عبد الرحيم خويتم السلمي
:: متابع ::
- إنضم
- 26 أكتوبر 2011
- المشاركات
- 18
- الكنية
- أبو أنس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- خليص
- المذهب الفقهي
- حنبلي
مناظرة بين مالكي وحنبلي في نجاسة الكلب :
اختلف الفقهاء في نجاسة جسد الكلب الحي على قولين : الأول : أن الكلب نجس وإليه ذهب الشافعية والحنابلة , الثاني : أن الكلب طاهر وإليه ذهب الحنفية والمالكية .وهذه مناظرة لعرض أدلة الفقهاء في المسألة وتنمية الملكة الفقهية لدى المتفقه استفدتها من كتب أهل العلم وخاصة كتاب أحكام النجاسات للدكتور عبد الرحيم الهاشم .جعلتها على طريقة المحاورة بين فقيه مالكي وفقيه حنبلي في مجلسين*:المجلس الأول
سأل الحنبلي المالكي عن الكلب الحي أطاهر هو أم نجس ؟
قال المالكي*: بل طاهر .قال الحنبلي*: وما دليلك على ذلك ؟
قال المالكي*: قول الله تعالى : { فكلوا مما أمسكن عليكم } ففيها إباحة الأكل مما أمسكت الكلاب علينا دون أمر بغسل المكان الذي أمسكت به الصيد وهو لا يخلو من التلوث بريق الكلب وهو متولد من جسده ولو كان نجساً لأمر بغسل ذلك .
قال الحنبلي*: إن إباحة الأكل مما أمسكته الكلاب لا تنافي وجوب تطهير ما تنجس في الصيد , وعدم الأمر بتطهيره اكتفاء بعموم أدلة تطهير النجس .
قال المالكي*: ولكن الآية جاءت في بيان أحكام الصيد , ولو كان الصيد يتنجس بالكلب لبينته ؛ فترك البيان في هذا الموضع دليل على أن ذلك المكان طاهر .
قال الحنبلي*: نسلم أن الآية جاءت لبيان أحكام الصيد ومنها غسل مكانه لكنها لم تذكره لعموم البلوى ومشقة الاحتراز . ( قد أجبناك على هذا الدليل فهل من دليل آخر على طهارته ؟ إن كان عندك دليل غيره فهاته ! )
قال المالكي*: نعم , عن عبد الله بن عمر قال :*«*كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله*e*فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك*»*ففيه ترك الصحابة في زمان النبي*e*رش مسجده من بول الكلاب وإقبالها وإدبارها ونفي الرش أبلغ في تركهم من نفي الغسل , والمساجد مأمور بتطهيرها وتجنيبها النجاسات فدل ذلك على طهارة الكلاب .
قال الحنبلي*: هذه الرواية نفت الرش حتى لبول الكلاب وهو نجس بالإجماع فخالفته , فيحمل نفي الرش على أنه كان قبل الأمر بقتل الكلاب أو على أن مكان بولها كان يخفى عليهم ومن لم يعلم مكان النجاسة لم يجب عليه غسله .
قال المالكي*:**لا أسلم بصحة الإجماع على نجاسة بول الكلاب فإن ابن وهب وجمع من الفقهاء خالفوا فيه وقالوا : بطهارة جميع الأبوال ما عدا بول الآدمي , وكذا من قال بجواز أكل الكلاب وقال بطهارة بول ما يؤكل لحمه .ثم إن دعوى تركهم رش ذلك كان قبل الأمر بقتلها فلما أمر به وجب الغسل مردودة بأن الأمر بقتل الكلاب قد نسخ وعلى فرض عدم نسخه لا علاقة لقتل الحيوان بطهارته أو نجاسته .أما قولكم إن تركهم غسل ذلك لخفاء مكانه يأباه تحفظ النبي وأصحابه وتحرزهم من النجاسة لا سيما وأن اللفظ يوحي بكثرة تركهم ذلك لا ندرته والقول بطهارة الكلاب يلزم منه عدم منعها من دخول المسجد .
قال الحنبلي*: قد يكون المراد بهذا الحديث أن الكلاب كانت تبول خارج المسجد في مواطنها ثم تقيل وتدبر في المسجد ؛ لأنه لم يكن عليه غلق .
قال المالكي*: هذا مخالف للفظ الحديث فإن فيه كانت تبول وتقبل وتدبر في المسجد , ثم هذه الكلاب بهائم عجماء لا تميز بين مكان بولها وغيره ولو سلمنا أنها تبول خارج المسجد وأن بولها نجس لكن لم القول بنجاسة جسدها مع أن الصحابة لم يكونوا يرشون ما كانت تقبل وتدبر عليه مع إمكان مشيها على مكان رطب في المسجد والحديث يعم ما مسته من رطب ويابس في أرض المسجد .
