العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الجرأة فى حكم ميراث المرأة

عيد سالم محمد

:: متابع ::
إنضم
26 أغسطس 2012
المشاركات
25
الكنية
أبو حمزه
التخصص
أصول الفقه
المدينة
اسوان
المذهب الفقهي
مالكى
الجرأة فى حكم ميراث المرأة

مقدمه
ــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران : 102]
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء : 1]
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب: 70-71]
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثه بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فهذا بحث مختصرا عن المرأه ومكانتها وقد أعددت هذا البحث طلبا من بعض أخوتى فكان هذا سببا لخروجه أسأل الله أن يرزقنى الإخلاص وأن ينفع به المسلمين إنه ولى ذالك والقادر عليه .
وبعد تتضمن طريقه البحث الخطوات الاتيه :
أولا_ مكانه المرأه فى الإسلام .
ثانيا_شبهه التعدد والرد عليها .
ثالثا_شبهه لماذا ميراث المرأة نصف ميراث الرجل ؟
رابعا_ أقوال العلماء فى حكم من منع ميراث المرأه أو أنتقص حقها .
أولا :
مكانه المرأه فى الإسلام
لقد رفع الإسلام مكانة المرأة ، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه ؛ فالنساء في الإسلام شقائق الرجال ، وخير الناس خيرهم لأهله ؛ فالمسلمة في طفولتها لها حق الرضاع ، والرعاية ، وإحسان التربية ، وهي في ذلك الوقت قرة العين ، وثمرة الفؤاد لوالديها وإخوانها.
وإذا كبرت فهي المعززة المكرمة ، التي يغار عليه وليها ، ويحوطها برعايته ، فلا يرضى أن تمتد إليها أيد بسوء ، ولا ألسنة بأذى ، ولا أعين بخيانة.
وإذا تزوجت كان ذلك بكلمة الله ، وميثاقه الغليظ ؛ فتكون في بيت الزوج بأعز جوار ، وأمنع ذمار ، وواجب على زوجها إكرامها ، والإحسان إليها ، وكف الأذى عنها.
وإذا كانت أماً كان برها مقروناً بحق الله - تعالى - وعقوقها والإساءة إليها مقروناً بالشرك بالله ، والفساد في الأرض.
وإذا كانت أختاً فهي التي أُمر المسلم بصلتها ، وإكرامها ، والغيرة عليها.
وإذا كانت خالة كانت بمنزلة الأم في البر والصلة.
وإذا كانت جدة ، أو كبيرة في السن زادت قيمتها لدى أولادها ، وأحفادها ، وجميع أقاربها ؛ فلا يكاد يرد لها طلب ، ولا يسفه لها رأي.
وإذا كانت بعيدة عن الإنسان لا يدنيها قرابة أو جوار كان لها حق الإسلام العام من كف الأذى ، وغض البصر ونحو ذلك.
وما زالت مجتمعات المسلمين ترعى هذه الحقوق حق الرعاية ، مما جعل للمرأة قيمة واعتباراً لا يوجد لها عند المجتمعات غير المسلمة.
ثم إن للمرأة في الإسلام حق التملك ، والإجارة ، والبيع ، والشراء ، وسائر العقود.
ولها حق التعلم ، والتعليم ، بما لا يخالف دينها ، بل إن من العلم ما هو فرض عين يأثم تاركه ذكراً كان أم أنثى.
بل إن لها ما للرجال إلا بما تختص به من دون الرجال ، أو بما يختصون به دونها من الحقوق والأحكام التي تلائم كلا منهما على نحو ما هو مفصل في مواضعه.
ومن إكرام الإسلام للمرأة أن أمرها بما يصونها ، ويحفظ كرامتها ، ويحميها من الألسنة البذيئة ، والأعين الغادرة ، والأيدي الباطشة ؛ فأمرها بالحجاب والستر ، والبعد عن التبرج ، وعن الاختلاط بالرجال الأجانب ، وعن كل ما يؤدي إلى فتنتها.
ومن إكرام الإسلام لها أن أمر الزوج بالإنفاق عليها ، وإحسان معاشرتها ، والحذر من ظلمها ، والإساءة إليها.
بل ومن المحاسن - أيضا - أن أباح للزوجين أن يفترقا إذا لم يكن بينهما وفاق ، ولم يستطيعا أن يعيشا عيشة سعيدة ؛ فأباح للزوج طلاقها بعد أن تخفق جميع محاولا ت الإصلاح ، وحين تصبح حياتهما جحيماً لا يطاق.
وأباح للزوجة أن تفارق الزوج إذا كان ظالما لها ، سيئا في معاشرتها ، فلها أن تفارقه على عوض تتفق مع الزوج فيه ، فتدفع له شيئاً من المال ، أو تصطلح معه على شيء معين ثم تفارقه.
ومن إكرام الإسلام للزوجة أن أباح للرجل أن يعدد ، فيتزوج بأكثر من واحدة ، فأباح له أن يتزوج اثنتين ، أو ثلاثاً ، أو أربعاً ، ولا يزيد عن أربع.
بشرط أن يعدل بينهن في النفقة ، والكسوة ، والمبيت.
وإن اقتصر الزوج على واحدة فله ذلك([1]).


