العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الاستدلال بالقياس مع وجود النص!

د. نعمان مبارك جغيم

:: أستاذ أصول الفقه المشارك ::
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
197
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
-
المذهب الفقهي
من بلد يتبع عادة المذهب المالكي
الاستدلال بالقياس مع وجود النص ... والحشو في الاستدلال


انتشر في بعض الكتابات المعاصرة نمط من الاستدلال في مسائل الفقه على النحو الآتي: أولا: الأدلة من القرآن الكريم. ثانيا: الأدلة من السنة النبوية. ثالثا: الأدلة من الإجماع. رابعا: الأدلة من القياس. خامسا: الأدلة من المعقول. وفي ضمن ذلك قد يحشر البعض كل ما يمكن حشره في المقام من أدلة قريبة أو بعيدة، ومن أقيسة سليمة أو سقيمة، ومن إجماعات ثابتة أو مُدَّعاة.

والمعلوم في أصول الفقه أن القياس إنما يكون اللجوء إليه في حال عدم وجود نص على الحكم من الكتاب أو السنة، أما إذا وجد الدليل من الكتاب والسنة أو من أحدهما فلا أدري ما وجه القول بالقياس؟
وكذلك الاستدلال بالمعقول على ثبوت الحكم قد يكون مقبولا إذا لم يوجد نص على الحكم، أما إذا كان الحكم ثابتا بالنصوص الشرعية فما وجه الاستدلال بالمعقول؟ ولا بأس -طبعا- من الحديث عن الحِكْمة من شرع ذلك الحكم، وهو المعقول، أما أن يجعل المعقول دليلا لثبوت الحكم مع وجود النص، فأمر غريب.
وبمناسبة الحديث عن القياس ينبغي التنبُّه إلى الفرق بين القياس بمعنى طرد النصوص والقواعد العامة في ما تنطبق عليه، وهو في حقيقته استدلال بالنص، هو تعبير شائع في كلام علماء القرون الأولى، وهو الذي يصطلح عليه بقياس الأصول، وبين القياس الأصولي الذي هو إلحاق مسكوت عنه بمنصوص عليه في الحكم لاشتراكهما في العلة، وهو المراد عادة في استدلال المتأخرين بالقياس.

ومن مظاهر الحشو في الاستدلال إكثار البعض من تجميع الأحاديث التي لها صلةٌ مَا بالمسألة إلى درجة إيراد ما لا يصلح للاحتاج. والأصل أنه إذا كانت المسألة ثابتة وأدلتها صريحة لا يُختلف فيها، فإنه تكفي إشارة موجزة إلى تلك الأدلة مع الاقتصار على الثابت منها. وإنما يكون اللجوء إلى إطالة النفس في البحث عن شواهد المسألة عندما لا يوجد فيها أحاديث متفق على صلاحها للاستدلال؛ فعندئذ يلجأ الباحث إلى استقصاء الأدلة التي يمكن أن يشهد بعضها لبعض، ويقوِّي بعضها بعضا، حتى تصير بمجموعها صالحة للاستدلال.

والأهم في الاستدلال أن تتوجه همة الباحث إلى تحرير الأدلة الواردة في المسألة، إذا كانت المسألة محل خلاف، وعليه أن لا يثبت فيما يستدل به إلا ما كان مقتنعا بصلاحيته للاستدلال، ولا يحشو تأليفه بما لا يصلح للاستدلال لمجرد التشغيب على المخالف.
 
إنضم
2 سبتمبر 2012
المشاركات
423
الكنية
جلال الدين
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
انواكشوط -- أطار
المذهب الفقهي
مالكي
رد: الاستدلال بالقياس مع وجود النص!

