العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

جديد شد الرحل لقبر النبي صلى الله عليه وسلم

إنضم
12 يناير 2013
المشاركات
953
الإقامة
المطرية دقهلية مصر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو سارة
التخصص
لغة عربية
الدولة
مصر
المدينة
المطرية دقهلية
المذهب الفقهي
الشافعي
ذهب الإمام النووي أن الصحيح أن شد الرحل لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ليس مكروها أو حرام وأن ما ذهب إليه أبو محمد الجويني خطأ.
وذهب إلى هذا القول الذهبي وابن حجر العسقلاني والكرماني الشافعي والسبكي والقاضي عياض المالكي وغيرهم.
زذكر النووي أن هذا هو قول الجمهور بل قال ابن حجر العسقلاني أن ما ذهب إليه ابن تيميه خطأ ولم يسبقه أحد بهذا القول.
من عنده زيادة علم على ما ذكرته فليتكرم به علي جزاكم الله خيرا ثم سؤال هل هذه المسألة من باب الخلاف السائغ؟
 
إنضم
24 يناير 2013
المشاركات
14
الكنية
الخطاط
التخصص
الشريعة الإسلامية (الفقه وأصوله)
المدينة
كوالا لامبور
المذهب الفقهي
سني
رد: شد الرحل لقبر النبي صلى الله عليه وسلم

الأخ أحمد شوقي السعيد بارك الله في جهدك!
السلام عليكم ورحمة الله:

أخي الكريم، هناك فرق بين:

1- أن يقصد الزائر زيارة المسجد النبوي ثم زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2- وأن يقصد السفر وشد الرحل بمجرد زيارة القبر دون المسجد.

فلا خلاف بين العلماء سلفا وخلفا في مشروعية زيارة المسجد النبوي للحديث الصحيح الصريح: {لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجدي هذا , والمسجد الحرام , والمسجد الأقصى} أخرجه البخاري، ومسلم.
وأجمع العلماء على جواز زيارة القبور -أي للرجال- لحديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)) رواه مسلم.
وكما نقل عن بعض الصحابة: (زيارة القبور فضيلة، والاستعداد لها فريضة).
فلم ينكره أحد من العلماء مشروعية زيارة قبر النبي صلى الله وسلم -إذا كان القصد والمراد زيارة المسجد النبوي الشريف- وغيره لا شيخ الإسلام ولا أحد قبله أو بعده ممن يعتبر أنه من أهل العلم، قال العلامة محمد بن حسين بن سليمان بن إبراهيم الفقيه من علماء جدة، في كتابه: الكشف المبدي لتمويه أبي الحسن السبكي: (وأما زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من النبيين والمرسلين فهي تزار كغيرها من قبور سائر المؤمنين للدعاء وطلب الرحمة لهم والسلام عليهم؛ فهي مشروعة، وشيخ الإسلام لم ينكر هذا).
وأما الذي تكلم فيه الإمام ابن تيمية -رحمه الله- وأنكره هو: الثاني، أي شد الرحل إليه بمجرده.

أما قول: ((ما ذهب إليه ابن تيميه خطأ ولم يسبقه أحد بهذا القول))

ليس هذا بصحيح، وليس الأمر كذلك، بل قد سبقه غير واحد من العلماء بهذا القول، وهي مسألة قد اختلف العلماء قبله لكنه رجح تحريم مجرد شد الرحل إلى القبر:
والدليل على ذلك قولك: (( ذهب الإمام النووي أن الصحيح ....... إلى نقلك: [و]ذكر النووي أن هذا هو قول الجمهور)).
فهذا يدل على أن هذه المسألة كانت مسألة فيها خلاف قبل ابن تيمية، لأنه توفي: 728ه، بينما توفي النووي: 676هـ، بل قد نقل ابن قدامة هذا الخلاف، وقد توفي قبل النووي: 620هـ.
وأوضح من ذلك ما قرر نقلك هذا [....وأن ما ذهب إليه أبو محمد الجويني خطأ] أن تحريم شد الرحل إلى القبر مذهب الإمام الجويني، المتوفى: 478هـ، رحمهم الله جميعا.

وجاء في موسوعة الرد على الصوفية: (قد سبقه إلى القول بذلك جمهور السلف وطائفة من الخلف، كالقاضي عياض، وهو من أئمة المالكية، وأبي محمد الجويني من أئمة الشافعية، وابن عقيل وهو من مشاهير علماء الحنابلة، وكلهم سابقون لابن تيمية وقد قالوا بتحريم شد الرحال إلى القبور، والذين حكوا أقوالهم وذكروا الخلاف في المسألة كابن قدامة المقدسي والنووي سابقون له أيضا).
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية: (ونقل ابن تيمية هذا المذهب عن بعض الصحابة والتابعين) نقلا عن: ابن عابدين: 1/604، وفتح الباري لابن حجر العسقلاني: 3/65، وسبل السلام للإمام الصنعاني: 4/213 ، ومطالب أولي النهى: 2/931، وشرح البهجة: 2/120 .
وقال الفقه: ((وإنما أنكر –أي شيخ الإسلام- شد الرحل لمجرد الزيارة، وقد سبقه إلى ذلك أئمة السلف؛ كما ببنه الحافظ النووي في شرحه لمسلم، والغزالي في «الإحياء»، والحافظ ابن عبدالهادي في كتاب «الصارم المنكي في الرد على السبكي»، فجاء شيخ الإسلام وانتصر لأهل هذ القول، واحتج له بالأحاديث الصحيحة الثابتة المروية في الصحيحين وغيرها))
وجاء في موسوعة الرد على الصوفية: (وقد انتصر لهذا القول جمهرة من أهل العلم في عصر شيخ الإسلام وبعده:
فمنهم ابن الكتبي الشافعي ومحمد بن عبد الرحمن البغدادي المالكي وابن البتي الحنبلي، وأبو عمرو بن أبي الوليد المالكي، وهؤلاء كانوا معاصرين لشيخ الإسلام.
ولما سجن بسبب فتواه في شد الرحال، كتبوا مؤيدين له فيما ذهب إليه، ومنهم الأئمة الأعلام: ابن القيم، وابن عبد الهادي، وابن كثير، وهم معاصرون لشيخ الإسلام وتلامذة له).