ما أجملَ قولَ أمير المؤمنين الفاروق عمرَ بن الخطَّاب - رضي الله عنه -: "والله إنْ كنَّا في الجاهلية ما نعدُّ للنساء أمرًا، حتى أنزل الله فيهنَّ ما أنزل، وقسم لهنَّ ما قسم"([2])

فما نعلَم دِينًا كرَّم المرأة، ورفَع شأنها، وأنصفَها، من أصحاب المِلل الأخرى، إلا الإسلام، أنزل الله أحكامًا خاصَّة بالنِّساء، وأنزل سورةً باسمها، وما ذاك إلا ليُعليَ مِن شأنِها، ويرفعَ مكانتها ويُنصفَها على أخواتها.

مظاهِر تكريم الإسلام للمرأة:
لم يعتبرِ الإسلام المرأةَ جرثومةً خبيثة كما اعتبرَها الآخرون، ولكنَّه قرَّر حقيقةً تزيل هذا الهوان عنها، وهي أنَّ المرأة بين يدي الإسلام قسيمةُ الرجل؛ مصداقًا لقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّما النساءُ شقائقُ الرجال))([3])، لها ما له من الحقوق، وعليها أيضًا من الواجبات ما يُلائم تكوينَها وفِطرتها، وعلى الرجل بما اختصَّ به من شرف الرجولة، وقوَّة الجلَد، وبسطة اليد، واتِّساع الحيلة، أن يلي رياستها، فهو بذلك وليُّها، يحوطها بقوته، ويذود عنها بدَمِه، ويُنفق عليها من كسب يدِه.

ذلك ما أجمله الله، وضمَّ أطرافه، وجمَع حواشيَه، بقوله تباركتْ آياته: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة: 228].

ولقد نَعِمتِ المرأة تحتَ دِين الإسلام العظيم بوُثُوقِ الإيمان، ونهلتْ مِن مَعِين العِلم، وضربتْ بسَهم في الاجتهاد، وشرع لها مِنَ الحقوق ما لَم يشرعْ لها في أمة مِن الأُمم في عصْر مِن العصور، فقد أمعنتْ في سبيلِ الكمال طلقةَ العِنان، حتى أحملتْ مِن بين يديها، وأعجزتْ من خلفها، فلم تشبهها امرأةٌ من نِساء العالمين في جَلال حياتها، وسناء منزلتها([4]).

المساواة في الإنسانية:
فإنَّ الله - عزَّ وجلَّ - خلَق النساء والرجال سواء؛ قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات: 13].

والله - عزَّ وجلَّ - خلَق المرأة من الرجل.

ثُم ليعلم الرِّجال أنَّ خَلْق المرأة نعمةٌ عظيمة ينبغي أن يَحْمَدوا ربهم - سبحانه وتعالى - عليها؛ لأنَّ بخَلْق المرأة، وجعلها مؤنسةً للرجل تحصُل المودَّة والرحمة، ويحصُل السكن العاطفي، فالله - عزَّ وجلَّ - جعَل لنا مِن أنفسنا أزواجًا، وجعَل ربُّنا مِن هذه الأزواج بنين وحَفَدة.

فالكلُّ متساوٍ في الإنسانية، فالله - جلَّ جلاله - أكثر في القرآن مِن آيات تدلُّ على المساواة بيْن الرجل والمرأة، سواء كانتْ هذه المساواة في التكليف، أو الأمور التي تستطيع المرأةُ أن تشارك فيها الرجل مِن غير أن يؤثِّر على أُنُوثتها.

المساواة في أغلب التكاليف الشرعية:
إنَّ مناطَ التكليف هو الأهلية، والله - عزَّ وجلَّ - لا يُكلِّف إلا بمقدور، فلكلٍّ من الرجل والمرأة أهليةُ الوجوب، وأهلية الأداء، ما دام قد تقرَّر في ذِمَّة كلٍّ منهما الواجبات الشرعية، فلا تبرأ ذمَّة كل منهما حتى يؤدِّي ما عليه مِن واجبات.

وقد وضَع القرآنُ الكريم الرَّجل والمرأة على قدمِ المساواة في الالْتزامات الأخلاقيَّة، والتكاليف الدِّينيَّة إلا في حالات مخصوصَة خفَّف الله فيها عن المرأة؛ رحمةً بها، ومراعاةً لفِطرتها وتكوينها.

وليُعلم أنَّ إيمان النساء كإيمان الرجال سواءً بسواءٍ، وخطاب الله - تعالى - في القرآن يدلُّ على المساواة بيْن الذَّكر والأنثى في أغلبِ التكاليف الشرعيَّة، وأول تكليف لآدَم وحوَّاء على حدٍّ سواء: ﴿ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ [البقرة: 35].

وقد ينصُّ القُرآن على ذِكْر النساء بعدَ الرجال للتنبيهِ على المساواة في التكليف، ومِن ذلك:
ما أخرَجه الحميديُّ في مسنده، والتِّرمذي في السُّنن، وأبو يعلَى في مسنده، وصحَّحه الألباني مِن حديث أمِّ سلمة - رضي الله عنها -: قالتْ يا رسولَ الله، لا أسمع الله ذِكْر النِّساء في الهِجرة، فأنزل الله: ﴿ أنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ [آل عمران: 195([5]).

