله تعالى أعلم .
( فِي الدِّينِ ) أَيْ : الشَّرِيعَةِ، وَهِيَ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْ الْأَحْكَامِ ( مَنْ لَطَفَ بِهِ ) أَيْ : أَرَادَ بِهِ الْخَيْرَ ( وَاخْتَارَهُ ) أَيْ اصْطَفَاهُ لَهُ ( مِنْ الْعِبَادِ ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ » أخرجه البخاري ومسلم .
( أَحْمَدُهُ ) - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ وَتَفَضَّلَ ( أَبْلَغَ حَمْدٍ ) أَنْهَاهُ ( وَأَكْمَلَهُ ) أَتَمَّهُ ( وَأَزْكَاهُ ) أَنْمَاهُ ( وَأَشْمَلَهُ ) أَعَمَّهُ ( وَأَشْهَدُ ) أَيْ : أُعْلِمُ وَأُبَيِّنُ ( أَنْ لَا إلَهَ ) أَيْ : لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ فِي الْوُجُودِ ( إلَّا اللَّهُ ) الْوَاجِبُ الْوُجُودِ ، رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: « كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ» أَيْ الْمَقْطُوعَةِ الْبَرَكَةِ . وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ » .
وَفِي الْبُخَارِيِّ " قِيلَ لِوَهْبٍ: أَلَيْسَ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؟ قَالَ: بَلَى وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إلَّا، وَلَهُ أَسْنَانٌ، فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فَتَحَ لَكَ ، وَإِلَّا لَمْ يَفْتَحْ لَكَ "وَذُكِرَ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: صَدَقَ، وَأَنَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ الْأَسْنَانِ مَا هِيَ فَذَكَرَ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ ( الْوَاحِدُ ) أَيْ : الَّذِي لَا تَعَدُّدَ لَهُ فَلَا يَنْقَسِمُ بِوَجْهٍ، وَلَا نَظِيرَ لَهُ فَلَا مُشَابَهَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِوَجْهٍ ( الْغَفَّارُ ) اسْمُ مُبَالَغَةٍ مِنْ الْغَفْرِ، وَهُوَ السَّتْرُ - أَيْ السَّتَّارُ لِذُنُوبِ مَنْ أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا يُظْهِرُهَا بِالْعِقَابِ عَلَيْهَا( وَأَشْهَدُ ) أَيْ : وَأُعْلِمُ وَأُبَيِّنُ ( أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) ثَبَتَ هَذَا اللَّفْظُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي التَّشَهُّدِ( الْمُصْطَفَى ) اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ الصَّفْوَةِ ، وَهُوَ الْخُلُوصُ ( الْمُخْتَارُ ) اسْمُ مَفْعُولٍ أَصْلُهُ مُخْتَيَرٌ ، اخْتَارَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ لِيَدْعُوَهُمْ إلَى دِينِ الْإِسْلَامِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ » أخرجه ابن ماجة ؛ ورواه مسلم من دون لفظ ( ولا فخر ) ( صلى الله عليه وسلم ) الصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ رَحْمَةٌ مَقْرُونَةٌ بِتَعْظِيمٍ ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارٌ وَمِنْ الْآدَمِيِّينَ أَيْ وَمِنْ الْجِنِّ تَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ .
وَاخْتُلِفَ فِي وَقْتِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا كُلُّ صَلَاةٍ، وَاخْتَارَهُ الشَّافِعِيُّ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِنْهَا.
وَالثَّانِي: فِي الْعُمُرِ مَرَّةً .
وَالثَّالِثُ كُلَّمَا ذُكِرَ. وَاخْتَارَهُ الْحَلِيمِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَاللَّخْمِيُّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ، وَابْنُ بَطَّةَ مِنْ الْحَنَابِلَةِ.
الرَّابِعُ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ.
وَالْخَامِسُ فِي أَوَّلِ كُلِّ دُعَاءٍ وَآخِرِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « لَا تَجْعَلُونِي كَقَدَحِ الرَّاكِبِ اجْعَلُونِي، فِي أَوَّلِ كُلِّ دُعَاءٍ وَفِي وَسَطِهِ وَفِي آخِرِهِ » رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ جَابِرٍ ( وَزَادَهُ فَضْلًا وَشَرَفًا لَدَيْهِ ) أَيْ: عِنْدَهُ. وَالْفَضْلُ : ضِدُّ النَّقْصِ . وَالشَّرَفُ : الْعُلُوُّ .
( أَمَّا بَعْدُ ) أَتَى بِهَا اقْتِدَاءً بِغَيْرِهِ، وَقَدْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْتِي بِهَا فِي خُطَبِهِ وَكُتُبِهِ حَتَّى رَوَاهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْقَادِرِ الرَّهَاوِيُّ عَنْ أَرْبَعِينَ صَحَابِيًّا.
وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَنْ ذَكَرَهَا فَقِيلَ دَاوُد وَقِيلَ يَعْقُوبُ وَقِيلَ قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ وَقِيلَ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ وَقِيلَ يَعْرُبُ بْنُ قَحْطَانَ وَقِيلَ سَحْبَانُ بْنُ وَائِلٍ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَوَّلِيَّةِ الْمَحْضَةِ وَالْبَقِيَّةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً وَيُجْمَعُ بَيْنَهَا بِالنَّسَّةِ إلَى الْقَبَائِلِ
