رد: الإجتهاد في مسائل العقيدة
تنبيه مهم جداً:
المقصود بالأخطاء المعفو عنها ولا يُبدَّع من وقع فيها هي الأخطاء الفردية لا المنهجية ...
فالأخطاء الفردية سبقت أمثلتها بما يغني عن إعادته هنا
أما الأخطاء المنهجية :-
فمثل الاعتماد على علم الكلام في فهم العقيدة وتقريرها ، ومثل رد خبر الآحاد في العقيدة ، ومثل تقديم العقل على النقل بعد اعتقاد أنها يتعارضان في العقيدة ، ومثل اعتقاد أن النقل وحده لايشفي العليل ولا يروي الغليل في الاسماء والصفات ، ومثل اختلاق أصول عقدية أدت إلى تعطيل معظم صفات الباري سبحانه وتعالى من مثل تنزيه ذاته العلية عن أن تكون محلا للحوادث ... وغير ذلك مما هو معلوم من أصول الفرق الكلامية كالأشاعرة والماتريدية ....
لأن مثل هذه الأصول معلوم بالضرورة أنها مبتدعة ولم تكن من سبيل المؤمنين من الصحابة ومن بعدهم في فهم ماجاء في الكتاب والسنة ... فمن التزمها أو بعضها فهو مبتدع ضالّ بلا شك ولا نخوض في التكفير هنا لأن له من الخطورة والآثار ما يحتاج لبحث مستقل لتفصيل ضوابطه وتوضيح ملابساته وخاصة في مثل ما عمت به البلوى من انتشار المذهب الأشعري والماتريدي في العالم الاسلامي انتشارا بالغا جدا حتى صار هو الأصل في غير الحنابلة ...
أما خطأ فردي من عالمٍ أصوله في فهم العقيدة وتقريرها هي هي حذو القذة بالقذة أصول الصحابة والتابعين من الاعتماد على اللغة العربية في الفهم عن الله ورسوله ... فمثل قتادة وابن خزيمة ونحوهم لم تكن عندهم أصول مبتَدعة مثل التي عند الأشاعرة والماتريدية ... ولكنهم اجتهدوا فأداهم اجتهادهم إلى الظن الخطأ بوجود لوازم باطلة تلزمهم من اثبات مسألة بعينها ... وما لزم منه الباطل فهو باطل فنفوها رحمهم الله اتقاءً لما توهموه من اللوازم الباطلة ...
فالنتيجة النهائية هنا خطأ محض
ولكنّ طريقهم وسبيلهم في التوصل إلى هذه النتيجة كان صحيحا في مجمله ... ومن قرأ مناقشات ابن تيمية للفرق الضالة علم أن من منهجه إثبات وجود اللوازم الباطلة في اعتقادات هذه الفرقة الضالة أو تلك حتى يُثبت بطلان ما ترتبت عليه هذه اللوازم الباطلة ....
فلذلك لم يبدّع العلماء قتادة ولا ابن خزيمة ولا غيرهم كثير كثير ممن وقعت منهم أخطاء فردية لا تُمثّل منهجا متبعا ...
تنبيه مهم آخر:-
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مساعد أحمد الصبحي
وقال الذهبي في السير (434/9) في ترجمة عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد المكي المتوفى سنة 206 : " كَانَ مِنَ المُرْجِئَةِ، وَمَعَ هَذَا فَوَثَّقَهُ: أَحْمَدُ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ فِيْهِ غُلُوٌّ فِي الإِرْجَاءِ "
يجب التنبه هنا إلى أن إرجاء الأولين من مثل مرجئة الفقهاء الذين اشتهر أمرهم غير إرجاء المتأخرين الذي مبناه على أصل أصيل عندهم وهو أن الايمان شيء واحد إما أن يذهب كله أو يبقى كله فلا يزيد ولا ينقص وهذا الأصل لم يكن معروفا لدى المرجئة المتقدمين وما كانوا يجترؤن أبدا على المخالفة الصريحة لمثل قوله تعالى : {...
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا...} الآية الثانية من سورة الأنفال وغيرها من الآيات المتعددة في هذا المعنى
ولذلك قال الذهبي في السير (436/9) :
" وَقَالَ هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَمَّالُ: مَا رَأَيْتُ أَخْشَعَ للهِ مِنْ وَكِيْعٍ، وَكَانَ عَبْدُ المَجِيْدِ أَخشَعَ مِنْهُ.
قُلْتُ: خُشُوْعُ وَكِيْعٍ مَعَ إِمَامَتِهِ فِي السُّنَّةِ، جَعَلَهُ مُقَدَّماً، بِخِلاَفِ خُشُوْعِ هَذَا المُرْجِئِ - عَفَا اللهُ عَنْهُ - أَعَاذنَا اللهُ وَإِيَّاكُم مِنْ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ، وَقَدْ كَانَ عَلَى الإِرْجَاءِ عَدَدٌ كَثِيْرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الأُمَّةِ، فَهَلاَّ عُدَّ مَذْهَباً، وَهُوَ قَوْلُهُم: أَنَا مُؤْمِنٌ حَقّاً عِنْد اللهِ السَّاعَةَ، مَعَ اعْتِرَافِهِم بِأَنَّهُم لاَ يَدْرُوْنَ بِمَا يَمُوْتُ عَلَيْهِ المُسْلِمُ مِنْ كُفْرٍ أَوْ إِيْمَانٍ،
وَهَذِهِ قَوْلَةٌ خَفِيْفَةٌ، وَإِنَّمَا الصَّعْبُ مِنْ قَوْلِ غُلاَةِ المُرْجِئَةِ: إِنَّ الإِيْمَانَ هُوَ الاعتِقَادُ بِالأَفْئِدَةِ، وَإِنَّ تَارِكَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، وَشَارِبَ الخَمْرِ، وَقَاتِلَ الأَنْفُسِ، وَالزَّانِيَ، وَجَمِيْعَ هَؤُلاَءِ، يَكُوْنُوْن مُؤْمِنِيْنَ كَامِلِي الإِيْمَانِ، وَلاَ يَدْخُلُوْنَ النَّارَ، وَلاَ يُعَذَّبُوْنَ أَبَداً. فَرَدُّوا أَحَادِيْثَ الشَّفَاعَةِ المُتَوَاتِرَةَ، وَجَسَّرُوا كُلَّ فَاسِقٍ وَقَاطِعِ طَرِيْقٍ عَلَى المُوبِقَاتِ - نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الخِذْلاَنِ -."
وأضع هنا رابط الرسالة العلمية التي استفدت منها هذه النقولات عن الحافظ الذهبي لمن أراد الاستزادة ففيها من الخير والفائدة الشي الغزير الغزير .. فجزى الله الباحث
: محمد الثاني بن عمر موسى عنا خير الجزاء وأوفره ... آمين
وهذا الرابط :
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=3362