كما قلتم أستاذنا الفاضل وكما ينسب إلى الإمام الشافعي : القياس موضع ضرورة وكذا الإمام أحمد: ما تصنع بالقياس وفي الحديث ما يغنيك عنه
إلا أنه يعترض الطرف الآخر بأن النصوص يدخلها التخصيص والتقييد والنسخ وغير ذلك من الاحتمالات التي لها وجه
وأن هناك من يقدم القياس على خبر الواحد
وهناك من يرجح الخبر الموافق للقياس على غيره فتوارد الأدلة على حكم واحد لا غضاضة فيه إذ كان فيه تقوية له
وعليه فتكون مراعاة تلك الأمور من المسائل الحسنة أو المستحسنة
وجزاكم الله خيرا
 
إنضم
5 مايو 2012
المشاركات
56
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
الحديث الشريف وعلومه
المدينة
الهاشمية
المذهب الفقهي
الإسلام
رد: الاستدلال بالقياس مع وجود النص!

جزاك الله خيراً..

والحقيقة أنني لا زلت أدعو بصدق إلى إعادة النظر في (القياس) وجعله مصدراً للتشريع!

والسبب في دعوتي هذه هو أن القياس يكون في شيء سكت الله تعالى عنه ومادام الله تعالى قد سكت عن شيء فمن الذي أعطانا الحق أن نتكلم فيه؟!

لنسكت عما سكت الله تعالى عنه.. ولنحكم بما حكم الله تعالى به..
 
إنضم
31 مارس 2012
المشاركات
5
الكنية
أبو ياسر
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
مالكي
رد: الاستدلال بالقياس مع وجود النص!

في مسألة استعمال القياس مع وجود النص (أي الدليل الشرعي النقلي) يحسن التفريق بين القياس المنشئ حكما شرعيا لم يكن ثابتا من قبل وبين قياس مؤكد حكما ثبت بأدلة سابقة ففي الحالة الأولى أي كون القياس منشئا الحكم لا بد من تحقق جميع شروط القياس وهي شروط في الأصل المقيس عليه وشروط في الفرع وشروط في العلة فإذا تخلف شرط من الشروط المعتبرة لم يعتد بالقياس ومن تلكم الشروط ألا يكون حكم الفرع مدلولا عليه بنص وألا يكون الأصل شاملا الفرع وحيثما يندرج الحكمان....في النص فالأمران قل سيان فلا يمكن إنشاء حكم شرعي بقياس لم تكتمل شروطه لأن أصله ظني فإذا انضاف إلى ظنيته اختلال شرط أو أكثر ازداد وهنا وعندئذ لا يطمأن على نتيجته والحال هذه، وأما إذا كان القياس مؤكدا حكما سابقا ثبت بأدلة مختلفة ففي المسألة سعة لأن وجود الدليل لا يقتضي مطابقته المدلول ولا اختصاصه بقضية الحال كشمول العام فرد من أفراد النزاع وكاحتمال الدليل النقلي لعدة وجوه من أوجه الاستدلال على أحكام شتى فيعمد للقياس هنا لتقوية أحد تلك الوجوه المحتملة وإذا أردنا التدقيق نقول لا قياس من النص (الدال على معى لا يحتمل غيره) ولكن لا مانع من القياس مع الدليل لأن الدليل تعتريه جملة من العوارض تجعلى دلالته احتمالية تنزل به عن درجة القطع واليقين إلى الظن وهو أيضا درجات إذ ليست الظنون سواء ولا هي على وزان واحد بل تزداد قوة وضعفا تبعا للقرائن والمعارض .....ولعل من المسائل التي شاع استعمال القياس فيها مع وجود النص تأكيدا لا تأسيسا استدلال الجمهور الموجب النية في الوضوء على وجوبها في التيمم وهو قياس غير مكتمل الشروط باعتبار الأصل المقيس عليه متأخر عن الفرع وهو من أسباب فساد القياس (قياي متقدم على متأخر) ولكن تسوهل في الشرط ههنا بناء على ثبوت النية بدليل عام وهو حديث (إنما الأعمال بالنيات) والوضوء عمل فدخل بحكم العموم واستعمل القياس إما لتأكيد الحكم الثابت وتقويته وإما لإلزام المخالف وهم الحنفية القائلون بالنية في التيمم دون الوضوء.....والله أعلى وأعلم أ د /عبد القادر داودي الجزائري
 
إنضم
2 مارس 2013
المشاركات
9
الكنية
أبو أحمد
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
أدرار
المذهب الفقهي
المذهب المالكي
رد: الاستدلال بالقياس مع وجود النص!