ثم قال الفقيه: ((فإذا ثبت لديك أن شيخ الإسلام لم ينكر زيارة قبور المرسلين ولا غيرهم من المسلمين، بل ولا قبور الكافرين؛ بل ذكر بيان الزيارة الشرعية والبدعية بما نقلناه عنه؛ تبين لك أن نسبة إنكاره زيارة القبور إليه وجعلها بدعة من السبكي ظلم وميل عن الحق، وما قصد بنسبة ذلك إلى الشيخ إلا التشنيع عليه والوقوع في عرضه من غير علم ولا سلطان بين)).

وهذا ما ذهب إليه غير واحد من العلماء المعاصرين، فقد قال العلامة المحدث عبدالمحسن العباد حفظه الله: "ينبغي أن يُعلم أنَّ المشروعَ في حقِّ مَن أراد القدومَ إلى المدينة أن يَقصِدَ بسفَرِه إليها زيارةَ مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وشدَّ الرَّحل إليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (( لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلاَّ إلى ثلاثةِ مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصَى ))، رواه البخاري ومسلم، وهذا الحديث يدلُّ على منع شدِّ الرَّحل إلى أيِّ مكانٍ مسجدٍ أو غيرِه للتقرُّبِ إلى الله في تلك البُقعةِ الَّتِي يُسافر إليها؛ لِمَا في سنن النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (( لقيتُ بَصْرَةَ بنَ أبي بَصْرَة الغِفاري رضي الله عنه فقال: مِن أين جئتَ؟ قلت: من الطُّور، قال: لو لَقِيتُك مِن قَبل أن تَأتِيَه لَم تأتِه، قلتُ له: ولِمَ؟ قال: إنِّي سَمعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تُعمَلُ المَطِيُّ إلاَّ إلى ثلاثةِ مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي، ومسجد بيت المقدس ))، وهو حديثٌ صحيحٌ، وفيه استدلالُ بَصرةَ بن أبي بَصرَة الغفاري رضي الله عنه على مَنعِ شَدِّ الرَّحل إلى المساجد أو غيرِها سِوَى هذه المساجد الثلاثة".

ورأي شيخ الإسلام وجيه، لأنه هو مذهب السلف الذي تقتضيه الأدلة الشرعية، والله أعلم.

ولتفصيل الخلاف في هذه المسألة، راجع -غير مأمور بذلك، بل تكرما منك-:
- الموسوعة الفقهية الكويتية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت .
- الصارم المنكي في الرد على السبكي، لشمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي الحنبلي (المتوفى : 744هـ).
- موسوعة الرد على الصوفية، ومجموع مؤلفات عقائد الرافضة والرد عليها.


والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب

أخوكم في الله:
عبد الله الحسني
 

محمد إبراهيم صبري

:: مطـًـلع ::
إنضم
16 يوليو 2011
المشاركات
125
الكنية
ابو إبراهيم
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
القدس
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: شد الرحل لقبر النبي صلى الله عليه وسلم

بارك الله فيكم
والمسألة كما ذكرتم فيها خلاف قديم بين العلماء ، وهذا الخلاف متوارث ، وكل له رأيٌ ومستندٌ ويُحترم.
وليسع بعضنا بعضا ، والله ولي توفيقنا جميعا.
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: شد الرحل لقبر النبي صلى الله عليه وسلم