( فإن الاشتغال بالعلم من أفضل الطاعات ) لِأَدِلَّةٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ وَأَشْهَرَ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ } [آل عمران: 18] وَقَوْلِهِ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ « إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ » وَخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ « فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ » وَخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ فِي صَحِيحَيْهِمَا « إنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ بِمَا يَصْنَعُ » وَلِأَنَّ الطَّاعَاتِ مَفْرُوضَةٌ وَمَنْدُوبَةٌ ، وَالْمَفْرُوضُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَنْدُوبِ وَالِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ إمَّا فَرْضُ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ ( وأولى ما أنفقت فيه نفائس الأوقات ) أَيْ : الْأَوْقَاتُ النَّفِيسَةُ(وَقَدْ أَكْثَرَ أَصْحَابُنَا) أَيْ: أَتْبَاعُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَالصُّحْبَةُ هُنَا الِاجْتِمَاعُ فِي اتِّبَاعِ الْإِمَامِ الْمُجْتَهِدِ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ الْأَحْكَامِ فَهُوَ مَجَازٌ سَبَبُهُ الْمُوَافَقَةُ بَيْنَهُمْ، وَشِدَّةُ ارْتِبَاطِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ كَالصَّاحِبِ حَقِيقَةً ( رَحِمَهُمْ اللَّهُ ) - تَعَالَى - دُعَاءٌ لَهُمْ ( مِنْ التَّصْنِيفِ ) مَصْدَرُ صَنَّفَ الشَّيْءَ : إذَا جَعَلَهُ أَصْنَافًا بِتَمْيِيزِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ، فَمُؤَلِّفُ الْكِتَابُ يُفْرِدُ الصِّنْفَ الَّذِي هُوَ فِيهِ عَنْ غَيْرِهِ، وَيُفْرِدُ كُلَّ صِنْفٍ مِمَّا هُوَ فِيهِ عَنْ الْآخَرِ، فَالْفَقِيهُ يُفْرِدُ مَثَلًا الْعِبَادَاتِ عَنْ الْمُعَامَلَاتِ وَنَحْوِهَا، وَكَذَلِكَ الْأَبْوَابُ . قِيلَ : أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ الْكُتُبَ الرَّبِيعُ بْنُ صَبِيحٍ . وَقِيلَ : سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ . وَقِيلَ: ابْنُ جُرَيْجٍ ( مِنْ الْمَبْسُوطَاتِ ) فِي الْفِقْهِ، وَهِيَ مَا كَثُرَ لَفْظُهَا وَمَعْنَاهَا ( وَالْمُخْتَصَرَاتِ ) فِيهِ، وَهِيَ مَا قَلَّ لَفْظُهَا وَكَثُرَ مَعْنَاهَا. قَالَ الْخَلِيلُ: الْكَلَامُ يُبْسَطُ لِيُفْهَمَ، وَيُخْتَصَرُ لِيُحْفَظَ (وَأَتْقَنُ) أَيْ : أَحْكَمُ ( مختصر < المحرر > )أَيْ : الْمُهَذَّبُ الْمُنَقَّى ( للإمام أبي القاسم الرافعي رحمه الله تعالى ) قَالَ فِي الدَّقَائِقِ : هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى رَافِعَانِ بَلْدَةٍ مَعْرُوفَةٍ مِنْ بِلَادِ قَزْوِينَ، وَكَانَ إمَامًا بَارِعًا فِي الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ وَالزُّهْدِ وَالْكَرَامَاتِ وَاللَّطَائِفِ لَمْ يُصَنَّفْ فِي الْمَذْهَبِ مِثْلُ كِتَابِهِ الشَّرْحِ اهـ ( ذِي التَّحْقِيقَاتِ ) كَانَ مِنْ بَيْتِ عِلْمٍ : أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَجَدَّتُهُ. قِيلَ. إنَّهَا كَانَتْ تُفْتِي النِّسَاءَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتّمِائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَكَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَضَاءَتْ لَهُ الْكُرُومَ. وَحُكِيَ أَنَّ شَجَرَةً أَضَاءَتْ لَهُ لَمَّا فَقَدَ وَقْتَ التَّصْنِيفِ مَا يُسْرِجُهُ عَلَيْهِ. وَمِنْ أَشْعَارِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَرَحِمَهُ وَعَفَا عَنْهُ: الطَّوِيلُ
أَقِيمَا عَلَى بَابِ الْكَرِيمِ أَقِيمَا ... وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِهِ فَتَهِيمَا
هُوَ الرَّبُّ مَنْ يَقْرَعْ عَلَى الصِّدْقِ بَابَهُ ... يَجِدْهُ رَءُوفًا بِالْعِبَادِ رَحِيمَا
فَإِنْ قِيلَ : لَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَبِيرُ مَدْحٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَمَعَ تَحْقِيقَهُ: وَهِيَ الْمَرَّةُ مِنْ التَّحْقِيقِ وَهُوَ جَمْعٌ وَسَلَامَةٌ وَهُوَ لِلْقِلَّةِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وَلَوْ أَتَى بِجَمْعِ كَثْرَةٍ لَكَانَ أَنْسَبَ. وَأُجِيبَ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَعْدَادِ مِنْ أَنَّ جَمْعَ الْقِلَّةِ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يُفِيدُ الْعُمُومَ.