وهكذا يتوالَى الخِطَاب في القرآن، وينصُّ على المرأة لإعطائها مكانَها إلى جانب الرجل فيما هما فيه سواء مِن العلاقة بالله، وأنَّ أمر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مانعٌ من الاختيار، موجِب للامتثال لكِلاَ الجِنسَيْن.

المُساواة في المسْؤوليَّة المدَنيَّة في الحُقُوق الماديَّة الخاصَّة:
أكَّدَ الإسلام احترامَ شخصيَّة المرأة المعنَوية، وسوَّاها بالرجل في أهلية الوجوبِ والأداء، وأثبت لها حقَّها في التصرُّف، ومباشرة جميع الحقوق، كحقِّ البيع، وحقِّ الشراء، وحقِّ الراهن، وحقِّ المرتهن، وكل هذه الحقوق واجبةُ النفاذ.

ولقدْ أطلق الإسلامُ للمرأة حريةَ التَّصَرُّف في هذه الأمور بالشكل الذي تُريده، دون أيَّةِ قيود تُقيِّد حريتها في التصرُّف، سوى القيْد الذي يقيِّد الرجل نفسَه فيها، ألا وهو قيْد المبدأ العام: ألاَّ تصدم الحريةُ بالحق أو الخير([6]).

قال - تبارك وتعالى -: ﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ [النساء: 32].

وجعل لها الإسلامُ حقَّ الميراث، ولم يكن لها حقٌّ فيه قبل الإسلام؛ قال - تبارك وتعالى -: ﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا [النساء: 7].

والمرأة لها صَداقها كاملاً، جعَله الشرعُ لها، وهي مالكةٌ له لا يُشارِكها فيه أحَد، قال ربُّنا - جلَّ ذِكْرُه -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء: 19].

وحَكَم الشَّارع الحكيم بأنَّه لا يحقُّ للزوج مِن مال زوجه شيء، إلا إذا أعطتْه منه شيئًا عنْ طِيب نفْس منها، يقول ربُّنا - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [البقرة: 237].

والمرأة في تملُّك الحقوق شأنُها أمامَ الشرع شأن الرجل تمامًا إذا أحسنتْ أوْ أساءتْ؛ يقول - تبارك وتعالى -: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [المائدة: 38].

كذلك ساوتِ الشريعةُ بينهما في الدِّماء، وقرَّرتْ أن يُقتل الرجل بالمرأة؛ قال - جلَّ وعلا -: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 178].

المساواة في جزاء الآخرة:
ساوتِ الشريعة المُحْكمة بيْن الرجل والمرأة في الجزاء الأُخروي؛ قال - تعالى -: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل: 97].

وقال تعالي: ﴿ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ [غافر: 40].

وعنْ أمِّ سلمة زوْج النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّها قالتْ للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ما لنا لا نُذكر في القرآن كما يُذكر الرجال، قالتْ: فلم يَرْعُني - أي: يفزعني ويُفاجئني - منه يومئذٍ إلاَّ ونداؤه على المِنبر، قالت: وأنا أُسرِّح شعري فلففتُ شعري، ثم خرجتُ إلى حجرة من حجر بيتي، فجعلتُ سمعي عندَ الجريد - معناه: أنها رفعت رأسَها إلى جهة الجريد الذي هو سقْف المسجد إذ ذاك لقُرْب النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - منه وهو على المِنْبر؛ لكونه غيرَ مرتفع عن المنبر كثيرًا - فإذا هو يقولُ عندَ المنبر: ((يا أيُّها الناس، إنَّ الله يقول في كتابه: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ إلى آخِر الآية ﴿ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب: 3([7])

فساوَى ربُّ العِزَّة - سبحانه وتعالى - بيْن الرجل والمرأة في كثيرٍ منَ الآيات في القرآن العظيم في الجزاءِ الأُخروي، وإنْ دلَّ على شيء فإنَّما يدلُّ على أنَّ المرأة كالرجُل، مكلَّفة بالتكاليف الشرعية، مأمورةٌ بالواجبات إنْ فعلتها أُثيبت، وإنْ تركتْها عُوقِبت، فإذا احتمل الرجلُ نارَ الهجير، واصطَلَى جمرة الحرْب، وتناثرتْ أوصاله تحتَ ظلال السيوف، فليس ذلك بزائدِه مثقالَ حبَّة عنِ المرأة إذا وفتْ لبَيتها، وأخلصتْ لزوْجها، وأحسنتْ القِيام على أولادها([8])

وعنْ عُبادة بن الصَّامِت: "أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عاد عبدَالله بن رواحة، قال فما تحوَّز - تنحَّى وتنازل - له عنْ فراشه، فقال: ((أتَدْرون مَن شهداءُ أمتي؟)) قالوا: قتْل المسلِم شهادة، قال: ((إنَّ شهداءَ أمِّتي إذًا لقليل! قتْل المسلِم شهادة، والطاعون شهادة، والمرأة يَقتُلها ولدُها جمعاء شهادة، يجرُّها ولدُها بسُرره إلى الجَنَّة([9])

المساواة في الموالاة والتناصُر:
قال - تعالى -: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 72].