شكر الله سعيكم؛ في الحقيقة إن القياس من المواضيع الأصولية المثيرة للجدل منذ الفدم ولازالت؛ ومن منطلق مشاركتكم المباركة أود أن أشير إلى رأي الإمام القاضي أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الاندلسي الشهير (بابن رشد الحفيد) المتوفى سنة 595 ه؛ الذي بثه في مقدمة كتابه الشهير:"بداية المجتهد ونهاية المقتصد" حيث يبين فيه القياس الشرعي واضربه: قياس الشبه وقياس العلة؛ و يعد الكثير من الأقييسة من قبل النص الخاص الذي يراد به العموم بعدما صنف الألفاظ التي تتلقى منها الأحكام من السمع؛ حيث يقول ((وأصناف الألفاظ التي تتلقى منها الأحكام من السمع أربعة: ثلاثة متفق عليها، ورابع مختلف فيه. أما الثلاثة المتفق عليها فلفظ عام يحمل على عمومه، أو خاص يحمل على خصوصه، أو لفظ عام يراد به الخصوص، أو لفظ خاص يراد به العموم، وفي هذا يدخل التنبيه بالأعلى على الأدنى، وبالأدنى على الأعلى، وبالمساوي على المساوى)) وبعدما مثَّل لكل تلك الأصناف ما عدا الخاص الذي يحمل على خصوصه؛ مثَّل للصنف محل النزاع الي يعده الكثير من قبل القياس فيقول:((ومثال الخاص يراد به العام قوله تعالى {فلا تقل لهما أف} وهو من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، فإنه يفهم من هذا تحريم الضرب والشتم وما فوق ذلك)) ليخلص في الأخير إلى مفهوم القياس الشرعي وتحديد أنواعه ومحله؛ حيث لا يرد عنده إلا على الخاص الذي أريد به الخاص، ثم يحدد بعد ذلك نوع القياس الذي ينبغي لمنكربه أن ينازعوا فيه بعد أن ساق امثلة غلى ذلك؛ فيقول:((وأما القياس الشرعي فهو إلحاق الحكم الواجب لشيء ما بالشرع بالشيء، المسكوت عنه لشبهه بالشيء الذي أوجب الشرع له ذلك الحكم أو لعلة جامعة بينهما، ولذلك كان القياس الشرعي صنفين قياس شبه، وقياس علة؛ والفرق بين القياس الشرعي واللفظ الخاص يراد به العام: أن القياس يكون على الخاص الذي أريد به الخاص، فيلحق به غيره، أعني أن المسكوت عنه يلحق بالمنطوق به من جهة الشبه الذي بينهما لا من جهة دلالة اللفظ لأن إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق به من جهة تنبيه اللفظ ليس بقياس، وإنما هو من باب دلالة اللفظ، وهذان الصنفان يتقاربان جدا لأنهما إلحاق مسكوت عنه بمنطوق به، وهما يلتبسان على الفقهاء كثيرا جدا، فمثال القياس إلحاق شارب الخمر بالقاذف في الحد والصداق بالنصاب في القطع، وأما إلحاق الربويات بالمقتات أو بالمكيل أو بالمطعوم فمن باب الخاص أريد به العام، فتأمل هذا فإن فيه غموضا. والجنس الأول هو الذي ينبغي للظاهرية أن تنازع فيه، وأما الثاني فليس ينبغي لها أن تنازع فيه لأنه من باب السمع، والذي يرد ذلك يرد نوعا من خطاب العرب)) أ/ بوفلجة عبدالقادر حرمة الجزائري
 
أعلى