وأن ما ذهب إليه أبو محمد الجويني خطأ.
لم أطلع على أن أبا محمد الجويني خالف في ذلك، أو أن النووي خطأه، فليتك تذكر عباة النووي، ومن أي كتاب نقلته؟.
والذي وقفت عليه أنه لا يخالف في ذلك ففي الفتاوى الفقهية الكبرى - (2 / 24):
وَسُئِلَ رضي اللَّهُ عنه عن زِيَارَةِ قُبُورِ الْأَوْلِيَاءِ في زَمَنٍ مُعَيَّنٍ مع الرِّحْلَةِ إلَيْهَا هل يَجُوزُ مع أَنَّهُ يَجْتَمِعُ عِنْدَ تِلْكَ الْقُبُورِ مَفَاسِدُ كَثِيرَةٌ كَاخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَإِسْرَاجِ السُّرُجِ الْكَثِيرَةِ وَغَيْرِ ذلك
فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ زِيَارَةُ قُبُورِ الْأَوْلِيَاءِ قُرْبَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ وَكَذَا الرِّحْلَةُ إلَيْهَا وَقَوْلُ الشَّيْخِ أبي مُحَمَّدٍ لَا تُسْتَحَبُّ الرِّحْلَةُ إلَّا لِزِيَارَتِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم رَدَّهُ الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ قَاسَ ذلك على مَنْعِ الرِّحْلَةِ لِغَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مع وُضُوحِ الْفَرْقِ فإن ما عَدَا تِلْكَ الْمَسَاجِدَ الثَّلَاثَةَ مُسْتَوِيَةٌ في الْفَضْلِ فَلَا فَائِدَةَ في الرِّحْلَةِ إلَيْهَا ...
فالذي أنكره أبو محمد زيارة القبور إلا قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
وتؤيده عبارة إحياء علوم الدين - (1 / 244) بعد ذكره الخلاف في شد الرحل لزيارة القبور مطلقا: (ثم ليت شعري هل يمنع هذا القائل من شد الرحال إلى قبور الأنبياء عليهم السلام مثل إبراهيم وموسى ويحيى وغيرهم عليهم السلام فالمنع من ذلك في غاية الإحالة)، فإذا كان قبور الأنبياء ليس موطنا للخلاف كما يفهم من عبارته، فمن باب أولى قبر النبي صلى الله عليه وسلم.

والدليل على ذلك قولك: (( ذهب الإمام النووي أن الصحيح ....... إلى نقلك: [و]ذكر النووي أن هذا هو قول الجمهور)).
ليست هذه عبارة للنووي حتى يستدل بها، فلم أطلع على أنه ذكر لفظ (الجمهور) أو (الصحيح)، والذي وقفت به الجزم باستحباب الزيارة في جميع كتبه في باب زيارة قبر النبي صلى الله غليه وسلم، فإن وقفت على غير ذلك فليتك تطلعنا على موطنه من كتبه.

بل قد نقل ابن قدامة هذا الخلاف، وقد توفي قبل النووي: 620هـ.
عبارة مغني ابن قدامة: 3/ 599 ليس فيها ذكر خلاف، ونحوها الشرح الكبير لابن قدامة - (3 / 494)، وعبارة الأول:
فَصْلٌ : وَيُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ; لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ , بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : { مَنْ حَجَّ , فَزَارَ قَبْرِي بَعْدَ وَفَاتِي , فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي } . وَفِي رِوَايَةٍ : { مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي } . رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ سَعِيدٌ . حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ , عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنْ ابْنِ عُمَرَ . وَقَالَ أَحْمَدُ , فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ عِنْدَ قَبْرِي , إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِيِّ , حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ } : وَإِذَا حَجَّ الَّذِي لَمْ يَحُجَّ قَطُّ - يَعْنِي مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الشَّامِ - لَا يَأْخُذُ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ , لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَحْدُثَ بِهِ حَدَثٌ , فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَ مَكَّةَ مِنْ أَقْصَرِ الطُّرُقِ , وَلَا يَتَشَاغَلَ بِغَيْرِهِ . وَيُرْوَى عَنْ الْعُتْبِيِّ , قَالَ : كُنْت جَالِسًا عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ , فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ , سَمِعْت اللَّهَ يَقُولُ : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا } . وَقَدْ جِئْتُك مُسْتَغْفِرًا لِذَنْبِي , مُسْتَشْفِعًا بِك إلَى رَبِّي , ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ : يَا خَيْرَ مَنْ دُفِنَتْ بِالْقَاعِ أَعْظُمُهُ فَطَابَ مِنْ طِيبِهِنَّ الْقَاعُ وَالْأَكَمُ نَفْسِي الْفِدَاءُ لِقَبْرِ أَنْتَ سَاكِنُهُ فِيهِ الْعَفَافُ وَفِيهِ الْجُودُ وَالْكَرَمُ ثُمَّ انْصَرَفَ الْأَعْرَابِيُّ , فَحَمَلَتْنِي عَيْنِي , فَنِمْت , فَرَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ , فَقَالَ : يَا عُتْبِيُّ , الْحَقْ الْأَعْرَابِيَّ , فَبَشِّرْهُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَهُ .

وأنت ترى ليس فيها خلاف، ففي أي كتاب ذكره ابن قدامة.
وأما عبارة الشرح الكبير لابن قدامة - (2 / 93)، والمغني: 2/ 100: (فصل) * فان سافر لزيارة القبور والمشاهد فقال ابن عقيل لا يباح له الترخص لانه منهي عن السفر إليها لقوله عليه السلام " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد " متفق عليه قال شيحنا والصحيح اباحته وجوز الترخص فيه لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء راكبا وماشيا، وكان يزور القبور وقال " زورها تذكركم الآخرة " والحديث المذكور محمول على نفي الفضيلة لا على التحريم، وليست الفضيلة شرطا في إباحة القصر فلا يضر انتفاؤها اهـ
فليس فيها دليل على الخلاف في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، بل يتحدث عن قبر غيره؛ لأنه حين ذكر استحباب الزيارة ولم يذكر فيه خلافا، وأصرح من هذا قول المرادي في الإنصاف: قَوْلُهُ ( فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجِّ : اُسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَبْرِ صَاحِبِيهِ ) هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً , مُتَقَدِّمُهُمْ وَمُتَأَخِّرُهُمْ ... قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ , وَابْنُ الْجَوْزِيِّ : يُكْرَهُ قَصْدُ الْقُبُورِ لِلدُّعَاءِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : أَوْ وُقُوفُهُ أَيْضًا عِنْدَهَا لِلدُّعَاءِ
فلو كان فيها خلاف لذكره.