إنَّ المُوالاةَ في هذه الآيةِ الكريمة قائِمةٌ بين المؤمنين والمؤمنات لقِيامهم بما أوْجَب الله عليهم مِن طاعتِه.

وأمَّا المساواة بيْن المؤمنات فقد أزال الإسلامُ الفَوارقَ بين النساء، ومزَّق حُجُبَها، كما مزَّقها بيْن الرجال، فتطامنتِ الرؤوس، وتساومتِ النفوس، فلم يكن بيْن المرأة والمرأة إلا الخير تتقدَّم به، أو العمل الصالح تسبِق إليه، فإمَّا أنْ تدُلَّ بعِرْض طارف، أو تعتزَّ بحسب قديم، فذلك ما لا يُقدِّمها أُنملة، ولا يُغني عنها مِن الله شيئًا.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قام رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين أنْزلَ الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء: 214]، قال: ((يا معشرَ قريش - أو كلمة نحوها - اشتروا أنفسَكم، لا أُغْني عنكم من الله شيئًا، يا بني عبدِمناف، لا أُغْني عنكم مِن الله شيئًا، يا عبَّاس بن عبدالمطلب، لا أُغْني عنكَ مِن الله شيئًا، ويا صَفِيَّة عمَّة رسول الله، لا أُغني عنكِ مِن الله شيئًا، ويا فاطِمة بِنت محمَّد، سَليني ما شئتِ مِن مالي، لا أغني عنكِ من الله شيئًا([10])

وقد ذمَّ الله بعضَ النساء لسُخريتهنَّ مِن بعضهن؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ [الحجرات: 11].

قيل: إنَّها نزلَتْ لَمَّا أتتْ صفية بنت حُيي بن أخطب رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كما ذَكَر ابن الجوزي في "زاد المسير".

قال الحافظ الذهبي - رحمه الله -: "وفي جامع أبي عيسى، مِن طريق هاشم بن سعيد الكوفي: حدَّثَنا كنانة: حدثتْنا صفيةُ بنت حيي، قالت: دخَل عليَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقد بلغَنِي عن عائشة وحفصة كلام، فذكرتُ له ذلك، فقال: ((ألا قلت: وكيف تكونانِ خيرًا مني، وزوْجي محمَّد، وأبي هارون، وعمِّي موسى؟!))، وكان بلغَها، أنهما قالتَا: نحن أكرمُ على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - منها، نحن أزواجُه، وبناتُ عمِّه([11])([12]) .

