العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

صياغة القاعدة الفقهية : مقوماتها ومكملاتها

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
بسم الله.png

صياغة القاعدة الفقهية (مقوماتها ومكملاتها )*
إعداد الدكتور محمد الروكي
مشاهدة المرفق 6982

* مادة هذا البحث مقتبسة من المقدمات التي صدرت بها (معلمة زايد للقواعد الفقهية والأصولية) والتي تناولت أهم الجوانب والقضايا والآثار النظرية والمنهجية والتاريخية والتطبيقية, لعلم القواعد وتراثه العظيم.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: صياغة القاعدة الفقهية : مقوماتها ومكملاتها

صياغة القاعدة الفقهية مقوماتها ومكملاتها

صياغة القواعد
يقال: صاغ الشيءَ - من باب قال - فهو صائغ, وعمله: الصياغة. وصاغ شعرا: أي وضعه ورتبه. وصاغ الشيء: هيأه على مثال مستقيم [SUP][1][/SUP]. ومن هذا يتضح أن من معاني الصياغة : الترتيب والتهيئة. وجاء في تعريف " الصيغة " أنها: الهيئة العارضة للفظ باعتبار الحركات والسكنات وتقديم بعض الحروف على بعض, وهي صورة الكلمة والحروف ومادتها [SUP][2][/SUP].
فصياغة القواعد تعني التعبير عنها بألفاظ منتقاة مناسبة, ووفق ترتيب معين يحقق مقاصد القاعدة وخصائصها, على نحو ما سيتضح في مبحثي هذه المقدمة.
و الصياغة القانونية تعني: وضع قواعد سهلة الفهم, ميسورة التطبيق, تكون متفقة مع مقتضيات العصر عن طريق الحلول التفصيلية أو عن طريق الحلول العامة المجردة [SUP][3][/SUP].
والنظر في صياغات القواعد الفقهية وعناصرها وخصائصها, سواء من الزاوية الموضوعية أو الزاوية الشكلية, من خلال ما وضعه الفقهاء من القواعد ونقحوه عبر القرون, يساعدنا أولا في حسن فهمها وسلامة استعمالها, كما يفيدنا ثانيا في صياغة قواعد جديدة تحتاج إليها تشريعاتنا واجتهاداتنا وفقهنا في هذا العصر.

وفي هذه المقدمة نتناول المقومات الأساسية في صياغة القاعدة, وهي بمثابة شروط الصحة للقاعدة, ثم نتناول الأوصاف التكميلية والتحسينية للقاعدة, أو ما يمكن اعتباره شروط كمال فيها. وذلك في المبحثين التاليين.
---------------------------------------------
[1] لسان العرب لابن منظور 8/242؛ مختار الصحاح للرازي: ص373؛ الفيومي. المصباح المنير للفيومي ص134.
[2] كتاب الكليات للكفوي ص560.
[3] المدخل لدراسة العلوم القانونية لعبد الحي حجازي. (1) القانون، الكويت 1972 ص404– 406.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: صياغة القاعدة الفقهية : مقوماتها ومكملاتها

المبحث الأول
مقوّمات القاعدة

المقوّمات جمع مقوِّم, وهو اسم فاعل من قوَّم الشيء يقوّمه تقويما إذا جعله قويما أي مستقيما غير معوج, فمقوّمات الشيء: ما به يكون قوامه واعتداله وانتهاضه, ومن ثم ف مقوّمات القاعدة : ما تقوم به, أي الأمور التي تتحقق بها قاعديتها وتضمن لها أن تكون سليمة صحيحة لا يرد عليها ما ينقضها أو يقدح في قاعديتها. والذي يجعلها كذلك جملة أوصاف تتعلق بمضمونها وموضوعها وصيغتها, وهي التي نتناولها في المطالب الثلاثة الآتية:
المطلب الأول: الكلية والعموم والشمول والاستيعاب.
المطلب الثاني: التجريد.
المطلب الثالث: الاطراد أو الأغلبية.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: صياغة القاعدة الفقهية : مقوماتها ومكملاتها

المطلب الأول
الكلية والعموم والشمول والاستيعاب

مصطلح " الكلية " في هذا المقام الذي نحن بصدده هو مصدر اصطناعي مأخوذ من لفظة " كل " التي هي من ألفاظ العموم, وهي ملازمة للإضافة, فلا يجوز دخول " أل " عليها إلا إذا كانت عوضا عن المضاف إليه, فحينئذ تكون لفظة " الكل " المعرفة, بمعنى " كله " على تقدير حذف المضاف إليه, وتكون " أل " الداخلة عليها للإضافة أو للعهد, لا للاستغراق, لأن العموم مستفاد من لفظة " كل " بعد الإضافة.
والكلية بمعناها المصدري هي كون الشيء, كلا لا جزءاَ, ويقابلها الجزئية وهي كون الشيء جزءا لا كلا. وقد ترد صفة لموصوف كقولنا: قاعدة كلية, وقضية كلية, أي: منسوبة إلى الكل.
والكلية عند المناطقة هي ثبوت الحكم لكل فردٍ من أفراد الجنس, كقوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185] . وفي اصطلاح الفقهاء يمكن أن نقول - استخلاصا من كلامهم -: هي تعلق الحكم بجزئياته كلها أو جلها لا بجزئية واحدة, لأنه إذا تعلق بجزئية واحدة كان حكما جزئيا غير كلي, قاصرا غير متعدٍّ, وحينئذ لا يصلح أن تنتهض به القاعدة. ومعنى تعلقه بجزئياته: أنه قاضٍ عليها وهي منضبطة به, دائرة في فلكه مجذوبة إليه بقوة سريانه وجريانه عليها, سواء كان ذلك بالفعل أو بالصلاحية له, لأن الحكم الذي في القاعدة قد يتعلق ببعض جزئياته - مما هو موجودٌ وواقعُ - تعلقا فعليّا حاصلا في الخارج, وقد يتعلق ببعضها - مما لم يقع بعدُ - تعلقا معنويّا صُلوحيّا, أي: يكون صالحا للتعلق بها إن وجدت, وهذا التعلق الصلوحي هو السر في قاعدية القاعدة والكاشف عن قيمتها الفقهية, لأنها بهذا التعلق الصلوحي تستوعب ما يجد من الجزئيات مما هو مندرج في محل حكمها, وهو الذي يمكن تسميته أيضا بالتعلق الشأني , بمعنى أن ما هو موجود من الجزئيات التي هي محل حكم القاعدة فتعلقُه بها فعليٌ, وما لم يوجد منها فيه فالشأن فيه أن يتعلق بها عند وجودها.