وأوضح من ذلك ما قرر نقلك هذا [....وأن ما ذهب إليه أبو محمد الجويني خطأ] أن تحريم شد الرحل إلى القبر مذهب الإمام الجويني، المتوفى: 478هـ، رحمهم الله جميعا.
نبّهت أن الجويني وغيره إنما حرم شد الرحل لغير قبر النبي صلى الله عليه وسلم

وقد سبقه إلى ذلك أئمة السلف؛ كما ببنه الحافظ النووي في شرحه لمسلم، والغزالي في «الإحياء»
الذي حرموه زيارة القبور غير قبر النبي صلى الله عليه وسلم، يعلم ذلك من جزم النووي وغير في باب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب المناسك في جميع كتبه.
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: شد الرحل لقبر النبي صلى الله عليه وسلم

فوائد:
في المحلى لابن حزم:
كِتَابُ النُّذُورِ 1115 - مَسْأَلَةٌ : نَكْرَهُ النَّذْرَ وَنَنْهَى عَنْهُ ; لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ مَنْ نَذَرَ طَاعَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِهَا فَرْضًا إذَا نَذَرَهَا تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُجَرَّدًا أَوْ شُكْرًا لِنِعْمَةٍ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى ; أَوْ إنْ أَرَاهُ اللَّهُ تَعَالَى أَمَلًا لَا ظُلْمَ فِيهِ لِمُسْلِمٍ , وَلَا لِمَعْصِيَةٍ - : مِثْلُ أَنْ يَقُولَ : لِلَّهِ عَلَيَّ صَدَقَةُ كَذَا وَكَذَا , أَوْ يَقُولَ : صَوْمُ كَذَا وَكَذَا فَأَكْثَرَ , أَوْ حَجٌّ , أَوْ جِهَادٌ , أَوْ ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى , أَوْ رِبَاطٌ , أَوْ عِيَادَةُ مَرِيضٍ , أَوْ شُهُودُ جِنَازَةٍ , أَوْ زِيَارَةُ قَبْرِ نَبِيٍّ , أَوْ رَجُلٍ صَالِحٍ , أَوْ الْمَشْيُ أَوْ الرُّكُوبُ , أَوْ النُّهُوضُ إلَى مَشْعَرٍ مِنْ مَشَاعِرِ مَكَّةَ , أَوْ الْمَدِينَةِ , أَوْ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ , أَوْ عِتْقُ مُعَيَّنٍ , أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ , أَوْ أَيُّ طَاعَةٍ كَانَتْ - : فَهَذَا هُوَ التَّقَرُّبُ الْمُجَرَّدُ ...

في طرح التثريب للحافظ العراقي:
( الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ إتْيَانَ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ لِزِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَزِمَهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَقَاصِدِ الَّتِي يُؤْتَى لَهَا ذَلِكَ الْمَحَلُّ بَلْ هُوَ أَعْظَمُهَا , وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي ابْنُ كَجٍّ مِنْ أَصْحَابِنَا فَقَالَ : عِنْدِي إذَا نَذَرَ زِيَارَةَ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَزِمَهُ الْوَفَاءُ وَجْهًا وَاحِدًا وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَزُورَ قَبْرَ غَيْرِهِ فَوَجْهَانِ وَلِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ تَيْمِيَّةَ هُنَا كَلَامٌ بَشِعٌ عَجِيبٌ يَتَضَمَّنُ مَنْعَ شَدِّ الرَّحْلِ لِلزِّيَارَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْقُرْبِ بَلْ بِضِدِّ ذَلِكَ , وَرَدَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ فِي شِفَاءِ السَّقَامِ فَشَفَى صُدُورَ الْمُؤْمِنِينَ , وَكَانَ وَالِدِي رحمه الله يَحْكِي أَنَّهُ كَانَ مُعَادِلًا لِلشَّيْخِ زَيْنُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ رَجَبٍ الْحَنْبَلِيِّ فِي التَّوَجُّهِ إلَى بَلَدِ الْخَلِيلِ عليه السلام فَلَمَّا دَنَا مِنْ الْبَلَدِ قَالَ نَوَيْتُ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الْخَلِيلِ لِيَحْتَرِزَ عَنْ شَدِّ الرَّحْلِ لِزِيَارَتِهِ عَلَى طَرِيقَةِ شَيْخِ الْحَنَابِلَةِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ قَالَ فَقُلْت نَوَيْت زِيَارَةَ قَبْرِ الْخَلِيلِ عليه السلام ثُمَّ قُلْت لَهُ أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ خَالَفْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ; لِأَنَّهُ قَالَ { لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ } , وَقَدْ شَدَدْتَ الرَّحْلَ إلَى مَسْجِدٍ رَابِعٍ وَأَمَّا أَنَا فَاتَّبَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ; لِأَنَّهُ قَالَ { زُورُوا الْقُبُورَ } . أَفَقَالَ إلَّا قُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ ؟ قَالَ فَبُهِتَ ( قُلْت ) وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ إلَّا اخْتِصَاصَ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ بِفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَرِدْ فِي سَائِرِ الْأَسْفَارِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَقَدِّمِ { لَا يَنْبَغِي لِلْمَطِيِّ أَنْ تُشَدَّ رِحَالُهُ إلَى مَسْجِدٍ تُبْتَغَى فِيهِ الصَّلَاةُ غَيْرَ كَذَا , وَكَذَا } فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ شَدُّ الرَّحْلِ إلَى مَسْجِدٍ تُبْتَغَى فِيهِ الصَّلَاةُ لَا كُلُّ سَفَرٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وفي الإنصاف للمرداوي:
فَائِدَةٌ : مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ : الْغَضَبُ , وَالْأَذَانُ , وَرَفْعُ الشَّكِّ , وَالنَّوْمُ , وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ , وَالذِّكْرُ , وَجُلُوسُهُ بِالْمَسْجِدِ , وَنَحْوُهُ . وَقِيلَ : وَدُخُولُهُ . قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ . وَقِيلَ : وَحَدِيثٌ , وَتَدْرِيسُ عِلْمٍ , وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ أَيْضًا . وَقِيلَ : وَكِتَابَتُهُ . وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ : وَزِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم .
 
