ملخص الرسالة
ملخص الرسالة
السلام عليكم
اشكركم جميعا على التهنئة - واهتمامكم - وبارك الله فيكم
وهذا ملخص الرسالة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المالك المتفرد في الملك، نحمَدُه على ما بسط وقسم، ونشكره على ما وهب وعلم، الوارث الحق لما في السموات والأرض
والصلاة والسلام على سيدنا محمد عبده ورسوله الذي بَيّن ما أنزل إليه من ربه غاية التبيين، وأمر بتنفيذ أحكام المواريث على ما شرعه الله، ناسخا بشرعه كل شرع غابر.
فإنّ علم الفرائض من أجل العلوم الشرعية وأعلاها منزلة، إذ هو من الفقه في الدين، وبه يعرف من يرث ممن لا يرث , وبه تفهم الأحكام وتصل الحقوق إلى أصحابها، فالميراث خلافة في المال وطريق مشروع من طرق الحصول عليه، فنظام الإرث في الإسلام نظام في غاية الدقة والوضوح، وأن أحكامه مبنية على أساس العدل والحكمة بين الناس، لموافقته للفطرة البشرية، بتحقيقه الملكية الفردية، وحرية الانتفاع بها، لأن الله تولاه بنفسه، فكانت أحكامه قطعية الدلالة والثبوت، وكان للمرأة النصيب الأوفر من هذه النصوص، فغالب أنصبتها مقدرة بالفرض.
فليس هناك تشريع سابق للإسلام أو لاحق له، وصل في عدله مع المرأة كما هو الحال في النظام الإسلامي، سواء في الميراث وغيره.
وبعد الاستعانة بالله تعالى، فإنّ موضوع رسالتي الموسومة (حقوق المرأة في الميراث بين الشريعة الإسلامية وقانون الأحوال الشخصية العراقي) هو عبارة عن دراسة فقهية قانونية مقارنة لميراث المرأة بين الشريعة الإسلامية والقانون العراقي، وإنّ اختياري للموضوع يعود لثلاثة أسباب رئيسية:
· الأول: نظرا للمنزلة الرفيعة التي حظي بها علم المواريث، حيث اقتضت إرادة الله تعالى أنْ يتولى أحكامه بنفسه، فأوجب للمرأة نصيبا في الميراث كما أوجبه للرجل. لما لها من دور في الأسرة والمجتمع، فكان لها الحق بحيازة نصيبها من الميراث والانتفاع به حسبما تراه، ولتتمكن المرأة من المطالبة بحقها سواء في الميراث أو في غيره، لا بد لها أولاً أنْ تعرف حقوقها التي كفلها الله لها، ثمّ تطالب بها لسد حاجاتها أو لتنميتها، ولتتغلب على الفقر والعوز الذي مرت به وتمر به هذه الأيام، التي سببتها الظروف الناجمة عن الحروب والكوارث التي حلت بالأمّة عامة والعراق خاصة، مع أنّ لها حقوقا ثابتة بالشرع، إلّا أنّ أطماع البعض سلبتها تلك الحقوق وتركتها في هذا الحيف والجور.
· الثاني: والذي دفعني إلى الكتابة والبحث في علم المواريث، هو أمر الرسول (r) في الحث على تعلم هذا العلم الجليل وتعليمه، وأنّه أول علم يرفع من الأرض، حتى يأتي زمان يختلف الاثنان في الفريضة، فلا يجدا من يفصل بينهما، فقد اخرج النسائي وغيره أن ابْنُ مَسْعُودٍ (t): قَالَ: قال لِي رَسُولُ اللَّهِ r)) « تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ، تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ، وَعَلِّمُوهُا النَّاسَ، تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ، وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ، فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ، وَالْعِلْمُ سَيَنْقُصُ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ، حَتَّى يَخْتَلِفَ اثْنَانِ فِي فَرِيضَةٍ لَا يَجِدَانِ أَحَدًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا ». وكذلك وجدت اهتمام زوجي السيد مولود مخلص الراوي بهذا العلم الذي أخذه عن والده الشيخ مخلص الراوي، وجده لأمّه الشيخ أحمد الراوي، فكان لاهتمامه ذلك الأثر الكبير في معرفتي لتفاصيل هذا العلم، ورغبتي في خدمته والمساهمة في الجهود العلمية لنشره وتيسيره للناس، وخاصة النساء.
· الثالث: غموض نصوص أحكام الميراث في قانون الأحوال الشخصية العراقي، الذي مضى على تشريعه أكثر من نصف قرن دون أنْ تظهر دعوة جادة لإعادة صياغته بالشكل الذي يزيل غموضه والتناقض الحاصل في تطبيقه، وما يسببه ذلك من ضياع حقوق الورثة.
وبما أن لكل باحث منهج، فكان منهجي من خلال الدراسة والبحث أن قسمت الرسالة إلى أربعة فصول وعلى النحو الآتي:
1.تضمن الفصل الأول: لمحة موجزة عن الشريعة الإسلامية، وتعريف الحق لغة واصطلاحا، وبيان حق المرأة في الميراث والملكية، مع بيان ميراث المرأة في حضارات ما قبل الإسلام، ومن ثمّ تعريف الميراث وبيان فضلة ومشروعيته في الكتاب والسنة والإجماع، وكيفية توريث المرأة في الإسلام، وبيان الحقوق المتعلقة بالتركة من تجهيز وديون في ذمة المتوفى، وتنفيذ وصاياه وتقسيم ما بقي من الإرث.