ثانيا :
شبهه التعدد والرد عليها .
أن الذي أباح التعدد هو الله - عز وجل - : فهو أعلم بمصالح عباده ، وأرحم بهم من أنفسهم.
وهكذا يتبين لنا حكمة الإسلام ، وشمول نظرته في إباحة التعدد ، ويتبين لنا جهل من يطعنون في تشريعاته.
ومن إكرام الإسلام للمرأة أن جعل لها نصيباً من الميراث ؛ فللأم نصيب معين ، و للزوجة نصيب معين ، وللبنت وللأخت ونحوها ما هو مفصل في موضعه.
ومن تمام العدل أن جعل الإسلام للمرأة من الميراث نصف ما للرجل ، وقد يظن بعض الجهلة أن هذا من الظلم ؛ فيقولون : كيف يكون للرجل مثل حظ الأنثيين من الميراث ؟ ولماذا يكون نصيب المرأة نصف نصيب الرجل ؟
والجواب أن يقال : إن الذي شرع هذا هو الله الحكيم العليم بمصالح عباده.
ثم أي ظلم في هذا ؟ إن نظام الإسلام نظام متكامل مترابط ؛ فليس من العدل أن يؤخذ نظام ، أو تشريع ، ثم ينظر إليه من زاوية واحدة دون ربطه بغيره.
بل ينظر إليه من جميع جوانبه ؛ فتتضح الصورة ، ويستقيم الحكم.
ومما يتبين به عدل الإسلام في هذه المسألة - أن الإسلام جعل نفقة الزوجة واجبة على الزوج ، وجعل مهر الزوجة واجب على الزوج - أيضاً - .
ولنفرض أن رجلاً مات ، وخلف ابناً ، و بنتاً ، وكان للابن ضعف نصيب أخته ، ثم أخذ كل منهما نصيبه ، ثم تزوج كل منهما ؛ فالإبن إذا تزوج فإنه مطالب بالمهر ، والسكن ، والنفقة على زوجته وأولاده طيلة حياته.
أما أخته فسوف تأخذ المهر من زوجها ، وليست مطالبة بشيء من نصيبها لتصرفه على زوجها ، أو نفقة بيتها أو على أولادها ؛ فيجتمع لها ما ورثته من أبيها ، مع مهرها من زوجها ، مع أنها لا تطالب بالنفقة على نفسها وأولادها.
أليس إعطاء الرجل ضعف ما للمرأة هو العدل بعينه إذاً ؟
هذه هي منزلة المرأة في الإسلام ؛ فأين الأنظمة العادلة في الإسلام من نظم كثير من بقاع الأرض؟ حيث يتبرأ الأب من ابنته حين تبلغ سن الثامنة عشرة أو أقل ؛ لتخرج هائمة على وجهها تبحث عن مأوى يسترها ، ولقمة تسد جوعتها ، وربما كان ذلك على حساب الشرف ، ونبيل الأخلاق.
وأين إكرام الإسلام للمرأة ، وجعلها إنساناً مكرماً من الأنظمة التي تعدها مصدر الخطيئة ، وتسلبها حقها في الملكية و المسؤولية ، وتجعلها تعيش في إذلال واحتقار ، وتعدها مخلوقاً نجساً ؟ وأين إكرام الإسلام للمرأة ممن يجعلون المرأة سلعة يتاجرون بجسدها في الدعايات والإعلانات؟
وأين إكرام الإسلام لها من الأنظمة التي تعد الزواج صفقة مبايعةٍ تنتقل فيه الزوجة ؛ لتكون إحدى ممتلكات الزوج؟ حتى إن بعض مجامعهم انعقدت ؛ لتنظر في حقيقة المرأة ، وروحها هل هي من البشر أو لا ؟!
وهكذا نرى أن المرأة المسلمة تسعد في دنياها مع أسرتها وفي كنف والديها ، ورعاية زوجها ، وبر أبنائها سواء في حال طفولتها ، أو شبابها ، أو هرمها ، وفي حال فقرها أو غناها ، أو صحتها أو مرضها.
وإن كان هناك من تقصير في حق المرأة في بعض بلاد المسلمين أو من بعض المنتسبين إلى الإسلام - فإنما هو بسبب القصور والجهل ، والبعد عن تطبيق شرائع الدين ، والوزر في ذلك على من أخطأ - والدين براء من تبعة تلك النقائص.
وعلاج ذلك الخطأ إنما يكون بالرجوع إلى هداية الإسلام وتعاليمه ؛ لعلاج الخطأ.
هذه هي منزلة المرأة في الإسلام على سبيل الإجمال : عفة ، وصيانة ، ومودة ورحمة ، ورعاية ، وتذمم إلى غير ذلك من المعاني الجميلة السامية.
أما الحضارة المعاصرة فلا تكاد تعرف شيئاً من تلك المعاني ، وإنما تنظر للمرأة نظرة مادية بحتة ، فترى أن حجابها وعفتها تخلف ورجعية ، وأنها لا بد أن تكون دمية يعبث بها كل ساقط ؛ فذلك سر السعادة عندهم.
وما علموا أن تبرج المرأة وتهتكها هو سبب شقائها وعذابها.
وإلا فما علاقة التطور والتعليم بالتبرج وإظهار المفاتن ، وإبداء الزينة ، وكشف الصدور ، والأفخاذ وهو أشد ؟!
وهل من وسائل التعليم والثقافة ارتداء الملابس الضيقة والشفافة والقصيرة ؟!
ثم أي كرامة حين توضع صور الحسناوات في الإعلانات والدعايات ؟
ولماذا لا تروج عندهم إلا الحسناء الجميلة ، فإذا استنفذت السنوات جمالها وزينتها أهملت ورميت كأي آلة انتهت صلاحيتها ؟
وما نصيب قليلة الجمال من هذه الحضارة ؟ وما نصيب الأم المسنة ، والجدة ، والعجوز ؟
إن نصيبها في أحسن الأحوال يكون في الملاجىء ، ودور العجزة والمسنين ؛ حيث لا تزار ولا يسأل عنها.
وقد يكون لها نصيب من راتب تقاعد ، أو نحوه ، فتأكل منه حتى تموت ؛ فلا رحم هناك ، ولا صلة ، ولا ولي حميم.
أما المرأة في الإسلام فكلما تقدم السن بها زاد احترامها ، وعظم حقها ، وتنافس أولادها وأقاربها على برها - كما سبق - لأنها أدت ما عليها ، وبقي الذي لها عند أبنائها ، وأحفادها، وأهلها ، ومجتمعها.
أما الزعم بأن العفاف والستر تخلف ورجعية - فزعم باطل ، بل إن التبرج والسفور هو الشقاء والعذاب ، والتخلف بعينه ، وإذا أردت الدليل على أن التبرج هو التخلف فانظر إلى انحطاط خصائص الجنس البشري في الهمج العراة الذين يعيشون في المتاهات والأدغال على حال تقرب من البهيمية ؛ فإنهم لا يأخذون طريقهم في مدارج الحضارة إلا بعد أن يكتسوا.
ويستطيع المراقب لحالهم في تطورهم أن يلاحظ أنهم كلما تقدموا في الحضارة زاد نسبة المساحة الكاسية من أجسادهم ، كما يلاحظ أن الحضارة الغربية في انتكاسها تعود في هذا الطريق القهقرى درجة درجة حتى تنتهي إلى العري الكامل في مدن العراة التي أخذت في الانتشار بعد الحرب العالمية الأولى ، ثم استفحل داؤها في السنوات الأخيرة.
وهكذا تبين لنا عظم منزلة المرأة في الإسلام ، ومدى ضياعها وتشردها إذا هي ابتعدت عن الإسلام.