إنضم
24 يناير 2013
المشاركات
14
الكنية
الخطاط
التخصص
الشريعة الإسلامية (الفقه وأصوله)
المدينة
كوالا لامبور
المذهب الفقهي
سني
رد: شد الرحل لقبر النبي صلى الله عليه وسلم

قال الشنقيطي في شرح زاد المستنقع:
عدم مشروعية شد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وغيره
[وتستحب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه] قوله: (وتستحب) الاستحباب حكم شرعي، وقولهم: (تستحب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم) هذا الاستحباب لم يرد دليل عليه، بل ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى ) ، فدل على أنه لا يجوز شد الرحال في السفر لزيارة القبور، سواء كان قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو قبر صاحبيه أو قبر غيرهم من الصالحين أو أي قبر، فلا يجوز للمسلم أن يشد الرحال لزيارة القبور، ولا للدعاء عندها، ولا للذبح ولا للنذر، ومن نذر شيئاً من ذلك فلا يلزمه الوفاء به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن شد الرحال، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ) ، فدل على أن النذر إذا لم يكن على الصفة الشرعية أنه لا يلزم الوفاء به، وعلى هذا فإن قوله: (يستحب شد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه) خلاف السنة، وخلاف الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: ( لا تشد الرحال )، وإنما المسنون أن يسافر وينوي من أجل زيارة المسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ) فينوي زيارة المسجد.
 
إنضم
24 يناير 2013
المشاركات
14
الكنية
الخطاط
التخصص
الشريعة الإسلامية (الفقه وأصوله)
المدينة
كوالا لامبور
المذهب الفقهي
سني
رد: شد الرحل لقبر النبي صلى الله عليه وسلم


د. محمد بن عبد الله، جزاكم الله خيرا في متابعتكم، وردكم البناء
.

أولا: قلتَ: ((لم أطلع على أن أبا محمد الجويني خالف في ذلك، أو أن النووي خطأه، فليتك تذكر عباة النووي، ومن أي كتاب نقلته؟)).
وقلتَ أيضا:
((فلم أطلع على أنه ذكر لفظ (الجمهور) أو (الصحيح)، والذي وقفت به الجزم باستحباب الزيارة في جميع كتبه في باب زيارة قبر النبي صلى الله غليه وسلم، فإن وقفت على غير ذلك فليتك تطلعنا على موطنه من كتبه)).
قال النووي في المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، كتاب الحج، باب فضل المساجد الثلاثة: (جـ9/168) : (وفي هذا الحديث فضيلة هذه المساجد الثلاثة وفضيلة شد الرحال اليها لأن معناه عند جمهور العلماء لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غيرها وقال الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا يحرم شد الرحال إلى غيرها وهو غلط وقد سبق بيان هذا الحديث وشرحه قبل هذا بقليل في باب سفر المرأة مع محرم إلى الحج وغيره)
وذكر الخلاف في شرحه لمسلم، كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى الحج وغيره (ج9/106) (واختلف العلماء في شد الرحال وأعمال المطى إلى غير المساجد الثلاثة كالذهاب إلى قبور الصالحين وإلى المواضع الفاضلة ونحو ذلك فقال الشيخ أبو محمد الجوينى من أصحابنا هو حرام وهو الذي أشار القاضي عياض إلى اختياره والصحيح عند أصحابنا وهو الذي اختاره امام الحرمين والمحققون أنه لا يحرم ولا يكره قالوا والمراد أن الفضيلة التامة انما هي في شد الرحال إلى هذه الثلاثة خاصة والله أعلم)