قال الحنبلي*: قد يكون هذا في صدر الإسلام ثم نسخ بالغسل كما عند مسلم في الصحيح أن النبي*e*نضح بالماء مكان جرو كلب وذلك أن الأصل الإباحة ثم ورد الأمر بتكريم المساجد وتطهيرها وجعل الأبواب عليها , وراوي الحديث ابن عمر ذكر ما يبين أن هذا كان حين عزوبته فقال :*«*كنت أبيت في المسجد في عهد رسول الله وكنت فتى شاباً عزباً وكانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك*»*.
قال المالكي*: إن نضح مكان الجرو وإن كان يحتمل الغسل والرش إلا أن أخذ الماء باليد قرينة على أنه الرش , والرش بهذا القدر لا يكفي في تطهير نجاسة الكلب عندكم .
قال الحنبلي*: قد سلمنا لكم بهذا الدليل على ما فيه ؛ فهل عندكم ما يعضده ؟
قال المالكي*: نعم , حديث عبد الله بن مغفل أن رسول الله*e*:*«*أمر بقتل الكلاب ثم رخص في كلب الغنم والصيد والزرع*»*, ففيه أنه حين رخص في اتخاذ هذه الكلاب لم يأمر بغسل ما مسته فدل على طهارتها .
قال الحنبلي*: نسلم الترخيص بذلك ؛ لكن لا منافاة بينه وبين الحكم بنجاستها بل الترخيص يدل على التخصيص فيما رخص فيه كتخصيص العموم فبقي الحكم بنجاستها داخلا في العموم , والترخيص في الاستعمال خارج من ذلك العموم .
قال المالكي*: نسلم أن الترخيص يشبه تخصيص العموم لكن لم يأت عموم بنجاسة الكلاب وإنما العموم في غسل الإناء الذي ولغت فيه والكلاب من الطوافين على الناس فيما أبيحت لهم فيه فهي كالهرة في الطواف وفي كون كل منهما سبع يفترس ويأكل الميتة فإذا جاء نص في أحدهما كان حكم نظيره كحكمه والنص جاء بطهارة الهر لطوافها فكذا الكلب .*
وانقضى المجلس الأول على أن تستأنف المناظرة من الغد ..
اختلف الفقهاء في نجاسة جسد الكلب الحي على قولين : الأول : أن الكلب نجس وإليه ذهب الشافعية والحنابلة , الثاني : أن الكلب طاهر وإليه ذهب الحنفية والمالكية .وهذه مناظرة لعرض أدلة الفقهاء في المسألة وتنمية الملكة الفقهية لدى المتفقه استفدتها من كتب أهل العلم وخاصة كتاب أحكام النجاسات للدكتور عبد الرحيم الهاشم .جعلتها على طريقة المحاورة بين فقيه مالكي وفقيه حنبلي في مجلسين*:المجلس الأول
سأل الحنبلي المالكي عن الكلب الحي أطاهر هو أم نجس ؟
قال المالكي*: بل طاهر .قال الحنبلي*: وما دليلك على ذلك ؟
قال المالكي*: قول الله تعالى : { فكلوا مما أمسكن عليكم } ففيها إباحة الأكل مما أمسكت الكلاب علينا دون أمر بغسل المكان الذي أمسكت به الصيد وهو لا يخلو من التلوث بريق الكلب وهو متولد من جسده ولو كان نجساً لأمر بغسل ذلك .
قال الحنبلي*: إن إباحة الأكل مما أمسكته الكلاب لا تنافي وجوب تطهير ما تنجس في الصيد , وعدم الأمر بتطهيره اكتفاء بعموم أدلة تطهير النجس .
قال المالكي*: ولكن الآية جاءت في بيان أحكام الصيد , ولو كان الصيد يتنجس بالكلب لبينته ؛ فترك البيان في هذا الموضع دليل على أن ذلك المكان طاهر .
قال الحنبلي*: نسلم أن الآية جاءت لبيان أحكام الصيد ومنها غسل مكانه لكنها لم تذكره لعموم البلوى ومشقة الاحتراز . ( قد أجبناك على هذا الدليل فهل من دليل آخر على طهارته ؟ إن كان عندك دليل غيره فهاته ! )
قال المالكي*: نعم , عن عبد الله بن عمر قال :*«*كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله*e*فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك*»*ففيه ترك الصحابة في زمان النبي*e*رش مسجده من بول الكلاب وإقبالها وإدبارها ونفي الرش أبلغ في تركهم من نفي الغسل , والمساجد مأمور بتطهيرها وتجنيبها النجاسات فدل ذلك على طهارة الكلاب .