والكلية بهذا المعنى تقابلها الجزئية كما ذكرنا, فالحكم الشرعي إما كلي وإما جزئي, و الكلي هو الذي يكون متعديا بالفعل أو بالشأن, و الجزئي هو القاصر على محله الوارد فيه ابتداءَ. مثال ذلك: حِلية البيع وحرمة الربا المنصوص عليها في قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} [البقرة: 275] . ففي الآية حكمان جزئيان هما حلية البيع وحرمة الربا, فإذا نظرنا إلى البيع من جهة أنه فرد من أفراد جنس الطيبات, وإلى الربا من جهة أنه فرد من أفراد جنس الخبائث, وجدنا أن البيع جزئية تأخذ هي ومثيلاتها مما يدخل في حَيّزِ الطيبات حكمَ الحلية. ووجدنا أن الربا جزئية تأخذ هي ومثيلاتها مما يدخل في حيز الخبائث حكمَ الحرمة. فيكون الحكمُ حينئذ - وهو حلية الطيبات وحرمة الخبائث - كليّا لأنه شامل للبيع ونظائره بجامع أن الكل طيب, وللربا ونظائره بجامع أن الكل خبيث, وقد نص عليه في قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [الأعراف: 157] . ففي الآية حكمان كليان هما حلية الطيبات التي منها البيع, وحرمة الخبائث التي منها الربا. وهكذا يمكن أن يصاغ من هذه الآية قاعدتان مع الجمع بينهما بعطف إحداهما على الأخرى فيقال: كل طيب حلال, وكل خبيث حرام.
وكلية الحكم قد تؤخذ من نصوص الشرع مباشرة, كقولنا "كل طيب حلال, وكل خبيث حرام", أخذا من قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ} [الأعراف: 157] , وكقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار [SUP][1][/SUP] الذي اتخذ هو نفسه صيغة للقاعدة الفقهية المعروفة بهذا اللفظ. [SUP][2][/SUP]

وقد تُعلم الكلية بالاستقراء, وهو إما تام أو ناقص, فالاستقراء التام يكون بتتبع الجزئيات كلها للتأكد من ثبوت الحكم فيها كلها. وهو الذي عرفه الغزالي بأنه عبارة عن تصفح أمور جزئية لنحكم بحكمها على أمر يشمل تلك الجزئيات [SUP][3][/SUP]. و الاستقراء الناقص يكون بتتبع أكثر الجزئيات أو كثير منها, من جهة ثبوت الحكم فيها, وهو الذي عرّفه الغزالي أيضا بقوله: " الاستقراء هو أن تتصفح جزئيات كثيرة داخلة تحت معنى كلي حتى إذا وجدت حكما في تلك الجزئيات حكمت على ذلك الكلي به" [SUP][4][/SUP], وعرفه الشريف الجرجاني بأنه: " الحكم على كلي لوجوده في أكثر جزئياته " [SUP][5][/SUP].
والاستقراء التام يفيد القطع, والناقص يفيد الظن, وهو المقصود غالبا عند الفقهاء, والمعتمد في تصفح جزئيات القواعد الفقهية. وهو حجة في العمل بنتائجه, ولا يضرهُ أنه لا يفيد في الغالب إلا الظن, لأن أكثر فروع الفقه مبنية على الظنيات.
فالاستقراء - إذا - هو المسلك الأوسع للتحقق من كلية الحكم, لأن الكلي إنما هو كلي بثبوته في الجزئيات, فكان لا بد من استقراء تلك الجزئيات وتتبع علاقة الحكم بها للتأكد من كليته. قال الإمام الشاطبي يؤكد ذلك ويبينه: " إن تلقي العلم بالكلي إنما هو من عرض الجزئيات واستقرائها, فالكلي من حيث هو كلي غير معلوم لنا قبل العلم بالجزئيات, ولأنه ليس بموجود في الخارج, وإنما هو مضمَّن في الجزئيات حسبما تقرر في المعقولات, فإذاَ الوقوفُ مع الكلي مع الإعراض عن الجزئي وقوفٌ مع شيءٍ لم يتقرر العلمُ به بَعْدُ دون العلم بالجزئي, والجزئيُّ هو مظهر العلم به " [SUP][1][/SUP].

ويعلم مما سبق أن ثبوت الكلية للقاعدة لا يفتقر بالضرورة إلى انطباق حكمها على كل جزئياته كما تدل عليه لفظة " كل ", بل يكفي انطباقه على أكثر جزئياته عملا بقاعدة " للأكثر حكم الكل ". ومن ثم فإنه يلزم من ثبوت قاعدية القاعدة ثبوت كليتها, فكل قاعدة كلية, سواء انطبق حكمها على جميع جزئياتها أو على جلها, لأن العبرة بالغالب , و النادر لا حكم له .
ويرادف كلية القاعدة عمومُها وشمولُها واستيعابُها, فكل هذه الأوصاف بمعنى واحد, وهو كون حكم القاعدة متعلقا بجملة من الجزئيات لا بجزئية واحدة.
والأصلُ في القاعدة أن يتعلق حكمُها بكل جزئياته, ومن هنا وصفت بأنها كلية, لكن قد يشذّ عنها بعض الجزئيات, وهذا الشذوذ لا ينفي عنها الكلية, لأن الجزئيات التي تشذّ عن قاعدتها, إنما تشذ عنها لتخلف بعض شروطها وقيودها, أو لكونها تخرج عن حكمها لتندرج تحت قاعدة أخرى وتنضبط بحكمها. فإذا نظرنا إلى القاعدتين معا - المخروج عنها والمخروج إليها - وجدنا أنه قد تحققت بهما صفة الكلية, لأن ما شذ من الجزئيات لا يبقى على شذوذه وعدم انضباطه, بل يلتحق بحكم قاعدة أخرى.