فَائِدَةٌ: مِنْ كَلَامِ سَيِّدِي أَبِي الْمَوَاهِبِ يُعْرَفُ مِنْهَا الْفَرْقُ بَيْنَ التَّحْقِيقِ وَالتَّدْقِيقِ. قَالَ: إثْبَاتُ الْمَسْأَلَةِ بِدَلِيلِهَا تَحْقِيقٌ، وَإِثْبَاتُهَا بِدَلِيلٍ آخَرَ تَدْقِيقٌ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْهَا بِفَائِقِ الْعِبَارَةِ الْحُلْوَةِ تَرْقِيقٌ، وَبِمُرَاعَاةِ عِلْمِ الْمَعَانِي وَالْبَدِيعِ فِي تَرْكِيبِهَا تَنْمِيقٌ، وَالسَّلَامَةُ فِيهَا مِنْ اعْتِرَاضِ الشَّرْعِ تَوْفِيقٌ (وَهُوَ) أَيْ الْمُحَرَّرُ (كَثِيرُ الْفَوَائِدِ) جَمْعُ فَائِدَةٍ، وَهِيَ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ عِلْمٍ أَوْ غَيْرِهِ (عُمْدَةٌ فِي تَحْقِيقِ الْمَذْهَبِ) أَيْ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ فِي الْمَسَائِلِ مَجَازًا عَنْ مَكَانِ الذَّهَابِ ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِيهِ ( مُعْتَمَدٌ لِلْمُفْتِي وَغَيْرِهِ ) كَالْقَاضِي وَالْمُدَرِّسِ ( مِنْ أُولِي الرَّغَبَاتِ ) أَيْ : أَصْحَابِهَا وَهِيَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ جَمْعُ رَغْبَةٍ بِسُكُونِهَا ( وَقَدْ الْتَزَمَ مُصَنِّفُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يَنُصَّ ) فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ ( عَلَى مَا صَحَّحَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ ) أَيْ : أَكْثَرُهُمْ فِيهَا؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْمَذْهَبِ مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ فَيُرَجَّحُ بِالْكَثْرَةِ مِنْ اسْتِوَاءِ الْأَدِلَّةِ ( وَوَفَى ) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ ( بِمَا الْتَزَمَهُ وَهُوَ ) أَيْ : مَا الْتَزَمَهُ ( مِنْ أَهَمِّ ) الْمَطْلُوبَاتِ ( أَوْ ) هُوَ ( أَهَمُّ الْمَطْلُوبَاتِ ) لِطَالِبِ الْفِقْهِ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى الْمُصَحَّحِ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَسَائِلِهِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي ذِكْرِ وَجْهِ اخْتِصَارِهِ فَقَالَ ( لَكِنْ فِي حَجْمِهِ ) أَيْ : مِقْدَارِ الْمُحَرَّرِ ( كَبِرَ يعجز عَنْ حِفْظِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعَصْرِ ) أَيْ : زَمَانِهِ الرَّاغِبِينَ فِي حِفْظِ مُخْتَصَرٍ فِي الْفِقْهِ ( إلَّا بَعْضَ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ ) مِنْهُمْ فَلَا يَكْبَرُ: أَيْ يَعْظُمُ عَلَيْهِمْ حِفْظُهُ ( فرأيت اختصاره في نحو نصف حجمه ليسهل حفظه مع ما أضمه إليه إن شاء الله تعالى ) فِي أَثْنَائِهِ ؛ وَبِذَلِكَ قَرُبَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ أَصْلِهِ كَمَا قِيلَ ( مِنْ النَّفَائِسِ الْمُسْتَجَادَاتِ ) أَيْ : الْمُسْتَحْسَنَاتِ ( مِنْهَا ) الضَّمِيرُ لِلنَّفَائِسِ أَوْ لِمَا فِي قَوْلِهِ مَا أَضُمُّهُ ( التَّنْبِيهُ عَلَى قُيُودٍ ) جَمْعُ قَيْدٍ . وَهُوَ فِي الِاصْطِلَاحِ مَا جِيءَ بِهِ لِجَمْعٍ أَوْ مَنْعٍ أَوْ بَيَانٍ وَاقِعٍ ( فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ ) بِأَنْ تُذْكَرَ فِيهَا ( هِيَ مِنْ الْأَصْلِ مَحْذُوفَاتٌ ) بِالْمُعْجَمَةِ : أَيْ : مَتْرُوكَاتٌ اكْتِفَاءً بِذِكْرِهَا فِي الْمَبْسُوطَاتِ ( ومنها : مواضع يسيرة ذكرها في المحرر على خلاف المختار في المذهب كما ستراها إن شاء الله تعالى واضحات ) بِأَنْ أُبَيِّنَ فِيهَا أَنَّ الْمُخْتَارَ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافُ مَا فِيهِ ( وَمِنْهَا إبْدَالُ مَا كَانَ مِنْ أَلْفَاظِهِ غَرِيبًا ) أَيْ غَيْرَ مَأْلُوفِ الِاسْتِعْمَالِ، وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِي الْمُرَابَحَةِ : ده يازده ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهَا فِي أَلْسِنَةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَخْرَجَهَا عَنْ الْغَرَابَةِ ( أَوْ مُوهِمًا ) أَيْ مَوْقِعًا فِي الْوَهْمِ أَيْ الذِّهْنِ ( خِلَافَ الصَّوَابِ ) أَيْ : الْإِتْيَانَ بَدَلَ ذَلِكَ ( بِأَوْضَحَ وَأَخْصَرَ مِنْهُ بِعِبَارَاتٍ جَلِيَّاتٍ ) أَيْ : ظَاهِرَاتٍ فِي أَدَاءِ الْمُرَادِ .
مغني المحتاج ؛ ونهاية المحاج . والله تعالى أعلم .
 