ثانيا: لتحرير محل النزاع: لا خلاف بين أهل العلم في استحباب زيارة القبور مطلقا.
سبق أن قلنا في بداية المشاركة:
أخي الكريم، هناك فرق بين:
1- أن يقصد الزائر زيارة المسجد النبوي ثم زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2- وأن يقصد السفر وشد الرحل بمجرد زيارة القبر دون المسجد.
فلا خلاف بين العلماء سلفا وخلفا في مشروعية زيارة المسجد النبوي للحديث الصحيح الصريح: {لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجدي هذا , والمسجد الحرام , والمسجد الأقصى} أخرجه البخاري، ومسلم.
وأجمع العلماء على جواز زيارة القبور -أي للرجال- لحديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)) رواه مسلم.
وكما نقل عن بعض الصحابة: (زيارة القبور فضيلة، والاستعداد لها فريضة).
فلم ينكره أحد من العلماء مشروعية زيارة قبر النبي صلى الله وسلم -إذا كان القصد والمراد زيارة المسجد النبوي الشريف- وغيره لا شيخ الإسلام ولا أحد قبله أو بعده ممن يعتبر أنه من أهل العلم،

وأنت تتكلم عن مسألة جواز زيارة القبور، واستحبابها:
والذي وقفت به الجزم باستحباب الزيارة في جميع كتبه في باب زيارة قبر النبي صلى الله غليه وسلم
فَصْلٌ : وَيُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
نقلا عن ابن قدامة، وقد أحسنت.
هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً , مُتَقَدِّمُهُمْ وَمُتَأَخِّرُهُمْ ...
نقلا عن المرادي، وليس في هذه المسألة خلاف.

ثالثا: محل النزاع هو:
شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم -فضلا عن قبر غيره- هل يجوز أم لا؟؟.
فهل هذا القول –أي تحريم شد الرحل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم- رأي خاص لابن تيمية، أم قاله أحد غيره قبله؟ ، وهل أيد هذا القول أحد بعده من الفقهاء المحققين؟؟.

قلتَ:
وتؤيده عبارة إحياء علوم الدين - (1 / 244) بعد ذكره الخلاف في شد الرحل لزيارة القبور مطلقا: (ثم ليت شعري هل يمنع هذا القائل من شد الرحال إلى قبور الأنبياء عليهم السلام مثل إبراهيم وموسى ويحيى وغيرهم عليهم السلام فالمنع من ذلك في غاية الإحالة)، فإذا كان قبور الأنبياء ليس موطنا للخلاف كما يفهم من عبارته، فمن باب أولى قبر النبي صلى الله عليه وسلم.

قلتُ: ليس هذا بصحيح قطعا، بل هو موطن للخلاف: اختلف العلماء في شد الرحال إلى قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فضلا عن قبر غيره.

قال الشيخ عطية محمد سالم في تتمة أضواء البيان: (ينبغي أن نعلم أولاً أن البحث في هذه المسألة –أي مسألة شد الرحال- له ثلاث حالات: الأولى: شد الرحال إلى المسجد النبوي للزيارة. وهذا مجمع عليه. الثانية: زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم والسلام عليه من قريب بدون شد الرحال، وهذا أيضاً مجمع عليه. الثالثة: شد الرحال للزيارة فقط، وهذه الحالة الثالثة هي محل البحث عندهم ومثار النقاش السابق)، لأنه قال في السابق: (وهنا مسألة طالما أثير النزاع فيها: وهي شد الرحال للسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وقد أشرت سابقا المراجع التي ذُكر فيها الخلاف.

وأما قول الغزالي رحمه الله كما في إحيائه: (ثم ليت شعري هل يمنع هذا القائل من شد الرحال إلى قبور الأنبياء عليهم السلام مثل إبراهيم وموسى ويحيى وغيرهم عليهم السلام فالمنع من ذلك في غاية الإحالة)

والصواب في هذه المسألة خلاف رأي الإمام الغزالي رحمه الله، وهو مذهب شيخ الإسلام بن تيمية، وقد رجح هذا غير واحد من الفقهاء المحققين، منهم:

العلامة ابن باز -رحمه الله- يقول في التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة (فصل في أحكام الزيارة وآدابها): (أما البعيد عن المدينة فليس له شد الرحل لقصد زيارة القبر ، ولكن يسن له شد الرحل لقصد المسجد الشريف ، فإذا وصله زار القبر الشريف وقبر الصاحبين ، ودخلت الزيارة لقبره عليه السلام وقبر صاحبيه تبعا لزيارة مسجده صلى الله عليه وسلم وذلك لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى »
ولو كان شد الرحال لقصد قبره عليه الصلاة والسلام أو قبر غيره مشروعا لدل الأمة عليه وأرشدهم إلى فضله ، لأنه أنصح الناس وأعلمهم بالله وأشدهم له خشية . وقد بلغ البلاغ المبين ، ودل أمته على كل خير وحذرهم من كل شر كيف وقد حذر من شد الرحل لغير المساجد الثلاثة وقال : « لا تتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم » .
والقول بشرعية شد الرحال لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم يفضي إلى اتخاذه عيدا ، ووقوع المحذور الذي خافه النبي صلى الله عليه وسلم من الغلو والإطراء كما قد وقع الكثير من الناس في ذلك بسبب اعتقادهم شرعية شد الرحال لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام .
وفي فتاويه: (وأما شد الرحال لزيارة القبور فلا يجوز ، وإنما يشرع لزيارة المساجد الثلاثة خاصة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى» متفق على صحته.
وإذا زار المسلم مسجد النبي صلى الله عليه وسلم دخل في ذلك على سبيل التبعية زيارة قبره صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه وقبور الشهداء وأهل البقيع وزيارة مسجد قباء من دون شد الرحل. فلا يسافر لأجل الزيارة ، ولكن إذا كان في المدينة شرع له زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه ، وزيارة البقيع والشهداء ومسجد قباء .
أما شد الرحال من بعيد لأجل الزيارة فقط فهذا لا يجوز على الصحيح من قولي العلماء ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى » أما إذا شد الرحل إلى المسجد النبوي فإن الزيارة للقبر الشريف والقبور الأخرى تكون تبعا لذلك)