وكما يسمى ذلك كلية يسمى عموما, بمعنى أن حكم القاعدة يعم ويستغرق كافة أفراد محله, وكما أن كلية القاعدة لا ينافيها شذوذ بعض جزئياتها, فكذلك عمومُها لا ينافيه تخصيصُ بعضِ أفراده, لأن ما خُصّ من أفراده, الشأنُ فيه أن يدخل تحت عموم قاعدة أخرى.
ومثل الكلية والعموم: الشمولُ والاستيعابُ, فكل قاعدة شاملة ومستوعبة لجزئياتها بمقتضى قاعدتيها, ولا ينافي ذلك ما يرد عليه من الاستثناء, لأنه إنما يستثنى من قاعدة ليدخل في شمول قاعدة أخرى واستيعابها.
وهكذا, فإذا نَظرة إلى القاعدة من جهة الكل, أي من جهة ذاتها ومن جهة علاقتها بغيرها من القواعد وجدتها لا تتخلف عنها صفة العموم والشمول والاستيعاب, وبذلك يتقرر أن الكلية ثابتة فيها غير منخرمة.
ولبيان كلية القاعدة وعمومها وشمولها واستيعابها, من الناحية التطبيقية, نسوق المثال الآتي:
" تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة ". هذه قاعدة فقهية, لتضمنها حكما شرعيا كليا, ودليل كليته اشتماله واستيعابه لجزئيات كثيرة تنطبق على جميع الأئمة والولاة, وتضبط ما لا يحصى من تصرفاتهم الولائية. وهذه أمثلة لذلك:
1- توزيع الإمام ونوابه لأموال الأمة وصرفُها وتدبير كافة استعمالاتها, إنما يكون صحيحا ومشروعا حينما يتم وفق مقتضى العدل والمصلحة, وإلا بطل التصرف.
2- تعيين الإمام لمختلف الولاة يجب أن يكون وفق ما يحقق مصلحة الولاية والموَلَّى عليهم, فلا يجوز له أن يعين مسؤولا غير أمين أو غير كفءٍ في عمل من الأعمال العامة. كما لا يجوز له أن يعين أحدا في أمر وهو يجد من هو أصلح منه له.

3- إذا أراد إسقاط بعض الجند أو بعض الموظفين من الديوان بغير سبب معتبر مبني على مصلحة, لم يجز له ذلك.
4- إذا أراد أن ينصب على الناس إماما فاسقا للصلاة, لم يجز له ذلك, لأن الصلاة وراء الفاسق أقل ما يقال فيها إنها مكروهة, وحمل الناس على المكروه لا مصلحة فيه, فلا يصح.
5- إذا تخير في الأسرى بين القتل والرق والمن والفداء, لم يكن له أن يفعل ذلك اعتباطا أو بالتشهي, بل بما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين. ويمكن حبس الأسرى حتى يظهر وجه المصلحة وما هو الأصلح في شأنهم.
إلى غير ذلك من الجزئيات ومن أصناف الجزئيات, المندرجة في حكم هذه القاعدة, مما يدل على كليتها وعمومها وشمولها واستيعابها.

---------------------------------------------
[1] رواه أحمد في مسنده 5/55(2865) وابن ماجة في سننه 2/784 (2341) والطبراني في الكبير 11/228 (11576) من حديث ابن عباس رضي الله عنه ، ورواه الحاكم في المستدرك 2/66 (2345) ، والدارقطني في سننه 4/51 (3079) والبيهقي في سننه 6/114 (11384 ) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه . ووافقه الذهبي . وقد روي من حديث غيرهما من الصحابة . انظر : نصب الراية 4/384 .
[2] سيأتي مزيد بيان وتمثيل لهذا الصنف من القواعد في مناسبات عديدة من هذه المعلمة، ومن ذلك المقدمة الثالثة الخاصة بمصادر القواعد الفقهية.
[3] المستصفى للغزالي 1/51.
[4] معيار العلم للغزالي ص 160.
[5] التعريفات للجرجاني ص 18.
[1] الموافقات للشاطبي 3/5.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: صياغة القاعدة الفقهية : مقوماتها ومكملاتها

المطلب الثاني
التجريد

التجريد في اللغة: التعرية, يقال: جرده من الثياب إذا عرّاهُ, وجريد النخل: السعف يعرى من الخوص [SUP][1][/SUP].
والتجريد بمعناه الاصطلاحي الذي يعنينا في القواعد هو أن تكون القاعدة مشتملة على حكم موضوعيّ مجردٍ عن الارتباط بأعيان المسائل, صالحٍ للانطباق على كل أو جل الجزئيات المعلولة بعلته, من غير أن يكون خاصا ببعضها دون بعض, لأنَّه إذا كان خاصا بعين الجزئية لا بموضوعها وعلتها لم تقم به حينئذ قاعدة, وإنما يصح أن ينعقد به الحد أو ما أشبه ذلك.
وما ذكرناه من المعنى اللغوي للتجريد - وهو التعرية - حاصل في الاستعمال الاصطلاحي ومرعيٌ فيه, لأن القاعدة الفقهية لا يكون فيها مقوّم التجريد إلا إذا كان حكمها مرتبطا بموضوع جزئياتها لا بذواتها, وهذا هو معنى التعرية, لأن الحكم قد انتزع منه الجزئيات بعد تعريتها من ذواتها وأعيانها.
والتجريد في القاعدة ملازم لما ذكرناه في المطلب السابق من كليتها وعمومها وشمولها واستيعابها, فبين المقوّمين تلازم بحيث إذا اختل أحدهما جَرَّ إلى اختلال الآخر, لأن كلية القاعدة وعموم حكمها وشموله واستيعابه للجزئيات لا يكون كذلك إلا إذا كان الحكم فيها موضوعيّا مجردا عن الذوات وأعيان المسائل.
والتجريد في القاعدة مرتبط بمعناها ومبناها معا, وارتباطه بمعناها: أن يكون حكمها يرشح بعلته ومناطه دون انحصاره في شيء بعينه من جزئيات محله. وارتباطه بمبناها معناه: أن يكون حكمها معبرا عنه بألفاظ العموم والاستغراق دون ألفاظ التشخيص والالتصاق. والتجريد في لفظ القاعدة تابع للتجريد في معناها, لذلك إذا أطلق التجريد في القاعدة انصرف إلى التجريد المعنوي. وهو المقصود هنا من جهة أنه مقوّم موضوعي للقاعدة.