محمد إبراهيم صبري

:: مطـًـلع ::
إنضم
16 يوليو 2011
المشاركات
125
الكنية
ابو إبراهيم
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
القدس
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: الشرح المقارن على منهاج الطالبين / المقدمات

جزاك الله خيرا وفتح عليك
فالإمام الخطيب الشربيني يعد أيضا من أئمة المذهب الشافعي
ومن أفضل من توسعوا في شرح المنهاج من خلال كتابه (مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج)
 
إنضم
13 فبراير 2013
المشاركات
94
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
سامراء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: الشرح المقارن على منهاج الطالبين / المقدمات

جزاك الله خيرا أخي محمد صبري .
 
إنضم
13 فبراير 2013
المشاركات
94
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
سامراء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: الشرح المقارن على منهاج الطالبين / المقدمات

ومنها بيان القولين والوجهين والطريقين والنص ومراتب الخلاف في جميع الحالات فحيث أقول في الأظهر أو المشهور فمن القولين أو الأقوال فإن قوى الخلاف قلت : الأظهر وإلا فالمشهور ؛ وحيث أقول الأصح أو الصحيح فمن الوجهين أو الأوجه فإن قوى الخلاف. قلت: الأصح ، وإلا فالصحيح وحيث أقول المذهب فمن الطريقين أو الطرق وحيث أقول النص فهو نص الشافعي رحمه الله ويكون هناك وجه ضعيف أو قول مخرج وحيث أقول الجديد فالقديم خلافه أو القديم أو في قول قديم فالجديد خلافه وحيث أقول وقيل : كذا فهو وجه ضعيف والصحيح أو الأصح خلافه وحيث أقول وفي قول كذا فالراجح خلافه ومنها مسائل نفيسة أضمها إليه ينبغي أن لا يخلى الكتاب منها وأقول في أولها: قلت : وفي آخرها والله أعلم . وما وجدته من زيادة لفظة ونحوها على ما في المحرر فاعتمدها فلا بد منها وكذا ما وجدته من الأذكار مخالفا لما في المحرر وغيرة من كتب الفقه فاعتمده فإني حققته من كتب الحديث المعتمدة وقد أقدم بعض مسائل الفصل لمناسبة أو اختصار وربما قدمت فصلا للمناسبة وأرجو إن تم هذا المختصر أن يكون في معنى الشرح للمحرر فإني لا أحذف منه شيئا من الأحكام أصلا ولا من الخلاف ولو كان واهيا مع ما أشرت إليه من النفائس وقد شرعت في جمع جزء لطيف على صورة الشرح لدقائق هذا المختصر ومقصودي به التنبيه على الحكمة في العدول عن عبارة المحرر وفي إلحاق قيد أو حرف أو شرط للمسألة ونحو ذلك وأكثر ذلك من الضروريات التي لا بد منها وعلى الله الكريم إعتمادي وإليه تفويضي واستنادي وأسأله النفع به لي ولسائر المسلمين ورضوان عني وعن أحبائي وجميع المؤمنين .
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
اصطلاحات الشافعية :
يعرف الاصطلاح بأنه: اتفاق طائفة على أمر مخصوص بينهم .
والشافعية عندهم اصطلاحات خاصة بهم، ومن المهم أن يتعرف طالب المذهب على أهم هذه الاصطلاحات؛ ليتسنى له تصور المسائل وطريقة بناءها على أصولها .

أولاً: اصطلاحات متعلقة بالأعلام:
الإمام: يعنون به في كتب الفروع إمام الحرمين أبا المعالي الجويني.
الإمام: يعنون به في كتب الأصول فخر الدين الرازي صاحب المحصول.
القاضي: هو القاضي حسين المروزي.
القاضيان: هما الروياني والماوردي.
الشارح: هو الجلال المحلي شارح المنهاج.
شارح: يراد به أحد الشراح لأي كتاب كان.
قال بعضهم: هو أعم من شارح.
الشيخان: هما الرافعي والنووي.
الشيوخ: هم الرافعي والنووي والسبكي.
شيخنا: إذا قال ابن حجر الهيتمي: شيخنا فهو شيخ الإسلام زكريا الأنصاري ومثله الخطيب الشربيني.
شيخي: إذا أطلق الخطيب الشربيني قوله: شيخي فالمراد به الشهاب الرملي.
الأصحاب: إذا أريد بهم المتقدمون فهم أصحاب الأوجه غالباً، وضبطوا بالزمن وهم من الأربعمائة، وإذا أريد بهم المتأخرون في كلام الرافعي والنووي فهم من كان بعد الأربعمائة، وأما في كلام غيرهما فهم من بعد الشيخين.
أفتى به الوالد: مراد به الجمال الرملي والده الشهاب الرملي.