أن التعدد ليس واجبا : فكثير من الأزواج المسلمين لا يعددون ؛ فطالما أن المرأة تكفيه - وأنه غير قادر على العدل فلا حاجة له في التعدد.
أن طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل : وذلك من حيث استعدادها للمعاشرة ؛ فهي غير مستعدة للمعاشرة في كل وقت ، ففي الدورة الشهرية مانع قد يصل إلى عشرة أيام ، أو أسبوعين كل شهر .
وفي النفاس مانع - أيضاً - والغالب فيه أنه أربعون يوماً. والمعاشرة في هاتين الفترتين محظورة شرعاً ؛ لما فيهما من الأضرار التي لا تخفى.
وفي حال الحمل قد يضعف استعداد المرأة في معاشرة الزوج ، وهكذا.
أما الرجل فاستعداده واحد طيلة الشهر ، والعام ؛ فبعض الرجال إذا منع من التعدد قد يؤول به الأمر إلى الزنا.
قد تكون الزوجة عقيما لا تلد : فيحرم الزوج من نعمة الولد ، فبدلاً من تطليقها يبقي عليها ، ويتزوج بأخرى ولود.
وقد يقال : وإذا كان الزوج عقيماً والزوجة ولوداً ؛ فهل للمرأة الحق في الفراق؟
والجواب : نعم فلها ذلك إن أرادت.
قد تمرض الزوجة مرضا مزمناً : كالشلل وغيره ، فلا تستطيع القيام على خدمة الزوج ؛ فبدلا من تطليقها يبقي عليها ، ويتزوج بأخرى.
قد يكون سلوك الزوجة سيئاً : فقد تكون شرسة ، سيئة الخلق لا ترعى حق زوجها ؛ فبدلا من تطليقها يبقي الزوج عليها ، ويتزوج بأخرى ؛ وفاء للزوجة ، وحفظاً لحق أهلها ، وحرصاً على مصلحة الأولاد من الضياع إن كان له أولاد منها.
أن قدرة الرجل على الإنجاب أوسع بكثير من قدرة المرأة : فالرجل يستطيع الإنجاب إلى ما بعد الستين ، بل ربما تعدى المائة وهو في نشاطه وقدرته على الإنجاب.
أما المرأة فالغالب أنها تقف عن الإنجاب في حدود الأربعين ، أو تزيد عليها قليلا.
فمنع التعدد حرمان للأمة من النسل.
أن في الزواج من ثانية راحة للأولى : فالزوجة الأولى ترتاح قليلا من أعباء الزوج ؛ إذ يوجد من يعينها ويأخذ عنها نصيباً من أعباء الزوج.
ولهذا فإن بعض العاقلات إذا كبرت في السن وعجزت عن القيام بحق الزوج أشارت عليه بالتعدد.
التماس الأجر : فقد يتزوج الإنسان بامرأة مسكينة لا عائل لها ، ولا راعٍ ، فيتزوجها بِنِيَّة إعفافها ، ورعايتها ، فينال الأجر من الله بذلك([13]).