ولمزيد من توضيح معنى التجريد في القاعدة نسوق الأمثلة الآتية:
1- إذا نظرنا إلى هذه العبارات:
من استعار عارية فأضاعها تفريطا ضمنها.
من أضاع وديعة بتفريط منه ضمنها.
من استأجر عينا فأتلفها بتفريطه ضمنها.
من أتلف زرع غيره بغنمه تفريطا منه ضمنه.
وجدناها عباراتٍ وجملا تشتمل كل واحدة منها على حكم هو وجوب الضمان, لكنه في العبارة الأولى خاص بضمان العارية, وفي الثانية خاص بضمان الوديعة, وفي الثالثة خاص بضمان العين المؤجرة, وفي الرابعة خاص بضمان الزرع. ولما كان الحكم في كل عبارة مرتبطا بجزئية وبمسألة بعينها لم يكن مجردا موضوعيّا فلم تنعقد به قاعدة, لكن إذا جردناه وعريناه مما هو مرتبط به من ذوات الجزئيات صار حينئذ شاملا لكل هذه الجزئيات ولغيرها من الجزئيات الأخرى, وانعقدت به القاعدة الفقهية واستقامت به حقيقتها, وهكذا يمكن أن نجمع هذه العبارات في حكم جامع موضوعي مجرد فنقول: " المفرط ضامن ", فترتقي العبارة حينئذ إلى حيز القاعدة بسبب ما فيها من تجريد وربط حكمها بموضوع الجزئيات وعللها لا بذواتها وأعيانها.
2- إذا نظرنا إلى هذه العبارات:
بيع المكره باطل.

إجارة المكره لا تصح.
طلاق المكره لا يقع.
هبة المكره لا تلزم.
وجدناها عبارات لا ترتقي بمضمونها إلى مستوى القواعد الفقهية, لارتباط الحكم في كل منها بجزئية معينة ومسألة واحدة, لكن إذا جردنا ذلك الحكم من أعيان هذه الجزئيات وذواتها فقلنا: " الإكراه يبطل العقد " صارت قاعدة كلية لاشتمالها على مقوّم التجريد.
ومن هنا يدرك الناظر في كتب الفقه وقواعده أن كثيرا مما ساقه الفقهاء على أنه قواعد ليس كذلك إلا على سبيل التجوز والتوسع في الاصطلاح, لفقدان مقوّم التجريد منها. وتستطيع أن تقف على نماذج منها في قواعد ابن رجب الحنبلي/ 5, وقواعد المقري/ 5, وقواعد الونشريسي / 5, والأشباه والنظائر للسيوطي / 5, ولابن نجيم , وغير ذلك من كتب القواعد.
ومن أمثلة ذلك ما نجده عند الونشريسي في كتابه " إيضاح المسالك " الذي عرض فيه جملة من القواعد جعل من ضمنها:
كل عضو غسل يرتفع حدثه, أو لا إلا بالكمال والفراغ؟
نية عدد الركعات هل تعتبر أم لا ؟
الكفارة هل تتعلق باليمين ؟
الكفارة هل تفتقر إلى نية ؟
النزع هل هو وطءٌ أم لا ؟
الغنيمة هل تملك بالفتح أو بالقسمة ؟

الجراد إذا عمر المسالك فليس على المحرم فيه جزاء.

فالناظر في مثل هذه "القواعد" يجد أنها تفتقد مقوّم التجريد وأن الحكم في كل واحدة منها متعلق بتصرفات وأمثلة جزئية معينة. فاعتبارها قواعد - أو حتى ضوابط - إنما هو من قبيل التجوّز والتوسع.
ومثل ذلك أيضا نجده في قواعد ابن رجب / 5, مثل قوله في القاعدة الأولى: " الماء الجاري هل هو كالراكد أو كل جرية منه لها حكم الماء المنفرد " [SUP][1][/SUP]. فهذه ليست قاعدة وإنما هي حكم لجزئية معينة في باب الطهارة. ومثل قوله أيضا: " القاعدة الثانية والسبعون: اشتراط النفقة والكسوة في العقود يقع على وجهين: معاوضة وغير معاوضة, فأما المعاوضة فتقع في العقود اللازمة ويملك فيها الطعام والكسوة كما يملك غيرهما من الأموال المعاوض بها, فإن وقع التفاسخ قبل انقضاء المدة رجع بما عجل منها, إلا في نفقة الزوجة وكسوتها فإن الرجوع بها ثلاثة أوجه ثالثها يرجع بالنفقة دون الكسوة " [SUP][2][/SUP]. فهذه أحكام فقهية لجزئيات بعينها وليست قواعد, لفقدان مقوّم التجريد منها. ومثل ذلك قوله أيضا: " القاعدة السادسة والسبعون: الشريكان في عين مال أو منفعة إذا كانا محتاجين إلى رفع مضرة أو إبقاء منفعة أُجْبرَ أحدهما على موافقة الآخر في الصحيح من المذهب " [SUP][3][/SUP]. فهذه أحكام جزئية في باب الشركة, وارتقاؤها إلى مستوى القاعدة يستلزم تحقق مقوّم التجريد فيها وعدم ارتباطها بمسائل معينة.
وإذا فتجريد حكم القاعدة وتعريته من أعيان المسائل ومشخصاتها مقوّم من المقومات الموضوعية التي تنتهض بها القاعدة ويعتدل بها قوامها ويستقيم نظامها.


---------------------------------------------
[1] مختار الصحاح للرازي ص 114.
[1] قواعد ابن رجب ص 3.
[2] قواعد ابن رجب ص 138.
[3] قواعد ابن رجب ص 148.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: صياغة القاعدة الفقهية : مقوماتها ومكملاتها

المطلب الثالث
الاطراد أو الأغلبية

الاطراد في اللغة ورد لمعنى التتابع, والاستمرار, والجريان, والاستقامة [SUP][1][/SUP].
وفي الاصطلاح ورد بعدة معان, منها أنه ورد وصفا للعلة مناط الحكم, بأنه ما يوجب الحكم لوجود العلة, وهو المسمى بالتلازم في الثبوت [SUP][2][/SUP], أي أن يلزم من وجود أحد الشيئين وجود الآخر, فإن كان يلزم من انتفاء أحدهما انتفاء الآخر فهو الانعكاس. وكل من الاطراد و الانعكاس شرط في العلة التي هي أساس تعدية الحكم من جزئيته التي ورد فيها إلى نظائرها وأشباهها, فالعلة الصالحة لأن تكون مناط الحكم وقوام تعديته هي التي تكون مطردة منعكسة, أي: كلما وجدت وجد الحكم, وكلما انعدمت انعدم الحكم, ولذلك قالوا: الحكم يدور مع علته وجودا وعدما, فدورانه معها وجودا هو الاطراد, ودورانه معها عدما هو الانعكاس.
ومنها أنه ورد وصفا للحد, وحينئذ يعرف - أي الاطراد - بأنه كلما وجد الحد وجد المحدود. وأما انعكاسه فهو أنه كلما انتفى الحد انتفى المحدود, واطراد الحد وانعكاسه شرط في كونه جامعا مانعا.
وأما الاطراد في القاعدة فالمقصود به تعلق حكمها بجميع جزئياته دون تخلف واحدة منها, بحيث يتحقق فيها المعنى اللغوي المذكور من تتابع, واستمرار, وجريان, واستقامة. فالتتابع: أن يتبع بعض فروعها بعضا في الحكم الجامع. والاستمرار: أن يستمر هذا التتابع من غير توقف. والجريان: أن يجري حكمها على جزئياتها كجريان النهر من غير توقف. والاستقامة: كونها لا تتخلف ولا تحيد.

