العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

وقفةٌ أدبيّةٌ هادئة مع منطقِ التبريرِ والإسقاط في حياة زوجين !

إنضم
15 أكتوبر 2011
المشاركات
28
الكنية
أبو أسامة
التخصص
تفسير وعلوم القرآن
المدينة
أم البواقي
المذهب الفقهي
مالكي يميل مع الحق على لسان من ظهر
وقفةٌ أدبيّةٌ هادئة مع منطقِ التبريرِ والإسقاط في حياة زوجين !
هذا المنطقُ لا يختص بالحياة الزوجية فحسب . . بل هو حيلةٌ نفسيّةٌ يتعرض لها كثيرٌ من الناس في جميع مجالات الحياة والعلاقات الاجتماعية . . والقاسم المشترك بين أهلها : الهروب من الاعتراف بالخطأ و النقص و العيوب و التقصير ، مع إلصاق ذلك بالآخرين . . !

شعارُ صاحب هذا المنطقِ في التفكير والمعاملة : أنتم السببُ في تعاستي . . !


في الحياة الزوجية : كثيرًا ما تسمعُ الزوجة تقول لزوجها عند النزاع والخصومة :" أنت السببُ في تعاستي وفشلي. . بسببك تمزَّقت أشرعتي . . وغرقت سُفُني . . لو ما كنتَ أنتَ زوجي لكنتُ سعيدة ناجحة . . ! "


وهو يجيبُها بقوَّة قائلاً : " بل أنت السَّببُ في تعاستي . . أنت على الحقيقة من أغرق سفني . . وقضى على شبابي وسعادتي . . لو ما كنتِ أنت زوجتي لكنتُ سعيدًَا ناجحًا . . ! ".


وتستمر بينهما الخصومة والنزاع : بل أنت . . بل أنت . . بل أنت . . بل أنت . . !


وفجأة . . ، وهما على تلك الحالة من توجيه أصابع الاتهام ؛ تكلم كتاب " قاموس السعادة الزوجيّة ". . وكان موضوعًا في المكتبة . . لم يتحرك منذ سنين . . : سُكُوتْ . . لا أريدُ أن أسمع المزيدْ . . ! أنتما معًا السببُ في خروج السعادة والنجاح من بيتِكُما ومن بينِكُمَا ولكنكما لا تدريان ولا تشعران . .! أنت أيها الزوج المسؤول عن فساد زوجتك وتغير تصرفاتها . . ! وأنت أيتها الزوجة المسؤولة عن فساد زوجك وتغير تصرفاته . . !


قال الزوج : لا يمكن أن أكون السبب في ذلك ، إنَّ فيها من العيوب الكثير . . ! وقالت الزوجة : لا يمكن أن أكون أنا السبب . . هو سبب المشاكل والتعاسة . . !


قاطعهما الخطابُ فقال : اسمعا وتعلَّما :
في كثير من الأحيان يكون ما عليه الطرف الآخر من الأخلاق والمواقف والقناعات والقرارات هو نتيجةٌ لما نحن عليه معه من الأخلاق والمواقف والقناعات والقرارات الخاطئة . . حين نتغيَّر ونغيّرُ ما بأنفسنا من الأخلاق والمعاملات سيتغيَّرُ ما بالطرف الآخر من المواقف وردود الأفعال ولا بُدْ . . !



اسمعا وتعلَّما كيف تهربُ السعادة والنجاح من الحياة الزوجية :
أيتها الزوجة قلتِ : " إنَّ زوجي لا يهتمُّ بي كما يجب ، لا يجلس في البيت على الإطلاق ، لا أفهم لماذا هو عابس طول الوقت . . أصبحتُ لا أطيق الحياة معه . . " .
هل يمكن أن تصارحينا بكل صدق ووضوح . . ؟ قالت : سوف أفعل . .