وأفتى بذلك العلامة ابن عثيمين كما في فتاوى الحرم المدني (1 / 131)
حكم شد الرحال إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم
السؤال: هل يجوز شد الرحال إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
الجواب: لماذا تشد الرحال إلى قبر الرسول؟ نسأل.. يقول: ليسلم عليه، نقول: إن الله قد كفاك، أي إنسان يسلم على الرسول في أي مكان فإن تسليمه يبلغه، لماذا تشد الرحال؟ تكلف الناقة وتكلف نفسك، ولا تسلم أجرة تذكرة وغير ذلك؟ فلا يجوز أن يشد الإنسان الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن أقل ما فيه أنه إضاعة مال، وإضاعة المال محرمة، لكن لو شد الرحال للمسجد النبوي فيجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى) وإذا وصلت إلى المسجد قم بزيارة قبر الرسول عليه الصلاة والسلام، زر قبر الرسول وصاحبيه أبي بكر و عمر رضي الله عنهما، وقم بزيارة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه في البقيع ، وبزيارة أهل البقيع كلهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يزور البقيع ، ولكن تزور البقيع بأي شيء؟ ما الحكمة في ذلك؟ زيارة القبور ليس لأجل أن تدعو الله عندها، ولا أن تستغيث بأهل القبور، قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو المشرع للأمة المبين لحكم الشريعة: (زوروا القبور فإنها تذكركم الموت) وفي لفظٍ: (تذكركم الآخرة) هذا المقصود، هؤلاء القوم هم الآن في بطن الأرض، لا يملكون زيادة حسنة ولا نقص سيئة من أعمالهم، وأنت الآن على ظهر الأرض تستطيع أن تزيد حسنة في حسناتك أو أن تستغفر من سيئة، فتذكر الموت، تذكر الآخرة وهي دار الجزاء، هذا هو المقصود، وهل عندك عهدٌ من الله أنك ستبقى مدة بعد هذه الزيارة؟ لا. إذاً: يا أخي! ما تدري لعلك تزور هؤلاء الموتى صباحاً ويزورك أقاربك في هذه القبور مساءً، فاستعد للموت، تب إلى الله عز وجل مما فرطت في حق الله، ومما فرطت في حق عباد الله، هذا هو المقصود من زيارة القبور.

وأفتى ذلك أيضا العلامة ابن جبرين كما في فتاويه: (18 / 26)
السؤال: ما حكم شد الرحال إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم؟
الجواب: لا يجوز، وإنما تشد الرحال إلى المسجد النبوي، ثم يزور القبر من قريب بعد وصوله إلى المدينة، يقول صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى) والله أعلم.
وغيرهم كثير.

وأنت تعلم مذهب أبي حامد محمد بن محمد الغزالي المتوفى: 505هـ، في العقيدة: يقول في الإحياء: (فلنرجع إلى الغرض الذي كنا نقصده ولنبين القسم الثاني وهو أن يسافر لأجل العبادة إما لحج أو جهاد وقد ذكرنا فضل ذلك وآدابه وأعماله الظاهرة والباطنة في كتاب أسرار الحج ويدخل في جملته زيارة قبور الأنبياء عليهم السلام وزيارة قبور الصحابة والتابعين وسائر العلماء والأولياء وكل من يتبرك بمشاهدته في حياته يتبرك بزيارته بعد وفاته ويجوز شد الرحال لهذا الغرض ولا يمنع من هذا قوله صلى الله عليه و سلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى ) حديث لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجدالحديث تقدم في الحج؛ لأن ذلك في المساجد فإنها متماثلة بعد هذه المساجد وإلا فلا فرق بين زيارة قبور الأنبياء والأولياء والعلماء في أصل الفضل وإن كان يتفاوت في الدرجات تفاوتا عظيما بحسب اختلاف درجاتهم عند الله وبالجملة زيارة الأحياء أولى من زيارة الأموات والفائدة من زيارة الأحياء طلب بركة الدعاء وبركة النظر إليهم )، أهـ، كلامه رحمه الله.

فانبته !!
سبب منع شد الرحال إلى القبور أيا كانت هو ذلك الغرض الذي هو التبرك بها وجعلها عيدا،
كما قال العلامة ابن باز
في التحقيق والإيضاح: (والقول بشرعية شد الرحال لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم يفضي إلى اتخاذه عيدا ، ووقوع المحذور الذي خافه النبي صلى الله عليه وسلم من الغلو والإطراء كما قد وقع الكثير من الناس في ذلك بسبب اعتقادهم شرعية شد الرحال لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام ) أهـ.