فاطراد القاعدة هو الأصل فيها, لكن قد يتخلف حكمها بشذوذ بعض جزئياتها عن الاندراج فيه, وحينئذ يكون تعلق القاعدة بجزئياتها أغلبيّا, وهذا هو حال معظم القواعد الفقهية وواقعها كما دل عليه التتبع والاستقراء, حتى قرر العلماء أن من القواعد: عدم اطراد القواعد, وأن لكل قاعدة استثناء.
وإذا فالقاعدة تنطبق على جزئياتها إما على سبيل الاطراد أو على سبيل الأغلبية, وانطباقها الأغلبي لا ينفي قاعديتها ولا كليتها, لأن أساس الكلية - كما سبق - أن يتعلق الحكم بجزئيات لا جزئية واحدة, فالأغلبية هنا جاءت في مقابلة الاطراد لا في مقابلة الكلية بمعنى أن القاعدة إذا انطبقت على جميع جزئياتها فهي كلية مطردة, وإذا انطبقت على أغلبها فهي كلية أغلبية. والأصل في الأغلب أن يكون في مقابلة الأقل النادر, وأن الاطراد يكون في مقابلة الشذوذ والاستثناء, لكن عُبِّر عن تخلف الاطراد بالأغلبية لأن الذي يقع للقاعدة عند عدم اطرادها هو تخلف بعض جزئياتها وحصول الانطباق على أغلبها, فالذي خَلَفَ الاطراد وحل محله عند عدم قيامه هو التعلق بالأغلب, ومن ثم فإن التعلق لا بد أن يكون إما بالكل أو بالجل, فكانت المقابلة بينهما من جهة أن بينهما التنافي الذي هو عكس التلازم, أي: يلزم من وجود أحدهما انتفاء الآخر, لأنه إما اطراد أو أغلبية, ولا يجتمعان في آن واحد. وفي الحالين معا فالقاعدة كلية, وكليتها في حالة تعلق حكمها بالأغلب لا بالكل حاصلة من جهة أن للأكثر حكم الكل كما سبق.
وإذا تعلقت القاعدة بجزئياتها على سبيل الأغلبية لا الاطراد, لزم أن يكون فيها استثناء, وهو لا يسلبها قاعديتها وكليتها, لأن ما يستثنى منها من الجزئيات يندرج في قاعدة أخرى, وبذلك فالجزئيات من حيث هي جزئيات محكومة كلها بالقواعد, مندرجة تحت أحكامها الكلية من غير تخلف ولا توقف, ولذلك فالاطراد بهذا الاعتبار حاصل في القاعدة من جهة الكل, أي بالنظر إلى جنسها لا إلى ذاتها, ولإيضاح ذلك نسوق المثال الآتي:

قاعدة " اليقين لا يزول بالشك " من فروعها: أن من تيقن الطهارة وشك في الحدث فلا وضوء عليه, وبذلك قال جمع من الفقهاء, لكن المشهور عند المالكية أنه يعيد الوضوء, قيل وجوبا وقيل استحبابا. وموجب ذلك أن هذه الجزئية تتنازعها مع هذه القاعدة قاعدة أخرى وهي أن " الذمة إذا شُغلت بيقين لم تبرأ إلا بيقين ", والبراءة اليقينية لا تكون إلا بالأداء الصحيح, وذمة المكلف تكون مشغولة بالصلاة إذا دخل وقتها, وذلك على سبيل اليقين, فلا تبرأ منها إلا بيقين, فإذا صلى وهو شاك في الحدث لم يكن قد أفرغ الذمة وأبرأها بيقين. وإنما صار المالكية إلى قاعدة الصلاة دون قاعدة الطهارة, لأن الصلاة من المقاصد, والطهارة من الوسائل, والمقاصد أعلى رتبة من الوسائل, فهي مقدمة عليها. والاحتياط للمقاصد أولى من الاحتياط للوسائل, لأن الوسائل أخفض رتبة من المقاصد.
فهذه الجزئية التي دار عليها الخلاف, خرجت عند المالكية من قاعدة ودخلت في أخرى, وهذا نوع من الاطراد العام في القواعد, لأن الشذوذ الحقيقي هو أن يبقى الشاذ من غير حكم, ولذلك قالوا: " الشاذ لا حكم له ". أما إذا شذ من حكم قاعدة إلى حكم قاعدة أخرى فإن شذوذه حينئذ اعتباري لا مطلق.


---------------------------------------------
[1] لسان العرب: مادة طرد؛ والقاموس المحيط للفيروزابادي: مادة طرد؛ والخصائص لابن جني 1/96.
[2] انظر التعريفات للجرجاني ص 141.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: صياغة القاعدة الفقهية : مقوماتها ومكملاتها

المبحث الثاني
مكملات القاعدة
المقصود بمكملات القاعدة: الصفات المكملة لمقوماتها, فهي بمنزلة شروط كمال فيها. وأهم ما يدخل في هذه العناصر التكميلية للقاعدة: الإيجاز, والوضوح, والواقعية, وفي هذا المبحث بيان للأوصاف الثلاثة, كل واحد منها في مطلب مستقل:
المطلب الأول: الإيجاز.
المطلب الثاني: الوضوح.
المطلب الثالث: الواقعية.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: صياغة القاعدة الفقهية : مقوماتها ومكملاتها

المطلب الأول
الإيجاز

الإيجاز في الاصطلاح البلاغي هو التعبير عن المعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة, وعكسه الإطناب وهو التعبير عن المعاني القليلة بالألفاظ الكثيرة, فإن كانت الألفاظ على قدر المعاني سمي ذلك ب المساواة .
والإيجاز في القاعدة هو أن يصاغ مضمونها في ألفاظ قليلة محكمة مرصوصة, تكون بمثابة قانون كلي يرجع إليه لاستحضار الفروع والجزئيات التطبيقية المختلفة, فتصاغ في جملة مفيدة من كلمتين أو ثلاث كلمات أو نحو ذلك, مما يجعلها بعيدة عن أن يكون بها حشو أو شيء من زوائد الكلام, لأن مقام التقعيد أولى بتهذيب الكلام وتنقيحه وتنقيته من شوائب الإطالة والتكرار وما زاد على ما يحصل به المطلوب.