لديكما عشرُ سنين وأنتما متزوّجان ، أجيبي بصراحة وصدق :
- كم مرَّة دخل زوجك البيت فأحسنت استقباله من حيثُ الابتسامةُ المشرقة ، والسلامُ والمصافحة و . . قال النبي صلى الله عليه وسلم في وصف خير النساء : " التي تطيعه إذا أمر ، وتسرُّهُ إذا نظر ، وتحفظه في نفسها وماله " [1].

- كم مرَّة نزعت السترة من على كتفيه ، والحذاء من قدميه . . ؟!

- كم مرَّة دخل تعبًا حزينًا فقابلت الحزن بالفرح والمرح والجمال والدلال واللمسات الدافئة الحنون . . ،و قابلت اليأس بالابتسامة والأمل والطمأنينة . . ؟!

- تسحقه ظروف الحياة سحقًا فإذا ما دخل البيت يطلبُ السكون والطمأنينة وجدك مهمومة مغمومة فيخرج إلى حيث قد يجدُ الطمأنينة والسكون . . !

- عشرُ سنين لم يذق معك طعم الراحة في البيت ، لأنَّ الأولاد يصرخون وأنت تسمعين ، وبأثاث المنزل يلعبون وأنت تنظرين ، وعلى أولاد الجار يعتدون وأنت تأمرين . . فمن أين تجئ السعادة والراحة . . ؟!

- عشرُ سنين وزوجك يشكو الديون . .ل م يستطع توفير شيءٍ لأنَّ فاتورة الكهرباء والغاز تجعله يقترض ويستدين دائمًا . . ولأنَّ مصاريف الموضة وتكاليف" القمامة ". . تجعله في همّ مستمر ودين مستقر . . فمن أين تجئ السعادة . . ؟! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إنَّ أوَّل ما هلك بنو إسرائيل أن امرأة الفقير كانت تكلفه من الثياب أو الصيغ ما تكلّف امرأةُ الغني "[2].

- أين ثياب الزينة في البيت . . لماذا أنت متبذلة حزينة . . ؟! لماذا رائحة البصل والثوم والعرق . . ؟! لماذا تلك العصابة على الرأس . . ؟!أين فستانك الأحمر والبنفسجي و. . أين ثيابك الرقيقة الجميلة . . أين ( ) وأين ( ). . وأين المرآةُ والعطور و أدوات التجميل . . لماذا لا تخرجينها إلاَّ عند الذهاب إلى العرس . . أو العمل . . ( ) . . . ؟! يؤسفني أن أقول لك: أنت السببُ في خروج السعادة من حياتك ولكنك لا تشعرين..! ثم أقول لك : جرّبي تلك المواقف السعيدة و أخبريني . . !


أيها الزوج : قلتَ لي : " إنَّ زوجتي لا تهتمُّ بي كما يجب ، كلما دخلتُ البيت أشعرُ بالضيق من شدة عبوس وجهها ونظراتها الحادة . . أصبحتُ لا أطيق الحياة معها . . ! " .


هل يمكن أن تجيبني بصراحة وصدق دون حياء أو خجل . . ؟! قال : سأفعل . .

- أنت تحفظ أشياء كثيرة . . فهل تحفظ في جملة ما تحفظ تاريخ ميلاد زوجتك . . وتاريخ زواجكما بالضبط . . ؟! قال : "في الحقيقة لدينا حوالي . . ( ! ) عشر سنين منذ تزوجنا . . أما عن تاريخ ميلادها فلا أتذكره جيّدًا . . !

- فهل تحفظ تاريخ ميلاد أولادك ، وأين يدرس كل واحد منهم والسنة التي يدرس فيها . . ؟! قال مبتسمًا : أما "باسم" فأظن . . ( ! ) أنه يدرس في الخامسة . . وأما البنت الكبيرة .. ( ! ) فتدرس في إحدى جامعات قسنطينة . . ( ) ، والباقي لا يحظرُني الآن عنهم شيء . . !