ثالثا :
شبهه لماذا ميراث المرأة نصف ميراث الرجل ؟
اعترضَ الفادي المفترِي على قولِ الله - عز وجل - (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)
تجعلُ الآية ُ ميراثَ الرجلِ ضعْف ميراثِ الأُنثى، فالرجلُ يأخذُ مثلَ
نصيبِ المرأَتَيْن.
وهذا أَثارَ اعتراضَ الفادي، فقال: " ونحنُ نسأل: لماذا لا يَتساوى الولدُ والبنتُ في الميراث؟
أَليسَ لكل منهما جَسَدٌ يَحتاجُ للِكساء، ومعدةٌ تحتاجُ للقوت؟
أَليستْ مطالبُ المعيشةِ على كلَيْهما واحدة؟
بل قد تكونُ أقسى على البنتِ وهي قاصرٌ أو عانس أَو أَرملة! ".
يَقترحُ الفادي أَنْ يَتَساوى الرجلُ والمرأةُ في الميراث، بحجةِ تَساويهما في الحاجاتِ من طَعامٍ وشَرابٍ وكِساء، بل إِنَّ المرأةَ أَكثرُ حاجةً في ذلك من الرجل.
ويَعتبرُ أَخْذَ الرجل ضعْفَ نصيبِها من الميراث ظُلْماً لها، وتفضيلاً للرجلِ عليها.
إِنَّ إِعطاءَ الرجلِ ضعْفَ نصيبِ المرأةِ ليس مرتَبطاً بالتفضيل، أَيْ ليس
الرجلُ أَفضَلَ من المرأةِ تَفْضيلاً جنسيّاً، فلا يُفَضلُ لِأَنَّه رَجُل..
ويَقومُ التفضيلُ عندَ اللهِ على أَساسِ العملِ، بدونِ اعتبارٍ للجنسِ أو اللونِ أَو اللغةِ أَو العمر أَو التملكِ أَو النَّسَبِ، فالأَكرمُ عندَ اللهِ هو الأَتْقَى، سواء كانَ رَجُلاً أو امرأة، غنياً أَو فقيراً، شَريفاً أَو وضيعاً، أَبيضَ أَو أسود.
لقوله تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) .
وهذا معناهُ أَنَّ المرأةَ الصالحة التقية أَفضلُ عند اللهِ من آلافِ الرجالِ غيرِ الصالحين.
وتوزيعُ الميراثِ لا يُنْظَرُ فيه إِلى حاجاتِ الجسمِ من طَعامٍ وشَرابِ
وكساء، لأَنَّ الرجلَ والمرأةَ يَتَساويان في ذلك.
لقد أُعْطِيَ الرجلُ ضعفَ نَصيبِ المرأة بسببِ المسؤولياتِ الموكولةِ إِليه،
فالرجلُ هو المسؤولُ مَهْما كانَ وضْعُه العائليّ، سواء كان أَباً أَو زوجاً أَو أَخاً
أَو ابناً، هو المعيلُ لمن عنْدَه من النساء، الزوجاتِ والأُمهاتِ والأَخَواتِ
والعَمّاتِ، وهو المتكفلُ بحاجاتِهنّ، والمُنْفِقُ عليهن..
أما المرأةُ فإنه لا يجبُ عليها إِنفاقُ أَيِّ شيء من مالها، مهما كان وَضْعُها العائلي، ومهما كانَ مالُها، إِلّا إِذا أرادَتْ أَنْ تُنفقَ من مالِها كَرَماً منها!! أَيْ أَنَّ الرجلَ هو الذي يَدفعُ دائَماً، والمرأةُ هي التي تأخذُ وتَكْسِبُ دائماً ...
ألا يتطلَّبُ ذلك إِعطاءَ الرجلِ ضِعْفَ نَصيبِ المرأةِ من الميراث؟([14])
رابعا :
أقوال العلماء فى حكم من منع ميراث المرأه أو أنتقص حقها .
لقد سؤل سماحه الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
لقد جرت العادة في قريتنا بأن البنات لا يرثن, وإنما يعطون من بعض المال مقابل أن تتنازل هذه البنات لإخوتها عن حصتها في الميراث, ويقولون بأنه بيع وشراء, وأنا أحرص على إرضاء والدي, وقد عرض علينا والدي -نحن البنات- مبلغاً من المال مقابل التنازل لإخواني عن نصيبنا, تقول: علماً بأن المال من والدي وليس من إخوتي, وقد قلت لوالدي بأن هذا لا يجوز, وبأن ذلك يعرضه للعذاب, ولكن إخوتي يقولون لأبي بأنهم لن يعملوا بالأرض ولا بالشجر إلا إذا سجل بأسمائهم, وأبي مصرّ على الموافقة .
فأجاب قائلا
لا يجوز للأب أن يخص البنين بالورث, ولا أن يلزم البنات بأن يأخذن العوض هذا منكر هذا من عمل الجاهلية، ولا يجوز بل يجب أن يساعد على الأمر الشرعي, وأن تكون التركة للجميع للبنين والبنات, للذكر مثل حظ الأنثيين كما قال الله-سبحانه-: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ(النساء: من الآية11)، وهكذا الأخوة الأشقاء والأخوة لأب يرثون للذكر مثل حظ الأنثيين، كما قال- جل وعلا-: وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (النساء: من الآية176)، يعني الأخوة الأشقاء والأخوة لأب هذا واجب, ولا يجوز للأب والأخ أن يحيد عن هذا الأمر، هذا حرام منكر ومن سنة الجاهلية، كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء والصبيان ويورثون الذكور الكبار، وهذا غلط كبير لا يسن للمسلم أن يتشبه بالكفار بل التركة للصغار والكبار, والذكور والإناث على قسمة الله, وليس للأب أن يلزم البنات أو يعطيهم شيء من غير رضاهم ليسمحوا لا, بل يجب أن يمكنوا من إرثهم([15]) .
وسؤال اخر ما حكم منع المرأة من الميراث؟
الجواب: لقد كفل الإسلام حق المرأة في الميراث مثل الرجل، قال تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء:7]. وقد جاء في سبب نزول الآية: قال سعيد بن جبير وقتادة كان المشركون يجعلون المال للرجال الكبار ولا يورِّثون النساء ولا الأطفال شيئا فنزلت الآية.
قال ابن كثير في تفسيرها: "أي الجميع فيه سواء في حكم الله تعالى، يستوون في أصل الوراثة وإن تفاوتوا بحسب ما فرض الله له لكل منهم بما يدلي به إلى الميت من قرابة أو زوجية أو ولاء فإنه لحمة كلحمة النسب".
وقال الشوكاني: "وأفرد سبحانه ذِكْر النساء بعد ذكر الرجال، ولم يقل للرجال والنساء نصيب، للإيذان بأصالتهن في هذا الحكم ودفع ما كانت عليه الجاهلية من عدم توريث النساء".. وقد جاء تحديد نصيب المرأة في الميراث باعتبارها أماً قوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء:11]وباعتبارها بنتاً قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء:11] وباعتبارها أختاً قوله تعالى: {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ} [النساء: 11]. وقوله تعالى: {قلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء:176]... وباعتبارها زوجة قوله تعالى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء:12].
وعليه فيجب إعطاء المرأة حقها من الميراث ولا يجوز منعها منه بدون وجه حق.. ومنْعها من ميراثها من الظلم الواضح البيِّن..
كما يجب ترك الوصايا المشبوهة وترْك التحايل لحرمان المرأة من الميراث بحجة منْع دخول غريب من الأصهار وأبنائهم، وبحجة أن الرجال هم الذين يحمون الذِّمار ويحملون اسم العائلة وغير ذلك من المزاعم الجاهلية الواهية.
ومن كان قد وقع في شيء من المخالفة لشريعة الله في ذلك.. فعليه التوبة إلى الله تعالى والمبادرة بإرجاع الحقوق إلى مستحقيها.
وقد وعد الله الملتزمين بأحكام شرْعه وما حدّه في الميراث بحُسْن العاقبة والفوز العظيم، كما توعّد سبحانه العصاة ومنهم المبدلون للميراث منعاً أو زيادةً أو نقصاناً بالعقوبة العظيمة والعذاب المهين، قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [النساء: 14]([16]).
هذا العمل من الاعمال التى سعدت بها غير أنه أخذ منى جهدا فى الوقت ولا ضير فى ذالك إذا ابتغى فى الاعمال وجه الله آملا فى الله ذالك.
وأخيرا أسأل الله أن يجعل هذا العمل وغيره خالصا لوجهه العظيم وأن ينفع به وأن يتقبله وأن يجعله فى ميزان حسناتى يوم القاه .