قال الحنبلي*: هذه الرواية نفت الرش حتى لبول الكلاب وهو نجس بالإجماع فخالفته , فيحمل نفي الرش على أنه كان قبل الأمر بقتل الكلاب أو على أن مكان بولها كان يخفى عليهم ومن لم يعلم مكان النجاسة لم يجب عليه غسله .
قال المالكي*:**لا أسلم بصحة الإجماع على نجاسة بول الكلاب فإن ابن وهب وجمع من الفقهاء خالفوا فيه وقالوا : بطهارة جميع الأبوال ما عدا بول الآدمي , وكذا من قال بجواز أكل الكلاب وقال بطهارة بول ما يؤكل لحمه .ثم إن دعوى تركهم رش ذلك كان قبل الأمر بقتلها فلما أمر به وجب الغسل مردودة بأن الأمر بقتل الكلاب قد نسخ وعلى فرض عدم نسخه لا علاقة لقتل الحيوان بطهارته أو نجاسته .أما قولكم إن تركهم غسل ذلك لخفاء مكانه يأباه تحفظ النبي وأصحابه وتحرزهم من النجاسة لا سيما وأن اللفظ يوحي بكثرة تركهم ذلك لا ندرته والقول بطهارة الكلاب يلزم منه عدم منعها من دخول المسجد .
قال الحنبلي*: قد يكون المراد بهذا الحديث أن الكلاب كانت تبول خارج المسجد في مواطنها ثم تقيل وتدبر في المسجد ؛ لأنه لم يكن عليه غلق .
قال المالكي*: هذا مخالف للفظ الحديث فإن فيه كانت تبول وتقبل وتدبر في المسجد , ثم هذه الكلاب بهائم عجماء لا تميز بين مكان بولها وغيره ولو سلمنا أنها تبول خارج المسجد وأن بولها نجس لكن لم القول بنجاسة جسدها مع أن الصحابة لم يكونوا يرشون ما كانت تقبل وتدبر عليه مع إمكان مشيها على مكان رطب في المسجد والحديث يعم ما مسته من رطب ويابس في أرض المسجد .
قال الحنبلي*: قد يكون هذا في صدر الإسلام ثم نسخ بالغسل كما عند مسلم في الصحيح أن النبي*e*نضح بالماء مكان جرو كلب وذلك أن الأصل الإباحة ثم ورد الأمر بتكريم المساجد وتطهيرها وجعل الأبواب عليها , وراوي الحديث ابن عمر ذكر ما يبين أن هذا كان حين عزوبته فقال :*«*كنت أبيت في المسجد في عهد رسول الله وكنت فتى شاباً عزباً وكانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك*»*.
قال المالكي*: إن نضح مكان الجرو وإن كان يحتمل الغسل والرش إلا أن أخذ الماء باليد قرينة على أنه الرش , والرش بهذا القدر لا يكفي في تطهير نجاسة الكلب عندكم .
قال الحنبلي*: قد سلمنا لكم بهذا الدليل على ما فيه ؛ فهل عندكم ما يعضده ؟
قال المالكي*: نعم , حديث عبد الله بن مغفل أن رسول الله*e*:*«*أمر بقتل الكلاب ثم رخص في كلب الغنم والصيد والزرع*»*, ففيه أنه حين رخص في اتخاذ هذه الكلاب لم يأمر بغسل ما مسته فدل على طهارتها .
قال الحنبلي*: نسلم الترخيص بذلك ؛ لكن لا منافاة بينه وبين الحكم بنجاستها بل الترخيص يدل على التخصيص فيما رخص فيه كتخصيص العموم فبقي الحكم بنجاستها داخلا في العموم , والترخيص في الاستعمال خارج من ذلك العموم .
قال المالكي*: نسلم أن الترخيص يشبه تخصيص العموم لكن لم يأت عموم بنجاسة الكلاب وإنما العموم في غسل الإناء الذي ولغت فيه والكلاب من الطوافين على الناس فيما أبيحت لهم فيه فهي كالهرة في الطواف وفي كون كل منهما سبع يفترس ويأكل الميتة فإذا جاء نص في أحدهما كان حكم نظيره كحكمه والنص جاء بطهارة الهر لطوافها فكذا الكلب .*
وانقضى المجلس الأول على أن تستأنف المناظرة من الغد ..