والمتتبع لعمل العلماء في صياغة المصنفات والمتون العلمية, يجد أنهم يستغنون عن الكلمة كلما استقام المعنى بدونها, بل وعن الحرف الواحد إذا أمكن. فإن لم يلتزم المصنف بذلك ولم يراعه في متنه كرَّ عليه الشُرّاح بالنقد, وتعقبوه بالتعليق ووصفوه بالإطالة المنافية لطبيعة المتون. فإذا كان الإيجاز مطلوبا إلى هذا الحد في صياغة المتن وترصيصه هكذا فهو في صياغة القاعدة وإحكامها أوجب وآكد. فكلما أمكن صياغتها في أقل الكلمات لا يعدل إلى أكثر. وهذا ملحوظ في المحرر من قواعد الفقهاء, فمنها ما صيغ في كلمتين, مثل:
الضرر يزال .
العادة محكمة .
المفَرِّط ضامن .
ومنها ما صيغ في ثلاث كلمات, بما فيها حروف الربط, مثل:
المشقة تجلب التيسير .
الضرورات تبيح المحظورات .
الغالب كالمحقق .
ومنها ما صيغ في أربع كلمات, مثل:
لا إيثار في القربات .

الحياة المستعارة كالعدم .
للأكثر حكم الكل .
ومنها ما صيغ في خمس كلمات, مثل:
الميسور لا يسقط بالمعسور .
الرخص لا تناط بالمعاصي .
المعدوم شرعا كالمعدوم حسا .
ومنها ما صيغ في ست كلمات, مثل:
ما قارب الشيء يعطى حكمه .
الشرط الباطل لا يؤثر في العقد .
ما كان أكثر فعلا كان أكثر فضلا .
ومنها ما صيغ في سبع كلمات, مثل:
تصرف الإمام في الرعية منوط بالمصلحة .
الثابت بالبرهان كالثابت بالعيان .
ومنها ما صيغ في ثمان كلمات, مثل:
سد الذريعة وفتحها منوط بالمصلحة .
ومنها ما صيغ في تسع كلمات, مثل:
الإنفاق بأمر القاضي كالإنفاق بأمر المالك .
ومنها ما صيغ في عشر كلمات, مثل:
ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب [SUP][1][/SUP] .

ومنها ما صيغ في أكثر من ذلك إذا كانت القاعدة تقتضي ذلك بما هي عليه من التشعب والتفرع وغير ذلك مما يقتضي التنصيص عليه فيها من قيود وأوصاف لا بد منها, لكن مع الالتزام بشرط الإيجاز والدقة والإحكام قدر الإمكان.
---------------------------------------------
[1] هذه القاعدة فقهية باعتبار، وأصولية باعتبار آخر، فهي مشتركة بينهما.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: صياغة القاعدة الفقهية : مقوماتها ومكملاتها

واشتراط الإيجاز في القاعدة أمرٌ مقرر عند أهل القواعد من الفقهاء قديما وحديثا, ف الزركشي - مثلا - اعتبر القاعدة قانونا يحفظ الفروع ويضبطها ويجملها, فقال: "فإن ضبط الأمور المنتشرة المتعددة في القوانين المتحدة هو أوعى لحفظها وأدعى لضبطها, وهي إحدى حكم العدد التي وضع لأجلها, والحكيم إذا أراد التعليم لا بد له أن يجمع بين بيانين: إجمالي تتشوف إليه النفس, وتفصيلي تسكن إليه " [SUP][1][/SUP].
وكون القاعدة قانونا [SUP][2][/SUP] يقتضي أن تصاغ في إيجاز ودقة. وقد ركز الشيخ مصطفى الزرقا على هذه الصيغة القانونية التي تتطلب الإيجاز والدقة, وعبر عنه بالدستورية حينما عرف القواعد الفقهية بأنها: أصول فقهية كلية في نصوص موجزة دستورية, وعلق على ذلك بقوله: " فهي تمتاز بمزيد الإيجاز في صياغتها على عموم معناها وسعة استيعابه للفروع الجزئية, فتصاغ القاعدة بكلمتين أو بضع كلمات محكمة من ألفاظ العموم " [SUP][3][/SUP].
وفقدان القاعدة عنصرَ الإيجاز في صياغتها يجعلها معيبة وغير محكمة الدلالة؛ فإذا صيغت في جمل, أو فقرة, أو أكثر بعُدت عن طبيعتها التي هي جمع الفروع والجزئيات في عبارة واحدة جامعة.
فلو صيغت القاعدة صياغة فيها حشو وإطالة لاحتاجت إلى التنقيح والتهذيب والاختصار. ولذلك فإن القاعدة قد ترد عن الفقهاء بصيغ متعددة تتفاوت في الإيجاز والإطناب والمساواة, وعند الموازنة والمفاضلة تختار الصيغة ذات الإيجاز والدقة, لأنها أنص وأحبك, فقولنا - مثلا -: " كل من أتلف مال غيره بتفريط منه كان ضامنا له", قاعدةٌ فقهية تضبط الفروع والجزئيات في ضمان المتلفات, وهي مكونة من أربع عشرة كلمة, فلو هذبناها وصغناها في قولنا: " من أتلف مال غيره تفريطا ضمنه ", لكانت أوجز وأدل, لاشتمالها على ثمان كلمات, مع الدقة وقوة الدلالة. ولو اختصرناها وصغناها في قولنا: " المفرط ضامن " لكانت أحكم وأدق وأنص على مضمون القاعدة.
وكذلك قول الفقهاء: " المعروف عرفا كالمشروط شرطا ", أوجزُ منه وأجود.
قولُهم: " العرف كالشرط ".
وهكذا, فصيغة القاعدة لا تكون مناسبة ومرضية إلا إذا صيغت بإيجاز محكم, وهذا يتطلب في مُقَعِّدها ومُنشئها أن يتعاضد عنده أمران اثنان لا غنى له عنهما, أحدهما: التمكن من الفقه وأصوله, والثاني: التمكن من اللغة العربية وأساليبها.
وقد نبه على ذلك بعض الباحثين الذين وقفوا على هذه المسألة, منهم الدكتور أحمد بن حميد الذي اهتم بها وعقد لها فقرة عنونها بقوله: "صياغة القاعدة " قال فيها: " تتميز القاعدة من حيث الصياغة بالإيجاز في التعبير مع شمولية المعنى, وغالبا ما تكون في كلمات معدودة كقاعدة " العادة محكّمة " وقاعدة " الخراج بالضمان ". فهاتان القاعدتان رغم كلماتهما الموجزة, تتسعان لكثير من الأحكام والفروع, وهذا لأن من أغراض القاعدة سرعة استحضارها وثبوتها في الذهن, وهذان الأمران يناسبهما الإيجاز وتقليل الكلمات, والإيجاز نوع من الإعجاز البلاغي يحتاج إلى مقدرة فقهية عالية وامتلاك لناصية البيان" [SUP][1][/SUP]. ونبه في آخر هذه الفقرة إلى أن القاعدة قد تتضمن بعض التفصيل إذا كانت من قواعد الخلاف, ومثّلَ لذلك بقاعدة من قواعد ابن رجب الحنبلي وهي قوله:
" التفاسخ في العقود الجائزة متى تضمن ضررا على أحد المتعاقدين أو غيرهما ممن له تعلق بالعقد لم يجز ولم ينفذ, إلا أن يمكن استدراك الضرر بضمان أو نحوه فيجوز/ [SUP][1][/SUP] ".
والحق أن مضمون هذه القاعدة ولبها يمكن إيجازه في قولنا: " التفاسخ المضر في العقود الجائزة لا يلزم ", وما سوى ذلك مما جاء في عبارة ابن رجب فهو شرح وبيان, حتى الاستثناء الذي فيها عند قوله: " أن يمكن استدراك الضرر بضمان أو نحوه " فمحله في الشرح والتفصيل لا في متن القاعدة. ومثل ذلك قوله أيضا في القاعدة السابعة عشرة: " إذا تقابل عملان أحدهما ذو شرف في نفسه ورفعة وهو واحد, والآخر ذو تعدد في نفسه وكثرة, فأيهما يرجح ؟ ظاهر كلام أحمد ترجيح الكثرة [SUP][2][/SUP] ". فيمكن اختصاره - على المذهب الذي رجحه - في قولنا: " الأكثر مقدم على الأشرف " وعلى المذهب المقابل يمكن صياغتها هكذا: " الأشرف مقدم على الأكثر ", وما سوى ذلك فهو شرح وتفصيل. وهذا أمر ملحوظ في قواعد ابن رجب , حيث قد يصوغ القاعدة في فقرة أو أكثر, وهي بهذا الوضع تتضمن نوعا من الشرح والإيضاح الذي هو أمر زائد على التقعيد وصياغة أصول القواعد.
وظاهر أن ابن رجب لم يكن يقصد في مثل هذه القواعد مجرد التقعيد حتى يلتزم بالإيجاز, بل كان يقصد فيها أيضا البيان والإيضاح كما يدل على ذلك قوله في مقدمة كتابه القيم الرائع: " فهذه قواعد مهمة, وفوائد جمة, تضبط للفقيه أصول المذهب, وتطلعه من مآخذ الفقه على ما كان عنه قد تغيّب, وتنظم له منثور المسائل في سلك واحد, وتقيد له الشوارد, وتقرب عليه كل متباعد " [SUP][3][/SUP]. ومن ثم فإن هذا الكتاب الذي بلغ فيه ابن رجب الغاية القصوى, وسابق فيه زمانه, يمكن الاستفادة منه في مجال القواعد الفقهية بعد تهذيب بعض قواعده, في ضوء المادة الفقهية الغنية التي أودعها فيه, لأن الذين ألفوا في قواعد الفقه من المتقدمين, كل منهم صاغ ما صاغ منها حسب ما كان يقتضيه المقام والغرض من التأليف. وعلى كل حال فلا اختلاف بينهم في أن تقعيد القاعدة وصياغة متنها في ذاته, وسبك قالبها, وحبك نصها المجرد, يستوجب الإيجاز والدقة.
وقد تصاغ القاعدة الواحدة بصيغ متعددة لكل منها حظها من الإيجاز والدقة, فحينئذ إذا أردنا المفاضلة بينها أجريناها على أساس صفتي الأوجزية والأدقية معا, كقاعدة نفي النقض عن الاجتهاد التي انعقد عليها الإجماع, فقد وردت فيها صيغ متعددة منها:
الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد [SUP][1][/SUP] .
الاجتهاد لا ينقض بمثله .
لا ينقض الحكم في الاجتهادات .
فالصيغة الأولى والثالثة مكونة من خمس كلمات, فهما أوجز من الثانية التي تتكون من ست كلمات وإن كانت أقل منهما عند التلفظ, غير أنهما أدق منها في أداء المعنى المراد, لأن لفظ " بمثله " في القاعدة الثانية يدل - عن طريق مفهوم المخالفة - على أن الاجتهاد قد ينقض باجتهاد أعلى منه, وليس كذلك [SUP][2][/SUP], لأن الاجتهادات مبنية غالبا على الظن والترجيح. ويمكن اعتبار الصيغة الثالثة - وهي لابن السبكي [SUP][3][/SUP] - أدق منهما معا, لأن النقض فيها أُسند إلى محله الذي هو له, وهو الحكم.
---------------------------------------------
[1] المنثور للزركشي 1/65.
[2] القانون هنا بمعنى النظام العام والحكم الكلي الجامع.
[3] المدخل للزرقا 2/947.
[1] ذكر ذلك في قسم الدراسة الذي صدر تحقيقه لقواعد المقري. انظر ص 119. وممن ذكر هذه الخاصية الدكتور محمود آل هرموش، انظر كتابه " القاعدة الكلية إعمال الكلام أولى من إهماله وأثرها في الأصول" ص 21.
[1] قواعد ابن رجب ص 111، القاعدة الستون.
[2] المرجع نفسه ص 22.
[3] المرجع نفسه ص 2.
[1] سيأتي بيان هذه القاعدة في موضعها ضمن القواعد الأصولية.
[2] هذا في النظام القضائي القائم على درجة واحدة في التقاضي، ويكون الحكم فيها نهائيا، ولكن النظم القضائية اليوم في العالم الإسلامي، كما في العالم كله، أصبحت تأخذ بتعدد درجات التقاضي. وعلى هذا الأساس أصبح بالإمكان أن تنقض محكمة أعلى ما قضت به محكمة أدنى. وفي هذه الحالة تكون صيغة القاعدة ( الاجتهاد لا ينقض بمثله) أنسب، لكونها تستوعب هذا التطور في النظام القضائي.
[3] انظر جمع الجوامع بشرح المحلى 2/392.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: صياغة القاعدة الفقهية : مقوماتها ومكملاتها