ثانياً: اصطلاحات متعلقة بالمصنَّفات والمؤلفات :
الأقوال: يراد بها اجتهادات الشافعي سواء كانت قديمة أو جديدة .
القول القديم والجديد: القديم هو ما قاله الشافعي قبل انتقاله إلى مصر تصنيفاً أو إفتاء ويدخل فيه ما كان في طريقه إليها، والجديد هو ما قاله الشافعي بمصر تصنيفاً أو إفتاء، وحيث يقول الجديد، فالقديم خلافه، أو القديم فالجديد خلافه .
الأظهر: هو الرأي الراجح من القولين أو الأقوال للشافعي إذا كان الاختلاف بين القولين قوياً، فالراجح من أقوال الإمام الشافعي هو الأظهر، ويقابله الظاهر.
المشهور: هو الرأي الراجح من القولين أو الأقوال للإمام الشافعي إذا كان الاختلاف بين القولين ضعيفاً، فالراجح من أقوال الشافعي هو المشهور، ويقابله الغريب الذي ضعف دليله ومدركه.
الوجوه أو الأوجه: هي اجتهادات الأصحاب المنتسبين إلى الإمام الشافعي ومذهبه التي استنبطوها على ضوء الأصول العامة للمذهب، والقواعد التي رسمها الإمام الشافعي، وهي لا تخرج عن نطاق المذهب.
النص: هو نص الشافعي، سمي بذلك؛ لأنه مرفوع إلى الإمام، أو أنه مرفوع القدر لتنصيص الإمام عليه.
الطرق: يطلق على اختلاف الأصحاب في حكاية المذهب ونقله.
المذهب: يطلق على الرأي الراجح في حكاية المذهب، وهي اختلاف الأصحاب في حكاية المذهب، يقول: على المذهب فمن الطريقين أو الطرق.
الأصح: هو الرأي الراجح من الوجهين أو الوجوه لأصحاب الإمام الشافعي إذا كان الاختلاف قوياً بالنظر إلى قوة دليل كل منهما، فالراجح هو الأصح، ويقابله الصحيح.
الصحيح: هو الرأي الراجح من الوجهين أو الوجوه لأصحاب الإمام الشافعي إذا كان الاختلاف ضعيفاً بأن كان دليل المرجوح في غاية الضعف، فالراجح هو الصحيح، ويقابله الضعيف.
وقيل كذا: هو وجه ضعيف، والصحيح أو الأصح خلافه.
في قول كذا: هو الراجح خلافه، ويتبين قوة الخلاف وضعفه في قوله: وحيث أقول المذهب إلى هنا من مدركه.
الأشبه: هو الحكم الأقوى شبهاً بالعلة فيما لو كان للمسألة حكمان مبنيان على قياسين، لكن العلة في أحدهما أقوى من الآخر.
التخريج: هو أن يجيب الإمام الشافعي بحكمين مختلفين في صورتين متشابهتين، ولم يظهر ما يصلح للفرق بينهما، فينقل الأصحاب جوابه في كل صورة إلى الأخرى، فيحصل في كل صورة منهما قولان: منصوص ومخرج، المنصوص في هذه هو المخرج في تلك، والمنصوص في تلك هو المخرج في هذه، فيقال قولان بالنقل والتخريج.
لا يبعد كذا: هو احتمال.
على ما شمله كلامهم: هو إشارة إلى التبري منه أو أنه مشكل، كما صرح بذلك الشارح في حاشية فتح الجواد ومحله حيث لم ينبه على تضعيفه أو ترجيحه وإلا خرج عن كونه مشكلاً إلى ما حكم به عليه.
كذا قالوه أو كذا قاله فلان: هو كالذي قبله من حيث المعنى.
إن صح هذا: ظاهره عدم ارتضائه كما نبه عليه في الجنائز من التحفة.
كما أو لكن: إن نبهوا على تضعيفه أو ترجيحه فلا كلام وإلا فهو معتمد، فإن جمع بينهما، فنقل الشيخ سعيد سنبل عن شيخه الشيخ عمر المصري عن شيخه الشوبري أن اصطلاح التحفة أن ما بعد ( كما ) هو المعتمد عنده، وإن ما اشتهر من أن المعتمد ما بعد ( لكن ) في كلامه إنما هو فيما إذ لم يسبقها ( كما ) ، وإلا فهو المعتمد عنده، وإن رجح بعد ذلك ما يقابل ما بعد( كما )، إلا أن قال ( لكن المعتمد كذا )، ( أو الأوجه كذا ) فهو المعتمد .
على ما اقتضاه كلامهم أو على ما قاله فلان: بذكر ( على ) أو قالوا ( هذا كلام فلا ن ) فهذه صيغة تبري كما صرحوا به، ثم تارة يرجحونه وهذا قليل وتارة يضعفونه وهو كثير، فيكون مقابله هو المعتمد أي إن كان، وتارة يطلقون ذلك فجرى غير واحد من المشايخ على أنه ضعيف، والمعتمد ما في مقابله أي إن كان كما سبق.
على المعتمد: هو الأظهر من القولين أو الأقوال.
على الأوجه: هو الأصح من الوجهين أو الأوجه.
الذي يظهر: أي بذكر الظهور فهو بحث لهم.
البحث: هو المستنبط من نصوص الإمام وقواعده الكليين، ولا يخرج عن مذهب الإمام.