ونسأل الله أن يرزقنا بفقه دينه، والعمل به.

والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب
 
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: شد الرحل لقبر النبي صلى الله عليه وسلم

جزاكم الله خيرا
 

عثمان عمر شيخ

:: مشارك ::
إنضم
12 يوليو 2009
المشاركات
276
الإقامة
كندا
الجنس
ذكر
التخصص
الكومبيوتر
الدولة
كندا
المدينة
كندا
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: شد الرحل لقبر النبي صلى الله عليه وسلم

الي اخي الفاضل عبد الله بن يوسف الحسني

ماذا تقول عن هذا الحديث

"وعن أبي هريرة قال : زار النبي - صلى الله عليه وسلم - قبر أمه فبكى وأبكى من حوله ، فقال : " استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي ، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي ، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت " . رواه مسلم .


وقبرها في الأبواء

والأبواء حوالي
180 كلم من المدينة المنورة

وسؤال الثاني هو ؟

انا في مكة واعتمرت ونويت زيارة احد الصالحين او علماء ممن يقطن في المدينة المنورة ونويت شد الرحال اليه ؟ ما حكم ذلك هل يجوز ام لا؟


ان قلت لا يجوز لماذا حرمته؟

وان قلت يجوز لماذا اخرجته من الحديث لا تشد الرحال وحرمت شد الرحال الي سيد المرسلين

كيف تجيز شد الرحال وزيارة عالم من علماء المسلمين وانا في مكة وتحرم زيارة قبر سيد المرسلين وهو حي في قبره صلي الله عليه وسلم

سؤالي الثالث
الذي فهمت من كلامك هو يجوز زيارة قبر النبي صلي الله وسلم من كان في المدينة خاصة

ما الضابط الذ يكون فيه شد الرحال ويكون السفر حراما ؟

مثلا اهل المدينة ما القدر الذي يحرم عليهم ويكون عليهم شد الرحال معصية وذنب

نفترض خرج احد سكان المدينة من المدينة المنورة
واراد ان يرجع اليها لزيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم

هل القدر km 90
او اذا خرج من المدينة 100 km
ما الحد او القدر يكون شد الرحال ؟

وما دليل علي هذ القدر؟


 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: شد الرحل لقبر النبي صلى الله عليه وسلم

أحسنت أخي عبد الله الحسني بارك الله فيك

(مذهب الإمام الجويني، المتوفى: 478هـ)
هذه سنة وفاة ابنه إمام الحرمين والإمام الجويني متوفى سنة : 438ه
 
إنضم
14 يونيو 2012
المشاركات
307
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
------------------
رد: شد الرحل لقبر النبي صلى الله عليه وسلم

يذكر بعضهم ان الامام مالكا منع من الزيارة وينسبها للمبسوط للقاضي اسماعيل وللجلاب وهو مختصر وناقل عن المبسوك

وهنا ننبه الاخوة ان المبسوط فيه روايات مخالفة و اخرى شاذة بم يقبلها علماء المذهب ، لان المبسوط لم يعدهم في الامهات الا القليل من العلماء ولو عددناه مع مخالفته لم في المدونة و الامهات المقدمة عليه طرحت روايته
واما الجلاب فهو مختصر فقهي ينقل روايات المعراقيين ومنها ما في المبسوط من غير ان ينسبها الى ناقليها عن الامام؟
وما في المدونة الكبرى (2\370): قال ابن القاسم: وكان مالك يكره أن يقول الرجل "طواف الزيارة". قال: وقال مالك: وناس يقولون "زرنا قبر النبي صلى الله عليه وسلم". قال: فكان مالك يكره هذا ويعظمه أن يقال "إن النبي عليه الصلاة والسلام يزار".
قال القاضى عياض‏:‏ كراهة مالك له لإضافته إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله‏:‏ ‏(‏اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد‏)‏‏.‏ ينهى عن إضافة هذا اللفظ إلى القبر والتشبه بفعل ذلك؛ قطعا للذريعة، وحسما للباب‏.‏
فالامام مالك رضي الله عنه لإنما منع القول و التحدث به واشهار ذلك حتى لايقع في المحذور الوارد في الحديث السابق و هنا النهي بالكراهة ولم يتعرض لشد الرحال اصلا؟، اما عن الزيارة فمالك لايمنع منها الا لاهل المدينة كي لاتتخذ سنة يقتدي بهم اهل الامصار؟ وهذا القول الاخير ينسبه الناس للشيخ ابن تيمية والاصل انه لمالك واصحابه
والله الموفق

ومن منح الجليل شرح مختصر خليل
وَمِنْ الْمَنْدُوبِ زِيَارَةُ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ فَتَجِبُ بِالنَّذْرِ ، وَإِنْ أَعْمَلَ فِيهَا الْمَطِيَّ وَحَدِيثُ لَا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ مَخْصُوصٌ بِالصَّلَاةِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ، وَكَذَا خَبَرُ { : لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ } لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى مَنْعِ الزِّيَارَةِ إذْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ ، أَيْ الْمَسْجِدُ ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مَسَاجِدَ وَالْأَصْلُ فِيهِ الِاتِّصَالُ .
 
أعلى