- طيّب ؛ هل لك أن تخبرني في أيّ ساعةٍ تدخل البيت . . ؟

- عندما تدخل هل تدخل مبتسمًا مسلّمًا مهما كانت الظروف حتى يكون دخولك بركةً عليك وعلى أهلك.. ؟ قال: " في الحقيقة أدخل البيت تعبًا من العمل فلا أتذكَّر ذلك في كثير من الأحيان . . " .

- عندما تدخل هل تجلس مع زوجتك وأولادك . . ؟

- عندما تدخل هل تنادي زوجتك باسمها وتصافحها عند الدخول . . ؟ صَمَتَ ولم يُجب . . !

دعنا من هذه . . ؛ قلت لي أنَّكَ تعملُ في إدارة البريد[3]، قل لي بصراحة دون خجل :


- هل تخاطب زوجتك بنفس الرقة . . والحنان . . والبروتوكول . . الذي تخاطب به زميلات العمل . . ؟! . صديقنا تصبَّب العرق على جبينه . . واحمرَّ وجهه . . وصمت ولم يُجب . . !

- كم مرَّة أكلت الطعام مع زوجتك وبالقرب منها وهي تنتظر قدومك بفارغ الصبر . . ؟!

- كم مرة جلست مع زوجتك على مائدة الكلام . . على مائدة الوئام . . على مائدة المشورة والاستفهام . . ؟! صمت ولم يجب . . !

- كم مرة بادرتها وفاجأتها بهدية خاصة تدخل السعادة قلبَها وتذكّرها الأيَّام الخوالي..؟! صمت ولم يجب..

- كم مرة تفرغت لها فبادرتها بجلسة خاصة . . بنزهة خاصة . . تدخل السعادة على قلبها وتذكرها الأيام الخوالي . . ؟! صمت ولم يجب . .

- أعذرني يا صديقي . .كم مرة في حياتك كتبت لزوجتك كلمةً طيبة أو أسمعتها إياها . . تعبر عن الشكر والتقدير . . عن الندم والأسف . . عن الاحترام . . عن الإعجاب . . عن ا ل ح ب . . ؟! . . صمت المسكين ولم يجب..!

يؤسفني يا صديقي أن أقول لك: أنت السبب في خروج السعادة من بيتكما ومن بينكما ولكنك لا تدري..!

جرّب تلك المواقف التي سمعت . . ثم أخبرني . . !


عندها تعانقَ الزوجان و قالاَ : فهمنا الآن . . نحن السبب في خروج السعادة من بيننا ومن بيتنا ولكننا لم نشعر . . !
و شكرًا للأساتذة الأعزّاء . .


[1] - حسن: إرواء الغليل(1786).

[2] - الصحيحة(591).

[3] - تمَّ الانتقاء لمجرّد التمثيل فقط.
 
إنضم
27 سبتمبر 2012
المشاركات
332
الكنية
أبو محمد
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
رأس العين
المذهب الفقهي
المالكي
رد: وقفةٌ أدبيّةٌ هادئة مع منطقِ التبريرِ والإسقاط في حياة زوجين !

بارك الله بكم
 

أم هبة الله

:: متابع ::
إنضم
30 ديسمبر 2012
المشاركات
95
الكنية
أم محمد
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مذهب أهل السنة والجماعة
رد: وقفةٌ أدبيّةٌ هادئة مع منطقِ التبريرِ والإسقاط في حياة زوجين !

أما ابنته التي في الجامعة وهو لم يتمّ من سنوات الزواج عشرا فتلك مصيبة وطامّة :) .. وأما المقال فجميل منمق.. وأصاب كاتبه الكثير من الحق.. وبقي أنّ توفيق الله والبعد عن المعاصي من أهم ما يجعل العبد يوفق..فإنما يرى المرء أثر معصيته في مزاج زوجه..وسوء خلق ولده..وتعثره في مسيرة حياته.. (ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) (ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) نسأل الله من واسع فضله وجميل إحسانه والله المستعان على كل حال..
 
أعلى