لم نر فيه نقلاً: هو النقل الخاص لا العام.
فهو محتمل: إن ضبطوه بفتح الميم الثاني فهو مشعر بالترجيح؛ لأنه بمعنى قريب، وإن ضبطوه بالكسر فلا يشعر به؛ لأنه بمعنى ذي احتمال أي قابل للحمل والتأويل، فإن لم يضبطوا بشيء منهما، فلا بد أن تراجع كتب المتأخرين عنهم حتى تنكشف حقيقة الحال.
الاختيار: هو الذي استنبطه المختار عن الأدلة الأصولية بالاجتهاد، أي على القول بأنهيتحرى، وهو الأصح من غير نقل له من صاحب المذهب، فحينئذ يكون خارجاً عن المذهب ولا يعول عليه.
المختار: الذي وقع للنووي في الروضة بمعنى الأصح في المذهب لا بمعناه المصطلح عليه عنده .
وقع لفلان كذا: إن صرحوا بعده بترجيح أو تضعيف وهو الأكثر فذاك، وإلا حكم بضعفه كما حققه الشيخ محمد بن أحمد بن عبد الباري والعلامة سليمان بن محمد بن عبد الرحمن مفتي زبيد.
أصل الروضة: المراد عبارة النووي في الروضة لخصها واختصرها من لفظ الرافعي في كتابه العزيز.
زوائد الروضة: المراد بها زيادة النووي على ما في العزيز.
الروضة: هو محتمل لتردده بين الأصل والزوائد، وربما يستعمل بمعنى الأصل.
كذا في الروضة وأصلها أو كأصلها: فهو كأصل الروضة وهي عبارة النووي الملخص فيها لفظ العزيز في هذين التعبيرين، ثم بين التعبيرين المذكورين فرق، وهو أنه إذا أتى بالواو فلا تفاوت بينهما وبين أصلها في المعنى، وإذا أتى بالكاف فبينهما بحسب المعنى يسير تفاوت.
نقله فلان عن فلان، وحكاه فلان عن فلان: هما بمعنى واحد نقل الغير هو حكاية .
سكت عليه: أي ارتضاه.
أقره فلان: أي لم يردَّه فيكون كالجازم فيه.
لم يتعقبه: عدم التعقيب لا يقتضي الترجيح، لكنه ظاهر فيه.
الاقتضاء: رتبة فوق الظاهر، وكلام الأئمة يشير إلى أن المراد بالاقتضاء الدخول في الحكم من باب أول، والظاهر رتبة دون التصريح.
نبه عليه: المراد به أنه معلوم من كلام الأصحاب.
كما ذكره: قولهم ( كما ذكره الأذرعي ) المراد أن ذلك من عند نفسه.
الظاهر كذا: فهو من بحث القائل لا ناقل له.
ظاهر ويظهر ويحتمل ويتجه: يراد بها ما لم يسبق إليه الغير ليتميز ما قاله مما قاله غيره.
الفحوى: هو ما فهم من الأحكام بطريق القطع.
المقتضى، القضية: هو الحكم بالشيء لا على وجه الصراحة.
زعم فلان: هو بمعنى قال إلا أنه أكثر ما يقال فيما يشك فيه.
قال بعض العلماء: يراد به المنقول عن العالم الذي لا زال على قيد الحياة، فلا يصرحون باسمه.
وعبارته كذا: يراد به تعين سوق العبارة المنقولة بلفظها، فلا يجوز تغيير شيء منها.
قال فلان: هو بالخيار بين أن يسوق عبارته بلفظها، أو بمعناها من غير نقلها، لكن لا يجوز له تغيير شيء من معاني ألفاظها.
اه ملخصاً: أي مأتياً من ألفاظه بما هو المقصود دون ما سواه.
المعنى: المراد منه التعبير عن لفظه بما هو مفهوم منه.
فيرد: يراد به وما يشتق منه لما لا يندفع له بزعم المعترض.
يتوجه: وما اشتق منه أعم منه ومن غيره.
إن قيل: للمعترض ما ضعف فيه .
وقد يقال: لما فيه ضعف شديد .
لقائل: لما فيه ضعف ضعيف .
فيه بحث: ونحوه لما فيه قوة سواء تحقق الجواب أم لا.
صيغ التمريض، ولا يبعد ويمكن: كلها صيغ التمريض تدل على ضعف مدخولها بحثاً كان أو جواباً.
وأقول وقلت: هو لخاصة القائل.
حاصله أو محصله أو تحريره أو تنقيحه: ونحو ذلك هو إشارة إلى قصور في الأصل أو اشتماله على حشو.
تنزل منزلته وأخرى أنيب منابه وأخرى أقيم مقامه: الأول في إقامة الأعلى مقام الأدنى، والثاني بالعكس، والثالث في المساواة.
تأمل، فتأمل، فليتأمل: تأمل إشارة إلى الجواب القوي، فتأمل إشارة إلى الضعيف، فليتأمل إشارة إلى الأضعف.
فيه نظر: يستعمل في لزوم الفساد.
السؤال وجوابه: إذا كان السؤال قوياً يقال: ( ولقائل )، فجوابه: ( أقول )، أو ( تقول )، وإذا كان السؤال ضعيفاً يقال: ( فإن قلت )، فجوابه: ( قلنا ) أو ( قلتَ، وقيل ).وقولهم: ( فإن قلتَ ) بالفاء، سؤال عن القريب، ( وإن قلتَ ) بالواو عن البعيد.و( قيل ) يقال فيما فيه اختلاف، ( وقيل فيه ) إشارة إلى ضعف ما قالوا.