المطلب الثاني
الوضوح

الوضوح في القاعدة هو ظهور معناها من جهة مبناها. بحيث بمجرد قراءة عباراتها التي صيغت بها, وألفاظها التي بنيت منها, ينكشف مضمونها ويدرك محتواها.
وصفة الوضوح في القاعدة مكملة لصفة الإيجاز السابقة, لأن الإيجاز من غير وضوح قد يكون ضربا من الإلغاز ينبهم معه معنى القاعدة, فلذلك لا بد مع الإيجاز من وضوح المعنى الإجمالي للقاعدة.
ويتحقق الوضوح في القاعدة بأمور منها:
1- انتقاء الألفاظ الدقيقة ذات الدلالة الاصطلاحية. فكلما تأتى استعمال المصطلحات الفقهية والأصولية لا يعدل عنها إلى الألفاظ ذات الدلالة اللغوية الأدبية, لأن القاعدة الفقهية يجب أن يكون أسلوبها على قدر كبير من العلمية, فقول الفقهاء - مثلا -: " الضرورات تبيح المحظورات " قاعدة مكونة من ثلاثة ألفاظ كلها ذات دلالة اصطلاحية ظاهرة محددة منضبطة علمية, وهذا هو منشأ وضوحها.
ويلزم مما ذكرناه أن تجتنب الألفاظ الغامضة والغريبة غير المألوفة, ونحو ذلك مما لا يليق ببناء القاعدة.
2- أن تكون القاعدة في عبارتها نصّا على حكمها الذي تتضمنه, بحيث لا يكون فيها مجال للاحتمال والتردد, لأن " النص " في اصطلاح الأصوليين هو ما دل على معنى دون احتمال غيره, كقوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ} [المائدة: 5] فهو نص في حليَّة الطيبات, فلو صغنا من هذه الآية قاعدة فقلنا: " كل طيب حلال " أو " الأصل في الطيبات الحل " لكانت قاعدة محكمة واضحة.

وقد درج بعض الفقهاء في جملة من القواعد الفقهية على صياغتها بعبارات مصدرة بأسلوب الاستفهام كقولهم - مثلا -:
هل العصيان ينافي الترخيص ؟
هل الدوام كالابتداء ؟
هل المعدوم شرعا كالمعدوم حسا ؟
وغير ذلك من القواعد التي صاغوها هكذا, فهذا الذي درجوا عليه إنما هو للإشعار بأن هذه القواعد خلافية, فهو لا يخل بصفة الوضوح في الصيغة, وإنما فيه مزيد دقة وأمانة علمية. كما أنه يدل على أن القاعدة من هذا النوع يمكن أن تصاغ صياغتين إحداهما بالإثبات, والأخرى بالنفي. فالقاعدة الأولى - مثلا - يمكن أن تصاغ هكذا: " العصيان ينافي الترخيص ". ويمكن أن تصاغ هكذا: " العصيان لا ينافي الترخيص ". وكل صيغة تمثل مذهبا فقهيّا أو قولا من أقواله, فتأتي الصيغة الاستفهامية متسعة للقولين معا.
3- أن يتجنب في القاعدة التركيب الذي فيه اشتراك جملي, وهو الذي ينشأ بسببه احتمال في دلالة الجملة, بحيث تحتمل معنيين أو أكثر, إما بسبب تنازع عائدين أو أكثر على ضمير واحد, أو على استثناء, أو إشارة, أو اسم مبهم, أو غير ذلك مما ينشأ به الاحتمال في الجملة, فمثل هذا لا مجال له في القاعدة, ولا مدخل له في صياغتها.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: صياغة القاعدة الفقهية : مقوماتها ومكملاتها

المطلب الثالث
الواقعية

عنصر الواقعية في القواعد الفقهية هو من جملة العناصر التكميلية لها ولفائدتها. والواقعية في القاعدة هي أن يكون حكمها منطبقاَ على جزئيات موجودة وقائمة في الواقع, لأن عدم اتصافها بذلك يجر إلى الطعن فيما تقدم من مقوّماتها الموضوعية. فالكلية - مثلا - تقدم أنها تتحقق في القاعدة بوجود جزئياتها, والتجريد هو تعرية الحكم عن أعيان الجزئيات ليشملها كلها, فهو يقتضي وجودها أيضا, والاطراد أو الأغلبية هو تعلق الحكم بكل جزئياته أو جلها. فكل هذه الصفات تستلزم وجود الجزئيات, ووجودها يستلزم واقعية القاعدة. ولا مانع بعد ذلك من أن يتعلق حكم القاعدة ببعض جزئياتها تعلقا فعليّا آنيّا, ويتعلق ببعضها تعلقا صلوحيّا شأنيّا كما تقدم, لأن ذلك لا ينفي عن القاعدة واقعيتها, بل إن التعلق الصلوحي الشأني مع التعلق الفعلي يدل على قيمة القاعدة وقوة استيعابها وعنصر التجدد في مجالاتها وصورها التطبيقية, بحيث كلما جد شيء من نظائر جزئياتها كانت أوعب له وأوعى.
والفقه الإسلامي قد نشأ واقعيّا في فروعه وأصوله, جزئياته وكلياته, حتى في مسائله الافتراضية, لأنها كانت تبنى على ما هو واقع ومتوقع منها, بحيث تعرض النازلة على الفقهاء, فيقررون حكمها الشرعي على الوجه الذي وقعت به, ثم يفترضون بعد ذلك لها
وجوها أخر يمكن أن تقع بها, فيلتمسون لها أحكامها الشرعية تحسبا لوقوعها المرتقب. فهذا اللون من الافتراض مبني على منطلق واقعي, لذلك لا يغير من واقعية الفقه شيئا. وما قد يصاغ من هذا الفقه من قواعد لا يغير من واقعيته أيضا, لأن العبرة في الشيء بالأصل والغالب.
وإذا فالواقعية في القاعدة كما تلتمس في خصائصها السابقة من كلية وتجريد واطراد أو أغلبية, يجب أن تلتمس في صياغتها وشكلها الخارجي, ليتكامل فيها المعنى مع المبنى.

خط.png
تم بحمد الله
 
أعلى