أعده وأعتنى به وخرج أحاديثه
/ أبو حمزه عيد سالم محمد قناوى










([1]) موقع الإسلام للجميع .

([2])فتح الباري 10/301 ط السلفية.


([3])قال الخطابي في معالم السنن: "أي نظائرهم وأمثالهم في الخلق والطباع ، فكأنهن شققن من الرجال"؛ ا. هـ 1/79، والحديث رواه أحمد في مسنده رقم 26195، وأبو داود في سننه رقم 236، والترمذي في جامعه رقم 113، عن عائشة - رضي الله عنها - وصحَّحه الشيخ أحمد شاكر في تحقيق الترمذي والألباني في صحيح الجامع.

([4])المرأة العربية (2/14) بتصرف.

([5])رواه الحميدي في مسنده رقم (301)، والترمذي في سننه (3023)، وأبو يعلَى في مسنده (6958)، وصحَّحه الألباني في صحيح سنن الترمذي.


([6])الأسرة في ضوء الكتاب والسنة للدكتور السيِّد أحمد فرَج (ص: 29)، ط: مكتبة دار الوفاء.


([7])رواه أحمد في مسنده (26575)، والنسائي في الكبرى (10/219 11341)، والحاكم مختصرًا، وصحَّحه على شرط الشيخين، وأقرَّه الذهبي (2/416).

([8]) عودة الحجاب (2/82).


([9])رواه أحمد في مسنده (17797)، والطيالسي في مسنده (583)، وصحَّحه الألباني في أحكام الجنائز (1/38).


([10]) رواه البخاري (8/386) في تفسير سورة الشعراء: باب ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ﴾، ومسلم في الإيمان باب قوله تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾.


([11]) قال محقق السير الشيخ شعيب الأرناؤوط: أخرجه الترمذي (3892) في المناقب، والحاكم (4/29)، وإسناده ضعيف لضعْف هاشم بن سعيد الكوفي، وباقي رجاله ثقات، لكن يشهد له حديثُ أنس عند أحمد (3/135، 136)، والترمذي (3894) من طريق عبدالرزَّاق، عن معْمَر، عن ثابت، عن أنس قال: بلَغ صفيةَ أنَّ حفصة قالتْ: بنت يهودِي، فبَكَتْ، فدخل عليها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهي تبكي، فقال: ((ما يُبكيك؟))، فقالت: قالت لي حفصةُ: إني بنت يهودي، فقال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنك لابنةُ نبي، وإن عمَّك لنبي، وإنَّكِ لتحتَ نبي، ففيمَ تفخر عليك؟!))، ثم قال: اتَّقِي الله يا حفصة؛ وإسناده صحيح.


([12]) موقع الالوكه الإجتماعيه .

([13]) موقع الإسلام سؤال وجواب

([14])القرآن ونقض مطاعن الرهبان لد صلاح عبد الفتاح الخالدي.


([15])الموقع الرسمى لسماحه الشيخ بن باز رحمه الله

([16])المنتدى الفقهي بجامعة الإيمان المجيب: أعضاء اللجنة الدائمة: الشيخ/ عبد الوهاب الديلمي(غائب بعذر)، الشيخ/ محمد الصادق مغلس، الشيخ/ أمين علي مقبل، الشيخ/ أحمد حسان(غائب بعذر)، الشيخ مراد القدسي.







#تنويه#

تم نقل الموضوع لملتقى المواريث، وتم حذف النسخة المكررة منه في الملتقى المفتوح

بارك الله فيكم ونفع بمشاركاتكم الطيبة

مع تحيات
إدارة الملتقى
21-3-2013

 
أعلى