محصل الكلام: إجمال بعد التفصيل.
حاصل الكلام: تفصيل بعد الإجمال.
التعسف: ارتكاب ما لا يجوز عند المحققين، وإن جوزه بعضهم، ويطلق على ارتكاب ما لا ضرورة فيه والأصل عدمه.
التساهل: يستعمل في كلام لا خطأ فيه ولكن يحتاج إلى نوع توجيه تحتمله العبارة.
التسامح: استعمال اللفظ في غير موضعه الأصلي، كالمجاز بلا قصد علاقة مقبولة، ولا نصب قرينة دالة عليه، اعتماداً على ظهور الفهم من ذلك المقام.
التحمل: الاحتيال وهو الطلب.
التأمل: هو إعمال الفكر.
التدبر: تصرف القلب في الدلائل، والأمر بالتدبر بغير فاء للسؤال في المقام، وبالفاء يكون بمعنى التقرير، والتحقيق لما بعده.
بالجملة، في الجملة، جملة القول: والفرق بين بالجملة وفي الجملة أن الأول يستعمل في الكليات، والثاني يستعمل في الجزئي، وقيل إن الأول يستعمل في التفصيل والثاني يستعمل في الإجمال، أما جملة القول فيراد به المجمل أي المجموع أي الإجمال بمعنى الجمع ضد التفريق، لا من الإجمال ضد التفصيل والبيان.
اللهم إلا أن يكون كذا: قد يأتي حشواً أو بعد عموم حثاً للسامع على المقيد المذكور قبلها وتنبيهاً، فهي بمثابة نستغفرك، كقولك: ( إنا لا نقطع عن زيارتك، اللهم إلا أن يمنع مانع )، ولذا لا يكاد يفارق حرف الاستثناء، وتأتي في جواب الاستفهام نفياً وإثباتاً كتأكيد فيقال: ( اللهم نعم، اللهم لا ).
وقد يفرق، وإلا أن يفرق، ويمكن الفرق: هذه كلها صيغ فرق.
وقد يجاب، وإلا أن يجاب، ولك أن تجيب: هذا جواب من قائله.
ولك رده، ويمكن رده: فهذه صيغ رد.
لو قيل بكذا لم يبعد، وليس ببعيد، أو لكان قريباً أو أقرب: هذه صيغ ترجيح.
العمدة: إذا وجدنا كلاماً في المصنَّف، وكلاماً في الفتوى، فالعمدة ما في المصنَّف.وإذا وجدنا كلاماً في الباب، وكلاماً في غير الباب، فالعمدة ما في الباب.وإذا كان الكلام في المظنة، وفي غير المظنة استطراداً، فالعمدة ما في المظنة.
لو، إن: للإشارة إلى الخلاف، فإذا لم يوجد خلاف فهو لتعميم الحكم.
البحث والإشكال والاستحسان والنظر: لا يرد بها المنقول.
المفهوم: لا يرد به الصريح.
الأشهر كذا والعمل بخلافه: هو تعارض الترجيح من حيث دليل المذهب والترجيح من حيث العمل، فيسوغ العمل بما عليه العمل.
وعليه العمل: صيغة ترجيح كما حققه بعضهم.
اتفقوا، هذا مجزوم به، لا خلاف فيه: هذه الألفاظ تقال فيما يتعلق بأهل المذهب لا غير.
هذا مجمع عليه: يقال فيما اجتمعت عليه الأئمة.
في صحته كذا، أو حرمته، أو نحو ذلك نظر: يدل على أنهم لم يروا فيه نقلاً.
نفي الجواز: حقيقة نفي الجواز في كلام الفقهاء التحريم، وقد يطلق على رفع الحرج أعم من أن يكون واجباً أو مندوباً أو مكروهاً، أو على مستوى الطرفين، وهو التخيير بين الفعل والترك، أو على ما ليس بلازم من العقود كالعارية.
يجوز: إذا أضيف إلى العقود كان بمعنى الصحة، وإذا أضيف إلى الأفعال كان بمعنى الحل، وهو هنا بمعنى الأمرين.
ينبغي: الأغلب فيها استعماله في المندوب تارة والوجوب أخرى، ويحمل على أحدهما بالقرينة، وقد تستعمل للجواز والترجيح.
لا ينبغي: قد تكون للتحريم أو الكراهة .
منقول من منتدى الألوكة . . جزاهم الله خيرا .
( ومنها مسائل نفيسة أضمها إليه ينبغي أن لا يخلى الكتاب منها وأقول في أولها: قلت : وفي آخرها والله أعلم ) لِتَتَمَيَّزَ عَنْ مَسَائِلِ الْمُحَرَّرِ ( وما وجدته من زيادة لفظة ونحوها على ما في المحرر فاعتمدها فلا بد منها وكذا ما وجدته من الأذكار مخالفا لما في المحرر وغيرة من كتب الفقه فاعتمده فإني حققته من كتب الحديث المعتمدة ) فِي نَقْلِهِ ؛ لِأَنَّ مَرْجِعَ ذَلِكَ إلَى عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ وَكُتُبِهِ الْمُعْتَمَدَةِ فَإِنَّهُمْ يَعْتَنُونَ بِلَفْظِهِ بِخِلَافِ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا يَعْتَنُونَ غَالِبًا بِمَعْنَاهُ ( وَقَدْ أُقَدِّمُ بَعْضَ مَسَائِلِ الْفَصْلِ لِمُنَاسَبَةٍ أَوْ اخْتِصَارٍ ) مُرَاعَاةً لِتَسْهِيلِ حِفْظِهِ وَتَرْتِيبِهِ وَتَسْهِيلِ فَهْمِهِ وَتَقْرِيبِهِ، وَالْمُنَاسَبَةُ : الْمُشَاكَلَةُ ( وَرُبَّمَا قَدَّمْتُ فَصْلًا لِلْمُنَاسَبَةِ ) كَمَا فَعَلَ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ فَإِنَّهُ أَخَّرَهُ عَنْ الْكَلَامِ عَلَى الْجَزَاءِ، وَالْمُحَرَّرُ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ وَمَا فَعَلَهُ فِي الْمِنْهَاجِ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ وَأَخَّرَهَا عَنْ الِاصْطِيَادِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ فَصْلَ التَّخْيِيرِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ مُنَاسِبٌ لَهُ لِتَعَلُّقِهِ بِالِاصْطِيَادِ، فَتَقْدِيمُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ عَلَيْهِ غَيْرُ مُنَاسِبٍ كَمَا لَا يَخْفَى ( وأرجو إن تم هذا المختصر أن يكون في معنى الشرح للمحرر فإني لا أحذف منه شيئا من الأحكام أصلا ولا من الخلاف ولو كان واهيا ) أَيْ ضَعِيفًا جِدًّا ( مَعَ مَا ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِهَا: أَيْ: آتِي بِجَمِيعِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مَصْحُوبًا بِمَا ( أَشَرْتُ إلَيْهِ مِنْ النَّفَائِسِ ) الْمُتَقَدِّمَةِ ( وَقَدْ شَرَعْت فِي جَمْعِ جُزْءٍ لَطِيفٍ ) سماه الدقائق ( عَلَى صُورَةِ الشَّرْحِ لِدَقَائِقِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ مَقْصُودِي بِهِ التَّنْبِيهُ عَلَى الْحِكْمَةِ فِي الْعُدُولِ عَنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ، وَفِي إلْحَاقِ قَيْدٍ أَوْ حَرْفٍ أَوْ شَرْطٍ لِلْمَسْأَلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَكْثَرَ ذَلِكَ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا ؛ وَعَلَى اللَّهِ الْكَرِيمِ اعْتِمَادِي ) فِي جَمِيعِ أُمُورِي، وَمِنْهَا إتْمَامُ هَذَا الْمُخْتَصَرِ بِأَنْ يُقَدِّرَنِي عَلَى إتْمَامِهِ كَمَا أَقْدَرَنِي عَلَى ابْتِدَائِهِ ( وَإِلَيْهِ تَفْوِيضِي وَاسْتِنَادِي، وَأَسْأَلُهُ النَّفْعَ بِهِ لِي وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ ) آمين ( وَرِضْوَانَهُ عَنِّي وَعَنْ أَحِبَّائِي وَجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ ) آمين .
تمت المقدمات بفضل الله عز وجل . سائلا المولى جل جلاله أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم ؛ وأن ينفع به . آمين . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ؛ والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين وعلى آله وصحبه أجمعين .
 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: الشرح المقارن على منهاج الطالبين / المقدمات

جزاك الله خيرا أخي على فتح هذه المدارسة الطيبة.
ملاحظة بسيطة:
القاضي
: هو القاضي حسين بن محمد أبو علي المَرُّوذِيّ.
المروزي: نسبة إلى المرو الكبرى والقاضي منسوب إلى المرو الصغرى فالنسبة إليها المروالروذي أو المروروذي أو المروذي - بالذال - اختصارا.
 
إنضم
2 سبتمبر 2012
المشاركات
423
الكنية
جلال الدين
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
انواكشوط -- أطار
المذهب الفقهي
مالكي
رد: الشرح المقارن على منهاج الطالبين / المقدمات

جزاكم الله خيرا
 
إنضم
2 سبتمبر 2012
المشاركات
423
الكنية
جلال الدين
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
انواكشوط -- أطار
المذهب الفقهي
مالكي
رد: الشرح المقارن على منهاج الطالبين / المقدمات

أخوكم الشقيق يتابعكم هنا وهناك
 
أعلى