2.وتضمن الفصل الثاني: القواعد العامة للميراث، من حجب وعول ورد، مع بيان أنواع الإرث والورثة وطريقة توريثهم عند فقهاء المذاهب الإسلامية، وذكر مواطن الاتفاق والخلاف بينهم ومناقشة الأدلة، وترجيح القول الراجح منها. ومن خلال البحث تبين أن غالب أحكام الميراث متفق عليها عند جمهور الفقهاء، ولم يخالفهم فيها إلّا الإمامية، فكان اختلافهم في الأسس التي تقوم عليها أحكام الميراث، وفي طريقة التوريث ومراتب الورثة وأحكام الرد والعول، ومفهوم القرابة وذوي الأرحام، وقواعد الحجب، المترتب عن إنكار الإمامية للتعصيب.
3.وتضمن الفصل الثالث: أحكام الوارثات من النساء وأحوالهم، ومقارنة تلك الأحكام بين جمهور الفقهاء والإمامية، وبيان أثر الخلاف في طريقة توريثهم. وقد اظهر البحث أن الاتفاق بين الجمهور والإمامية ينحصر في المسائل التي يجتمع فيها الأولاد وأحد الزوجين فقط، وهذه المسائل لا تزيد نسبتها عن10٪ من المسائل المحتملة، وحصل الخلاف في جميع المسائل الأخرى المتعلقة بميراث الأبوين والأجداد والأخوة والأعمام وذوي الأرحام.
4.وتضمن الفصل الرابع: أحكام ميراث المرأة في قانون الأحوال الشخصية العراقي ومقارنتها مع أحكام الشريعة الإسلامية. محاوِلةً إبراز الخلل والنقص الذي شاب مواد القانون، كما وضعت العديد من المقترحات والتوصيات لمعالجة ذلك.
5. كما استعرضت في الفصل الرابع بعض المخالفات الاجتماعية التي ترتكب بحق المرأة بقصد حرمانها من الميراث. وقد تناولت موضوعا فقهيا معاصراً ومهماً وهو موضوع الوصية الواجبة وتأصيلها الفقهي.
ومن خلال الدراسة لأحكام الميراث في القانون العراقي تبين أنها قد ارتبطت ارتباطا وثيقاً بالأحداث السياسية والتغيرات الحكومية وخاصة خلال فترة القرن الماضي وعلى النحو الآتي:
1.اعتمد القضاء أحكام المذهب الحنفي خلال العهد العثماني.
2.ثمّ اعتمد أحكام المذهبين الحنفي والجعفري خلال فترة الاحتلال الانكليزي عام 1917م، والعهد الملكي بعده ( للفترة من 1920 وحتى العام 1958 م).
3.ثم استبدلت أحكام الميراث بأحكام نظامية وضعية لا تتوافق مع أي من المذهبين. وذلك في بداية العهد الجمهوري عام 1959م، وقد واجهت تلك الأحكام رفضا عاما من الشعب بكل أطيافه، لمخالفتها الصريحة لنص الكتاب العزيز ، حين ساوت نصيب الابن بالبنت في الميراث. حتى ألغيت عام 1963م.
4.وبعد ذلك تم اعتماد أحكام خليطة من المذهبين المتبعين من عموم الشعب العراقي ( الحنفي والجعفري)، لضمان فرض قانون موحد يسري على الجميع. ولم تكن تلك الأحكام مدروسة دراسة علمية محكمة، فقد ظهر الخلل بعد تطبيقها بأشهر. ولا زال الغموض يكتنفها رغم مرور أكثر من خمسين عام على تشريعها.
5.ثم جاء الاحتلال الأمريكي عام 2003م، فظهرت الدعوة إلى العودة لاعتماد الأحكام المذهبية لأتباع كل مذهب، فأصدر مجلس الحكم قرارا بذلك، إلا أنه لقي معارضة شديدة من منظمات المجتمع المدني، فألغي القرار وبقي حال أحكام الميراث في القانون العراقي على ما هو عليه رغم ما فيه من مآخذ وهفوات وتناقض.
وأخيرا أتمنى أن تكون هذه الرسالة سبباً ودافعاً لتعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي الخاص بأحكام الميراث بما يوافق أحكام الشريعة الإسلامية، وكذلك أن تكون سبباً لمعرفة الورثة والنساء خاصة بأحكام الميراث وحقوقهم التي ينبغي المطالبة بها، والحصول عليها.
وفي الختام أتقدم بالشكر والامتنان إلى أساتذتي ومشايخي الأفاضل في الجامعة العراقية، فهم ذووا فضل عليّ زادهم الله من فضله، وأخص بالذكر منهم الأستاذ الفاضل الدكتور (محمد محمود سلمان الجميلي) لتفضله بالإشراف على هذه الرسالة، وما بذله من الجهد المتواصل في متابعة خطوات إعدادها وإبداء آرائه العلمية وتوجيهاته القيمة، وتزويدي بالمصادر النافعة التي أسهمت في إثراء الرسالة.
كما وأتقدم بالشكر والتقدير إلى جميع الأساتذة أعضاء لجنة المناقشة الأفاضل لتكرمهم بقبول مناقشة رسالتي وإثرائها بملاحظاتهم وتوجيهاتهم السديدة لتقويمها.
ولا يفوتني أنْ أتقدم بوافر الامتنان إلى كل من مد لي يد العون والمساعدة، وساهم في إتمام هذا العمل المتواضع بتقديم فكرة أو ملاحظة، أو زودني بمصدر أو أسدى لي بنصيحة أو تصحيح خطأ، أو دعا ليّ بظهر الغيب حتى أتمكن من إنجاز هذه الرسالة. فجزى الله الجميع عني خير الجزاء.