رد: هل من مقارنة بين الحاوي الكبير للماوردي ونهاية المطلب للجويني ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام تاج الدين السبكي رحمه الله تعالى:
"كتاب الرافعي هو العمدة ثم إن لي به خصوصية زائدة ،
وألازمه منذ كنت ابن ثلاث عشرة سنة ، وما ظنك بمن كان قبل الثلاثين من عمره يقول له مثل الشيخ الإمام : ما فعل رافعيُّك ؟ وهل هذه المسألة في الرافعي ؟ اعتقادا منه أنه آت عليه استحضارا لملازمته إياه ليلا ونهارا
" واعلم أن مبسوطات مذهبنا التي يعتمد ، ويلجأ إليها في المعضلات ويستند ، ولم يلحقها من جاء بعدها أحد ثلاثة :
1- الحاوي الكبير للقاضي أبي الحسن الماوردي
2- والمذهب الكبير المسمى بالنهاية لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني
3- والشرح الكبير للإمام الرافعي
هذه عمد المذهب ، والمتداولة بين أهله كلما لاح نسيم العلم وهب ، والمستضاء بنورها كلما أظلم من المشكلات غيهب
ولسنا ننكر علو قدر تعليقة الشيخ أبي حامد ، ولا نعدل بتعليقتي القاضيين أبي الطيب والحسن ، وبحر الروياني وغيرها من تصانيف تتنازل لها الفراقد ، ومجموعات لكل إمام في هذا المذهب ناقد
حتى ننتهي إلى مطلب ابن الرفعة أعظم به من مطلب دونه المهالك ، ومبسوط عظيم المسالك ، وعلى مقدارٍ لو ناداه الخبر لقال ترفعا : أنى يستجاب لذلك
ولكنا نقول إن هذه الثلاثة التي نصصنا عليها وأشرنا إليها هي الجامعة للمذهب على منوال فرد ، الحاملة على كاهلها جمهور مسطراته التي تكاثرت عن العد
، المغنية غالبا عن غيرها ، ولا يغني غيرها عنها ،
الموثوق بها في الفتيا ، حيث يأمر الفقيه وينهى
ثم بينها عموم وخصوص :
ــ فالحاوي أكثرها تقسيما ، وأجمعها للنصوص خصوصا ، ولكلام المتقدمين من أئمتنا عموما ، وأوضحها علة وأكثرها أدلة ، وأرشدها إلى شبه المخالفين وأعودها فائدة على المدرسين
ــ والنهاية أفحلها عبارة ، وأكملها إشارة ، وأعظمها تحقيقا ، وأفخمها طريقا ، وأصحها على السبيل عبارة وأقربها في مجالس النظر انتصارا وأوقعها على محز البحث إذا وقفت الأذهان و أكثرها تمسكا بحرف المسألة إذا كانت من الحيرة تغيب عن العيان، وأفضلها لطالبي الغايات سبيلا ، وخيرها لذوي التحقيق مستقرا وأحسن مقيلا.
كان الشيخ الإمام رحمه الله يحكي لنا :
أن طلبة العلم كانوا مهذبية ووسيطية ؛ لأنهم كان من دأبهم أن يلزم كل طلب بعد محفوظه من المختصرات كتابا من المبسوطات يجعله دأبه الليل والنهار فلهم في المختصرات مختصر يحفظونه : إما مختصر المزني أو التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي أو نحوهما هذا للدرس والتكرار
وفي المبسوطات : إما المهذب أو الوسيط : هذا للمزاولة وترديد النظر الليل والنهار
وفي المبسوطات : كتاب يرجعون إليه عند الأمور الكبار
فأصحاب المهذب مبسوطهم الحاوي
وأصحاب الوسيط مبسوطهم النهاية
وتعيب طائفة على طائفة لزوم كتابين ومحاولة طريقين خشية من تبدد الذهن وعدم تماسكه إذا ازدحمت عليه الكتب
حتى جاء الرافعي ملخصا ما سبق من تصانيف عدة ، فسد الباب على من بعده ودعا أرباب المبسوطات إليه ، وعاد أرباب الحاوي والنهاية عيالا عليه
ولحقٍ نال هذا المنال فإنه:
أجمعها شملا وأوضحها قولا ،
وأحسنها تلخيصا وأمسها تعميما وتخصيصا ،
وأسهلها تناولا وأجملها حاصلا ،
وأعجلها للمستوفز وأعودها فائدة للموجز ،
وأشرعها إجابة لمن يستوضح ويستبين ، وأنفعا لذوي الإلزام من القضاة والمفتين
؛ فلا غرو أن نخصه بالمزاولة ، ونمنحه في أكثر الأوقات المحاولة"
انتهى كلامه رحمه الله تعالى
والنقل مستفاد من أخينا الشيخ سامح يوسف الشافعي وفقه الله